ما أحوجنا اليوم إلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو نبراس المنهج الرباني الذي من استضاء بهديه فقد فاز في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى في القرءان الكريم: {قل إن كنتم تحبون اللـه فاتبعوني يحببكم اللـه ويغفر لكم ذنوبكم واللـه غفور رحيم} [سورة ءال عمران: 31] إن علامة حب الله حب القرءان وعلامة حب القرءان حب النبي صلى الله عليه وسلم وعلامة ذلك حب السنة وعلامة حب السنة حب الآخرة وعلامة ذلك بغض الدنيا وان لا يدخر منها زادا وبلغة للآخرة.
فيجب الاقتداء بالنبي الكريم واتباع سنته واتباع أقواله وأفعاله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه في العسرة واليسرة، والاتباع يكون بالتمسك بالعقيدة الحقة التي عليها أهل السنة والجماعة في بقاع الدنيا. ولا يكون اتباع النبي صلى الله عليه وسلم كاملا إلا بمعرفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بتوحيد الله وتنزيهه عن مشابهة غيره، وجاء بتحريم أشياء لا يجوز انتهاكها وبفرائض لا يجوز إضاعتها، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وحد حدودا فلا تعتدوها» رواه الدارقطني وغيره. ولا تقوم النوافل مكان الفرائض، ومن جملة الفرائض معرفة علم الدين بما فيه من معرفة العقيدة وعلم الأحكام وعلم المحرمات.
فلا يكون العبد محبا ما لم يكن متبعا في العقيدة والأحكام متعلقا بما أمر رسول الله بتعلمه من علم الدين مدافعا عن دين الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بعد هذا تزداد المحبة بالشوق إليه صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون في قلب المؤمن مخلوق أحب إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، أي: لا يكون العبد كامل الإيمان ما لم يكن حب النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على حب الولد والوالد والناس أجمعين.
فينبغي أن يكون الميل القلبي أكثر شيء إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، كما حصل لعمر لما كان يتكلم مع الرسول فقال له: يا رسول الله أنت أحب إلي من كل الناس، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «ومن مالك وولدك»؟ فقال: ومن مالي وولدي، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «الآن الآن يا عمر»، معناه: الآن اكتمل إيمانك يا عمر، الآن أنت بلغت الكمال في محبتي، أي: صار الميل القلبي لسيدنا عمر نحو رسول الله أكثر من كل هؤلاء، أكثر من كل الناس وأكثر من ماله وولده وأكثر من نفسه.
الله تبارك وتعالى أرسل نبيه محمدا ليتبع، وطريق اتباعه بالتسليم بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بالقبول وترك الاعتراض ظاهرا أو باطنا. وما أحسن قول بعضهم: وكل ما أتى به الرسول فحقه التسليم والقبول. وقد قال الإمام الحسن البصري وهو أحد أكابر التابعين المشهورين، كان من المجتهدين في التابعين كان يقصد للفتوى: «لا يقبل قول ولا عمل إلا بموافقة السنة». فمن اتبع سيدنا محمدا اتباعا كاملا فهو من أولياء الله، من أحباب الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، سواء كانوا رجالا أو نساء.
عباد الله.. اتقوا الله واعلموا أن مفتاح السعادة الأبدية الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. فقد كان النبي الأعظم يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه ويحسن إلى من أساء إليه وكان لا يزيده كثرة الأذى عليه إلا صبرا وحلما.
فمحمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا وحبيبنا وقرة أعيننا جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشي إليه على ساق بلا قدم.
والله نسأل حسن الاقتداء بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبالأولياء والصالحين