تأليف الشيخ الشريف الدكتور عماد الدين جميل حليم الرفاعي الأشعري الشافعي غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الكتاب
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّم وشرَّف وكرَّم على سيِّدنا محمَّد طه الأمين، وعلى ءاله وصحبه الطيِّبين الطاَّهرين، ومن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فعن تميم بن أوس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال: «الدين النصيحة» ، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه البخاري ومسلم، ومن النصيحة إنكار المنكرات وتحذير الناس مما يضرهم في دينهم، وترك ذلك يؤدي إلى وبال كبير في الدنيا والآخرة، وحرصًا منا على الناس من الوقوع فيما يُخالف الشرع الحنيف مما فيه دسٌّ وتحريف، نُحَذِّرُ في هذا الكتاب من بعض ما في الكتب من أباطيل، لا نتّهم العلماء الصادقين بذلك ولا نعتقد أنهم يقولون مثل هذه الافتراءات، إنما هو مما افتُرِيَ ودُسَّ عليهم في كتبهم. هذا، وأمر الدّسّ على كتب العلماء ونسبة ما لم يقولوه أو يكتبوه إليهم هو مما ابتلي به علماء الأمة قديمًا وحديثًا، حتى إنه شاع وانتشر وتواتر؛ بل إنَّ بعض الخبثاء المحرفين كانوا يدسون على كتب بعض مشاهير العلماء في حياتهم قبل موتهم، كما حصل مع الإمام عبد الوهاب الشعراني؛ وما ذاك منهم إلا رغبةً في إضلال الناس، عوامّهم وخواصهم، بتحريف كتب مشاهير الأئمة الفضلاء، والأولياء العارفين الذين يعتقد الناس فيهم الخير والعلم والصلاح، ليكون ذلك أدعى إلى نشر الضلال باسم أهل الحق، فتقع البلبلة ويحصل التشويش بدس السّمّ في الدسم. وإذا كان قلم التحريف قد تجرأ على بعض الكتب السماوية التي نزلت على رسل الله تعالى، أفلا يتطاول ويتجرأ على كتب أهل العلم وأتباع الأنبياء؟! فالحَقُّ أَحَقُّ أن يُتَّبَع، فنحن مأمورون باتِّباع الشرع لا باتِّباع الهوى، فالباطلُ لا عبرةَ به ولَو وُجِدَ في ألفِ كتابٍ، وقد قال عليه السلام: «لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئتُ به» .
فكُن أيها العاقل مع الحقِّ أينما كان، ولا تتَّبِع الباطل ولو دارَ على ألفِ لسان، والله يقولُ الحقَّ ويهدي إلى الصواب وهو حسبُنا ونِعْمَ الوكيل.