الخميس نوفمبر 21, 2024

مَعَاصِي الْقَلْبِ

   بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكَلامَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى الْمَعَاصِى الْقَلْبِيَّةِ، وَبَدَأَ بِمَعَاصِى الْقَلْبِ قَبْلَ بَاقِى الْمَعَاصِى لِأَنَّ الْقَلْبَ أَمِيرُ الْجَوَارِحِ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْقَلْبِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ الرِّيَاءُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ أَىِ الْحَسَنَاتِ) كَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ (وَهُوَ الْعَمَلُ) بِالطَّاعَةِ (لِأَجْلِ النَّاسِ أَىْ لِيَمْدَحُوهُ وَيُحْبِطُ) الرِّيَاءُ (ثَوَابَهَا) أَىْ ثَوَابَ الطَّاعَةِ الَّتِى قَارَنَهَا (وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ) حَفِظَنَا اللَّهُ مِنْهُ، (وَالْعُجْبُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَهُوَ شُهُودُ الْعِبَادَةِ) وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ الَّتِى يَفْعَلُهَا (صَادِرَةً مِنَ النَّفْسِ غَائِبًا عَنِ الْمِنَّةِ) أَىْ غَافِلًا عَنْ تَذَكُّرِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَنِعْمَتِهِ فَيَرَى ذَلِكَ مَزِيَّةً لَهُ، (وَالشَّكُّ فِى) وُجُودِ (اللَّهِ) أَوْ فِى قُدْرَتِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ وَحْدَانِيَّتِهِ أَوْ فِى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ الَّتِى تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عِنْدَ شَرْحِ مَعْنَى شَهَادَةِ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُوَ كُفْرٌ، (وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ) وَهُوَ الِاسْتِرْسَالُ فِى الْمَعَاصِى مَعَ الِاتِّكَالِ عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، (وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) وَهُوَ أَنْ يُسِىءَ الْعَبْدُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَيَظُنَّ أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ لَهُ وَأَنَّ اللَّهَ لا مَحَالَةَ سيُعَذِّبُهُ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، (وَالتَّكَبُّرُ عَلَى عِبَادِهِ) أَىْ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ (وَهُوَ) نَوْعَانِ الأَوَّلُ (رَدُّ الْحَقِّ عَلَى قَائِلِهِ) لِكَوْنِهِ صَغِيرَ السِّنِّ مَثَلًا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ (وَ)ثَانِيهِمَا (اسْتِحْقَارُ النَّاسِ) أَىِ ازْدِرَاؤُهُمْ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْهُمْ مَالًا أَوْ جَاهًا وَنَحْوِ ذَلِكَ، (وَالْحِقْدُ وَهُوَ إِضْمَارُ الْعَدَاوَةِ) لِلْمُسْلِمِ (إِذَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَمْ يَكْرَهْهُ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْزِمَ فِى قَلْبِهِ عَلَى إِيذَائِهِ أَوْ يَقُولَ قَوْلًا يُؤْذِيهِ أَوْ يَفْعَلَ فِعْلًا يُؤْذِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، (وَالْحَسَدُ وَهُوَ كَرَاهِيَةُ النِّعْمَةِ لِلْمُسْلِمِ وَاسْتِثْقَالُهَا) عَلَيْهِ (وَعَمَلٌ بِمُقْتَضَاهُ) تَصْمِيمًا أَوْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا، (وَالْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ) وَهُوَ أَنْ يُعَدِّدَ نِعْمَتَهُ عَلَى ءَاخِذِهَا حَتَّى يَكْسِرَ لَهُ قَلْبَهُ أَوْ يَذْكُرَهَا لِمَنْ لا يُحِبُّ الآخِذُ اطِّلاعَهُ عَلَيْهَا فَيَنْكَسِرَ قَلْبُهُ بِذَلِكَ (وَيُبْطِلُ) أَىْ يُحْبِطُ الْمَنُّ (ثَوَابَهَا) أَىِ الصَّدَقَةِ (كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَلَمْ أُعْطِكَ كَذَا) مِنَ الْمَالِ (يَوْمَ كَذَا وَكَذَا) حِينَ كُنْتَ مُحْتَاجًا لِيَكْسِرَ قَلْبَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلامِ الْمُؤْذِى، (وَالإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ) وَهُوَ أَنْ تَغْلِبَ سَيِّئَاتُهُ طَاعَاتِهِ فَيَصِيرَ عَدَدُهَا أَكْبَرَ مِنْ عَدَدِ طَاعَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى وَبِهَذَا يُعَدُّ وَاقِعًا فِى الْكَبيِرَةِ، (وَسُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ) وَهُوَ مِثْلُ الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ (وَ)سُوءُ الظَّنِّ (بِعِبَادِ اللَّهِ) بِغَيْرِ قَرِينَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَأَنْ يُسْرَقَ لَهُ مَالٌ فَيَظُنَّ أَنَّ السَّارِقَ فُلانٌ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا لا يَجُوزُ، (وَالتَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ) وَهُوَ مِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ الْمَعْدُودَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَفِّرَاتِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ شَيْئًا أَوْ أَكْثَرَ قَدْ حَصَلَ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللَّهِ، (وَالْفَرَحُ بِالْمَعْصِيَةِ) الصَّادِرَةِ (مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْهَا، (وَالْغَدْرُ وَلَوْ بِكَافِرٍ كَأَنْ يُؤَمِّنَهُ) فَيَقُولَ لَهُ أَنْتَ فِى أَمَانٍ لَنْ أُؤْذِيَكَ (ثُمَّ) إِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ (يَقْتُلُهُ) فَهَذَا لا يَجُوزُ، (وَالْمَكْرُ) وَهُوَ إِيقَاعُ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِ بِطَرِيقَةٍ خَفِيَّةٍ، (وَبُغْضُ الصَّحَابَةِ) أَىْ كَرَاهِيَتُهُمْ وَكَذَا حُكْمُ سَبِّهِمْ [وَسَبُّهُمْ جُمْلَةً كُفْرٌ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى كَمَا سَيَأْتِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ]، (وَ)بُغْضُ (الآلِ) وَيَشْمَلُ ذَلِكَ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَأَقْرِبَاءَهُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا مَرَّ، (وَ)بُغْضُ (الصَّالِحِينَ) وَهُمُ الأَتْقِيَاءُ الَّذِينَ أَدَّوُا الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنَبُوا الْمُحَرَّمَاتِ، (وَالْبُخْلُ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ) كَالْبُخْلِ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، (وَ)بِمَعْنَاهُ (الشُّحُّ) إِلَّا أَنَّ الشُّحَّ يَخْتَصُّ بِالْبُخْلِ الشَّدِيدِ كَأَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ (وَالْحِرْصُ) وَهُوَ شِدَّةُ تَعَلُّقِ النَّفْسِ لِاحْتِوَاءِ الْمَالِ وَجَمْعِهِ بِحَيْثُ لا يُرَاعِى مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِ أَمِنْ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ وَيَقْصِدُ بِذَلِكَ التَّوَصُّلَ بِهِ إِلَى التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّفَاخُرِ وَعَدَمِ بَذْلِهِ إِلَّا فِى هَوَى النَّفْسِ الْمُحَرَّمِ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، (وَالِاسْتِهَانَةُ) أَىْ قِلَّةُ الْمُبَالاةِ (بِمَا عَظَّمَ اللَّهُ) أَىْ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ (وَالتَّصْغِيرُ) أَىِ التَّحْقِيرُ (لِمَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ طَاعَةٍ) كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ مَاذَا تَنْفَعُكَ الصَّلاةُ أَوْ قَوْلِهِمْ أَتُطْعِمُكَ الصَّلاةُ وَتَكْسُوكَ (أَوْ) تَصْغِيرُ (مَعْصِيَةٍ) وَرَدَ الشَّرْعُ بِاسْتِعْظَامِهَا وَكَذَا تَجْوِيزُهَا كَقَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ عَنْ بَعْضِ الْمَعَاصِى أَفْعَلُهَا لا بَأْسَ بِذَلِكَ (أَوْ قُرْءَانٍ) كَفِعْلِ الْحَلَّاجِ حِينَ رَءَاهُ بَعْضُهُمْ يَكْتُبُ شَيْئًا فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ هَذَا شَىْءٌ أُعَارِضُ بِهِ الْقُرْءَانَ أَىْ أَعْمَلُ مِثْلَهُ (أَوْ عِلْمٍ) كَقَوْلِ سَيِّدِ قُطْبٍ بِأَنَّ تَعَلُّمَ الْفِقْهِ مَضْيَعَةٌ لِلْعُمُرِ وَالأَجْرِ (أَوْ جَنَّةٍ) كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ الْجَنَّةُ لُعْبَةُ الصِّبْيَانِ (أَوْ عَذَابِ نَارٍ) كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ جَهَنَّمُ مُسْتَشْفًى لا مَحَلُّ تَعْذِيبٍ.

 

مَعَاصِى الْجَوَارِحِ السَّبْعَةِ

 

   بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلامَ عَلَى مَعَاصِى الْقَلْبِ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى مَعَاصِى الْجَوَارِحِ السَّبْعَةِ وَبَدَأَ بِالْكَلامِ عَلَى مَعَاصِى الْبَطْنِ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْبَطْنِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِى الْبَطْنِ أَكْلُ الرِّبَا) بِمَعْنَى الِانْتِفَاعِ بِمَا يَصِلُهُ مِنْ طَرِيقِهِ طَعَامًا يَأْكُلُهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَيَشْتَرِكُ فِى الإِثْمِ ءَاخِذُ الرِّبَا وَدَافِعُهُ وَكَاتِبُه وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى الْعَقْدِ، (وَ)أَكْلُ (الْمَكْسِ) وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ السَّلاطِينُ الظَّلَمَةُ مِنْ تِجَارَاتِ النَّاسِ وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، (وَ)أَكْلُ (الْغَصْبِ) وَهُوَ الِاسْتِيلاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ ظُلْمًا (وَ)أَكْلُ (السَّرِقَةِ) وَهِىَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ خُفْيَةً، (وَ)أَكْلُ (كُلِّ) مَالٍ (مَأْخُوذٍ بِمُعَامَلَةٍ حَرَّمَهَا الشَّرْعُ) كَبَعْضِ الْمُعَامَلاتِ الَّتِي مَرَّ بَيَانُهَا (وَشُرْبُ الْخَمْرِ) وَهِىَ الشَّرَابُ الْمُسْكِرُ أَىِ الْمُغَيِّرُ لِلْعَقْلِ مَعَ نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ (وَحَدُّ شَارِبِهَا أَرْبَعُونَ جَلْدَةً لِلْحُرِّ وَنِصْفُهَا) أَىْ عِشْرُونَ جَلْدَةً (لِلرَّقِيقِ وَلِلإِمَامِ الزِّيَادَةُ) إِلَى الثَّمَانِينَ (تَعْزِيرًا) كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالتَّعْزِيرُ لُغَةً التَّأْدِيبُ وَشَرْعًا تَأْدِيبٌ مِمَّنْ لَهُ وِلايَةٌ عَلَى ذَنْبٍ لا حَدَّ فِيهِ وَلا كَفَّارَةَ غَالِبًا (وَمِنْهَا) أَىْ مَعَاصِى الْبَطْنِ (أَكْلُ كُلِّ) جَامِدٍ (مُسْكِرٍ) وَالإِسْكَارُ هُوَ تَغْيِيرُ الْعَقْلِ مَعَ النَّشْوَةِ وَالطَّرَبِ كَمَا سَبَقَ، (وَ)أَكْلُ (كُلِّ نَجِسٍ) كَالدَّمِ السَّائِلِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَلَحْمِ الْمَيْتَةِ (وَ)أَكْلُ كُلِّ (مُسْتَقْذَرٍ) وَلَوْ طَاهِرًا كَالْمَنِىِّ وَالْمُخَاطِ، (وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ) بِغَيْرِ حَقٍّ (أَوِ الأَوْقَافِ) وَالْيَتِيمُ هُوَ مَنْ تُوُفِّىَ عَنْهُ وَالِدُهُ وَهُوَ دُونَ الْبُلُوغِ وَالأَوْقَافُ جَمْعُ وَقْفٍ (عَلَى خِلافِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ) فَإِنْ وَقَفَ شَخْصٌ بَيْتًا لِلْفُقَرَاءِ فَلا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَسْكُنُوهُ، (وَ)أَكْلُ (الْمَأْخُوذِ بِوَجْهِ الِاسْتِحْيَاءِ) كَمَنْ يَطْلُبُ مِنْ شَخْصٍ مَالًا أَمَامَ جَمْعٍ حَتَّى يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ بِطَرِيقِ الْحَيَاءِ فَيُعْطِيَهُ إِيَّاهُ (بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) أَىِ الْمُعْطِى.

   (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِي الْعَيْنِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِي الْعَيْنِ النَّظَرُ) أَىْ نَظَرُ الرِّجَالِ (إِلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ) أَىْ غَيْرِ الْمَحَارِمِ (بِشَهْوَةٍ) أَىْ تَلَذُّذٍ (إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) وَأَمَّا النَّظَرُ إِلَيْهِمَا بِلا شَهْوَةٍ فَلا يَحْرُمُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ (وَ)يَحْرُمُ النَّظَرُ (إِلَى غَيْرِهِمَا) أَىِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (مُطْلَقًا) أَىْ سَوَاءٌ كَانَ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ أَمْ لا وَلا يَخْفَى أَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِزَوْجِهَا النَّظَرُ إِلَيْهَا بِشَهْوَةٍ وَكَذَا أَمَتُهُ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (نَظَرُهُنَّ) أَىِ النِّسَاءِ (إِلَيْهِمْ) مُطْلَقًا أَىْ إِلَى الذُّكُورِ سِوَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ سَوَاءٌ كَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ لا (إِنْ كَانَ) النَّظَرُ (إِلَى) الْعَوْرَةِ وَهِىَ (مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) وَلا يَحْرُمُ نَظَرُهُنَّ إِلَى مَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَهْوَةٍ، (وَ)يَحْرُمُ (نَظَرُ الْعَوْرَاتِ) وَلَوْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَرَجُلٍ يَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ رَجُلٍ ءَاخَرَ وَامْرَأَةٍ تَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى، (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ) أَىِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مِنَ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ غَيْرِهِ (فِى الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَأَمَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ كَتَبَرُّدٍ جَازَ (وَحَلَّ مَعَ الْمَحْرَمِيَّةِ) كَأَبٍ مَعَ بِنْتِهِ (أَوِ الْجِنْسِيَّةِ) كَرَجُلٍ مَعَ رَجُلٍ ءَاخَرَ وَامْرَأَةٍ مُسْلِمَةِ مَعَ امْرَأَةٍ أُخْرَى مُسْلِمَةٍ (نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إِذَا كَانَ) النَّظَرُ (بِغَيْرِ شَهْوَةٍ) وَإِلَّا حَرُمَ، (وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِالِاسْتِحْقَارِ إِلَى الْمُسْلِمِ) لِكَوْنِهِ فَقِيرًا مَثَلًا (وَ)يَحْرُمُ (النَّظَرُ فِى بَيْتِ الْغَيْرِ) إِلَى مَا يَتَأَذَّى صَاحِبُ الْبَيْتِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ (بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوِ) النَّظَرُ إِلَى (شَىْءٍ أَخْفَاهُ كَذَلِكَ) أَىْ مِمَّا يَتَأَذَّى بِنَظَرِ غَيْرِهِ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.

   (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِي اللِّسَانِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِي اللِّسَانِ الْغِيبَةُ وَهِىَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا (بِمَا يَكْرَهُهُ) لَوْ سَمِعَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ أَمْ نَسَبِهِ أَمْ خُلُقِهِ أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ (مِمَّا فِيهِ فِى خَلْفِهِ) فَلَوْ ذَكَرَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كَانَ بُهْتَانًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْغِيبَةِ، (وَالنَّمِيمَةُ وَهِىَ نَقْلُ الْقَوْلِ) أَىْ نَقْلُ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ إِلَى بَعْضٍ (لِلإِفْسَادِ) كَأَنْ يَذْهَبَ إِلَى زَيْدٍ فَيَقُولَ لَهُ عَمْرٌو قَالَ عَنْكَ كَذَا ثُمَّ يَذْهَبَ إِلَى عَمْرٍو فَيَقُولَ لَهُ زَيْدٌ قَالَ عَنْكَ كَذَا بِقَصْدِ الإِفْسَادِ بَيْنَهُمَا، (وَالتَّحْرِيشُ) بِالْحَثِّ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ لإِيقَاعِ الْفِتْنَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ (مِنْ غَيْرِ نَقْلِ قَوْلٍ) بَلْ بِالْيَدِ مَثَلًا وَهَذَا حَرَامٌ (وَلَوْ بَيْنَ الْبَهَائِمِ) كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ بَيْنَ كَلْبَيْنِ أَوْ دِيكَيْنِ أَوْ كَبْشَيْنِ لا بَيْنَ خِنْزِيرَيْنِ فَلا يَحْرُمُ، (وَالْكَذِبُ وَهُوَ الإِخْبَارُ) بِالشَّىْءِ (بِخِلافِ الْوَاقِعِ) مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ جَادًّا أَمْ مَازِحًا، (وَالْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ) أَىِ الْحَلِفُ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ عَلَى شَىْءٍ كَذِبًا، (وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ) بِالزِّنَى وَاللِّوَاطِ (وَهِىَ) أَلْفَاظٌ (كَثِيرَةٌ حَاصِلُهَا كُلُّ كَلِمَةٍ تَنْسُبُ إِنْسَانًا أَوْ وَاحِدًا مِنْ قَرَابَتِهِ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ (إِلَى الزِّنَى) أَوْ نَحْوِهِ (فَهِىَ قَذْفٌ لِمَنْ نُسِبَ إِلَيْهِ) ذَلِكَ وَالْقَذْفُ (إِمَّا) أَنْ يَكُونَ (صَرِيحًا) بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ فُلانٌ زَانٍ أَوْ لائِطٌ فَيَكُونُ هَذَا الْكَلامُ قَذْفًا صَرِيْحًا (مُطْلَقًا) أَىْ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الْقَذْفَ أَمْ لَمْ يَنْوِ (أَوْ) أَنْ يَكُونَ (كِنَايَةً) وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُحْتَمِلُ للْقَذْفِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُعَدُّ لَفْظُ الْكِنَايَةِ قَذْفًا إِذَا كَانَ (بِنِيَّةٍ) أَىْ مَعَ النِّيَّةِ لِذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ يَا خَبِيثُ أَوْ يَا فَاجِرُ بِنِيَّةِ الْقَذْفِ (وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ الْحُرُّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَ)يُحَدُّ (الرَّقِيقُ نِصْفَهَا) أَىْ أَرْبَعِينَ، (وَمِنْهَا) أَىْ مَعَاصِي اللِّسَانِ (سَبُّ) كُلِّ (الصَّحَابَةِ) وَهُوَ كُفْرٌ وَأَمَّا سَبُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِمْ كَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ الْقَوْلُ فِى مُعَاوِيَةَ وَفِئَتِهِ إِنَّهُمْ بُغَاةٌ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا وَرَدَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْحَدِيثِ الْمُتَوَاتِرِ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ اهـ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) أَىْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَىْءٍ كَاذِبًا وَهِىَ مِنَ الْكَبَائِرِ، (وَمَطْلُ الْغَنِىِّ أَىْ تَأْخِيرُ دَفْعِ الدَّيْنِ) وَالْمُمَاطَلَةُ بِهِ بَعْدَ أَنْ طَالَبَهُ الدَّائِنُ بِأَدَائِهِ (مَعَ غِنَاهُ أَىْ مَقْدِرَتِهِ) عَلَى الدَّفْعِ، (وَالشَّتْمُ) لِلْمُسْلِمِ أَىْ سَبُّهُ ظُلْمًا (وَ)كَذَلِكَ (اللَّعْنُ) كَأَنْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ لَعَنَكَ اللَّهُ وَاللَّعْنُ هُوَ الْبُعْدُ مِنَ الْخَيْرِ، (وَالِاسْتِهْزَاءُ بِالْمُسْلِمِ) بِمَعْنَى التَحْقِيرِ لَهُ (وَكُلُّ كَلامٍ مُؤْذٍ) يُقَالُ (لَهُ) أَىْ لِلْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ، (وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ وَ)الْكَذِبُ (عَلَى رَسُولِهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ كَأَنْ يَنْسُبَ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَ مَا عَلِمَ حِلَّهُ، (وَالدَّعْوَى الْبَاطِلَةُ) بأنْ يَدَّعِيَ عَلَى شَخْصٍ مَا لَيْسَ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ مَثَلًا، (وَالطَّلاقُ الْبِدْعِيُّ وَهُوَ مَا) أَىِ الطَّلاقُ الَّذِى (كَانَ) أَىْ حَصَلَ مِنَ الزَّوْجِ (فِى حَالِ الْحَيْضِ) أَىْ فِى حَالِ كَوْنِ زَوْجَتِهِ حَائِضًا (أَوِ) الطَّلاقُ الْحَاصِلُ مِنْهُ (فِى طُهْرٍ جَامَعَ فِيهِ) زَوْجَتَهُ، (وَالظِّهَارُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ) الرَّجُلُ (لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّى) أَوْ بَطْنِهَا أَوْ يَدِهَا (أَىْ لا أُجَامِعُكِ) كَمَا لا أُجَامِعُ أُمِّى وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِيذَاءِ لِلزَّوْجَةِ (وَفِيهِ كَفَّارَةٌ) عَلَى الزَّوْجِ (إِنْ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَهُ) أَىْ بَعْدَ الظِّهَارِ (فَوْرًا وَ)كَفَّارَتُهُ (هِىَ عِتْقُ رَقَبَةٍ) عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ) عَمَّا يُخِلُّ بِالْكَسْبِ وَالْعَمَلِ إِخْلالًا بَيِّنًا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنِ الإِعْتَاقِ (صَامَ شَهْرَيْنِ) هِلالِيَيْنِ (مُتَتَابِعَيْنِ) وُجُوبًا وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِيَوْمٍ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْضًا عَنِ الصِّيَامِ (أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَوْ فَقِيرًا (سِتِّينَ مُدًّا) كُلَّ مِسْكِينٍ أَوْ فَقِيرٍ مُدًّا مِمَّا يَصِحُّ دَفْعُهُ عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ، (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ (اللَّحْنُ) أَىْ مُخَالَفَةُ الصَّوَابِ (فِى) قِرَاءَةِ (الْقُرْءَانِ بِمَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى أَوْ) بِمَا يُخِلُّ (بِالإِعْرَابِ) فَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا (وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى) وَلا بُدَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِى الصَّلاةِ عَلَى الصِّحَّةِ، (وَالسُّؤَالُ لِلْغَنِىِّ) أَىْ لِلشَّخْصِ الْمُكْتَفِى (بِمَالٍ) بِأَنْ كَانَ مَالِكًا مَا يَكْفِيهِ لِحَاجَاتِهِ الأَصْلِيَّةِ (أَوْ) كَانَ قَادِرًا عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ بِسَبَبِ (حِرْفَةٍ) كَسْبُهَا حَلالٌ، (وَالنَّذْرُ بِقَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ) مِنَ التَّرِكَةِ وَهُوَ نَذْرٌ بَاطِلٌ، (وَتَرْكُ الْوَصِيَّةِ) بِأَنْ لا يُعْلِمَ أَحَدًا (بِدَيْنٍ) وَاجِبٍ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ (أَوْ عَيْنٍ) لِغَيْرِهِ مَوْجُودَةٍ عِنْدَهُ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ نَحْوِهَا إِنْ خَافَ ضَيَاعَ الدَّيْنِ أَوِ الْعَيْنِ بِمَوْتِهِ مَثَلًا لِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَصَابَهُ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لا يَعْلَمُهُمَا غَيْرُهُ) فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِقَوْلِهِ وَلا يُخْشَى أَنْ يَكْتُمَهُ كَوَارِثٍ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَنْدُوبَةً، (وَالِانْتِمَاءُ) أَىْ وأَنْ يَنْتَمِيَ الْوَلَدُ (إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ) أَنْ يَنْتَمِىَ الْمُعْتَقُ بَوَزْنِ الْمَفْعُولِ (إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ) الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ، (وَالْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) فِى الإِسْلامِ أَىْ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ امْرَأَةً كَانَ قَدْ سَبَقَهُ مُسْلِمٌ بِخِطْبَتِهَا وَأُجِيبَ بِالْقَبُولِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْخَاطِبِ الأَوَّلِ وَقَبْلَ إِعْرَاضِهِ، (وَالْفَتْوَى) بِمَسَائِلِ الدِّينِ (بِغَيْرِ عِلْمٍ) بِذَلِكَ، (وَتَعْلِيمُ) أَىْ أَنْ يُعَلِّمَ غَيْرَهُ (وَتَعَلُّمُ) أَىْ أَنْ يَتَعَلَّمَ هُوَ كُلَّ (عِلْمٍ مُضِرٍّ) شَرْعًا كَعِلْمِ السِّحْرِ وَالشَّعْوَذَةِ (لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِىٍّ) يُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ، (وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ) وشَرْعِهِ الَّذِى أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قَرَنَ ذَلِكَ بِجَحْدِ حُكْمِ اللَّهِ أَوْ تَفْضِيلِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ بِهِ كَانَ كُفْرًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَبِيرَةٌ، (وَالنَّدْبُ) وَهُوَ ذِكْرُ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِنَحْوِ قَوْلِ وَاكَهْفَاهُ أَوْ وَاجَبَلاهُ أَوْ يَا سَنَدِى (وَالنِّيَاحَةُ) وَهِىَ الصِّيَاحُ عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ لِمُصِيبَةِ الْمَوْتِ مُخْتَارًا، (وَ)يَحْرُمُ أَيْضًا (كُلُّ قَوْلٍ يَحُثُّ عَلَى) فِعْلِ شَىْءٍ (مُحَرَّمٍ) كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ اضْرِبْ زَيْدًا أَوِ اقْتُلْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (أَوْ يُفَتِّرُ عَنْ) فِعْلِ شَىْءٍ (وَاجِبٍ) كَقَوْلِ لا تُصَلِّ الآنَ بَلْ صَلِّ الصَّلاةَ فِى بَيْتِكَ قَضَاءً بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، (وَكُلُّ كَلامٍ يَقْدَحُ فِى الدِّينِ) أَىْ فِيهِ ذَمٌّ لِلدِّينِ وَطَعْنٌ فِيهِ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ مِنَ الْكُفْرِ تَعَلُّمُ الدِّينِ يَجْعَلُ الشَّخْصَ مُعَقَّدًا (أَوْ) يَقْدَحُ (فِى أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ) كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّهُ عَزَمَ عَلَى الزِّنَى وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ (أَوْ) يَقْدَحُ (فِى الْعُلَمَاءِ) كَإِطْلاقِ بَعْضِهِمُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْعُلَمَاءَ عَقَّدُوا الدِّينَ (أَوْ) يَقْدَحُ فِى (الْقُرْءَانِ) كَمَنْ يُكَذِّبُ شَيْئًا مِمَّا وَرَدَ فِيهِ (أَوْ) يَقْدَحُ (فِى شَىْءٍ مِنْ شَعَائِرِ) دِينِ (اللَّهِ) كَالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالأَذَانِ وَالْوُضُوءِ وَنَحْوِهَا، (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِي اللِّسَانِ (التَّزْمِيرُ) وَهُوَ النَّفْخُ بِالْمِزْمَارِ، (وَالسُّكُوتُ عَنِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ ءَامِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَنَحْوِ مَالِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ إِنْكَارَهُ بِالْيَدِ أَوِ اللِّسَانِ يُؤَدِّى إِلَى مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ حِينَئِذٍ بِأَىٍّ مِنْهُمَا، (وَكَتْمُ الْعِلْمِ الْوَاجِبِ) عَلَيْكَ عَيْنًا تَعْلِيمُهُ (مَعَ وُجُودِ الطَّالِبِ) لِذَلِكَ الْعِلْمِ، (وَالضَّحِكُ) عَلَى مُسْلِمٍ (لِخُرُوجِ الرِّيحِ) مِنْهُ (أَوِ) الضَّحِكُ (عَلَى مُسْلِمٍ اسْتِحْقَارًا لَهُ) لِكَوْنِهِ أَقَلَّ جَاهًا مِنَ الضَّاحِكِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، (وَكَتْمُ الشَّهَادَةِ) بِلا عُذْرٍ بَعْدَ أَنْ دُعِىَ إِلَيْهَا، (وَتَرْكُ رَدِّ السَّلامِ الْوَاجِبِ عَلَيْكَ) رَدُّهُ كَأَنْ سَلَّمَ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَلَى مُسْلِمٍ مُعَيَّنٍ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلامِ، (وَتَحْرُمُ الْقُبْلَةُ لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ) أَىْ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِذَا كَانَتِ الْقُبْلَةُ (بِشَهْوَةٍ وَ)تَحْرُمُ الْقُبْلَةُ أَيْضًا (لِصَائِمٍ فَرْضًا) مِنْ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ (إِنْ خَشِىَ الإِنْزَالَ) أَىْ إِنْزَالَ الْمَنِىِّ بِسَبَبِ الْقُبْلَةِ (وَ)تَحْرُمُ قُبْلَةُ (مَنْ لا تَحِلُّ قُبْلَتُهُ) كَالأَجْنَبِيَّةِ.

    (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الأُذُنِ.

 (وَمِنْ مَعَاصِى الأُذُنِ الِاسْتِمَاعُ إِلَى كَلامِ قَوْمٍ) يَتَحَدَّثُونَ لا يُرِيدُونَ اطِّلاعَهُ عَلَيْهِ بَلْ (أَخْفَوْهُ عَنْهُ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّجَسُّسِ الْمُحَرَّمِ، (وَ)الِاسْتِمَاعُ (إِلَى الْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ) لِكَوْنِهِمَا مِنْ ءَالاتِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ (وَ)الطُّنْبُورُ (هُوَ ءَالَةٌ) مُطْرِبَةٌ (تُشْبِهُ الْعُودَ) لَهَا أَوْتَارٌ، (وَ)يَحْرُمُ الِاسْتِمَاعُ إِلَى (سَائِرِ الأَصْوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَكَالِاسْتِمَاعِ إِلَى الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْكِرَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ (بِخِلافِ مَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ السَّمَاعُ قَهْرًا) بِلا اسْتِمَاعٍ مِنْهُ (وَكَرِهَهُ) بِقَلْبِهِ (وَلَزِمَهُ الإِنْكَارُ إِنْ قَدَرَ) عَلَى ذَلِكَ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَلَزِمَهُ حِينَئِذٍ مُفَارَقَةُ مَجْلِسِ الْمُنْكَرِ.

    (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ.

 (وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ التَّطْفِيفُ فِى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ) وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ يَسْتَوْفِى حَقَّهُ كَامِلًا وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ الْبَيْعَ يَنْقُصُ فَيَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِى الثَّمَنَ كَامِلًا وَيُعْطِيهِ الْمَبِيعَ نَاقِصًا، (وَالسَّرِقَةُ) وَهِىَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ خُفْيَةً (وَيُحَدُّ) السَّارِقُ (إِنْ) كَانَ قَدْ (سَرَقَ مَا يُسَاوِى رُبْعَ دِينَارٍ) مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ (مِنْ حِرْزِهِ) وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ الشَّىْءِ الْمَسْرُوقِ عَادَةً وَيَكُونُ حَدُّهُ (بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى) مِنَ الْكُوعِ وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الإِبْهَامَ (ثُمَّ إِنْ عَادَ) ثَانِيًا إِلَى السَّرِقَةِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) تُقْطَعُ مِنَ الْكَعْبِ وَهُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ جَانِبَ الْقَدَمِ أَسْفَلَ السَّاقِ (ثُمَّ) إِنْ عَادَ ثَالِثًا فَتُقْطَعُ (يَدُهُ الْيُسْرَى) مِنَ الْكُوعِ (ثُمَّ) إِنْ عَادَ رَابِعًا فتُقْطَعُ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى) مِنَ الْكَعْبِ ثُمَّ إِنْ عَادَ خَامِسًا عُزِّرَ، (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (النَّهْبُ) وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ جِهَارًا، (وَالْغَصْبُ) وَهُوَ الِاسْتِيلاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ ظُلْمًا، (وَالْمَكْسُ) وَهُوَ مَا يَؤْخُذُهُ السَّلاطِينُ الظَّلَمَةُ مِنْ تِجَارَاتِ النَّاسِ وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْعُشْرِ مَثَلًا، (وَالْغُلُولُ) وَهُوَ الأَخْذُ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ، (وَالْقَتْلُ) بِغَيْرِ حَقٍّ (وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ) إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا (مُطْلَقًا) أَىْ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ أَمْ قَتَلَهُ خَطَأً [وَلَيْسَ فِى قَتْلِ الْخَطَإِ إِثْمٌ] (وَ)الْكَفَّارَةُ (هِىَ عِتْقُ رَقَبَةٍ) عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ) عَمَّا يُخِلُّ بِالْكَسْبِ وَالْعَمَلِ إِخْلالًا ظَاهِرًا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنِ الإِعْتَاقِ (فِصِيَامُ شَهْرَيْنِ) هِلالِيَيْنِ (مُتَتَابِعَيْنِ وَفِى عَمْدِهِ) أَىْ وفِى قَتْلِ الْمُسْلِمِ عَمْدًا وَهُوَ مَا كَانَ بِقَصْدِ عَيْنِ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْجِنَايَةُ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا (الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ عَفَا عَنْهُ الْوَارِثُ) لِلْقَتِيلِ (عَلَى) أَنْ يَدْفَعَ (الدِّيَةَ أَوْ) عَفَا عَنْهُ (مَجَّانًا) فَلا يُقْتَصُّ مِنْهُ حِينَئِذٍ (وَفِى) قَتْلِ (الْخَطَإِ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ فِيهِ الْقَاتِلُ الْقَتِيلَ بِفِعْلٍ (وَشِبْهِهِ) أَىْ وفِى قَتْلِ شِبْهِ الْخَطَإِ وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدُ فِيهِ الْقَاتِلُ الْقَتِيلَ بِمَا لا يُتْلِفُ غَالِبًا (الدِّيَةُ) لا الْقِصَاصُ (وَ)الدِّيَةُ (هِىَ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ فِى الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) الْمَعْصُومِ الدَّمِ (وَنِصْفُهَا فِى الأُنْثَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ) الْمَعْصُومَةِ الدَّمِ (وَتَخْتَلِفُ صِفَاتُ الدِّيَةِ بِحَسَبِ) نَوْعِ (الْقَتْلِ)، (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (الضَّرْبُ) لِلْمُسْلِمِ (بِغَيْرِ حَقٍّ) أَوْ تَرْوِيعُهُ، (وَأَخْذُ الرِّشْوَةِ وَإِعْطَاؤُهَا) وَالرِّشْوَةُ هِىَ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ لإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ إِحْقَاقِ بَاطِلٍ وَأَمَّا مَا يَدْفَعُهُ لِيَصِلَ إِلَى حَقِّهِ أَوْ لِيَدْفَعَ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ فَلا يَأْثَمُ الدَّافِعُ بِهِ، (وَإِحْرَاقُ الْحَيَوَانِ) وَلَوْ صَغُرَ (إِلَّا إِذَا ءَاذَى وَتَعَيَّنَ) الإِحْرَاقُ (طَرِيقًا فِى الدَّفْعِ) أَىْ فِى مَنْعِ أَذَاهُ وَضَرَرِهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لا يَحْرُمُ، (وَالْمُثْلَةُ بِالْحَيَوَانِ) وَهِىَ تَقْطِيعُ الأَجْزَاءِ وَتَغْيِيرُ الْخِلْقَةِ، (وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِى بَعْضِ الْبِلادِ بِالزَّهْرِ (وَ)كَذَا (كُلُّ مَا فِيهِ قِمَارٌ) كَأَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مِنَ الْجَانِبَيْنِ عِوَضًا يَأْخُذُهُ الرَّابِحُ مِنْهُمَا (حَتَّى لَعِبُ الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ وَالْكِعَابِ) عَلَى صُورَةِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ أَوْ بِالْقِمَارِ لا يَجُوزُ لِلْوَلِىِّ تَمْكِينُ الصَّبِىِّ مِنْهُ وَمِثْلُهُ فِى التَّحْرِيمِ مَا يُسَمَّى الْيَانَصِيبَ وَاللُّوتُو وَالْمُقَامَرَةُ بِسِبَاقِ الْخَيْلِ، (وَاللَّعِبُ بِآلاتِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ) مِنَ الْمَعَازِفِ (كَالطُّنْبُورِ وَالرَّبَابِ وَالْمِزْمَارِ وَالأَوْتَارِ)، (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (لَمْسُ الأَجْنَبِيَّةِ) أَىْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ وَالزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا إِذَا كَانَ لَمْسُهُ لَهَا (عَمْدًا بِغَيْرِ حَائِلٍ) سَوَاءٌ كَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ بِدُونِهَا (أَوْ) لَمْسُهَا (بِهِ) أَىْ مَعَ وُجُودِ الْحَائِلٍ (بِشَهْوَةٍ)، (وَ)اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ وَ(لَوْ مَعَ) اتِّحَادِ (جِنْسٍ) كَلَمْسِ رَجُلٍ لِرَجُلٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمْسِ امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ (أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ) كَلَمْسِ رَجُلٍ مَحْرَمًا لَهُ بِشَهْوَةٍ، (وَتَصْوِيرُ ذِي رُوحٍ) سَوَاءٌ كَانَ مُجَسَّمًا أَم لا، (وَمَنْعُ الزَّكَاةِ) أَىْ تَرْكُ دَفْعِهَا كُلِّهَا (أَوْ) تَرْكُ دَفْعِ (بَعْضِهَا) مَعَ دَفْعِ الْبَعْضِ (بَعْدَ) وَقْتِ (الْوُجُوبِ وَالتَّمَكُّنِ) مِنْ إِخْرَاجِهَا بِلا عُذْرٍ شَرْعِىٍّ (وَإِخْرَاجُ مَا لا يُجْزِئُ) عَنِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ (أَوْ إِعْطَاؤُهَا مَنْ لا يَسْتَحِقُّهَا) كَإِعْطَائِهَا لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ، (وَمَنْعُ الأَجِيرِ أُجْرَتَهُ) الَّتِى اسْتَحَقَّهَا، (وَمَنْعُ الْمُضْطَرِّ مَا يَسُدُّهُ) أَىْ مَا يَسُدُّ حَاجَتَهُ كَجَائِعٍ اضْطُّرَّ لِطَعَامٍ يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ الْهَلاكَ (وَعَدَمُ إِنْقَاذِ غَرِيقٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فِيهِمَا) أَىْ فِى مَنْعِ الْمُضْطَّرِّ وَتَرْكِ إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ أَمَّا إِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلا يَأْثَمُ، (وَكِتَابَةُ مَا يَحْرُمُ النُّطْقُ بِهِ) مِنْ غِيبَةٍ وَغَيْرِهَا بسَائِر أَدَوَاتِ الْكِتَابَة (وَالْخِيَانَةُ وَهِىَ ضِدُّ النَّصِيحَةِ فَتَشْمَلُ) الْخِيَانَةَ فِى (الأَفْعَالِ( بِأَكْلِ الْوَدِيعَةِ مَثَلًا (وَالأَقْوَالِ) بِجَحْدِهَا (وَالأَحْوَالِ) بِأَنْ يُوهِمَ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِتَحَمُّلِ الأَمَانَةِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا.

   (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْفَرْجِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ الزِّنَى) وَهُوَ إِدْخَالُ رَأْسِ الذَّكَرِ أَىِ الْحَشَفَةِ كُلِّهَا فِى فَرْجِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، (وَاللِّوَاطُ) وَهُوَ إِدْخَالُ رَأْسِ الذَّكَرِ فِى دُبُرِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَثِمَ وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الْحَدُّ الآتِى (وَيُحَدُّ) الزَّانِى (الْحُرُّ) الْمُكَلَّفُ (الْمُحْصَنُ) وَهُوَ الَّذِي وَطِئَ فِى نِكَاحٍ صَحِيحٍ (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِالرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ الْمُعْتَدِلَةِ حَتَّى يَمُوتَ وَ)يُحَدُّ (غَيْرُهُ) أَىْ غَيْرُ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَطَأْ فِى نِكَاحٍ صَحِيحٍ (بِمِائَةِ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبِ سَنَةٍ) قَمَرِيَّةٍ إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ (لِلْحُرِّ) الذَّكَرِ أَوِ الأُنْثَى (وَيُنَصَّفُ ذَلِكَ) الْحَدُّ (لِلرَّقِيقِ) فَيَكُونُ حَدُّهُ خَمْسِينَ جَلْدَةً وَتَغْرِيبَ نِصْفِ عَامٍ، وَأَمَّا حَدُّ اللَّائِطِ فَهُوَ كَحَدِّ الزَّانِى وَأَمَّا الْمَلُوطُ بِهِ فَحَدُّهُ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ سَوَاءٌ أَحْصَنَ أَمْ لا، (وَمِنْهَا) أَىْ مَعَاصِى الْفَرْجِ (إِتْيَانُ الْبَهَائِمِ) أَىْ جِمَاعُهَا (وَلَوْ) كَانَتْ هَذِهِ الْبَهَائِمُ (مِلْكَهُ، وَالِاسْتِمْنَاءُ) بِيَدِهِ أَوْ (بِيَدِ غَيْرِ الْحَلِيلَةِ الزَّوْجَةِ وَأَمَتِهِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ، وَالْوَطْءُ) الْحَاصِلُ (فِى) حَالِ (الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ) وَلَوْ بِحَائِلٍ (أَوِ) الْوَطْءُ الْحَاصِلُ (بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا) أَىِ انْقِطَاعِ دَمِهِمَا (وَقَبْلَ الْغُسْلِ) مِنْهُمَا (أَوِ) الْوَطْءُ الْحَاصِلُ (بَعْدَ الْغُسْلِ) إِذَا كَانَ (بِلا نِيَّةٍ) مُجْزِئَةٍ (مِنَ الْمُغْتَسِلَةِ أَوْ) كَانَ مَعَ النِّيَّةِ لَكِنْ (مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ) كَأَنِ اغْتَسَلَتْ مَعَ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى الْمَغْسُولِ، (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ (التَّكَشُّفُ عِنْدَ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَيْهِ) أَىْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، (أَوْ) كَشْفُ الْعَوْرَةِ (فِى الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ) أَمَّا لِغَرَضٍ كَالتَّبَرُّدِ فَيَجُوزُ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبَارُهَا بِبَوْلٍ أَوْ غاَئِطٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ (وَالْحَائِلُ مَا يَكُونُ أَمَامَهُ مِنْ شَىْءٍ مُرْتَفِعٍ قَدْرَ ثُلُثَىْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ أَوْ كَانَ وُجِدَ الْحَائِلُ وَلَكِنْ بَعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَىْ ذِرَاعٍ) فَالِاسْتِقْبَالُ أَوِ الِاسْتِدْبَارُ عِنْدَئِذٍ حَرَامٌ (إِلَّا فِى الْمُعَدِّ لِذَلِكَ أَىْ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ مُهَيَّئًا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَالْمِرْحَاضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا فِيهِ)، (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ (التَّغَوُّطُ عَلَى الْقَبْرِ) أَوِ التَّبَوُّلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ فِى مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ كَانَ قَبْرَ مُسْلِمٍ مُنْفَرِدًا (وَالْبَوْلُ فِى الْمَسْجِدِ وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (فِى إِنَاءٍ)، (وَ)الْبَوْلُ (عَلَى الْمُعَظَّمِ) أَىْ مَا يُعَظَّمُ شَرْعًا وَمِنْهُ الْبَوْلُ عَلَى مَوْضِعِ نُسُكٍ ضَيِّقٍ، (وَتَرْكُ الْخِتَانِ لِلْبَالِغِ) غَيْرِ الْمَخْتُونِ إِنْ أَطَاقَ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِقَطْعِ قُلْفَةِ الذَّكَرِ وَبِقَطْعِ شَىْءٍ مِنَ الْقِطْعَةِ الْمُرْتَفِعَةِ كَعُرْفِ الدِّيكِ مِنَ الأُنْثَى (وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ) تَرْكُهُ لِأَنَّهُ لا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ لا لِلذَّكَرِ وَلا لِلأُنْثَى.

   (فَصَلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الرِّجْلِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِى الرِّجْلِ الْمَشْىُ فِى مَعْصِيَةٍ كَالْمَشْىِ فِى سِعَايَةٍ بِمُسْلِمٍ) لِلإِضْرَارِ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِمَا فِيهَا مِنَ الأَذَى (أَوِ) الْمَشْىِ (فِى قَتْلِهِ) أَىْ لِأَجْلِ قَتْلِهِ (بِغَيْرِ حَقٍّ) أَوِ الْمَشْىِ لِلزِّنَى بِامْرَأَةٍ أَوْ لِمَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ التَّلَذُّذِ الْمُحَرَّمِ بِهَا، (وَإِبَاقُ) أَىْ هُرُوبُ (الْعَبْدِ) الْمَمْلُوكِ ذَكَرًا كَانَ أَمْ أُنْثَى مِنْ سَيِّدِهِ (وَ)هُرُوبُ (الزَّوْجَةِ) مِنْ زَوْجِهَا (وَ)هُرُوبُ (مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ قِصَاصٍ) كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ (أَوْ) مِنْ أَدَاءِ (دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ) وَاجِبَةٍ (أَوْ بِرِّ وَالِدَيْهِ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (أَوْ تَرْبِيَةِ الأَطْفَالِ)، (وَ)مِنْ مَعَاصِى الرِّجْلِ (التَّبَخْتُرُ فِى الْمَشْىِ) وَهُوَ أَنْ يَمْشِىَ مِشْيَةَ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ، (وَتَخَطِّى الرِّقَابِ) بِرَفْعِ قَدَمِهِ فَوْقَ الْعَوَاتِقِ إِذَا كَانَ الْجَالِسُونَ يَتَأَذَّوْنَ بِذَلِكَ (إِلَّا) إِذَا كَانَ التَّخَطِّى (لِفُرْجَةٍ) أَىْ لِسَدِّهَا فَلا يَحْرُمُ، (وَالْمُرُورُ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُ السُّتْرَةِ) أَىِ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ الْمُجْزِئَةِ وَشَرْطُهَا أَنْ لا تَبْعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ وَأَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ، (وَمَدُّ الرِّجْلِ إِلَى الْمُصْحَفِ إِذَا كَانَ) قَرِيبًا (غَيْرَ مُرْتَفِعٍ) عَنْهُ عَلَى طَاوِلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، (وَكُلُّ مَشْىٍ إِلَى مُحَرَّمٍ) أَىِ إِلَى مَعْصِيَةٍ كَالْمَشْىِ إِلَى مَكَانٍ لِشُرْبِ الْخَمْرِ (وَتَخَلُّفٍ عَنْ وَاجِبٍ) كَالْمَشْىِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ إِخْرَاجُ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا.

   (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْبَدَنِ.

   (وَمِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ) وَهِىَ الْمَعَاصِى الَّتِى لا تَلْزَمُ جَارِحَةً مِنَ الْجَوَارِحِ بِخُصُوصِهَا (عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا بِأَنْ يُؤْذِيَهُمَا إِيذَاءً لَيْسَ بِالْهَيِّنِ عُرْفًا، (وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَهُوَ أَنْ يَفِرَّ) شَخْصٌ (مِنْ بَيْنِ الْمُقَاتِلِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بَعْدَ حُضُورِ مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ) بِشَرْطِ أَنْ لا يَكُونَ الْكُفَّارُ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِ الْمُسْلِمِينَ، (وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ) أَىْ كُلِّ مَنْ يُعَدُّ قَرِيبًا لَكَ فِى الْعُرْفِ مِنْ جِهَةِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ وَتَحْصُلُ الْقَطِيعَةُ بِإِيحَاشِ قُلُوبِ الأَرْحَامِ بِتَرْكِ الزِّيَارَةِ أَوْ بتَرْكِ الإِحْسَانِ بِالْمَالِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا، (وَإِيذَاءُ الْجَارِ وَلَوْ) كَانَ الْجَارُ (كَافِرًا لَهُ أَمَانٌ) مِنَ الْمُسْلِمِينَ (أَذًى ظَاهِرًا) كَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، (وَخَضْبُ الشَّعَرِ) أَىْ صَبْغُهُ (بِالسَّوَادِ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى [إِلَّا لِلْجِهَادِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِرْهَابًا لِلْعَدُوِّ]، (وَتَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ) فِى مَلْبَسٍ أَوْ كَلامٍ أَوْ مَشْىٍ (وَعَكْسُهُ) أَىْ تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَهُوَ أَشَدُّ (أَىْ بِمَا هُوَ خَاصٌّ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِى الْمَلْبَسِ وَغَيْرِهِ وَإِسْبَالُ الثَّوْبِ) مِنَ الرِّجَالِ (لِلْخُيَلاءِ أَىْ إِنْزَالُهُ عَنِ الْكَعْبِ لِلْفَخْرِ) وَالْكِبْرِ، (وَ)اسْتِعْمَالُ (الْحِنَّاءِ) أَىِ الْخَضْبُ بِهَا (فِى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِلرَّجُلِ بِلا حَاجَةٍ) إِلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ أَمَّا إِذَا كَانَ لِحَاجَةِ التَّدَاوِى مِنَ الْمَرَضِ فَيَجُوزُ، (وَقَطْعُ الْفَرْضِ) سَوَاءٌ كَانَ أَدَاءً أَمْ قَضَاءً كَقَطْعِ الصَّلاةِ الْمَفْرُوضَةِ أَوِ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ إِذَا كَانَ قَطْعُهُ (بِلا عُذْرٍ) وَأَمَّا إِنْ قَطَعَ الْفَرْضَ بِعُذْرٍ كَإِنْقَاذِ غَرِيقٍ مَعْصُومٍ لَمْ يَحْرُمْ (وَقَطْعُ نَفْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِمَا يُوجِبُ إِتْمَامَهُمَا عَلَيْهِ، (وَمُحَاكَاةُ الْمُؤْمِنِ) فِى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إِشَارَةٍ (اسْتِهْزَاءً بِهِ)، (وَالتَّجَسُّسُ عَلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ) بِالتَّطَلُّعِ وَالتَّتَبُّعِ لِعُيُوبِ أُنَاسٍ لا يُرِيدُونَ اطِّلاعَهُ عَلَيْهَا، (وَالْوَشْمُ) وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ ثُمَّ يُذَرُّ عَلَى الْمَحَلِّ نِيلَةٌ أَوْ نَحْوُهَا لِيَزْرَقَّ الْمَحَلُّ أَوْ يَسْوَدَّ، (وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ) بِتَرْكِ تَكْلِيمِهِ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ السَّلامِ (فَوْقَ ثَلاثِ) لَيَالٍ (إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِىٍّ) كَأَنْ كَانَ شَارِبَ خَمْرٍ، (وَمُجَالَسَةُ الْمُبْتَدِعِ أَوِ الْفَاسِقِ لِلإِينَاسِ لَهُ عَلَى فِسْقِهِ) كَأَنْ جَلَسَ مَعَ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُحَدِّثُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، (وَلُبْسُ الذَّهَبِ) لِلرَّجُلِ مُطْلَقًا (وَ)لُبْسُ (الْفِضَّةِ وَالْحَرِيرِ) الْخَالِصِ الَّذِي تُخْرِجُهُ الدُّودَةُ الْمَعْرُوفَةُ (أَوْ مَا أَكْثَرُهُ وَزْنًا مِنْهُ) كَثُلُثَيْهِ (لِلرَّجُلِ الْبَالِغِ إِلَّا خَاتَمَ الْفِضَّةِ) فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، (وَالْخَلْوَةُ) أَىْ خَلْوَةُ الرَّجُلِ (بِالأَجْنَبِيَّةِ) مِنَ النِّسَاءِ (بِحَيْثُ لا يَرَاهُمَا) شَخْصٌ (ثَالِثٌ) ثِقَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ (يُسْتَحَى مِنْهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) أَمَّا إِنْ كَانَ الثَّالِثُ صَغِيرًا بِحَيْثُ لا يُسْتَحَى مِنْهُ أَوْ كَانَ غَيْرَ بَصِيرٍ فَيَحْرُمُ، (وسَفَرُ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا (بِغَيْرِ) مَحْرَمٍ كَأَخٍ وَأَبٍ وَ(نَحْوِ مَحْرَمٍ) كَزَوْجٍ، (وَاسْتِخْدَامُ الْحُرِّ كُرْهًا) أَىْ قَهْرًا بِأَنْ يَقْهَرَهُ عَلَى عَمَلٍ، (وَمُعَادَاةُ الْوَلِىِّ) أَىِ اتِّخَاذُ الْوَلِىِّ عَدُوًّا وَمُحَارَبَتُهُ لَهُ وَوَلِىُّ اللَّهِ هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُؤَدِّى لِلْوَاجِبَاتِ الْمُجْتَنِبُ لِلْمُحَرَّمَاتِ الْمُكْثِرُ مِنَ النَّوَافِلِ وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْهَا، (وَالإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ) كَجَلْبِ الْخَمْرَةِ لِمَنْ يُرِيدُ شُرْبَهَا، (وَتَرْوِيجُ الزَّائِفِ) كَالدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ وَالتَّعَامُلُ بِهَا عَلَى أَنَّهَا صَحِيحَةٌ تَامَّةٌ كَطَلْىِ قِطَعِ النُّحَاسِ بِالذَّهَبِ لإِيهَامِ النَّاسِ أَنَّهَا دَنَانِيرُ وَبَيْعِهَا عَلَى أَنَّهَا كَذَلِكَ، (وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) كَأَنْ يَأْكُلَ فِيهِمَا أَوْ يَشْرَبَ (وَ)يَحْرُمُ أَيْضًا (اتِّخَاذُهَا) أَىِ اقْتِنَاءُ أَوَانِيهِمَا وَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ الِاسْتِعْمَالَ، (وَتَرْكُ الْفَرْضِ) بِأَنْ يَتْرُكَ تَأْدِيَتَهُ كَالصَّلاةِ (أَوْ فِعْلُهُ) صُورَةً (مَعَ تَرْكِ رُكْنٍ) كَأَنْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (أَوْ) مَعَ تَرْكِ (شَرْطٍ) كَأَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ (أَوْ) فَعَلَهُ (مَعَ فِعْلِ مُبْطِلٍ لَهُ) كَأَنْ شَرَعَ فِى الصَّلاةِ مَعَ الْحَرَكَةِ لِلَّعِبِ، (وَتَرْكُ) صَلاةِ (الْجُمُعَةِ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ) بَدَلًا عَنْهَا، (وَتَرْكُ نَحْوِ أَهْلِ قَرْيَةٍ الْجَمَاعَاتِ فِى) الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (الْمَكْتُوبَاتِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِى الْجَمَاعَةِ لَكِنْ بِحَيْثُ لا يَظْهَرُ الشَّعَارُ، (وَتَأْخِيرُ الْفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) كَأَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ أَوْ لَمْ يَدْفَعِ الزَّكَاةَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ حَوَلانِ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، (وَرَمْىُ الصَّيْدِ بِالْمُثَقَّلِ الْمُذَفِّفِ أَىْ بِالشَّىْءِ الَّذِي يَقْتُلُ بِثِقَلِهِ) الْمُسْرِعِ لإِزْهَاقِ الرُّوحِ (كَالْحَجَرِ) فَلا يَجُوزُ، (وَاتِّخَاذُ الْحَيَوَانِ غَرَضًا) أَىْ هَدَفًا لِلرِّمَايَةِ، (وَعَدَمُ مُلازَمَةِ الْمُعْتَدَّةِ) بِالْوَفَاةِ أَوْ بِطَلاقٍ بَائِنٍ (لِلْمَسْكَنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) فَإِنْ خَرَجَتْ نَهَارًا لِحَاجَةٍ كَشِرَاءِ نَحْوِ طَعَامٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَلِنَحْوِ احْتِطَابٍ جَازَ أَوْ خَرَجْتَ لَيْلًا إِلَى دَارِ جَارَتِهَا لِحَدِيثٍ مَثَلًا ثُمَّ عَادَتْ وَبَاتَتْ فِى الْبَيْتِ جَازَ كَذَلِكَ بِشُرُوطِهِ، وَالْعُذْرُ كَخَوْفِ انْهِدَامِ الْبَيْتِ عَلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَفِى حُكْمِ الزَّوْجَةِ أَىْ أَنَّهَا لا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، (وَتَرْكُ) الزَّوْجَةِ (الإِحْدَادَ عَلَى الزَّوْجِ) الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالإِحْدَادُ هُوَ الْتِزَامُ تَرْكِ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ إِلَى انْتِهَاءِ الْعِدَّةِ وَهِىَ لِلْحَامِلِ إِلَى الْوَضْعِ وَلِغَيْرِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، (وَتَنْجِيسُ الْمَسْجِدِ) بِالْبَوْلِ أَوِ الدَّمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّجَاسَاتِ (وَ)كَذَا (تَقْذِيرُهُ وَلَوْ بِطَاهِرٍ) كَالْبُزَاقِ وَالْمُخَاطِ، (وَالتَّهَاوُنُ بِالْحَجِّ) أَىْ بِأَدَائِهِ (بَعْدَ) حُصُولِ (الِاسْتِطَاعَةِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُجَّ، (وَالِاسْتِدَانَةُ لِمَنْ لا يَرْجُو وَفَاءً لِدَيْنِهِ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا مِلْكٍ أَوْ مِهْنَةٍ يَتَوَقَّعُ دَرَّ الْمَالِ عَلَيْهِ مِنْهَا (وَلَمْ يَعْلَمْ دَائِنُهُ بِذَلِكَ) أَىْ بِأَنَّهُ لا يَرْجُو وَفَاءَ الدَّيْنِ أَمَّا إِنْ عَرَفَ أَنَّ الدَّائِنَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ فَاقْتَرَضَ مِنْهُ فَأَقْرَضَهُ فَلا حُرْمَةَ فِى ذَلِكَ، (وَعَدَمُ إِنْظَارِ) الدَّائِنِ لِلْمَدِينِ (الْمُعْسِرِ) أَىِ الْعَاجِزِ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ كَأَنْ حَبَسَهُ أَوْ لازَمَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، (وَبَذْلُ الْمَالِ فِى الْمَعْصِيَةِ) كَأَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ لِلِاسْتِمَاعِ لِآلاتِ الطَّرَبِ الْمُحَرَّمَةِ، (وَالِاسْتِهَانَةُ بِالْمُصْحَفِ) بِالإِخْلالِ بِتَعْظِيمِهِ فَإِنْ وَصَلَ إِلَى حَدِّ الِاسْتِخْفَافِ كَانَ كُفْرًا (وَ)كَذَلِكَ حُكْمُ الِاسْتِهَانَةِ (بِكُلِّ عِلْمٍ شَرْعِىٍّ) كَالِاسْتِهَانَةِ بِكُتُبِ الْفِقْهِ (وَ)مِنَ الِاسْتِهَانَةِ بِالْمُصْحَفِ (تَمْكِينُ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ مِنْهُ) وَهُوَ مُحْدِثٌ لِغَيْرِ حَاجَةِ التَّعَلُّمِ وَحَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، (وَتَغْيِيرُ مَنَارِ الأَرْضِ أَىْ تَغْيِيرُ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ) بِأَنْ يُدْخِلَ مِنْ حُدُودِ جَارِهِ شَيْئًا فِى حَدِّ أَرْضِهِ، (وَالتَّصَرُّفُ فِى الشَّارِعِ) أَىِ الطَّرِيقِ النَّافِذِ (بِمَا لا يَجُوزُ) مِمَّا يَضُرُّ الْمَارَّةَ، (وَاسْتِعْمَالُ) الشَّىْءِ (الْمُعَارِ فِى غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ) كَأَنِ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَنَقَلَ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْمَنْزِلِ (أَوْ زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا) كَأَنْ أَعَارَهُ شَخْصٌ ثَوْبَهُ لِأُسْبُوعٍ فَاسْتَعْمَلَهُ لِأُسْبُوعَيْنِ (أَوْ أَعَارَهُ) أَىِ الْمُعَارَ (لِغَيْرِهِ) بِلا إِذْنٍ مِنَ الْمَالِكِ، (وَتَحْجِيرُ الْمُبَاحِ) وَهُوَ مَنْعُ النَّاسِ مِنَ الأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لَهُمْ عَلَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ (كَالْمَرْعَى) أَىْ مَكَانِ رَعْىِ الْمَاشِيَةِ (وَالِاحْتِطَابِ) أَىْ أَخْذِ الْحَطَبِ (مِنَ الْمَوَاتِ) أَىْ مِنْ أَرْضٍ لا مَالِكَ لَهَا وَمِنْهُ تَحْجِيرُ شَوَاطِئِ الأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ (وَالْمِلْحِ مِنْ مَعْدِنِهِ) كَالْبَحْرِ (وَالنَّقْدَيْنِ) مِنْ مَعْدِنِهِمَا (وَغَيْرِهِمَا وَ)الْمَنْعِ مِنَ (الْمَاءِ لِلشُّرْبِ مِنَ) الْبِئْرِ الَّتِى حَفَرَهَا الشَّخْصُ فِى الأَرْضِ الْمَوَاتِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَاءِ مِنَ (الْمُسْتَخْلَفِ وَهُوَ الَّذِى إِذَا أُخِذَ مِنْهُ شَىْءٌ يَخْلُفُهُ) مَاءٌ (غَيْرُهُ) وَهَذَا غَيْرُ مَا تَمَلَّكَهُ الشَّخْصُ بِاحْتِوَائِهِ فِى إِنَائِهِ مِنْ بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ مَثَلًا فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ، (وَاسْتِعْمَالُ اللُّقَطَةِ) وَهِىَ مَا ضَاعَ مِنْ مَالِكِهِ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ (قَبْلَ التَّعْرِيفِ) لَهَا (بِشُرُوطِهِ) وَهُوَ أَنْ يُعَرِّفَهَا سَنَةً بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا إِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَاحِبُهَا فَإِنْ فَعَلَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا فيَتَصَرَّفَ فِيهَا بِنِيَّةِ أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهَا إِذَا ظَهَرَ، (وَالْجُلُوسُ) بِمَعْنَى الْبَقَاءِ فِى الْمَجْلِسِ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ مُنْكَرٌ (مَعَ مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرِ) لا لإِنْكَارِهِ (إِذَا لَمْ يُعْذَرْ) بِالْبَقَاءِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا لَمْ يَحْرُمْ، (وَالتَّطَفُّلُ فِى الْوَلائِمِ وَهُوَ الدُّخُولُ) إِلَى الْوَلائِمِ الَّتِى لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا (بِغَيْرِ إِذْنٍ أَوْ أَدْخَلُوهُ) إِلَيْهَا (حَيَاءً) مِنْ رَدِّهِ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ، (وَعَدَمُ التَّسْوِيَةِ) مِنَ الرَّجُلِ الْمُتَزَوِّجِ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (بَيْنَ) الزَّوْجَتَيْنِ أَوِ (الزَّوْجَاتِ فِى النَّفَقَةِ) الْوَاجِبَةِ (وَالْمَبِيتِ) بِأَنْ يُرَجِّحَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِى أَحَدِ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا (وَأَمَّا التَّفْضِيلُ فِى الْمَحَبَّةِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْمَيْلِ) وَالْجِمَاعِ وَمَا زَادَ عَلَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ (فَلَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ)، (وَخُرُوجُ الْمَرْأَةِ) مِنْ بَيْتِهَا (إِنْ كَانَتْ تَمُرُّ عَلَى الرِّجَالِ الأَجَانِبِ بِقَصْدِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ) لِتَسْتَمِيلَهُمْ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ كَانَتْ سَاتِرَةً لِلْعَوْرَةِ (وَالسِّحْرُ) وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا مَا لا يَتِمُّ لَهُ إِلَّا بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ كُفْرِىٍّ فَهَذَا كُفْرٌ وَثَانِيهِمَا مَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، (وَالْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الإِمَامِ) أَىِ الْخَلِيفَةِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الْخِلافَةُ (كَالَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى) أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلِىِّ) بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (فَقَاتَلُوهُ) فِى الْوَقَعَاتِ الثَّلاثِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالنَّهْرَوَانِ (قَالَ) الْفَقِيهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ (الْبَيْهَقِىُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ الِاعْتِقَادِ (كُلُّ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا فَهُمْ بُغَاةٌ) أَىْ ظَالِمُونَ (وَكَذَلِكَ قَالَ) الإِمَامُ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيسَ (الشَّافِعِىُّ) رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (قَبْلَهُ) فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِىُّ وَغَيْرُهُ فَالَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عَلِىٍّ ظَلَمُوهُ (وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُمْ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ) كَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا (لِأَنَّ الْوَلِىَّ لا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ) الْوُقُوعُ فِى (الذَّنْبِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ) إِلَّا أَنَّهُ يَتُوبُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ قَدْ تَابَا وَرَجَعَا عَنْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ كَمَا ثَبَتَ فِى كُتُبِ الْحَدِيثِ، (وَالتَّوَلِّى عَلَى يَتِيمٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ لِقَضَاءٍ أَوْ) لِلْخِلافَةِ أَوْ (نَحْوِ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ) عَلَى الْوَجْهِ الْوَاجِبِ شَرْعًا، (وَإِيوَاءُ الظَّالِمِ) لِمُنَاصَرَتِهِ عَلَى ظُلْمِهِ (وَمَنْعُهُ مِمَّنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْحَقِّ مِنْهُ) كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا ظُلْمًا فَآوَاهُ لِيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِى الْحَقِّ، (وَتَرْويعُ الْمُسْلِمِينَ) أَىْ تَخْوِيفُهُمْ وَإِرْعَابُهُمْ كَأَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِمْ بِنَحْوِ حَدِيدَةٍ أَوْ سِلاحٍ لِيُخِيفَهُمْ، (وَقَطْعُ الطَّرِيقِ) وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ أَوْ يَأْخُذِ الْمَالَ (وَيُحَدُّ) قَاطِعُ الطَّرِيقِ (بِحَسَبِ جِنَايَتِهِ إِمَّا بِتَعْزِيرٍ) كَضَرْبٍ وَحَبْسٍ وَذَلِكَ إِذَا أَخَافَ الْمَارِّينَ فَقَطْ (أَوْ بِقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ خِلافٍ) بِأَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ عَادَ فَيَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى وَذَلِكَ (إِنْ) أَخَذَ مَالًا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ أَكْثَر وَ(لَمْ يَقْتُلْ أَوْ بِقَتْلٍ وَصَلْبٍ أَىْ إِنْ قَتَلَ) وَأَخَذَ الْمَالَ أَوْ بِقَتْلٍ مِنْ غَيْرِ صَلْبٍ إِذَا قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ، (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ (عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ) الَّذِى اكْتَمَلَتْ شُرُوطُهُ، (وَالْوِصَالُ فِى الصَّوْمِ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ) شَّخْصٌ (يَوْمَيْنِ) مُتَتَالِيَيْنِ (فَأَكْثَرَ بِلا تَنَاوُلِ مُفَطِّرٍ) عَمْدًا بِلا عُذْرٍ، (وَأَخْذُ مَجْلِسِ غَيْرِهِ) فِى مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ زَحْمَتُهُ الْمُؤْذِيَةُ) لَهُ (أَوْ أَخْذُ نَوْبَتِهِ) أَىْ نَوْبَةِ غَيْرِهِ فِى اسْتِقَاءٍ وَنَحْوِهِ.