الجمعة أبريل 19, 2024

مجلس كتاب ” سمعت الشيخ يقول ” -133

الذي يُحلِّلُ ويُحَرِّمُ بغيرِ دليلٍ شرعي فله الويلُ في الآخرة

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له وللمؤمنين والمؤمنات

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدِنا محمدٍ طه النبيِّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه ومَن والاه وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيبهَ ولا مثيلَ له ولا جسمَ ولا حجمَ ولا جسدَ ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاء ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أينَ ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكانَ له كان اللهُ ولا مكان وهو الآنَ على ما عليه كان فلا تضربوا للهِ الأمثال وللهِ المثلُ الأعلى تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركةِ والسكون وعن الاتصالِ والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحَلُّ منه شىء ولا يَحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثلِه شىء

مهما تصورتَ ببالك فالله لا يشبه ذلك ومن وصف اللهَ بمعنًى من معاني البشر فقد كفر

وأشهدُ أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه وحبيبُه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّمَ وباركَ وعظّمَ وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وآلِ كلِّ وصحبِ كلٍّ وسائر الأولياءِ والصالحين

 

أما بعدُ إخواني وأخواتي في الله السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته

أذكّرُكم وأذكّرُ نفسي بإخلاص النيةِ لله تعالى في حضورِ مجلس العلم وأُذكّرُكم بتذكيرِ غيرِكم بارك الله بكم ونبدأ بمجلسِنا متوكلينَ على الله عز وجل مُخلصين له سبحانه

 

وقال الإمامُ الهرريُّ رضي الله عنه ” الذي يُحلّلُ أو يُحرِّمُ بغيرِ دليلٍ شرعيٍّ فله الويلُ في الآخرة “

هذه القضية قضيةٌ خطيرة ومسئلةٌ عويصة ، الذي يحلّل ويحرّم برأيهِ بهواه بلا دليلٍ شرعيّ مِن غيرِ نقلٍ عن العلماء الثقات هذا أحدُ اثنيْن إما كافر وإما فاسقٌ ملعونٌ خبيثٌ ظالمٌ مجرمٌ من أهلِ الكبائر لأنه إذا أحلَّ ما حرّمه الله وكان هذا الأمر المحرّم معلومًا من الدين بالضرورة اشتركَ في معرفتِه العامةُ والخاصة العلماءُ والجهّال ، الكلّ يعرفونَ أنه محرّمٌ في دينِ الإسلام محّرمٌ في الشريعةِ الإسلامية ، جاء هذا الإنسان فأحلَّه ، هذا صار مُعانِدًا للدين لأنه يعرف أنّ هذا الأمر حرام ، يعرف أنّ هذا الأمر لا يجوز مُنكَر إثم مع ذلك قال حلال صار مُكذِّبًا للشريعةِ الإسلامية مُعانِدًا للدين ، فهذا صار من الكافرين خرج من الإسلام .

مثالُ ذلك شربُ الخمر ، واحد يعيش بين المسلمين ويعرف أنّ في دين الإسلام شرب الخمر حرام أو سمعَ الآيات أو سمعَ الأحاديث أو عرفَ الإجماع أو سمع من الأفراد وصدّقَ اعتقدَ أنّ هذا في دين الإسلام حرام ، رجَع بعدما عرفَ وعلمَ وبلغَه فقال شرب الخمر ليس حرامًا ، هذا صار كافرًا بالله لأنه صار مُعانِدًا للدين ، تعمّدَ أنْ يُكذِّبَ الإسلام وتعمّدَ أنْ يكذِّبَ الله تعمّدَ أنْ يكذِّبَ القرآن ، فهذا صار من الكافرين ما عادَ مسلمًا عاصيًا بل صار كافرًا بالله تعالى خارجًا من الدينِ والإسلام لأنه كذّبَ الله وكذّب القرآن عاندَ الإسلام عاند الشريعة ، هذا خرجَ من الإسلام .

وهؤلاء السفهاء لهم وجود اليوم حتى مِن بعضِ أدعياء المشيَخة والعياذ بالله تعالى يُحلّونَ شرب الخمر وهؤلاء نعوذُ بالله تعالى نادَوا على أنفسِهم بالكفر .

وبعضُ السفهاء يقول القرآن ما حرّم الخمر ، هذا الجاهل يقالُ له قال الفقيهُ الحنفيُّ ملّا علي القاري وغيرُ واحد من الفقهاء ” مَن قال إنّ القرآنَ لم يحرِّم الخمرَ كفر ” لأنّ القرآنَ حرّم الخمر .

بعض السفهاء يقول أنا أريد لفظ حرام أو حُرِّمَت عليكم الخمر ، يقال له ماذا تقول في قول الله عز وجل { ولا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرْهما}[الإسراء/٢٣]؟ أينَ في كلّ القرآن حُرِّمَ عليكم أنْ تضربوا أمهاتِكم ؟ هذا النص أين هو في القرآن ؟ غيرُ موجود

أين في القرآن لا يجوزُ لكم حرامٌ عليكم أنْ تضربوا وجوهَ آبائكم بالنّعال ؟ فإنْ كان هذا اللفظ غير موجود في القرآن بدعوى هذا المتقَوِّل الزنديق الذي يقول أنا أريد لفظ حرام وإلا لا يكونُ حرامًا ، يقال له يعني على زعمِكَ يجوزُ أنْ نضربَ والدَك بالنعالِ على وجهِه ؟ فهذا غير موجود بهذا اللفظ في القرآن ، لكن عندما نَهى القرآن عن قولِ أف للأمهات والآباء دلّ ذلك على أنّ مَا فوقَه أوْلى بالتحريم وأشدّ

مثلًا { ولا تقل لهما أفٍّ } يعني ما كان فوقَ هذه الكلمة فهو محرّمَ مِنْ بابِ أوْلى لأنه إذا حُرِّمَ الأدْنى حُرِّمَ الأعلى ، وكان تأكيدًا على تحريمِ الأعلى .

فإذًا هنا لا يوجد لفظ حُرِّمَ عليكم أنْ تقولوا لأمّهاتِكم وآبائكم أفٍّ ، هذا غيرُ موجودٍ في القرآن ، فهل يجوز أنْ يقال للأمهات والآباء هذه الكلمة التي هي إيذاءٌ لهم وتطاولٌ عليهم ؟ ثم ما فوقَها مِن سبِّهم وشتمِهم وضربِهم وأكلِ أموالِهم يكونُ حرامًا أم لا يكونُ حرامًا ؟ بلى هو حرامٌ مِن بابِ أوْلى مع أنّه لم يُنَصَّ في القرآنِ بلفظةِ التحريمِ على هذه المسئلةِ بعينِها وعلى هذه القضية بذاتِها .

فماذا يقول هذا القائل الذي يقول لا يوجد في القرآنِ حُرِّمَت عليكم الخمر ؟ ماذا يقول في هذه القضية ؟ ثم القرآن الكريم يفهمُه أهلُ العلم وليس الأغبياء ، مِن أين للأغبياء أنْ يعرفوا وأنْ يجمعوا ما جاء فيه من أحكام ؟ الأغبياء لا يعرفونَ ذلك إنما العلماءُ والفقهاءُ هم الذين يفهمونَ معاني القرآن .

وقولوا لهذا الغِرّ إذا زعمْتَ أنّ كلمة حُرِّمَت عليكم الخمر أساس وشرط لتكونَ الخمر محرّمة بزعمِك قولوا له لماذا قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم ” إنّ الله ورسولَه حرّمَ الخمرَ وثمنَها ” فإذا كان القرآنُ لم يحرّم الخمرَ بزعمِكَ كيف حرّمها الرسول ؟  القرآن نزل وحيًا والرسولُ بيّنَ وقال هي حرام ، فإذا قلتَ القرآنُ لم يحرِّم كيف حرّمها الرسولُ ؟ يعني إذا كانت بنظرِك حلال والقرآنُ ما حرّمها والرسولُ على زعمِك حرّمها من تلقاءِ نفسِه افتراءً على الله فأنتَ إذًا مُفترٍ على الرسول لأنك تكون كفّرْتَ الرسول فأنتَ الكافر ، أين تكون كفّرْتَ الرسول ؟ لأنها إذا كانت حلالا عند الله بزعمِك أيها الزنديق والرسولُ حرّمها مع أنّها حلالٌ عند الله فيكونُ الرسول كذّبَ الله بزعمِك ، وبهذا أنت تكذّب الرسول وتكذِّب الله ، فأنتَ كفّرتَ الرسول بهذا وأنت الكافر وحاشا لرسول الله أنْ يحرِّمَ شيئًا أحلّه الله ثم يحرِّمُه الرسولُ عنادًا وتأَلّيًا على الله على زعمِك  (كان يوجد سبق لسان هنا صححته)

ثم الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال ” إنّ الله حرّم الخمرَ وثمَنها ” إذا كان ثمن الخمر حرام لماذا ؟ لأنها هي حرام واللفظ فيه هذا لكنْ هذا تأكيد .

فإذًا الذي يقول الله ما حرّمَها القرآنُ ما حرّمها على زعمِه يكون نسبَ إلى الرسول أنه كافر لأنه حرّمَ شيئًا أحلَّه الله عنادًا تكذيبًا للوحيِ على زعمِه ، وهذا من أكفرِ الكفر .

القرآنُ حرّم الخمر ، في قولِه تعالى { فاجْتَنِبوه }[المائدة/٩٠] قولوا لهذا الجَهول اذهب وتعلّم أولًا العقيدة والفقه والأحكام ولغة العرب وتعالَ إلى كلمة { فاجتَنِبوه } لتَفهَمَ وتعلم أنّ الآية فيها الأمر بتحريمِه وبتركِه وبالابتعادِ عنه ، يعني ليس فيها لفظ حُرِّمَت عليكم الخمر أما فاجتنبوه أمرٌ بطرحِه جانبًا والابتعاد عنه مع تحريمِه ، يعني كأنك تقول للابتعادِ عنه ولِتَجنُّبِه تتركُه وتطرحُه جانبًا وأنتَ في جانب لأجلِ أنْ لا تَميلَ إليه ، كأنه من باب التأكيدِ على الابتعادِ عن الخمر .

ثم في قولِه تعالى { فهل أنتم مُنتَهون }[المائدة/٩١] تهديدٌ ووعيدٌ ، معناه إنْ لم تنتهوا فلكم الويل العذاب ، يعني فيه مبالَغة في النهيِ والتحريمِ .

ومما يدلُّ على أنّ هذه الآيات للتحريم ولتأكيدِ التحريم ولتأكيدِ النهيِ ولطرْحِه جانبًا وللابتعادِ عنه الدليل على ذلك أقوال ليس قولًا واحدًا للرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال وأفعال الصحابة الذين عندما نزَلَت هذه الآيات قالوا انتَهَيْنا انتَهيْنا وأُهْرِيقَت في الشوارعِ حتى جرَت في السكك كما روى ذلك أبو داود في سننِه ، عمر وغيره قالوا انتَهينا انتَهينا لأنهم فهِموا التحريم ، لماذا سكبوها في الشوارع حتى جرَت في السكك ؟ لأنهم فهموا التحريم وأنْ تُطرَحَ جانبًا وأنْ يُبتَعَدَ عنها وأنْ لا يُقتَرَبَ منها لأجلِ شربِها ، هذا القرآنُ وهذه الأحاديثُ وهذا فهمُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وفهم الصحابة أضِفْ إلى كلِّ ذلك الإجماع الذي نقلَه النووي وغيرِه على تحريمِها ، أضِف إلى ذلك ما قلتُه ناقلًا عن ملّا علي القاري وعن غيرِه كقطب بغى قالوا : مَن قال إنّ القرآنَ لم يحرِّم الخمرَ كفر لأنه كذّب القرآن .

بعد هذا البيان السريع في بيانِ تحريمِ الخمر اسمع إذا كنتَ تريد لفظ حُرِّم أو حرام أنا أُثبِتُ لك بلفظِ القرآن أنها محرّمة بلفظ التحريم زيادةً على ما ذكرْناه تلك الآيات فيها التحريم الصريح والتهديد لِمَن ينتهي عنها لكنْ زيادةً على كلِّ هذه الأدلّة مِن آيات وأحاديث وإجماع وفهم الصحابة اسمع الدليل الذي أنتَ تزعمُ أنك تريدُه

الله عز وجل يقول في سورة البقرة {يسئلونَكَ عن الخمرِ والمَيْسِر قل فيهما إثمٌ كبير}[البقرة/٢١٩] إثمٌ ضررٌ كبير

والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول ” لا ضررَ ولا ضِرار “

تعالَ الآن إلى سورة الأعراف يقول الله عز وجل {قل إنّما حرَّم ربيَ الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطَنَ والإثمَ}[الأعراف/٣٣] الإثم بنَصِّ القرآنِ حرام والخمرة بنصّ القرآن سورة البقرة أنها إثم ، فتكونُ مُحرَّمةٌ بنَصّ القرآن زيادةً على تلكَ النصوص التي ذكرْناها

لكنْ مِن أينَ للجَهول أنْ يفهمَ النصوص ؟ إذا كانت نصوص صريحة ولا يفهمها فكيف لو كانت إشارة وليست نصًّا على زعمِه ؟

لذلك أجمَعت الأمة على تحريمِ شربِ الخمر وعلى بيعِها والإتجارِ بها وعلى أكلِها مع الطعام ، لأنّ من الناس السفهاء حتى من المسلمين يوجد سفهاء يضعون شيئًا من الخمر مع الطعام ، مثلًا في بيروت بعض الناس عندَهم عادة يأخذونَ شيئًا من الخمر فيضعونَه مع الحَلواء مع الكاتو أو مع الشوكولا مثلًا ، هذا صار نجِسًا محرّمًا ، بعض الناس يأخذون الخمر يضعونَه مع المقانق مع السجق يقلونَه مع البفتاك ، هذا حرام صار نجسًا حرُمَ أكلُه لو كان ملعقة صغيرة ولو كان لا يُسكِر مع ذلك هو حرام

لأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال “ما أسكرَ كثيرُه فمِلءُ الكفِّ منه حرام” “ما أسكَرَ الفرَقُ منه فمِلءُ الكفِّ منه حرام “

وفي حديثٍ ” ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرام ” يعني لو كان القدْر الذي لا يُسكِر يكونُ محرَّمًا بالإجماع .

فإذًا هذا الذي يعيش بين المسلمين ومع ذلك بلغَتْهُ الأدلة أو بلَغَهُ أنّ هذا في الإسلام حرام واعتقدَ ذلك أو سمِعَ الآيات وفهِمَ أنّ القرآنَ حرّمَ الخمر ، سمِعَ الأحاديث ” إنّ الله ورسولَه حرّمَ الخمرَ (ة) وثمنَها ” ثم رجَع فقال هي حلال ، هذا كافر

أو سمعَ من أفرادِ المسلمين أنّها حرام وصدّقَ رجَعَ فقال حلال صار مكذِّبًا للدين، سمعَ أنّ الإجماعَ على تحريمِ الخمر رجعَ فقال حلال صار مكذِّبًا للدين،

هذا الذي حلّلَ مِن عندِ نفسِه بدونِ دليل مِن تلقاءِ نفسِه في مثلِ هذه القضية فهو كافر لأنّه صار مكذِّبًا للإسلام .

ومثل قضية الخمر قضية الزنا أيضًا ، اليوم بعض السفهاء يقول طالما أنها هي راضية فهذا حلال ، يعني إنْ كانت أمّكَ راضية أنْ يزنيَ بها واحد يصيرُ حلالًا؟

جاوب يا قوّاد يا خبيث يا ملعون ، إذا كانت أختك راضيةً أنْ يزنيَ بها واحد يصيرُ الزنا حلالًا بزعمِك ؟ لو أنتَ كنتَ قليل شرف ونخوة وقلت أنا أرضى نحنُ نقول لا نرضى ونقول هو حرام ولا يجوز وإباحَتُكَ لهذا فهو كفرٌ وخروجٌ من الإسلام مع أنك ديّوثٌ وقوّاد إنْ كنتَ تجلب الزبائن لأمكَ ولأختِك ويمكن لمَن هي يقال عنها زوجتك أو لابنتِكَ على زعمك .

بعض الناس وصلَت بهم الصفاقة والوقاحة والخبث أنه يجلب الزبائن لزوجتِه أو لمَن تسمى زوجةً له أو لأختِه ، ملعون خبيث ، مثل هذا الوقح لو قال نعم هي راضية أنا أقول حلال ، لو قال عن أختِه حلال أنْ يُزَنى بها أو عن أمِّه نحنُ نقول هو حرام ، كذَبتَ وكفرْتَ ، يعني أنتَ لو رضيتَ أنْ يُزْنَى بأمِّكَ هو حرام ، وإنْ اسْتَحَلَّيْتَه فأنتَ كافر .

وهكذا في كلِّ قضيةٍ عرفَ الإنسانُ أنها محرّمة ، يعني ليس شرطًا أنْ تكونَ  بمستوى الزنا ولا شرط تكون بمستوى شرب الخمر ولا بمستوى السرقة بل لو كانت في مسائل أقلّ مِن ذلك بكثير لكنه عرف أنها في الإسلامِ محرّمة ثم قال حلال صار كافرًا لأنه صار في حُكمِ المُعانِدِ للدين .

أما إذا كانت هذه القضية هو لا يعرف أنها محرمة ولا بلغَه أنها محرّمة ولا سمِعَ أنها محرّمة في الإسلام ولا فهِمَ لا من الأحاديث ولا من الإجماع ولا من المسلمين فقال هي حلال هنا يُعلَّم ولا يُكفَّر .

في مثلِ أيِّ شىء؟ مثلًا جاهل لم يتعلم الأحكام ظنّ أنّ الرجلَ إذا صافحَ المرأة التي هي ليست محرَمًا له وليست زوجةً له لكنْ صافحَها بلا شهوة ظنّه حلال، في مثلِ هذا يُعلَّمُ ولا يُكفَّر لأنه ما سمعَ الحكم لا من الحديث ولا من الإجماع ولا من أحدٍ من المسلمين ، جاهل يعيشُ على الجهل نشأ على الجهل صار عمرُه عشرين سنة يصافح ابنة الجيران يصافح البنات في المدرسة بدونِ شهوة فرفيقُه قال له هذا حرام لا يجوز قال له لا هذا ليس حرامًا هذا حلال ، لكنْ ليس عنادًا لجهلِه ، في مثلِ هذا يُعلَّم ويقالُ له وقعتَ في معصية من الكبائر لأنك أفْتَيْتَ بغيرِ علم يعني حكَمْتَ في الدينِ برأيِكَ بغيرِ علم ، عليك معصية من الكبائر تبْ إلى الله ما كفرْتَ لكنْ لا تَعُد ، لكنْ لو عرف أنّ هذا في الإسلام حرام ورجعَ فقال حلال لو قال بدونِ شهوة هو حلال صار كافرًا لأنه صار يعرف أنه محرّم ، هذا يكفر لأنه صار مُعانِدًا للدين .

وانتبهوا مِن بعض العفاريت المشايخ كالقرضاوي شيخ الناتو الذي قال عندما ضرب الناتو ليبيا ، قال هذا الوقح الذي لا يستحي من الله ولا من الناس لو كان النبيُّ حيًّا لوضعَ يدَه في يدِ الناتو ، يعني على زعمِه لكانَ وافقَهم على ضربِ ليبيا

كيف هذا ؟ أيُّ فتوى شيطانية هذه ؟ هذه فتوى سياسية كم قبضَ عليها لا نعرف ، هو يقبض وهذا ثابت ، التي كانت زوجةً له من بلادِ المغرب هي فضحَتْه ارجعوا إلى مقابلاتِها وتسجيلاتِها وإلى فضائحِه التي هي أظهرَتْها وكشفَتْها .

وكم قبضَ على فتوى قتل المسلمين في العراق وأفغانستان لا نعرف ، هو معروف أنه يقبض

اذهبوا وسَلوه إنْ كان ما زال في وعيِه كم مليون دولار كان هو مُساهِمًا في تأسيس ما يسمى بنك التقوى الذي فضحَه النائب المصري كما في جريدة السفير أنّ الذين أسّسوا هذا البنك هو قادات جماعة التكفيريين في الدنيا ومنهم فيصل مولوي وفتحي يكن وهذا القرضاوي ، اذهبوا واعرِفوا كم مليون دولار كان له تلك الأيام ، هو أحدُ المؤسّسين . وكشف النائب المصري أحمد طه أنّ هذا البنك وظيفتُه ترويج المخَدِّرات والأسلحة والدعارة ، أحد المؤسّسين في هذا البنك هو القرضاوي ، فلما يفتي بقتل المسلمين في أفغانستان وفي العراق كم يقبض ويحوَّل إلى ما يسمى بنك التقوى ؟ هذا بنك القذارة والحقارة والدعارة انظروا إلى خساستِهم سمَّوْه بنك التقوى على زعمِهم وهذا مِن زندقَتِهم ، مركز الإجرام والفساد نشر الدعارة والتفجير والتقتيل والتدمير يسمّونَه بنك التقوى على زعمِهم

إذًا هذا الرجل الذي لا يستحي من الله أفتى بهذه الفتاوى الباطلة ومنها أنّه عندما صافحَ سأله مذيع الجزيرة مقدّم البرنامج الذي يسمّونَه على زعمهم الشريعة والحياة وهذه ليست من شريعةِ الإسلام ، مِن كلّ الحلَقات والمرات والبرامج التي أعطى فيها لو أنّ عالِمًا يتَتَبَّع ما فيها مِن زلّات وسقَطات ومخازي وفساد وضلالات لجاءت مجلّدات ويسمّيها الشريعة على زعمِه .

تعرفونَ ماذا قال في قضية المصافحة ؟ سألَه المذيع قال له ما هو حكمُ الإسلام  في المصافحةِ للرجل يصافح امرأةً ليست زوجةً ولا محرمًا له ، ماذا تتخيّلون أنْ يكونَ جوابَ مفتي الناتو ؟ على زعمِه يخاف على شعور المرأة وعلى إحساسِها قال عاوزني أكسِفْها ؟ يعني هو يُصافح ، والآن أنتم بعدَما تنتهونَ من هذا المجلس ادخلوا إلى النت والغوغل واطلبوا القرضاوي يصافح فتظهر لكم الصورة اليد في اليد صريحة واضحة لا تحتاج إلى منظار ولا مكبّر ولا لمختبرات .

هذا الدكتور القرضاوي يعرف الأحاديث ، الرسول عليه الصلاة والسلام قال  ” إني لا أصافحُ النساء “

فإذا قال المحرِّفُ كحزب التحرير المسمى الإسلامي جماعة تقيّ الدين النبهاني هم أيضًا في هذه القضية يحرِّفون ويستحلّون ، يقول هؤلاء الجهَلاء بالعامية عندَنا يقولون الجوْقة ، يقولون هو قال عن نفسِه إني لا أصافحُ النساء ، هو يقول عن نفسِه نعم تعليمًا لنا لكنْ إنْ كان هذا الحديث لا يُرضِيكم بزعمِكم فماذا تقولون في حديث ” لأنْ يُطعَنَ أحدُكم بحديدةٍ في رأسِه خيرٌ له مِن أنْ يمَسَّ امرأةً لا تحِلُّ له ” الخطاب للأمة ما قال هذا فيَّ فقط .

ثم ماذا تقولون في حديث السيدة عائشة في الصحيح ؟ ” ما مسَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قط إلا امرأةً تحِلُّ له “

هذا إمامُ الأنبياء ومعلّمُ الناس صلى الله عليه وسلم ، إذًا هذا الحكم ليس خاصًّا برسولِ الله بل لكلِّ الأفراد .

ثم الإجماع أيضًا

لكنْ بعض هؤلاء يحرّفونَ الأحاديث وبعضُهم يقول عاوزني أكسِفْها ؟

هؤلاء جماعة حزب التحرير زادوا على القرضاوي ، قالوا يجوز المصافحة والتقبيل إذا كان للتوديع ، يعني مثلًا فلانة عارضة الأزياء فلانة الراقصة فلانة الرخيصة مثلًا يطلع قادة حزب التحرير والقرضاوي يوَدِّعونَها ويعملونَ خِيَمًا في المطارات يوَدِّعونَ ويستقبلون ، على زعمِهم جبرًا لخواطر البنات الساقطات والنساء الرخيصات .

واسألوا الرجل الذي فضحَهم وكشفَهم في طرابلس الشام في المنشورات التي نشروها في إباحةِ هذه القضية وذهب فناظرَهم ، وهذا معروفٌ عنهم في منشوراتِهم .

ثم هؤلاء أحيانًا يُغَطّونَ عوَرَهم يقولون عند أبي حنيفة يجوز ، لعنةُ الله عليكم ، أبو حنيفة ما قال يجوز بل قال لا ينقضُ الوضوء

يعني إذا لمسْتَ امرأةً لا تحِلُّ لك أبو حنيفة يقول معصية ما قال قبِّل وضُمّ ..

الأئمة الأربعة حرّموا هذا أبو حنيفة مالك الشافعي وأحمد ، لكنْ بعض هؤلاء الجهَلة ليُغَطّوا عوَرهم يقولون عند أبي حنيفة يجوز وكذبوا ما قال هذا ، بل قال لا ينقضُ الوضوء مع المعصية ، يعني إذا لمسَها أو صافحَها أبو حنيفة يقول حرام لا يجوز لكنْ لا ينقض الوضوء .

اليوم كثير من أصحاب العمائم المُزَيَّفة عمائم الغري والألتيكو يقولون عن كلّ شىءٍ فاسد وباطل عند أبي حنيفة ويظنون أنّ مَن يعرف المذهب الحنفي على وجه الأرض انقرَضوا ، يكذِبونَ على أبي حنيفة ويصدّقونَ الكذب الذي هم أسّسوه وأبو حنيفة بريءٌ منهم وهو إمامٌ مُعتبَر مجتهدٌ مطلق تابعيٌّ جليل إمامٌ وليٌّ صادقٌ صالح ، أبو حنيفة كان الشافعي يتبرّك بقبرِه .

اليوم يُلصِقونَ بأبي حنيفة ما هبَّ ودرجَ ويقولون أبو حينفة وهو بريء منهم .

ثم بعض الناس أيضًا من ناحيةٍ ثانية كفّروا الإمام أبا حنيفة خارج من الإسلام وبعضُهم قال ارتدّ وخرج من الإسلام مرتين وحُوكِمَ ، ويقولون على زعمِهم أبو حنيفة أضرّ على الإسلام من الكافرين ويقولون ضربَ الله طاقًا من نار على قبرِه ويقولون ما خلقَ الله أضر على الإسلام من أبي حنيفة ، ويقولون أبو حنيفة يُبيحُ الخمر والخنزير وكل هذا كذب وافتراء ، الوهابية أطلقوا هذا على أبي حنيفة لأنه إمامٌ مُنزِّهٌ مرجِعٌ يُبيحُ التوسل والاستغاثة وهو مِن أئمةِ أهلِ التنزيه

وقد ألّفْنا في الردّ عليهم وفي تبرئةِ أبي حنيفة وبيّنا أنه رضي الله عنه بريءٌ منهم ومن هذه الافتراءات ، بيّنا أنه افتُرِيَ عليه وكُذِبَ عليه وأنهم زنادقة دجاجلة يكفّرونَ علماءَ الأمة ، كفّروا الصحابة وكفّروا أبو أيوب الأنصاري لأنه وضعَ وجهَه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم .

بل أكثر من ذلك شيخُهم وإمامُهم في التشبيهِ والتجسيم وتكفيرِ المتوسّلين والمتأوِّلين ابن تيمية الحرّاني في كتابِه المسمّى مجموع الفتاوى يقول عن نبيِّ الله شعيب كان مشركًا ، يكفِّرُ نبيًّا من أنبياء الله ، فهل سيتَوَرَّعونَ عن تكفيرِ أبي حنيفة ؟ هل سيتورَّعون عن تكفير الصحابة ؟ كفّروا الشافعي كفّروا الإمام مالك كفّروا الجنيد البغدادي كفّروا القطب الرفاعي والباز الجيلاني وكل أئمة التصوّف الصادقين .

قال الشيخ جميل : هذا الكتاب عملناه في الردّ عليهم ” الأدلةُ المُنيفة في نفيِ الكفرِ عن أبي حنيفة “

انظروا واحد من هؤلاء الذين لا يستحونَ عملَ سبع حلَقات في اليوتيوب في تكفير أبي حنيفة ، ولهم كتاب يسمّونه السنة هو مكذوبٌ ومُفتَرى على الإمام أحمد وعلى ابنِه عبدِ الله ، في هذا الكتاب كل هذه المسائل التي ذكرتُها عن أبي حنيفة على زعمِهم وأكثر وهم الآن طبعوه وروّجوها وأعلنوا بتكفير أبي حنيفة فلا يسَعُنا السكوت .

واحد قال لي أنت شافعي كيف تؤلّف في الدفاعِ عن أبي حنيفة ؟ قلت له أبو حنيفة إمامٌ من أئمةِ المسلمين الشافعي لو كان موجودًا كان دافعَ عن أبي حنيفة ، والشافعي نفسُه كان يقول إنه إذا عرضَت له حاجة كما روى ذلك الخطيب البغدادي في كتابِ تاريخِ بغداد في المجلّد الأول أنه كانت إذا عرضَت له حاجة يقول أتوضأ وأصلي ركعتين -يعني في بيته أو حيث هو- يقول ثم أجيءُ إلى قبرِ أبي حنيفة  فأدعو عندَه فما تبعُدُ عني حتى تُقضى لي .

إذا كان الشافعي يتبرّك بقبرِ أبي حنيفة نحنُ مِن عوامّ الشافعية كيف لا ندافع عن أبي حنيفة ؟ الدفاع عن أبي حنيفة أو عن مالك أو عن الشافعي أو عن أحمد أو عن الجنيد أو عن الجيلاني أو عن إمام من أئمةِ المسلمين هذا شرفٌ لنا ، الدفاعُ عنهم دفاعٌ عن الحقّ ليس لأجل الأشخاص .

هذا الكتاب كفَى ووفَى وشفى في تبرئةِ أبي حنيفة وفي بيانِ مقامِه العظيم وفي الدفاعِ عنه وفي تبرئتِه وفي الرد على هؤلاء السفهاء الذين كفّروه والعياذ بالله .

 الحاصل أبو حنيفة ما قال يجوز لك أنْ تصافح المرأة الأجنبية -يعني غير الزوجة وغير المحرم- هذه إمرأة لا تحلُّ لك لا هي زوجة ولا هي من المحارم ، لا يجوز لك أنْ تصافحَها ولا أنْ تلمسَها ولا أنْ تختليَ بها ولا أنْ يحصل بينَك وبينَها تضامّ وتلاصق ، فكيف يكذبونَ على أبي حنيفة ؟ أبو حنيفة ما قال يجوز إنما قال لا ينقضُ الوضوء مع المعصية ، يعني هذا الفعلُ حرام لكنْ لا ينقضُ الوضوء .

هذا الذي ثبتَ عن الأئمةِ الأربعة وغيرِهم من الأئمةِ المُعتبَرين .

فإذًا في مثلِ هذه القضية مَن أحلَّها وهو يعرف أنّ الإسلامَ حرَّمها كفر أما مَن كان لا يعرف أنها محرّمة بالفعل لا يعرف ما بلغَه ما سمِع فقال يجوز أنْ يصافحَ الإنسان رفيقتَه في المدرسة زميلتَه في الدراسة قال يجوز لجهلِه ليس عنادًا ، هذا يُعلَّم ولا يُكفَّر ، وهكذا في كثيرِ من القضايا .

وهنا يا إخواني انتبهوا لأمرٍ مهم وهو أنّ الأحكام الشرعية يعني الوجوب والتحريم والندب يعني السنة والمباح والمكروه هذه القضايا لا تُدرَك بالعقل تُدرَك بالسماع بالتلَقّي ، يعني الإنسان لو قعدَ في بيتِه مثلًا نصف قرن وهو يفكّر يفكّر وحدَه هل سيتوصّل إلى معرفةِ كلِّ الفرائض وإلى معرفةِ كلّ المحرّمات وإلى معرفةِ كلِّ السنن وإلى معرفةِكلِّ المكروهات ؟ لا ، هذا لا يُدرَك  بالعقل ، إذًا كيف يُدرَك ؟ بالنقل بالسماع بالتعلّم بالتلَقّي بأخذ العلم ، لذلك عند أهلِ السنةِ والجماعة نصرَهم الله العقل ليس هو أصل الشرع إنما هو شاهدٌ لصحةِ ما جاء به الشرع ، ليس كالمعتزلة الذين يقولون العقل هو الأصل لا ، إنما العقل شاهد لصحةِ ما جاء به الشرع .

فإذًا انتبهوا لأين نريد أن نصل ؟ أنّ هذه القضايا الفرضية والتحريم والندب (السنيّة) والكراهة والإباحة هذا يُدرَك بالتّعلّم بالسماع بالتلقّي وليس بالعقل .

فمَن كان قريب عهد  بالإسلام أو كقريبِ عهدٍ بالإسلام فقال بالتحريم أو بالتحليل ليس عنادًا إنما لجهلِه وكان بالفعل لم يسمع بالفعل ما بلغَه ، في مثلِ هذه الأحكام والقضايا يُعَلَّم ولا يُكفَّر ، أما لو كان بلغَه وعرفَ أنّ هذا في الإسلام لو في قضيةٍ صغيرة (في نظر الناس صغيرة) فقال الإسلام حرّمها ؟ أنا أقول هي حلال ، وليس شرطًا هذا التعبير لو بسياق الكلام ، هو يعرف أنّ الإسلام حرّم هذه القضية هو رجَعَ فقال حلال أو يعرف أنّ الإسلام أحلَّها هو قال حرام هذا صار بمعنى المعارض للدين المُعانِد ، ففي مثلِ هذا يُكفَّر .

أما إنْ كان جاهلًا ولم يبلُغْه ولم يسمع ولم يعرف وكانت في المسائل الفرعية في الوجوب والتحريم والسنية والكراهة والإباحة إذا قال بخلافِ الذي ورد في الشرع لجهلِه وليس عنادًا يُعلَّم ولا يُكفَّر إلا إنْ كان عنادًا أو كان عرفَ ثم قال هذا صار في حُكمِ المعاند وهو كافر

ويدخلُ في حكمِ المعاندِ أيضًا مَن كان كافرًا وهو على الكفر عرفَ أنّ الإسلامَ حرّم الخمر واعتقدَ ذلك وصدّقَه وهو ما زال كافرًا ثم أسلمَ ، بعد ما أسلمَ بخمسِ دقائق قال الخمر حلال ليست حرامًا ، وقبل أنْ يُسلم كان يعتقد أنها محرّمة في الإسلام ، هذا أيضًا يكفُر لأنه صار مُعاندًا لأنه كان يعتقد قبل أنْ يُسلم وأسلمَ وهو يعتقد أنّها محرّمة ، بعدما أسلم بدقيقة واحدة قال هي حلال صار مُعانِدًا للدين معارِضًا مُكَذِّبًا ، فهذا يلزَمُه أنْ يتشهّد .

وهذه القاعدة الأخيرة التي ذكرْتُها تنفي الكثير من المشاكل وتُريح من كثيرٍ من القضايا والقلاقل ، وهي أنّ الوجوب (الفرضية) والتحريم والندب والكراهة والإباحة كل هذا يُدرَكُ بالسماعِ بالتلقي بالتعلّم وليس بالعقل لأجلِ أنْ لا تتسرّعوا في تكفيرِ مَن قال بخلافِ ذلك جهلًا وليس عنادًا ، لأجلِ أنْ لا يتسرَّعَ مُتَسَرِّع فيحكمُ بالكفرِ على مَن لم يُكفِّرْه الشرع ، على مَن لم يُكفِّرْه الإسلام

وهذه مسئلة مَن لم يبلغه ومَن كان قريب عهد بالإسلام أو كقريبِ عهدٍ بالإسلام أو نشأ في باديةٍ بعيدةٍ عن العلماء أو كان متأوِّلًا تأويلًا مُعتبَرًا يدفَعُ عنه التكفير، كل هذه القوعد تدفع التكفير وتُعلِّمُنا الترَيُّث وعدم الاستعجال وعدم التسرُّع في الحكم ، فالتسرُّع بالكفر على الإنسانِ الذي لم يكفُر أمرٌ خطيرٌ

(في بعض الحالات المُكفِّر هو يكفُر) وفي بعض الحالات ولو كان مُتأوِّلًا وبسبب تأوُّلِه لا يُكفَّر لكنه لا يسلم من الكبيرة ، لا يسلم من الذنب الكبير.

لذلك يا إخواني ويا أخواتي لا تتسرعوا بالتكفير ولا تُعَجِّلوا إلى التكفير .

أما ما كان في أصولِ العقيدة ففي مثلِ هذا لا يُعذر لا قريب عهد بإسلام ولا كمَن هو كقريبِ عهدٍ بالإسلام ولا المُتأوِّل المُخطىء ، كل هؤلاء لا يُعذَرون يُكفَّرون بالإجماع

كالذي يُنكر الصفات الذاتية لله تعالى ، كالذي ينسب اللهَ تعالى إلى الظلم إلى العجز إلى الجهل هذا كافرٌ بالإجماع ، والذي لا يُكفِّرُه كافرٌ معه ، كالذي يقول والعياذ بالله تعالى إنّ الله جاهل ، كالذي يقول إنّ الله تعالى قاعدٌ على العرش ، كالذي يقول إنّ الله تعالى جسد ، يعني أنكرَ صفةً من الصفاتِ الثلاث عشرةَ أو شكّ فيها أو كفّر الأنبياء أو نسبَهم إلى اللواط والزنا ، ففي مثلِ هذا لا يُعذَر ، في مَن يعبدُ غيرَ الله ، فيمن يسبُّ الله فيمَن يُشرك بالله ، فيمن يُعظّم الشرك والكفر ويمدح الشرك والكفر ويشبّه الله بخلقِه ويعتقد أنّ الله تعالى حالٌّ فيه ، في مثلِ هذه القضية لا ينفعُه لا التأويل ولا الجهل ولو كان كقريبِ عهدٍ بالإسلام.

أما القضايا الأولى الخمسة التي بيّنا تلك تُدرَك بالسماع وليس بالعقل أما مسئلة الصفات الثلاث عشرةَ وعصمة الأنبياء وما شابه من أصول العقيدة هذا بالعقل يُدرَك لا يُعذَر فيه الجاهل مهما بلغَ به الجهل ، كالذي يقول مثلًا الله جالس ، هذا لا عذرَ له هو كافر ومَن شكّ في كفرِه كافر .

فإذًا انتبهوا لهذه القواعد المهمّة وانتبهوا لهذه المسائل لأنّ اليوم يغلبُ الجهل على أكثر الناس فلا بدّ لنا من العلم .

وأذَكّركم يا إخواني ويا أخواتي أننا من أول يوم من رمضان مجلسنا هذا سيتحوّل إلى وقتِ صلاةِ العصر بتوقيتِ بيروت لأننا سنكون في المسجد للذين في البلد في جامع البسطة الفوقا كلّ يومٍ عصرًا رجالًا ونساء ، والذين هم خارج البلد سيُتابعونَ إن شاء الله عبر الصفحة ، لن نغيبَ عنكم ولن نتركَكم إنما سنكون يوميًّا معكم

ادعوا الرجال والنساء والأطفال والكبار والصغار ليحضُروا معكم وليشاركوا هذا الدرس اليومي المركزي العصر والذين في البلد ليحضروا إلى المسجد وباقي مساجد ومصليات الجمعية ليستفيدوا وليتعلّموا والذين هم خارج البلد إنما يكونون عبر الصفحة ، فتدَاعَوا إلى هذا الخير

نحن غدًا معكم إن شاء الله ومن أول يوم من رمضان ينتقل المجلس إلى العصر بتوقيت بيروت .

رمضان فرصة العمر التي قد لا تتكرر ، رمضان موسم لنتَفقّه في الدين لنُحصّل الفوائد لنَعملَ لنجتهدَ في الطاعات والعبادات .

كما وأنني أذكّرُكم أنْ تشاركوا بمراقبة هلال رمضان عملًا بالحكمِ الشرعي لأنه من الفروض الكفائية ، من الفروض الكفائية مراقبة الأهلة للشهور العربية ليس فقط لشهر رمضان لأنه يتعلق بذلك أحكامٌ شرعية عديدة

بارك الله بكم غفر الله لي ولكم بلّغني الله وإياكم رمضان وأعاننا على الصيام والقيام وأعتق رقابنا ورقابَكم من النار وأكرمَنا وإياكم برؤيةِ ليلةِ القدر وفقَّهنا في الدين ورزقَنا العمل بالعلم مع التقوى والصدقِ والإخلاص إنه على كلّ شىءٍ قدير

لا تنسوْنا من دعواتِكم بارك الله بكم

والحمد لله رب العالمين