الجمعة أكتوبر 18, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” – 104

        

نفع الأنبياء والأولياء بعد موتِهم بإذن الله تعالى

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمدٍ طه النبيِّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومن والاه

وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ولا ندّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيه ولا مثيلَ له ولا جسم ولا حجمَ ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاءَ ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أينَ ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكانَ له، كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان فلا تضربوا لله الأمثال ولله المثلُ الأعلى تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركةِ والسكون وعن الاتصالِ والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحلُّ منه شىء ولا يحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثلِه شىء، مهما تصورتَ ببالك فاللهُ لا يشبه ذلك ومَن وصف اللهَ بمعنى من معاني البشر فقد كفر

وأشهد أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّفَ وكرّم وبارك وعظّم وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وآلِ كلٍّ وصحبِ كلٍّ وسائرِ الأولياء والصالحين.

 

الميت في قبره

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الميت يعمل بعد الموت لكنْ عملُه ليس عملًا تكليفيًّا، في الدنيا الإنسان عليه عملٌ تكليفيُّ مكلّفٌ بالصلاةِ والصيامِ والحجِّ وغيرِ ذلك، بعد الموتِ ليس مكلّفًا فيعملُ أعمالًا بلا تكليف يقرأُ القرآن.

الأنبياء يصلّون في قبورِهم اللهُ تعالى يُحيِيهم يبْقَوْنَ أحياءً في قبورِهم وغيرُ الأنبياءِ أيضًا قد يقرأُ القرآنَ في قبرِه ويصلي أيضًا.

)هنا عند قولِه الله يُحييهم يعني بعد الموت الذي مات وهو في الدنيا بعدَما يُدفَن النبيّ روحُه تعود إلى جسدِه ليس معناه أنه في القبر يموت ثم يُحيا يموت ثم يُحيا يموت ثم يُحيا مرات وكرّات لا، ليس هذا معناه ولكنْ عندما يموت في الدنيا ثم يُدفَن في القبر روحُه تعود إلى جسدِه هكذا يكون أحياهُ الله فيرجِع حيًّا في قبرِه بعد أنْ مات ودُفِن، هذا معناه ليس كل ساعة يموت ثم يُحيا في القبر.

فإذا قال بعضُهم أليس قال صلى الله عليه وسلم مَن سلّمَ عليَّ بعد موتي أو عند قبري ردّ اللهُ عليّ  روحي فأردّ عليه السلام؟ معنى الحديث أنه ليس كل لحظة روحُه تخرج من جسدِه ثم تعود يموت ثم يُحيا هذا لا يليق لأنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي القبر والبرزخ أعلى وأكرم وأجل من كلِّ الخلق فليس كل لحظة يموت ويُحيا إنما معنى ردّ اللهُ عليَّ روحي بعضُ الحفاظ كالبيهقي كالسيوطي كالسخاوي أوّلوا هذا الحديث قالوا ردّ اللهُ عليَّ روحي أي قوتي.

عندما يقال علمُ الدين حياةُ الإسلام يعني قوّتُه فهنا معنى ردّ اللهُ عليّ قوّتي فأردّ السلام يعني الله يمكّنُه من ذلك هذا لا إشكالَ فيه.

وله معنى آخر قالوا ردّ عليّ روحي بعدَما متُّ في الدنيا ودُفنتُ ردّ عليَّ روحي فروحي معي فإذا سُلِّمَ عليَّ عند القبر أردّ على مَن سلّم عليّ.

لا يصير أنْ يكون النبيّ كل لحظة يموت ويُحيا، الله قال في القرآن في سورة البقرة {كيف تكفرونَ بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم ثم يميتُكم ثم يُحييكُم}-سورة البقرة/28- يعني الإنسان أولًا يكونُ ميتًا قبل أنْ يخلَق في الرحم وقبل أنْ توضَعَ فيه الروح الله يُحييه يخلقُ فيه الروح والحياة ثم يعيش المدة التي قدّرها الله في الدنيا ثم يموت ثم بعدَ الموت يبعثُه اللهُ تعالى فتعود الروح إليه، الأنبياء بعد الموت عادت إليهم الأرواح.

هذا القرآن {قالوا ربَّنا أمَتّنا اثْنَتَيْن وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْن}-سورة غافر/11- فكيف يكون كل لحظة يموت ويُحيا يموت ويُحيا لا، إنما  معنى اللهُ يُحييه يعني بعدَما أماتَه في الدنيا.

والحديث الذي ذكرْناه هو مؤَوَّل ليس معناه في القبر كلَّ ساعة وكلَّ لحظة روحُه تخرج ثم تعود يموت فيُحيا هذا لا يليق إنما ردّ اللهُ عليه قوّتُه في القبر فيردّ السلام على مَن سلّمَ عليه.

روى البيهقيُّ في جزءِ حياةِ الأنبياءِ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال [الأنبياءُ أحياءٌ في قبورِهم يصلّون] هذا حديثٌ حسن، أفرد له البيهقي كتابًا رسالة مُفرَدة سمّاها جزء حياة الأنبياء.

ثم الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه السخاوي في القول البديع [مَن صلّى عليّ عند قبري سمعتُه] كيف يسمعُه؟ لأنّ الروح معه [ومنْ صلّى عليّ نائيًا بُلِّغتُه]

يوجَد ملائكة يدورون في الأرض على المجالس فإذا سمعوا إنسانًا يسلّم على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الملَك ينقل هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرِه الشريف الزكي المبارك الأعطر الأطهر في المدينة المنورة فيقول له الملك فلان من أمتِك يسلّمُ عليك، فالرسول وهو في قبرِه يقول وعليه السلام، أما إن كان المسلّمُ عليه عند القبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسمعُه مباشرةً ويرد عليه

ثم إذا قيل لكم كيف أنتم تقولون إنه صلى الله عليه وسلم إنه حيٌّ في قبرِه ويسمعُ سلام المسلّمينَ عليه ويرد عليهم السلام وقد قال له الصحابة عندما قال [أكثروا عليّ من الصلاة في يومِ الجمعة فإنّ صلاتَكم معروضةٌ عليّ] –أو تبلغني- قالوا: كيف نصلي عليك وقد أرَمْتَ –بليتَ- فالجواب عن ذلك أنهم قالوا عن ذلك قبل أنْ يعرفوا قبل أنْ يتعلموا قبل أنْ يسمعوا قبلَ أنْ يقولَ لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه في القبر لا يَبلى، فلمّا أعلمَهم وأخبرَهم وعرَفوا وسمعوا ما عادوا إلى هذه المقولة ما رجعوا إلى هذه العبارة “وقد أرَمْـتَ” أي بليت، هم ما كانوا عرفوا قبل ذلك، وهذا ما عليهم فيه ضرر ولا حرجَ في ذلك لأنّهم ما كان بلغَهم فقال لهم صلى الله عليه وسلم [فإنّ اللهَ حرّمَ على الأرضِ أنْ تأكلَ أجسادَ الأنبياء] الحديث رواه البيهقي.

بعدما عرفوا وسمعوا ما رجعوا إلى هذه المقولة وبعدما علّمهم الرسول، ما قالوا كيف نصلّي عليك وقد بليتَ، ما رجعوا إلى هذا إنما هذا كان  في أوّلِ أمرِهم قبل أنْ يعرفوا.

وروى أبو داود في سننِه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال [إنّ الله حرّم على الأرض أنْ تأكلَ أجسادَ الأنبياء] هذا معنى ما جاء ردّ الله عليّ روحي أو قد أرَمتَ، وهذا لا تعارضَ ولا تناقضَ بين هذه الألفاظ وبين حديث [الأنبياء أحياءٌ في قبورِهم يصلّون] وبين حديث [فإنّ اللهَ حرّم على الأرض أنْ تأكلَ أجسادَ الأنبياء] كلّها متوافقة ليس فيها تعارض ولا تضارب فدينُ الله وقولُ الله وقولُ الرسولِ كلُّه مُتوافق(

 

*الوهابيةُ لعنَهم الله يجعلونَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم كقطعة خشب ليس له إحساسٌ ولا دعاءٌ للناس وهذا اعتقادٌ فاسد.

هو الرسولُ عليه الصلاة والسلام قال [الأنبياء أحياءٌ في قبورِهم يصلّون].

)هذا الحديث احتجَّ فيه البيهقيُّ وأوردَه الحافظ السبكي في شفاء السقام مُحتَجًّا به، وهو عند الحفّاظ في مرتبة الصحيح وفي مرتبة الحسن ويُعمل ويُحتجُّ به ويُورَد ويُذكَر(

 

*وهذا حديثٌ صحيح هم يأخذون هذا الحديث حديثًا على ظاهرِه فيُشوِّشونَ على الناس، هذا الحديث هو [إذا مات ابنُ آدم انقطعَ عملُه إلا من ثلاث] فيذكرونَ هذا الحديث.

)هذا شرحناه في الدرس السابق إنْ كنتم تذكرون وذكرنا مسئلة صلاة الجنازة على الميت والتصدق والحج عنه والصيام عنه وإجراء الصدقة الجارية له وهذا كلّه ليس من عملِ الميّت وأثبَتَته الأحاديث أنها تنفع الميت المسلم وأورَدنا أنّ القرطبي في التذكرة والحافظ السيوطي في شرح الصدور نقلا الإجماعَ على أنّ قراءةَ القرآنِ على الميت المسلم جائز حسنة تنفع، فهذا الحديث لا مُتَمسّكَ لهم فيه وهذا من جهلِهم(

 

*يشوِّشون على الناس، ليس معناه أنّ الإنسانَ لا يعملُ بعد موتِه ولا يدعو لغيرِه ولا يصلي ولا يقرأُ القرآن إنما معناه العملُ الذي كان مكلَّفًا به ويُثابُ عليه ينقطعُ بعد الموت، إذا صلَّوا في القبر وقرأوا القرآن ليس فيه ثواب لكنْ يجدون لذةً بقراءتِهم بصلاتِهم لكنْ لا ثوابَ عليه.

الرسولُ عليه الصلاة والسلام قال [إذا مات ابنُ آدم انقطعَ عملُه إلا من ثلاث صدقةٍ جارية أو علمٍ يُنتفَعُ به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له].

)وهذا كلُّه ليس من علمِه بعد موتِه، الصدقة الجارية والأمور التي ذكرتُها كصلاة الجنازة عليه كالتصدقِ عنه كالحج عنه كمَن مات وعليه صوم صام عنه وليُّه وقراءة القرآن مع ما ورد في الشرع من إثباتِ أنّ الأنبياء والأولياء لهم تصرّف بعد موتِهم وذكرْنا لذلك أدلة إنْ كنتم تذكرون قصة عزير والآية الكريمة {فأماتَه اللهُ مائةَ عامٍ ثم بعثَه}-سورة البقرة/259- وقصة أنه أعاد قراءة التوراة الأصلية على الناس بعد موتِه بمائة سنة وهناك أدلة أخرى سنذكرُها إن شاء الله في هذا المجلس(

 

*ذكر أنّ الولدَ الصالحَ ولدَ الرجلِ الصالح الذي يدعو لأبيه بعد موتِه هذا يصلُ إليه كأنْ قرأ القرآن ودعا بأنْ يصلَ الثواب إلى أبيه ينفعُه، كذلك إذا علّم علمًا يَنتفعُ به الثوابُ يستمرُّ بعد الموت.

عملٌ عظيمٌ تعلّمِ الأدلة والردُّ بها على الوهابية الأنجاس الذين يدّعون أنهم مسلمون وليسوا مسلمين.

)نحن ذكرْنا بعضًا من الأدلة في الدرس الماضي والذي قبلَه كمسئلة جعفر الطيار وأنه قُتِلَ ودُفِن في مؤتة في الأردن وكيف جاء وخرج من قبرِه بعد استشهادِه ودفنِه وجاء إلى المدينة مع جبريل وميكائيل وسلّم على الرسول وقال صلى الله عليه وسلم “يا أسماء هذا جعفر” والنبيُّ لا يكذب وهذا حقٌّ وصدقٌ وثابت رواه الطبراني والإمام أحمد وعددٌ من الحفاظ، ومسئلة عزير والآية التي في سورة البقرة.

الآن سنذكر أدلة أخرى، الله تعالى أخبرَنا في القرآن عن قصة قتيلِ بني إسرائيل الذي قُتلَ لأجل المال، كان له مال قريبُه قتلَه ليستعجِلَ أخذَ المال فحُرِمَ من الإرث، هذا قتل هذا الرجل ثم أخذه وهو مقتول ووضعَه أمام دار إنسان ليُتّهَم به ظلمًا ليُبعد التهمةَ عن نفسِه ويأخذ هو المال والذهب، الله عز وجل أنزلَ وحيًا على موسى عليه السلام ليفضحَ القاتل، أمرَهم أنْ يذبحوا هذه البقرة التي لها قصةٌ عجيبة وجاء ذكرُها وصفتُها في القرآن ثم الآن ليس أمرُنا في ذكر قصة البقرة وكيف اشتُريَت بمِلىءِ جلدِها ذهبًا وأنّ فلانًا كان بارًّا بأبيه وما إلى هنالك المسئلة هنا {فقلنا اضربوه ببعضِها كذلك يُحيي اللهُ الموتى}-سورة البقرة/73- أخذوا قطعةَ لحم من هذه البقرة ثم ضربوا بها الميّت فأحياه الله قام هذا الميت وقال فلان قتلني وليس فلان يعني قريبُه، برّأَ المظلوم.

انظروا هذا كان مات واللهُ أحياه ثم تكلّم وحصل منه فعلٌ وتصرّفٌ ونفعٌ فبرَّأَ المظلوم واعترف على القاتل الحقيقي، ماذا تقول الوهابية في هذا؟ وهذا في القرآن في سورة البقرة، {فقلنا اضربوه ببعضِها} أي ببعضِ البقرة بجزءٍ من لحمِها، {كذلك يُحيي اللهُ الموتى}

هذا دليل على أنّ من الأمواتِ مَن لهم تصرّفٌ بعدَ الممات، ودليلٌ آخر الله عز وجل أوحى إلى نبيِّه صلى الله عليه وسلم وأنْ يُخبِرَ ويحكي وينقل لأمتِه عن ما حصل معه صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج؟ بلى، الرسول أصدق خلقِ الله والوحي أثبت ذلك وجاءت الأحاديث فأثبتَت أنه صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه مسلم والبيهقي ورواه السبكي والسيوطي وكثيرٌ من أصحاب السنن والمسانيد قال صلى الله عليه وسلم [ومررتُ ليلةَ أُسريَ بي على قبرِ أخي موسى عند الكثيبِ الأحمر فإذا هو قائمٌ في قبرِه يصلي] يعني عند التل الأحمر في بيت المقدس اللهُ أرى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم موسى عليه الصلاة والسلام وهو في القبر يصلي، هذا تصرّف أم لا؟ بلى، تصرّف وفعل وقراءة من موسى في قبرِه بعد وفاتِه.

نعم كما قال الشيخ هم إذا صلَّوا أو ذكروا أو قرأوا بعد موتِهم هذا ليس عملًا تكليفيا إنما يفعلونَ ذلك تلذُّذًا واستئناسًا فرحًا وأنسًا وسرورًا، هذا معناه.

موسى كان قد مات ودُفِن الرسول يقول رأيتُه قائمًا في قبرِه يصلي، هذا فعلٌ وتصرّفٌ من موسى بعد الموت أم لا؟ بلى.

روى السيوطي والبيهقي وأصحاب المسانيد ومنهم النسائي قال صلى عليه وسلم [وجُمِعَ ليَ الأنبياءُ حتى قدّمني جبريلُ فأمَمْتُهم] هذا في قصة الإسراء والمعراج.

الرسولُ جاء إلى بيت المقدس هناك الله أكرم نبيَّه بأنْ أخرجَ له الأنبياء من قبورِهم وعيسى الذي لم يمت بعد نزل من السماء واجتمعوا في بيت المقدس قال النبي صلى الله عليه وعلى كل الأنبياء وسلَّم [وجُمِعَ ليَ الأنبياء] والرسول أصدقُ خلقِ الله، الله يقول {وما ينطقُ عن الهوى إنْ هو إلا وحيٌ يُوحَى}-سورة النجم/4- والله يقول {ومآ آتاكمُ الرسولُ فخذوهُ وما نهاكم عنه فانتهوا}-سورة الحشر/7- يقول [وجُمِعَ ليَ الأنبياءُ] وهذا في اليقظة ليس في المنام ولم يكن خيالًا، قال [حتى قدّمَني جبريل فأمَمْتُهم].

هذا الحديث على وجه السرعة مما يؤخَذ منه من فوائد وعناوين أنّ الأنبياء كما قال الرسول [الأنبياءُ أحياءٌ في قبورِهم يصلّون]، ثانيًا أنهم يتصرفون ولهم فعل ويخرجون من القبور، ثم ينتقلون من مكان إلى مكان وجاءوا إلى المسجد الأقصى وأنهم يصلون وأنهم يقرأون وأنهم يجتمعون وفيه أنهم على دينٍ واحد، كيف؟

أليس صلّى بهم إمامًا؟ لو كانوا على أديان مختلفة متضاربة كيف تصح هذه القدوة وهذه الصلاة؟ لكنْ كلُّهم على دين واحد وهو الإسلام وقدّمَه ليُصلّيَ بهم إمامًا لأنه أفضلُ النبيين والمرسلين، فهذا كلُّه في هذا الحديث.

وقال صلى الله عليه وسلم إنه رأى في السمواتِ العُلا في المعراج آدم وعيسى –قلنا عيسى بعدُ لم يمت- ويحيى، وكم مرّ على وفاة آدم عليه الصلاة والسلام؟ مدة وزمن طويل ومدة بعيدة آدم ويحيى وعيسى ويوسف وإدريس وإبراهيم وموسى، كلّ هؤلاء رآهم في السمواتِ العلا، قال رأيتُهم في المسجد الأقصى كيف يقول ورأيتُهم في السموات؟ اللهُ مكّنَهم من هذا الانتقال وهذا الفعل وهذا التصرّف وكل هذا بعدَ موتِهم.

الذي يصعد من الأرض إلى السماء السابعة لا يستطيع أن يطلع من القبر إلى بلدٍ آخر في الأرض؟ وكم من أرضِنا هذه إلى السماء السابعة؟ لكن مَن لي بإفهامِهم؟

إذا كان إبراهيم يقول أنه رآه في السماء السابعة مُسنِدًا ظهرَه إلى البيت المعمور كيف لا يخرج من قبره؟ وكل هذا بقدرة الله.

لا زلنا نذكر أدلةً وشواهد أنّ لهم تصرّفًا ونفعًا بعد وفاتِهم.

قال صلى الله عليه وسلم [فرحّبَ كلٌّ منهم بي ودعا لي بخير]

انتقالُهم تصرّف وفعل وليس من مكان إلى مكان في الأرض فقط بل إلى السمواتِ العلا، وأيُّ تصرّفٍ هذا؟ ثم قال رحبّوا به، هذا تمكن وقول وفعل، ثم قال [ودعا كلٌّ منهم لي بخير] هذا نفع، نفعوا النبيَّ محمدًا حيث دعَوا له ونفعوا أمةَ محمد حيثُ دعَوا لهم، ثم قال [وقال لي آدم مرحبًا بالنبيِّ الصالح والابنِ الصالح] أما البقية فقالوا له [مرحبًا بالنبيِّ الصالح والأخ الصالح] هذا تصرّف بعد الموت أم لا؟ بلى.

وأوصاه إبراهيم قال له [مُرْ أمّتَك فلْيُكثِروا من غِراس الجنة غراسُها سبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلا الله والله أكبر] وفي رواية [ولا حول ولا قوة إلا بالله]

وهذه التسبيحات كل واحدة منها إذا قالها المسلم له شجرة في الجنة ساقُها من ذهب لا تبلى إلى أبد الآبدين والحوقلة كذلك وفيها أحاديث منها أنها كنزٌ تحت العرش ومنها أنها تنفع لتسعينَ داءً أقلُّها الهم.

قال وأنّ الصلاةَ فُرضَت عليه وعلى أمتِه خمسين صلاةً، في عودتِه اجتمعَ بموسى فقال له كم فرضَ اللهُ على أمتِكَ من الصلاة؟ قال خمسين، قال موسى إني بلَوْتُ بني إسرائيلَ قبلَك وخبِرْتُهم وعالجتُهم وإنّ أمّتَك لا تطيقُ خمسينَ صلاةً ارجِعْ واسأل ربَّك التخفيف، ارجع يعني إلى المكان الذي كنتَ أنتَ فيه والله ليس له مكان، النبيُّ كان في السماء والله لا يسكن السماء ولا يسكن العرش وليس في جهةٍ ولا مكان.

الحافظ ابن حجر العسقلاني يقول في شرحِه على البخاري في حديث المعراج [ارجع إلى ربِّك وسَلْه التخفيف] قال المكانُ عائدٌ على النبيِّ وليس على الله، يعني النبي كان في مكان وليس الله.

النبيُّ كان في مكان وناجى ربَّه، أنا الآن هنا أناجي ربي هل يكون ربي حالًا هنا معي؟ حاشا، موسى قلتُ لكم قبل الآن كان في الطورِ في الأرض وسمع كلامَ الله والله ليس في الطورِ ولا في الأرض ولا في السماء موجود بلا مكان، والنبيُّ في المعراج كان في السموات سمع كلامَ الله الذي ليس بحرفٍ ولا صوتٍ ولا لغة والنبيُّ كان في السماء التي هي مكان والله ليس حالًّا في السماء وليس جالسًا على العرش كما أنّ موسى كان في الطور واللهُ ليس في الطور، النبيُّ كان في السماء واللهُ ليس حالًّا في السماء بل اللهُ موجودٌ بلا مكان، إذًا “ارجع إلى ربك” كما في بعض الروايات قال المكان عائد على النبي أي ارجع إلى المكان الذي كنتَ أنتَ فيه تناجي ربَّك أما الله لا مكانَ له هو خالقُ المكان قبل المكانِ كان وبعد أنْ خلقَ المكان على ما عليه كان بلا مكان هذه عقيدة الأنبياء والملائكة.

بقي موسى يقول له ارجع إلى ربك اسأله التخفيف والنبيُ بين المكان الذي كان فيه يناجي ربَّه وبين موسى إلى أنْ نزلت من خمسين إلى خمسة، قال قد سألتُه حتى استَحْيَيْتُ أنْ يُنزِل عن أمتي وهي نزلَت في العدد من خمسين إلى خمسة لكنْ لنا في الخمسة ثواب الخمسين وهذا من عظيمِ فضل الله فالحسنة أقل ما تُضاعَف إليه إلى عشرِ أمثالِها.

خمسون صلاة لو بقيت كما كانت كم واحد من العباد كان الذي يصلي؟ الله أعلم، إذا كانت هي الآن خمسة وأكثرُ البشر لا يصلّون.

قال بعض العلماء لو كان هناك يُقيم الأحكام والحدود على تاركي الصلاة لصارت معظم بقع الأرضِ مقابر لأنّ أكثرَ الناسِ لا يصلون وهي خمسة فلو كانت بقيَت خمسين كيف كان الحال؟

مَن الذي كان سببًا أنْ قال للنبيّ سل ربَّك التخفيف ليُخفِّفَ عن أمتِك وإنّ أمّتَك لا تطيقُ خمسين صلاةً وبقيَ يقولُ له سل ربَّك وسل ربَّك يطلبُ منه موسى ويراجعُه إلى أنْ صارت خمسة وكم كان قد مضى على موت موسى قبل ذلك؟ وهذا في ليلة المعراج، فيكون موسى الذي مضى عليه زمن بعيد مئات السنين يكون نفع كل أمة محمد بعد موتِه عليه السلام –أي بعد موت موسى- يكون نفع كل الأمة المحمدية أم لا؟ وأيُّ نفع؟  هذا بعد الموت أم في حياة موسى العادية؟ بعد موتِ موسى، يعني النبي والوليُّ بعد موتِه والله ينفع على رغمِ أنوفِكم أيها المشبهة، واللهِ ينفع على رغم أنوفِكم أيها المجسمة مهما أنكرتم ومهما عاندتم ومهما كابرتم وتكابرتم ومهما رفضتُم الأدلة قاطعة لأعناقِكم وقاصمة لظهورِكم.

أجيبوا على كل هذه الأدلة التي ذكرناها وهي عناوين لم نفصّل ذلك التفصيل الواسع، أجيبوا فقط عن كل هذه العناوين ماذا تقولون؟

إذًا الأنبياء والأولياء بعد موتِهم لهم تصرّف بقدرة الله لهم نفع بمشيئة الله، الذي أعطاهم المعجزات والكرامات في حياتهم العادية هو الذي بمشيئتِه سبحانه أقدرَهم على نفعِ العبادِ بعدَ موتِهم وتكون بمشيئة الله وليس استقلالًا عن مشيئة الله.

وقد قلت لكم قبل الآن أيها المجسمة المشبهة إن قلتم أنهم في حياتهم العادية ينفعون أقول لكم ينفعون بمشيئة الله وليس استقلالًا عن مشيئة الله، إن قلتم استقلالًا عن مشيئة الله فقد أشركتم مع أنكم مشركون لأنكم تعبدون جسمًا لا وجود له فوق العرش، وبهذه القضية إن قلتم ينفعون استقلالًا عن مشيئة الله تكونون أشركتم من ناحية ثانية، وإنْ قلتم لا إنما ينفعون بمشيئة الله فأقول ونفعُهم بعد موتِهم بمشيئة الله، فكما أنّ قولي إنهم ينفعون بعد موتِهم بمشيئة الله وهذا ليس إشراكًا بالله هو كعينِ قولِكم ينفعون في حياتِهم بمشيئة الله وهذا ليس استقلالًا عن مشيئة الله فقول أهل السنةِ في حياتِهم وبعد مماتِهم ينفعون بمشيئة الله وليس استقلالًا عن مشيئة الله هو نفسُ الجواب فكيف يكون هنا شركًا وهنا حلالًا بزعمِكم؟ أم أنكم تعتقدون فيهم أنهم في حياتِهم يكونون شركاء مع الله وبعد موتِهم لا يعودون شركاء بزعمِكم؟  إن كنتم هكذا تعتقدون فهذه طامة كبرى وبليّة أخرى أما نحن أهل السنة والجماعة فنعتقد أنهم ليسوا شركاء مع الله لا في حياتِهم ولا بعد مماتِهم وأنهم لا ينفعون لا في حياتِهم ولا بعد مماتِهم استقلالًا عن المشيئة بل بمشيئة الله، هذا عينُ الجواب في الحياةِ وبعد الممات فكيف تفصّلون وكيف تفرِّقون؟ هذا بمشيئة الله وهذا بمشيئة الله، لأنك إنْ قلتَ إنّ الوليَّ أو النبي يخلقُ يُبرز من العدم إلى الوجود ثم قلتَ بمشيئة الله قولُك بمشيئة الله هل يدفع عنك الكفر؟ لا، فكيف يكونون في حياتِهم ينفعون بمشيئة الله وبعد مماتِهم لا ينفعون بمشيئة الله؟

إذا جعلتُم هذا الفعل إشراكًا كيف يحصل منهم إشراك وأنهم يخلقون استقلالًا عن مشيئة اللهِ على زعمِكم في حياتِهم؟ لا هذا يجوز ولا هذا يجوز، إن كنتم تعتبرونَه إشراكًا لا هذا يجوز ولا هذا يجوز، لا في حياتِهم ولا بعد مماتِهم، فالمشرك على هذا الاعتقاد هو أنتم لا أهل السنة والجماعة.

أهلُ السنة والجماعة هم أهلُ التوحيد والتنزيه والفهم السليم فنحن نقول إنّ الأنبياء والأولياء والملائكة والشهداء في حياتِهم لو اجتمعوا لا تحصل منهم فائدة واحدة استقلالًا عن مشيئة الله، لا يحرّكون ذرةً إلا بمشيئة الله هذا اعتقادُ أهلِ السنة فنحنُ أسلمُ اعتقادًا منكم لأننا قلنا إنهم في حياتِهم وبعد مماتِهم لا يحرّكون ذرةً ولا ينفعونَ أحدًا إلا بمشيئة الله إلا بخلقِ الله إلا بقضاء الله وقدرِه وبتقديرِه، هذه عقيدتُنا أهلُ السنةِ والجماعة الأشاعرة والماتريدية.

فإذًا هذا كلُّه دلائل لأهل السنة والجماعة على أنّ الأنبياءَ والأولياء لهم تصرّف بعد موتِهم.

إذا كانوا على زعمِكم كقطعةِ الخشب لا يقرأون القرآن ولا يصلّون ولا يدْعون ولا ينفعون كيف يشفعون في مواقف القيامة؟ وهل شفاعتُهم في مواقف القيامة تكون في حياتهم العادية؟ أجيبوا إن كان عندَكم جواب، تعلّموا قبل أنْ تتكلموا.

شفاعة الشفعاء في القيامة هذا يكون بعد موتِهم أم في حياتهم العادية؟ بعد موتِهم لأنه في القيامة، فالذي أقدرَهم على نفعِ العباد في مواقف القيامة الأهوال العظيمة والمواقف المرعبة يأتي الأنبياء فيشفعون، العلماء العاملون يشفعون، شهداء المعركة يشفعون، الوليُّ يشفع، إذا كانوا في الموقف العظيم يشفعون وينفعون لماذا في القبر إذا قلنا ينفعون يكونُ إشراكًا على زعمِكم؟

أم الإشراك عندَكم في مواقف القيامة حلال وفي القبر حرام؟ إن كنتم تروْنَه إشراكًا بزعمِكم، ما هذه العقول؟؟؟ والله شىءٌ عجيب.

نفعُ الأنبياء وكل الشفعاء في عرَصات القيامة هذا نفعٌ أم ليس نفعًا؟ ويكونُ بعد الممات، لماذا على زعمِكم إذا قلنا في القبر ينفعون يكون صار شركًا على زعمِكم؟

هذا مثل هذا هذا بعد الموت وهذا بعد الموت على أنّ القبر أمرُه أهون بكثير من مواقف القيامة وهم في مواقف القيامة يشفعون فلماذا في القبر لا ينفعون عندَكم؟

فهمتم أم لم تفهموا؟ الله الهادي الله مقسّم الأفهام كما أنه مقسّم الأرزاق ومقَدِّر الآجال، الهداية ليست في يدي ماذا عساي أفعل؟ حتى المعجزات لا تخلق الاهتداء حتى الأنبياء لا يخلقون الاهتداء، الله هو الذي يخلق الاهتداءَ في قلوب مَن شاء اللهُ لهم الهداية، هذه عقيدتُنا.

فإذًا كيف يكونون في مواقف القيامة شفَعاء وينفعون ويُنقذونَ من جهنم من العذاب وكيف في القبر لا ينفعون على زعمِكم؟ هذا نفعٌ أم ليس نفعًا؟

الله تعالى قال {ولا يشفعونَ إلا لمَن ارتضى}-سورة الأنبياء/28- أثبتَ لهم الشفاعة، وقال عن الكفار {فما تنفعُهم شفاعةُ الشافعين}-سورة المدثر/48- أثبت وجود الشفاعة ووجود الشفعاء لكن الذي لا ينتفع بالشفاعة الكفار، المسلمون أهل الكبائر ينتفعون وهذا القرآن.

الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه في السنن [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] هذا نفع أم ليس نفعًا؟ يأتي الإنسان المسلم الفاسق الظالم المجرم مرتكب الكبائر والموبقات فيشفع له النبي فيُنقذُه فلا يدخل النار بشفاعةِ الشفعاء.

الأنبياء كلهم يشفعون والملائكة يشفعون، كم المسلم في رحمة وخير، هل تتخيلونَ عدد الملائكة؟ الملائة يشفعون معناه كم ينتفع المسلمون يوم القيامة؟

كم عدد الأنبياء؟ كلهم يشفعون، كم عدد شهداء المعركة؟ يشفعون، العلماء العاملون يشفعون، معناه آلاف آلاف آلاف مؤلّفة ملايين من المسلمين أهل الكبائر يشفع لهم بعضهم لا يدخل النار بالمرة وبعضُهم بعدما يدخل وقبل أنْ تنتهي المدة التي يستحق من العذاب بالشفاعة يخرجون ومنهم مَن يخرج بمحضِ رحمةِ الله، هذا نفع أم ليس نفعًا؟ الذي أقدرَهم على هذا النفع العظيم في مواقف القيامة وأنْ يُخرجوا الناسَ من جهنم بالشفاعة وأنْ لا يدخل بعض أهل الكبائر النار بالشفاعة هو الذي أقدرَهم على ذلك هو ربي سبحانه وهو الذي يُقدِرُهم على نفعِ العباد وهم في قبورهم، هذا مثل هذا بل ما يكون في مواقف القيامة أهوال أعظم أعجب.

فكيف تُنكرونَ هذا وتُقرّون ذاك؟ أم أنكم أيضًا معتزلة فتُنكرون المشيئة وتُنكرون الشفاعة أيضًا؟ الشفاعة تكون بعد الموت أم في الحياة العادية؟

قال عليه السلام [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي]

والآيات والأحاديث كثيرة تُثبت الشفاعة وهذا دليل لأهل السنة على نفع الأنبياء الأولياء والشهداء بعد الممات على رغم أنوفِكم يا مشبهة ويا مجسمة، أنتم المحرومون فلا تنالكم شفاعة الشفعاء إنْ متّم على ذلك أي على التشبيه والتجسيم وعلى تكذيب ما وردت به الشريعة السمحاء، أنتم محرومون من بركات الأنبياء ومن نفعِهم بعد مماتِهم لأنكم على عقيدة تكذّبُ عقيدةَ الأنبياء من تشبيه وتجسيم وتكفير الأمةِ الإسلامية، أجيبوا على كل هذا.

هذا من أدلة أهل السنة على نفع الأنبياء والأولياء والشهداء بعد الممات والأدلة كثيرة نحن الذي ذكرناه الآن غيضٌ من فيض قبل الآن ذكرتُ أدلة أخرى ما ذكرتُها الآن لنجمعَ بين عدد أكبر من الأدلة.

ثم أليس روى الترمذي في جامعِه وصححه الحافظ الضياءُ المقدسي، الترمذي حسّنه، ونص على تصحيحه الحافظ الضياء المقدسي افهم واسمع يا مشبه يا مجسم روى الترمذي في جامعه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنّ موسى خرج من مصر من الأرض المقدسة فوصل إلى بقعة من الطريق فأظلم عليهم الطريق –موسى نبي رسول عظيم من أولي العزم ومعه العلماء أظلم عليهم الطريق، فقال العلماء لموسى- إن يوسف أخذ علينا العهدَ أنْ لا نخرجَ من مصرَ إلا وننقلَه إلى الأرض المقدسة فانتبهوا لذلك، فقال موسى أين قبر يوسف؟ قالوا إنّ ههنا عجوز امرأة هي تعرف قبرَه ذهب موسى إليها، هذا دليل على أنّ الأنبياء لا يعلمون كلّ الغيب وإلا لما احتاجَ يسأل، طلعت امرأة تعرف هل تكون أفضل من موسى؟ حاشا موسى أفضل بلا شك، هذا دليل لأهل السنة أنّ النبيّ لا يعلمُ كلَّ الغيب وأنّ مَن علِم شيئًا ليس من الضروريات قد يكون ولي أو صالح وليس نبيًّا والنبي لا يعلمُه فأيضًا  لا يكونُ دليلًا على أنه أفضل من هذا النبي، هي تعلم أين قبر يوسف لكنها ليست أفضل من موسى حاشا، ذهب موسى إليها قال لها أين قبر يوسف؟  هذه المرأة العجوز ذكية فهيمة هي مسلمة، قالت له لا أدلك حتى تعطيني حكمي، تريد بشرى ونجاة في الآخرة وتريد أن تؤمّن على آخرتِها بوعد من نبي رسول وهو موسى، قال لها موسى وما هو حكمًك؟ قالت أن أكون معك في الجنة، موسى عليه الصلاة والسلام انتظر الوحي فنزل عليه الوحي أن أعطِها حكمَها، قال لها لكِ ذلك.

وهنا دليل رد على المشبهة هم يقولون طلب ما لم تجر به العادة شرك، هل جرت العادة بين البشر أنْ يطلب إنسان من إنسان خذني معك عالجنة؟ لا والله، هذه المرأة المسلمة طلبت من موسى شيئًا لم تجرِ به العادة لو كانت على زعمِكم يا مشبهة يا مجسمة مشركة كيف قال لها لكِ ذلك؟ كيف قال لها أنتِ معي في الجنة؟ كيف أعطاها حكمها كما في الوحي؟ يعني طلب ما لم تجر به العادة ليس شركًا، ثم الصحابي الذي قال للرسول أن أكون معك في الجنة الرسول أراد أنْ يكافئَه قال اطلب قال أن أكون معك في الجنة قال أوَغيرَ هذا قال هو هو قال أعني على نفسك بكثرة السجود، ولم يرفض وهذا طلب ما لم تجرِ به العادة وهذا في صحيح مسلم.

بلقيس ملكة سبأ عرشها العظيم العلماء يقولون كان طوله وعرضه ثمانون في ثمانين، تخيلوا مسافة ثمانين ذراع طولًا وثمانين عرضًا ذهب صافي خالص، كم يطلع وزنه مع الحجم؟ بعضهم يقول العرض 60 والطول 80 كم يطلع وزنه وحجمه؟ سليمان طلب ما لم تجر به العادة ممن عنده في الديوان مَن منكم يحضر لي عرش بلقيس؟ قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا، قال الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا ولي من البشر قال أنا آتيك به قبل أن يرتَد إليك طرفُك، أسرع مما عرضه العفريت بلحظة  فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي، هل سليمان النبي الكريم طلب ما لم تجر به العادة فيكون سليمان مشركًا حاشا؟ لا والله ليس شركًا

موسى قال لها لكِ ذلك والنبي قال للصحابي لكَ ذلك وسليمان طلب ما لم تجر به العادة فهل يكون الأنبياء ومن طلب منهم أو هم طلبوا من غيرِهم ما لم تجر به العادة فيكون هؤلاء النبي وموسى وسليمان مع من كانوا معهم طلبوا أو طُلبَ منهم كانوا على زعمِهم مشركين؟ هذا لا يليق ولا يجوزُ ولا يصح.

موسى قال لها لكِ ذلك خرجت معه بعدما أعطاها موسى وموسى صادق لا يكذب حاشاه ولا يُخلف الوعد، ذهبت معهم إلى مستنقع قالت أنضبوا ماء هذا المستنقع، صاروا يشتغلونَ برفع وتجفيف الماء قالت احفروا حفروا حفروا إلى أنْ وصلوا إلى صندوق مغلَق، بعض أهل التفسير يقول كان الصندوق من الرخام فقالت هذا قبر وهذا صندوق جسد يوسف، حملوه معهم فأضاء لهم الطريق فيكون يوسف نفع موسى ومن معه من المؤمنين والعلماء بعد موتِه أم لا؟

فماذا تقولون في النبي محمد الذي حكى لنا القصة وبموسى الذي طلب وبالعجوز وبكل المسلمين الذين كانوا مع موسى؟

هذا نفعٌ ليوسف بعد موتِه لموسى وللمسلمين وعندنا أدلة كثيرة.

وهذا رواه الترمذي في جامعه وصححه الحافظ المقدسي والأدلة بالمئات

                                                                

                                                              والحمد لله رب العالمين