السبت سبتمبر 7, 2024

مُقدِّمةُ الكِتابِ

الحمدُ للهِ الّذي بعَثَ رسولَه محمّدًا بالحقِّ بشِيرًا ونَذِيرًا، وداعِيًا إليهِ بإِذْنِه وسِراجًا وَهّاجًا وقَمَرًا مُنِيرًا، فأخرَج بِه اللهُ عزَّ وجلَّ مِن ظُلماتِ الجَهلِ إلى نُورِ الهُدَى خَلْقًا كَثِيرًا، صلّى الله عليه وعلَى ءالِه وأصحابِه وسَلَّم تسليمًا كَثِيرًا.

وبَعدُ، فإنّ سِيرةَ رسولِ الله محمّد ﷺ أزكَى السِّيَرِ، ومَحاسِنُه الخلْقِيّة والخُلُقيّة أعلَى النُّعوت في البشَرِ، فهي تُظهِرُ شرَفَ هذا النّبيّ فوقَ سائرِ البَرِيّة، وتَكشِفُ بعضَ ما نلَه مِن المَراتِب العَلِيّة، وتُبرِزَ شيئًا مِن خصائِصِه المُحمّدِيّة المُصطَفِيّة، وتُحرِّكُ قُلوبَ المؤمنِينَ شوقًا إلى النّبيّ الرّسولِ، وتُبيِّنُ لطالبِ الحَقّ كيفيّة اتّباعِه على الأصول.

وقَد يَسَّر الله عزّ وجلّ بفَضلِه وكرَمِه أنْ قرأتُ عِدّةً مِنَ المصنَّفاتِ في السِّيرةِ العَطِرةِ البَهِيّة، فلَمّا كانَ أوانُ قِراءةِ نَظمِ «الدُّرَرِ السّنِيّةِ في السِّيَرِ الزَكِيّة» للزّينِ العِراقيّ على العالِم الفاضِل الأستاذِ المحدِّث المُسنِد النَّحْوِيّ شيخِنا وابنِ شيخِ شيخِنا مُحمّدِ بنِ المفْتِي مُحمّد سِرَاج الجَبَرتِيِّ الآنِّي حَفظَهُ اللهُ تعالَى وَأَطَالَ فِي عُمُرِه قال لي: “اشرَحْهُ علَى جَناحِ السُّرعةِ وأرسِلهُ لَنا”.

لذلك فإنّي نزُولًا عِندَ رَغبةِ شيخِنا وتَنفِيذًا لأَمرِه، فهو مِن أهلِ الفَضلِ ولَه علَينا جَمِيلٌ لا يُنسَى، وبِرًّا بأبيه شيخِ شَيخنا، شَرعتُ بعَونِ الله وحَولِه في شَرحِ هذه الألفيّةِ العراقيّة في عِلم السِّيرةِ الزّكِيّةِ، فإنّه علمٌ مِن أجَلِّ العلُوم قَدرًا وأشرفِه مَنزِلةً.

وقَد رَجعتُ في عمَلِي هذا إلى نَحوِ مائةِ كتابٍ في السِّيَرِ والتّراجِم والبُلدانِ والحديثِ وغريبِ لَفظِه واللّغةِ وبعضِ دوَاوِينِ الشِّعرِ وغيرِ ذلكَ.

أسألُ الله العَلِيَّ القَدِيرَ أنْ يَنفَعَ بهذا الكِتابِ ويَجزِي مشايِخَنا عنّا خيرَ الجَزاءِ، إنّه على ما يشاءُ قدَير، وصلَّى على سيّدنا محمّدٍ وعلى ءالِه وصحبِه وسلَّم، والحمدُ لله ربّ العالَمِينَ.

الشيخ جميل حليم