الجمعة أكتوبر 18, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” –  110

الحكمة من خلقِ الجنة الآن والاستعداد لها بالأعمال الصالحة

درس لفضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

)أثناء عودته من البقاع من السيارة بسبب إقفال الطرقات(

السبت 6/3/2021    

قال حفظه الله

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمدٍ طه النبيِّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه

نحن تعرفون اليوم كنا في احتفال البقاع وبسبب إغلاق الطرقات لا زلنا إلى الآن في الشوارع وفي الطرقات فلأجلِ أنْ لا تضيعَ الفائدة أحببْنا أنْ نُكملَ درسَنا كالمُعتاد ولو اختصَرْنا اليوم ونبدأ بدرسِنا في كتاب سمعت الشيخ يقول ونكمل من حيثُ كنا انتَهَينا.

 

*قال المؤلف رحمه الله: الحكمةُ من خلقِ الجنة لأنّ ترغيبَ المؤمنين الاستعدادَ لها بالأعمال الصالحة

)يعني أنّ وجود الجنة والترغيب على الجنة والحث عليها  والمنازل والمراتب العليّة التي في الجنة هذا يحرّك الهمم والقلوب ليستعِدَّ الناس أكثر ويعملوا أكثر.

أنتم تعرفون أنّ الإنسانَ كلما زاد في طاعة الله وكلما عملَ من الطاعات والعبادات أكثر فأكثر يحصّل من الحسناتِ أكثر يأخذ من الأجر أكثر، فخلقُ الجنةِ والترغيب بها وبما فيها من مقامات ومنازل وقصور ونعيم هذا لحكمة عظيمة لأجلِ أنْ تقوى همم الناس.

والرسول صلى الله عليه وسلم كان يشجّع الناس ويحمسّهم ويحرّكهم ويحضُّهم ويحدِّثُهم عن الجنة وعن ما فيها من النعيم وأيضًا أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول هي وربِّ الكعبةِ لا خطرَ لها، وهذا قسَم لأنّ النبيّ صلى لاله عليه وسلم كان في بعض المرات إذا أرادَ أنْ يؤكّدَ أمرًا مهمًّا كان يُقسم يحلِف، فقولُه صلى الله عليه وسلم “وربّ الكعبة” هذا حلِفٌ بالله، يعني كأنه يقول واللهِ الجنة لا مثلَ  لها في النعيم في السعادة في الفرح لا مثلَ لها.

أينَ يوجد مثل الجنة؟ في هذه الدنيا لا يوجد ولا مثل ربع ربع ربع ربع الجنة لأنّ الدنيا لو كان الإنسان في أضخم وأكبر وأعظم قصور الأرض فإنه يتنكّد وينزعج ويتألم ويمرض وتصيبُه الحمّى والآفات والأمراض والمجاعة وتصيبُه كورونا مثلًا وإلى ما هنالك من الأمراض والأسقامِ في الدنيا.

ثم أين يوجد مكان في الدنيا الإنسان لا يجوعُ فيه؟ أين يوجد مكان في الدنيا الإنسان لا يعطش  فيه؟ أين يوجد مكان في الدنيا الإنسان لا تصيبُه الشمس وحرّ الشمس والتعب والنعاس والمشقات؟ هذا كلُّه في الدنيا موجود أما في الجنة فليس لهذه الأسقام وليس للغم والهم وجودٌ في الجنة.

لذلك الله لحكمة عظيمة خلقَ الجنة ترغيبًا للمؤمنين وتحميسًا وتشجيعًا وتحريكًا لهم.

ثم المقامات في الجنة والنعيم فيها على قدْرِ ما يطيعُ الإنسان ربَّه وعلى قدرِ ما يعمل في طاعة الله وبعبادةِ الله عزّ وجل هو يربح ويستفيد من ذلك.

لذلك الرسول كان يقول “هي ورب الكعبة لا خطرَ لها” أي لا مثلَ لها في النعيم والسعادة والفرح والاطمئنان، فإذًا الجنة خُلقَت لحكمة عظيمة جدا.

هذا معنى ما قاله الشيخُ رحمه الله(

 

*وقال: الله تعالى يُخرجُ من قلوبِ أهلِ الجنةِ الغيرة لا يوجد غيْرة ولا تحاسد، اللهُ يُخرجُ من قلوبِهم الحقدَ والبغضاءَ والغيرة والتحاسد من قلوبِ النساء ومن قلوبِ الرجال، قلوبُ أهلِ الجنة كنفسٍ واحدة.

)انظروا إلى هذا التعبير العظيم، يعني كل أهل الجنة النساء والرجال الله تعالى يُخرجُ من قلوبِهم الغَيرة التي كانت في الدنيا، التحاسد الغَيرة كل هذا لا يكون معهم في الجنة ولا يكون في قلوبِهم في الجنة، بل كل أهلِ الجنة من حيثُ الرضا والمحبة والتسليم والاطمئنان كأنهم نفْس واحدة يعني يكونون في غاية الهناء وفي غاية الرضا وفي غاية الصفاء وفي غاية المحبة لبعضِهم.

الشيخُ رضي الله عنه مرةً نصحَ بعضَ طلابِه كان بينَه وبين صديقٍ له شىء قال له عاملْه كأنه أنت، انظروا إلى هذا التعبير، يعني الواحد منا يعاملُ إخوانَه كأنه يُعاملُ نفسَه، الواحد منا كيف يعاملُ نفسَه؟ يحبُّ لها التقوى والصلاح والإكرام ويحبّ لها الخير والفائدة والنفع ويحب لها معالي الأمور ومكارم الأخلاق فأنت أحب هذا لإخوانِك.

ثم هذا الحديث الذي فيه لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه وفي بعض الروايات “من الخير” هذا الحديث وحدَه ميزان، لو تأملّنا واتّعظْنا كيف ينبغي أنْ نكون مع إخوانِنا في الدنيا وينبغي أنْ نحبَّ لهم من الخير ما نحبّ لأنفسِنا وإلا فالواحد منا إذا رأى أحيانًا هذا الإنسان الذي ربما من الطيبين من الدعاة ربما من المشايخ تراه إذا حصّلَ شيئًا من العلم أو كان في مجلس علم ثم جاء بعض الطلاب يكونُ هو شيخٌ لهم، وجاء بعض الطلاب قد يُغلِق دونَهم الباب قد يقول لهم اخرجوا هذا مجلس خاص هذا لا يؤذَن لكم في حضورِه لأنه يريد أنْ يميّزَ نفسَه أنْ يختصَّ بهذا الكتاب أو بهذه الرسالة أو بهذا المؤلَّف أو بهذا السند مثلًا فيمنع غيرَه من الحضور معه لأجلِ أنْ لا يشاركوه في علُوِّ السند مثلًا، هذا لا ينبغي إنْ كان لمجرد هوى وشهوة النفس لأجل الحديث “لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه من الخير”

فكل واحد منا يعرض نفسَه على هذا الحديث إنْ كان في الصحة في العافية في الستر على الخطيئة على العيوب في تحصيل العلوم في نيل المراتب في تحصيل الفوائد، هل تحب كل ذلك لإخوانِك كما تحب كل ذلك لنفسِك؟

 سل نفسَك وأنت أجب نفسَك بنفسِك لا تُجبْني، ثم عالِجْ نفسَك إنْ رأيتَ أنك لستَ كما أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإذا كان في الدنيا الواحد منا ينبغي أنْ يكونَ مع إخوانِه يعاملُهم كأنهم هو، هذا في الدنيا، لكنْ ليس كلّ الناس يطبّق وليس كلّ أحد هكذا وليس كلّ أحد في هذه المرتبة، أما في الجنة ليس كالدنيا، في الجنة الله الحكيم العليم الخبير القادرُ المُقتدر هو سبحانه له تصرّف بمشيئتِه بقدرتِه يقلّب القلوب ويحوّل الأحوال فيجعل قلوب أهل الجنة كأنهم قلب واحد، كل نفوس أهل الجنة كأنهم نفس واحدة فلا يكون بينَهم أدنى تناحر ولا تدابر ولا تباغض ولا تحاسد، بل يكونون في المحبة والرضا كلٌّ في غايةِ الكمال لا يُبغضُ واحدًا من أهل الجنة ولا ينزعج من واحد من أهل الجنة ولا يتكدّر إنما يفرح بهم.

مَن كان بينه وبينك في الدنيا خصومة مسبات شتم ضرب قطيعة إيذاء إغارة مثلًا في الدنيا بعض الناس يتضاربون، ثم هذا مات على الإسلام وهذا مات على الإسلام في الجنة يفرج به ولا يهرب منه ولا يقول أووف هذا أزعجَني أنا الآن تضايقتُ أخرجوُه من هنا، لا، في الدنيا بعض الناس يفعل ذلك إذا دخل إلى عزاء أو عرس أو دعوى يرى هذا الذي يُبغضُه يصرخ يصيح يقول أريد أنْ أضربَه يهجم عليه فيَحول الناسُ بينهما ثم يخرجونَه إلى خارج القاعة أو البيت، هذا في الدنيا أما في الجنة لو كان في الدنيا قتل لك أولادكَ تخيّل إلى أين، في الجنة إذا رأيتَه لأنه مسلم هو ما استحلَّ قتلَ أولادِكَ بغير حقٍّ إنما ظلمًا وعدوانًا قتلهم وهو يعتقد أنّ هذا حرام ولا يجوز وما استحلّ ذلك، هذا تحت المشيئة إنْ كان اللهُ تعالى سبقَ في مشيئتِه أنْ يدْخلَه النار سيدخلُه النار ثم بعد ذلك سيخرج من النار ويدخل الجنة لأنه مات على الإسلام.

الله قال في القرآن {ويغفرُ ما دونَ ذلك لمنْ يشآء}-سورة النساء/48- إذًا هذا الذي قتل أولادَك هو ما استحلَّ القتل ولا استحسن لا كفر ولا أشرك لم يمت على الكفر مات على المعصية مات مسلمًا وعليه كبيرة الله يقول  {إنّ اللهَ لا يغفرُ أنْ يُشركَ به}-سورة النساء/48- وهذا ما أشركَ بالله {ويغفرُ ما دونَ ذلك لمن يشآء}-سورة النساء/48- فإنْ كان قدّرَ اللهُ له أنْ يُعذّبَ بعدما يعذّب  في جهنم ويخرج منها ويدخل الجنة فتراه ويراك هذا الذي كان وصل حد العداوة في الدنيا وقتل أولادَك وتريد قتلَه في الدنيا هذا لا وجودَ له في الجنة بل تفرح به أنت تفرح به وهو يفرح بك ولا يحصل بينكما حتى في التفكير والخاطر ما يحدثُ لكما أذًى أو انزعاجًا أو تكدّرًا، هذا لا وجودَ له في الجنة.

ورد في الحديث الذي رواه البخاري والبيهقي رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم [يخرجُ قومٌ من النار من أمةِ محمدٍ بشفاعة محمد ويدخلون الجنةَ يُسَمَّوْنَ الجهنّميين]

انظروا من عظيم الذنوب التي عملوها وماتوا عليها يُسموْن الجهنميين ومع ذلك يخرجون من النار وآخر واحد يخرج من النار من المسلمين أهل الكبائر لأنّ الكفار لا يخرجون من النار، هؤلاء من المسلمين أهل الكبائر والذين خرجوا وكانوا قد احترقوا صاروا كالغصن كالجذع كالخشبة المحترقة ثم هؤلاء قبل أنْ يدخلوا الجنة ينزلون في نهر عظيم اسمُه نهر الحياة أو الحيوان، الحيوان في اللغة يعني الحياة، ثم ترجع حسنة وجميلة ويدخلون الجنة بعدما يدخلون الجنة لا يحصل لهم انزعاج أنهم كانوا  في جهنم واحترقوا فيها وعُذِّبوا وأهلُ الجنةِ لا يهربون منهم لا يقولون له أنتَ كنتَ زانيًا أنتَ قتلتَ ولدي أنت قتلتَ أبي أنتَ شربتَ الخمر أنت أكلتَ الربا لا تقرَبونا  لا تكلّمونا هذا كلّه لا وجودَ له في الجنة، تخيّلوا هذا التعبير كل أهل الجنة كنفسٍ واحدة.

لذلك ينبغي أنْ نعمل على أنْ نُكثرَ من الطاعات وأنْ نزيد من الحسنات حتى نكونَ في المراتب العليّة إنْ شاء الله، الواحد منا يعرف نفسَه أنا أتكلم عن نفسي أني من عامةِ الناس ومن المقصرين لكن ينبغي أنْ نعطي ونقدّم أكثر لتعلو المقامات وتكثُرَ الحسنات وترتفع الدرجات في الجنة أكثر فأكثر، هذا الذي ينبغي ومجال الحسنات واسع يا إخواني ويا أخواتي وكبير جدا جدا.

الآن  في هذه الأزمة وأنتم في بيوتكم عندما لا تستطيعون الخروج إلى الشوارع الطريق مقطوع هنا المنطقة منعزلة عن المنطقة الأخرى ماذا تفعل؟ أنت في بيتك تحافظ على الوضوء تحافظ على الصلاة كل هذا حسنات، تأمر زوجتَك بالوضوء والصلاة تصلي معها جماعة تأمر أولادَك يصلّون معك جماعة ثم تقرأونَ الأوراد والتحصينات والأذكار والورد الرفاعي والورد القادري تقرأون ما أخذتم من القرآن بالتلقي ثم تقعدون مثلًا مساء بعد العشاء ليس عندَكم عمل وحظر كورونا وتقطّع الطرقات ماذا تفعلون؟ على سبيل المثال، هذه الصفحة التي أنتم وأنا فيها الآن كلكم تستطيعون أنْ تدعوا غيرَكم ليكثُرَ العدد فيعظَم لكم الأجر لأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الذي صحّحه بعض الحفاظ الدال على الخير له مثل أجر فاعلِه، يعني ما يشبه ذلك ليس شرطًا أنْ يكون على التمام في كلّ الأحوال من كل النواحي إنما له أجر يشبه أجر فاعل هذا الخير، فأنتم الآن كم واحد عنده في هاتفِه عندك مثلًا مائة اسم وذاك عنده مائتي اسم وهذا عنده ألف وهذا عنده ثلاثة آلاف، أنتم تعرفون أكثر مني بموضوع الصفحة والدعوة والمشاركة تُدخلون هذا الدرس على كل الذين عندكم فإذا كان يحضر معنا الآن سبعمائة شخص في الغرفة على سبيل المثال لأني أنا الآن لا أقرأ ماذا يُكتَب على الصفحة عندي والذين يدخلون ويخرجون والذين يمرّون على هذا الذي يسمي اللينك أو الرابط لو صاروا عشرة آلاف شخص من الداخل والخارج على حسب تعريفاتِكم، هؤلاء العشرة آلاف إذا عملوا نشر ومشاركة وهم عندهم مائتي ألف اسم في هواتفِهم ومواقعهم كم يكون انتشر الخير وكم تكون ساهمتَ في نشر الخير؟ بدل أنْ يدخلوا على مواقع أهل الضلال وبدل ما يحضروا التلفزيونات والأفلام وتمثيليات ومسلسلات لا خيرَ فيها وبعضُها فيه الفساد وبعضُها فيه الكفر وكثير من المحطات للمشبهة المجسمة، وكثير من الفضائيات للذين ينشرون التشبيه والتجسيم، كثير من المواقع للذين ينشرون التشبيه والتجسيم مع مواقع المعتزلة مع مواقع المبتدعة في العقائد مع مواقع الأذناب الخبيثة الساقطة الهابطة مع مواقع الدعوة إلى الرذيلة إلى الزنا إلى الخمر مواقع الاحتيال مواقع الدجل، بالآلاف تطلع أنتم تعرفون أكثر مني.

فالمهم بدل أنْ يدخل البعض إلى بعض المواقع الساقطة إذا كنتم سببًا أن دخلَ إلى هذا الموقع فسمع درسًا فائدةً سمع كلامًا عن الجنة تشوّق توضّأ صلّى حضر معنا ومعكم أنتم السبب لكم أجر، الدال على الخير له مثل أجر فاعله.

أنتم لما تكونون اليوم تدعون الناس للعلم هل تعرفون اليوم يا أحبابَنا بسبب هذه الصفحة بعض الناس دخلوا في الإسلام من ملل وفرق وجماعات الذين يعلنون الكفر بعضُهم دخل في الإسلام وبعض الذين كانوا على عقائد كفرية هم أرسلوا أخبروني على الخاص وعلى الرسائل في الموقع قالوا كنا على التشبيه كنا على التجسيم كنا في الكفر كنا في الضلال عرفنا العقيدة عرفنا التنزيه تشهّدنا أنقذتمونا من الكفر أنقذتمونا من النار، هذا عندنا بالأسماء.

كم وكم من المواقع في الدول والبلاد مساجد مدارس معاهد جامعات تفتح الآن الصفحة وتنقل الدرس إلى الطلاب في الجامعة أو في مصلى يجتمع الناس، هل تعرفون كل ذلك؟ فإذًا هذا كلُّه من أسباب الخير وعمل الخير.

ثم إذا انتهى الدرس أنتم راجعوا ما أخذتم من العلم، وتستطيعون من قيام الليل لمن ليس عليه قضاء، من عليه قضاء يصلي قضاء لينهيه، من ليس عليه قضاء يصلي سننًا قيام الليل ولا يُشترَط له نوم وإذا كان نائمًا ليستيقظ للتهجد يقوم قبل الفجر يتهجد يقرأ القرآن يشتغل بالأوراد إلى أْنْ يدخل الفجر ثم يوقظ أهلَه ويصلي جماعةً، هذا كله خيرات بهذا تعلو أخي في الدرجات في المقامات تُكثر يا أخي من الحسنات.

لذلك قال الشيخ رضي الله عنه وأرضاه الله تعالى خلق الجنة لحكمة عظيمة لأنّ هذا يرَغِّب المؤمنين للاستعدادِ لها بالأعمال الصالحة.

وكنا قرأنا قول الشيخ رضي الله عنه قال “قلوبُ أهلِ الجنة كنفسٍ واحدة.

*وقال رضي الله عنه وأرضاه: ملذات الدنيا كلُّها بالنسبة لنعيم الآخرةِ كلا شىء.

(كل ملذات الدنيا تعرفون كم يوجد في الدنيا من ملذات بأنواعِها الحسية الجسدية الفكرية القلبية من طعام وشراب وفرح وزوجة وأهل وأقرباء وبساتين وقصور وأموال وجواهر وذهب وأسفار وتنقّل في البلاد كل ذلك لا شىء بالنسبة لنعيم الجنة  كلا شىء.

أليس ورد في الحديث أنّ الإنسان إذا وقف على شاطىء اليم البحر ووضع إصبعَه في البحر قال فلينظر بم يرجع، الرسول عليه السلام يُعطينا مثالًا ينبِّهُنا قال فلينظر بم ترجع، يعني تنظر إلى إصبعك هذا البلل الذي رجع ماذا يكون بالنسبة للبحر؟ هل أثّر  في البحر هل جفّف البحر هل نقص البحر؟ بل هذا البلل لا شىء يُذكر بالنسبة للبحر، قال هكذا نعيم أهل الدنيا بالنسبة لنعيم الجنة يعني كل نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الجنة كلا شىء.

بعد كل هذا كيف يليق بنا التقصير؟ يا إخواننا ويا أحبابَنا تعرفون أنّ بعض الأولياء والصالحين كان يختم القرآن الكريم في ركعة الوتر منهم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، منهم الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه.

ثم من الحسنات أيضًا كان يشتغل شيخُنا رضي الله عنه بالتدريس وفي نفس الوقت بالذكر، يعني أنتم الآن إن جمعتم كل هذه الحسنات التي حكَينا عنها تستطيعون أيضًا الاشتغال بالعلم، كل واحد منهم لما يقعد مع أولادِه يعطيهم درس بالعقيدة بما يعرف مع الجيران مع الأهل مع الموظفين الذين عندك أنت تستطيع أنت تعطيهم درسًا تعطي للطلبة الذين تدرّسهم ولكل من تجتمع بهم، تقول لي هناك حظر وإغلاق مناطق أقول لك بعدما تنهي الدرس معنا تستطيع أنْ تفتح تلفون أو صفحة أو فيديو كول أو الزوم مع الذين تمون عليهم وتعمل درس لو عشر دقائق في التعليم.

شيخنا رضي الله عنه أنا أذكر كان يلحقُه في اليوم الواحد في بعض المرات سبع دروس يخرج إلى الناس يعلّم التوحيد والعقيدة والأحكام ويستقبل الناس ويشتغل بقضاء حاجاتِهم وأكون أنا أردّ وراءه بالدرس أو غيري من المشايخ أحيانا يقول لي أعد فأعيد فيكون هذا الوقت هو يشتغل بالذكر وبين العبارة والعبارة التي يرتّبها في الدرس الذي يقعد أمامه ينتبه للسانه وأحيانًا يسمعه يقول لا إله إلا الله لا إله إلا الله يعني يشتغل بالتهليل والله هذا كنا نراه ونسمعه منه أثناء الدرس.

لاحظوا ماذا يكون يفعل تدريس عقيدة وأحكام ودين وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وفي نفس الوقت جمع بين كل هذا وبين أفضل الذكر لا إله إلا الله.

أليس في حديث الإمام مالك رضي الله عنه الذي في الموطأ وعند البيهقي وعند كثير من الحفاظ قال صلى الله عليه وسلم [أفضلُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله] وفي رواية عند مالك زيادة [وحدَه لا شريك له] لذلك يا إخواني مجال الخير واسع مجال التعليم والتعلّم وحفظ العلم والخروج لخدمة الدين والناس ولخدمة الفقراء، صدقوني والله خدمة الفقراء والمرضى والضعفاء والأرامل والأيتام والله لذة.

 يا أخي تتخيّل ما معنى الرسول صلى الله عليه وسلم يعمل هكذا بإصبعيه السبابة والوسطى يقول أنا وكافل اليتيم هكذا في الجنة معناه بشرى لكافل اليتيم في الجنة، ليس بمرتبة النبيّ بلا شك النبي أعلى خلق الله، الدرجات في الجنة مُتفاوتة على حسب التقوى لكن تكون اجتمعتَ معه في الجنة وتكون من أهل الجنة.

عندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم [ومن فرّج عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا فرّجَ اللهُ عنه كربةً من كرَبِ يومِ القيامة]

يا أخي كم من خدمات تستطيع أنْ تقوم بها للناس؟ للفقراء للضعفاء؟

لما تطلع بعد المغرب وتزور مريضًا سبعين ألف ملَك يستغفرون لك إلى الصباح وتخوض في الرحمة فإذا جلستَ عنده غمرَتك الرحمة ولك مخرفة في الجنة يعني بستان.

رأيتم لماذا قال ترغيبًا للمؤمنين؟ الله خلق الجنة لحكمة ونفوس أهل الجنة في الجنة كلها كنفسٍ واحدة محبة وفرح وأنس وسعادة وسرور ولا يوجد أدنى انزعاج ولا أدنى قلق لذلك أكثروا من الحسنات الحسنة الواحدة أقل ما تُضاعَف إلى عشر أمثالِها.

قال الشيخ رحمه الله وقد تُضاعف الحسنة الواحدة إلى سبعمائة ضعف وقد تضاعف إلى مائة ألف ضعف وقد تُضاعف إلى أن تصير في كفة الحسنات كأمثال الجبال.

ورد أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال [لا أقولُ ألم حرف ولكن ألف حرف ولامٌ حرف وميم حرف وكلُّ حرف بعشر حسنات]

إذًا ماذا ننتظر؟ ينبغي أنْ نُكثرَ من الحسنات من الطاعات من العبادات قبل فواتِ الأوان.

وأستأذن منكم نتوقف هنا بارك الله بكم غفر الله لي ولكم

                                   والحمد لله رب العالمين