الخميس ديسمبر 12, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -108

 

البدعة الحسنة وجواز الاحتفال بالمولد- الجنة دار النعيم

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

الحمد لله رب العالمين الصلاة و السلام على سيدِنا محمدٍ طه النبيّ الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ولا ضدَّ ولا ندَّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيه ولا مثيلَ له ولا جسمَ ولا حجمَ ولا جسدَ ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاءَ ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أينَ ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكانَ له كان اللهُ ولا مكان وهو الآنَ على ما عليه كان فلا تضربوا لله الأمثال وللهِ المثلُ الأعلى تنزّه ربي عن الجلوسِ والقعود وعن الحركةِ والسكون وعن الاتصالِ والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحلُّ منه شىء ولا يَحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثلِه شىء

مهما تصوّرتَ ببالك فاللهُ لا يشبه ذلك ومن وصف اللهَ بمعنًى من معاني البشر فقد كفر.

وأشهدُ أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه

 

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: وقسمٌ منها العلماءُ الصالحونَ أحدثوها

)هنا لا زال الكلام عن البدعة الحسنة الموافقة للكتاب أو السنة أو الإجماع أو الأثر، لا زال الحديثُ عن هذا(

*لأنّهم وجدوها موافقةً للقرآنِ والحديث غيرَ مُخالِفة.

)لاحظوا قال “العلماء” وهذا معناه العلماء الذين بلغوا إلى مرتبة الاجتهاد وهي مرتبة عالية كالإمام الغوث الرفاعي رضي الله عنه كان مجتهدًا وكان أعلم أهلِ زمانِه في كتابِ الله وسنةِ نبيِّه ليس كما تصوّرُه المشبهة المجسمة والعياذ بالله يطعنونَ فيه وحاشا ويقدحونَ  فيه ويقولون لا يُعرَف له علمٌ ولا تقوى، ويطعنون أيضًا في البدوي وفي الأقطابِ والأغواثِ، هؤلاء المشبهة المجسمة لا شىء ولا عبرةَ بهم فالغوثُ الرفاعي رضي الله عنه وأرضاه الذي أحدثَ الطريقةَ الرفاعيةَ والغوثُ القطبُ الجيلاني رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا بمددِهما الذي أحدثَ الطريقةَ القادرية كانا من أهلِ العلم والتقوى والصلاح وبلغا مرتبة عالية في العلم  ليس كما تقول المشبهة عنهم والعياذ بالله مِن أنهم كانوا جُهَلاء ولا يُعرَفون ولا يُعرَف لهم التزامٌ بالصلاة بل بعضُ هؤلاء الخبثاء المشبهة المجسمة والعياذ بالله فضّل النعال على هؤلاء الأقطاب والأغواث وحاشا وكلّا، الله عز وجل يقول في القرآن {إنّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم}-سورة الحجرات/13- فكيف يفضَّل النعل على الأغواث والأقطاب؟ هذا لا يفعلُه إلا جهول إلا خبيثٌ ممقوت إلا فاسد القلب والعقيدة لأنهم مشبهة مجسمة والعياذ بالله.

فالحاصل أنّ الغوثَ الرفاعي شهد له الأكابر، يعني لو أردنا أنْ نقولَ كيف نعرف أنه مجتهد وأنه عالم متبحّر في العلم ونحن ما عاصرْناه؟

هو رضي الله عنه كان وُلِدَ في 512 للهجرة وتوفي في 578 للهجرة، نحن ما أدركناه وما عاشرْناه رضي الله عنه، إذا أردنا أنْ نُثبِتَ أنه إمامٌ في العلمِ كيف؟ بقولِ أهل العلم والحفاظ والمترجمين الذين كانوا في عصرِه، يعني بنقل الثقات.

تعالوا لننظر ماذا قال فيه الإمام الفقيه محرّر المذهب الشافعي العلّامة الفقيه عبد الكريم الرافعي يقول عن الغوث الرفاعي “كان أعلم أهل زمانِه بكتابِ الله وسنةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم”

وزمانُه كان مليئًا بالحفاظ والأئمة والفقهاء بالمراجع بالمجتهدين بكبار علماء الأمة في ذلك العصر مع ذلك يقول عنه “كان أعلمُ أهل زمانِه بكتاب الله وسنةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم”

وقال عنه “كان وارثًا أخلاقَ جدِّه المصطفى وكان بحرًا من بحورِ الشرعِ الشريف”

ثم الغوثُ الرفاعي شهدَ له المحبُّ والمُبغض والقريبُ والبعيد والصديق والعدو، هؤلاء الذين كانوا في عصرِه وزمانِه شهدوا له بكلِّ هذا.

ثم كان في مجلسِه يقعدُ كل طبقات الناس ابدأوا بأعلى طبقات العلماء إلى العامة، وكان كل واحد منهم في مجلسه يستفيد وينتفع بفن بعلم بتفسير بفقه بحديث بإرشاد بوعظ بتسليك بإشارة، كلُّهم يستفيدون من كلِّ ذلك في مجلسٍ واحد، كان يتكلم بالفتوح رضي الله عنه مع العلم الذي حصّله.

فمثل هؤلاء الذين أحدثوا هذه البدع الحسنة ما كانوا جهَلاء، فعند قولِ الشيخ رحمه الله معناه الذي بلغَ درجةَ العالم العامل المجتهد الكبير القوي في العلم ليس عامة الناس وليس عامة العلماء حتى ولا عامة المشايخ إنما من هذه الطبقة.

يعني لو رأيتم مثلًا أنّ الذي أحدثَ صلاة التراويح جماعةً في المسجد في رمضان عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهل مِن عاقل يشكُّ في عدالةِ وبحورِ علم عمر؟

 أليس عمر رضي الله عنه وأرضاه هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم [إنّ الحقَّ ليتكلّمُ على لسانِ عمر] أي الملَك يُسَدِّدُه إما أنه يتكلم على لسانِه أو يُساعدُه يُمِدُّه يدفعُه ليتكلّمَ بالحق يُحرِّكُه.

إذا كان في حكمة مولانا الغوث الرفاعي يقول “مَن أخلصَ أربعين يومًا لله تعالى في قلبِه تفجّرت ينابيع الحكمة من قلبِه على لسانه”

إذا كان الغوث الرفاعي يقول هذا فكيف بسيدِنا عمر بن الخطاب الذي هو رأس أهل الكشف من أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم –أي في أوليائهم- إذا كان عمر بن الخطاب الذي له موافقات يعني العلماء ألّفوا كتبًا في موافقات عمر يعني مثلًا:

قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يا رسولَ الله زوجاتُك يدخل عليهنّ البَرُّ والفاجر لو أمَرتَهنَّ بالحجاب، فنزلت آية الحجاب في أزواج النبي، قال يا رسولَ الله لو اتّخذْنا من مقامِ إبراهيم مصلّى نزلت الآية {واتَّخِذوا من مقامِ إبراهيمَ مُصلّى}-سورة البقرة/125-

وهكذا، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه الذي هو رأسُ أهلِ الكشفِ في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم وهو المُجمَع على فضلِه وعلمه وتقواه وعدلِه وصلاحِه ولا يقدح فيه إلا مخذول أعمى القلب.

عمر بن الخطاب أحدث صلاة التراويح جماعةً في رمضان في المسجد.

مثال رابع، مَن الذي أحدثَ الأذان الثاني يوم الجمعة؟ عثمان بن عفان، عندَما كثُر الناس وتوسّعت رقعة انتشار العباد ورأى أنّ حاجةً تدعو إلى إحداثِ أذان ثاني ليأتيَ الناس ويتهيؤوا لصلاة الجمعة أحدثَ الأذان الثاني يوم الجمعة، هل عثمان بن عفان جاهل؟ حاشاه، هل هو مطعونٌ في عدالتِه؟ حاشاه، بل قال فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم [ألا أستحي ممّن تستحي منه الملائكة] عثمان بن عفان الذي قال فيه الرسول [اللهم إني راضٍ عن عثمان فارضَ عنه]

عثمان بن عفان الذي قال فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم [ما على عثمان ما أقبلَ أو أدبرَ بعد اليوم]

عثمان عندما بايع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان الرسول قد أرسل عثمان في قضيةٍ مهمة ولمْ يكن حاضرًا في البَيعة الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب بيدِ نفسِه الشريفة على يدِه الأخرى وقال هذه يد عثمان، هو بايعَ نفسَه لنفسِه عن عثمان، هذا عثمان بن عفان الذي زوّجَه الرسولُ بابنتَيه بعدَما ماتت الأولى زوّجَه الثانية ثم ماتت الثانية قال لو كان عندنا ثالثة زوّجناها عثمان.

هذا عثمان الذي قال الرسول عندما كان على جبل أحد [اثبت فإنما عليك نبيٌّ وصدّيقٌ وشهيد] في بعض الروايات.

هذا عثمان الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم [عثمانُ بنُ عفان في الجنة]

هذا عثمان هذا عمر هذا الرفاعي هذا الجيلاني، مثل هؤلاء الذين أحدثوا البدعة الحسنة علماء أجلّاء أئمة بلغوا هذه المراتب العليّة، الدينُ ليس فوضى نحن لا نأخذ من أيِّ إنسانٍ تكلّم ولا أي شخصٍ ادّعى العلم ولا أي إنسان ادّعى أنه بلغَ درجةَ الاجتهاد، نحن نعرف حتى المجتهد في بعض القضايا قد يُخطىء لذلك عندنا النص القرآني ونص الحديث الصحيح وعندنا الإجماع.

حتى المجتهد إذا أخطأ في قضية أو خالفَ فيها إجماعًا أو نصًّا ما بلغَه أو لم ينتبه له نحن مع الإجماع مع النص، نحنُ لا نأخذ من أيّ إنسان ومما هبّ ودبّ إنما نأخذ ما ثبتَ وما صح وما كان موافقًا للأصول الشرعية والدينية(

 

*فمن ذلك عملُ المولدِ في شهرِ ربيعِ الأول هذا أحدثَه ملِكٌ عالمٌ تقيٌّ يقالُ له الملكُ المظفّر بعدما مضى من تاريخ الهجرة النبوية نحو ستمائة سنة فوافقَه العلماءُ على ذلك لأنّه ليس فيه شىءٌ يخالفُ القرآنَ والحديث، هو إظهارُ الشكرِ لله تعالى على إظهارِ نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم في مثلِ ذلك اليوم بقراءةِ شىءٍ من القرآن وسيرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وتقديمِ الطعامِ للحاضرين كذلك

(وكل ذلك خير والله يقول {وافعلوا الخيرَ لعلكم تفلحون}-سورة الحج/77- ثم هذا الملك ملكُ  إربل المظفر رحمة الله عليه عندما عمل المولد حضرَ عندَه رؤساء العلماء وشيوخ الحفاظ وأئمة الدين، لم يجتمع هو بهذا السكير وهذا العربيد وهذا الفاجر وهذا الفاسق واحتفلوا وحدَهم بالمولد، ليس كما يقول هؤلاء الفجَرة فيه بل يطعنونَ فيه الطعن القبيح وحاشاه رحمه الله، لو كان كما يطعنون فيه كيف صاهرَه السلطان صلاح الدين الأيوبي؟ كيف رضي أنْ يزوِّجَه من أختِه؟

الحاصل أنّ السلطان الملك العادل صلاح الدين الأيوبي زوّج أختَه من الملك المظفر، هذا وحدَه تعديلٌ ومدحٌ له وتوثيقٌ له وكان يشاركُه في الغزوات والفتوحات والحروب.

ثم هذا شيخ الحفاظ أبو الخطاب ابن دحية ألّف كتابًا في المولد، وشيخ الحفاظ العراقي ألّفَ كتابًا في المولد ثم العلماء اجتمعوا عندَه وكان يقرأ عليهم وكانوا في مجلسِه هم يُديرون أمرَ المولد، يعني المسئلة كانت مضبوطة بالعلم فهذا الأمر ليس فوضى كما تظن الوهابية الذين يقول مفاتيهم وهذا موجود عندَنا في مواقعِهم وفي الصحف قالوا لعنهم الله إنّ الذي يحتفل بالمولد هذا يشبه اليهودَ والنصارى.

ثم هؤلاء الفسقة الفجرة الذين كفّروا أهل السنة والجماعة لأنهم يحتفلون بالمولد نقول لهم ماذا تقولون أنتم فيما يسمى أعياد ومناسبات خاصة لزعمائكم؟ ذاك تُجيزونه تُبيحونَه وأما الاحتفال بالمولد تحرّمونَه؟

أليس أحد كباركم قدّم كيكة كبيرة لتلك المرأة التي كانت وزيرة خارجية بلد مشهور معروف في ذكرى ميلادِها؟ وهذا موجود في المواقع ارجعوا إليه، وهذا من زعمائكم فاجأها واحتفل بميلادِها وقدّم لها كعكة كبيرة قالب كاتو، هذا تُجيزونَه، ثم أليس أحد دُعاتِكم من مدة نزل إلى الشوارع حمل الورد الأحمر وصار يوزّع على السيارات والمارة ويقول عيد الحب عيد الحب؟ هذا موثّق أيضًا الآن على النت وفي المواقع.

أليس في مؤتمراتِكم تحتفلون في كل سنة بما يسمى بحوث الإمام محمد بن عبد الوهاب على زعمكم؟ هذا احتفال سنوي يدوم أسبوعًا عندكم، هذا تُبيحونَه وتُنفقون عليه الملايين لأنكم تستجلبون الناس الذين هم أذناب لكم من البلاد وتُنزلونَهم في الفنادق وأكل وشرب ليلًا نهارًا وأموال في الظروف وهدايا وإلقاء محاضرات، ثم المحاضرات التي في نفخكم وفي نفخ أئمتكم تعملونَها كتبًا تطبعونَها بالمجلدات، وعندي أنا ست مجلّدات منها لموسم واحد ويوزَّع مجانًا على الناس، ملايين الدولارات تنفقون على هذا الاجتماع السنوي.

ثم أليس الزعماءُ والأئمة عندَكم ورؤوسُكم الكبيرة بلحاهم الطويلة وقمصانهم القصيرة يرقصون فيما يسمى عيد الجنادرية؟ أم تجرأونَ على التحذير من الجنادرية؟ قد يقال طلّعوا فتوى

ماذا تقولون في الاحتفال السنوي بالجنادرية ألستم ترقصون فيه بلحاكم الطويلة بالسيوف ترقصون، مشايخكم يرقصون بما يسمى عيد الجلوس يعني عيد الحكم عيد الكرسي، هذا تحتفلون به وتنفقون آلاف آلاف آلاف الملايين لأنه عيد لكم تعرفون أنتم ماذا تفعلون فيه بل ويحضر الرؤساء أحيانًا، كل هذا عندكم جائز وحلال.

ثم الآن على زعمِكم انفتحتم أكثر فأبحتُم ما يسمى عيد الزواج وعيد الحب وعيد الأم وعيد العشاق وعيد المعلم والمعلمة وعيد البيضة وعيد الدجاجة وعيد الجزرة وعيد البربارة كل هذا بعض المشايخ عندكم أباحوه أما ذكرى المولد النبوي الشريف لأننا نشكر الله على نعمة وجود محمد وعلى نعمة بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هذا يُغيظُكم لا يعجبُكم وتحرّمونَه وتقولون كاليهود والنصارى وتُكفّرون تقولون تتألَّوْن على الله لأنّ الله كمّل الدين وأنتم أحدثتم المولد فكأنكم تقولون الدين ليس كاملًا نحن نكمّله، وكذبتم نحن لا نقول هذا بل أنتم المتذبذبون المتلوّنون كل يوم بفتوى جديدة.

يعني إذا كان الزعيم عندكم طلب منكم فتوى في دخول الخلاء على ما يريده هو تصدرونَها فورًا، إشارة السير أصدرتُم عليها فتوى كل ما يريدونه منكم الفتاوى جاهزة غب الطلب، هذا هو حالُكم وشأنكم أما نحن بالأدلة بالبراهين، فإذا قلتم قال الله تعالى (اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينًا)-سورة المائدة/3-، كيف تحتفلون بالمولد؟

أقول لكم يا جهلاء افهموا معنى الآية قبل أنْ تتكلموا أنتم تُضحكون الناس عليكم وعلى مشايخِكم لأّنّ هذه الآية نزلت في حجة الوداع يوم الجمعة والرسول صلى الله عليه وسلم في عرفات وما مات في ذلك اليوم بل بقي بعد هذه الآية ثمانين يومًا قريب الثلاثة أشهر عائشًا بين الناس صلى الله عليه وسلم والوحيُ ينزلُ عليه.

ارجعوا إلى القرطبي وإلى السيوطي وإلى علماء التفسير يقولون آيات تحريم الربا نزلت بعد هذه الآية، أجيبوا، إذا قلتم كيف تحتفلون بالمولد والآية {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم} يعني على زعمِكم يلزمُكم أنْ تلغوا آيات تحريم الربا لأنها نزلت بعد هذه الآية، ماذا تقولون؟

ثم آية الكلالة متى نزلت؟ هل تفهمون وتعرفون أسباب النزول؟ آية الكلالة أيضًا نزلت بعد هذه الآية كما قال عمر، يعني كان لا زال ينزل آيات قرآنية فإذا قلتم لم تنزل آية بعد هذه الآية التي في المائدة يعني على زعمكم تريدون إلغاء القرآن وكل هذه الأحكام التي نزلت بعد آية {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم} تريدونَ إلغاءها، هذا مستواكم.

ثم ما معنى الآية {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم} يعني اليوم أُتِمَّت لكم قواعد الدين الأصول فإذا قلتم إنّ هذه الآية تحرّم المولد أقول لكم فماذا تقولون في آيات تحريم الربا التي نزلت بعدها وماذا تقولون في آية الكَلالة في المواريث التي نزلت  بعدها؟ وماذا تقولون في الآيات التي نزلت بعد هذه الآية؟ أليس مات الرسولُ صلى الله عليه وسلم بعد حجةِ الوداع بنحوِ ثلاثة أشهر؟ تريدون إلغاء كل الآيات التي نزلت بعد حجة الوداع؟ متى كان آخر آية نزلت على الرسول قبل وفاتِه بثمانية أيام نزلت عليه الآية التي في البقرة قال الله تعالى {واتّقوا يومًا تُرجَعونَ فيه إلى الله ثم تُوَفّى كلُّ نفسٍ ما كسَبَت وهم لا يُظلَمون}-سورة البقرة/281-

إذا قلتم {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم} آخر آية ألغيتم هذه الآية التي في سورة البقرة، تلك نزلت على الرسول في حجةِ الوداع وهذه نزلت {واتّقوا يومًا} نزلت على الرسول قبل موتِه بثمانية أيام، ماذا تقولون؟ أنتم تعرفون وتفهمون الأحكام أولًا؟ لا والله، لا العقيدة ولا الأحكام ولا أسباب النزول ولا تواريخ النزول تريدون على هواكم تحرّمون المولد وتأتوا بالآية وتحرّفونَ معناها {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم} لتحرّموا المولد، والآية ردٌّ عليكم لأنها  ليس فيها تحريم للمولد.

افهموا الاحتفال بالمولد بمعنى أننا نشكر اللهَ على نعمةِ بعثةِ محمد صلى الله عليه وسلم، إنْ كنا نشكرُه سبحانه وتعالى على نعمةِ الهواء ألسنا نتنشّق هذا الهواء؟ على نعمة الماء عل نعمة الخبز والطعام على نعمة اللباس، ألسنا نشكر اللهَ على كلِّ هذه النِّعَم، فكيف لا نشكرُه على نعمةِ بعثةِ محمد؟ كيف لا نشكرُه على نعمةِ وجودِ محمد؟ كيف لا نشكرُه على نعمةِ مولدِ محمد صلى الله عليه وسلم؟

ثم نحن بمحمد صلى الله عليه وسلم عرَفنا الوضوء والصلاة وعرَفنا الكعبة وعرَفنا الإيمان والإسلام، بمجيء محمد ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فهمتم ما معنى الاحتفال بالمولد؟ هو متضمّن لمعنى الشكر لله على هذه النعمة العظيمة التي حصلنا عليها بوجود محمد وببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، هذا معنى الاحتفال بالمولد فكيف تحرّمون بالإطلاق؟ فإذا قلتم تحصل منكرات هذا أجبنا عنه في درس الأمس ارجعوا إليه تسمعون فيه ما يفتح آذانَكم اسمعوا ماذا رددْنا عليكم أنّ بعضَ الناس يُحدِثون منكرات في المولد، في المساجد بعض الناس يُحدِثون المنكرات وفي المسجد الحرام كذلك في الأذان في خطب الجمعة في الصيام في الزكاة في الحج في الذكر في قراءة القرآن بعض الناس يأتونَ بمنكرات فهل نحرِّم كلّ شرائع الدين  لأنّ جاهلًا عملَ منكرًا أو حرّف؟ لا، إنما ننهى عن التحريف وننهى الجاهل عمّا فعل لكنْ لا ننهى عن أصلٍ حسن له دليلٌ من الكتابِ والسنة والإجماع كما قال إمامُنا وسيّدُنا وقدوتُنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه.

البيهقي روى عنه في كتابِه مناقب الشافعي قال “وبدعة الهدى ما أُحدِثَ على وفقِ الكتاب أو السنة أو الإجماع أو الأثر”، ويقول “بدعة الضلالة ما أحدِثَ مما يخالفُ واحدًا من هؤلاء” هذا الشافعي نفسُه.

ماذا تقولون في مولانا وسيّدنا عمر رضي الله عنه الذي قال “نِعمَ البدعةُ هذه” وفي رواية “نعمت” وهذا في البخاري، ماذا تقولون في عمر؟ معناه يوجد بدعة حسنة أما عندَكم كل البدع منكَرة وضلالة وباطلة وأنتم البدعة المذمومة لأنكم جئتم بعقيدةٍ مُستحدَثة، نحن احتفلنا بالمولد أخذًا بأقوال المجتهدين والعلماء أما أنتم تعبدون شخصًا جسمًا جسدًا وهذا ليس من الإسلام ولا من التوحيد والعبادةِ في شىء.

أليس الرسول يقول [أفضلُ الأعمالِ الإيمانُ باللهِ وحدَه] أنتم عبدتم شيئًا تخيّلتموه قاعدًا فوق العرش وليس هو الله لأنّ اللهَ ليس جسدًا، عبدتم جسمًا ووصفتُم هذا الجسم بصفات الإله إذًا أنتم ما وحّدتم الله وتنعقون هنا وهناك توحيد الذات توحيد الألوهية توحيد الأسماء والصفات على زعمكم، هذه البدعة القبيحة من أين جئتم بها؟ هل قالها الرسول؟ هل القرآن ذكرَها؟

النبيّ قال أنّ الميت المسلم في القبر يقول الله ربي أين بقية الأقسام كيف يقبل منه منكر ونكير في البرزخ؟ أين أقسام التوحيدات الأخرى التي أحدثتموها؟ النبيّ قال يقولان له منَ ربّك يقول الله ربي، أين الأقسام الأخرى التي أحدثتموها  بزعمِكم؟

إذًا أنتم البدعة المذمومة الأصلية وأنتم أحدثتم دينًا وعقيدةً وعبدتم غيرَ الله عبدتم جسمًا تخيّلتموه قاعدًا فوق العرش وجئتم بدينٍ جديد في العقيدة والأحكام وكل ذلك بدعة، فمَن أهل البدعة الضلالة؟ أنتم، ومَن أهل البدعة الحسنة الموافقة للكتاب والسنة والإجماع؟ أهل السنة والجماعة(

الجنة

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: النومُ يكونُ من تعبِ الفكر أو مِن تعب الجسم لذلك أهلُ الجنةِ لا ينامون لذلك يقولون النومُ أخو الموت.

)هنا في الدنيا بعض يقول أنا أتلذذ بالنوم، يتلذذ بسبب التعب الجسدي أو الفكري، ترى أحيانًا أنهى حصة الرياضة وفرِح وصوّرَ نفسَه على النت ويفتح بث مباشر على المواقع وعضلات وحديد ورياضة وركض وسباحة وحبال وطلوع ونزول أنهى نزلَ في البركة دخل الخلاء أنهى جهز سيارتَه جاءه اتصال مات أخوك انكسرَت قوّتُه، ما عاد عنده قوة لقيادة سيارتِه فيحملونَه كالخرقة، أين عضلاتك التي كنتَ تبث الآن مباشر وتعرضها؟ خبر واحد كسرَه، هذا اسمُه تعب فكري ونفسي انهدّت كلّ قوتِه كان الآن يحمل 130 كيلو كان ينط الخطوة الواحدة سبعة أمتار، ما عاد عنده قوة يسوق السيارة صار يشبه الميت، رأيتم الإنسان كم هو ضعيف؟

يقول لك أتلذذ بالنوم لماذا؟ تشاجر مع زوجته ينطفىء ويذبل وينام على الكنبة لأنه حزين تعب فكرُه، تعب جسدي وتعب فكري ينام وهو جالس على الكنبة.

يكون خرج من البيت يأتيه خبر يغيّر رأيه يعود إلى البيت يقول لهم لا أحد يكلّمني لا أستطيع أنْ أتحرك ولا أتكلم.

رأيتم؟ هذا في الدنيا تتلذذ في النوم تعب جسدي تعب فكري تنام أحيانًا لتهرب من الواقع أحيانًا لتنسى أحيانًا لتتنشط أحيانًا لتقدر أن تتكلم لأنك في تعب، هذا في الدنيا، أنت بحاجة للراحة.

الجنة ما فيها تعب لا جسدي ولا فكري فلستَ بحاجة للنوم، ليس فيها نوم لأنّ جسدَك ليس بحاجة للنوم وفكريًّا ما عندك شىءٌ مقلق أو مؤذي أو شىء مخيف ولا فضيحة ولا مصيبة ولا بليّة، فهناك لا تحتاج للنوم لا تريد أريد أن أنام لأنّ الجنةَ دار السعادة الأبدية ما فيها تعب جسدي ولا تعب فكري.

قلوبُهم هناك أقوى مما هي عليه في الدنيا لأنّ بعض الناس في الدنيا إذا سمعَ صوتًا قويًّا قد يموت من قوةِ الصوت صار معه توقف في القلب فمات بصوت بزلزال بصاروخ بمخزن سلاح انفجر انفجرت أذناه انفجرت شرايين قلبه وقف قلبه فمات، هذا في الدنيا، أو مات من خبر مفرح أو من خبر محزن أما قلوبُهم في الجنة أقوى بكثير مما كانت عليه في الدنيا فتتحمل قوة تلك الأنوار والنعيم ولا يحصل لهم تعب ولا خوف ولا قلق ولا انزعاج، فقلوبُهم عامرة بالفرح والسرور والأنس فلا يجد النعاس ولا التعب ولا الهم ولا الغم ولا الأحزان ولا المشقات ولا الآلام، كلّ ذلك لا يجدُ سبيلًا إلى قلوبِهم لا يدخل إلى قلوبِهم في الجنة فقلوبُهم عامرة بالفرح والسرور في كل وقت لذلك هم لا يحتاجون للنوم.

تقول لي ورد في القرآن {على سُررٍ}-سورة الحجر/47- السرير في الجنة كي يقعدوا إن كان للاتّكاء أو للراحة عليه تلذّذًا، السرير ليس شرطًا لينام عليه ويغيب عن حسِّه لا، السرر في الجنة والكراسي ليس لأنهم يذهبون للعمل ويتعبون ثم ينامون على السرير أو يقعد على الكرسي لأنه متعب إنما يقعدون عليها بلا تعب تلذّذًا يجلسون على الأسِرة تلذذًا وليس للنوم لأن في الجنة لا يوجد لحظة تعب فماذا يريد من النوم؟

بل لا يوجد مزعج أو معكّر ولا حتى في الخاطر هذا لا وجود له في الجنة، لماذا ينام إذًا إذا كان كل لحظة في سرور في نشاط في همة في فرح في أنس تأتيه كل الملذّات التي يشتهيها في لحظة لا ينتظر الطير لما كان صغيرًا طلع من البيضة ويكبر ليذبحه وينظفه ويشويه هذا كله لا يوجد منه شىء في الجنة –التعب والانتظار- كله لا وجود له في الجنة، بل الطير والطيور هناك ضخمة وكبيرة، الطير يأتي إلى هذا التقي الصالح الولي يقول له اشتقتُ إليك يا ولي الله، لا يقولون له انتظر كي يُجَهَّز، في هذه اللحظة أي خطوره على قلبِه أنه يريد أنْ يأكل يشتهيه ينزل أمامَه جاهزًا مشويًّا، ثم لما يأكل لا يتعب، بعض الناس لما يأكلون في الدنيا يصيبهم ألم في الحنك أو يقع ضرسه أو تقع الوجبة هذا في الدنيا أما في الجنة كل هذا لا وجود له يأكل تلذذًا.

تخيّلوا إذا كان الماء الذي في الجنة ألذ من العسل المصفى في الدنيا، فكيف يكون العسل المصفى في الجنة إذًا؟

إذا كان الفاكهة في الجنة رائحتُها لا مثيل لها في الدنيا، وهذا فقط الرائحة.

ينزل أمامه الطير كما يشتهيه في لحظة فيأكل تلذذًا شهوةً يعني اشتهاه فأكل يعني لا يجوع بالمرة.

أعطيكم مثال للتقريب ورمضان قريب الله عز وجل يُحيينا لنعمل في رمضان فيما يرضيه سبحانه ويُعيننا على الصيام والقيام ونسألُه أنْ يُعتقَ رقابَنا من النار، اللهم بلّغنا رمضان واجعلنا فيه قائمين صائمين كما تحب وترضى يا رب العالمين.

أنتم تعرفون في رمضان مثلًا تقعد الأم مع زوجها وأولادِها للإفطار يقعد الولد كم نوع طعام يوجد عشرة عشرون مثلًا، يأكل يأكل مع أنّ بعض الناس يظنون أنهم إذا أكثروا الطعام على الإفطار هذا يقوّيهم على الصيام في اليوم التالي، لا، أحيانًا كثرة الطعام تتعب وتسببُ كسلًا ونومًا وثِقَلًا، لذلك بعض الحكماء يقول “راحةُ البدنِ في قلةِ الطعام” أنت كل القدر الذي تحتاجُه ويكونُ مغذّيًّا وبنيةٍ حسنة ولا تُكثر، مَن أكل كثيرًا شرب كثيرًا ومن شرب كثيرًا نام كثيرًا ومن نام كثيرًا فاته الخيرُ الكثير.

ما هي عادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ التقليل، الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل يأكل سبع لقم أو تسع، واللقمة تكون بثلاثة أصابع لتقليل الكمية، تقول لي بعض البلاد يقعدون ويعملون اللقمة كالطابة ويرمونَها في فمهم أقول لك هذا ليس من فعل النبي ولا من فعل الصحابة.

يأكل هذا الشخص حتى لا يستطيع أن يتنفس تقوم أمه تشتهي له لقمة بيدِها تقول لابنها اشتهيت لك هذه اللقمة يقول لها دخيلك لا أستطيع أن آكل أكثر، تصرّ عليه فلا يأكل ترجوه لا يأخذ، يذهب لتغسيل يديه يمر على طاولة الحلويات والفواكه والعصير البارد المرطب ينظر فيغيّر رأيه فيبدأ بالطعام عن جديد، تقول له أمه من يدي لم تقبل ولم تأخذ يقول لها اشتهيتُ، وهو يكون وصل الطعام إلى زلاعيمه وهذا لا ينبغي وأهل الجنة ليسوا هكذا أنا أعطي مثالًا في الدنيا ماذا يصير، مع كل الشبَع الذي كان عليه رأى الحلواء والعصير والفاكهة اشتهى مع الشبًع، في الجنة شِبع دائم فيأكلون إن اشتهوا.

الله قال {ولحمِ طيرٍ مما يشتهون}-سورة الواقعة/21- هم في شبَعٍ دائمًا في الجنة ليس هناك جوع ولا عطش يأكل إذا اشتهى ويشرب إذا اشتهى.

مرت معنا عبارة قلنا لا ينتظر لأنّ الانتظار يسبب الحسرة والجنة دار الجزاء وليس دار الانتظار.

والمعتزلة من تخريفاتِهم أوّلوا {إلى ربِّها ناظرة}-سورة القيامة/23- إلى نعمةِ ربِّها منتظرة هذا جهل عريض، لو كان على زعمِكم على معنى الانتظار يعني جعلتموهم في دار الحسرة وإذا كانوا في دار الحسرة فما الفرق بينهم وهم الآن في الجنة وبينهم لما كانوا في الدنيا بزعمِكم؟ هذا لا يصح ولا يصير لأنّ الجنة ليست دار انتظار ولا تحسّر ولا انزعاج، فالانتظار يسببُ الانزعاج والتحسّر إنما الجنة دار نعيم في كل لحظة يخطرُ على باله ما يريد من النعيم يحصل عليه في اللحظة، لا انزعاج ولا انتظار ولا تحسّر. إذا اشتهى أنْ يأكل من ثمار الجنة لا يقال له الآن انتهى موسمُها لا، لا يقال له الآن الشجرة جفّت، لا يقال له الآن خرِبَت، لا يقال له انتهى الثمر، لا يقال له أكلَه غيرُك لأنّ الله قال {لا مقطوعة ولا ممنوعة}-سورة الواقعة/33- يعني في كل لحظة موجودة ونضيجة وحاصلة ويصل إليها ويحصل عليها بلحظة بلا تعب ولا مشقة، الشجرة تنزل إليه لا يأتي بسلم وحبل ولا يقع ويكسر يده لا، هذا لا وجودَ له في الجنة، هو على سريرِه على عرشِه الشجرةُ تنزل إليه، قال الله تعالى {قطوفُها دانية}-سورة الحاقة/23- والثمارُ كالقلال يقطف بسهولة بلا تعب بلا مشقة يخلقُ اللهُ غيرَها ثم تعود الشجرة كما كانت.

اليوم في الدنيا إذا كانت زوجتُك وهي حامل في أول حملِها اشتهت نوعًا من الفاكهة تذهب وتبحث في الليل والنهار مع كورونا والحظر لا يهتم يقول لك المرأة تشتهي وهي حامل يبحث فلا يجد في المحافظات لا يجد، في سوريا الأردن لا يجد فيستورد من الخارج، هذا فقط لأجل حبة إجاص مثلًا أو حبة أناناس ويكون انتهى موسمها تكون موجودة في بعض البلاد أو تخزَّن في البرادات أما هنا انقطع الموسم انتهى، هذا في الدنيا أما في الجنة الله عز وجل قال عنها {لا مقطوعة ولا ممنوعة}-سورة الواقعة/33- بل إلى أبد الآباد لا ينتهي ثمرُها ولا تخرب ولا تنفد ولا تحصل له تُخمة ولا انزعاج ولا يتأذى ولا يحصل له أدنى أذى بالحصولِ عليها بل وهو متّكىءٌ على سريرِه تنزل إليه، إذا كانت الأنهار في الجنة ليست في الوهاد الأودية ليست في الأقنية البعيدة إنما أنهارُ الجنة تجري على أرضِها بين قصورِها وأشجارِها وهي لها بريقٌ ولمعان ومنظرٌ رائع وصوتٌ جميل والأشجار إذا تحركت في الجنة قلوبُهم فرِحَت في الأنغام التي تخرج منها عند تحرّكِها.

الشجرة تنزل إليه يقطف بلا تعب يخلق اللهُ غيرَها ثم تعود الشجرة كما كانت {قطوفُها دانية}-سورة الحاقة/23- عرفتم لماذا لا يوجد في الجنة نوم؟ ولا تعب ولا حسرة ولا مرض ولا هم ولا غم ولا غيرة.

اليوم بعض الناس يغارون من بعضِهم في الدنيا تاجر مع تاجر مثلًا، جار وجاره، سيارة بسيارة فلان سيارتُه مثلًا أحسن من سيارة الآخر فيغار منه أو الأولاد من بعضهِم هذا عند أبيه له قبول أكثر فيغار منه أخوه، الأخت قد تغار من أختِها ثم تكيد لها تركّب لها الأفلام عند أمّها بعض الناس ما أسهل تركيب الأفلام عندهم، لا يحتاج عندهم إلى كتابة مسرحية ثم إخراج بل تنفيذ فوري وتركب الأفلام فورًا بسبب الغيرة ولا سيّما بين التجار أحيانًا يكذبون ويفترون على بعض ويتلفون بضاعة بعض ويؤذون بعضَهم عند الزبائن ويحرّضون على بعضِهم هذا وصل إلى حد الظلم، بين الإخوة والأخوات، بين الزوج وزوجاتِه الضرائر يصرْنَ والعياذ بالله وليس الكل إنما حال أكثرُ الناس يعصُون ربَّهم ويفسُقون ويفجرون ويقعون في الكبائر، إذا كان بين الإخوة يحصل فكيف بين الضرائر؟

الجنة ما فيها هذه الغيرة لا بين الإخوة والأهل ولا بين هذا المسلم وبين زوجاتِه مع الحور العين بل يكنّ فرحات مسرورات متقابلات متزاورات لا يوجد أدنى نكد أما  في الدنيا بعضُهم غيرة وحقد وحسد وغيبة ونميمة وبهتان وإخراج مسرحيات وتركب متاريس ونصب دشم ومدافع ويبدأ القصف بألسنتهم بالمعاصي والمحرمات.

هذا كله في الدنيا وفي الجنة لا وجود له، منَ أراد السعادة الأبدية التي لا يتخللها نكد ولا لحظة إلى أبد الآباد فليعمل على أنْ يكونَ من أهل الجنة بالثباتِ على الإسلام بخدمة الدين إلى أنْ يخرج من الدنيا.

جعلني اللهُ وإياكم من أهل الدرجات العلى ومن أهل المقاماتِ الرفيعة في الجنة ومن أهل الفردوس الأعلى، وجعلني الله وإياكم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فإنّ اللهَ تعالى إذا أمات عبدًا مؤمنًا راضيًا عنه لا يعذبه في الآخرة

اللهم اجعلنا من المرضيين عندك ومن المقبولين عندك واجعلنا خدّامًا لدينِك إلى الممات ناصرينَ لسنةِ نبيِّك عليه الصلاة والسلام واختم لنا ولأولادنا وأحفادِنا ولأبنائِنا لإخوانِنا لأخواتِنا لأهلِنا لأصدقائنا لكلّ مَن معنا ومن حولَنا من أحبةٍ وإخوة ولكلّ جماعةِ شيخِنا اختم لنا يا ربّنا بالتقوى والولاية والسعادة والشهادة

والحمد لله رب العالمين