الخميس ديسمبر 12, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” – 37

 قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

سبق لي أنْ قلتُ لكم من بابِ التحدّث بنعمةِ الله أنّ الأخبارَ الطيبة كثيرةٌ جدا ولله الحمد والمِنة والفضل، بسبب هذه المجالس وهذا العلم بعض الناس دخلوا في الإسلام.

حكيْتُ لكم قبل الآن عن بعض الناس الذين أسلموا وأُقيمت المجالس في بيوتِهم منهم في لبنان ومنهم خارج لبنان، وقبل ثلاثة أيام كنتُ في زيارة أخ الله تعالى يعافيه فأخبرَني أهلُه أنهم على تواصل على عددٍ من غيرِ المسلمين ممّن يحضرون هذه المجالس وبعضُهم دخلوا في الإسلام فاتصلوا وأنا عندَهم ببعضِهم ممن بعدُ لم يُسلِموا فكلّمتُهم فأبْدَوا الاستعداد للجلوسِ معنا مباشرةً ومنهم من أهالي لبنان، فالخير كبير وعظيم جدا والناسُ يُقبِلونَ إلى سماع العلم وعدد كبير ممن كانوا على عقائد فاسدة تراجعوا بعضهم أرسل لنا الرسائل على الخاص قال أنا كنتُ على التشبيه والتجسيم كنتُ على الكفر كنتُ على طريقِ جهنم فأنقَذتموني بعقيدةِ أهلِ السنة بالتنزيه والتوحيد هو صرّح وقال أنا الآن أشتغل على تعليمِ أهلي، فالحمد لله الخيرات كثيرة الفوائد عظيمة الذين ينتفعون ويستفيدونَ بهذا العلم كُثُر جدا بشتى طبقات المجتمع في لبنان والخارج، ولا أُخفيكم أنّ بعضَ المجالس أظنّ مَن يدخل منكم إلى الصفحة يكون رأى ذلك لكنْ الأرقام لا يطّلع عليها بتمامِها وكمالها إنما يرى بعض الأرقام أما الذي يدير الصفحة من بعض الإخوة يُريني أحيانًا من وقت إلى وقت أنّ مقطع فيديو صارت المشاهدات عليه نحو سبعة مليون مشاهدة بفضل الله تعالى، فإذًا الإقبالُ كبير والخيرُ عظيم فساهموا وساعدوا وشاركوا واعملوا على نشرِ هذا العلم وادعوا غيرَكم لهذا العلم، وفقني اللهُ وإياكم للخير غفر لي ولكم رحمنا ببركة نبيِّه المصطفى صلى الله عليه وسلم نبدأ بدرسِنا مخلصين لله متوكلين على الله                            

                                   بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين

(صحيفة 163)

يقول فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

*وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: عملٌ قليلٌ مع معرفةٍ بالعلم خيرٌ من كثيرٍ مع الجهل.

(هذه العبارة مأخوذة من بعض القواعد ومن بعض الأحاديث كما قال بعض السلف “قليلٌ في سنة -يعني على وفق الشرع- خير -أفضل- من كثيرٍ في بدعة”

والمراد بالبدعة هنا البدعة الفاسدة المخالفة لمذهب أهلِ السنة. وقد تكلمنا قبل الآن وذكرنا شيئًا من الأدلة على وجود البدعة الحسنة، وأنّ البدعة منها سيئة ومنها حسنة وذكرنا عددًا من الأدلة، فبعضُ السلف يقول “قليلٌ في سنة، يعني على وفق الشرع الشريف هذا القليل الموافق للشريعة المقبول عند الله على حسب ما جاء في القرآن المجيد وفي السنة النبوية المطهرة الزكية المباركة وما عليه الإجماع، فهذا القليل الموافق للأصول والقواعد هذا خيرٌ وأعظم وأفضل من الكثير الذي صورتُه صورة عبادة وهو مخالفٌ للشريعة للدين، بل هو في بدعةٍ عمليةٍ فاسدة مخالفة للشريعة.

إذًا “قليلٌ في سنة خيرٌ من كثيرٍ في بدعة” يعني هنا البدعة العملية الفاسدة ما خالف عقائد أهل السنة والجماعة.

فهذه العبارة التي قالها الشيخ رحمه الله لها أصل في كلام السلف ولها بعض الأحاديث يؤَيّدُها بل وفي بعض معاني الحديث يؤيّد ذلك فعلينا بملازمةِ الشريعة يعني لا نلتفت إلى الظواهر التي ينخدع بها الناس مع مخالفة الشريعة لا، الأصل موافقة الشريعة.

الله سبحانه وتعالى أخبرَنا عن حالِ بعض الكفار وبعض الفاسدين وبعض الضالين الذين زيّن لهم الشيطانُ أعمالَهم نحن لا نريد أنْ نكون من هؤلاء، نريد أنْ نكونَ ما نعملُه من طاعاتٍ وعبادات على الشريعة وعلى وفقِ الكتاب والسنة وعلى ما عليه السوادُ الأعظم).

 

*وقال رضي الله عنه: كلُّ إنسانٍ لا يهتمُّ للعلم اعلموا أنه بعيدٌ من الله لو كان أبوه قطبَ الأقطاب

(بعيدٌ من الله هنا المرادُ به البعد المعنوي لأنّ البعد أو القرب بالحس والمسافة والجسم والأعضاء والمكان هذه صفةُ الأجسام، هذا الكتاب مثلًا أقرب إلى الشيخ مني أنا، وهذا الكتاب أقرب إليّ منه وهكذا القرب بالمسافة بالمكان بالأحجام هذه صفةُ المخلوق، اللهُ منزّهٌ عن كل ذلك فلا يقال عن الله تعالى إنه قريبٌ من عبادِه بالمسافة ولا يقال بعيدٌ عن عبادِه بالمسافة، يقال اللهُ قريبٌ بمعنى المؤيّدُ والحافظُ والناصر بمعنى القرب المعنوي، كما نقول هذا الولي قريبٌ من الله هذا النبي الأولياء الصلحاء قريبون من الله يعني القرب المعنوي، راضٍ عنهم يحبُّهم يحفظُهم يؤيّدُهم ينصرُهم، فإذًا لا يقال عن الله قريبٌ أو بعيدٌ بالحسِّ والمسافة، لا يقال عن الله قريب أو بعيد بالمكان، لا يقال عن الله قريب وبعيد على معنى قربِ الأجسام وبعدِ الأجسام، هذا تشبيه لله بخلقِه، فالقرب المكاني والقرب الحسي والقرب المسافي هذه صفةُ الأجرام.

فإذا قيل الكافرُ بعيدٌ من الله هذا المراد به البعد المعنوي، الولي قريبٌ من الله المراد به القرب المعنوي، فإذًا هذا الأمر ينبغي أنْ يُفهَم لأنّ من الناس مَن يخلطونَ في ذلك فيعتقدونَ أنّ اللهَ حالٌّ معهم وفيهم وبينَهم أو أنّ اللهَ صار مخالِطًا لهم، هؤلاء الذين يعتقدون وحدةَ الوجود والحلول.

والشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله برىءٌ من هذه العقيدة لأنه هو نفسُه كما روى عنه الفقيه الشافعي الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله يقول في كتابِه اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، يروى عن الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله أنه قال “مَن قال بالحلول فدينُه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهلُ الإلحاد”

الذي يقول إنّ اللهَ اتّحدَ بالعالم امتزجَ بالعالم خالط العالم يقول “من قال بالحلول فدينُه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهلُ الإلحاد” يعني هذا ملحدٌ زنديقٌ ليس بمسلم ولو ادّعى الإسلام.

بعضُهم يقول في بعض تأليفاتِه عن الله تعالى إذا أحبّ إنسانًا صار هو هذا الإنسان، فيكذبون على الله وعلى القرآن وعلى الحديث القدسي فيقولون قال الله تعالى –وهذا ليس حديثًا نبويا ليس قرآنًا ليس من الأحاديث القدسية إنما هو افتراء على الله وضلال وكفر- يقولون قال الله تعالى فإذا أحببتُه كنتُ هو، على زعمِهم صار الله هو هذا الإنسان، وهذا تكذيبٌ لقول الله تعالى {لم يلد ولم يولَد}[الإخلاص/٣] ولقول الله {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] الله منزهٌ عن الحلول والاتحاد وعن التحيّز بالجهات والأماكن، منزه عن كل ما كان من صفات المخلوقين.

لا يقال عن الله تعالى حاضرٌ ناضر ولا يقال غائب، كلمة حاضر توهم المخالطة وكلمة حاضر في القرآن وفي السنة والإجماع لم يرد إطلاقُها على الله، الذي ورد {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] أي بعلمِه كما أجمعت الأمة على تأويل هذه الآية بالعلم ليس بالمخالطة ليس بالمماسة الله منزه عن المخالطةِ والمُماسة، هذا الذي ورد أما كلمة حاضر لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع.

أما كلمة ناضر هذه ما فيها ضرر يعني يرى برؤيته الأزلية الأبدية وهو سبحانه يرى الأشياء بلا حدقة بلا جارحة بلا عضو ولا جسم، إما كلمة غائب فهذا أيضا لا يجوز لأنه تشبيهٌ لله بخلقِه، بعض الأشياء من المخلوقات غائبةٌ عنك أو عن هذا المكان فهذا الكلام لم يرد إطلاقُه على الله، فلذلك نتقيّد بما جاء به الشرع.

فكلمة هذا بعيد من الله يعني البعد المعنوي وليس البعد بالمسافة لأنّ البعدَ بالمسافة صفة المخلوق واللهُ خالقٌ والخالقُ لا يشبه المخلوق قال تعالى {فلا تضربوا لله الأمثال}[النحل/٧٤])

 

*قال: الشخصُ الذي ما له عنايةٌ بتعلّمِ علمِ الدين من أهلِ المعرفة اعلموا أنّ هذا بعيدٌ من الله ولا ينفعُه كونُه ابنَ وليٍّ من أولياء الله أو حفيدَ وليٍّ من أولياء الله لا ينفعُه.

(بعض الجهال إذا رأوا إنسانًا يعتقد أو يقول أو يفعل ما هو ضلالٌ أو كفر أو فساد ويقال لهم هذا باطل يقولون له هذا حفيدُ الولي الفلاني أو أبوه ولي جدتُه ولية، إذا كانت جدتُه ولية فرضي الله عنها هذا يُفرِحُنا ولا يزعجُنا والوليُّ نحبُّه ونتبرّك به، إذا كان جدُّه وليا على الرأس والعين، أما هو ماذا حصّل من جده؟ جدُّه إذا أكل هو يشبع؟ إذا صار جدُّه وليا هل صار هو وليا صار تقيًّا؟ صار صالحًا؟ لا.

إذا كان جدُّه من الأولياء فرضي الله عن جده أما هو بعيدٌ عن جده وعن عقيدةِ جده وعن منهج جده الذي هو منهجُ الأولياء والصلحاء وأهل السنة والجماعة.

وإليكم أمثلة أنتم تعرفونَها، اليس إبراهيم عليه الصلاة والسلام نبيٌّ رسول كريمٌ عظيم وهو أفضل العالمين بعد محمد عليهما الصلاة والسلام مع ذلك الله قال في القرآن {فلمّا تبيّنَ له أنه عدوٌّ لله تبرّأَ منه}[التوبة/١١٤] إبراهيم تبرأَ من أبيه، إذا أردنا أن نرجع إلى أول الآية {وما كان استغفارُ إبراهيمَ لأبيه}[التوبة/١١٤] يعني كان يدعو له بالهداية، أنْ يُسلم يدخل في الإسلام يترك الكفر يتشهد يقول لا إله إلا الله إبراهيم رسول الله بهذا يُغفَر له بالإسلام بترك الكفر، فلما لم يُسلم ومات على الكفر إبراهيم ما عاد يدعو له بالهداية، {وما كان استغفارُ إبراهيمَ لأبيهِ إلا عنْ موعِدةٍ وعدَها إياه فلما تبيَّنَ له أنه عدوٌّ لله تبرّاَ منه إنّ إبراهيمَ لأوّاهٌ حليم}[التوبة/١١٤] هذا القرآن.

ثم هذا أبو لهب وهو عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم نزل في ذمِّه سورة كاملة في القرآن، ما نزلت سورة كاملة في القرآن من أولها إلى آخرِها في ذم مشرك إلا في أبي لهب وهو عمُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ثم هذا نبيُّ اللهِ نوح عليه الصلاة والسلام أخبرَنا القرآن عما حصل بين نوح وابنِه كنعان {قال يا بنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}[هود/٤٢]

قد يسأل البعض كيف يقول له اركب (تُلفظ اركم) معنا وقد أُمِرَ نوح أنْ يأخذ الذين آمنوا؟ فالجواب آمِن أسلِم واركب معنا ليس معناه وأنت على الكفر تعال اركب معنا في السفينة، معناه أسلم آمن يا كنعان  تعالَ معنا في السفينة تنجو.

نوح عليه الصلاة والسلام نبيُّ  رسول {قال يا بُنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}[هود/٤٢] قال كنعان {سآوي إلى جبلٍ يعصِمُني من المآء}[هود/٤٣] قال له نوح عليه السلام {لا عاصمَ اليومَ منْ أمرِ الله إلا مَن رحمَ وحال بينهما الموجُ فكان من المُغرِقين}[هود/٤٣] كنعان وأبوه نبي رسول من أولي العزم نوح عليه الصلاة والسلام.

فمَن القطب ومن الولي أمام الأنبياءِ والمرسلين، فلو كان أبوه من الأقطاب ولو كان جدُّه من الأولياء وهو بعيدٌ عن الدين والعقيدة والتوحيد والإسلام ماذا ينفعُه انتسابُه لهذا الولي ماذا ينفعُه إنْ كان لأبيه أو لجده؟ كما أنّ ذاك لا ينفعُه انتسابُه في النسب إلى نبي رسول وهو نوح عليه السلام، هل انتساب كنعان ابن نوح إلى أبيه يُنقذُه يوم القيامة من جهنم؟ هل هذا ينجّي كنعان؟

إذًا العبرة هو أنْ يُسلم يؤمن ويثبت على الإسلام، هذه العبرة أنْ يتقي الله. أما أنْ أقول أنا أبي من الأولياء جدي من الأقطاب جدتي مباركة أنا من؟ هكذا قل لنفسِك أنا ماذا فعلتُ ماذا عملتُ؟ هل تعلمتُ هل أديتُ الواجبات؟ هل اجتنبتُ المحرمات؟ هكذا فكّروا والأدلة كثيرة.

هذا نبيُّ الله لوط عليه السلام زوجتُه كانت كافرة وزوجة نوح أيضًا، وفي سورة التحريم {وقيل ادخلا النارَ مع الداخلين}[التحريم/١٠] كم من الأولياء الأقطاب المشاهير لهم أولاد وأحفاد من الفاسدين؟ هذا ابنُ الساعي عليُّ بنُ أنجب في كتابِه تاريخ الخلفاء العباسيين عندما يتكلم عن بعض الأقطاب الكبار فيقول “نِعمَ الأب الصالح وبئس الولد أو الحفيد الطالح” ماذا ينفعُ الولد أو الحفيد إذا كان طالحًا وأبوه أو جدّه كان صالحًا؟ لا تنخدعوا، بعض الناس يقول ابن الشيخ حفيد الشيخ، ليس هكذا تقاس الأمور إنما الأمور تُقاس بميزان الشرع، لذلك لا تنخدعوا لو كان ابنُه من الأولياء والأب من الكافرين وبالعكس كان الابن من الكافرين والأب من الأولياء كل واحد بما عملَ، كلُّ نفسٍ بما قدّمَت رهينة، هكذا يا إخواني ويا أخواتي لا ينبغي أنْ ننخدع وأنْ نضيّعَ الأحكام الشرعية بالألقاب ابن الشيخ حفيد الشيخ جده من الأولياء، هو مَن؟ تعلّم؟ يعرف الإيمان يعرف العقيدة يعرف الإسلام؟ يصلي؟ لو كان أبوه من الأقطاب وهو لا يصلي لا يكونُ مباركًا تقيا صالحًا، لذلك العبرةُ بملازمةِ الشريعة كما قال سلمانُ الفارسي رضي الله عنه وأرضاه “الأرضُ لا تُقدِّسُ أحدًا وإنما يُقدِّسُ الإنسانَ عملُه” بالعمل الصالح يصيرُ الإنسانُ مباركًا بتقوى الله).

*وقال رضي الله عنه: العلمُ علمُ أهلِ السنةِ نورٌ يميّزُ الكفرَ من الإيمان.

(يعني الإنسان الذي تعلّمَ علم أهل السنة بهذا العلم يصير يميّز يعرف هذا الكفر هذا الفساد هذا الضلال فيبتعد عنه، وبالعلم يعرف الحق والإيمان فيَثبُت عليه إلى الممات).

 

*وقال رضي الله عنه: أهمُّ الأعمالِ عند الله في هذا الوقت وفي هذه البلاد بذلُ الجهدِ لنشرِ عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعة والأحكام الضرورية.

*وقال رضي الله عنه: علمُ أهلِ السنةِ دليلُ النجاةِ والفلاح يعرفُ ما يضرُّه فيتَجنّبُه وما ينفعُه فيعملُه، هذا أعظمُ فائدةٍ في الحياةِ الدنيا أما الجاهلُ فيقول مالي مالي همُّه في المال وهذا المال يتعبُ في حفظِه في الدنيا ثم يموتُ فيذهبُ لغيرِه وقد يأكلُه عدوُّه فيكونُ إنْ كان جمعَه من حرام وبالُه عليه ونفعُه لغيرِه.

*وقال رضي الله عنه: كثيرٌ من الناس يتركونَ تعلّمَ العلمِ من أهلِ المعرفة ويكتفونَ بالصلواتِ الخمس والترددِ إلى المساجد وبعضُهم يزيد يحملُ المِسبَحة ويعتبرونَ أنّ هذا يكفي، هؤلاء هلاكُهم عظيم، من غيرِ أنْ يتعلموا علمَ الدينِ الضروري لو كان كلّ يوم يذكرُ اثنيْ عشرَ ألف تهليلة ويصلي الصلوات الخمس ويصوم ولم يتعمل العلمَ الضروري هذا عملُه كلا شىء يذهبُ هباءً منثورًا، يظنونَ أنهم عملوا عملًا كثيرًا في الدين وأعمالُهم هذه هباءٌ منثورٌ لأنها غيرُ موافقةٍ للشرع

(خلاصة المسئلة في العبارة الأخيرة “عملُه غيرُ موافقٍ للشرع” يعني كانوا يأتون بهذه الأعمال والعبادات بما يُفسِدُها أو بما لا تصح معه، يعني بحيثُ لا تكون مقبولة ولا صحيحة في الشريعة فهؤلاء أتعبوا أنفسَهم في صور العبادات من غيرِ تحقيقٍ في العبادات لأنّ الإنسانَ إنْ لم يتعلم كيف يعرف أنْ يحققَ في العبادات أنه أدّاها على الوجه الصحيح على الوجه الذي تصح معه، الذي لا يتعلم ولم يتعلم يكون أهلك نفسَه وضيّعَ هذه الأعمال لأنه يأتي بها مع ما يُفسِدُها مع ما لا تصح معه فلذلك لا بد من العلم.

لذلك قال صلى الله عليه وسلم [طلبُ العلمِ فريضةٌ على كل مسلم]

لذلك قال صلى الله عليه وسلم [إنما العلمُ بالتعلّم]

فيا إخواني ويا أخواتي تمكّنوا في العلم تحققوا في العلم تثَبَّتوا في العلم احفظوا العلم ادرسوا العلم حصّلوا العلم لتطبِّقوا على الوجه الصحيح وتعملوا على نشر العلم وتعليم الغير وتوسعةِ رقعةِ الخيرِ بين الناس).

 

*وقال رضي الله عنه: العلمُ نور وهو دليلُ النجاة، هذا العلم هو علمُ أهلِ السنة الذي درجَ عليه السلفُ والخلف إلى الصحابة من وقتِنا هذا إلى الصحابة يتلقى من عالمٍ إلى عالمٍ من عارفٍ إلى عارفٍ إلى أنْ يصل التسلسل إلى الصحابة.

(لذلك قال العلماء الأكابر: إنما يؤخذُ العلم من أفواه العلماء، يعني الإنسان لا يصيرُ عالمًا بمجردِ أنْ تكونَ مكتبتُه كبيرة وإلا لكان كل صاحب مطبعة وكل صاحب معرض كتب دولي وكل صاحب مكتبة في الأسواق صار من أئمةِ العلماء ومن كبارِهم  ومشاهيرهم وهذا لا يقولُه عاقل.

أنتم تعرفون بعض مَن يملكون المكتبات الدولية الكبيرة هم من الكفار، بعض مَن يملكون المعارض الدولية للكتب هم من غير المسلمين، فهل بمجرد أنْ حصّلَ مكتبةً كبيرةً صار فقيه الزمان وإمام الأوان ومرجع الأمة؟ لا، إنما العلم بالتعلم.

أبو بكر الصديق هو أفضل البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رضي الله عنه، قولوا لي كم كتاب كان في بيتِه؟ كان في صدرِه العلم، اذكروا لي كم خزانة وكم رف وكم كتاب كان في بيت عمر رضي الله عنه؟ كان في صدرِه، إنما العلمُ بالتعلم.

بعدما جُمِعَ القرآن في المصحف الشريف صار عندَهم النسخة الإمام في المدينة المنورة أيامَ عثمان رضي الله عنه، هم بدأوا بجمعِه في زمن أبي بكر الصديق وبهمّتِه رضي الله عنه وعمر رافق في ذلك وفي زمن عثمان استنسخَ وصارت نُسَخ من المصاحف، أما ماذا كانت عندَهم من التأليفاتِ في بيوتِهم قولوا لنا، إذًا العلم بالتعلّم بالتلقي كانوا يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذونَ من فمِه الطاهر العَطر الأنور المبارك الذي كان إذا تكلم فيهم صلى الله عليه وسلم من عظيمِ صدقِه وإخلاصِه وبركتِه وأنوارِه وأسرارِه يفهمونَ الكلمة ومعانيها وتنشرح صدورُهم وتتنوّر قلوبُهم فيأخذون من كلمة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيانًا بحورًا من العلم، من القرآن من الأحاديث يأخذونَ بحورًا من العلم، الله فتح عليهم.

إذًا قال الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر الخطيب البغدادي في كتابِه الفقيه والمتفقّه “إنّما يؤخَذُ العلمُ من أفواه العلماء”

قد يقول قائل فما هذه المكتبة التي عندكم؟ وما هي هذه المكتبة التي حولَكم؟ أقول نحن تلَقَّيْنا وقرأنْا على المشايخ والعلماء في لبنان في الحجاز في تركيا في كثير من البلاد، لكنْ هذه الكتب وما جلبْناه وما عندنا إنما هو لتأييد ما عليه أهلُ السنة والجماعة لأنّ بعض الجهال إذا قلتَ له قال الشافعي هكذا باللسان لا يقتنع لا يقبَل، إنْ أرَيْتَهُ الكتاب يسكت يقتنع، لأجل هذا وإلا نحن حصّلنا بفضل الله تعالى على العلماء وقرأنا على العلماء وأخذنا من العلماء، هذا هو الأصل ثم الواحد بعد ذلك لو جلب بعضَ الكتب وحصّلَها ليدعم ويقوّي وينصر مذهبَ أهلِ السنة بما هو حق فهذا لا بأس به فنحن اليوم في زمنٍ عجيب بعض الناس يقول أريد أنْ أرى بعيني فتُريه الكتاب فيسكت، إذًا العلم يُؤخذ بالتلقي.

فلذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم الذي هو أشرف وأعظم وأزكى خلقِ الله، وأذكى الناس وأطيب الخلق وأفضل العالمين على الإطلاق صلى الله عليه وسلم وأعلم العالمين وأعلم المخلوقين صلى الله عليه وسلم كان له معلّم قال الله تعالى {علّمهُ شديدُ القُوى}[النجم/٥] جبريلُ علّمَ محمدًا عليهما السلام.

فإذا قلتَ لي الآن قلتَ لي محمد أعلم المخلوقين فكيف تقول إنّ محمدًا تعلّمَ من جبريل؟ أقول لك نعم في أول الأمر جبريل عليه السلام نزل بالقرآنِ العظيم على رسول الله والرسول صلى الله عليه وسلم يوحَى إليه ويتكلم بالسنة النبوية ثم بعد ذلك فُتِحَ على رسولِ الله ما صار به من العلم أعلم من جبريل عليه السلام وهذا من عظيمِ فضل الله على نبيِّه الكريم، هذا لا مانعَ منه الله على كل شىءٍ قدير، فإذا قال الرسولُ أعلم خلق الله أعلم العالمين أعلم المخلوقين هذا صحيح لا بأس به ومع ذلك كان له معلّم، علّمه شديدُ القوى جبريلُ علّم محمدًا عليهما السلام.

وفي جامع الترمذي قال صلى الله عليه وسلم [إنّ جبريلَ كان يُدارسُني القرآنَ كلَّ عامٍ مرةً وإنه دارسَني العامَ مرتين]

إذًا الرسول أخذ العلمَ بالتلقي الصحابة أخذوا العلم بالتلقي مَن بعدَ الصحابة من التابعين أخذوا العلم بالتلقي، مَن بعد التابعين أخذوا العلم من التابعين بالتلقي حتى يصل إلى يومِنا هذا، ثقة عن ثقة بالإسناد المتصل، هذا معنى ما قاله الشيخ رحمه الله، لذلك قال الحافظ النووي رحمه “لا يُستفتى غيرُ الثقةِ العارف” يعني علم مع التقوى وأنْ يكونَ ثقةً وإلا لو كان فاسقًا كيف يُستفتَى كيف يوثَق بقولِه؟ العلم يؤخذ من أفواه العلماء يؤخذ بالتلقي من أهل العلم.

قال صلى الله عليه وسلم [إنما العلمُ بالتعلم] ليس من مجرد الكتب ولا من مجرد المواقع ولا من مجرد الشاملة ولا من مجرد غوغل ولا من مجرد الفيس بوك ولا من مجرد الواتساب ولا من مجرد مواقع التواصل بل العلم يؤخذ من الثقات وبالتلقي بعد أنْ تتمكن إذا أخذتَ شيئًا من الكتب لإثبات الحق لتُري بعض الناس ذلك فهذا لا بأس به لأنك تقوم بخدمةِ الدين وتُرسِّخ العلم في نفوسِ الناس).

 

*وقال رضي الله عنه: العلمُ علمُ الدين هو النجاة هو دليلُ الخير والفلاح يدلُّكَ على ما ينفعُك في الآخرة ويُنجيكَ من عذاب الآخرة ومن عذاب القبر يُعلِّمُكَ ما يحبُّ الله ويُعلّمُكَ ما يكرَهُه الله حتى تعملَ ما يحبُّ الله وتتجنّبَ ما يكره الله.

(هذا كيف يُعرَف؟ بالعلم، بعض الناس اليوم الذين لم يتعلموا وضاعوا في الجهل وضاعت عندهم الأولويات وكما يقول بعض الناس بالكلام الدارج مضيّع البوصلة، هؤلاء الجهلاء الذين لا يعرفون الأولويات كيف صار عندهم الأمر؟ صار معكوسًا، صار إذا رأى إنسانًا غنيا ولو كان كافرًا يقولون الله يحبه، حاشى، الله لا يحب الكافرين، لماذا قال عنه الله يحبه؟ لأنه غني ميسور له مؤسسات مصانع معامل دكاكين محال صار من البارزين طبيبًا مهندسًا مشهورًا مقاولًا، هذا هو المقياسُ عندكم؟ لو كان على زعمِكم هذا دليلُ محبة الله يعني على زعم هذا القائل الجهول الله يحب قارون، على زعمِه الله يحب فرعون، على زعمِه الله يحب النمرود، على زعمِه الله يحب الكافرين الأغنياء وهذا ضد القرآن ضد الإسلام، هذا معارضٌ للإسلام والقرآن، ما الدليل؟ قال الله تعالى {فإنّ اللهَ لا يحبُّ الكافرين}[آل عمران/٣٢] غنيًّا كان بارزًا مشهورًا زعيمًا قائدًا صاحبَ مؤسسات ومصانع دولية وهو على غير الإسلام لا وزنَ له في ميزان القيامة، لا يزنُ شىء لأنّ اللهَ قال في القرآن الكريم في الكفار في أعمالِهم {مثلُ الذين كفروا بربِّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدّتْ به الريحُ في يومٍ عاصف}[إبراهيم/١٨]

أما مَن كان مسلمًا مؤمنًا موحّدًا منزِّهًا مَن كان عارفًا بخالقِه مَن كان مُعظِّمًا لخالقِه مَن كان عابدًا لله يعرف أنّ اللهَ ليس كمثلِه شىء ليس ضوءًا ليس ظلامًا ليس جسمًا ليس حجمًا ليس صورةً لا يسكن السماء لا يجلس على العرش منزهٌ عن الأعضاء والجوارح منزهٌ عن الحركات والسكنات منزّهٌ عن التنقلِ والأماكن لا هو في مكانٍ واحد ولا في كلّ الأماكن لا يتغير لا يتبدل لا يتصف بالجوارح والأعضاء ليس له كمية ولا مساحة ولا مسافة منزه عن الطول والعرض والسمك والتركيب والأدوات منزه عن الإحساس والشعور واللذة والألم والتغيّر والانفعال لأنّ اللهَ قال {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] هذا يكونُ عرفَ ربَّه، وعظَمةُ اللهِ أنه لا يشبه شيئًا من خلقِه، لأنه لو أشبه الخلقَ لجاز عليه ما يجوزُ عليهم والخلقُ يجوزُ عليهم التغير والعجز والضعف والزوال والموت والمرض وهذا مستحيلٌ على الله, فلو أشبهَ الخلق ولو بصفةٍ واحدة لجاز عليه بقية صفات الخلق وهذا لا يجوز على الله، هذا الذي يعرف الله.

أما مَن كان يملكُ بلاد الدنيا من شرقِها إلى غربِها وهو على الكفر هذا لا ينفعُه ولا يُدخلُه الجنة بمجردِ ذلك، بل لو مات على الكفر لو كان ملَك الأرض بما فيها من كنوز هو في جهنم.

الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم {وَمنْ يعمل من الصالحاتِ من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن}[النساء/١٢٤]-ما قال وهو غنيّ- {فأولئكَ يدخلونَ الجنةَ ولا يُظلَمونَ نقيرًا}[النساء/١٢٤]

لماذا؟ بالإيمان بالإسلام.

فيا إخواني مَن ملكَ الدنيا من شرقِها إلى غربِها ومن شمالِها إلى جنوبِها واستعلى على الرقاب وكانت كنوز الدنيا والأرض بين يديه وكان على الكفر ومات على الكفر خسرَ الدنيا والآخرة وهذا المال والحكم الذي كان فيه في الدنيا يكونُ وبالًا عليه في الآخرة، يكونُ نِقمةً عليه في الآخرة، يكونُ حسرةً يكونُ ألمًا يكونُ زيادةً في عذابِه لأنّه ظلم واستعملَ الأموالَ في الفسوقِ والفسق وفي الكفر والفجور والمعاصي فيزيدُه عذابًا.

لذلك العبرة بالإيمان وليس بمجرد الغنى. قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد [إنّ اللهَ تعالى يُعطي الدنيا لمَن يحب ولمن لا يحبّ ولا يعطي الإيمانَ إلا لمَن يحب] وفي رواية [ولا يعطي الآخرةَ إلا لمن يحب]

اسمعوا شرحَ شيخِنا رحمه الله لهذا الحديث بعبارةٍ موجَزة لطيفة خفيفة وانظروا واسمعوا إلى هذا الشرح ما أعظمَه وما أوسعَه، قال في شرح هذا الحديث “مَن أعطيَ الدنيا ولم يُعطَ الإيمان فكأنه ما أُعطيَ شيئًا ومَن أُعطيَ الإيمانَ ولم يعطَ الدنيا فكأنه ما مُنِعَ شيئًا”

إذًا العبرةُ بالإيمان بالإسلام، بتقوى الله {إنّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم}[الحجرات/١٣] لم يقل أغناكم، العبرةُ عند الله بالتقوى.

 

*وقال رضي الله عنه: أفضلُ الأعمالِ العلم وأفضلُ العلمِ العلمُ بالله ورسولِه وأمورِ الدين.

*وقال رضي الله عنه: طوبى ثم طوبى لمَن يهتم بنشرِ علم الدين.

(طوبى يعني بشرى له خيرٌ عظيم كبير، وطوبى اسم شجرة في الجنة، هذه الشجرة الشريفة المباركة ورد في صفتِها كما روى البيهقي رحمه الله أنّ طولَها مائة عام يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، هذه الشجرة أكمامها تتفتق عن ثياب أهل الجنة، تخيّل معي مساحة مائة سنة يسير الراكب في ظلها لا يقطعها.

الله قال في القرآن {وظلٍّ ممدود}[الواقعة/٣٠]انظروا ماذا ورد في صفة هذه الشجرة في الجنة يسيرُ الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعُها، طوبى اسم هذه الشجرة وطوبى خير، يعني طوبى لك إنْ فعلتَ كذا يعني بشرى لك خير كبر عظيم نفعٌ كبير).

 

*طوبى ثم طوبى لمَن يهتم بنشر علم الدين للصغار والكبار. الذي يفتح مجلس علم دين في بيته تنزل عليه الرحمات والبركات وخيرٌ له مِن أن يأتيَه مليون دينار ذهب وخير له من أنْ يتصدق بمليون دولار من حلال.

(مرةً قال له بعض الناس أقمْنا مجلس علمٍ في بيتِنا قال هنيئًا لكم نزلت عليكم الرحمة، بماذا؟ بإقامة مجلس علم في بيتك تنزل عليك الرحمة لأنّ مجلس العلم روضة من رياض الجنة تحفُّه الملائكة بأجنِحتِها والملائكة يتداعَوْن إذا رأوا مجلس علم تداعَوا حفّ بعضُهم بعضًا فوق هذا المجلس حتى يصلوا إلى السماء، فأيُّ خيرٍ في هذا البيت الذي يُقام فيه مجلس علم لا تبخلوا على أنفسِكم ولا تضيّعوا على أنفسِكم هذا النور وهذا الخير وبركة وجود الملائكة فوق هذا المجلس عظيمة وكبيرة، أقيموا مجالس العلم في بيوتِكم تحصّلوا هذا الخير العظيم والكبير).

 

*وقال رضي الله عنه: علمُ الدينِ حياةُ الإسلام (يعني قوّتُه، معناه هذا شىءٌ فيه قوة وتأييدٌ ونصرةٌ للإسلام)

*وقال رضي الله عنه: لو يعلمُ الناسُ فضلَ مجالس العلم علمِ الدين لأقبلوا إليه إقبالًا شديدًا شديدًا شديدًا.

(قلتُ لكم بعضُ الصحابة الكرام رضي الله عنهم سافر إلى مسافةِ شهر في طلبِ حديثٍ واحد، ليس مجلس علم من أوّلِه إلى آخرِه، منهم مَن سافر من المدينة إلى القاهرة، منهم مَن سافر من المدينة إلى بغداد، منهم مَن سافر من المدينة إلى دمشق وأنتم تعرفون السفر في تلك الأيام كم فيه من المخاطر والمشقات والمتاعب كم فيه من التعرّض لقطّاع الطرق واللصوص والحر والبرد والضباع والمخاوف، كم وكم في تلك الأسفار تحمّلوا تلك المتاعب لطلبِ حديثٍ واحد، كيف بك اليوم إذا دُعيتَ إلى المسجد أو إلى المصلى أو إلى هذا الدرس على الفيس بوك أو في البناء الذي أنت فيه أو في الشارع أو المحلة ولا تحضُر، انظر إلى همتِك وإلى همة الصحابة، أين نحن من الصحابة؟ أين هممُنا اليوم من هممِ الصحابة رضوان الله عليهم؟

فتحوا هذه البلاد تخيّلوا معي في ربع قرن وصلوا في نشر الإسلام وفتح البلاد إلى مراكش غربًا إلى أطراف الصين شرقًا ولم يكن عندهم طائرات ولا سيارات ولا قطارات ولا إنترفون ولا تلفون ولا فاكس، أقمار اصطناعية ما عندَهم نت ما عندهم فيس بوك وواتساب ما عندهم، كيف وصلوا إلى أطراف الصين؟ هم قاموا وذهبوا وفتحوا ما في طريقِهم من بلاد، الصحابة هكذا كانوا يفعلون إذا دخلوا إلى بلد أقاموا مَن يدرّس الدين هناك وانتقلوا إلى غيرِها وأقاموا هناك مَن يدرّس الدين وانتقلوا إلى غيرِها هكذا انتشر الإسلام وفتحوا البلاد ومصّروا الأمصار.

لذلك يا إخواني فلننظر في سيرة الصحابة العظام رضوان الله عليهم، انظروا في سيرة ضرار بن الأزور هذا الصحابي وحدَه كان يُرعب جيوش الكفر ويُقاتلُهم يدخل بينَهم يمزّقُ صفوفَهم يشقُّ جيش العدو وحدَه، وهكذا أخته خولة رضي الله عنهما.

كانوا يعملون كأنّ الجنة أمامَ أعيُنِهم قوة اليقين التي كانت عندَهم ما كانوا يُبالون، بعض الناس ماذا كان يقول من جرأتِهم وشجاعتِهم وبسالتِهم وإقدامِهم وشدةِ تفانِيهم في نصرةِ الدين والإسلام ونشر العقيدة والتوحيد كانوا لا يُبالون أوقَعَ الموتُ عليهم أم وقعوا على الموت كما يقال، هذا من عظيمِ جرأتِهم وشجاعتِهم يعني هانت عليهم أنفسُهم في سبيل الله تعالى.

فأنتم اقتدوا بالصحابة الكرام تعلّموا وعلّموا وتفقّهوا في الدين، علّموا الصغار والكبار.

ختم اللهُ لنا ولكم بكامل الإيمان

والحمد لله رب العالمين