الأحد ديسمبر 7, 2025

مجلس كتاب ” سمعت الشيخ يقول ” -144

الله خالق السموات والأرض – الله موجود بلا كيف ولا جهة ولا مكان

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين

أما بعد إخواني وأخواتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أذكركم وأذكر نفسي بإخلاص النية لله تعالى وكالعادة أذكركم بتذكير غيركم وبدعوة غيركم لحضور هذا المجلس لينتفع الجميع بالثواب والأجر والبركة والعلم إن شاء الله تعالى ، وبهذا تكونون شاركتم أنتم أيضا بتذكير الناس وبنشر العلم وبذلك يعظم لكم الأجر والثواب إن شاء الله عز وجل

نبدأ بقول المؤلف رحمه الله رحمة واسعة ” السماء الأولى هذه أوسع من أرضنا هذه بآلاف المرات يوجد فيها باب واحد يسمى باب التوبة خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض -يعني في ذلك اليوم الذي خلقت فيه السماء بعد أن كانت معدومة الله خلق ذلك الباب فيها- ولا يزال مفتوحا إلى أن تطلع الشمس من مغربها وهذا الباب عرضه مسيرة سبعين سنة ، إذا كان باب واحد عرضه سبعين سنة فكيف يكون جملة السماء ؟”

هنا فائدة عظيمة وقبل أن نبدأ بشرحها نبدأ بقول الله عز وجل أول آية من سورة الأنعام { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور }[الأنعام/١]

هذه الآية كما في آيات كثيرة تثبت أن السموات مخلوقة ، ما معنى السماء مخلوقة ؟ يعني كانت معدومة لم تكن موجودة ثم خلقت بقدرة الله تعالى ، الله بقدرته أوجدها فصارت موجودة بعد أن كانت معدومة ، فهذا دليل قرآني على أن السماء ليست أزلية وعلى أن السماء حادثة وأنها مخلوقة لها بداية وهذا دليل من حيث العقل أن الله تعالى لا يسكن السماء الله تعالى ليس متحيزا فيها وليس حالا فيها .

الآن مر معنا في هذه الآية { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض }  يعني مضى قوت لم تكن موجودة والله تعالى أزلي أبدي فكيف يكون الله الأزلي الأبدي في السماء التي لها بداية كانت معدومة ثم صارت موجودة ، يعني هي في الأزل لم تكن موجودة الله خلقها بقدرته فصارت موجودة بعد أن كانت معدومة فكيف يكون الله عز وجل فيها ؟ كيف يكون ساكنا السماء أو كيف يكون بذاته فيها ؟ أو كيف يكون حالا فيها ؟ تنزه الله عن ذلك ، فهو عز وجل لا داخل السماء ولا عليها بذاته ولا فوق العرش بذاته لأن العرش أيضا مخلوق وله بداية كما قال الله في القرآن الكريم { وهو رب العرش العظيم}[التوبة/١٢٩] يعني العرش مخلوق لله هو سبحانه رب العرش خالق العرش مالك العرش متصرف في العرش والسماء وفي كل هذا العالم كما يريد فهو لا يسكن السماء ولا يجلس على العرش .

إذا هذه الآيات تثبت عقيدة أهل السنة والجماعة الأشاعرة الماتريدية نصرهم الله أن الله ليس جسما وليس جسدا وليس كمية لا يسكن السماء ليس حالا فيها وليس قاعدا عليها وليس حالا في العرش وليس جالسا عليه ، بل هو سبحانه موجود أزلا وأبدا بلا جهة ولا مكان ، لأن هذه الجهات مخلوقة لها بداية والسماء جهة فكيف يكون الله فيها ؟ كيف يكون حالا فيها ؟ ثم هذه عقيدة الكفار الذين يقولون الله يسكن السماء ، هم الذين يقولون الله بذاته في السماء

أما الله تعالى فليس ساكنا فيها .

فإذا قال لكم المشبه المجسم فماذا تقولون في حديث الجارية ؟ فيقال حديث الجارية حديث مضطرب الإسناد ورد بألفاظ لا يمكن الجمع بينها ، ثم هذا الحديث بعض الأئمة والعلماء تكلم في سنده وأنه ضعيف والضعيف لا يحتج به في العقائد ويوجد حفاظ قالوا إن إسناده صحيح لكنه مؤول وليس على ظاهره ، بل نقل الإجماع على تأويله الحافظ النووي عن القاضي عياض رحمة الله عليهما ، ففي آية {ءأمنتم من في السمآء}[الملك/١٦] قال هي مؤولة عند جميعهم ، وهذا الحديث مؤول عند كل العلماء -علماء أهل السنة والجماعة لا أعني بالعلماء المشبهة والمجسمة لأنهم ليسوا من العلماء إنما الأشاعرة والماتريدية الذين وافقوا القرآن ووافقوا الإجماع والحديث الصحيح ونزهو الله عن التحيز والجهات والقعود-

ثم نقل الإجماع أيضا على تأويل الأخبار المتشابهة الفقيه ملا علي القاري في المرقاة وقد نص العلماء على وجوب صرف الأخبار المتشابهة عن ظواهرها كالحافظ ابن بطال في شرحه على البخاري ، وقال مولانا الغوث القطب رضي الله عنه السيد أحمد الرفاعي الكبير الجليل قال ” صونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة فإن ذلك من أصول الكفر ”  يعني فإن ذلك موصل إلى الكفر موقع في الكفر ، مدخل في الكفر .

فالذين يحملون الآيات المتشابهات والأحاديث المتشابهة على الظاهر قال عنهم سيدنا الغوث الكبير الرفاعي إنهم سيقعون في الكفر ” فإن ذلك من أصول الكفر”

فإذا حديث الجارية ليس فيه دليل على نسبة سكنى الله في السماء كما تعتقد المشبهة المجسمة حاشا ، ثم إن هذا الحديث في بعض رواياته ما يهدم عقيدتهم.

فمثلا في بعض الروايات من مسند أبي حنيفة في ” ألطمت وجه مؤمنة ” يعني الرسول كان يعرف أنها مؤمنة قبل أن يقول لها أين الله ، ثم شهد لها بالإيمان أولا لأنه كان يعرفها قبل تلك الحادثة أنها مسلمة وأنها مؤمنة وما جاء من لفظ أين الله قال النووي يعني ماذا تعتقدين في الله من علو القدر والشأن والعظمة ، بهذا المعنى ، قالت في السماء وفي بعض الروايات أشارت وفي بعض الروايات كانت خرساء ، قالت في السماء أي أعلى من كل شئ قدرا .

ثم الرسول كيف يشهد لها بالإيمان لو كانت كافرة بمجرد قولها في السماء وهذا اللفظ يقوله اليهود والنصارى والكفار وبعض الحلولية وبعض المشركين ، فكيف يشهد لها بالإيمان والإسلام بلفظ يقوله الكفار أيضا ، هل بمجرد قولها الله في السماء تكون صارت مسلمة مؤمنة بزعمكم ؟ لا ، إذا هذا حديث الجارية بعض العلماء تكلم في إسناده منهم من قال هو مضطرب كما أشار إلى ذلك الأوزاعي والبيهقي وعدد ، ثم الذين قالوا إنه صحيح قالوا له تأوليل ليس على ظاهره .

وعلى كل حال لا يحتج بالحديث المضطرب الإسناد في العقائد ، لا يحتج بالموضوع ولا بالضعيف ولا بالمضطرب في العقائد ، لذلك لا يوجد في هذا الحديث دليل للوهابية على أن الله بذاته في السماء كما زعموا ، فالسماء مخلوقة كانت معدومة خلقها الله صارت موجودة ، كيف يكون فيها ؟ على زعمكم كيف يكون فيها وهو خالقها ؟ لو كان خارجا عنها -على زعمكم- خلقها فصار فيها بعد أن لم يكن فيها هذا تغير والتغير دليل الحدوث والمتغير يحتاج إلى من يغيره والاحتياجية تنافي الألوهية .

ثم من صفاقة ووقاحة وترهات وجهالات بعض مشبهة العصر من صبيانهم وغلمانهم رأيت له مقطعا يقول إن الأشاعرة يقولون قبل أن يخلق المكان أين كان ، يقول ولا يلزمنا أن نجيب كما أنك لو قلت هذا القميص لفلان هل معنى ذلك أنه الآن ليس لفلان ، قبل أن يصير لي لمن كان وأين كان ما لي في ذلك ، على زعمهم أن الله يتغير كما أن هذا القميص لم يكن له ثم صار له ، هذا تغير ، سخفاء ويدعون الإسلام يطيلون لحاهم مع قصر عقولهم

فهؤلاء يتشبهون بالسلف من حيث الشكل ويتمسكون بالاسم لكن في العقيدة يكذبون السلف ويخالفونه ، مجرد إطالة اللحية مع العقيدة الفاسدة لا يعني أنك ناج أو أنك على حق بل من كان على عقيدة صحيحة وأطال لحيته اقتداء برسول الله فهذا الشرف وهذا الاقتداء المبارك ، أما مجرد الإطالة مع فساد الاعتقاد كمن كان قبلهم من المشركين كان لهم لحى طويلة أيضا وكانوا وكانوا ..

فالحاصل هو التمسك بعقيدة الأنبياء وعقيدة الصحابة وآل الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف والخلف والإجماع أن الله موجود أزلا وأبدا بلا جهة ولا مكان .

إذا هذه الفائدة عظيمة في كتاب شيخنا الذي جمعته قال رحمه الله ” السماء الأولى ” لماذا قال الأولى ؟ لأن السموات هي سبع ، ورد في القرآن { الله الذي خلق  سبع سموات ومن الأرض مثلهن }[الطلاق/١٢] هذه آخر آية من سورة الطلاق وهي الآية الوحيدة التي أشارت إلى أن الأراضي سبع أيضا كما أن السموات سبع أما الآيات التي فيها سبع سموات كثيرة جدا ، أما ذكر أن الأراضي سبع ففي هذه الآية من سورة الطلاق ، فهذه الآية تثبت أن الله خلق سبع سموات وسبع أرضين، فإذا السموات هي سبع بنص القرآن والأحاديث والأحاديث والإجماع وهذا دليل لأهل السنة والجماعة على أن السماء مخلوقة لأن السماء حجم وجرم وأجرام ولا أبواب ، وهل هذه الصفات تكون أزلية ؟ وهل هذه الصفات تكون صفات للأزلي ؟ لا ، بل هي صفات الحادث وهي صفات حادثة يعني مخلوقة وجدت بعد أن كانت معدومة ، فهذا يؤكد أن السماء مخلوقة وحادثة والله أزلي أبدي ليس حادثا ولا يتصف بصفة حادثة وأنه لا يسكن السماء وليس حالا فيها .

” السماء الأولى هذه أوسع من أرضنا هذه بآلاف المرات ” السموات الطباق السبع التي فوق بعضها يوجد فرق واسع بين كل سماء وسماء ، يعني ليست ملتصقة ببعضها لا إنما يوجد فراغ واسع بين السماء والسماء خمسمائة عام ، هذا الفراغ الذي بين كل سماء وسماء على أن سمك السماء الذي يلي الأرض خمسمائة عام وهكذا سمك كل سماء خمسمائة عام ثم كل فراغ ما بين سمائين خمسمائة عام .

ثم إذا قلنا هذه السماء الأولى هي التي تلي الأرض عندما يلي صفاء صحو لا يكون غيم  بالمرة وتكون هذه السماء الصافية الزرقاء واضحة الأولى وهي بعيدة جدا جدا جدا عن أرضنا ، فإذا قيل  إذا كانت بعيدة كل هذا البعد كيف نراها ونحن على هذه الأرض ؟ فالجواب عن ذلك لكبر حجمها مع بعد المسافة نراها لكن ليس في كل وقت ، عندما يكون هناك غيوم ملبدة وتحول بيننا وبين السماء لا نراها أما عند الصحو وتكون صافية زرقاء هذه السماء الأولى هي التي تلي الأرض .

هذه السماء مع سعة حجمها واتساعها الذي لا يحيط به علما إلا الله السماء التي فوقها أكبر وأوسع ثم السماء السماء الثالثة أوسع من الثانية والرابعة أوسع من الثالثة ثم كل سماء مشحونة مكتظة بالملائكة أكثر من السماء التي قبلها لأنها تكون أوسع فيكون العدد  أكبر ، هذه السماء الأولى التي تلي هذه الأرض التي نعيش عليها يقول هنا الشيخ رحمه الله

” أوسع من أرضنا هذه بآلاف المرات يعني هذه السماء التي هي الأولى أوسع من أرضنا -هذه الأرض التي نحن نعيش عليها لا نحيط بكل أطرافها ، الآن قد يأتي بعض الناس فيقول مع الاكتشافات والتكنولوجيا والقمر الاصطناعي وما يسمى الصحون الطائرة وآلات التجسس وصواريخ التجسس والنقل والتصوير مع كل هذا ما استطاعوا أن يحيطوا بكل أطراف الأرض ولا بكل من عليها ولا بكل ما فيها ، اطلعوا على بعض الأشياء

فإذا قلت لي لكن الآن توجد أقمار اصطناعية هي في الفضاء قد تصور الإنسان الذي في السيارة في الأرض وتستطيع أن تقرب الصورة لتعرف كم كانت الساعة في يد هذا الرجل عند التقاط الصورة له عبر القمر الاصطناعي وما هي ماركة الساعة التي يلبسها الإنسان ، مع كل هذا توجد أشياء كبيرة وضخمة جدا بعد لم يعرفوها ولم يطلعوا عليها ،  أسألكم هذا السؤال : الرسول أصدق خلق الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن باب في هذه الأرض تنزل منه ملائكة العذاب بروح الكفار إلى الأرض السابعة ، أين هذا الباب ؟ هل رأته الدول التي تسمى عظمى مع الصواريخ والطائرات والصحون المسماة صحون طائرة مع أقمار التجسس ؟

هذا الباب تنزل منه الملائكة في أرضنا هذه إلى الأرض السابعة هل رأوه ؟ هل عرفوه ؟ أجيبوا عن هذا السؤال ، هذا واحد

سؤال آخر ، أليس أخبرنا القرآن كما في سورة الكهف ، حتى بعض الكفار اطلع على هذه السورة ، عن قصة ذي القرنين مع يأجوج ومأجوج ؟ وأنه سد بين الجلبلين وحجز يأجوج ومأجوج عن الناس العاديين ؟ عن البشر ؟ بلى ، وهؤلاء من حيث المساحة هم في مساحة ضخمة وكبيرة وواسعة وأعدادههم لا يحصيها إلا الله ، تخيلوا معي أن الواحد من يأجوج ومأجوج ورد في الحديث أنه  لا يموت حتى يرى ألفا من صلبه ، سؤال : أين كل هذه الأعداد وأين هذا السد العظيم بين الجبلين ؟ على أي بقعة من هذه الأرض يأجوج ومأجوج ؟ على أن الحافظ السيوطي روى في الدر المنثور أن وراء يأجوج ومأجوج ثلاث أمم ضخمة كبيرة وهم تاويل ومنسك وتاريس ، فإذا هذه القبائل وهذا الكم الضخم الكبير من يأجوج ومأجوج وتاويل ومنسك وتاريس كل هؤلاء أين ؟ إلى الآن ما وصلت إليهم ما تسمى الدول العظمى ؟ والأقمار الاصطناعية وصواريخ التجسس ؟ أين كل هذا البشر ؟ أين كل هذا العدد الضخم الكبير من الناس على بقعة من هذه الأرض ؟ كيف لم يصلوا إليهم ولا يعرفون أين هم ؟

ثم كم تحير كل هؤلاء الذين يقال لهم علماء يكتشفون ويبحثون عما يسمى مثلث برمودا ؟ كم دوخهم كم من سفن وطائرات ضاعت وتاهت وغرقت وتكسرت؟ ثم لو أردنا أن نعدد الأشياء التي على هذه الأرض مما لم يصل إليها هذه الأقمار وتلك الدول لطال بنا الوقت جدا ، فإذا هذا دليل من الواقع مما أخبر عنه الحديث أو العلماء أن هناك أشياء على هذه الأرض بعد ما وصلت إليها الدول التي تسمى دول التقدم والتكنولوجيا وتجسس الطائرات وصواريخ التجسس وغير ذلك ، كل هذه القضايا بعد ما وصلت إليها ، رأيتم كم أن هذه الأرض واسعة كبيرة .

ثم تعالوا معي إلى ناحية أخرى من هذه الأرض كم في هذه الأرض من بقع مظلمة لا يعيش عليها البشر ، بحسب عادة البشر يكونون في الأماكن التي يصلون فيها إلى سهولة الرزق وتحصيل العيش والطعام والشراب وما شابه ، مثلا لو نظرنا في معظم بقاع سهول الأرض ووديانها وجبالها بل مع البحار أكثرها مهجور من البشر ، البقع السكنية من الأرض هي الأقل فكم تكون مساحة هذه الأرض ؟ بل يوجد هناك أطراف ليس فيها بشر ، رأيتم كل هذا الذي عددناه وذكرناه وشرحناه عن سعة هذه الأرض ؟ مع ذلك السماء الأولى التي هي أصغر من السماء الثانية ، السماء الأولى أوسع من الأرض التي نعيش عليها بآلاف المرات فكم تكون سعة السماء الأولى مع اتساع الأرض وامتدادها ، لكن كما قلنا إن السماء الأولى أكبر وأوسع من أرضنا هذه التي نعيش عليها بآلاف المرات فكم تكون السماء الأولى وحدها كبيرة عظيمة واسعة شاسعة ؟ ثم السماء الثانية أوسع من الأولى والثالثة أوسع من الثانية والرابعة أوسع من الثالثة والخامسة أوسع من الرابعة والسادسة أوسع من الخامسة والسابعة أوسع من السادسة ، ثم الجنة بعد ذلك بمسافة ، يعني بعد السابعة فراغ واسع ثم تأتي الجنة والجنة أوسع من هذه السموات السبع ، السموات السبع لو مد بعضها إلى جنب بعض الجنة أوسع من كل ذلك .

تعالوا إلى ما هو أكير ، إلى ما هو جنب السموات السبع لو مد بعضها إلى جنب بعض ومدت الأرضين السبع أيضا  إلى جنب السموات  لكانت الجنة أوسع من ذلك ، في بعض الآيات ورد ما يعطي المعنى أن عرض الجنة السموات والأرض .

إذا قلنا الجنة هذا اتساعها هذه الجنة العظيمة الطيبة عرضها أوسع من عرض السموات والأرض فكم تكون الجنة ؟ ثم هنالك ما هو أوسع من الجنة وهو العرش ، الآن كم تكلمنا عن سعة الأرض ثم عن سعة السموات كل واحدة أكبر من التي قبلها ثم عن سعة الجنة والعرش أوسع من كل ذلك .

الأرض مخلوقة والسماء مخلوقة والجنة مخلوقة والعرش مخلوق فكيف يكون الله في المخلوق بزعم البعض ؟ كيف يكون الإله القادر الأزلي الأبدي في شىء حادث مخلوق له بداية بدليل قول الله عز جل { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض }[الأنعام/١]

 إذا السموات مخلوقة والأرض مخلوقة وفي قول الله تعالى { وهو رب العرش العظيم }[التوبة/١٢٩] إذا العرش مربوب لله مخلوق لله العرش له بداية والله ليس له بداية ، إذا الله تنزه عن صفات المخلوقين فالسموات لا يحتاج إليها ربنا والأرض لا يحتاج إليها ربنا والجنة  لا يحتاج إليها ربنا والعرش كذلك ، فالله عز وجل موجود أزلا وأبدا بلا جهة ولا مكان .

قال شيخنا رحمه الله ” أوسع من أرضنا هذه بآلاف المرات يوجد فيها باب واحد يسمى باب التوبة خلقه الله يوم خلق السموات ”

 وهذا ثبت في حديث صحيح أخرجه الترمذي رحمه الله في جامعه ، هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي في جامعه يثبت وجود هذا الباب ومسيرة عرض هذا الباب وأنه خلق للتوبة وأنه لا يغلق حتى تطلع الشمس منه، كيف تطلع الشمس ؟ الله هو المتصرف في الشمس وفي القمر وفي كل العالم ، أليس قال ربنا عن الليل والنهار وعن الشمس والقمر وعن الكواكب {وكل في فلك يسبحون}[يس/٤٠] ؟ هو المتصرف فيها ، أليس قال {فعال لما يريد}[البروج/١٦] ؟ فمن الذي خلق الشمس والقمر والنجوم والكواكب والليل والنهار ؟ الله ، ثم جعل حصة للنهار وجعل حصة لليل لا يدخل هذا على حصة هذا ، ولا يأخذ هذا من حصة هذا وهكذا الفضاء فيه الشمس والنجوم والكواكب والقمر الله يصرفها كيف يشاء { وكل في فلك يسبحون } هذا دليل على أن الشمس مخلوقة لأنها تتغير شروق غروب تضعف عند أول الشروق تكون ضعيفة ثم ترتفع ثم تصل إلى كبد السماء فيصير وقت الاستواء يبدأ حرها فيشتد ويقوى ، وهكذا في وقت الظهيرة ثم عند ميلها للغروب وتقترب إلى الغروب ينكسر حرها ثم تغرب وأحيانا الغيوم تحجبها ، هذا تغير للشمس أم لا ؟ بلى ، مخلوقة  متغيرة الله يتصرف فيها كما يشاء وهكذا القمر وهكذا النجوم والكواكب والليل والنهار كل تحت مشيئة الله

فإذا الله عز وجل بقدرته في يوم من الأيام بعدما تأتي الشمس لأجل الغروب كالعادة يقال لها ارجعي من حيث أتيت فتشرق الشمس من المغرب ، نسأل الله السلامة والنجاة والتوبة ، نسأله أن يغفر لنا وأن يتوب علينا وأن لا يفضحنا لا في الدنيا ولا في الآخرة ، نسأله سبحانه وهو القادر على كل شىء بكرامة وجه محمد أن يرحمنا وأن يصلح أحوالنا وأن يغفر لنا وأن يتقبل منا التوبة والعمل الصالح ، في ذلك اليوم إذا قيل لها ارجعي من حيث أتيت لأنها في كل يوم عند الغروب تذهب إلى مكان معين تحت العرش ، هي في مسافة بعيدة تحت العرش ليس معناه أنها تصعد إلى العرش لكن إلى بقعة معينة وهذا يكون تحت العرش فيخلق الله فيها حركة تسمى سجودا ، يعني منقادة لخالقها سبحانه ، الشمس منقادة لله هو ربها يفعل بها ما يشاء ، في ذلك اليوم لا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث أتيت فتشرق من المغرب فإذا طلعت من المغرب أغلق هذا الباب ، فإذا أراد الكافر أن يسلم لا يقبل منه وإذا أراد العاصي أن يتوب لا يقبل منه .

في ذلك اليوم تحصل أكثر من علامة من علامات الساعة الكبرى وهي خروج دابة الأرض وطلوع الشمس من المغرب يحصلان في يوم واحد ، في ذلك اليوم لا تقبل توبة العاصي ، الآن فلنتب إلى الله عز وجل

في ذلك اليوم الكافر إذا أراد أن يسلم لا يقبل منه لأن الرسول أخبر عن ذلك الباب ” لا يغلق حتى تطلع الشمس منه ”  كما في الحديث الصحيح ” إن في المغرب بابا خلقه الله للتوبة ”  وفي بعض الروايات ذكر عرض هذا الباب ورد فيها سبعين خريفا لا يغلق حتى تطلع الشمس منه ، هذا الباب أين ؟

 قال هنا الشيخ رحمه الله ” وفيها باب واحد -من جملة الأبواب- يسمى باب التوبة خلقه الله يوم خلق السموات ولا يزال مفتوحا إلى أن تطلع الشمس من مغربها وهذا الباب عرضه مسيرة سبعين سنة إذا كان باب واحد عرضه مسيرة سبعين سنة فكيف يكون جملة السماء ” -يعني جملة السماء الأولى وليس السبع كما تكلمنا ، هذا باختصار عن شرح معنى العبارة التي قرأناها من دروس شيخنا مع كتاب سمعت الشيخ يقول

والحمد لله رب العالمين

نراكم على خير وبركة ، حفظكم الله ورعاكم سدد الله خطاكم ختم لي ولكم بكامل الإيمان ورزقنا وإياكم حسن الحال وحسن الخلق وحسن الختام ورؤية النبي عليه الصلاة والسلام

في حفظ الله وكنفه ورعايته

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته