الجمعة أبريل 19, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -31

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا محمدٍ طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه الطيبين الطاهرين

يقول فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه

وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: علمُ الدين الضروري هو العقيدة عقيدة أهل السنة ثم أحكام الصلاة الطهورُ وما بعدَه، الطهورُ أمرٌ عظيم، الرسول صلى الله عليه وسلم قال [الطهورُ نصفُ الإيمان] شطرُ الإيمان، معناه ركنٌ كبيرٌ في الدين معرفة الوضوء وكيف يصحُّ وكيف ينتقض ومعرفة الغسلِ من الجنابةِ والحيضِ والنفاس ومعرفةُ النجاسة كيف تُزالُ النجاسة هذا شطرُ الإيمان لأنّ الصلاةَ أولُ ما يُسألُ عنها الإنسانُ يومَ القيامة فإذا لم يتعلم مفتاحَها كيف تصحُّ منه؟

(هذه الفوائد والقضايا علّقْنا عليها وشرحنا في الدرس الأخير، الآن قُرئت لأجلِ سبكِ العبارات ولن نتوقفَ عندَها لأجلِ أنْ لا نعيد ما ذكرْناه في الدرس السابق ونكمل الآن إن شاء الله تعالى منْ حيثُ وقفْنا في المرة الأخيرة)

 

*كذلك ما يحِلُّ من الأكلِ وما يحرُم وما يحِلُّ من الكلام وما يحرُم ومعرفةُ ما يحلُّ من النظرِ وما يحرُم ومعرفةُ ما يجوزُ من الاستماعِ وما لا يجوز، كذلك معاصي القلب الرياء حرام والعُجبُ حرام وسوءُ الظنِّ بالمسلمِ حرام هذه من العلمِ الضروريّ الحاليّ، كذلك معرفةُ معاصي الفرجِ هذا أيضًا ضروري حاليّ يقالُ له علمُ الحال.

(هذا يقالُ له علمُ الحال لأنّ كلّ مكلف يحتاج إليه في الحال وهذا جزءٌ من علمِ الحال ليس هذه المسائل فقط إنما هذه المسائل التي ذُكرَت هنا هي شىء من علم الحال بعض منه ويقال له علم الدين الضروري ويقال له الفرض الضروري، هذه الأسماء الثلاثة لقسم من العلم، علم الدين ليس كلُّه في مرتبةٍ واحدة لا، علمُ الدين منه ما هو فرضُ عين ومنه ما هو فرضُ كفاية.

فهذا العلم الذي ذُكرَ هنا الآن هذا مما يجب على كل مكلف بعيْنِه يعني إذا تعلّم الرجل هذا القدر من العلم لا يسقط عن زوجتِه، زوجتُه يلزَمُها أنْ تتعلم هذا القدر، ما يتعلق بأمور العقيدة، بالحلال والحرام وما يتعلق بأمر الطهارة المسائل الضرورية الصلاة الرياء حرام العُجب حرام إساءة الظن بالمسلم بلا قرينةٍ مُعتبَرة هذا حرام، يتعلم الأمور التي يحتاج إليها في الحال، فإنْ لم يتعلم هذه الأمور كان تاركًا لهذا الفرض المؤكّد كان مُضيِّعًا لهذا الواجب فيكون بذلك قد عرّضَ نفسَه لسخطِ الله لأنّ الذي  لا يتعلم ما يجب عليه من أمورِ الدين كيف يعرف أن يقومَ بالفرائض؟ كيف يعرف كيف يؤدّي الواجبات؟ لن يعرف، كيف يعرف ما هي المحرمات كي يبتعدَ عنها؟ في الغالب لن يعرف، وحتى لو عرف بما رآه من بعض الناس قد يعرف بعض الشىء أما أشياء كثيرة قد تغيب عنه لا يعرفُها إلا بتعلُّمِ هذا القدر من علم الدين، فمَن لم يتعلم هذا القدر الذي يقال له علمُ الحال يعني يحتاج إليه كل مسلم في الحال، إن لم يتعلم هذا القدر كان مُضَيِّعًا لهذا الفرض المؤكّد من الفرائض الدينية وبذلك عرّض نفسَه لسخطِ اللهِ تعالى، هذا معنى علم الحال).

 

*الواجباتُ الضرورية التي يحتاجُ إليها في الحال هذه لا يُترَك تعلُّمُها من أجل الأم ولا لأجل الأب ولا لأجل غيرِهما.

(مثلًا الفرض في دين الله تعالى لو قال لنا قريبٌ لنا أو صديق أو حبيب أو ما شابه لأجلي اتركوا هذا الفرض لا يُترَك من أجلِه، لو قال لأجلِ خاطري لا عبرةَ به، لو كان قريبًا جدا جدا من هذا الإنسان، لماذا؟ لأنه يطلب منه أن يعصيَ ربَّه أن يتركَ فرضًا أن يُضيِّعَ واجبًا.

والإنسان العاقل الفهيم يعرف أنه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق، فمثلًا الزوج إنْ قال لزوجتِه اشربي الخمر مع رفاقي الشباب لأجلي لا تُطاوعُه، إذا قال لها لأجل معاملاتي ولأجل مكتبي ولأجل أنْ أصل إلى نجاح في المجتمع والوسط التجاري صادقي وصاحبي فلان التاجر من أجلي اخرجي معه اقعدي معه افعلي الحرام معه لا تطاوعُهُ لو كان زوجها لأنها يجب عليها أنْ تطيعَ اللهَ أولًا وأنْ تطيعَ زوجَها في طاعةِ الله أما في معصية الله لا طاعةَ له عليها، حتى الزوج ليس له طاعة على زوجتِه في معصيةِ الله كأنْ قال لها والعياذ بالله اذهبي مع فلان للزنا أو قال لها ارفعي هذا الحجاب واكشفي عورتَك أو قال لها صافحي الرجال من أجلي أو اقعدي معهم واشربي الخمر أو قال لها أنا زوجُكِ آمُرُكِ أنْ تتركي الصلاة لا تترك الصلاة لا تطاوعُه في معصية لا كبيرة ولا صغيرة الرزاقُ هو الله واللهُ هو خالقُها، فزوجُها ليس ربًّا لها حاشى زوجُها عبدٌ مملوكٌ لله عبدٌ ضعيفٌ مقهورٌ تحتَ قدرةِ اللهِ تعالى فلا تُطيعُه في معصيةٍ ولا في حرام، بعضُ النساء الحمقاوات تقول زوجي قال لي اتركي الصلاة فتركتُ، زوجي قال لي ارفعي الإيشارب فتركتُه، تخرج إلى الطريق كاشفة العورة، هذه حمقاء والعياذ بالله لأنها حرامٌ عليها أنْ تطيعَ زوجَها في معصية اللهِ تعالى صغيرة كانت هذه المعصية أو كبيرة إنما تطيعُه في الخير فيما لا معصيةَ فيه، تطيعُه فيما هو حلال مباح خير طاعة أما في المعصية الزوج ليس له طاعة عليها.

الأم ليس لها طاعة على ابنِها في معصية الله كأنْ تقولَ له اترك الصلاة من أجلي كأن تقولَ له والعياذ بالله اترك الإسلامَ من أجلي لا يُطاوعُها، هذه أمّه لكنْ اللهَ تعالى فرضَ عليه أنْ يثبتَ على الإسلام فمَن يطيع؟ يطيع الله الذي خلقَه أما أمّه أمةٌ ضعيفةٌ عاجزة بشربةِ ماء قد تختنق فتموت بتنفسها قد تختنق فتموت فكيف يكفر من أجلِها؟ كيف يطيعُها في معصية الله؟

{وإنْ جاهداكَ على أنْ تُشرِكَ بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطِعْهُما وصاحبْهما في الدنيا معروفًا}[لقمان/١٥] يُحسن إليهما لكنْ لا يُطاوعُهما في معصية الله، لا تُطِعهما لا في الشرك ولا في المعصية ولا في الكفر ولا في الفسق ولا في الفجور لا في الكبائر ولا في الصغائر، الأم ليس لها طاعة على أبنائِها في معصية الله لو ماتت منْ غيظِها لو انفلقَ قلبُها وهي تبكي لأنها تريد من ابنِها أنْ يكفرَ بالله أنْ يتركَ الإسلام أنْ يكفرَ بمحمد أن يكفرَ بالإسلام لا يُطاوِعُها لو انفلقَ صدرُها وقلبُها من شدةِ غيظِها لا يُطاوعُها في الكفر ولا في الفسق ولا في الفجور.

كذلك الأب لو قال لابنِه اذهب واقتل هذا المسلم ظلمًا وعدوانًا لا يُطاوعُه، نعم هو أبوه لكنْ لا يُطاوعُه في قتل الناس ظلمًا وعدوانًا، قتل المسلم ظلمًا وعدوانًا قتل النفس التي حرّم اللهُ إلا بالحق هذا أكبر الكبائر أكبر الجرائم بعد الكفر، فإنْ قال له اذهب إلى هذا المسلم أنا لا أحبه هذا يُغيظُني يُزعجُني اقتلْه من أجلي، لو قال له أبوه ذلك لا يُطاوعُه حتى الخليفة حتى السلطان لو أمرَك بفسقٍ بفجور بالذنوب بالمعاصي بالآثام لا تُطاوعُه.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم [لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق]

وقال عليه الصلاة والسلام [إنما الطاعةُ في المعروف]

حتى الأمير الذي هو عليك لو أمرَك بمعصية لا تُطاوعُه.

هذا الكلام واضح لو كان الأب أو الأم أو الأخت أو الزوج أو القريب أو الصديق أو الجار أمرَك بالكفر أمرك بالفجور أمرَك بالكبائر أمرَك بالصغائر لا تُطاوعُه بل الذي عليك أنْ تطيعَ اللهَ عزّ وجل رضيَ مَنْ رضيَ وغضبَ مَنْ غضب، مَن غضبَ منك لأنك أطعتَ الله ولم تُطعْهُ في معصيةِ الله فغضبُه عليك كالعدم.

الأم لو قالت لك اكفر واترك الإسلام وإلا أغضب عليك في الليل وأدعو عليك في الليل والنهار هي ودعاؤُها كالعدم لو انفلق قلبُها من البكاء وهي تدعو وتتغضب عليك لأنك لم تترك الإسلام لأنك لم تكفر بالله غضبُها عليك كالعدم لا قيمةَ له ولا عبرةَ به.

هذه الآية واضحة الله يقول {وإنْ جاهداك على أنْ تُشرِكَ بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطِعْهما}[لقمان/١٥] انتبهوا لهذه القاعدة.

بعض النساء السخيفات تترك الصلاة تقول زوجي أمرَني، هي نفسُها خبيثة، لو زوجُها قال لها مثلًا لا تكلّمي فلان الذي هو من أهلِك لا تُدخلِي أختك، هل تُطاوعُه؟ في الغالب لا تُطاوعُه، إذا قال لها لا تذهبي إلى أمِّك في الغالب لا تُطاوعُه، الآن إذا قال لها اتركي الصلاة تترك الصلاة من أجلِه؟ هي خبيثة ونفسُها خبيثة، هي تركت الصلاة شربت الخمر قعدت مع الشباب بالحرام لأجل زوجِها هذا لا عذرَ لها فيه، ليس لها عذر أنّ زوجَها هو الذي أمرَها بذلك، لا عذرَ لمخلوقٍ في مُطاوعةٍ مخلوقٍ آخر في المعصية إنما الموافقة والطاعة في الخير ليس في المعصية).

 

*وقال رضي الله عنه: أهمُّ شىءٍ اليوم هو علمُ الدين، علمُ الدين هو الذي ينفعُ في الدنيا والآخرة.

*وقال رضي الله عنه: مَن تعلّمَ الحقّ فهو فائز ومَن تعلّمَ الباطلَ فهو هالك كلُّ صلاتِه وصيامِه لا ينفعُه لأنه ما عرفَ الله.

(هذا عمن كان واقعًا في الكفر في التشبيه في التجسيم في كفر التكذيب في كفر التعطيل، هذا لو كان على زعمه صام وصلى لا ينفعُه ولا يصح منه ولا يُقبَل لأنه شرط صحة وقبول العمل الإيمان بالله ورسولِه صلى الله عليه وسلم.

وممن ذكر ذلك أيضًا القاضي الفقيه المفسر ملّا كوراني شيخ وأستاذ السلطان محمد الفاتح رضي الله عنه وأرضاه, وتكلمنا عنه فيما مضى واسمُه الفقيهُ المفسّرُ القاضي أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن مراد الكوْراني، مشهور في تركيا بملا كُوراني له كتاب مطبوع وموجود في الأسواق يقال له الدرر اللوامع يقول في هذا الكتاب “فالمجسِّمُ كافر وإنْ صام وصلّى” يعني صورةً.

 

 

من هو المجسم؟

المجسّم هو الذي قال أو اعتقد أنّ اللهَ جسم وهو يعرف معنى الجسم، الجسم لا يكونُ أزليا، الجسمُ لا يكونُ إلا حادثًا مخلوقًا، لا يوجد جسم أزلي هذا غيرُ ممكن، يفهم معنى الجسم وقال الله جسم يقول عنه هذا القاضي المفسّر إنه كافر ولو ادّعى الإسلام ولو على زعمِه صام وصلّى صورة.

حتى إنّ الفقيهَ الشافعي العمران اليمني في كتابِه البيان يقول إنّ الكافر لو صلّى –يعني صورةً- لا يكونُ مسلمًا بهذه الصلاة، يعني لا يصيرُ مسلمًا بهذه الصلاة.

فإذًا الكافر الذي شبّه اللهَ بخلقِه الذي اعتقدَ أنّ اللهَ جسم جسد شكل ضوء له روح أو يشبه الأرواح او يقعد في السماء أو يجلس على العرش هذا ليس من المسلمين.

وممنْ نقلَ ذلك عن العلماء أيضًا الفقيهُ الحنفي ملّا علي القاري في كتابه المرقاة قال: إنّ الأشعريَّ ونقلَ عن أبي حنيفة ومالك ونقل الإمام الحافظ العراقي وعن أبي بكرٍ الباقلّاني نقل عن كل هؤلاء أنّ الذي يقول بالجهةِ والمكان في حقّ الله تعالى أنه كافر.

هؤلاء من العلماء الأعلام  المشاهير الأشعري أبو حنيفة الباقلاني الحافظ العراقي الإمام الشافعي كلّ هؤلاء قالوا إنّ مَن أثبتَ لله الجهة أو المكان هو كافر.

وهذا الإمام أحمد بن حنبل عبارتُه صريحة يقول: المجسّم يعني الذي يقول أو يعتقد بأنّ اللهَ جسم وإنْ قال لا كالأجسام فهو كافر.

بدر الدين الزركشي في كتابِه تشنيف المسامع نقل عن الإمام أحمد أنه قال “مَن قال اللهُ جسمٌ لا كالأجسامِ كفر” هذا الإمام أحمد بن حنبل الإمام الورِع الزاهد العابد القدوة الذي كان إمامًا في السنة رضي الله عنه وأرضاه.

ومن أتباعِه أيضًا الفقيه الحنبلي ابن بلبان في كتابِه مختصر الإفادات قال “منَ قال الله جسمٌ لا كالأجسامِ فهو كافر، ومَن قال الله في مكان أو في كلِّ مكان فهو كافر”

على هذا علماء الإسلام.

الذي ينسب لله الجهة التحيّز لو قال هو في مكان واحد أو قال في كل الأماكن هذا ليس من المسلمين.

بعض الجهال يقول لو كان الله في مكان نحن لا علاقةَ لنا بذلك أو يقول لا دخلَ لنا بذلك، وبعضُهم يقول هو في مكان أو بلا مكان لا علاقةَ لنا، وبعضُهم يقول نحن لا نعرف أين هو هو يعرف أين هو، كل هؤلاء ما عرفوا الإسلام لأنهم أثبتوا لله الجهة المكان الشكل الحجم الحيّز، وبعضُهم يقول وهذا في بعض الكتب وهذا كفرٌ عجيب يقول الله في العالم لا يُعرف في أيِّ بقعةٍ هو كما أنّ الزبدةَ في الحليب لا تُعرف في أيِّ مكانٍ في الحليب هي، هذا تشبيهٌ لله بالزبدة والحليب، أيّ كفرٍ هذا؟

الله يقول {فلا تضربوا الله الأمثال}[النحل/٧٤] فلو واحد انتسبَ للإسلام لو ادّعى الإسلام لو قال الله قاعد جالس أو شكل أو جسم أو الله حجم أو ضوء أو روح هذا قال عنه علماء الإسلام إنه كافر.

هذا الفقيهُ الحنفي المحدّث الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي الذي كان من الأولياء الصالحين المدفون في منطقة الشيخ محي الدين بن عربي في دمشق في كتابِه الفتح الرباني يقول “مَن اعتقد مَن قال الله روح أو الله ضوء أو الله جسم قاعد على العرش أو أنه ضوءٌ ملأ السماواتِ والأرض فهو كافر وإنْ زعمَ أنه مسلم”

كتب العلماء بالعشرات بل بالمئات، هناك مَن نقل الإجماعَ على كفرِ مَن يقول بالتشبيه والتجسيم منهم ملا علي القاري الحنفي المشهور في كتابِه المرقاة يقول إنّ مَن حملَ الآيات والأحاديث المتشابهة على ظواهرِها هذا يؤدّي إلى القول بالجسمية والأعضاء والجوارح والانتقال والحيّز والمكان فهو كافرٌ بالإجماع، يعني قائل هذه الأقوال مقطوعٌ بكفرِه بالإجماع.

وقبلَه بزمانٍ بعيد نقل الإجماع على كفرِ هؤلاء أبو منصور البغدادي وكذلك أيضًا أبو شكور السالمي في كتابِه التمهيد نقل الإجماعَ على كفرِهم منذ ألف سنة.

لذلك لا تلتفتوا لهؤلاء المشبهة المجسمة الذين اليوم في مواقع التواصل والذين في بعض المحاضرات يُثبتون بزعمِهم المكان لله والقعود والجلوس والحركة والسكون والانتقال، هؤلاء لا تعبأوا بهم ولا بقولِهم يكفيهم خزيًا أنهم عارضوا هذا النص القرآني {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] {فلا تضربوا لله الأمثال}[النحل/٧٤]

فيا إخواني ويا أخواتي هذا معنى ما  قاله الشيخ “لأنه ما عرف الله” يعني مَن كان قد وصل إلى كفريةٍ من الكفريات إن كان من الكفر الاعتقادي أو الفعلي أو القولي، فهذا لا يكونُ من المسلمين فلا تصح منه الصلاة ولا تُقبَل لأنّ الإيمان الإسلام شرطٌ أساسٌ لا بدّ منه لصحةِ وقبولِ الأعمالِ الصالحة.

وقد تكلمنا في دروس رمضان في هذه المسئلة وذكرْنا لها الكثير من الأدلة القرآنية والحديثية على أنّ الإيمان الإسلام شرطٌ لصحةِ وقبولِ الأعمال الصالحة، هذا معنى “لأنه ما عرفَ الله”).

 

*وقال رضي الله عنه: عليكم بعلمِ أهلِ السنة العملُ المقبولُ عند الله.

(لماذا علم أهل السنة؟ لأنهم الفئةُ الناجية الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم  [ما أنا عليه وأصحابي] وهنا قول الشيخ رحمه الله “عليكم بعلم أهل السنة” لا يعني نفسَه وجماعتَه فقط بل هو نفسُه قال نحن فئةٌ من المسلمين، بل مرادُه من أهل السنة كل مَن كان على نهجِ النبي والصحابة من زمن الصحابة إلى اليوم، فهذا اللفظُ يشمل كل مسلم من العرب والعجَم ممن نعرف وممن لا نعرف من أهل الحق وهم كُثُر بمئات الملايين ولله الحمد.

فإذًا قولُه “عليكم بعلم أهل السنة” المراد مَن يشملُهم هذا اللفظ. وقال الإمام الفقيه الحافظ محمدُ مرتضى الزبيدي رحمه الله في كتابِه إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علومِ الدين المجلد الثاني قال “وحيثُ أُطلقَ أهلُ السنةِ والجماعة فالمرادُ بهم الأشاعرة والماتريدية” يعني هذا الاسم  ليس خاصا لي ولا لك ولا له ولا لجمعيتي ولا لجمعيتك ولا لحزبك ولا لأهل بيروت ولا لأهل الأردن أو سوريا أو مصر لا، بل هذا يشمل كل المسلمين في الأرض من أهل السنة والجماعة الذين هم على المنهج الصحيح الذي كان عليه الرسولُ صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله عليهم لأنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه أبو داود في سننه وهذا من الأحاديث المُشتهرة قال [ستفترقُ أمتي على ثلاثٍ وسبعينَ فرقة كلُّهم في النار إلا واحدة ما أنا عليه وأصحابي]

وهذا الحديث حديثٌ مشهور رواه من الصحابة عشرة، والحديث المشهور ما رواه من الصحابة ثلاثة وما فوق، ورواه أبو داود رحمه الله.

ثم في حديثٍ أخرجَه الترمذي يُروى أنه صلى الله عليه وسلم قال [لا تجتمعُ أمتي على ضلالة]

وهذا الصحابي أبو مسعودٍ البدري رضي الله عنه وأرضاه يقول “ما كان اللهُ ليَجمَعَ أمةَ محمد على ضلالة” فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمةٌ مرحومة فيها الخير والبركة والتأييد والنصر إلى قيام الساعة لأنهم الفئةُ المنصورة الذين مدحهم القرآنُ والرسول صلى الله عليه وسلم.

عرَفْنا مَن يعني بقولِه “عليكم بعلم أهلِ السنة”؟ لا يعني نفسَه فقط لا، بل كل مَن هو من أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية من السابقين ومَن في عصرِنا ومَن يأتي بعدَنا، لو كان منذ ألف سنة مثلًا أو يأتي بعد ألف سنة وهو على الحق فهو على الرأس والعين لأنّ هذا الاسم يشمل كل هؤلاء الذين مدحهم القرآن {كنتم خيرَ أمةٍ أُخرِجَت للناس تأمرونَ  بالمعروف وَتنهَوْنَ عن المنكر وتؤمنونَ بالله}[آل عمران/١١٠] لأنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم مدحهم قال [ما أنا عليه وأصحابي]

وهناك أحاديث عديدة وكثيرة تمدح السواد الأعظم.

قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي رحمه الله أبو بكر الحافظ أحمد بن الحسين، قال [المتمسّكُ بسنتي عند فسادِ أمتي  فله أجرُ شهيد] سنتي يعني شريعتي عقيدةً وأحكامًا وهذا عليه أهل السنة والجماعة لأنهم أتباع الصحابة رضوان الله عليهم، ثم أهل السنة لأنهم وافقوا القرآنَ والحديث والإجماع معهم.

وقد تكلمنا قبل الآن وذكرنا آيات وأحاديث على حقيةِ وصوابية منهجِ أهلِ السنة والجماعة وأنّ مَن شذّ عن الأشاعرة والماتريدية وخرج عن مذهبِهم وخالفَهم وعارضَهم فهو مُتَوَعَّدٌ بقولِ اللهِ تعالى {ويتَّبِع غيرَ سبيلِ المؤمنين}[النساء/١١٥] هذا تكلمنا عنه فيما مضى.

واحفظوا هذه العبارة، قال رحمه الله “علمُ أهلِ السنة مفتاحُ الجنة”)

 

*وقال: عليكم بعلمِ أهلِ السنةِ العملُ المقبولُ عند الله الغيرُ المقبولُ يُعرَفُ بالعلم بعلم الدين العملُ القليلُ مع الفقه عند الله خيرٌ من العمل الكثير بلا فقه.

(أنت كيف تعرف أنّ صلاتَك صحيحة أن حجك صحيح أو ليس صحيحًا، كيف تعرف ذلك؟ بعلم الدين بالفقه هو الميزان، بهذا الميزان تعرف إنْ كانت صلاتُك زكاتُك وضوؤُكَ صحيحا أم لا، أليس الناسُ يضربونَ مثلًا بميزان الذهب؟ ميزانُ الذهب يُخطىء وشريعةُ اللهِ لا تُخطىء، شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم حق وصدق ونجاةٌ وأمنٌ وأمان، بهذه الشريعة بالقرآن بالحديث بالإجماع بفقه علمِ أهل السنة تعرف كيف يصح منك هذا العمل وكيف لا يصح.

كم وكم من الناس اليوم بسبب عدم التعلم يذهبون إلى الحج والعمرة ثم يعودون من غير حج ولا عمرة، كم وكم من الناس يذهبون فيَحُجّونَ بزعمِهم ويسعَوْنَ في المسعى الجديد الذي هو خارج المسعى القديم كليا، انتبهوا كلامي ليس عن المسعى القديم بل عن المساحة والمسافة الجديدة التي أضيفَت وأُدخِلَت في المسعى.

أليس النووي رحمه الله الحافظ الفقيه المشهور في كتابِه المجموع –شرح المهذب- نقل عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال في المجلد الثامن “فلو سعى في زقاق العطارين لم يَجُزْ”

هذا الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه الذي فيه بعض العلماء فسّر حديث الترمذي [لا تسبوا قريشًا فإنّ عالَمَها يملأُ طباقَ الأرضِ علمًا] وفي لفظٍ [علمًا ونورًا] إذا كان في زمن الشافعي الذي ولدَ سنة 150للهجرة مات 204 انظروا في ذلك الزمن يقول الإمام الشافعي “فلو سعى في زقاق العطارين لم يجُز” كان تلك الأيام مكان ملاصق للمسعى فلو خرج من المسعى وسعى في زقاق العطارين الإمام الشافعي يقول لم يجز، فكيف اليوم إذا أُدخِل زقاق العطارين وأوسع منه من المساحة الخارجية، كيف إذا أدخلَت في المسعى وسعى الإنسانُ في هذا المسعى الجديد؟ إن كان زقاق العطارين أو غير ذلك فهل يجوز؟

بل الحطابي المالكي قال لو رجع إلى بلدِه وترك من السعي قدرَ ذراعٍ لزمَه أنْ يعودَ من بلادِه لأجلِه، فكيف لو سعى كلَّ السعي في المسعى الجديد؟

هذا مثال وهناك أدلة كثيرة بل وهناك مَن ألف كتابًا في هذه المسئلة وهو الشيخ أحمد صادق عوف الدمشقي رحمه الله، ألّفَ كتابًا وحشد فيه الأدلة القرآنية والحديثية بل والإجماع ووضع أقوال العلماء والفقهاء والمؤرخين حدود المسعى في زمن النبي ومَن بعدَه إلى أنْ غُيِّرَ وهذا كتاب مطبوع في الأسواق، حكمُ السعي في المسعى الجديد،  فيه بيّن بالأدلة الكثيرة أنّ السعيَ في هذا المسعى لا يصح.

هذا مثال الآن ذكرته وليس هو عنوان الدرس لكنْ هذا في معنى العبارة أنّ مَن لم يتعلم مَن لم يتفقّه لا يعرف كيف يصح منه العمل وكيف لا يصح، أما مَن تفقه وعرف الفقه عرف الشريعة يعرف كيف يصح منه العمل وكيف لا يصح لذلك لا تغتروا بكثرة الجهلاء، إذا رأيتَ ألف إنسان يعملونَ صورةَ صلاةٍ فاسدة هؤلاء الألف واحد ليسوا دليلًا شرعيا لتعملَ ما علموا من عبادةٍ فاسدة، يعني لا تُؤخَذ بالزحمة ولا بالضجيج ولا بالعدد الكبير الذي عليه الجُهلاء بل العبرةُ باتّباع الشرع.

لذلك يُروى أنه صلى الله عليه وسلم قال [لفقيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطان من ألفِ عابد]  يعني فقيه حق الفقيه يعرف العلم تمكّن يعرف مداخل الشيطان يعرف كيف تصح العبادات وكيف لا تصح حصّل العلم الصحيح، هذا الواحد يعرف كيف يسد مداخل شياطين الإنس والجن وكيف يرد الشبُهات ويكون أقدر وأقوى على هؤلاء الجهلاء وعلى الشياطين من ألف إنسان يتعبدونَ على جهل.

لذلك قال إمامُنا وسيدنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه “نومٌ على علم خيرٌ من صلاةٍ على جهل” ما معنى هذا الكلام لأجل أنْ لا يتقوّلَ متقَوِّل ويفتري مفترٍ علينا ويقول يُزَهّدونَ الناس بترك الصلاة لا، لكن هذا القول له معناه، واحد مسلم تعلّم الفرضَ العيني أدّى الواجبات واجتنبَ المحرّمات صلّى الفرائض صلاةً صحيحة عبادات صحيحة ونام في الليل لم يُكثر من السنن والتهجد، وآخر جاهل لم يتعلم ولا يعرف كيف تصح الفرائض ولا كيف يؤدي العبادات يؤديها صورةً مع ما يُبطِلها مع ما يُفسِدُها مع الخلل بما لا يصح وقام في الليل بزعمِه يتهجد إلى الفجر، أيهما خير؟ هذا الذي أدّى الواجبات واجتنب المحرمات وتعلّم على الوجه الصحيح وعباداتُه صحيحة مقبولة ونام في الليل وذاك القائم على جهل لا تصح منه الصلاة ولا الصيام ولا العبادات ويبقى مستيقظًا بزعمِه إلى الفجر، أيهما أفضل؟ هذا الذي عناه الشافعي “نومٌ على علم خيرٌ من صلاةٍ على جهل” لأنّ ذمةَ هذا الجاهل بما يُفسد ويُخرِّب لم تبرأ بل هو مُطالَبٌ يومَ القيامة بالوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة، أما ذاك النائم أدى العبادات على الوجه السليم على الوجه الصحيح، هذا معنى قول الشافعي رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا ببركاتِه وأمدّنا بمددِه.

إذًا فهِمنا معنى الحديث [لفقيهٌ واحد أشدُّ على الشيطانِ من ألفِ عابد]

لذلك يا إخواني الفقهُ والعلم العمل الصحيح الموافق للإخلاص هو دربُ الولاية وهو السلوك وطريق السعادة وهو دربُ الجنة وهو الطريق إلى المعالي والمكارم أما مع الجهل مع الفساد مع الخراب مع الابتعاد عن العلم والدين قال بعض أئمة السلف: مَن عملَ بلا علمٍ كان ما يُفسِدُه أكثر مما يُصلِحُه.

مرةً كنا في الحج اسمعوا هذه الحادثة العجيبة بعض الإخوة من حملات وقوافل وبلاد كنا ندور عليهم لأجل المحاضرات ولأجل التدريس وتبيان أحكام الحج، في بعض الفنادق سُئلتُ سؤالًا عن أحد الحاضرين في المحاضرة، حملة ذهبتُ إليهم وسُئلت قالوا لي شخصٌ معهم في حملتِهم لا يريد أنْ يذهب إلى رمي الجمرات وهو قادرٌ على رمي الجمرات ليس مريضًا ولا يتأذى إن ذهب ولا يلحقُه ضررٌ فعلي، قلت لهم بيّنوا له أنه إنْ ترك الرجم بلا عذرٍ ترك واجبًا من واجبات الحج عليه  معصية وبيّنتُ مسئلة الفدية وما يَتبَع ذلك ثم قلتُ لهم انصحوه وكلّموه، قالوا ما كان يقبل بالمرة، قلتُ لماذا؟ قالوا قال لهم أنا لماذا أذهب إلى مقرّ إبليس ثم أرميه بالحجارة ولا شىءَ بين وبينَه، انظروا والعياذ بالله إلى سخافة العقل كيف يصح لمسلم أنْ يقول لا شىء بيني وبين إبليس ويخاف أنْ يذهب يظن أنّ إبليس هناك في تلك الأحواض عند الرجم؟ هذه المقارّ ليست مقارًّا لإبليس هو ليس قاعدًا هناك ينتظر مَن يرمون الحصَيات إنما هذا من قول بعض الجهال، ثم كيف يقول لا شىءَ بيني وبينَه والله أمرَنا أنْ نتخذ الشيطانَ عدوا لنا؟ {فاتّخِذوهُ عدوًّا}[فاطر/٦] أمرٌ من الله فهو عدوُّنا لأنه عدوُّ الله ونحنُ نُبغِضُه لأنه عدوُّ الله، كيف يقال لا شىءَ بيني وبينَه؟ ومن ماذا يخاف أنْ يذهبَ إلى الرجم؟ يخاف من إبليس؟ كل هذه الملايين من البشر من الرجال والنساء والأطفال الذين يرجُمون ماذا يحصلُ لهم؟

انظروا إلى الجهل ماذا يفعل بأهلِه، بعضُهم يرجِع وقد ترك من واجبات الحج وبعضُهم يرجع وقد ترك من أركان الحج، وبعضُه يرجع وبعدُ لم يتحلَّل من الحج والإحرامُ ما زال فوقَ رأسهِ، وبعضُهم يرجِع وعليه دم عليه كبيرة، هذا سببُه الجهل.

لذلك مَن عملَ بلا علمٍ كان ما يُفسِدُه أكثر مما يُصلِحُه.

فلذلك يا إخواني نصيحتي لي ولكم فلْنتفقَّه في الدين ولْنتعلّم، قال صلى الله عليه وسلم [مَنْ يُرِد اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين] هذا منطوق الحديث لفظُه، أما مفهومُه هو ومَن لم يُرد اللهُ به خيرًا كثيرًا لا يُفقّهُهُ في الدين.

ولو نظرْتم نظرةً سريعةً اليوم إلى أكثرِ مَنْ حولَكم من الناس –بشكل عام نتكلم- هل تعلموا الفرضَ العيني؟ هل تعلّموا ما يجب عليهم؟ من حيثُ العموم والغالب لم يتعلموا، إذًا مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقهه في الدين، فاحرصوا ومَن تحبون من الأهل والجيران والأصدقاء من الكبار والصغار ممن تفقّهوا أو يتفقهونَ في الدين لتكونوا ممن ينالونَ هذه البشرى [مَن يردِ اللهُ به خيرًا يفقّهه في الدين] جعلني اللهُ وإياكم منهم).

 

*وقال رضي الله عنه: مَن أرادَ اللهُ به خيرًا كثيرًا يكونُ قويَّ الهمةِ في العلم.

(اليوم قوة الهمة عند أكثر الناس في المال، قوة الهمة عند الكثير من الرجال والنساء والكبار والصغار في جمع المال إلا مَن حفظهم الله، ليس في كل الأفراد، الخير في أمة محمد كثير والحمد لله لكنْ من حيثُ الغالب همم الناس في الغالب صُرِفَت إلى الأعمال مع تضييعِ أمورِ الدين، أما لو أنّ إنسانًا جمعَ بين أمور الدنيا والدين والآخرة لا بأس لا مانع لكنْ كلامُنا ولومُنا لمَن يترك الآخرة ليَبنيَ الدنيا والله يقول في القرآن الكريم {والآخرةُ خيرٌ وأبقى}[الطارق/١٧] أفضل وأدوم، وفي الآية الثانية {وللآخرةُ خيرٌ لك من الأولى}[الضحى/٤]

كونوا يا إخواني كونوا من أقوياء الهمة في العلم في الدين في الطاعات في العبادات في خدمة الإسلام.

كلامي ليس ذمًّا ولا طعنًا فيمن جمع بين الأمرين اشتغلَ بالحلال وجمع بالحلال لا بأس من غير أنْ يضيِّعَ الفرائض ولا الآخرة، أما كلامي في الذم والطعن فيمن ضيّع الفرائض وخسر الآخرة ليبني الدنيا ولن تدوم لا لنا ولا له، لن تبقى ولن نبقى لا نحن ولا هي، نحن للفناء والزوال وهي للزوال، كلُّ مَن عليها فان فالعاقلُ الذكي الفطن المتدبر هو الذي يربحُ الآخرة لأنّ النعيمَ في الجنةِ لا نهايةَ له لا نفادَ له، النعيم في الجنة في الآخرة والجنة تستحق أنْ يُعمل لها وأنْ يُتعَبَ في طلبِها).

 

*وقال رضي الله عنه: منْ لم يتعلم هو أهلكَ نفسَه فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، بعضُ الناس من شدةِ الجهل يتركونَ تعلّمَ علمِ الدين الضروري يشتغلون بالذكر والطريقةِ القادريةِ والشاذلية من دونِ أنْ يتعلموا فما أفلحوا بل هلَكوا.

(انتبهوا هنا لأجل أن لا يفهمَ البعض خطأً، الشيخُ هنا لا يطعن في الطريقة الصحيحة الموافقة للشريعة المبنية على الدين والعلم لا بل هو كان شيخ طريقة ومجازًا بالطرق وأعطى وسلّكَ وأجازَ في كل الطرق، لاحظوا كلامَه ليس فيه طعنٌ بأصلِ الطريقة، أعيدُ لكم العبارة قال “بعض الناسِ من شدةِ الجهل يتركونَ علمَ الدين الضروري” كلامُه عن هؤلاء يتركون الفرائض ثم يقعدونَ فيشتغلونَ بالذكر من غير تعلم كما ذكرنا منذ قليل، فكلامُه عن هؤلاء وليس عن أصل الطريقة لأنّ الطرق إنْ كانت الرفاعية أو البدوية أو النقشبندية أو غير ذلك من الطرق الصحيحة مبنيةٌ على العلم، والذين أسّسوها علماء فقهاء أولياء صلَحاء أقطاب رضي الله عنهم فنحن نعرف مَن هؤلاء الأئمة الكبار الذين أسسوا الطرق الصحيحة لكنْ كلامُه ليس عن الطرق الصحيحة ولا عن أصل الطريقة، كلامه عمّن يترك الفرائض والعلم ويقعد يعتمد على الذكر مِن غيرِ ملازمة الفرائض مع العلم، كلامُه عن هؤلاء فليُتَنبّه كي لا يقال الشيخ يطعن في الطريقة القادرية الشيخ يطعن في الطريقة الشاذلية، حاشى، أنا سمعتُ منه قال أنا في بلادِنا أخذتُ الطريقةَ الشاذلية من شيخ يمني وكان أخذ القادرية في بلادِهم وهو مجازٌ بالطرق الأربعين وبأكثر من مفتي الحبشة المحدت الفقيه النحوي العلّامة محمد الجبَرتي مفتي الحبشة العام رحمه الله رحمة واسعة وعندنا الإجازة، الشيخُ مجازٌ بهذه الطرق وبأكثر رحمه الله تعالى، بل له سند في إجازاتِه بالطرق فكلامُه ليس ذمًّا لأبي الحسن الشاذلي لا، هو من كبار الأولياء بل والعلماء وهكذا مولانا القطب الباز الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه وأرضاه مخرّج الأولياء، أكثر من عشرة آلاف ولي خرَّج في حياتِه وهكذا السيد أحمد وهكذا مولانا أحمد البدوي وأبو مدين الغوث وفلان وفلان كثُر الأولياء الذين أسسوا الطرق، شاه نقشبند رحمه الله وكثير أمثال هؤلاء أسسوا الطرق على علم.

الشيخ عبد القادر رضي الله عنه بدأ يعطي الطريقة ويُسلِّك ويُرشد بعدما أمرَه الخضر عليه السلام كان جاء ودخل إلى صحراء بغداد وصارت له سياحة حتى أنِسَت به السباع الوحوش أنسَت بسيدِنا الشيخ عبد القادر الجيلاني، ثم بعدما دخل بغداد وصار يُفقّه الناس نحو ربع قرن وهو يشتغل بالفقه بالعقيدة بالتوحيد بعد ذلك أمرَه الخضر عليه السلام أن يُعطيَ الطريقة، أسسوا الطريقة على العلم، فالطريقة وأهلُها خدامٌ للشريعة، هذا معنى كلام الشيخ رحمه الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين