الأحد ديسمبر 7, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [والنُّصُوصُ مِنَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ تُحمَلُ على ظَواهِرِهَا، والعُدُولُ عنها إلى مَعانٍ يَدَّعيها أَهلُ البَاطِنِ إلحادٌ، وَرَدُّ النُّصُوصِ كُفرٌ].

(الشرحُ): أنَّ النصَّ القرءانيَّ والنصَّ الحديثيَّ يُحملان على الظاهر ما لم يدلَّ دليلٌ عقليٌّ أو سمعيٌّ على وجوب العدول عن ذلك فعندئذٍ يُحمل على غير الظاهر للضرورة كما إذا خالف ظاهرُهُ مقتضَى العقلِ فإنه يُؤَوَّلُ فيُعمل به، وكذلك إذا خالف حديثُ الآحادِ نصَّ الحديثِ المتواترِ وقبِلَ التأويل فإنه يُؤَوَّلُ ويُعمل به وإلا فيُقطع بأنه غيرُ صحيح، وأمَّا التأويل لغير ذلك أيْ لغيرِ سببٍ شرعيٍّ فهو عبثٌ مردودٌ.

وقوله: [والعدول عنها إلى معانٍ يدعيها أهلُ الباطنِ إلحادٌ] يعني: أنَّ تأويلات الباطنية ومَن أشبهَهُم مِن غلاة المتصوفة مِمَّا يُؤَدِّي إلى مخالفة الضروريات هو إلحادٌ وكفرٌ. أما أهل الباطن الذي ليسوا من هذا القبيل إنما هم يفهمون مِن النصوص القرءانية والحديثية معانِيَ لا تتناقض مع الظاهر فلا بأس بذلك.

وقوله: [وردُّ النصوصِ كفرٌ] يعني أنَّ ردَّ النصِّ القرءانيِّ أو النصِّ الحديثِيِّ مع اعتقاده أنه كلامُ اللهِ وكلامُ رسولِ اللهِ كفرٌ وسواءٌ كان النَّصُّ قطعيَّ الثبوتِ أم غيرَ قَطعيٍّ.

قال المؤلف رحمه الله: [واستِحلالُ المَعصِيَةِ كُفرٌ].

(الشرحُ): أنَّ جَعْلَ المعصيةِ المعلومِ مِنَ الدينِ بالضرورةِ أنها معصيةٌ صغيرةً كانت أم كبيرةً حلالًا كفَرٌ وقد مرَّ بيانُ ذلك.

قال المؤلف رحمه الله: [والاستهانَةُ بها كُفرٌ].

(الشرحُ): أنَّ الذي يستهينُ بالمعاصِي أيْ يعتبرُها لا بأس بها فهو كافرٌ. وكذلك الذي يعتبر المعصيةَ التي هي بالإجماعِ كبيرةٌ وكان كونُها كبيرةً مشتَهِرًا بين المسلمين عالمِهم وجاهلِهم مَنِ اعتبرها صغيرةً فإنّه يكفرُ لأنَّ هذا يرجع إلى تكذيب صاحب الشرع.

قال المؤلف رحمه الله: [والاستهزَاءُ بالشَّريعةِ كُفرٌ].

(الشرحُ): أنَّ الاستهزاء بالشريعة من حيثُ الإجمال أو من حيثُ بعضُ أمورها مع العلم بكونِ ذلك مِن الشريعة ردةٌ وكفرٌ وسواءٌ استهزأً بها الشخصُ معتقدًا أم من غير اعتقادٍ.

قال المؤلف رحمه الله: [واليأسُ من رَحمَةِ الله تعالى كُفرٌ والأمنُ من عذاب الله تعالى كُفرٌ].

(الشرحُ): أن الذِي يَيْأَسُ مِن رحمة الله تعالى فهو كافرٌ وكذلك عكسُهُ الذي هو الأمنُ من عذابِ اللهِ هو كفرٌ.

والمراد باليأس مِن رحمة الله الاعتقادُ أنَّ الله لا يغفر لأحدٍ ذنبًا لأنه تكذيبٌ للنصوص وردٌّ للإجماع.

والمراد بالأمن من عذابِ الله الاعتقادُ بأنَّ الله لا يعاقب أحدًا من المسلمينَ بذنبٍ كما تقول المرجئة فإنَّ ذلك كفر أيضًا.

وهذا تفسير الأمنِ والإياسِ عند الماتريدية أما عند كثير مِن الشافعية الذين عَدُّوهما مِن جملة الكبائر التي لا تبلغُ درجةَ الكفر فمعناهما أخفُّ مِن ذلك فإنهم يفسرونهما بغير هذا التفسير. قال الشارحُ رحمه الله وما فَسَّرَ به الماتريدية أقرب لموافقة ظاهر النصوص اهـ.

قال المؤلف رحمه الله: [وتَصدِيقُ الكَاهِنِ بما يُخبرُهُ عن الغَيبِ كُفرٌ].

(الشرحُ): أنَّ الكاهنَ هو الذي يتعاطَى الإخبار عن الحوادث في المستقبل ويَدَّعِي معرفةَ الأسرارِ ومطالعة علم الغيب سواءٌ اعتمد على إخبار الجن أو على أسبابٍ ومقدمات هم تعارفوا عليها فيما بينهم أو على النظر في النجوم ويُسَمَّى هذا الأخير مُنَجمًا، كلُّ هؤلاء تصديقُهُم حرامٌ والذهابُ إليهم لسؤالهم حرامٌ وإعطاءُ المال لهم أجرةً على إخبارهم حرامٌ.

ومِن هؤلاء أيضًا الذين يَضربون بالمَنْدَل وفي حكمهم مَن يَستخيرُ باختيار قَدْرٍ من أفْرادِ السُّبحةِ مِنْ غير عَدّ لها ثم بَعْدَ العَدِّ إن انتهى العدُّ إلى فردٍ أو زوج يَبنون على ذلك الإقْدامَ أو الإحْجَام عن الغَرضِ المقصود.

وقد وردَ في ذَمِّ الكَِهَانة ما أخرجه أصحاب السنن وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة رفعه من أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ اهـ. وله شاهدان من حديث جابر وعمران بن الحصين أخرجهما البزار بسندين جيدين كما قال الحافظ في الفتح.

قال المؤلف رحمه الله: [والمعدُومُ ليسَ بِشَيْءٍ].

(الشرحُ): أنَّ الشَّيْءَ هو الثابت الوجود لذلك قال جمهور أهل السُّنَّة الشَّيْءُ يُطلق على الله تعالى لا بمعنى الاسم إنما بمعنى الوصف بالوجود فيجوز أن يقال الله شَيْءٌ لا كالأشياء ونحوُ ذلك ولا يجوز أن يقالَ يا اللهُ يا شَيْءُ.