الأربعاء ديسمبر 4, 2024

مقدمة الكتاب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين وءال بيته الطيبين وأصحابه الطاهرين وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين وعلى من سار على هداهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد: ‏

يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} [سورة الرعد: ‏‏17].

إن المرء ليتألم بحسرة بالغة على ما يرى اليوم من أناس تصدوا وتصدروا لتعليم الناس ولإقامة المحاضرات والندوات وهم ‏أساسًا ما حصَّلوا العلم الشرعي لإصلاح أنفسهم فمن باب أولى أن يصلحوا أنفسهم ليستطيعوا أن يصلحوا غيرهم وقد صدق ‏الإمام الرفاعي الكبير لما قال: «استقم بنفسك يستقيم بك غيرك كيف يستقيم الظل والعود أعوج».

من هنا فقد ظهر شخص أُطلق عليه اسم (‏الداعية عمرو خالد) وهذا الرجل حاول أن يكون ظاهرة فريدة أو أن من ‏يطبلون ويزمرون له حاولوا ويحاولون ذلك حيث يُسَوِّق له البعض بأنه شخصية ‏‏(‏مودرن) حليق يلبس ثياب مدنية غربية وكرافات وإلى ‏ما هنالك.

نقول نحن لسنا نبحث في الشكل ولسنا ضد أن يقوم شخص حليق بهذه المواصفات بتعليم الناس ولكن نحن ضد ‏المضمون الذي جاء به في كثير من المسائل التي لم يُسبق إليها رغم انتشار المروجين للضلال ءاناء الليل وأطراف النهار وفي كل لحظة.

لذلك قمنا بالرد عليه علمًا أنَّ ما تناولناه في الرد إنما هو نموذج من أغاليطه وضلالاته لا يساوي عشر معشار ما هو ‏موجود في أشرطته حيث اعتمدنا على بعض ما جاء في نحو سبعة أو ثمانية أشرطة بالإضافة لكتابه المسمّى «عبادات المؤمن» (دار ‏المعرفة – بيروت، الطبعة الثانية 2002ر – 1423هـ) والآخر المسمّى «أخلاق المؤمن» ‏‏(‏دار المعرفة – بيروت، الطبعة الأولى ‏‏2002ر – ‏‏1423هـ).

لذا؛ فلا يتوهمنَّ متوهم أننا اطلعنا على كل ما قال أو كتب لكن إن لم يأخذ ما كتبناه بعين الاعتبار ويتراجع فإننا ‏سنواصل الرد في أجزاء أخرى إن شاء الله عملًا بفرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقد ابتدع عمرٌو بدعة قبيحة خطيرة ما سُبق إليها فيما نعلم ألا وهي أنه يجمع حوله الشباب ويسألهم رأيهم ببعض ‏القضايا الدينية ليفعلوا كما يفعل ويفتوا بغير علم هربًا من الإحراج يجعلهم يتجرءون على دين الله ليفتح باب الإلحاد على مصراعيه ‏يحللون ويحرمون على هواهم ثم ينالون عبارات الاستحسان وربما التصفيق.

والمحير أن الرجل قدم نفسه أكثر من مرة بأنه ليس بعالم وليس أهلًا للفتوى ومع ذلك تراه يفتي ويحلّل ويحرّم من غير دليل ‏فاستمع إلى بعض ما قال:

* يحرم البصاق في الشارع؛ لأن الملائكة تتأذى بزعمه.

*‏ ويقول: ‏من ذكر الله مرة لا ينتفع مثل أن يقول أستغفر الله مرة واحدة.

*‏ وينسب إلى الله القعود والسهر والتلذذ والوقوف والاتصال.

*‏ وقال: ‏الرسول يغضب من الذي لا يقوم الليل.

*‏ وقال: ‏إن الأتقياء يحسدون العصاة على معاصيهم يوم القيامة.

* ويقول: اليهود ليسوا خصومًا لنا في الدين وزعم أن عمر بن عبد العزيز أعطاهم من الزكاة.

*‏ وكثيرًا ما يحرّف الأحاديث بحيث يتغير المعنى.

*‏ ويقول كلامًا لا ينم عن احترام الأنبياء داود وموسى وأيوب.

ومع مراجعة الكتاب يتبيّن للقارئ حقيقة ما نقول بطريقة موثقة ودقيقة. هذا مع العلم أننا لسنا أول من تصدى له؛ بل ‏سبقنا إلى ذلك عدد من مشايخ الأزهر ومن غيرهم ردوا عليه في الكتب والجرائد وعمدت مشيخة الأزهر إلى منعه من التدريس في ‏مصر وحذرت منه صريحًا كما نشرت ذلك الجرائد المصرية وغيرها.

وإنه لمن المؤسف حقًّا أن نجده تحول إلى حالة محورية استقطابية وذلك لأن كثيرًا من الناس لا يعرفون من الشرع شيئًا ‏فيظنون أن ما يقوله هو الشرع، ولذلك تراهم مشدودين ومشدوهين وقد شخصت أبصارهم إليه ما بين باكٍ ومتأثر نظرًا لأسلوبه ‏العاطفي فهم في ذلك كآكل السم في الدسم.

ويبقى عتبنا الكبير ولومنا الشديد على الذين يُسَوِّقون له ويعلمون علم اليقين ما هي بضاعته وما ذلك إلا من أجل ‏الاستقطاب الحزبي أو لتلميع صورة أصابها الخواء.

ومن أراد أن يدرك حقيقة ما نقول فليراجع هذا الكتاب بإنصاف فإننا والله ما قصدنا إلا نصحه ليرتدع ونصح الناس ‏لئلا يقعوا في مثل ما وقع فيه «عمرو خالد».

وقد وثَّقنا هذا الكتاب بدقة من حيث المصادر واستقاء المعلومات ولم نعتمد على القيل والقال بل نقلنا نصوصه بحرفيتها ‏بما فيها من الأخطاء في النحو واللغة.

هذا وقد استوقفنا عدة ملاحظات محيرة:

أولًا: لا ندري لماذا لا يقدم نفسه للجمهور باسمه الحقيقي؛ بل يقدم نفسه باسم مستعار وهو قال ذلك على القناة ‏المسماة «اقرأ» في رمضان الماضي 1422هـ.

ثانيًا: زيادة على ذلك قدَّم نفسه لمراسل (‏الرأي العام‏)‏ فقال اسمي الكامل عمرو محمود حلمي خالد وأما في كتابه المسمّى ‏‏‏«‏عبادات المؤمن»‏ فقدم نفسه باسم عمرو محمد حلمي خالد.

ثالثًا: هو كثير اللحن باللغة العربية بطريقة ملفتة للنظر ولا نعني اللغة العامية؛ بل نعني عندما يحرص على الكلام بالعربية ‏حيث إنه لا يوجد عنده ضبط نحوي أو لغوي للنصوص.

رابعًا: في كتابيه المسميين «عبادات المؤمن»، و«أخلاق المؤمن» التزم تخريج الأحاديث وأهمل الكثير منها مع أن التخريج ‏فيه أخطاء وأوهام حَدّث عنها ولا حرج. فكيف يُسكت عن الرد عليه كثير ممن اطلع على الكتابين لا ندري والله أعلم.

خامسًا: في مقابلة أجرتها معه مجلة «سيدتي» لـمّا سألته أين تعلم؟

ردَّ بأنه تعلم في الخارج بينما في ترجمته على الغلاف الأخير في كتابه المسمّى «عبادات المؤمن» يذكر أن دراسته كانت في ‏مصر وفي المقابلة قال في الخارج فما المخارج ما بين مصر والخارج؟؟؟

سادسًا: من المعلوم أن من ارتجل الكلام تكثر أخطاؤه عادة أكثر من الذي يكتب في التأليف؛ لأن المؤلف يتأنى ويحقق ‏ويستشير ويوثق من أجل أن يتلافى الهفوات ولكننا من خلال الاطلاع على الكتاب المسمّى «عبادات المؤمن» والكتاب المسمّى «أخلاق المؤمن» ‏‏نقول: إن هذا الرجل إما أنه ألف ولم يراجع الكتاب ولو لمرة واحدة أو أنه لو راجع ألف مرة فلن يقف على ‏شيء؛ لأنه ما عنده ضوابط شرعية ولغوية و… أو أنه يستخف بالقراء فيظن أن كلامه سينزل على قلوبهم منزلة التنزيل فلا يراجع أو ‏يتعقب.

أخيرًا: نصيحتنا لكل مسلم يتوخى الحقيقة أن لا يتسرع في تسليم قلبه وعواطفه لأي كان فعليه أن يتعقل وأن لا يأخذ ‏الشرع إلا من الثقات الذين يوثق بعلمهم ودينهم وأمانتهم فقد ثبت عن الإمام المجتهد محمد ابن سيرين أنه قال: «إن هذا العلم ‏دين فانظروا عمن تأخذون دينكم» رواه مسلم في مقدمة صحيحه.

وقد قسَّم سيدنا علي بن أبي طالب ‏t‏ الناس إلى ثلاثة أقسام: «عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع ‏كل ناعق»، فإن لم يسعك أن تكون عالـمًا ربانيًّا فانجُ بنفسك بالعلم قبل أن يفجأك الموت ولا تكن كالهمج الرعاع الذين يتبعون ‏كل ناعق يهرف بما لا يعرف.

ولا تظنن أخي القارئ أن هذا الكتاب هو غيبة محرمة أو أنه يضعف وحدة المسلمين على ما جرت به بعض الألسنة؛ بل ‏هذا الكلام من باب التحذير الواجب حيث السكوت عليه يعرضنا لسخط الله وغضبه وإنما الذي يضعف الوحدة بين المسلمين ‏السكوت عن مثل هذه الاختراقات التي تضرب بنيان وحدتنا من الأساس، فقد روى البيهقي أن النبي ‏r‏ قال: «حتى متى ترٍعُون ‏عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه ليحذره الناس»‏([1]) لذا فإن سكت غيرنا فإننا لن نسكت بإذن الله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

 

[1])) السنن الكبرى، للبيهقي (10/210).