مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” – 97
عمل الطاعات وقراءة القرءان بشرط الإسلام
وتلقي العلم والإخلاص
قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر اللهُ له ولوالديه
*قال رضي الله عنه: إنْ كان الشخصُ يُكثرُ ذكرَ الموتِ بحيثُ لا يشغلُه عن الأمور المهمةِ قراءة القرآن وغيرِ ذلك من أنواع البرِّ فهو عملٌ حسن.
)هنا عندنا فائدة وتوجيه، أولًا بيّنَ لنا الشيخ رحمه الله رحمة واسعة ورضي عنه أنّ الإكثارَ من ذكر الموت بحيثُ لا يشغلُكَ عن الأمور المهمة كقراءة القرآن وبقية الأمور المهمة من أعمال البِرّ والخير فهذا الإكثار بهذا الشرط بهذا القيد قال هو حسَن، يعني هو مطلوب، لأنه يُشجّعكَ ويحرِّكُك على العمل للآخرة وعلى طلب الآخرة وعلى الاستعداد للآخرة.
لكن هنا عندنا قيد بيّنه الشيخ رحمه الله وهو بحيثُ لا يشغلُنا عن تلاوةِ القرآن وعن أعمال البر لأنك إذا قعدتَ تُكثِر من ذكر الموت تتفكّر تتأمّل تتدبّر تستحضر سيحمِلُك هذا على أنْ تتركَ بعضَ أعمال الخير.
وقراءةُ القرآن مِن أعظمِ العبادات وحسنات القرآن حسناتٌ مُميَّزة، والإنسان المسلم إذا قرأ القرآن فكل حرف مما يقرأُه أقل ما يُضاعَف إليه إلى عشر حسنات، أيُّ خيرٍ هذا؟
ثم الحسنة الواحدة أقلّ ما تُضاعَف إلى عشرِ أمثالِها وقد تُضاعَف إلى مائةِ ضعفٍ وقد تضاعَف إلى سبعمائة ضعف، وقد تضاعَف إلى مائةِ ألفِ ضعف وقد تصير في كفة الحسنات كأمثال الجبال وهذا ليس بعزيز على الله، الله أكرم الأكرمين وهو الذي قال {واللهُ يُضاعِفُ لمَنْ يشآء}-سورة البقرة/261-.
قراءة القرآن فيها خيرٌ وأجر وثواب ونور وبركة وأسرار وفتوحات لكنْ هذا بشروط، ما هي هذه الشروط؟
أوّلًا أنْ يكونَ القارىءُ مسلمًا، قد يسأل البعض الآن هل الكافر يقرأ القرآن؟ بعض الناس هم قد يكونون ممّن ينتسبونَ انتسابًا للإسلام وقعوا في الكفر عندهم كفريات يظنّون أنفسَهم مسلمين فيقرأونَ القرآن، هؤلاء لا يُقبَل منهم ولا يصح وليس لهم أجر ولا ثواب ولا بركة وليس لهم حبة من الثواب والأجر.
مثالُ ذلك كالإنسان الذي إذا غضبَ والعياذ بالله شتم عزرائيل، بعض الناس إذا مات لهم قريب أو صديق أو مات لهم مَن يحبّون يشتمونَ عزرائيل والعياذ بالله.
وعزرائيل ملَكٌ كريمٌ مُوَكَّلٌ من الله بقبضِ أرواح العالمين ليس فقط الإنس، بل حتى الجن والبهائم والملائكة عندما يموتون عند النفخ في الصور، وهو آخر مَن يموت من العالمين اللهُ يميتُه بقدرتِه وهذا ليس بعزيز على الله.
وعزرائيل عليه السلام هو الملكَ المَعنيّ بالآية الكريمة في سورة السجدة {قل يتوفّاكم ملَكُ الموتِ الذي وُكِّلَ بكم}-سورة السجدة/11-
هو ملَك ليس صائلًا مُعتدِيًا ليس جنيًّا ليس شيطانًا كما يظن بعض الجهلاء الذين لم يتعلموا ولا درسوا ولا حضروا على العلماء، بل هو من سادات الملائكة، عزرائيل وليّ الله وهو من أحباب الله، فلا تخفْ لما تقول عزرائيل بعض الناس على زعمِهم يخافون ويتشاءمون، بل عزرائيل نحن نفرح به وبذكرِه ونحبُّه بل يستحقّ أنْ يقالَ عليه السلام إذا ذُكر، عزرائيل حبيبُ الله وليُّ الله، يستحقّ أنْ تتبركوا بذكرِه وباسمِه وأنْ تتوسّلوا به، فعزرائيل ملَكٌ عظيمٌ هو من رؤساء الملائكة هو من الطبقة العليا في الملائكة، يعني جبريل هو رئيس الملائكة وبعد جبريل يأتي الرؤساء كعزرائيل كحملة العرش كرتائيل وعددٌ كبير، لكنْ عزرائيل من رؤسائِهم من كبارِهم.
فعزرائيل موَكَّلٌ من الله بقبضِ أرواح العالمين فإذا مات لك مَن تحب ليس لك أنْ تسبَّ عزرائيل ولا أنْ تشتمَه، بل قال العلماء إنّ مَن سبّ عزرائيل عليه السلام أو استهزأ به أو استخفّ ليس من المسلمين، كذلك الذي سبّ ملَكًا من الملائكة مَن سبَّه فهو كافر.
اللهُ قال في سورة النساء هذه الآية تكفيكم المؤنة في عدةِ مواطن في المناظرات في البيان في الاستشهاد {ومَنْ يكفرْ بالله وملآئكتِه وكتبِه ورسلِه واليومِ الآخرِ فقد ضلَّ ضلالًا بعيدًا}-سورة النساء/136- هذا ردّ على بعض الجهال الذين يقولون المسلم مسلم مهما قال وحكى وعمل لا يصير كافرًا، يعني على زعمِهم لو سبّ اللهَ أو سبّ الرسول أو سبّ القرآن على زعمِهم هذا مسلم لا يكفُر، هؤلاء هم كفروا معه كيف يقولون عمّن سبّ اللهَ ليس بكافر؟ كيف يقولون عمّن سبّ القرآنَ ليس بكافر؟ كيف يقولون عمّن سبّ الأنبياء والملائكة ليس بكافر؟ بلى، هذه الآية صريحة.
لاحظوا في أول الآية سماه كافرًا وفي آخرِها سماه ضالّا، معناه يُطلَق الضالّ على الكافر، لأنّ بعض الناس يقولون ضالّ يعني أقل من كافر ليس كافرًا، هذه الكلمة قد تطلَق في بعض المواضع على المسلم الفاسق الخبيبث الغاشم الذي استطار ضررُه وشرُّه بين العباد فقد يقال عنه ضال على هذه المعاني، ويقال عن الكافر ضال أيضًا بدليل هذه الآية من سورة النساء.
الذي يسبّ الكتب السماوية هذا ليس من المسلمين، لما نقول الكتب السماوية يعني التوراة الأصلية يعني الإنجيل الأصلي يعني الزبور الأصلي يعني القرآن، مَن سبّ كتابًا من الكتب السماوية هذا ليس من المسلمين، أو حتى لو سبّ الصحف المباركة التي نزلت على شيث أو الصحف التي نزلت على إدريس أو الصحف التي نزلت على آدم أو الصحف التي نزلت على آدم مَنْ سبّها هذا ليس من المسلمين.
كم يوجد أناسٌ جهال اليوم يقولون لا توجد جنة ولا نار ولا آخرة مَن قال لك في آخرة، بعضهم بالعامية يقول لا جنة ولا نار ولا آخرة مين راح شاف إجا وخبّر؟
قولوا لهم أصدقُ الصادقين أصدق القائلين أخبرَنا وهو الله قال في القرآن {وأنّ الساعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها وأنّ اللهَ يبعثُ مَنْ في القبور}-سورة الحج/7-
ثم الله يقول {فإذا هم من الأجداثِ إلى ربِّهم يَنسِلون}-سورة يس/51-
ثم إنّ اللهَ تعالى قال في القرآن الكريم {وحشرْناهم فلم نُغادرْ منهم أحدًا}-سورة الكهف/47-
آياتٌ كثيرة تدلّ على البعث بعد الموت وعلى الحشر وعلى السؤال والحساب وعلى الجنة والنار، القرآنُ أخبرَنا كل الأنبياء أخبروا عن ذلك.
والأنبياء اللهُ أيّدَهم بالمعجزات التي تدلُّ على صدقِهم في دعواهم أنهم أنبياء فتكون دالةً على صدقِهم وأنّ اللهَ أيّدهم بهذه المعجزات لتُظهِرَ هذه المعجزات للناس أنّ اللهَ تعالى هو الذي بعثَهم وأرسلَهم للناس وأيّدهم بهذه الخوارق التي تدلُّ على صدقِهم.
فالأنبياء الذين هم أصدق خلقِ الله أصدق العالمين عليهم الصلاة والسلام أخبرونا عن السؤال والحساب وعن القبر والآخرة وعن الجنة والنار.
إذًا هذا الجاهل الكافر الذي يُنكر الآخرة والجنة والنار والسؤال والحساب ويقول مين راح شاف إجا وخبّر، ردّوا عليه بهذه الآيات التي ذكرْناها وبأنّ الأنبياءَ أخبروا.
ثم الرسولُ صلى الله عليه وسلم أليس ليلةَ الإسراء والمعراج رأى الجنة ودخلَها؟
ليس رآها من بعيد بل رآها عليه الصلاة والسلام وقطع هذه المسافات البعيدة الشاسعة الواسعة إلى أنْ وصلَ إلى ما فوق السماء السابعة ثم بعد السابعة ارتقى وعلا وارتفع إلى أنْ وصل إلى الجنة ثم دخلَها.
الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال [رأيتُ الجنةَ ودخلتُها ورأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراء] وقال إنه رأى فيها الحورَ العين وسلّم عليهنّ –يعني بالقول بدون مصافحة- وردَدْنَ عليه السلام وقلنَ له: نحنُ خيراتٌ حِسانٌ أزواجُ قومٍ كرام.
وقد ورد في الحديث الذي رواه الحافظ الضياءُ المقدسي وصححه أنّهن يتغَنّيْنَ بذلك وهنّ في الجنة.
وفي بعض الألفاظ والروايات “أُهدِينَ” يعني تُعطى الواحدة منهنّ لهذا المسلم الذي يدخل الجنة.
فالحاصل الرسولُ وصفَ لنا عن بعض الأشياء التي رآها في الجنة وأخبرَنا عن بعض أنواع النعيم وليس عن كل شىء لأنّ كل أنواع النعيم التي في الجنة لا يحيطُ بها علمًا وبتفاصيلِها إلا الله سبحانه وتعالى، حتى رضوان خازن الجنة رضي الله عنه لا يعرف كل أنواع النعيم بتفاصيلِها التي أُعدّت للأنبياء والرسل والأولياء والأتقياء والصلَحاء، بل يعرف شيئًا منها، والدليل على ذلك ما ورد في الحديث القدسي، قال الله عز وجل [[أعددتُ لعبادي الصالحينَ ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلب بشر]]
فإذًا هذه الجنة موجودة والرسولُ صلى الله عليه وسلم رآها ودخلَها وحكى لنا عن بعض ما فيها، فكيف يقول بعض الملاحدة لا جنة ولا نار ولا آخرة مين راح شاف إجا وخبّر؟ هؤلاء يكذّبون الله ويكذّبون الرسل والأنبياء.
هذا الذي يقول هذا الكلام ليس من المسلمين وإن ادّعى الإسلام.
كذلك مَن استخفّ بالأحكام الشرعية، بعض الناس اليوم إذا قيل له فلان يتوضّأ فيقول يييي شو معقد بعد في حدا يتّبع هالتعقيدات وهالخرافات بهالعصر والزمن والناس وصلوا عالقمر؟ هذا كافر، الذي يرى أنّ الوضوء أو الغسل من الجنابة شيئًا تافهًا هو التافهُ الملعونُ الكافر عدوُّ الله لأنه حقّرَ ما عظّمه الله، الطهارةُ إنْ كانت في الثوب في البدن في الوضوء في الصلاة في الغسل، يغتسل لأجل الصلاة يتوضأ لأجل الصلاة هذا شىءٌ عظيم.
الله قال في القرآن {فإذا تطهّرْنَ فأتوهُنَّ مِنْ حيثُ أمرَكمُ الله إنّ اللهَ يحبُّ التوابين ويحبُّ المتَطَهّرين}-سورة البقرة/222-
الوضوء شرف عز كرامة، فهذا الإنسان المخبول الذي يقول عن الوضوء على زعمِه أمور تافهة هو التافه الكافر الملعون، الوضوء عملُ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
إنْ كان بالصيف أو بالشتاء الواحد يعتزّ أن يتوضّأ طاعةٌ لله عبادةٌ لله، هذا شىءٌ يرفع به الإنسان رأسَه.
الذي يقول عن الغسل أو الوضوء أو الاستنجاء أمر تافه أو قشور هذا كافر ليس مسلمًا، أمور العبادات والطهارة عظيمةٌ في الإسلام.
الرسول صلى الله عليه وسلم قال [الطُّهورُشطرُ الإيمان]
الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يموت كان يُغمَى عليه من شدةِ ألم سكرات الموت فإذا أفاق يقول أحانتِ الصلاة؟ يقولون نعم، فيقول: إليّ بالوَضوء –ماء الوضوء- فيتوضأ ويصلي فإذا سلّم أُغميَ عليه، كان وهو يموت يتوضأ ويصلي وهو سيّد الخلق إمام العالمين صلى الله عليه وسلم.
الوضوءُ عزٌّ وشرف، هؤلاء السفَلة الذين يقولون عن الوضوء أمور تافهة قشور ترى الواحد منهم خبيث القلب سفيه اللسان حقيرُ الأخلاق يشرب النجاسات ويطعن بالطهارات، يشرب الخمر النجس كأنه حامل كأس بول ويشرب يضع نجاسة في فمِه صار قذرًا نجِسًا وشيئًا تشمئز منه النفوس، وضع نجاسةً في فمِه صار فمه النجس وقلبُه الخبيث وجئتَ تتكلم عن الطهارة يا ملعون؟ تسبّ الطهارة والوضوء والغسل والاستنجاء وتقول قشور يا أهل الحقارة والقذارة تسبون الإسلام، هؤلاء مَن يسبون الإسلام الذين يسبون الوضوء والغسل والاستنجاء يقولون أمور تافهة وقشور هم ممن يسبون الإسلام وشريعة الإسلام, ومَن سبّ شريعة الإسلام أو شرائع الإسلام فقد سب الإسلام ليس من المسلمين في شىء.
أنت يا مَن فمك نجس وتأكل القذارات والنجاسات تتكلم عن الطهارات يا صغير يا ذليل ويا حقير؟
الذي يسب الإسلام حقيرٌ حقيرٌ حقير، الذي يطعن في شريعة الإسلام ذليل صغيرٌ حقير.
مثل هذا لو ادّعى الإسلام مجرد ادّعاؤُه لا ينفعُه.
كذلك بعضُ الناس السفلة الماجنين الساقطين المنحلين المنحطين يقول الإسلام ما أنصف المرأة أو القرآن ظلم المرأة، هذا كافر وليس مسلم.
الذي يطعن في الإسلام ويقول الإسلام فيه أشياء لا يقبلها العقل فيه تخلّف رجعية ظلم ما أنصف المرأة أو القرآن ظلم المرأة هذا كافر بالله العظيم ليس من المسلمين.
مثالٌ آخر الذي يشبّه اللهَ بخلقِه كالذي يعتقد أنّ الله هو هذا الضوء لما يصير برق ورعد بعض الجهلة يظنون أنّ اللهَ ضوء وبعضُهم يقرأ هذه الآية {اللهُ نورُ السمواتِ والأرض}-سورة النور/35-
هذه الآية الكريمة الشريفة العظيمة المباركة ليس هذا معناها، بل معناها كما فسّرها بعض أهل السنة منوِّر السموات والأرض، مَن الذي خلق السموات والأرض والنجوم والكواكب؟ الله، الله تعالى يُنوِّر السموات والأرض بالشمس والقمر والكواكب، وهناك نورٌ آخر هو نور الطاعات هذا تفسير للآية.
وتفسيرٌ أقوى من الأول هو ما قاله ابنُ عباس رضي الله عنهما كما روى ذلك البيهقي قال ابن عباس “هادي المؤمنين لنورِ الإيمان” يعني الله هادي الملائكة سكان السموات لنور الإيمان وهادي المؤمنين في الأرض من الإنس والجن لنور الإيمان، بعبارة أخرى مختصَرة يكون معنى الآية {اللهُ نورُ السمواتِ والأرض}-سورة النور/35- اللهُ هادي المؤمنين لنورِ الإيمان، هذا التفسير أحسن من الأول إسنادُه ثبتَ عن عبد الله بن عباس وهو من حيثُ القوة هو الأول، فكلاهما لا بأس بهما.
فالحاصل مَن اعتقد أنّ اللهَ ضوء أو أنّ هذا البرق الذي يحصل هو أجزاء من الله أو الله يشبهُها هذا ليس من المسلمين، فالذي يعتقد أنّ اللهَ كتلة نورانية وقطع قطعةً من ذاتِه وقال لها كوني محمدًا فكانت محمدًا هذا ليس من المسلمين.
الله قال في ذم الكفار {وجعلوا له منْ عبادِه جزءًا}-سورة الزخرف/15- الله يردّ على الذين يعتقدون أنّ اللهَ جسم ولا أجزاء، الذين قالوا الله له ولد اعتبروا أنّ الله والعياذ بالله له ولد، الله كذّبَهم عاب عليهم ذمّهم كفّرهم قال {وجعلوا له منْ عبادِه جزءًا}-سورة الزخرف/15-
وسيّدُنا الحسين بن علي رضي الله عنهما قال “نوَحِّدُه ولا نُبَعِّضُه” أي لا نقول ولا نعتقد بأنه يقبل التجزّء لأنّ الجسمَ هو الذي يقبل التجزّء، الجسد الجسم المرَكَّب هو الذي يقبَل الانقسام، كلُّ جسمٍ مركَّب من جوهرين فردين وما فوق يقبل الانقسام، اللهُ تعالى خالق الأجسام فليس جسمًا فلا يقبل الانقسام ولا التجزّء لأنه ليس كمثلِه شىء.
فالجالس على العرش يتبعّض والقاعد في السماء يتبعّض ويتجزأ واللهُ ليس قاعدًا في السموات وليس جالسًا على العرش فلا يقبل التجزّء والانقسام، {فلا تضربوا لله الأمثال}-سورة النحل/74-
فهذا الذي يعتقد أنّ اللهَ قطعة نورانية وقطع قطعةً من ذاتِه وقال لها كوني محمدًا فكانت محمدًا هذا ليس من المسلمين.
سيِّدُنا وإمامُنا وقدوتُنا الشافعي أمدّنا اللهُ بمدَدِه ورضي عنه ونفعنا ببركاته وأسرارِه وأنوارِه وخيراتِه وثبّتَنا على حبِّه وعلى مذهبِه هذا الإمام العظيم الكبير رضي الله عنه يقول “المجسّمُ كافر”
إذًا هذا مثالٌ آخر، مَن اعتقد أنّ اللهَ جسم ويتجزّأ غيم ضوء ظلام روح له روح يُشبه الأرواح هذا ليس من المسلمين، فهذا مثال عن بعض مَن يظنّونَ في أنفسِهم القرآن ثم يأتون ويقرأون القرآنَ على زعمِهم، لا يصح منهم وليس لهم ثواب وأجر ولا خير ولا بركة ولا نور ولا أسرار ولا رحمات ولا فتوحات ولا ضياء.
هذا الصحابي الجليل الإمام العظيم أنس بنُ مالك رضي الله عنه وأرضاه خادم الرسول صلى الله عليه وسلم خدم الرسول عشر سنوات قال أنس “رُبَّ تالٍ للقرآنِ والقرآنُ يلعنُه”
ليست العبرة بمجرد التلاوة وحدَها، هل تعرفون أنّ بعض مَن يشتغل بالمحاماة من غير المسلمين نصارى يهود وغيرُهم ليَتقَوَّوا في المرافعات والاستشهادات النحوية واللغوية يحفظونَ سورًا من القرآن؟ ويحفظون آيات من القرآن؟
بل بعض الرهبان والخوارنة والحاخامات يحفظون الكثير من آيات القرآن، بل وُجِدَ فيهم مَن حفظَ كل القرآن، “رُبَّ تالٍ للقرآنِ والقرآنُ يلعنُه”
أليس من الناس مَن يكون القرآن حجة عليهم يوم القيامة وهم يتلون القرآن؟ مثل أولئك الذين يقفون ويبكون ويختمون القرآن بالتراويح عند الكعبة وهم يشبّهون اللهَ بخلقِه يحقِّر الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول لا ينفع بعد موتِه ولا يُتوسَّل به ولا يُستغاث ومَنْ توسّلَ به أو استغاث أو توسّل بالأنبياء أو قال يا رفاعي يا جيلاني قال هذا مشرك حلال الدم، هؤلاء منهم مَن يختم القرآن في التراويح مقابل مقام إبراهيم وماذا ينفعُه إذا كان على هذه العقيدة الفاسدة الكاسدة من تكفير المسلمين ويعتقد أنّ النبيّ لا نفعَ فيه بعد موتِه ومنهم مَن يعتقد أنّ اللهَ جسم قاعد على العرش وجالس، واحد منهم له شهرة هذا شهرة يقرأ القرآن وله محطة تلفزيونية أليس في موقع له يقول الله هنا فوق العرش هنا العرش فوق العالم والله فوق العرش وعمل إشارة بيديه وقال أكبر من العرش؟
هذا العفاسي المقرىء، لا تُؤخَذوا بمجرد الأنغام ولا بمجرد الصوت الجميل ولا بمجرد تلاوة وحفظ القرآن، ثم هو في السي في الخاص به يقول أنه تخرج من جامعة الوهابية ويقول عن ابن تيمية شيخ الإسلام ويقول بعقيدة الوهابية وموضوع التجسيم والاستغاثة والتوسل والتبرك، صوتُه الجميل ماذا ينفعُه؟
كم يوجد كفَرة ومشركون ووثنيون وهندوسيون وسيخ ويهود ونصارى وأصواتهم جميلة لكن هل العبرة بمجرد الصوت؟ لا والله، من قال العبرة بمجرد الصوت؟
هذا الإمام السيد الأستاذ الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يقول “ربَّ تالٍ للقرآن والقرآنُ يلعنُه”
كم من الناس يؤخذون بهذا السديس أين هو الآن؟ ادخلوا على النت واعملوا بحث على ما نشرته بعض وكالات الأخبار السعودية ليست الأقنية والمحطات المُعادية له بل السعودية نشرت في مواقع التواصل وفي بعض نشرات الأخبار لأجل الملايين التي حوّلها باسمِه إلى سويسرا وكانت تُدفَع لأجلِ عمارة المسجد الحرام، انظروا إلى الملايين التي بلعها وإلى القصور التي كان يعيش فيها على حساب الأيتام والأرامل على حساب الوقف وأكل أموال المسجد الحرام وأموال الكعبة الشريفة، هؤلاء كنتم تبكون عندما تسمعونَهم أين هم الآن؟ ماذا يفعلون الآن وفي أي سجون هم الآن؟ اذهبوا وانظروا كيف هم تحت الإقامة الجبرية وكيف يُحقَّق معهم؟
مجرد الصوت الجميل ماذا يفعل؟ إذا كان جبار طاغية يأكل أموال الكعبة والمسجد الحرام ويأكل أموال الوقف وأموال الضعفاء والفقراء والمهجرين في البلاد، والبلاد المنكوبة يعملون أنفسهم مشايخ الزمان وهم على هذه الشاكلة فجرة بثياب مشايخ، جرافات أموال ويقفون يقرأون ويَبكون ويُبكونَ الناس، مَن قال العبرة بمجرد الصوت الجميل أو حتى بحفظ القرآن؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الخوارج- وهذا في البخاري ومسلم وعند أبي داود وفي النسائي في البيهقي في ابن حبان- [يخرجُ قومٌ حُدَثاءُ الأسنان سفَهاءُ الأحلام يقولون من قول خير البرية يقرأونَ القرآنَ لا يُجاوزُ تراقيَهم –لا يصل إلى قلوبِهم- يمرُقونَ من الدين مروقَ السهمِ من الرميّة ثم لا يعودونَ فيه لَئِنْ أدرَكتُهم لأقتُلنّهم قتلَ عاد] وفي رواية [قتل ثمود] [هم شرُّ الخلقِ والخليقة] وهم يحفظون القرآن ويقرأونَه ويتهجدون الليلَ كله إلى الفجر بزعمِهم ويُصبِحُ الواحدُ منهم صائمًا بزعمِه [هم أبغضُ الخلقِ إلى الله إذا مرضوا فلا تعودوهم وإذا ماتوا فلا تشهدوا جنائزَهم] كل هذا الكلام في الخوارج كانوا يحفظون القرآن كلّه عن ظهر قلب ويختمونَه من الليل إلى الفجر ويصومون ويصلون على زعمِهم تهجّدًا ونافلةً، انظروا إلى الأوصاف التي وصفهَم بها رسول الله.
اليوم بعض الذين يقرأون مثل بعض الممثلين والمهرجين يحكي سبع وعشرين ساعة ولا يتعب.
هذا دليل من سيّد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم على أنّ من الناس مَن يحفظ القرآن ويقرأه ويبكي عند تلاوتِه ويقوم كل الليل بقراءة القرآن وانظروا ماذا قال عنهم الرسول.
إذًا الشرط الأول لقارىء القرآن لحصول الأجر والمضاعفة والخير والثواب والبركة الإسلام.
العبرة بواقع الحال أي يكونون عند الله مسلمين ليس بالبطاقة والهوية يعمل نفسه مسلم ليحصل على مركز سياسي ومنصب دنيوي وهذا المنصب بالروتين القانوني الإداري يكونُ محسوبًا على المسلمين، هذا لا عبرةَ به، يكونُ مسلمًا حقيقةً متجنِّبًا الكفريات خالصًا من الكفريات ليس واقعًا في كفرية واحدة، هذا الشرط الاول.
ثم أنْ يكونَ أخذ القرآن بالتلقي، أما أن يقرأ القرآن وحدَه من دونِ أنْ يكونَ أخذه بالتلقي ويحرّف ويغيّر ويبدّل ويزوّر ويأكل حروفًا هذا ليس له ثواب بل عليه معصية.
والدليل قول الله تعالى {يتلونَه حقّ تلاوتِه}سورة البقرة/121-
روى البخاري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [إنّ جبريلَ كان يُعارِضُني القرآنَ كلَّ عامٍ مرة وإنه عارضَني القرآنَ العامَ مرتين] يعارضُني يدارسُني، يعني النبي محمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق وأعلم خلق الله كان له معلّم وأخذ القرآنَ بالتلقي، الدليل من القرآن {علّمَه شديدُ القُوى}-سورة النجم/5- جبريلُ علّم محمدًا عليهما السلام.
إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يا أخي مَن أنتَ ومن أنا؟ يا أختي من أنتِ ومن أنا؟ يا إخواني مَن أنتم ومَن أنا أمام رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الرسولُ له معلم كيف يجترىء الواحد منا على كتاب الله فيأتي يحرّف ويغيّر لأنه اعتاد كل ثلاثة أشهر أنْ يعملَ ختمة.
الله يقول في القرآن {يتلونَه حقّ تلاوتِه}-سورة البقرة/121- يعني بالتلقي، وبعد التلقي أنت تقرأه قراءة صحيحة لأنّه إذا كان الشيخ والأستاذ قرّأكَ قراءة صحيحة وأنت ما حافظتَ على القراءة الصحيحة وتغيّر وتبدّل لا أجر لك بل عليك وزر، كتابُ اللهِ أعزّ كتابٍ على المسلم، يجب أنْ يُتأدّبَ معه وأن يُحترَم في كل الأحوال.
إذا كنت أخذت سورة الإخلاص بالتلقي وقرأتها قراءة صحيحة ثلاث مرات لك ثواب يشبه ثواب من قرأ كلّ القرآن، إذا قرأتها ألف مرة كل يوم في رمضان كم لك من الأجر؟ بدل أنْ تقرأ القرآن وتحرّف وتغيّر وتبدّل وتزوّر وتزيد وتُنقص ويكون عليك وزر ومعصية وتقع في الحرام تكون أذيتَ نفسك ضرّيْتَ نفسَك عصيتَ اللهَ تعالى.
بعض الناس يقرأ ويحرّف ويُنصَح ولا يقبل. واحد مرة وقف إمامًا وهو يضع وجبة يعني كبير مسن لا يتمكن من إخراج الحروف من مخارجها والحروف لا تنضبط معه ومصرّ يقف إمام، حرف بدل أنْ يقول بسم الله قال بشم الله.
لو الولد عمره عشر سنوات وقراءته صحيحة أنا أضعه إماما وأصلي خلفه، لكنْ تقف إمامًا بالقوة على ذوقك وتحرّف وتغيّر وتبدّل؟
واحد أخر قرأ “كَذّبَ موسى” بدل أن يقرأ “كُذِّبَ موسى” لا بد من العلم، {فريقٌ في الجنة وفريق في السعير}-سورة الشورى/7- قرأها وفريقٌ في الشعير.
كمن يقول في الصلاة “السلام علينا وعلى عباد الله السالحين” أعوذ بالله حرّف وغيّر المعنى، بعض الناس ذكر لا يعرفونه ولا يُحسنونَه لا زال يقول اللا واللا عبد اللا، هذا تحريف، أين الأدب مع اسم الله أين الأدب مع شريعة الله؟ أين تعظيم بسم الله؟ وبكل تحريفة واحد لاسم الله عليك معصية.
مثل الذي قاعد يذكر على زعمه ويقرأ الأذكار والتسبيحات بعد الصلاة مع التحريف وبكل تحريفة عليك وزر، قل مرة واحدة صحيحة موافقة للشرع مخلصًا لله الله الحمد لله سبحان الله الله أكبر أستغفرُ الله، اللهم صلِّ على محمد، بكل واحدة تحصل على ما لا يحصيه من البركات إلا الله، ألفاظ صحيحة مخلصًا لله وعلى وفق الشرع الشريف.
إلى الآن مشايخ مع لفات ويطلعون على المنابر ومنهم عاملين مشايخ حضرات وزوايا لا يعرف أنْ يذكر اسمَ الله.
استحِ على نفسِك يا جاهل ولا تحرّف اسم الله العظيم المبارك، أين الأدب مع الله؟ أين الوقوف عند حد الشرع وعند حد الأدب مع الشرع الشريف؟ أين الأدب مع أسماء الله الحسنى؟
بعض الناس لا يعرفون الذكر فكيف إذا فتحوا القرآن وقرأوا؟
مرة واحدًا تاجرًا غنيًّا مقاولًا جاء ليرينا نفسهَ أنه يحفظ القرآن وصار يفسّر وكنا صغارًا لكن أخذنا عن العلماء وعن شيخِنا شيخ العلماء في هذا العصر، فصار هذا الرجل يتكلم وينفخ نفسه على الناس الجالسين فسألته سؤالًا أنت كيف تتجرأ وتفسر القرآن وأنت تحرّف القرآن وأنت لم تأخذه ولا التفسير بالتلقي؟
قال لي أنت لست عربيا؟ قلت بلى، قال القرآن عربي افتح وفسّر، قلتُ له قبل أنْ تفتح قل لي ماذا يعني القرآن؟ ما عرف جوابًا خرس سكتَ.
إذا كان المعنى اللغوي ما عرفه والمعنى الشرعي والاصطلاحي ما عرفه كيف يفسر القرآن؟
بعض الناس إلى الآن لا يعرفون الأدب مع أسماء الله الحسنى كيف يقرأون القرآن؟
الشرط الأول الإسلام / الشرط الثاني التلَقي/ الشرط الثالث الإخلاص
هنا بكل حرف تقرأُه لك عشر حسنات وقد تُضاعَف الحسنة إلى مائة ألف ضعف، فإذا كان الاشتغال بالإكثارمن ذكر الموت لا يشغلُك عن القرآن ولا عن البر والطاعات فأكثِر وإنْ كان يشغلُك فاستحضر الموت واعمل للآخرة من غير أنْ تنقطع عن القرآن ولا عن أعمال البر والخيرات والطاعات.
غدًا إن شاء الله نكمل
والحمد لله رب العالمين