الخميس ديسمبر 12, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” – 115

 

الجنة دار النعيم المقيم – بعض أنواع نعيم الجنة

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدِنا محمد طه النبي الأمي الأمين وعلى آله وأصحابِه الطيبين الطاهرين

 

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: وردَ أنّ أهلَ الجنةِ يذهبونَ إلى سوق ولما يعودون يزدادون جمالًا فتقولُ للواحدِ زوجتُه وجدتُك ازددتَ جمالًا، في هذا السوق مَن كان يعرفُه في الدنيا ومَن كان لا يعرفُه يجتمعون فيه.

)هذا السوق الذي يجتمعون فيه هو مكان ليَتزاوروا ويجتمعوا ويزدادوا فرحًا وأنسًا وسرورًا وليس على عادةِ أهل الدنيا أنهم يدفعون المال هناك أو واحد يقول أنا رأيتُ هذا أعجبني فرحت به لكن ليس معي لأشتريه فيتحسّر الجنة لا يوجد فيها حسرة إنما هذا المكان رائع جميل جدا ثم فيه ما يشتهون ويحبون ويشاءون ويحصّلون ما أرادوه في لحظة وهناك لا يتلكفون دفعَ المال ولا التعب ولا العمل، ثم هناك عندما يتزاورون ويجتمعون في هذا المكان يفرحون، هذا يرى هذا الذي كان يعرفُه في الدنيا ويتذكّرُه وحتى الذي كان لا يعرفُه في الدنيا من المؤمنين يراه هناك يفرح به.

ولا يوجد بينهم تباغض أو تناحر أو تنافر على ما كان بين بعض المسلمين في الدنيا، في الدنيا حتى بين بعض الأهل والإخوة والأولاد والزوجات والجيران يكون تنافر بغضاء عداوة تقاطع تدابر، هذا هنا في الدنيا، حتى لو كانوا في الدنيا هكذا وماتوا على الإسلام هناك يلقاه بمحبة بشغف بسرور وهذا الذي كان بينهم في الدنيا لا يذكرونَه هناك بحيث يُحدِثُ لهم انزعاجًا ونكدًا وألمًا وحسرةً، هذا لا وجودَ له في الجنة إنما هناك يتذاكرون الأمور التي تُفرحُهم مما كانوا يعملونَه من خيرات من طاعات من عبادات من خدمة الدين، هذا يتذاكرونَه هناك ويذكرونَه.

هذا السوق يعني مكان يجتمعون فيه ويحصّلون فيه ما أرادوا من النعيم من الطعام والشراب واللباس لكنْ ليس كعادةِ أهل الدنيا بدفع المال أو يتحسّرون هذا مثلًا شىء أنا فرحتُ به جدا لكنْ صعب المنال لا أقدر أنْ أحصلَ عليه، هذا هنا في الدنيا أما هناك لا يوجد حسرة.

وكما قلت يفرحون ثم يرجع كلّ واحد إلى قصرِه إلى خيمتِه، هنا لما نقول إلى خيمتِه ليس كالخيمة التي في البادية الأردنية أو السورية أو الفلسطينية بالسهول اللبنانية لا، هناك كل مسلم في الجنة له خيمة من ياقوتة واحدة ارتفاعها ستين ميل مُجَوَّفة له فيها أهلون وما يحب وما يشتهي فيها، هذه من درة واحدة اسمها خيمة، وله قصور، هناك القصر في الجنة لبِنة من ذهب ولبِنة من فضة، من بعد ما يتزاورون في هذا السوق ويجتمعون ويفرحون ويتلذذون ويحصل كلٌّ منهم على ما يريد يرجع إلى قصره إلى خيمتِه إلى زوجتِه، هو في هذه المدة التي ذهب بها إلى السوق يزدادُ جمالًا وهي تزدادُ جمالًا، فعندما يرجع يرى أنها قد ازدادت جمالًا أكثر مما كانت عليه وهي كذلك، وكل واحد من أهل الجنة يكون مُتعَشِّقًا لزوجتِه وكل واحدة هناك تكون مشغوفةً بزوجِها متعشّقةً في غايةِ الحبِّ له والشوقِ إليه، أما أنْ يكون في الجنة دميم الخِلقة سيّء الأخلاق هذا لا وجودَ له في الجنة حتى لو كانوا كذلك في الدنيا يضربُها يؤذيها يسبُّها تسبُّه تضربُه هي أيضًا يُبغضُها تُبغضُها هي مثلًا وجهُها محترق بالزيت المُغلى وهو مثلًا وجهُه مصابٌ بإصابة في الدنيا، في الجنة لا يوجد شىء من هذا، من أجمل ما يخطر على بال الواحد يكونون هناك في الجنة.

ثم الأخلاق السيئة والذميمة ودمامة الخِلقة وتشوّه الخِلقة الجسدية هذا لا وجود له في الجنة حتى لو كان في الدنيا مُشَوَّهًا مُقَطَّعَ الأعضاء يُبعَث على الهيئة التي مات عليها على حسب شكلِه وجسده لكن عند دخول الجنة يكون جميلَ الخلقة كاملَ الأعضاء سليم البدن ليس فيه تشوّه ولا فيه نقص في الأعضاء، يعني إذا كانت يدُه مقطوعة في الدنيا في الجنة لا تكون كذلك بل تكون موجودة ويكون كاملَ الجسد.

إذا كان في الدنيا مثلًا فيه صفات المرأة تكرهُها تتأذى منها ومات وماتت هي على عصمتِه ولم تتزوج بعدَه مثلًا وكانت معه في الجنة تلك الصفات التي كانت في الدنيا تكرهُها منه وتلك الصفات التي كان في الدنيا يكرهُها منها كل هذا لا يكون في الجنة، بل يكونانِ على صفةٍ جميلة وأخلاقٍ عظيمة ومن الحسن والجمال والحب والشوق والاشتياق والشغف تكون منهومةً  بحبِّه هكذا يكون في الجنة، فهو يراها ازدادت جمالًا وهي تراه ازداد جمالًا.

ثم هناك في الجنة الله تعالى جعل في قلوبِهم المحبة العامرة والقوية والكبيرة ليس كما في الدنيا، في الدنيا قد الإنسان يكون متزوِّجًا لكنْ لا يميل إليها لا يحبّها أو هي تُبغضُه، هذا في الدنيا موجود أما في الجنة ليس هكذا بل كل واحد يكون مشتاقًا متعشِّقًا منهومًا في محبة زوجتِه وهي مع زوجِها هكذا ثم إذا خرج تشتاق إليه ثم هو يشتاق إليها لما يرجع كما وصفْنا قد ازدادت جمالًا(

 

*وقال رضي الله عنه: في الجنةِ يوجدُ خروفٌ وطيورٌ أما الحشراتُ فلا، الشىءُ الذي تستقبِحُه العين ليس في الجنة.

)خروف وطيور ويوجد أيضًا خيل في الجنة ورد في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر أحمد ابن الحسين البيهقي رحمه الله أنّ لكل واحد من أهل الجنة فرس من الدرّ والياقوت وله أجنحة من ذهب يطيرُ به في الجنة، هذا لكل واحد من أهل الجنة، لكنْ في الجنة درجات فالمراتب وعلوّ درجات الجنة والنعيم والفرح والأنس والسرور تكون على حسب التقوى يعني العاميّ من المسلمين لا يكون في درجة التقي والتقي الغير ولي لا يكونُ بدرجة التقي الولي وهكذا، فإذًا الجنة درجات.

لذلك أكثروا من الطاعات والعبادات والحسنات لتعلو المقامات والدرجات وليعظم لكم الثواب والنعيم في الجنة فهناك على قدر العمل وعلى قدر ما تحصّل تكون درجاتُك هناك، {إنّ أكرمَكم عند الله أتقاكم}-سورة الحجرات/13-

ليس العبرة بالشهرة الدنيوية بل العبرة بتقوى الله، قد ترى إنسانًا ظاهرُه المشيخة وله شهرة دولية تفَتّح له أبواب القصور الملكية كما يقال ويستقبله رؤساء الدول في المطارات والناسُ إذا دخلَ يقومون له وينادونَ باسمه في الفضائيات والتلفزيونات والساحات وهو عند الله تعالى لا يساوي واحد من المسلمين الفقراء السود في جنوب إفريقيا يمشي حافيًا كبيرَ البطن نحيل القدمين ليس له إلا إزارٌ ورداء ينام في الغابات لكنه عند الله تقي، هذا الأسود الذي لا يعرفُه الناس ولا يستقبله الناس وعمال القصور في التنظيفات لا يستقبلونه ويكون هو عند الله أفضل مني ومن هذا الشيخ الذي حكينا عنه ومن الملوك والرؤساء أيضًا لأن العبرة بالتقوى، {إنّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم}-سورة الحجرات/13-

قد يكون الواحد في جنوب إفريقيا في بنغلادش في الهند في الباكستان في السودان في الغابات في السهول في البراري والناسُ لا يعرفونَه وإذا حضر لا يلتفتونَ إليه وإذا غاب لا يسألونَ عنه لا تُفتحُ له السُّدَد ولا تتزوّجُه المُنَعَّمات إنما مدفوع بالأبواب رثّ الهيئة منفوش الشعر ممزَّق الثياب ينام في البراري، هذا قد يكون عند الله أفضل مني ومن ألف مفتي وقاضي ومن سبعمائة ملك ورئيس لأن العبرة بالتقوى، {إنّ أكرمَكم عند الله أتقاكم}-سورة الحجرات/13-

فهناك في الجنة الدرجات على حسب التقوى، لذلك لا تؤخذوا دائمًا بالشهرة الدنيوية.

وقد حكَيتُ لكم قبل الآن قصة العبد المملوك ومولانا الإمام مالك بن دينار وعبد الله بنُ المبارك وشرح الحديث قال صلى الله عليه وسلم [رُبَّ اشعثَ أغبر ذي طمريْن مدفوعٍ بالأبواب لو أقسمَ على الله لأبرَّه]

هناك في الجنة كل واحد من أهل الجنة له فرس لكن التقي أكثر، والولي أكثر من التقي الغير ولي، وهكذا الدرجات.

قد يكون للواحد هناك خيول ليس خيلًا واحدًا وتخيّلوا أنتم فرس يطير ربي قادر على كل شىء. لو قلتَ لي كيف فرس ويطير؟ أقول لك كيف تطير الطائرة التي هي من حديد بحجم قرية أو بلدة وتطير؟ هذا بقدرة الله وهذا بقدرة الله، هل تظن أنك بعضلاتِك طيّرتَ الطائرة في الفضاء؟ قمر اصطناعي في الفضاء، ماذا يعني؟ وهذا أيضًا بقدرة الله.

اليوم يوجد بواخر الشحن مرة واحد من التجار حكى لي كنا في المطار ننتظر إقلاع الطائرة رأيتُ واحدًا من إخواننا التجار ربما كان جائيًا من الصين وقال نستورد بضاعة من الخارج وحكى لنا أنّ بعض هذه ناقلات الشحن البواخر تحمل 30 ألف كونتينير في البحر، هل تتخيلون ماذا يعني هذا العدد في البحر على هذه الناقلة؟

شىءٌ عجيب، تنظر مثلًا لطائرة تسع سبعمائة راكب فيها أغراض تحتاج لقوافل الحمير كي تحمله، سبحان الله العظيم تطير في الهواء، هذا ليس بعزيز على الله ربي قادر على كل شىء.

الذي جعل البراق يمشي ويطير قادر على أنْ يجعل الفرس في الجنة يمشي ويطير، الذي رفع هذه السموات بغير عمُد تُسنِدُها وتُمسِكُها ولا سلاسل من فوق تسحبُها وتُمسِكُها إلى فوق، الذي جعل هذه السموات قارّةً هكذا بقدرتِه ونصبَ الجبال وفجّر البحارَ وبسط الأرض، ربي  لا يعجزُه شىء.

نعم الفرس في الجنة يطير هذا ليس بعزيز على الله ربي قادر على كل شىء.

البراق من دواب الجنة وهو يمشي ويطير وجاء إلى الأرض وفي الأرض مشى وطار فكيف في الجنة؟ هذا ليس بعزيز على الله.

ثم في الجنة الفرس لا تتعذب أنت لتحضر له العشب والتبن والشعير والقمح والخبز اليابس والماء، كل هذا لا وجود له هناك أنت لا تتعب بشىء، ثم هذا الفرس إذا ركبتَ عليه وطار لا تخاف قدر شعرة لا تقول أنا لستُ مدرَّبًا لستُ فارسًا، لا تخاف هناك. تخيّلوا ذاك النعيم في الجنة، والله الجنة تستحق أنْ يُعملَ لها والله الجنة تستحق أنْ يُتعَبَ لها.

ترى بعض الناس ستون عامًا يعملون ويجمعون المال ليشتري بيتًا ويتزوج وقد يموت قبل أنْ يشتريَه، خاصة الآن في هذه الأوضاع من هذا الذي يقدر على شراء البيت ويتزوج؟

إذا كان في الأيام العادية يقعد نحو أربعين سنةً يشتغل ليجمع ويشتري بيتًا اليوم لعله يشتغل ستون سنة ويجمع ويموت ولا يقدر على شراء بيت إلا مَن يسّر اللهُ له، الأمور أحيانًا بلحظة تتيسر ربي قادر على كل شىء.

انظروا أوضاع الناس وأكثر الرؤساء والزعماء والقادة كأنهم مجرد صور لا يحسّون مع الفقراء ولا مع المرضى ولا مع المهجرين والمنكوبين والمشردين والضعفاء والأيتام والأرامل والفقراء، الذين كانوا في حالة وسط صاروا فقراء والذين كانوا فقراء صاروا كما يقال صاروا تحت الخط، والذين كانوا أغنياء أموالهم محبوسة في البنوك، انظروا كيف صار وضع الناس وأكثر الرؤساء كأنهم أخذوا منوّمًا ليلًا نهارًا كأنهم أصابتهم كوما، في الغيبوبة، أكثر الزعماء والرؤساء والقادة وحكام الدول قلوبُهم ممسوخة، لا يستحون من الله ولا من الناس وجوههم كأنها عليها البربارة لا يستحي، أكثرُهم لا يستحون وقحون قلوبُهم كحجر الصوان وجوههم لا تخجل لا يظهر عليهم التأثر والإحساس مع الفقراء الذين يموتون في الشوارع وعلى أبواب المستشفيات، حسبنا الله ونعم الوكيل، وهؤلاء لهم موقفٌ صعبٌ يوم القيامة استلموا قيادة زمام الأمور والشعب والناس وهم يزيدونَ الناس أذًى وتشردًا وفقرًا وضعفًا ومرضًا، أيُّ موقفٍ لهم يوم القيامة هؤلاء؟

أليس الرسولُ قال [وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه]؟ فأين المهرب والمفرّ؟

هو فرح أنه زعيم أنه رئيس أنّ له شركة وأنه قائد،  اسمع ماذا قال الرسول  [العرافةُ حق والعرَفاءُ في النار] على ماذا أنت فرح بالزعامة والقيادة؟

 [العرافةُ حق] يعني تنظيم أمور الناس بما فيه خير وجلب المنافع لهم والمصالح وضبط الأمور كما ينبغي للفوائد والنفع ودفع الضرر هذا المطلوب، [والعُرَفاءُ في النار] يعني أكثر الأمراء والعرَفاء والزعماء هؤلاء أهلكوا أنفسَهم وموقفُهم صعبٌ  يوم القيامة خانوا الأمة خانوا الشعب خانوا أنفسَهم عرّضوا أنفسَهم لغضب الله ولسخطِه، لا يفرح أنه زعيم ورئيس وقائد ومدير منطقة ومدير ناحية، يوم القيامة ماذا ستفعل؟؟؟ في القبر ماذا ستفعل؟

انظروا إليه بعدما يموت، يذهب الناس الذين كانوا حولَه يصفّقون له يصيرون يسبّونَه، الناس الذين كانوا يخافون منه يصيرون يبصقون عليه لما يموت، انظروا إليه بعد موتِه إلا مَن نجاه الله وسلّمَه.

فالحاصل في الدنيا الإنسان هذا حالُه وهذا أمر ينبغي أنْ نأخذ منه العبرة وأنْ نتّعظ ونقف عند هذه العبر لنستفيد ونعمل على مساعدة الناس وإنقاذِهم.

فيا إخوانَنا ويا أحبابنا الأمر في الجنة ليس كما الأمر في الدنيا، نحن لما نتكلم عن الجنة يعني نتكلم عن الآخرة عن دار النعيم المقيم حيث النعيم الذي لا يخطر لكم على بال، فلماذا تقول لي فرس ويطير؟ نعم يطير، ثم هذا الفرس لا تتكلف أنْ تشتري له لتطعمَه وإذا ركبتَ عليه لا تخاف وإذا طار فيك في فضاء الجنة لا ترتعب ولا ترتعش خوفًا وفزعًا لا تطلع منك مع العرق رائحة نتنة، هذا لا وجودَ له في الجنة.

ثم هناك يوجد أيضًا طيور إذا اشتهى الولي هذا الطير يأتيه، يأتي إلى هذا التقي الصالح يقول له اشتقتُ إليك يا وليَّ الله، وهو يشتهيه ينزلُ أمامه كما يشتهيه يأكل إذا اشتهى ليس عن جوع إنما تلذذًا ويشرب تلذذًا، ثم هذا الطير بعدما يأكله هذا التقي الصالح والولي الله يعيده كما كان ثم يطير من جديد في الجنة بقدرة الله، لا تتكلف أنْ تأخذ القوس والسهم وبارودة الصيد، عفكرة نحن لا نأكل بالخردقة ولا بالجفت خذوا بالأحوط، من أراد الصيد لا يتّبع الصيد ويفرّط في الأحكام، كم من الناس اليوم يضَيّعون أعمارًا وأوقاتًا طويلة في الصيد ودفع المال مع السهو واللهو والغفلة والتقصير في أمر الطهارة والمحافظة على الصلوات وبعض الناس قد يضيّعون الواجبات بسبب الصيد وبعضهم يتكلفون المبالغ الباهظة ويسافرون إلى خارج البلد في كل رحلة يدفع مثلًا ألفي أو ثلاثة آلاف دولار خارج بلده وهذا للناس المتوسطين لا أتكلم عن الأغنياء ولا عن الأمراء الذين يدفعون مائة ألف دولار في رحلة الصيد ويتركون الفقراء يموتون من الجوع، ولا أتكلم عن الأشخاص الذين هم زعماء وملوك يضع مثلًا مائتي ألف دولار برحلة الصيد هؤلاء لهم موقف يوم القيامة، تركض وراء العنزة ووراء البغلة والوحشة وتترك المسلمين يموتون من الجوع، انظروا المسلمين في الصين ماذا يحصل لهم، انظروا المسلمين في ليبيا وفلسطين وبورما وفي سوريا، اذهبوا إلى مخيمات المهجرين وانظروا هناك المآسي والأحزان وما يبكي القلب قبل العين وهم يركضون وراء الحمار الوحشي كي يتصيّده، اشترِ دجاجة كلها وانتهى الأمر، لماذا تصرف وقت وعمر ومال لأجل شهوة نفسكَ في الصيد؟

جاء في الحديث [مَن اتّبعَ الصيدَ غفَل ومَن اقتربَ من أبوابِ السلطان افتتَن ومَن بدَا جفَا] انتبه على نفسِك.

الحاصل في الجنة ليس هكذا لا تتكلف تذهب وتقعد في الليل والبرد الثلج بين الكلاب والضباع والسباع لتصطاد بطة وتأتي بها إلى البيت فرحان لا ليس هكذا إنما الطير هو يأتي إلى التقي الصالح في الجنة يقول له اشتقتُ إليك يا وليّ الله ينزل أمامه كما يشتهيه ولا يتكلف يذبح ولا ينظف ولا يسلق ولا ينتف ولا يشوي ولا يقطع ولا يطبخ ولا يضع له التوابل ويحرق يده وإصبعه ونحو ذلك، هذا في الدنيا وجع قلب، واللقمة التي تريد أنْ تأكلَها وتتلذذ بها تطلع أحيانًا قد يقال من عينيك لتأكلها، هذا حال الدنيا، فاشتغلوا للجنة هناك النعيم بلا تعب ولا مشقة هناك الفرح والسعادة التي لا يتخللها نغص ولا حتى في الخاطر.

وهكذا الخروف أيضًا في الجنة، فالجنة فيها بعض أنواع البهائم، فيها الخيول والبراق وأنواع من الطيور التي تؤكل والطيور الحلوة الجميلة التي تُفرح القلب والعين إذا رآها الإنسان يفرح، أما الأشياء المقرِفة والمستقذرة والنجسة هذا لا وجود له في الجنة، الأشياء المعكّرة المزعجة لا وجودَ لها في الجنة، الحشرات المؤذية التي تحيط  بالناس لا وجودَ لها في الجنة(

 

*وقال الإمام: الطيور حِسانُ الصور والخروف والخيولُ ليست كخيول الدنيا لها أجنحة، أهلُ الجنةِ من البشر يتزوّجون من الحور العين ومن الإنسيات مع وجود زوجتِه التي كانت معه في الدنيا، اللهُ تعالى جعل أهلَ الجنةِ كقلبِ شخصٍ واحد لا حسدَ ولا تغايرَ ولا تباغض سلب اللهُ من قلوبهم الغيرةَ والحسدَ والتباغضَ طهّرَهم الله، مهما كان عند الرجل من الحور العين، والمؤمنات كلهنّ يتزوّجنَ التي ماتت قبلَ أنْ تتزوج يُزوِّجُها اللهُ بواحدٍ من أهل الجنة والتي ماتت صغيرة تكونُ كبيرةً في الجنة ويزوِّجُها اللهُ بمن شاء، ومَن ماتت وهي في نكاحِها تعود له وزوجُه الحور العين، وتكون مكافأتُها أنْ جمعَها اللهُ بزوجِها في هذا النعيم المقيم، إن كانت تزوجت برجلٍ ثم مات عنها ثم تزوجت برجل آخر ثم مات عنها ولم تتزوج بعدَه من غيرِه تكونُ للأخير، اللهُ تعالى بنى في الجنة لأهل الجنةِ منازل بالبناء طولُه ستون ميلًا ارتفاعُه في السماء قسمٌ من أزواجِه هنا وقسمٌ في الناحية الأخرى يعيشون

)هناك في الجنة أمورٌ عظيمة ونعيمٌ دائم وأمور هنا الآن في الدنيا لا تخطر لكم على بال، الله تعالى يقول في الحديث القدسي [[أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلبِ بشر[[

تعالوا الآن لنفكر بقضيةٍ واحدة من معاني هذا الحديث القدسي الشريف المبارك.

هذه الدنيا من بدايتِها إلى الآن ومن الآن إلى قيام الساعة كم يكون مرّ فيها من البشر؟ كل هؤلاء البشر كم يكون خطرَ على قلوبِهم وكم يكونوا سمعوا ورأوا من النعيم؟؟؟ الله يقول [[ما لا عينٌ رأت]] يعني كل هذا الذي رآهُ أهل الدنيا من ملوك وزعماء ورؤساء وأغنياء وأصحاب أموال وثروات وأراضي وعقارات وتجارات ودولارات كم يكونون رأَوا من النعيم؟؟ الله قال [[ما لا عين رأت]] يعني كم يكون هذا النعيم الذي في الجنة من حيث الأنواع والتنوّع في الأشكال واللذة وفيما يخطر لك هناك على بالك مما لا تعرفه في الدنيا من النعيم هناك تحصل عليه.

والله قال [[ولا خطرَ على قلب بشر]] يعني  كل هذا البشر الذي مر في الدنيا من أول الدنيا إلى الآن إلى قيام الساعة، يخطر على قلبي أو قلبك أو قلب فلان وفلان أشكال وألوان من النعيم، الملوك والأغنياء يتفنّنون بالنعيم وكم يخطر على بالهم من أنواع التفنن في النعيم كل هذا لا يكونوا حصّلوا بأنْ خطرَ على قلوبِهم كل النعيم الذي في الجنة، يعني لا زال أقل بكثير من نعيم أهل الجنة وأقل بكثير بكثير مما أعدّه اللهُ لأهل الجنة.

تعرفون أنّ رضوان خازن الجنة عليه السلام لم يطّلع على كل تفاصيل النعيم الذي أعدّه اللهُ في الجنة للأنبياء والمرسلين والأتقياء والصالحين؟ وهذا خازن الجنة رضوان عليه السلام، يعني كم غاب عنك وعن سمعك وقلبك وهكذا البشر في الدنيا من النعيم الموجود في الجنة؟ هناك التقي يحصل عليه فاسعَوا للتقوى واعملوا للتقوى، مَن لم يكن تقيًّا فليُعجّل وليسعَ وليعمل قبل أنْ يموت ليكونَ من أهلِ تلك الدرجات.

ثم هنا قال الشيخ رحمه الله رحمة واسعة في الجنة هناك لا يوجد حسد وبغضاء إنما مَن كان مسلمًا في الدنيا وله زوجة ماتت على نكاحِه هي تكون معه في الجنة ويكون له من الحور العين أيضًا، الحور العين وهذه الإنسية يكنّ زوجات له في الجنة لكنْ من غير حسد وتباغض وتناحر وغيرة، في الدنيا الواحدة قد إذا تمكنت تقتل ضرّتَها تضع لها السم، من خبثِ نفوس بعض النساء تقول أقتلها وأرتاح منها وهذا فسق وفجور، بل بعض النساء تقول لزوجِها إن تزوّجتَ عليّ أقتلُك، خبيثة ملعونة فاسقة، هذا في الدنيا.

من فترة بلغَتْنا أخبار عجائب غرائب وُضِعَت في التلفزيونات في الأخبار في بعض البلاد ماذا فعلت بعض النساء لما زوجها تزوّج عليها، هذه قتلته وهذه عملت به كذا وهذه فعلت كذا، عجائب وغرائب، تقتل زوجها وضرّتِها أيضًا، هذا في الدنيا أما هناك لو ماتت أربع إنسيات من نكاحه وما تزوّجنَ غيرَه وبقِينَ على نكاحِه كنّ معه في الجنة ويكون زيادةً عليهن من الحور العين في الجنة ولا حسدَ ولا غيرة بينهن كأنّ كل أهل الجنة قلب واحد أو نفس واحدة، الله ينزع ما في صدورِهم من غل كما أخبرَنا اللهُ في القرآن.

هذه التي ماتت وكانت طفلةً عمرها ساعتان في الجنة يكون عمرها 33 سنة ويكون لها زوج وزوجُها يكون من الإنس، ولا تزعل ولا تقول لا أعرفه في الدنيا أنا أريد أن أختار، أصلًا هناك لا يوجد ما يُزعِج، اللهُ يزوّجُها من هذا الإنسي فتفرح فرحًا عظيمًا في الجنة.

هذه التي ماتت مسلمة وعمرها 300 سنة كانت بعد ما تزوجت في الجنة عمرها 33 سنة شابة جميلة ويكون لها زوج، مَن ماتت في الدنيا وكان لها زوج مات عنها ثم مضت عدة الوفاة أو طُلِّقَت فمضت عدة الطلاق فتزوّجت غيره تلك أمضت عدة الوفاة وتزوجت من غيرِه وماتت على نكاح هذا الأخير بعض العلماء يقولون تكون مع هذا الأخير في الجنة الذي ماتت على نكاحِه في الدنيا، بعض العلماء قال قولًا آخر تخيَّر.

الحاصل الجنة ليس فيها أعزب لا من النساء الإنسيات ولا من الرجال، الرجال من الإنس له زوجاتُه الإنسيات وله من الحور العين، أما المرأة فلها زوجٌ من الإنس، لا يوجد رجال في الجنة اسمُهم الحور العين يأخذ الإنسية إنما الحور العين إناثًا يكنَّ أزواجًا للمسلمين الرجال في الجنة، المسلم الرجل الذي مات في الجنة يكون له زوجة من الحور العين.

وهناك يتزاورون، حكينا عن مسئلة ستين ميلًا في السماء هذه الخيمة الواحدة من الدر من الياقوت مجوّفة وله أكثر من ذلك.

ثم مَن كان مات في الدنيا طفلًا صغيرًا ليس كما يقول بعض الناس يكون عصفورًا في الجنة، ما أجهلهم!!!! العصفور يعني بهيمة وهذا إنسي كيف يكون في الجنة بهيمة؟ ما هذا الفهم وما هذه العقول العجيبة الغريبة؟

الأنفع والأحسن والأعظم والسعادة والفرح والسعادة يكون بهيمة أو يكون شابًّا كبيرًا 33 سنة عمره عمر أهل الجنة بطول آدم وشىء عجيب في الجمال ويكون له زوجات، عمره دقيقة في الدنيا في الجنة يكون عمره 33 سنة وله زوجات، كيف تقولون يكون عصفورًا على زعمِكم ما هذا الفهم السقيم؟ واحد إنسي ويكون من أهل السعادة والنعيم الدائم في الجنة يكون بهيمة؟ حسبنا الله ونعم الوكيل، الواحد يتعلم قبل أن يتكلم، لذلك ما ورد في بعض الأحاديث من أنّ هذا الطفل الذي مات يقال إن السيدة عائشة قالت هذا عصفور في الجنة، هذا من حيث الإسناد تكلم فيه بعض الحفاظ يعني لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يكون ضعموص أو من ضعاميص الجنة، هذا فيه كلام في إسناده وهذه الدويبة التي تكون في الماء في الدنيا، كيف يكون الإنسان الآدمي بهيمةً في الجنة؟ هذا لا يقولُه محقق في العلم.

فإذًا مَن مات عمرُه 3000سنة من المسلمين يكون بعمر 33 سنة كما في الحديث في عمر الشباب وبطول آدم عليه السلام، والذي مات عمرُه دقيقة استهلَّ خرج صارخًا فمات هذا يُبعَث ويكون من أهل الجنة يوم القيامة(

 

*قال الإمام: ثم إن اشتاقَ شخصٌ ليرى شخصًا إما أنْ يطيرَ به سريرُه الذي هو عليه إلى ذلك الشخص

)والسرير في الجنة سبق وقلنا أنّ الإنسان في الجنة لا ينام وهنا على سريرِه، قد واحد يقول يا شيخ أنتم تقولون لا ينام كيف هنا على سريره؟ أقول لك ليس شرطًا   لينام عليه فيحصل له الإغفاء لا، إنما الأسرّة في الجنة ليجلسوا ويتّكئوا تلذذًا ليس لأنه يتعب فيغفى ويشخر لا، هذا لا يصير في الجنة لأنّ التعب الجسدي والفكري هو الذي يعقُبُه انكسارٌ في القوة فنعاسٌ فنوم وهذا لا وجود له في الجنة، قلوب أهل الجنة عامرة بالفرح والسرور والأنوار فالنعاس والتعب والنوم لا سبيلَ له إلى قلوبِهم.

في الدنيا الإنسان بسبب التعب الجسدي والفكري والأحزان والمصائب والغم والهم وموت القريب والحبيب يسبّب انكسارًا في قوتِك، بعد هذا الانكسار والتعب والحزن نعاس ثم نوم، هذا هنا في الدنيا، طالما الجنة ليس فيها حزن ولا تعب ولا غم ولا هم ولا جوع ولا ألم ولا صداع ولا مغص ولا نغص ولا ألم ولا نوم لأنّ هذا لا يحصل لهم لأنهم في نعيمٍ دائم، لما تقول نعاس فنوم يعني دار التعب فكيف تكون دار النعيم وفيها تعب؟

الله قال في القرآن {واللهُ يدعوا إلى دار السلام}-سورة يونس/25-

قال بعض العلماء سمّيَت بدار السلام لأنها دار السلامة من كلِّ آفة وتعب ومشقة وألم ومرض وموت، الجنة ليس فيها نوم لأنّ النوم يأتي بعد التعب الفكري والهم والغم والحزن والمصائب وموت القريب والإفلاس والفقير وارتفاع الدولار وذهاب الأموال وإغلاق الأسواق والمتاجر والدكاكين يطلع ضغطه أو ينزل مع ذاك، هذا يطلع معه السكري وذاك يصير معه ذبحة، هذا في الدنيا، أما في الجنة كل هذا لا وجودَ له قلوبُهم عامرة بالفرح والأنس والسرور في كل لحظة فلا سبيل للنوم ولا للنعاس إلى قلوبِهم.

تقول أنا أتلذذ في النوم لأنك في الدنيا ولأنك متعب نعسان وحزين، الله يصرف عنكم السوء والألم والغم والهم والأحزان وجعلكم ربي يا إخواني وأخواتي من سعداء الدارين.

فإذًا هذا في الدنيا أما في الجنة على سريرِه يطير، وهذا السرير هو من أسباب النعيم والتلذذ والفرح والأنس والسرور لأجل الاتّكاء والجلوس، لأجل هذا {على سررٍ متقابلين}-سورة الحجر/47- القرآن أثبتَ السرر، هذا السرير يطير به ربي قادر على ذلك لا يعجزه شىء، الطائرة والصاروخ تطير عبر القارات وهي حديد، وكل ذلك بقدرة الله ربي لا يعجزه شىء، ماذا تقولون في بساط سليمان لما كان يطير يرتفع في الفضاء وعليه ستمائة ألف كرسي والخيول والغنم والبقر والجيوش والأسلحة والمنابر والكراسي والطباخ يطبخ في الجو، كأنها مدينة وطائرة في الهواء بين الأرض والسماء، نعم سرير وفرس يطيران في الجنة بقدرة الله بإذن الله ومشيئته عز وجل.

ألا ترونَ أحيانًا بهذا المسمى إعصار تريلات تطير؟ لكن في الدنيا تطير هذه والقطار يطير وشاحنة تطير وفي الأعاصير باخرة تطير؟؟؟ ربي قادر لا يعجزُه شىء.

فإذًا يشتهي هو أن يرى أخاه من أبويه أو من أحدِهما –أشقاء أخياف أو لعلات- لا يتحسّر لا يقال له الآن ممنوع بعد ستة أشهر تأخذ موعد وتأتي تزوره لا، هذا لا يقال له هناك في الجنة إنما بمجرد أنْ يخطرَ على قلبِه أنه يريد أنْ يرى فلان قريبه أو صديق من أهل الدنيا من المسلمين كرسيُّه أو سريرُه أو فرسُه يطيرُ به في هذه اللحظة يرى أيضًا أنّ صديقَه على سريرِه جاء أيضًا ليلتقي به فيلتقيان يتزاوران مع اختلاف المقامات والدرجات في الجنة لأننا قلنا على حسب التقوى، يعني لو واحد من العوام وواحد من الصالحين يتزاوران ليس هناك مانع، ليس كالدنيا تريد أن تذهب لزيارة ابنِك في أستراليا وابنتك في كندا وأخوك في أميركا وعمتك بفلسطين وخالتك بسوريا وبنت خالتك بتدمر لا، هنا تعب وخطر ومشقة وسفر والطائرة تنزل في البحر والسيارة تدخل في الجبل ولصوص وقطاع طرق وتيكيت ودفع مال وحر وبرد وخطر وانفجار وحرائق في مواصلات الدنيا ويمكن لا تصل ولا تراهم وتنزلون في البحار والجبال هذا في الدنيا، أما هناك بلحظة يراه ويتزاوران،جعلنا اللهُ منهم.

والحمد لله رب العالمين