الأحد ديسمبر 7, 2025

مجلس كتاب ” سمعت الشيخ يقول “-142

 حفظ الدين هو الأصل والأساس مقدم على بقية الكليات

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد طه النبي الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه ومن والاه

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد ولا ند ولا زوجة ولا ولد له ولا شبيه ولا مثيل له ولا جسم ولا حجم ولا جسد ولا جثة له ولا صورة ولا أعضاء ولا كيفية ولا كمية له ولا أين ولا جهة ولا حيز ولا مكان له كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان فلا تضربوا لله الأمثال ولله المثل الأعلى تنزه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركة والسكون وعن الاتصال والانفصال لا يحل فيه شىء ولا ينحل منه شىء ولا يحل هو في شىء لأنه ليس كمثله شىء

مهما تصورت ببالك فالله لا يشبه ذلك ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر

وأشهد أن حبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه وخليله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وبارك وعظم وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وسلام الله عليهم أجمعين ورضي الله عن جميع الأولياء والصالحين

أما بعد إخواني وأخواتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أذكركم وأذكر نفسي بإخلاص النية لله تعالى في حضور مجلس العلم وأذكركم بتذكير وبدعوة غيركم ليعم الأجر ويعظم النفع

ونبدأ بدرسنا مع كتاب سمعت الشيخ يقول كان بقي لنا من الدرس الأخير أن نتكلم عن حفظ الدين ، تكلمنا عن الكليات الخمس التي اتفقت عليها الشرائع يعني الأمور التي اتفقت عليها شرائع كل الأنبياء وبقي عندنا من هذا الموضوع أن نتكلم عن حفظ الدين

 

قال الشيخ رحمه الله رحمة واسعة ” حفظ المال واجب وحفظ النفس واجب وحفظ العقل واجب وحفظ النسب واجب وحفظ الدين واجب وهو أوجب من الكل ” هذا فرض أن يحافظ عليه وأن يحفظ في كل الشرائع من شريعة آدم إلى شريعة محمد عليه الصلاة والسلام

شرحنا الأمور التي مرت معنا في هذه القضية ونتوسع الآن بإذن الله تعالى ونفصل في مسئلة وقضية حفظ الدين

لماذا حفظ الدين هو أوجب من حفظ بقية الكليات الخمس ؟ لماذا هو أوجب من حفظ الكل ؟ وما مضى معنا من الأمور حفظ الدين أوجب من حفظها يعني أمره آكد أعظم ، لأنه يترتب على ذلك النجاة من الخلود المؤبد في جهنم

حفظ الدين المحافظة على الإسلام البقاء على العقيدة النبوية الإسلامية الثبات على التوحيد وتجنب الكفر والشرك إلى الممات هذا أوجب وأفرض من حفظ النسب وأوجب وأفرض من حفظ المال ومن حفظ العقل ، وهكذا لأنه يترتب عليه خلود في الجنة ، أي لمن ثبت على الإسلام وحافظ على الدين والإسلام هذا يخلد في الجنة وينجو من الخلود المؤبد في النار .

ودين الله الإسلام هو دين كل الأنبياء ليس خاصا بمحمد صلى الله عليه وسلم فقط ليس محمدا صلى الله عليه وسلم وحده الذي جاء بالإسلام كما يقول بعض الزنادقة اليوم أو بعض الذين يدعون العلم والدكترة والمشيخة ، يقولون والعياذ بالله الجنة ليست حكرا على المسلمين فقط بل يقولون كل الكفار إذا أحسنوا مع الناس يدخلون الجنة ، هؤلاء كذبوا الله وكذبوا القرآن

فإذا دين الإسلام هو الدين الحق الصحيح السماوي العظيم المبارك الكريم المقبول فقط لأن الله قال { إن الدين عند الله الإسلام }[آل عمران/١٩] ولأن الله قال { ورضيت لكم الإسلام دينا }[المائدة/٣] قال لكم ورضيت لكم أديانا مختلفة ، ما قال إن الأديان هي مقبولة عند الله كيف ما كانت ، قال { إن الدين عند الله الإسلام }

وقال سبحانه { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }[آل عمران/٨٥]

وما هو الإسلام ؟ لأجل أن تعرفوا أن هذا الدكتور أو ذاك الشيخ أو هذا الإعلامي أو هذا الصحفي أو هذا المتكلم أو ذاك الخطيب أو هذا الخبيث الذي يدعو إلى الكفر والزندقة والحلول والمروق من الدين والمروق من الإسلام وترك الإسلام لتعلموا أن هؤلاء يدعون للشرك للكفر لعبادة غير الله

لأن الإسلام هو عبادة الله وحده ، انظروا ما أجمل هذا الكلام ، عبارة عظيمة، لأن الله هو الخالق هو الذي أوجد هذا الكون وهو ربنا هو الذي أوجد كل هذا العالم ، فالذين يعبدون غير الله كيف بزعمهم استساغت عقولهم أن يعبدوا هذا المخلوق بدل هذا المخلوق وغيرهم يعبد هذا المخلوق بدل المخلوق الذي هم يعبدونه وجماعة ثالثة تعبد غير الأول والثاني ، ورابعة تعبد غير الثلاثة الأولى والخامسة تعبد غير الأربعة الأولى ، إذا سخافات وترهات ، رأيتم كيف ؟

هذا يعبد بقرة هذا يعبد الشيطان هذا يعبد النار هذا يعبد المسيح هذا يعبد الخضر هذا يعبد عليا هذا يعبد الملائكة هذا يعبد عزير هذا يعبد الصنم هذا يعبد الشجر هذا يعبد النجوم ، سخافات ، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يستحقون العبادة لأنهم عبيد لله .

نعم الأنبياء لهم احترام نحبهم نحترمهم نؤمن بهم نعظمهم نتوسل بهم نستغيث بهم إلى الله هم أحباب الله وهم أفضل خلق الله على الإطلاق لكن الأنبياء لا يستحقون العبادة لأنهم خلق من خلق الله وهم يعبدون الله

قال ربنا في القرآن {سبحان الذي أسرى بعبده}[الإسراء/١] النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه أفضل خلق الله على الإطلاق هو عبد لله ، المسيح عليه السلام مع أنه من أولي العزم من الرسل المكرمين مع ذلك هو عبد لله  {قال إني عبد الله آتاني الكتاب}[مريم/٣٠] إذا هو عبد لله نبي رسول كريم عظيم لكن لا نعبده وإلا واحد يقول أنا أعبد إبراهيم وذاك يقول أنا أعبد موسى وهذا يقول أعبد محمدا وذاك يقول أعبد آدم وهذا يقول أعبد نوح ، ما هذه السخافات ؟ لا الأنبياء يستحقون العبادة ولا الملائكة يستحقون العبادة ، الملائة عباد طائعون لله ، الله قال عنهم في القرآن  { بل عباد مكرمون}[الأنبياء/٢٦] من خلقهم ؟ الله، من أوجدهم ؟ الله ، من ربهم ؟ الله،  إذا هم يعبدون الله ، إذا كان هذا في الأنبياء والملائكة كيف يأتي سخيف فيعبد الحجر ؟ وهذا يعبد الشيطان وذاك يعبد النار ، رأيتم تلك السخافات؟

كل الذين يعبدون غير الله وكل الذين على غير الإسلام عقولهم تائهة ، عقولهم ضيعت الدليل العقلي .

إذا ما معنى الإسلام ؟ الإسلام أن تعبد الله وحده لأنه يستحق العبادة لأنه الخالق العظيم لأنه الذي أوجدنا وأوجد كل الكون والعالم والذي لا شبيه له ولا مثيل لا يسكن السماء ولا العرش ولا الأرض ولا الفضاء ليس ضوءا وليس ظلاما ليس روحا وليس ريحا لا شبيه لا ولا مثيل .

إذا الإسلام عبادة الله وحده وأن لا تشرك به شيئا يعني أن لا تعبد غير الله ولا تقول أنا أعبده لكن أعبد معه صنما ، أنت هنا أشركت بالله وذاك يقول لا أعبده أعبده صنما هذا أيضا أشرك بالله ، إذا المسلم هو الموحد لأنه أفرد الله بالخلق والإيجاد ، المسلم يعتقد أن الله وحده الذي يستحق العبادة وأنه لا شريك له ، هذا معنى الإسلام ، عبادة الله وحده وأن لا تشرك به شيئا وأن تفرد الله بالخلق والإيجاد .

ما معنى إفراد الله بالخلق والإيجاد ؟ أن تعتقد اعتقادا جازما أن الأنبياء والملائكة والشمس والقمر والنجوم والكواكب والقبور والأحجار والأشجار والأنبياء والجن والبشر وكل الأسباب لا تخلق شيئا وكل العالم لا يخلق شيئا وكل المخلوقات لا تخلق شيئا مهما صغرت لأن الله تعالى قال  {قل الله خالق كل شىء}[الرعد/١٦]

لو كان مع الله من خلق شيئا لكان لله شركاء وبهذا لا تصح له الألوهية ، رأيتم؟

فالذين يقولون نحن نخلق أعمالنا الاختيارية ولو انتسبوا للإسلام ، هؤلاء أشركوا بخالقهم أشركوا بربهم ، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الإسلام المرجئة والقدرية ”  القدرية يعني المعتزلة، فلو كانوا يدعون الإسلام ويقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقرؤون القرآن وعلى زعمهم يصلون ويصومون ، لا نصيب لهما في الإسلام لأنهم قالوا إن العبد يخلق أعمال نفسه الاختيارية وليس الله يخلقها

الله قال {قل الله خالق كل شىء}[الرعد/١٦] الله قال {والله خلقكم وما تعملون}[الصافات/٩٦] الله قال { هل من خالق غير الله }[فاطر/٣]

إذا آيات كثيرة ، لذلك اسمعوا وانتبهوا ، من قال أو اعتقد بأن هذا العالم أو أن بعض هذا العالم يخلق شيئا مهما صغر يعني يخرجه يبرزه من العدم إلى الوجود صار مشركا برب العالمين ، صار مشركا بخالقه ، فلا يكون أفرد الله بالخلق والإيجاد

إذا لا الأسباب تخلق المسببات ولا الأنبياء يخلقون شيئا ولا الملائكة تخلق شيئا ولا الإنس ولا الجن ولا كل هذا العالم يخلق شيئا ، بل الله عز وجل هو الخالق لنا ولأعمالنا ، بل الله سبحانه هو الخالق لهذا الكون وما فيه هو خالق الأسباب والمسببات ليست الأسباب تخلق المسببات

مثلا الدواء لكن الدواء لا يخلق المسبب الذي هو الشفاء بدليل أننا نرى مثلا مائة مريض كورونا مائة مريض سرطان يذهبون إلى نفس المستشفى نفس الطبيب نفس الدواء عشرة يشفون البقية تتراوح أحوالهم بين من اشتد وضعه الصحي وتأزم وبين من تحسن وبين من تأرجح وبين من مات ، وعشرة شفوا.

إذا لو كان السبب هو الذي يخلق المسبب كان المائة الذين معهم نفس المرض استعملوا نفس الدواء كان ظهر الشفاء على المائة لكن هذا لم يحصل ، لأن الله أمات هؤلاء وشفى هؤلاء وجعل أحوال البقية تتأرجح بين من تحسن ومن صار أقرب إلى الشفاء وبين من تأخر وضعه وبين من تحسن ثم انتكس ، هذا دليل أن الأسباب لا تخلق المسببات ، الطعام لا يخلق الشبع ، الله هو الذي يخلق الشبع في الطعام إن شاء ، الله يخلق الشفاء في الدواء إن شاء ، الله يخلق الإحراق في النار إن شاء ، الله يخلق القطع في السكين إن شاء ، لو كانت السكين هي التي تخلق القطع كان إسماعيل ذبح لكن إسماعيل لم يذبح لأن الله ما شاء لسكين إبراهيم أن تذبح إسماعيل عليهما السلام ، إذا الأسباب لا تخلق المسببات وإلا فكم من أناس يتعاطون سببا واحدا هذا يموت وهذا يشفى وهذا يتحسن وهذا يتأرجح حاله ، هذا دليل عقلي مشاهد ملموس محسوس لكل الناس .

فإذا الأسباب لا تخلق شيئا ، الأسباب مخلوقة والمسببات مخلوقة والله هو الخالق يفعل ما يشاء ، فعال لما يريد ، إذا الله هو الذي أوجد هذا الكون وما فيه

فالذي يعتقد عقيدة الاعتزال الشركية التي تقول بأن العبيد شركاء مع الله هذا ما أفرد الله بالخلق والإيجاد، الذي يعبد وليا فيقول فيه هو الله أو ابن الله هذا ما أفرد الله بالخلق والإيجاد ، الذي يعتقد أن نبيا أو ملكا هو يخلق إنسانا أو يخلق العالم هذا ما أفرد الله بالخلق والإيجاد ، حتى الذي عبد شيئا جسما تخيله قاعدا فوق العرش واعتقد هو الله حتى هذا أشرك بالله وما عبد الله ، عبد غير الله ، عبد جسما تخيله قاعدا فوق العرش وظن أنه هو الله ، وليس هو الله لأن الله ليس كمثله شىء

إذا من هو الذي يحافظ على الدين ؟ حفظ الدين أوجب من حفظ النسب والمال والعقل ، حفظ الدين أوجب من حفظ كل الفرائض لأنك بالدين بالعقيدة بالإسلام بتجنب الكفريات تحصل النعيم الأبدي في الجنة وتنجو من العذاب المؤبد في جهنم .

إذا هذا الذي حافظ على التوحيد عبد الله وحده لم يشرك به شيئا أفرد الله بالخلق والإيجاد وآمن برسول الله ، يعني الذي كان أيام موسى يقول لا إله إلا الله موسى رسول الله ، أيام عيسى يقول لا إله إلا الله عيسى رسول الله ، أيام محمد صلى الله عليه وعلى كل الأنبياء وسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ، يؤمن بالله وحده لا شريك له وأن الله وحده منفرد بالخلق والإيجاد ولا يشبه الله بشىء من مخلوقاته ينزهه عن كل صفات المخلوقين ويؤمن برسوله الذي أرسله ويتجنب كل الكفريات القولية والفعلية والاعتقادية ، هذا الإسلام { إن الدين عند الله الإسلام }[آل عمران/١٩]

فإذا حفظ الدين هذا أوجب من حفظ المال وأوجب من حفظ النفس وأوجب من حفظ العقل ومن حفظ النسب، حفظ الدين هو الأصل والأساس

لذلك يا إخواني ويا أخواتي أنظروا إلى بعض الناس إذا جاء من يعتدي لهم على أموالهم مثلا على سيارته كأن استيقظ في الليل ورأى لصا يريد أن يسرق له سيارته ماذا يفعل ؟ من الصراخ والاتصال بالدولة والمخافر ويوقظ الجيران ، وأحيانا بعض الناس يكون عمل أشياء تسمى حراسة السيارة يعمل ما يسمى  قفل سري للسيارة وزمور خطر للسيارة ويعملوا تأمين للسيارة وكاميرا في السيارة متصلة بالهاتف

أنا لا أقول لك لا تحافظ على مالك لكن حفظ الدين كم يحتاج من الاحتياط لحفظه ؟ كم تعملون لحراسة أموالكم في البيت ؟ مثلا يكون عنده عشرة آلاف دولار يحتار أين يخبؤها كل يوم في مكان ما في البيت ، وأحيانا يوزعهم شىء عند أمه شىء عند أخته وشىء عند عديله شىء عند صاحبه وشىء في البيت، يأتي بالخزنة ولها أرقام ومفتاح سري ويخبؤها إما في الخزانة أو تحت التخت أو على التتخيتة ، كله لأجل القليل من المال الذي إما أن تموت لأجله قد تقتل لأجل  وهذا حاصل اليوم بسبب عشرين دولار أحيانا قد يقتل الإنسان ، لأجل الدراجة النارية الخاصة به أحيانا يقتل أو يضرب أو يدفع عنها ثم تسرق منه ، تحتاط لأجل هذا المال وأنا لست ضدك في ذلك ولا أمنع، قد تقتل من أجل هذا المال قد يسرق قد يضيع ثم قد يصرفه بعض الناس في معصية الله ، بعض الناس يصرفون آلاف الدولارات في معصية الله في الكبائر والصغائر وفي التكبر وفي الزنا وشرب الخمر وظلم العباد لأجل القليل من المال أهلك نفسه صار من أهل الكبائر .

أنا سأعطي مثالا وهذه الامثلة كلكم تعرفونها في المحافظة على المال ، اليوم بعض الناس صاروا يعملون شركات أمن خاصة لأجل البيوت والمؤسسات تطلب موظفي أمن غير الكاميرات التي في الشارع والتي على مدخل المبنى غير التي على مدخل الباب ومن الداخل وعلى الهاتف ومتصلة أحيانا على المخفر إن كان له واسطة ، بعد كل ذلك كم ينبغي أن تكون المحافظة على الدين الذي هو الأصل والذي هو الأساس والذي به النجاة ، به دخول الجنة وبه النجاة من الخلود المؤبد في النار

فالأصل والأساس هو حفظ رأس المال الذي هو الدين الإسلام بالنسبة للمسلم ، لذلك مهما حصل من بلايا ومصائب ومهما حصل من مغريات ومعطيات وتحديات المسلم لا يتخلى عن الإسلام ، المسلم لا يتخلى عن الدين عن التوحيد لا يتخلى عن تنزيه الله لا يتخلى عن تعظيم الله ، لا يتخلى عن تقديس الله لا يتخلى عن عقيدة كل الأنبياء وإلا فإن ترك الإسلام تخلى عنه كفر وهو يلعب أو كان مازحا أو كان غاضبا أو اعتقد عقيدة كفرية هذا إن مات على ذلك ضيع الدين ضيع الإسلام خسر الدنيا والآخرة وصار مخلدا في جهنم إلى أبد الآباد.

واسمعوا لقول الله عز وجل في القرآن الكريم {ومن يرتدد منكم عن دينه}[البقرة/٢١٧] الخطاب للمسلمين يعني نحن فرض علينا أن نثبت على الإسلام لأن الله قال

{يآ أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}[آل عمران/١٠٢] هذا أمر صريح قطعي واضح فإذا جاء من خالف هذا الأمر فنقض الدين نقض الإسلام كذب الإسلام صار كافرا بالله عدوا لله

{ ومن يرتدد منكم عن دينه }[البقرة/٢١٧] الخطاب للمسلمين، نحن أمرنا بالثبات على الإسلام فمن لم يثبت على الإسلام قطع الإسلام ارتد عن الإسلام اسمعوا ماذا جاء في هذه الآية الثانية { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر } يعني سماه مرتد وكافر في آية واحدة { فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة }[البقرة/٢١٧] ليس في الدنيا فقط كما يقول بعض الذين يكذبون شريعة الله يقولون هذا في الدنيا أما في الآخرة الكل يدخلون الجنة ، وهذا بعض أدعياء المشيخة من مجسمة ومشبهة ومتحذلقين ومداهنين ومنافقين وخبثاء يحرفون شريعة الله ، هؤلاء كذبوا الله

الله قال { فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة } وآيات كثيرة ، الله قال في بيان أن من الناس من يكفر بعد الإيمان { ولئن سئلتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }[التوبة/٦٥-٦٦]

واسمعوا إلى الآية  الرابعة { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم }[التوبة/٧٤]  

هذه الآيات الصريحات الواضحات القطعيات تخبرنا أن الإسلام هو الدين الذي أمرنا الله بالثبات عليه إلى الممات وأن من تركه وانسلخ منه وعنه وكفر به ومات فإلى جهنم وبئس المهاد

وانظروا في سير الأنبياء والأولياء لماذا تحملوا الاضطهاد والتعذيب ؟ لماذا تحملوا السجون والضرب والإيذاء بل القتل ؟ حفاظا على الإسلام

الإسلام هو دين كل الأنبياء ، هو أعظم وأعلى وأسمى ما يثبت عليه المسلم . لذلك من ثبت على الإسلام وتجنب الكفريات إلى أن يموت فقد حفظ الدين وحافظ على الدين وسلم له الدين

وانظروا يا إخواني ويا أخواتي في سير الأنبياء والأولياء يحيى عليه السلام لأجل الإسلام لأجل الدين لأنه قال الحق وواجه ذلك الملك وأفتى بما هو حق ولم يراع خواطر أهل الدنيا والفسق والفجور على حساب الدين بل قال الحق وواجه الملك ، ذبحه قتل يحيى ثم قطع بالفأس على ما بين بعض علماء التأريخ، ثم زكريا عليه الصلاة والسلام الذي هو والد يحيى عليهما السلام ، زكريا مع منصب النبوة صبر على فقد وقتل ابنه يحيى النبي فحصل زكريا مع منصب النبوة ثواب وأجر الصبر على فقد وقتل ابنه ، ويحيى مع مصنب النبوة نال الشهادة قال الحق ثبت على الإسلام ثبت على الحق نال الشهادة ، ومع نيل زكريا الثواب والأجر على هذه المصيبة بعد ذلك هو أيضا مع منصب النبوة والأجر الذي ناله حصل الشهادة فقتل بعد يحيى ، زكريا على قول بعض علماء السير والتفسير نشر بالمنشار وهو حي ، انظروا كل هذا الصبر العظيم بالثبات على الإسلام .

اليوم كيف يتجرأ بعض الناس لأجل عقيدة مستحدثة كعقيدة التشبيه والتجسيم يتركون عقيدة القرآن والأنبياء والإسلام والصحابة وآل الرسول والأشاعرة الماتريدية والسلف والخلف عقيدة التنزيه والتوحيد أن الله ليس جسما ولا يسكن السماء ولا يجلس على العرش هو لا شبيه له ولا مثيل ، يتركون هذه العقيدة ويمشون مع المشبهة المجسمة الذين يشبهون الله بخلقه ويكذبونه وينسبون إليه النقائص والعجز والاحتياج والجسمية والقعود والجلوس والتحيز والتغير والتطور ونسبوا له ما لا يليق ويسمون أنفسهم بالسلفية كذبا وزورا وبهتانا ويسمون أنفسهم بالوهابية أو يسمون أنفسهم بجماعة الحديث أو يسمون أنفسهم على زعمهم بجماعة القرآن والسنة إلى ما هنالك من أسماء ليضحكوا فيها على ضعفاء العقول ثم يأتون إليهم فيفرغون فيهم عقيدة اليهود عقيدة التشبيه والتجسيم وأن الله جسم وشكل وجالس وقاعد ثم يقولون هذه العقيدة السلفية ، وحاشا ، العقيدة السلفية السنية الأشعرية الماتريدية ما عليه القرآن والحديث والإجماع والأشاعرة والماتريدية {ليس كمثله شىء}[الشورى/١١] والأشاعرة والماتريدية لم يأتوا بجديد إنما هم مع القرآن ليس كما يشيع اليوم بعض أنصاف الرجال أنصاف مدعي المشيخة في المواقع يقولون الأشعري تاب أن يموت من عقيدته التي أسسها وإمام الحرمين الغزالي أبو بكر الباقلاني تراجعوا عن العقيدة الأشعرية ، ويضعون عبارة الأشعرية عقيدة تاب منها مؤسسها ، أي كذب هذا ؟؟؟ أي  صفاقة ووقاحة ؟

بعض الناس اليوم يقولون عجائب الدينا السبع ، هذا الذي يقول الأشعري تاب من عقيدته التي هي التنزيه والتوحيد عقيدة القرآن والسنة النبوية والإجماع والسلف والخلف ، الذي يقول الأشعري تاب من التنزيه والتوحيد ورجع إلى التشبيه والتجسيم هذا جاء بعجيبة أعجب مما يقال عنها عجائب الدنيا السبع لأن الذي يقول الأشعري تاب كأنه يكفر كل أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية من أوائل القرن الرابع الهجري وإلى الآن ، وإذا كفر كل هؤلاء هل يتجرأ هذا الوهابي مدعي المشيخة الذي يطلع هنا وهناك في المواقع أن يذكر سندا له في كتاب من كتب تفسير القرآن أو الحديث أو أصول الفقه أو الرواية والأسانيد ترجع إلى الرسول من غير أن يمر هذا السند بأشعري أو ماتريدي أو صوفي ؟ فليذكر لنا سندا واحدا مما يتكلمون به اليوم مثلا صحيح البخاري صحيح مسلم سنن أبي داود ، فليذكروا لنا سندا هؤلاء المشبهة الوهابية عنهم الآن هكذا عن مشايخهم المشبهة الآن عن مشبه ومجسم عن مشبه ومجسم وعن مشبه ومجسم حتى يصل على زعمهم إلى رسول الله ، لا يستطيعون ولا يوجد أصلا لأن الأمة من بداية القرن الرابع الهجري إلى الآن إما أشاعرة وإما ماتريدية وصوفية فأين يذهبون ؟

فإن كفرو الأشاعرة والماتريدية وقالوا عقيدة تاب منها مؤسسها يقطعون سند الدين والقرآن والحديث على أنفسهم إلى رسول الله ، هم يعرفون أنفسهم ليس لهم سند ولا يجرؤون أن يأتوا بسند إلا ويمر بأشعري أو ماتريدي ، فما معنى هذا ؟ أي سخافة أي عنوان مفضوح ودجل عريض يقولون الأشعري تاب قبل أن يموت؟

مماذا تاب ؟ من تعظيم الله ؟ مماذا تاب ؟ من تقديس الله ؟ بزعمكم ، مماذا تاب ؟ من تنزيه الله ؟ مماذا تاب ؟ من قراءته القرآن ؟ مماذا تاب ؟ من روايته الأحاديث الصحيحة في التنزيه ؟ مماذا تاب ؟ من عقيدة أجمعت عليها الأمة السلف والخلف ؟

تعرفون ماذا يقولون بقولهم تاب ورجع ؟ أنه ما عاد يقول الله موجود بلا مكان، ما عاد يقول الله ليس جسما ليس حجما ليس شكلا ، ما عاد يقول الله ليس بذاته حقيقة في السماء ، ما عاد يقول الله ليس بذاته على العرش ، على زعمهم من هذا تاب وهو في الأصل كان يرد على من يقول بهذه العقيدة الجهمية الشركية الكفرية التشبيه والتجسيم وتكذيب القرآن .

ثم تعالوا هل نحن ديننا اسمه الإسلام أو اسمه علي بن إسماعيل أبو الحسن الأشعري ؟ ديننا الإسلام ، وقبل أن يأتي الأشعري ديننا موجود

{ إن الدين عند الله الإسلام }[آل عمران/١٩] وفي القرآن { ليس كمثله شىء }[الشورى/١١] وديننا أخذناه من القرآن وعقيدتنا في الله ليس كمثله شىء ، فلا تضربوا لله الأمثال ، هل تعلم له سميا ، ولم يكن له كفوا أحد ، سبح اسم ربك الأعلى -نزه- سبحان الذي أسرى بعبده

وآيات كثيرة تدل على التنزيه والتوحيد والتعظيم والتقديس وأن الله ليس جسما وليس جسدا وليس قاعدا على العرش وليس ساكنا في السماء ، هذا ديننا

فإن قلتم إن الأشعري تاب يعني على زعمكم تاب من هذا ؟ يعني اعتبر أن القرآن باطل واعتبر التوحيد والتنزيه باطل ورجع إلى عقيدتكم التشبيه بزعمكم؟

وهذا ربما لا يصدقكم فيه مجنون ، تعرفون لماذا ؟

عندما تكذبون على الناس وتكذبون وتحرفون وتزيفون كل تلاميذ الأشعري الذين أخذوا عنه العلم مباشرة وكتبهم مؤلفة وموجودة إلى اليوم ونقلوا عن الأشعري مباشرة كأبي الحسن الباهلي وأبي بكر ابن فورك تلميذ الأشعري وأبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين وعمن أخذوا إلى أن يصل إلى الأشعري ومن أخذ عنهم بعدهم إلى أن يصل إلينا ، إجماعهم على أي شىء منعقد ؟

هذا إمام الحرمين في الإرشاد يقول إن الله تعالى منزه عن المكان وعن الجهة ، ويقول هذه عقيدة أهل الحق قاطبة أن الله منزه عن الاتصال والانفصال .

ثم الإجماع الذي نقله أبو منصور البغدادي ” وأجمعوا على أنه لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان ”  أضف إلى الآيات التي ذكرناها

من هذا الأشعري تاب بزعمكم ؟ ما أوقحكم !!!!! ما أكذبكم !!

لو كان أبا جهل لا زال حيا إلى اليوم لكان ضحك عليكم ربما ، وقال لكم جئتم بكذبة لم يسبقكم إليها مسيلمة الكذاب .

فالحاصل عندما يقولون الأشعري تاب ورجع من عقيدة أسسها يريدون تشبيه وتجسيم ، يريدون بزعمهم أن تجسموا وتشبهوا الله وأن تكذبوا القرآن وأن تخرجوا من الإسلام لأن الذي يشبه الله بخلقه ويصفه بالقعود والجلوس ليس سنيا وليس مسلما ليس سلفيا على المعنى الصحيح للكلمة ، أما هؤلاء المشبهة المجسمة وهابية العصر يتسمون بالسلفية هذا كذب وزور ، وأنا أتعجب من بعض الدكاترة والمشايخ يقولون سلفية سلفية من غير أن يبينوا أن هؤلاء لا يقال لهم سلفية أو يدعون أنهم سلف

تعرفون لماذا لا يقال لهم سلفية ؟ حتى لا يتوهم الجهال أنهم على عقيدة السلف والصحابة ، لذلك هؤلاء ليسوا سلفا ولا سلفية لا زمانا ولا معتقدا

فلينتبه كل مسلم في هذا العصر من هذه الفرية قول الوهابية الأشعري تاب من عقيدة أسسها أو تلامذته رجعوا أو تابوا ، يا إخواننا لو قالوا تركوا الإسلام هل هذا يؤثر فيكم ؟ لو جاء واحد وقال لكم الأشعري كفر وترك الإسلام هل هذا يدعوكم لترك الإسلام ؟ لا

هكذا قول الوهابية الأشعري والأشاعرة تلامذة أبي الحسن تابوا من عقيدة أسسوها لا تلتفتوا إليهم ، وحاشى لأبي الحسن أن يتراجع عن التوحيد والتنزيه وأن يترك الإسلام ، حاشى له أن يكذب القرآن لأن الأمة في عصره أجمعت على فضله وسعة علمه وقوته في الأدلة العقلية والنقلية فهو إمام سني منزه مأول لا يقول  بالتشبيه ولا بالتجسيم بل هو كل القواعد التي أسسها لنفي التشبيه والتجسيم ولهدم دين المشبهة ، هذا دين الأشعري رضي الله عنه وأرضاه ، وهو الذي جاء مدحه ومدح أتباعه في قول الله عز وجل {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}[المائدة/٥٤] عندما نزلت هذه الآية أشار الرسول إلى أبي موسى الأشعري وقال هم  قوم هذا ، وأبو الحسن من ذرية أبي موسى ، يعني القرآن مدحهم ، أتباعه وقومه ، أبو الحسن من أحفاد وذريته

إذا القرآن مدحهم والرسول مدحهم قال ” هم قوم هذا ”  هذا مدح من الرسول ، وكذلك الحديث مدح الأشاعرة والماتريدية فيما رواه أحمد والحاكم والسيوطي أنه صلى الله عليه وسلم قال ” ولنعم الجيش ذلك الجيش ” جيش السلطان محمد الفاتح الذي كان ماتريدي العقيدة ، إذا كان ضال كافر كيف مدحه الرسول؟ إذا كان الأشاعرة والماتريدية كفار كيف قال عنهم الرسول ” ولنعم الجيش ذلك الجيش ” ؟ وجيشه كانوا أشاعرة وماتريدية

فلينتبه كل سني كل مسلم على وجه الأرض من فرية الوهابية التي بدأت تتهاوى في هذا العصر وبدأت تتقهقر وبدأوا يتناحروا فيما بينهم ويكفر بعضهم بعضا وهم يكفرون أهل السنة المتوسلين والمتبركين والمستغيثين والمسافرين بقصد التبرك إلى قبور الأنبياء والأولياء ومؤولي الآيات المتشابهات والذين يقولون بالتنزيه وبالتوحيد وبتعظيم الله وينفون عن الله الجسمية والجلوس والقعود ، كل هؤلاء عند الوهابية كفار ، من بقي المسلم إذا ؟

أنتم جئتم من 260 سنة دينكم ينقطع إلى محمد بن عبد الوهاب أما ديننا متصل إلى رسول الله إلى آدم ، ديننا الإسلام ، ديننا أخذناه من القرآن من الأنبياء وبالتسلسل الصحيح الثابت منا إلى الصحابة الكرام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 أما أنتم تشبيه وتجسيم ترجعون إلى الكرامية إلى اليهود إلى ما يكذب القرآن ، أما نحن الأشاعرة الماتريدية الذين نصرهم الله على مر العصور بالأدلة العقلية والنقلية وفي الساحات والميادين وعنا السلاطين والملوك والفقهاء والأمراء والفقهاء والعلماء والأولياء وأهل الحديث والتفسير وكل أهل الفن والعلم في كل فن وعلم إما أشعري وإما ماتريدي من أول القرن الرابع الهجري وإلى اليوم.

إيتوا لي بواحد من الصحابة الكرام كان يقول بعقيدة ابن تيمية وعقيدة ابن عبد الوهاب ، لن تجدوا إلى ذلك سبيلا.

لذلك الذي يقول الأشعري تاب من عقيدته التي أسسها كأنه يقول لكم اكفروا واتركوا الإسلام واعتقدوا التشبيه والتجسيم وادخلوا في البوذية والمجوسية، هذا معنى كلامهم ، يريدونكم أن تصيروا مثلهم مشبهة مجسمة ، هذا معنى قولهم الأشعري تاب من عقيدته التي أسسها وأنه تراجع

عن ماذا تراجع بزعمكم عن تعظيم الله إلى مسبة الله ؟ عن ماذا توحيد الله إلى الشرك ؟ حاشا وكلا

رضي الله عن أبي الحسن الأشعري نصر الله الأشاعرة والماتريدية الذين هم مجموع أهل السنة والجماعة الذين قال الله فيهم { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }[آل عمران/١١٠]

حفظ الدين هو مقدم على الكليات وعلى الأمور كلها لأن الدين هو الأصل والأساس

والحمد لله رب العالمين

ختم الله لي ولكم بكامل الإيمان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته