بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
وبعد، فإني أحمد الله تبارك وتعالى بقدر ما أنزلت السماء من المطر، وبقدر ما خلق من أوراق الشجر، أن بعث فينا سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}. وأحمد الله تعالى أنه خلق علماء أفاضل كالشيخ عبد الله الهرري حفظه الله ونفعنا بعلمه، وأن الشيخ عبد الله استقر في بيروت إلى أن تعرّف والدي على الشيخ وأحبه وصار من مريدي الشيخ، فكنت أنا بحمد الله متبعا لهذا الشيخ الطيب الذي نشر العلم ووصل مريديه إلى جميع بلدان العالم وذلك من فضل الله. والشيخ حفظه الله حذر من الفرق الضالة الكثيرة، كالوهابية وحزب الإخوان وحزب التحرير ومحمد رجب ديب وغيرهم.. إلا أننا قد وصلنا إلى الزمان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:{ إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤسا جهالا، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا}. ومن هؤلاء، رجل نسب نفسه للعلم والعلماء والحديث والمحدثين زورا وبهتانا، فأطلق لسانه وقلمه بغير علم، وعمد من خلال فتاويه إلى زرع الفتنة وبث الحقد والعداوة والبغضاء بين المسلمين، إنه الساعاتي المدعو ناصر الدين الألباني ويكفي في الرد عليه أنه وصف نفسه بأنه كان يعمل ساعاتيا وكانت هوايته قراءة الكتب بدون تلق للعلم من أهله ودون أن يكون له إسناد معتبر فيه، فتخبط هنا وهناك بين الكتب ونسب نفسه إلى السلف مع مخالفته لهم في العقيدة والأحكام الفقهية.
وزعم أنه من المحدثين وهو لا يحفظ حديثا واحدا بالإسناد المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم كيف يكون محدثا وهو يصحح أحاديث في كتبه ويحكم عليها بالتضعيف في مواضع أخرى والعكس، ويتهجم على علماء المحدثين بعبارات الازدراء والتهكم، وهو مع ذلك يكابر ويماري ويجادل بالباطل لهوى نفسه فيتجرأ على البخاري ومسلم وغيرهما، فيضعف من الأحاديث ما أجمع الحفاظ على صحتها، فهو بهذا شذّ عما عليه جمهور الأمة المحمدية من أشاعرة وماتُريدية الذي ادعى زورا وبهتانا أنهم أهل بدعة، سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم. وهو أيضا شذ عن الشرط الذي اشترطه علماء الحديث، لأن التصحيح والتضعيف من وظيفة الحافظ صرّح بذلك كثير منهم في مؤلفاتهم، ويكفي في ذلك قول الحافظ السيوطي في ألفية الحديث:
وَخُذْهُ حَيْثُ حَافِظٌ عَلَيْهِ نَصْ—–أَو مِن مُصَنِّفٍ بِجَمْعِهِ يُخَصْ
فكيف تجرأ مع بُعده عن أهلية التصحيح والتضعيف بُعد السماء عن الأرض على تسمية بعض مؤلفاته الصحيحة – يعني بذلك أنه جمع فيها الأحاديث الصحيحة فقط – ، وبعضها ضعيفة.
فما هذه الجرأة والوقاحة التي يتحلى بها هذا الرجل، إذ أنه أوهم تلاميذه الذين أعماهم الله بأنه من أهل التصحيح والتضعيف، مع أنه اعترف في بعض مجالسه بأنه ليس بحافظ، فلو كان هذا الرجل اطلع على كتب الحديث لعلم أن التصحيح ليس من وظيفة المحدث، ولا من هو دونه، ولعلم أن الحافظ هو من له وظيفة التصحيح والتضعيف كما بينا. وقد ذُكر لنا أن رجلا من المحامين قال له: أنت محدث؟ قال: نعم، قال: تروي لنا عشرة أحاديث بأسانيدها، قال: أنا لست محدث حفظ، بل محدث كتاب، فقال الرجل: وأنا أستطيع أن أحدّث من كتاب، فأسكته.
فويل للذين قلّدوه من أتباعه الذي يشتغلون بالتعليق على كتب المحدثين فليتقوا الله فإنهم تائهون كما تاه متبوعهم، ولا يقلّد هذا الألباني إلا المغترون الذين لا يحسنون قواعد علم الحديث لم يؤتوا حظا لحفظ متون الأحاديث ولا في دراية قواعده مثل علي الحلبي، ومراد شكر، ومحمد شقرة، وعمر الأشقر، وسليم الهلالي وغيرهم. فغيرةً منا على ديننا وعقيدتنا وسنة نبينا وانتصارا للسلف والخلف أهل الحق، وحرصا منا على تبيان حال من شبّه الخالق سبحانه وتعالى بخلقه وتجرأ على حديث رسول الله وضلل المسلمين، وعملا بقول رسول الله عليه أفضل صلاة وأتم تسليم:{ من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان}. رواه مسلم، وعملا بالآية الكريمة:{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}، وقوله تعالى:{ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}. فإنا بحمد الله وفضله علينا أن أعطانا القدرة على نشر هذا التحذير من المدعو ناصر الدين الألباني، أجارنا الله من ضلاله. آمين. وسنرى في هذا التحذير إن شاء الله كثيرا من ضلالاته والرد عليها. ولكن لِيُعلم أن هذا الرد كُتِبَ في حياة الألباني، وأنا أبدلت بعض العبارات كما رأيت ذلك مناسبا. وهذا الرد سُمّي “تبيين ضلالات الألباني”.