الخميس مارس 28, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -84

 

            انظر إلى حقيقة الدينا –المشايخ والأغنياء لا تتركوا الفقراء

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدِنا محمد طه النبيِّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد ولا ندّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيه ولا مثيل له ولا جسمَ ولا حجم ولا جسد ولا جثةَ له ولا صورة ولا أعضاء ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أين ولا جهةَ ولا حيّز ولا مكان له كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان وهو الآن على ما عليه كان، فلا تضربوا لله الأمثال، ولله المثل الأعلى، تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركةِ والسكون وعن الاتصال والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحلُّ فيه شىء ولا يحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثلِه شىء.

مهما تصورتَ ببالك فالله لا يشبه ذلك ومَنْ وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر.

وأشهد أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبارك وعظّم، ورضي الله عن جميع الأولياء والصالحين

 

*قال مولانا الشيخ الإمام الهرري رضي الله عنه: الدنيا لما تُسَبّ المرادُ من ذلك ما يُلهي من أمورِ الدنيا عن طاعةِ الله. ورد عن بعضِ السلف “الدنيا جيفةٌ وطلابُها كلاب” ليس حديثًا ويجوزُ روايتُه.

)عندنا هنا فائدة، يبيّنُ لنا رحمه اللهُ رحمةً واسعة وغفر اللهُ له ولنا وجمعنا معه مع كلّ الأولياء والصالحين والأهل المؤمنين والأحبة المسلمين تحت لواء سيدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفي الفردوس الأعلى، يبيّن لنا رحمه الله أنّ الدنيا لمّا تُسَب المراد من ذلك الأمور القبيحة المُلهِية عن طاعة الله عز وجل وإلا فإذا أردْنا أن نقولَ هذه الدنيا هي هذه الأرض والجبال والبحار والأنهار والأشجار وما شابه فهذه الأشياء ليست مكلّفة، هي بحدِّ ذاتِها ما فعلَتْ شيئًا ولا هي مكلفة وليس عليها مسؤولية وليس عليها تكليف، إنما الأمور المذمومة والقبيحة والتي يتتبّعُها بعض الناس  ويعملُها البعض فهذه الأمور إنْ كانت محرّمة أو كفرية أو خبيثة أو مُلهية عن الخير وعن طاعة الله فهذه الأشياء هي المذمومة، والمقصود بذمّ الدنيا ذمّ هذه الأشياء التي ذكرْناها.

والعاقل الذكي الفطن المتَدبّر هو الذي يعرف كيف يغتنم هذه الحياة وهذا العمر وهذه الفرصة في هذه الدنيا فيجمع من الدنيا للآخرة ويعمل في الدنيا للآخرة ويتزوّد من الدنيا للآخرة بتقوى الله لأنّ اللهَ قال {وتزوّدوا فإنّ خيرَ الزادِ التقوى}[البقرة/١٩٧]

أما إذا تتبّعَ الإنسانُ الأمور التي تشغلُه عن طاعةِ الله تشغلُه عن الواجبات عن العلم عن الصلاة عن صلة الرحم، أو المال ينشغل به يعمل ويشتغل في الليل والنهار وربما يسافر لأجلِ أنْ يجمعَ المال بقصدٍ خبيث للتكبّرِ مثلًا أو ليصرف هذا المال في الزنا أو شرب الخمر أو في ما فيه ظلمٌ للعباد، فهذا يكون هو تبِعَ وتتبّعَ وانشغَلَ بما يُلهي عن طاعةِ الله وبما يُوقِع في المنكرات والمحرمات والموبِقات والمعاصي.

فبعضُ الناس يجمعون المال بنيةٍ خبيثة بقصدٍ فاسد لأجل الدنيا، لا يجمعونَ المال بقصدٍ حسَن ولا بنيةٍ صالحة لينصروا به الإسلام لينصروا به الدين، لا يجمعونَ المال ليُصرَف على غير المسلمين لإدخالِهم في الإسلام، إذا أُعطوا من هذا المال قد يُسلِموا وهذا حصل وله أمثلةٌ عديدة.

وقد تكلّمْنا فيما مضى أنّ سليمان عليه السلام وأيوب عليه السلام كان مِن جملةِ ما يصرِفان المال فيه إدخال الكفار في الإسلام بإطعامِهم، بإعطائِهم هذا المال.

واليوم في هذا العصر ربما في بعض البلاد لو أعطيتَ الناس شيئًا من اللباس شيئًا من الطعام، ليس شرطًا أنْ تعطيه عملة نقدية في يدِه، لو أعطيتَه كساءً قميصًا سروالًا أو شيئًا من الطعام أخذتَ له طعامًا قد يُسلم بسب إحسانِك له.

فبعضُ الناس بدلَ أنْ يجمعوا المال فيما ينفع ويخدم الدين والإسلام والدعوة وبما فيه صلةٌ للرحم وتأمين النفقة الواجبة ومساعدة الفقراء وهذا جهادٌ عظيم، هذا العمل على جمع المال بهذه النية هذا ثوابٌ عظيم وبركة وخير ونور وأجر، وهذا التعب الذي يتعبُه هذا المسلم التاجر أو هذا المسلم العالم لجمعِ المال بهذه النية ثوابُه عظيمٌ عند الله عز وجل.

لكنْ الكثير من الناس همُّهم في جمعِ المال ليس هذا، همُّهم في جمعِ المال أمور فاسدة وللاستعلاء على عباد الله.

بعض الناس مثلًا يريد أنْ يبنيَ قصرًا أو بيتًا فخمًا ضخمًا غاليًا بقصد التكبّر والاستعلاء على عباد الله هذا من الكبائر.

تصورّوا الإنسان إذا لبِسَ قميصًا أو سروالًا أو ركبَ سيارة وكان قصدُه التكبّر والاستعلاء على عباد الله هذا من الكبائر.

الرسول صلى الله عليه وسلم حذّرَنا من التكبّر وبيَّن لنا أنّ المتكبّرين يُحشَرون يومَ القيامة كهيئة النمل الصغير لكنْ بصورة الإنسان ويطؤُهم الناسُ بأقدامِهم إذلالًا لهم على تكبّرِهم في الدنيا.

انظروا سبحان الله هذا الجزاء الذي يُجازَوْهُ في القيامة يكادُ مناسبًا تمامًا لما فعلوه، هم ماذا فعلوا؟ التكبّر الانتفاخ الاستعلاء على عباد الله، في القيامة الله ينتقم منهم يحشرُهم بهيئة الذر بصوَرِ بني آدم والناس يطؤونَهم بأقدامِهم، هذا إذلالًا لهم على تكبّرِهم على عباد الله في الدنيا.

بعض الناس يجمع المال بقصدِ أنْ يصرفَه في القمار أو على الزانيات أو أنْ يجمعَ شبابًا حولَه يقول لهذا اضرب فلان أنت قف في الشارع سبَّ فلان، يعني يصرف المال في الظلم أو ربما على تهيئة جماعة أو عصابة للسرقة أو لترويجِ الأمور الضارة المؤذية للعباد للبلاد التي تُخرّب وتُفسد كالقمار والزنا والمخدِّرات وما يسمى الإتجار بأعضاء البشر على زعمِهم، يخطفون الأولاد أو الكبار ثم يقتلونَهم ثم على زعمِهم يبيعونَ هذه الأعضاء، وهذا ظلمٌ وكبيرةٌ وفسقٌ وفجورٌ وخبثٌ وملعنة، هذا ظالمٌ خبيثٌ ملعون وهذا أصلًا عملٌ باطل إنْ كان طريقة الخطف وإنْ كان القتل وهذا أشد ثم بعد القتل أخذ أعضاء من هذا المقتول الصبي الصغير المرأة الرجل الكبير، كل هذا فسقٌ وفجور، فهو يصل إلى هذا بالمال يقول أريد أنْ أغنى، يجمع المال  ثم يصرفُه في الحرام ليَغنى بالحرام، هذا من الأسباب ومن الواسائل التي ينشغل بها الناس في الدنيا عن طاعة الله والعبادة والواجبات عن الصلاة المفروضة.

بعض الناس في الدنيا ضيّعوا الفرائض وصاروا مُنغَمِسين في المحرمات وفي الملاهي المحرمة، صاروا غارقين في الأمور الفاسدة التي تعودُ بالحسرة والنكد على مَنْ فعلها أو قام بها والعياذ بالله.

لذلك يا إخواني ويا أخواتي الدنيا مذمومة من هذه الناحية يعني الأمور التي تُلهي عن طاعة الله تجر إلى الحرام تسوق إلى المنكرات إلى الفساد إلى الفجور إلى المنكرات إلى المُهلِكات، هذا معنى ما قاله الشيخُ رحمه الله، يعني الدنيا لما تسَبّ وتُذم هذا المراد، المراد ما يجرّ إلى المنكرات والمحرّمات وما يُلهي عن الفرائض والعبادات، وإلا مثلًا هذه السيارة هل هي مكلفة؟ لا، هذا القميص هل هو مكلف؟ لا، الخاتم؟ لا…..بعض الناس هم يفعلون المنكرات وإلا فهذه الجمادات التي ذكرْناها ليس عليها مسؤولية ولا تدخل النار يوم القيامة ولا تدخل الجنة إنما الله يُفنيها.

أما الشمسُ والقمر يُلَفّانِ ويُرمَيانِ في جهنم ليس تعذيبًا لهما بل إهانةً لمنْ عبدَهما في الدنيا وإلا فهذا الجبل ليس مكلفًا ليس عليه مسؤولية ولا حساب ولا مؤاخذة والسيارة والساعة وأثاث البيت الذي عندكَ والمتجر والبضاعة، هذه أمور ليس عليها مسؤوليات أما أنت المكلف وأنت الذي عليك المسؤولية، فإذًا انتبهوا، الإنسان الذي ينجرف إلى هذه الأمور وإلى هذه المنكرات والموبقات والمحرمات والملهيات هو مذمومٌ وعملُه مذموم(

 

*وقال الشيخ رحمه الله: ورد عن بعض السلف “الدينا جيفة وطلابُها كلاب” هذا ليس حديثًا –يعني ليس مرفوعًا- ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ويجوزُ روايتُه.

)هنا المراد بقولِهم “الدنيا جيفة” يعني تشبيه مثلًا عندما يموت الخروف ثم ينتفخ ويُجَيِّف ويُعَفِّن ويخرج منه الدود أي حالٍ هذا؟ هذه الجيفة مَن الذي يأتي إليها ومن الذي يأكلُ منها؟ ومن الذي يجتمع عليها؟ الكلاب والحشرات وأحيانًا المؤذية  المضِرة الضباع وهكذا.. هذا تشبيهٌ للدنيا بالجيفة.

أليس ورد أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام كان مع بعض أتباعِه فرأوْا جيفةَ كلبٍ فصار بعضُ التلاميذ يقول ما أشدَّ رائحة هذا الكلب ما أشد كذا!!! وعيسى عليه السلام قال لهم: ما أشدَّ بياضَ أسنانِه، فسألوه لماذا قلتَ هذا: قال لأعَوّد لساني على الكلام الحسن.

هو عليه السلام مُتعوِّدٌ على الكلام الحسَن ونشأ على الكلام الحسن وعلى الخير والفضل والبركة والمعالي والمكارم لكنْ هو يُعلّمُهم أنْ يشغلوا ألسنَتهم بما ينفع وبما يعود عليهم بالفائدة، يعني بدل أنْ يشغلَ الواحد لسانَه بنُتنِ رائحةِ هذا الكلب يشتغل بالعبَر بالاتّعاظ بالعبارات التي تُذكّرُه بالآخرة وتنفعُه بالآخرة.

وتعرفون الجيفة كالخروف مثلًا الذي يختنق فيموت، كالدجاجة التي تصير جيفة عفّنَت دوّدَت جيّفَت وتُلقى في المزابل، انظروا هذا التشبيه للدنيا بالجيَف، من الذي يأكل هذه الجيف؟ الكلاب الضباع الحشرات والمفترسات والبهائم، هذه حقيقة الدنيا.

فإذا أردتَ أنْ تعتبر وترى حقيقةَ الدنيا إلى أيّ شىءٍ تصير انظر إلى هذه المزابل وإلى هذه الجيَف كيف كانت قبل أنْ تصيرَ في المزابل، والجيَف قبل أنْ تصل إلى هذه الحالة، بعض الخرفان يكون جميل الشكل ويكون عند الناس محبوبًا يفرحونَ به يلعبونَ معه، إذا مات وجيّف يُلقونَه في المزابل.

انظروا إلى المزبلة كيف صارت مزبلة؟ كيف اجتمعت فيها القاذورات؟

هذه الأغراض التي كان الناس يتنافسون عليها قبل أنْ تصير مزابل وقبل أنْ تصير محطمة وسِخةً تالفةً خرِبةً، مثل الثياب التي بعضُها غالٍ جدا بعض الناس لا يلبسون إلا ماركة، بعض الناس هكذا. لنرى هذه الأشياء التي أنتم تتنافسون عليها وتضَيّعون أعمارَكم وآجالَكم وأنفاسَكم فيها، البيت مثلًا كم يشتغلون ويعملون ليجمعوا مالًا ليحصّلوا بيتًا؟ إنْ حصّلوا، انظروا إليه بعد أنْ يقع بعد أن يتهدّم، انظر إلى متفجرة المرفأ وإلى البيوت الفخمة الغالية التي كانت تحت، بعض الناس أجار لا يستطيعون أنْ يستأجروا تحت، أسعار باهظة ومرتفعة جدا.

بلغني أنّ الشقة الواحدة كانت قبل عشر سنوات طلع بناءً تحت كان سعر الشقة الواحدة فيها 8 مليون دولار، اليوم أغلى.

يمكن يصير فيك وببيتك وبأولادك وبي كما صار بهؤلاء الناس الذين كانوا في مرفأ بيروت وفي المدينة، بلحظة واحدة كله قد ينزل على رؤوسِنا.

كم صرفتَ وقتًا ومن عمرِكَ ومالًا لجمعت واشتريت؟ بلحظة تهدّم، صار خرابًا دمارًا مرعبًا مُفزِعًا مخيفًا، هذه حقيقةُ الدنيا.

مَن أرادَ أنْ ينظر إلى حقيقة الدنيا والقصور والأبنية الفخمة ليذهب إلى مرفأ بيروت وما حولَه، لينظر إلى مدينة بيروت من بعد الحرب كيف كانت مأوى للكلاب والجرذان والفئران والأفاعي والحشرات والصراصير والعقارب، مأوى للشياطين والعفاريت، هذه بيروت التي كانوا على زعمِهم في السبعينات يتغنَّوْنَ بها ويقولون سويسرا الشرق، سويسرا الشرق أو سويسرا الغرب انظروا إليها بعد أنْ تخرب بعد أنْ تتدمر، البناية والقصر يصيران مزبلة مأوى للجرذان وكلاب والفئران والحشرات، هذا الذي كان بملايين الدولارات.

مَن كان يريد أنْ ينظر إلى حقيقة الدنيا لو نزلَ إلى مكبات النفايات في النورمندي ببيروت، ويقف على المزابل.

 فستان بنتك في عرسِها اشتريته لها بمائة ألف دولار وأكثر، بعضهم اشتراه بمليون دولار، زيّنه بالأحجار الكريمة والماس والذهب واللآلىء، لأجل ليلة، بعدها هذا الثوب يتهرّأ يتعفّن يتّسخ يتآكل والمجوهرات تضيع تخرب تُسرَق.

السيارة مثلا، حادث سير انظر إليها بعد أنْ تتحطّم.

الفساتين الثياب القمصان أثاث البيت لما يخرب ويعفّن يرميهم في الزبالة، لو كان طقم الكنبايات ب60 ألف دولار صار محله المزابل، هذه حقيقة الدنيا.

فمن أراد أنْ يعرف حقيقة الدنيا لينظر إلى المزابل، لينظر إلى الجيَف.

الدنيا جيفة وطلابها كلاب، كلاب تأتي للتشبيه وتُطَبَّق على طلاب الدنيا الذين فسقوا وفجروا وظلموا وضيّعوا الفرائض والواجبات ووقعوا في المُهلكات الموبقات، هذا إنْ قيل فيهم كلاب فهذا مِنْ باب التحذير والتنبيه والتهديد والوعيد ومن باب أنْ ينتبه إلى نفسِه فيتوب إلى الله.

أما لو أنّ إنسانًا جمع بين الدنيا والآخرة، هو من الأغنياء وماله بالحلال وتجارتُه بالحلال والمال الكثير الذي عنده لا يشغلُه عن الفرائض لا يضيّع الواجبات ولا أمور الدين بسبب كثرة المال الذي عنده بل يصل به الرحم يعطي الدعوة يساعد الجمعية يعطي الفقراء والمحتاجين الأيتام الأرامل يصل أرحامه يساعد ببناء مسجد ومدرسة وجامعة، هذا له أجرٌ عظيم ونحن مهم أنْ يكونَ عندَنا بين المسلمين أغنياء وأنْ يجمعوا بنيةٍ حسنة وأن يصرفوا في وجوهِ البر والخير.

ذكرْنا قبل الآن أنّ الأنبياء والأولياء كان يغلب عليهم الفقر لكنْ كان فيهم أغنياء وكانوا يصرفون هذا المال في وجوه البر والخير، فلما يكون بين المسلمين أغنياء ومقاولين وتجار وأصحاب رؤوس أموال هذا مهم لكنْ في نفس الوقت أنْ يحافظوا على الدين على الواجبات والفرائض والعلم وأنْ يساعدوا ويُؤَيّدوا لأنّ فرق الضلالة وجماعات الفساد والمشبهة والمجسمة والذين أفسدوا وخرّبوا ونشروا الجهل في الأرض لهم دول تدعمُهم،  لهم مؤسسات لهم سفارات لهم مرجعيات دولية تُغدِق عليهم الأموال فتحَت لهم أبوابًا وأقنيةً بل مدّت لهم كما يقال أنهارًا من الأموال، لنشر الفساد، بالمقابل أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتريدية أليسوا بحاجة لمن يساعدهم؟ بلى، أليسوا من شدةِ العوَز صاروا كاليتيمِ الذي لا كافلَ له؟

فهم أشد حاجةً وأشد فاقةً ليُساعَدوا لنشرِ الإيمان التوحيد والتنزيه لمحاربة التشبيه والتجسيم بالعلم بالأدلة والبراهين العلمية.

أغنياءُ الصحابةِ الكرام كم فعلوا من البر والخير؟ كم كان يفرح بهم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ كم كان يدعو لهم وكم كان يُسَرّ بعملهم؟

مثلًا سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي اشترى بئر رومة وسبّلَها وجهّزَ جيشَ العُسرة وتبرّع بقافلتِه الآتية من الشام بأحمالِها وأحلاسِها، مرة الرسولُ صلى الله عليه وسلم كان على المنبر قال [اللهم إني راضٍ عن عثمان فارضَ عنه] بعدما كان يتبرع هذه التبرعات الضخمة الكبيرة التي لا يقدر عليها كل أحد، الرسول صلى الله عليه وسلم فرِحَ به وقال [ما على عثمان لو أقبل أو أدبرَ بعد هذه] –يعني بعدما تصدّقَ به جهّزَ جيشًا وأنفقَ الكثير في سبيل الله، قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم [ألا أستحي ممّن تستحي منه الملائكة] يعني الملائكة يتواضعون لعثمان ويحبونه ويدعونَ له ويستغفرونَ له، يستحونَ منه يتواضعون له.

هذا عثمان كيف نال هذه البشائر؟ بما قدّم في سبيل الله، أبو بكر الصديق أنفقَ كلَّ ما كان عندَه من أموال وكان مِنْ أغنى الصحابة.

عمر رضي الله عنه وفلان وفلان كثير من الصحابة أنفقوا أموالًا طائلة في سبيل الله، لولا أنهم أغنياء كيف كانوا نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم؟

أبو بكر كم اشترى من الأرِقّاءِ والعبيد الذين كانوا يُعذَّبونَ في اللهِ تعالى –لأنهم أسلموا كانوا يُعذّبون- هو يشتريهم يُعتِقُهم لله تعالى، هذا أبو بكر أنفقَ أموالَه على نصرةِ الإسلام على حفظ الرسول وتأييد الرسول ونصرةِ الرسول صلى الله عليه وسلم.

مهم أنْ يكونَ بين المسلمين أغنياء وأثرياء وأنْ يكونَ فيهم مِنْ كبار أصحاب رؤوس الأموال الدولية لأجلِ أنْ لا يتركوا الفقير يموت في الطريق، لأجلِ أنْ لا يتركوا الكفار يسْتَميلوا الفقراء بالمال والطعام إلى الكفر فيُخرِجونَهم من الإسلام.

أليس بلغَكم وسمعتم أنّ كثيرًا من العائلات الفقيرة تركت الإسلام لأنه هاجروا إلى بلاد غير مسلمة فقدّموا لهم الطعام والشراب فهؤلاء كفروا تركوا الإسلام والعياذ بالله، انقلبوا على أعقابِهم خاسرين، انقلبوا على أدبارِهم خاسئين تركوا الإسلام ولا عذرَ لهم لو ناموا في الشارع لو أكلوا الحشيش من البساتين والحدائق في الطريق، لو رآهم الناس لنزَلوا إليهم وقدّموا لهم الطعام والشراب واللباس والمسكن، كيف يتركونَ الإسلام؟ لا عذرَ لهم، ماذا سيفعلونَ في القيامة عندما يكون المسلم الفقير في الجنة وهم مع المال والطعام والشراب الذي حصّلوه وكفروا يكونون في جهنم.

إذًا عندما يكون هناك أغنياء يُنفقون على الفقراء يُعطونَ هذا الفقير فلا يتركون مجالًا لمؤسسات الكفر أنْ تجذِبَ وتجلُبَ الفقراء للكفر بإعطائهم المال لأجلِ أنْ يتركوا الإسلام فيخرجونَ من الإسلام إلى الكفر بسبب أنّ الكفارَ قدّموا لهم المال والمأوى والمسكن، حسبنا الله ونعم الوكيل.

قبل نحو ثلاث سنوات كنتُ في بلد من هذه البلاد بلغني في منطقة واحدة نحو ستة عشر عائلة تركت الإسلام، قدموا لهم المأوى والطعام والشراب واللباس فتركوا الإسلام.

مهم جدّا أنْ يكونَ بين المسلمين تجارًا وأصحاب رؤوس الأموال الدوليين لكنْ يجمع الإنسان بين الدنيا والآخرة، الدنيا تكون في يده يستعملها بما يرضي الله لا تشغلُه عن الدين والفرائض لا يتكبّر لا يتعجرف لا يزني بسبب هذا المال لا يشرب الخمر بهذا المال لا يلعب القمار لا يظلم لا يهتك أعراض الناس لا يتسلط على الفقراء بسبب مالِه، إنما هو يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات هذا يكون له خير عظيم ويبارَك له في مالِه وتجارتِه لأنّ هذه الصدقات والفرائض والواجبات إنْ استُعمِلَت فيها الأموال تصير سببًا للبركة.

ورد في الحديث [ما مِنْ يومٍ يُصبِحُ فيه العباد إلا وملَكانِ ينزِلانِ فيقولُ أحدُهما اللهم أعطِ مُنفقًا خلَفًا] الملَك يدعو له هذا الذي يُنفق يؤدي الزكاة يُعطي النفقة الواجبة يصل الأرحام ينصر الدين يساعد الدعوة يعطي هنا وهناك في وجوه البر والخير.

يعني يقول اللهم أخلِف عليه يدعو له بالخير والبركة، ويقول الملَك الآخر [اللهم أعطِ مُمْسِكًا تلَفًا]

الذي يُنفقُ أموالَه في سبيل الله في وجوه البر في الفرائض والنوافل كم له منَ الخيرات والبركات والأسرار والرحمات، بهذا المال أنت تستطيع أنْ تأتي بطالب إلى الكلية الشرعية في الجامعة فتصرف عليه، يمكن تأتي به من بلد فقير، تصرف عليه إلى أنْ يتخرج يكون صار أهلًا للتعليم والتدريس ونشرِ عقيدةِ أهلِ السنة والتوحيد والتنزيه والرد على المشبهة المجسمة الذين يموّهون على الناس ويعلّمونَهم الكفر ويقولون للناس الله قاعد في السماء على العرش، حاشى، أنت تعلّم هذا الطالب فيخرج بالدليل ويرد على هؤلاء المشبهة يقول لهم القاعد يحتاج إلى ما يقعد عليه والقاعد يكون هو نفسُه جسم فيكون جسم اتصل بجسمٍ آخر، والجسمُ لا يكونُ خالقًا للكون، الجسمُ لا يكونُ خالقًا للعالم ولا يكون أزليًّا، الجسمُ لا يكونُ إلا كميةً وكيفية، الجسمُ المركّب لا يكونُ إلا متغيّرًا مخلوقًا ضعيفًا عاجزًا، والقاعد يحتاج إلى ما يقعد عليه وهذه صفات الجالس وهذا كله مستحيل على الله، فوجبَ أنْ يُعتقدَ أنّ اللهَ ليس جسمًا وليس كميةً وليس كيفية وأنه منزّه عن القعود والجلوس لأنه قال في القرآن {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] وقال {فلا تضربوا لله الأمثال}[النحل/٧٤]

هذا الداعية إذا تخرجَ ورجع إلى بلدِه وصار ينشر بين الناس: الله موجودٌ بلا مكان الله ليس جسمًا الله منزه عن القعود والجلوس.

وأما الآية الكريمة {الرحمنُ على العرش استوى}[طه/٥] فليس معناها جلس وليس معناها قعد وليس معناها استقر وليس معناها حاذى، إنما معناها كما قالت الآية الثانية {وهو ربُّ العرشِ العظيم}[التوبة/١٢٩] كما قالت الآية الثالثة {وهو الواحدُ القهار}[الرعد/١٦]

 فهو قاهرٌ للعرش ولكل العالم متصرّفٌ بالعرش وفي كل العالم كما يريد قال تعالى في القرآن الكريم {فعّالٌ لما يريد}[هود/١٠٧]

إذا خرجَ هذا الداعية بسبب مالِك أنت صرفتَ وأنفقتَ عليه أعطيتَه ليبقى في هذه الكلية الشرعية في الجامعة العالمية، الجامعة التي تُخرّج الطلاب على مذهب أهل السنة والجماعة فيرجِعونَ جبالًا من العلم إلى بلادِهم أبطالًا يحمِلونَ لواءَ التوحيدِ والعقيدة ينشرونَ الإسلام في الدنيا وفي البلاد في مختلف البلاد، هذا من جملة الخير العظيم والفرض المؤكّد الواجب ومن جملة الجهاد بالمال لنشرِ الدين والعلم، هذا جهاد في الدين، جهاد لنشر العلم

 لذلك أنت تستطيع أنْ تأتيَ بطالبٍ فقير من دولةٍ فقيرة يقعد في الجامعة العالمية في الكلية الشرعية فيتخرّج يحمل لواء عقيدة أهل السنة والجماعة لواء الأشاعرة والماتريدية، هذا من الصدقة الجارية، تكون صرفْتَ مالَك أنفَقْتَ مِنْ مالِك في نشر الدين والإسلام ثم هذا الطالب صار شيخًا أستاذًا خطيبًا دكتورًا داعيةً في صحيفتِك، أنت أنفقْتَ ساعدتَ أعطيتَ قدّمت ضحّيتَ بذلْتَ.

قال صلى الله عليه وسلم [مَنْ جهّزَ غازيًا فقد غزا]

فأنتم أيها الأغنياء أيها الأثرياء لا تبخلوا على أنفسِكم ولا على قبورِكم، هذا المال الذي معكم أنتم نسّقوا مع الجمعية قولوا أنا أريد طالبًا يكون على نفقتي من البداية إلى أنْ يتخرج وأنت على حسب سَعة المال الذي عندك تقول أنا أريد عشرة، أريد خمسة، خمسةَ عشرَ طالبًا، كل واحد على استطاعتِه من واحد إلى ألف طالب، كل هذا يكونُ في صحائفِكم ولا تبخلوا صدّقوني قد أبناؤُكم لا يخطر لهم أنْ يترحّموا عليكم بعد موتِكم قد لا يعرفون أين تُدفَنون قد لا يصلّون عليكم صلاة الجنازة، أما هذا الطالب الذي تخرّجَ داعيةً إمامَ هدى يدعو إلى الخير في صحيفتِكم كلّما نشر الهدى والعلم والدين في الأرض يصل لكم لو كان بعد مائة سنة من موتِكم.

هذا مثال لأهميةِ وجود الأغنياء في المسلمين. إذًا تستطيع أنْ تجمعَ بين الدنيا والآخرة لا مانعَ من ذلك.

إذًا من هو الكلاب الذين ورد في الأثر عن بعض السلف ويقال قال علي رضي الله عنه وأرضاه [الدنيا جيفة وطلابُها كلاب] شُبّهوا بالكلاب للتحذير ولإيقاظِهم، بعض الناس يقولون هناك علاج بالصعق الكهربائي بالصدمة الكهربائية خاصة عند مَا يسمى بالأمراض العقلية والعصبية نسأل الله السلامة لنا ولكم.

هذا الغافل الساهي اللاهي الغارق في الدنيا ويقع في الكبائر ويضيّع الفرائض لما يسمع أنّ عليًّا أو بعض السلف قال [الدنيا جيفة وطلابها كلاب] وهو من طلاب الدنيا الفساق الذين ضيّعوا الفرائض وانهمكوا في الموبقات لما يسمع هذا الوصف ينطبق عليه قد يستيقظ ينتبه يفيق يندم، الله يتوب علينا ويغفر لنا.

هذا ذمٌّ لمَن هذا حالُه وليس لكل إنسان غنيّ أو ميسور أو عنده مال وتجارة بالحلال وهو يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات إنما هذا لمَنْ شرحنا وبيّنا حالُه ومَنْ هو وماذا يقول وكيف يفعل في الفسق والفجور بترك الواجبات والعياذ بالله تعالى.

قال الشيخ ليس حديثًا مرفوعًا لأنّ عند علماء المصطلح والرواية يقولون حديثٌ موقوف يصير المعنى هنا يعني هذا كلامٌ من قولِ صحابي موقوفٌ على الصحابي ليس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أنّه عند علماء المصطلح والحديث يُطلَق على الموقوف والمرفوع كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني لأنّ بعض المشبهة الجهلة الذين لا يفهمون بالدين ولا بالمصطلح ولا بالحديث أنكروا حديث عثمان بن حنيف الموقوف والمرفوع، القسم الأول المرفوع والثاني الذي هو مِن فعل عثمان بن حنيف مع الإنسان الذي كان يريد حاجة، فظنوا أنّ هذا الحديث موقوف على عثمان بن حنيف وليس من كلام الرسول في قولِه [إيتِ الميضأةَ وتوضّأ وصلِّ ركعتين ثم ادعُ بهؤلاء الكلمات اللهم إني أسألُكَ وأتوجّهُ إليك بنبيّنا محمدٍ نبيِّ الرحمة يا محمدُ إني أتوجّهُ بك إلى ربي في حاجتي لتُقضى لي] الطبراني  يقول والحديثُ صحيح، هنا والحديث يُطلَق على الموقوف والمرفوع كلاهما صحيح ولم يقصد القسم الأول فقط، يعني ما كان من كلام عثمان بن حنيف يقال له حديث وما كان من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له حديث ثم صحّح الكل، وهذا الحافظ الطبراني مات سنة 360 للهجرة يقول عن حديث التوسل والاستغاثة صحيح، القسم المرفوع والقسم الموقوف على عثمان بن حنيف.

فبعض المشبهة اليوم من أتباع ابن تيمية والألباني هؤلاء الدخلاء على علم المصطلح يقول هذا كلام عثمان بن حنيف ليس من كلام الرسول، مع أنّ لفظ الحديث عند العسقلاني يُطلَق على المرفوع وعلى الموقوف.

فهذا القول موقوفٌ على بعض الصحابة أو هو من قول بعض السلف وليس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني لا نقول قال رسول الله إنما نقول قال بعضُ السلف أو قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه كما يذكرُ وينقلُه البعضُ عنه.

فإذًا الحديث عند علماء الدراية والرواية والمصطلح بعض الحفاظِ يُطلِقونَه على الموقوف على الصحابي وعلى المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم(

 

*قال رضي الله عنه: هذا ليس مرفوعًا ليس من كلام الرسول ليس حديثًا –يعني يريد ليس حديثًا للرسول صلى الله عليه وسلم- ويجوزُ روايتُه.

)لأنّ هذا المعنى يُراد منه التشبيه والتنبيه والتحذير، أليس ورد في بعض الأحاديث لعن مَنْ فعلَ بعضَ الكبائر؟ أليس الرسول صلى الله عليه وسلم قال [لعنَ اللهُ مَنْ غيّرَ منارَ الأرض]؟

واحد ملعون من أهلِ الكبائر ورد في قول بعض أهل السلف فيه “الدنيا جيفة وطلابُها كلاب” هذا لتحذيرِه، قال [لعنَ اللهُ الواشمة والمستوشمة] وأحاديث كثيرة.

فإذًا هذا معنى القول الذي بيّنه الشيخ رحمه الله ونفعَنا به في الدنيا والآخرة.

****فائدة مهمة: نحن الآن في هذه الأيام رجَعنا إلى مسئلة القوانين المُشَدّدة في أمرِ كورونا ورجعَ الناسُ إلى بيوتِهم وقعدوا في منازلِهم، أعيد وأذكّر إخواني المشايخ والدعاة ومَن لهم عملٌ اجتماعي في الساحة وبين الناس ومع الناس أنْ لا تتركوا الناسَ في بيوتِهم وكأنهم قد دُفِنوا وهم أحياء.

كما قال الشيخ رضي الله عنه “إذا غاب فيكم أحد لا تتركوه كأنه رحلَ إلى البرزخ” معنى هذا زوروه ساعدوه اسألوا عنه اطمأنوا عنه، لو كنتَ أنت هذا المريض أو هذا الخائف وجالس في البيت ألا كنتَ تتمنى من إخوانِك أنْ يسألوا عنك؟ ألا تتمنى من إخوانك أنْ يطمئنوا عنك؟ ألا تتمنى من إخوانِك وأهلِك أن يسألوا عن حاجياتِك من طعام وشراب ودواء؟ ألا تتمنى من أهلك أنْ يسألوا عنك إنْ كنتَ حيًّا أم متَّ؟

لا تتركوا الناس في بيوتِهم وكأنهم قد دُفِنوا وهم أحياء، اتصلوا بهم تواصلوا معهم، اعتبروا أنّ التجوّلَ مسموحٌ والبس الكمامة واستعمل المعقّم وخذ حاجات هذا الفقير واذهب لزيارتِه وإن كنتَ لا تريدُ أنْ تدخل قف على الباب وأعطِه أغراضَه وامشِ.

لما يكون هناك مجال للانتقال في المناطق ويوجد أوقات الناس تتجوّل زوروا بعض اسألوا عن بعض اطمئنوا عن بعض، فيديو كول، اعمل برنامج الزوم بينك وبين إخوانِك الفقراء المرضى العجزة .

أنت يا شيخ يا مدرّس يا أستاذ صف يا إداري يا معلم يا خطيب جمعة يا طبيب يا جراح يا طبيب صحة يا دكتور محاضر في الجامعة يا أخي المسعف يا أخي الممرض يا أخي المساعد يا أخي المسلم، أيّ واحد عاميّ بالشارع كنتَ، اسألوا عن بعض زوروا بعض لا سيّما الفقراء إذا كنتَ ميسورًا وغنيًّا تذكّرْ إخوانَك الفقراء {إنما المؤمنونَ إخوة}[الحجرات/١٠] وتذكر إخوانك المرضى [واللهُ في عون العبد ما كان العبدُ في عونِ أخيه] تذكر أنك إذا خرجت لعيادة مريض تخوض في الرحمة فإذا جلستَ عنده غمَرتكَ الرحمة، وتذكّر أنه ورد في الحديث أنّ مَنْ خرجَ إلى قرية لزيارةِ أخٍ له اللهُ تعالى يُرسلُ له ملَكًا فيقول له: طبتَ وطابَ ممشاك وتبَوّأْتَ منزِلًا من الجنة.

كلنا سنموت، ما لنا ولهذه الدنيا، اسألوا عن الفقراء عن المرضى إنْ كنتم ميسورين وعندكم خدم غيرُكم يموتون في بيوتِهم ولا ندري بها إلا بعد أيام.

ألسنا بلغَنا من مدة أنّ فلانًا مات وحدَه في بيتِه؟ أليس هذا يُحرقُ القلب؟ أليس بلَغنا أنّ فلانة ماتت وما كان يوجد أحد في جنازتِها؟ أليس بلغَنا أنّ من الناس مَنْ دُفِنوا مِنْ غير أنْ يغسَّلوا ويُصلى عليهم؟ هل هذا يليق بكم؟

يا أحبابَ محمد يا أنصارَ محمد  يا عشاق محمد يا أتباعَ محمد صلى الله عليه وسلم هل هذا يليق بكم أنتم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم أنْ تتركوا مسلمًا من أتباعِ محمد من أنصارِ محمد من عشاق محمد من إخوانِكم في دين محمد أنْ يموتَ فلا يُخرَج في جنازتِه لا يُغسَّل ولا تؤدّى له الحقوق التي تجب على المسلمين بعد وفاتِه؟ أي زمنٍ نحن فيه؟

يا إخواننا بعدُ ما قامت الساعة ولا ظهرت علامات الساعة الكبرى، ماذا تتركون لعلامات الساعة الكبرى؟ وماذا تتركون للطاعون إنْ جاء؟  وهذا ليس شيئًا بالنسبة للطاعون وليس وباءً الوباء أعم من الطاعون، ارجعوا إلى كتب اللغة وإلى ما قاله النووي قال الوباء يكون من حيث الانتشار أكثر من الطاعون، إذا كان كورونا ليس طاعونًا ولا يساوي الطاعون ولا يُقاربُه ولا يُدانيه بل هو كلا شىء بالنسبة للطاعون  فأين الوباء؟

هل  تعملون كالمغفلين الذين انتحروا؟ كيف هذا؟ ماذا تتركونَ لما هو أصعب وأشد؟

لذلك لا تتركوا الفقراء لا تتركوا المرضى، اليتيم الأرملة المحتاج المشرّد المهجّر سلوا عنهم إذا كان حالُك ميسور انظر إلى الفقير الذي لا يجد الخبز وأنت تعيش كل يوم بألوان الطعام والشراب والفواكه والحلويات انظر إلى مَنْ ليس عنده مال ليأتي بالدواء.

وهذه المدة مرت علينا أحوال كثيرة من الناس من حال كورونا الأولى إلى الآن رأيْنا الفقرَ العجيب من بعض الناس وبعضهم عنده عفة نفس لا يتكلم ولا يطلب ولا يمد يده، إخواننا يذكروننا بالصحابة، هذا رأيناه بعض الأشخاص هكذا يقول أعطوا غيري أنا إلى الآن عندي طعام غيري أحوج.

لا تتركوا الناس وكأنها مدفونة في القبور اعملوا ما تريدونَه من الوسائل تواصلوا لو على الإنترنت واذهبوا لزيارتِهم لما تستطيعون مع الاحتياطات، أين نحن من القيام بما هو مطلوبٌ منا عند الشدائد؟ ماذا تركنا للأصعب والأشد؟

ومعادنُ الرجال تُعرَفُ عند الشدائد، فرق بين مَن يخدمون الدين والناس وبين المخلوع المخنوع الجبان الرعديد الذي يترك الواجبات بالإشاعات والأراجيف.

أذكرُكم بهذا الأمر لأنّ الحاجة تشتد وتعظُم على الناس واللهُ سبحانه مطّلعٌ علينا لا تخفى عليه خافية، قال سبحانه وتعالى {وما اللهُ بغافلٍ عمّا تعملون}[البقرة/٧٤]

والحمد لله رب العالمين