الخميس ديسمبر 12, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -103

                    انتقاع المسلم بالقراءة والاستغفار- حال شهيد المعركة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد طه النبي الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه

وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وعلى كل رسولٍ أرسلَه ورضي الله عن جميع الأولياء والصالحين

 

                                     زيارة القبور

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: في بلادِنا الناسُ يزورون القبور كلَّ جمعة حتى الصغار ينبغي أنْ يُعَوَّدوا على زيارة القبور.

*وقال أيضًا: أهلُ القبور يحبونَ أن يُهدى لهم صدقات يُهدى لهم خَتمات واستغفار، اليومَ أكثر الأولاد همّهم الاستغراقُ في التنعّم في الليل يسهرون على التلفزيون ولا يستقيظون إلا بعد الشروق.

)تربية الأولاد على العادات الحسنة والأمور المفيدة هذا من شأن الصلَحاء ومن دأبِ العلماء ومن عادةِ السلف الصالح، نحن لا ينبغي أنْ ننظرَ إلى عادات الكفار ولا إلى عادات الفسّاق بل ينبغي أنْ ننظرَ في تربية أولادِنا إلى العادات الحسنة الطيبة المباركة المفيدة الموافقة للشرع، وفي نفس الوقت تكونُ نافعةً للأحياء وللأموات، كيف؟

لأنّ هؤلاء الأحياء إذا اعتادوا على زيارة القبور قلوبُهم ترِق وتلين ثم هذا الحيّ المسلم عندما يزور القبور يدخل المقابر يستغفر لهم يترحّم عليهم ويدعو ويقرأ القرآن وهو يتفكر ويتدبّر هم ينتفعون وهو ينتفع، الوليّ إذا قيل له بعد وفاتِه اللهم اغفر له اللهم ارحمه ينتفع بذلك فكيف العامة؟ والعاميُّ أحوَج للدعاء وإهداء ثواب الأعمال الصالحة.

الميت المسلم يحبُّ من إخوانِه من أحبابه أنْ يترحّموا عليه وأنْ يدعوا له بخير وهذا فيه أمرٌ عظيمٌ جدًّا لأنّ هذا الميّت إنْ كان من أهلِ النعيم فإنه يزدادُ فرحًا وسرورًا بإهداءِ ثوابِ الأعمال الصالحة وإنْ كان في عذاب يُخَفَّف عنه أو ينقطع عنه.

فاليوم لو نظرْنا إلى عادة أكثر الأولاد تغيّرت عن عادات المسلمين قديمًا، اليوم أكثر الاولاد والشباب صار همُّهم في التلفزيون في الأفلام في التمثيليات في المسلسلات في هذه الألعاب الحديثة التي تكون على الكومبيوتر أو على التلفون والنت، وأحيانًا يعملون حلقات متصلة في البلد وخارج البلد يكون واحد في بيروت وواحد في أميركا وواحد في أستراليا واحد في كندا واحد في مصر، يعملون مجموعة ثم يبقون على ذلك سبع ساعات أو أكثر أو أقل وبعض هذه الألعاب تكونُ محرّمة خبيثة وبعضُها يكون فيها شعار من شعائر الكفر ويكون فيها عبارات خبيثة كهذه الكلمة والعياذ بالله يقولون اقتل الإله، وأحيانًا يكون لعبة على الأرض لفظ الجلالة فيحركون الأشخاص الذين في اللعبة بالأزرار التي يستعملونَها يضغطونَ عليها فيمشي ويدوس على لفظ الجلالة، هذه ألعابٌ خبيثة مقيتة مذمومة تقسّي القلب وتضيّع الوقت وفي بعضِها مخاطر تختلف أحكام هذه الألعاب في بعضِها كفريات وفي بعضِها كبائر في بعضِها فسق وفجور.

فالحذر الحذر نبّهوا أولادَكم يا لضيَعانِ العمر، كم مِن شباب المسلمين اليوم صاروا كأنهم سكارى في هذه الألعاب، كأنهم أُخِذوا عن حسِّهم تراه يقعد صار هو كأنه آلة تُحَرّك لأنّه استغرقَ في هذه الألعاب، وبعض هذه الألعاب قد يدخلُها القمار وتكون تعتمد على الحظ مثل ما يسمّى الزهر وورق الشدة وما شابه ويدفعون المال لبعضِهم –قمار يعني- هذا ويُستَخرَج العِوَض من الطرفين ويكون هناك ألفاظ بذيئة وتضييع الصلوات والألفاظ التي فيها قذف الأمهات والأخوات، شىء مقرف.

بعض الشباب اليوم صاروا تائهين ضائعين سفهاء سخفاء ساقطين في هذه الألعاب منها ما هو كبائر ومنها ما هو كفر ومنها ما هو قمار ومنها ولو لم يصل إلى هذا الحد لكنْ يكون تضييع للوقت وربما أحيانًا يترك الواحد أهلَه يبحثون عنه وهو يقعد في هذه المكاتب أو الدكاكين التي أنْشِئَت لذلك، صاروا يعملون اليوم مراكز للألعاب يأتي الشاب يقعد سبع ساعات عشر ساعات عرض متواصل، بل أُخبِرْتُ منذ فترة أنّ شابًّا خرج أهلُه يبحثون عنه عند رفاقِه وفي المستشفيات وفي المخافر وهنا وهناك إلى اليوم الثاني كان في هذه مراكز الألعاب وقعد ساعات طويلة ثم أغفى نام وهو هناك إلى اليوم الثاني، انظروا ما هذه العيشة؟

هذه عيشة الزهاد العبّاد هذه عيشة مَن ينفع نفسَه وأقرباءَه المسلمين بالترَحّمِ عليهم والاستغفار لهم؟

لذلك عوّدوا أولادَكم أنْ يزوروا القبور لو مرة في الأسبوع الكبار والصغار لا تلتفتوا إلى بعض الناس الذين يقولون هذا لا يزال صغيرًا كيف ستأخذُه إلى المقبرة؟

إذا كان من الآن لم يُعَوَّد متى يُعَوَّد؟ أيُّ شىءٍ في ذلك إنْ دخل الجبانة أليس يرى العجائب والغرائب في هذه التلفزيونات والمواقع؟

اليوم صاروا يدخلون إلى أفلام بل وأحيانًا أفلام تسمى وثائقية يدخلون مثلًا إلى مشرحة للمستشفيات حيثُ يقَطِّعونَ الأبدان يُدخلونَهم إلى أماكن تكون بُرَك مليئة بالأسيد مثلًا فيها جُثَث أو برَك مليئة بالأدوية يحفظون بها الجثث ثم يأتون بطلاب المستشفيات للتدريب على التشريح، تكون بركة كبيرة وكلّها جثث كبار وصغار ونساء ورجال في هذه البركة، يأتون بالطلاب يستخرجون جثة ثم يشَرِّحونَها ويقطّونَها ويُخرجونَ الأعضاء ويدرِّبونَ مَن يُسَمَّوْنَ بتلامذة الطب، هذا يروْنه في التلفزيون وفي المواقع والمنصات، فإذا رأى مقبرة ماذا يصير له؟ هو يرى العجائب والغرائب، وفي الشوارع أحيانًا يرى حوادث وفي الطرقات وفي المستشفيات وفي الأفلام الموجودة بين يديه إنْ كان أفلام تمثيليات وأفلام أو أفلام مخزّنة في المواقع والإنترنت.

أنت تخاف على شعورِه ولا تدخلُه المقبرة الآن لا زال صغيرًا ويكون عمرُه تسع سنوات وعشر سنوات، هذا في نظرِكَ صغيرًا؟ وهو يكون يعرف أكثر منك ومني في بعض الأمور والقضايا في مواقع التواصل وبما شابه ذلك.

فإذًا عوّدوا أولادَكم أدخلوهم إلى المساجد أدخلوهم إلى المصليات أحضروهم معكم إلى صلاة الجنازة وإلى الدفن لترِقَّ قلوبُهم ليَعتادوا أنْ يترحّموا على الأموات المسلمين.

كم من الشباب والشابات اليوم يموت والدهم أو أمهم يمر سنة سنتين ثلاثة لا يخطر على بالهِم يترحّموا عليهم، مع أنه لو قال ربِّ اغفر لأبي ربّ اغفر لأمي ربّ ارحم أخي اللهم اغفر لأخي، كلّ هذا ينتفعون به.

خمس ساعات على التلفزيون بعض النساء والرجال يجلسون من قناة إلى قناة ومن مسلسل إلى فيلم ومن فيلم إلى تمثيلية ومن تمثيلية إلى برنامج، يكون خزّن عنده 360 حلقة يريد أنْ يختم نصف البرنامج ونصف المسلسل في ليلة واحدة ثم إذا تعب ينام وإذا أفاق يُكمِل لا يقول أتوضأ وأصلي لا يقول أترحّم على أبي أستغفر لأمي، شغلَ قلوبَهم التلفزيون قسَت القلوب حسبنا الله ونعم الوكيل(

*هؤلاء متى يستغفرون لأهلِهم؟

*وقال رضي الله عنه: المسلمُ من أهلِ القبور ينتفعُ إنْ قرىءَ له القرآن قد يكون الشخصُ من أهلِ الكبائر ومات قبل التوبة فاستغفر له مؤمن ينتفع، اللهُ تعالى يُنقذُه من النكد وضيق القبر بدعاء هذا المسلم أو ينالونَ غيرَ هذا مما يسرُّهم كالإنسان الحيّ إذا أتَتْه هدايا طيّبة ألا يفرح؟ كذلك أهلُ القبور يفرحون إذا قرىءَ لهم القرآن أو استُغفرَ لهم ينتفعون أو تُصُدِّقَ عنهم ينتفعون.

)الإمام الحافظ السيوطي وكذا القرطبي نقلَا الإجماع على استحباب قراءة القرآن للأموات المسلمين. ولا عبرةَ بإنكار الوهابية والمشبهة والمجسمة لذلك لأنّ المشبهة المجسمة يمنعون ويقولون بدعة ضلالة وبدعة محرّمة ويحاربون مَن يقرأ القرآن على قبر الميت المسلم أو للميّت المسلم.

أخبرني أحد المشايخ الطيبين وهو دكتور من الطيبين المتواضعين قال لي مرةً حضرتُ في جنازةِ بعض الناس فذهبتُ معهم إلى الجبانة فلما دُفنَ قريبُهم لقّنتُه وبعدما سَوَّوْا عليه التراب نريد أنْ نقرأ يس هجم عليّ بعضُهم بهذه الآلة التي تسمى بالعامية الرفش أو من الآلات التي يُنزَل بها التراب في القبر، قال هجم عليّ يريد أنْ يضربَني بها لأنني أريد  أن أقرأ القرآن ويقول بدعة بدعة، وهذا فيه حديد ربما كان قتلَه والعياذ بالله لأنه يقرأ القرآن.

انظروا هؤلاء المشبهة ما أخبثَ المعتقدات التي جاءوا بها مع أنّ هذا السيوطي في شرح الصدور والقرطبي في التذكرة نقلَا الإجماع على استحباب قراءة القرآن على الأموات المسلمين.

والرسولُ صلى الله عليه وسلم قال [اقرءوا يس على موتاكم]

إذا قالوا لكم هذا الحديث ضعيف أو موضوع قولوا لهم يكفي أنّ الحافظ ابن حبان صحّحه، هو حافظ والتصحيح والتضعيف وظيفة الحفّاظ وهو حافظ مُعتبَر وأوردَه في الصحيح ثم زيادة على أنه صحيح عند ابن حبان وإنْ كان بعض الحفاظ ضعّف هذا الحديث من طرق أو أسانيد أخرى لكن اتفق علماء المصطلح على جواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل وهذا من الفضائل، نحن لا نقول فرضٌ واجب أنْ يُقرأَ القرآن على الميت المسلم نقول مستحب سنة خير بركة ثواب أجر نافع مفيد، فهذا اتفق عليه جماهير العلماء على أنّ الحديث الضعيف يُروى في الفضائل.

وهذا شيخ الحفاظ البيهقي رضي الله عنه يقول “يُعمَل بالحديث الضعيف في الفضائل والمغازي والتفسير والتواريخ والسير”

وهذا إمام السنة أحمد بن حنبل يقول “كنا إذا رويْنا الحديث في الأحكام تشدّدْنا وإذا رويْناها في الفضائل تساهلْنا”

وأحمد هو نفسُه كان يمنع من القراءة على القبر ثم أذِن بذلك وأجاز وقال للقارىء عدْ واقرأ، وهذا حتى ابن قُدامة المقدسي أثبتَه عن أحمد وعدد من الحفاظ، وابن قدامة حنبلي أيضًا وهذا صاحب المذهب أحمد، كان في الأول ما بلغَه الأثر عندما بلغَه تراجع وقال للقارىء عد واقرأ –على القبر-

ثم سيدنا علي بن أبي طالب قال “مَن دخلَ المقابر وقرأ سورة الإخلاص أو الفاتحة وجعل ثوابَها لأهل المقبرة كان له حسنات بعددِهم”

وهذا الصحابي الجليل الذي كان من أولياء وفقهاء الصحابة وهو عبد الله بن عمر أوصى إذا أنا متُّ فاقرؤوا لي عند رأسي فاتحة البقرة وخاتمتَها، يعني {آمن الرسول}-سورة البقرة/284- وفاتحة البقرة {ألم}-سورة البقرة/1- ثم اقرؤوا لي إحدى عشر مرة قل هو الله أحد، هذا عبد الله ابن عمر الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم رجل صالح

الأنصار يعني الصحابة أهل المدينة كانوا إذا مات لهم إنسان يقعدونَ عند قبرِه ويقرأون سورة البقرة كما ذكر النووي ثم يقول لو قرأوا عند قبرِه شيئًا من القرآن كان مستحبًّا ولو ختموا القرآن كان أحسن.

هذه الآثار والأخبار هذا الحديث وأفعال وأقوال الصحابة والإجماع كل ذلك على استحباب قراءة القرآن على الأموات المسلمين.

ثم الرسولُ صلى الله عليه وسلم أليس وضع عرقًا أخضر على قبر المسلم كما في البخاري؟ هذا فعل الرسول، الرسول هل فعل هذا عبَثًا أم لحكمة؟ لحكمة، قال لعلّه أنْ يُخفَّفَ عنهما ما لم ييْبَسا، لأنه كان أخذ عرقًا أخضر جريدة نخل وشقّها وغرس على هذا القبر شقًّا وعلى هذا شقًّا ثم قال “لعله أنْ يُخفَّف عنهما ما لم ييْبَسا”

لأنّ العرق الأخضر يُسبّح الله فيستأنِس هذا الميت في القبر. إذا كان الميت المسلم ينتفع بالعرق الأخضر فكيف بالقرآن؟

وماذا يكون العرق بل كل الشجرة بل كل الغابات ماذا تكون أمام القرآن؟

إذا كان هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فهل تضلِّلون مَن يقرأ القرآن على الأموات المسلمين ظلمًا وبغيًا وعدوانًا؟

هذا دليلٌ لأهلِ السنةِ والجماعة، لو طعنوا في كل هذه الروايات ولو طعنوا في حديث ابن حبان أين لهم الطعن على زعمِهم في الإجماع؟

وهل بعد الإجماعِ إلا الضلال؟ على أنّ حديث ابن حبان عندَه صحيح وهم ليس لهم أنْ يصحّحوا أو يضعّفوا.

ثم هذه الأخبار الثابتة عن فعل الصحابة والأنصار وما نقله النووي وفعل ووصية عبد الله بن عمر وقول علي الذي رواه السيوطي، هذه الدلائل تُثبت ما قاله الشيخ رحمه الله.

ثم مسئلة إهداء الثواب إنْ كان للأحياء أو الأموات من المسلمين وممن نصّ على ذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

ثم ذكر بعض العلماء أنّ هذه التهليلة هذه المُعتِقة لو عُمِلَت للميت المسلم يعني قول لا إله إلا الله، شخص مسلم عمل سبعين ألف تهليلة ثم أهدى ثوابَها لهذا الميت المسلم هذا قد يكون سببًا له بإنقاذِه من النار، هذه عند بعض العلماء سمَّوْها المُعتِقة، يُعمَل لهذا الميت هذا العدد من التهليل.

واحد من الأولياء يُحكى عنه وبعض علماء اليمن ذكر ذلك في كتابِه والكتاب عندي قال كان هذا الرجل من أهل الكشف كان وليًّا وكان بدعوة طعام عند بعض الناس وكان حضر عندَهم بعض الناس الذين لا يعتقدون فيه الولاية بل يكرهونه حسدًا، هو وليٌّ صالح وهذا يكرهُه للدنيا لا يصدّق أنه من الأولياء، فجلس مع الناس للطعام ورأوه مُغتَمًّا حزينًا فقال الله تعالى ألهمني أنّ أمي هي في ضيقٍ في قبرِها وكأنها في عذاب، وهذا قد يحصل للمسلم العاصي ليس شرطًا أنْ يكونَ كافرًا، لأنّ الكافر لا نُهديه ثواب الأعمال الصالحة إنما نُهدي للمسلم إنْ كان تقيًّا يزدادُ فرحًا ونعيمًا وإنْ كان فاسقًا فقد ينقطع عنه العذاب يُنقذُه الله من العذاب ربي على كل شىء قدير، أم هذا الرجل مسلمة قال الله ألهمني أنها في ضيق في شدة في عذاب، هذا الذي يكرهُه ومعه على الطعام كان عملَ هذه التهليلة المُعتِقة من النار سبعين ألف تهليلة، قال الآن أرى إنْ كان يُلهَم أم لا، قال اللهم أوصل ثواب ما قرأتُ من التهليلة المُعتقة إلى أم فلان، وهم في نفس المجلس بعد قليل رأوا تهلّلَ وجهُه وتغيّرَ حالُه وانتقل إلى الفرح والأنس والسرور قالوا ما بك؟ قال الله تعالى ألهمني أنّ حال أمي تغيّر إلى النعيم وهي الآن في فرح، ثم هذا الرجل هو صرّح قال أنا أهديتُها ثوابَ التهليلة كنتُ عملتُها والآن أهديتُها لأرى إنْ كان يُلهَم أم لا.

ثم أحد المسلمين كان مات له صديق ثم دفِن بعد مدةٍ ذهب ووقف عند قبرِه قال سبحان الله والحمد لله أو سبحان اللهِ وبحمدِه، اللهم أوصل ثواب هذه التسبيحة لصديقي هذا، ثم ذهب، نام هذا الرجل في الليل رآه في المنام فرِحًا مسرورًا قال له جزاك اللهُ خيرًا على ما أهدَيتَني، قال وما أهدَيتُك؟ قال أليس اليوم زُرتَني وأهديْتَني ثواب هذه التسبيحة؟ قال هذا وصلك؟ قال نعم وانتفعتُ به كثيرًا.

انظروا نحن الآن ليس استشهادُنا بالرؤية المنامية فقط ولا بإلهام الولي، إلهام الولي ليس حجةً في الشرع للأحكام والأدلة كما قال السبكي والسيوطي، والمرائي ليست دليلًا لكنْ نحن عندنا الإجماع، نحن بعد أنْ نقلنا الإجماع والحديث وفعل وأقوال وعمل الصحابة في اليقظة والحقيقة هذا ذكرْناه للاستئناس.

ثم الإمام أحمد بن حنبل نفسُه وهو إمام المذهب الحنبلي، وكما قلتُ فيما مضى هو بريءٌ من المشبهة المجسمة الذي يكذبون عليه، هو نفسُه قال يجوز إهداء ثواب الأعمال الصالحة إلى الأحياء والأموات من المسلمين.

إذا كان يصلهم ثواب الصدقة عنهم كما في الأحاديث فما المانع أن يصلَهم ثواب القراءة؟ هذا من فضل الله وتحت المشيئة.

إذا كان يصلُهم ثواب صلاة الجنازة فما المانع أنْ يصلهم ثواب إهداء ثواب العمل الصالح؟ لا مانع.

إذا قلتم كيف هذا الرسول قال إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث؟

وهل صلاة الجنازة من عمله؟ صلاة الجنازة على الميت عملُه أم عملُ غيرِه؟ عملُ غيرِه، هل ينتفع بعمل غيرِه أم لا؟ بلى، فإذا كان ينتفع بصلاة الجنازة وهي من علم غيره ما المانع أن ينتفع بقراءة القرآن وبالترحّم والاستغفار والدعاء وإهداء ثواب الأعمال الصالحة؟ لا يوجد مانع.

كيف لا والرسول صلى الله عليه وسلم وبالوحي الشريف شرع صلاة الجنازة على الأموات المسلمين؟ هل الدين فيه ملعبة وعبث؟ حاشا.

هذا حقٌّ، إذا قلتم إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه، يعني عملُ التكليف انقطع، يعني انقطع العمل الذي يعملُه في دار التكليف ما عاد يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا يحج لكن الرسول قال كما في صحيح مسلم [مَن مات وعليه صيامٌ صامَ عنه وليُّه]

قضاء الصيام عملُه أم عمل وليِّه؟ عمل وليِّه، هذا في الحديث الصحيح، وصلاة الجنازة ليست من عمله.

ثم أليس في البخاري ومسلم أنّ رسول الله سأله رجل وفي بعض الروايات امرأة، مات أبي ولم يحج أفأحجّ عنه؟ قال نعم حجَّ عنه، وفي تلك الرواية “نعم حجي عنه” وهذا ليس عمله عمل غيرِه، هذه كلها أدلة في صلاة الجنازة وفي صيام القضاء وفي الحج وفي الصدقة وفي الإعتاق عنها أو عنه، كل هذا ينفعهُ فما المانع أن تنفعَه قراءة القرآن؟ وكل هذا بفضل الله وبمشيئة الله.

ما المانع أن تنفعَه الأدعية والقراءات والترحّم والاستغفار وإهداء ثواب العمل الصالح؟ لا مانع.

إن كان يُعمل له صدقة جارية [وصدقةٍ جارية] إنشاء الصدقة الجارية له ليست من عملِه، أو ولد صالح يدعو له أو علم يُنتفَع به، هذه الثلاث، الذي انقطع هو عملُه التكليفي، هذا معنى الحديث ما قال الرسول لا ينتفع بعملِ أحدٍ بعد موتِه هذا افتراء على الرسول، ما قال لا ينفعُه دعاء ولا استغفار، ما قال لا ينفعُه أنْ يُهدى ثواب الأعمال الصالحة، إنما يُخبرُنا الرسول أنّ الإنسان إذا مات عملُه التكليفي هذا الذي انقطع، أما يُصلّى عليه الجنازة وليست من عملِه يُهدى له ثواب العمل الصالح يُقرأ عليه القرآن، يُحَجُّ عنه يصوم عنه وليُّه يُتصَدَّق عنه يُعتَق عنه وهكذا، وهذا كله له أدلة.

هؤلاء المشبهة المجسمة جازفوا وخاطروا وكفّروا المسلمين وبدّعوهم وفسّقوهم وقال بدعة وضلالة حيث يُقرأ القرآن على أموات المسلمين ويُهدى لهم ثواب القراءة، حسبنا الله ونعم الوكيل.

فإذا قالوا لكم لكن الإمام الشافعي قال لا تصل القراءة قولوا لهم كذبتم، الإمام الشافعي قال لا تصل من غير إهداء، مثلًا أنا إذا كنتُ هنا بعيدًا عن قبر فلان المسلم هو في بلدٍ آخر فقرأتُ لا أهديتُه ولا قلتُ اللهم اجعل ثواب قراءتي هذه لفلان، هذا الذي يقول عنه الشافعي لا يصل أما الأئمة الثلاثة قالوا إن كان عند القبر وقرأ سواء أهدى أم لو يُهدِ تصل القراءة لأنه قرأ بنيِّتِه وعند القبر يعني له، الشافعي يقول إنْ قرأ له عندَه وأهدى تصل، أما إن كان بعيدًا الشافعي يقول من غير إهداء لا يصل على هذا التفصيل وعند كلِّهم إنْ كان مع الإهداءِ يصل، أما الذي قال إنه لا يصل إذا كان بعيدًا عن القبر وكان بلا إهداء، هذا هو أنتم ماذا يفَهِّمكم بقول الأئمة والعلماء؟

نصوص الأئمة والعلماء موجودة بعدُ ما انقرضَت، ثم الشافعي بعيد عن نقض الإجماع المسئلة إجماعية كما ذكرنا لكم.

فلا تصدّقوهم إذا قالوا لكم قال الشافعي لا يصل الشافعي قال إن كان بعيدًا وكان بلا إهداء)

 

فتنة القبر

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: فتنة القبر معناه الامتحان الذي يصير في القبر، المسلم  يُسأل هذا امتحان والكافرُ يُسألُ امتحانًا له أما عذابُ القبرِأشياء عديدة إنكم تُفتَنون في قبورِكم هذا معناه.

*وقال رضي الله عنه: إنّ المنافقين في الدركِ الأسفل من النار في القعر الأسفل، الله تعالى يُعذِّبُهم في الآخرة يُظهِرون للناس أنهم مسلمون وهم يعتقدونَ أنّ الإسلامَ غيرُ صحيحٍ في قلوبِهم.

(الشيخ رضي الله عنه يتكلم عن المنافق في الإيمان يعني الكافر لذلك قال يُبطِنونَ الكفرَ في قلوبِهم يعني لا يصرّحون به يتظاهرون بالإسلام ويُبطِنونَ الكفر، هذا المنافق في الإيمان، هذا كافر عند كلّ الأئمة.

أما ما وردَ في بعض الكبائر وأنّ مَن فعل كذا وكان منافقًا ومَن فعل كذا كان  فيه خصلة من نفاق فهذا المنافق في العمل وهذا للتشبيه بعمل المنافقين وليس للتكفير مثل مَن حدّث فكذَب أو اؤتُمِنَ فخان أو وعد فأخلفَ هذا لا يكونُ كفرًا وخروجًا من الدين والإسلام إنما هذه أعمال المنافقين فيكون هذا تشبيه لهذا الإنسان الذي عملَ أعمالَ المنافقين، من حيث التشبيه بهذه الأعمال أي النفاق في العمل وليس نفاقًا في الإيمان، ففرق كبير إذا قيل لمسلم ارتكب بعض المُوبقات بعض الكبائر بعض الأعمال التي هي من أعمال المنافقين الغير كفرية إذا قيل فيه منافق فهذا منافق في الأعمال وليس المنافق في الإيمان. الآن الشيخ هنا يتكلم عن المنافق في الإيمان يعني الكافر.

الرسول عليه الصلاة والسلام مرةً كان في المسجد على المنبر وكان يخطب في الناس صار يقول يا فلان قم واخرج فإنك منافق، يا فلان قم فاخرج فإنك منافق، هؤلاء الذين كانوا يُبطِنون الكفر، ذكر عددًا واللهُ تعالى أطْلَعَه عليهم وهناك بقية ما كشف له عنهم ما أطلَعَه عليهم وهذا دليل أنّه صلى الله عليه وسلم لا يعلمُ كل الغيب إنما يعلم ما علّمه والدليلُ على ذلك في القرآن هذه الآية {ومِن أهلِ المدينة مرَدوا على النفاقِ لا تعلمُهم نحنُ نعلمُهم سنُعَذِّبُهم مرّتين}-سورة التوبة/101-

هؤلاء الذين سمّاهم نحو ثلاثين وبقيَ غيرُهم الله ما كشفَ له عنهم، شىءٌ مخيف نسألُ اللهَ السلامة.

إذا كان هذا في زمن الرسول وبوجودِ الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة والوحي الشريف ينزل على رسول الله وجبريل يدخل ويخرج عليه وانظروا ماذا كان يحصل، هذا حال المنافق في الإيمان حالُه خبيث وخطير، نسأل اللهَ تعالى أنْ يُحسنَ ختامَنا نسأل اللهَ تعالى أنْ يدمّرَ المنافقين الذين يحاربون الإسلام هؤلاء أمرُهم خطير).

 

*في بلدٍ اسمُها ينبع بين مكة والمدينة شخصٌ مات فحُفِرَ له قبر بعدما انتَهَوا فإذا ثعبان تركوا هذا –أي هذا القبر الذي فتحوه ووجدوا فيه ثعبانًا ضخمًا مُفزِعًا خافوا- خافوا فحفروا آخرَ فلمّا أتمّوا حفرَه وجدوا ثعبانًا فتركوه وحفروا ثالثًا فلمّا أتمّوا وجدوا ثعبانًا فكرِهوا هذا الميّت حطوه  فيه وتركوه هذا لعله من المنافقين الذين يقولون بألسنتِهم نحن مسلمون لكنْ لا يصدّقون.

يوجدُ بين الناسِ مَن هذا حالُهم بعد موتِهم

(لاحظوا الشيخ هنا ما جزم ما قال هذا كافر منافق في الإيمان قال لعله يجوز أن يكونَ هكذا ويجوز أنْ يكونَ مانعًا للزكاة تاركًا للصلاة شاربًا للخمر آكِلًا للربا عاقًّا لأبويه قاتلًا للمسلمين ظلمًا وعدوانًا يجوز أنْ يكونَ والعياذ بالله تعالى ممّن أفسدوا فسادًا عظيمًا وهتكوا الأعراض وظلموا المسلمين وأكلوا الأموالَ بالحرام قد يكون من هؤلاء مَن يدري الله أعلم).

 

*يوجدُ بين الناس مَن هذا حالُهم بعد موتِهم يُكشَفُ حالُهم بعضُهم يُحَوَّلون عن القبلة يُدفَنونَ مُتَوَجِّهين إلى القبلة ثم الملائكةُ يحوِّلونَهم.

 

أحوالُ أهلِ القبور

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الموتى الذين هم من عوامِّ الناس بعد ثلاثة أيام تتفسّخُ أجسامُهم ويطلُع منهم رطوباتٌ كريهة –يعني من حيث العادة والغالب إلا مَن حفظه الله لو كان من عوامّ المسلمين قد يكون لسببٍ من الأسباب الله حفظَه فلا يحصل ذلك- من الفم والأنف رائحتُها أشدُّ من رائحةِ ميْتةِ الحمير.

في السودان حصلت كرامةٌ عجيبة شيخٌ من الأتقياء مات ابنتُه صارت من شدةِ حزنِها عليه تتردّدُ إلى قبرِه وكانت  لها زميلتُها ترافقُها زميلتُها قالت أبوكِ يستحقُّ كلَّ هذا؟ فانكسرَ خاطرُها، وجاءت إلى أبيها –يعني إلى القبر وشكت له- وقالت له ما قالتُه لها زميلتُها فأخرجَ رجلَه من القبر فرآها الناسُ ثلاثة أيام، الناس  يختلفون إلى قبرِه ثم جاء شيخٌ آخرُ وليّ فقال له يا فلان حصل ما أردتَ الآن أَخفي فأخفى

)عجائب وغرائب، هنا الشيخ رحمه الله يحكي عن هذه الحادثة في السودان حصلت لكنْ هنا عندَنا حادثة أقرب بالمسافة وهي في محلةِ المهاجرين بدمشق حكى لي بعض الناس الصادقين الكبار قال لي أنا رأيتُ بعيني قبر لأحد الشهداء الأيوبية رجلُه صارت خارج القبر فجاءوا أنزلوا رجلَه في التراب جاءوا في اليوم الثاني وجدوها خارج القبر ثم أنزلوها في التراب ثم جاءوا فوجدوها خارج القبر والناس يحتشدون ويجتمعون ويرَوْنَ ذلك ثم بعد ذلك كلّما أنزلوها يُخرِجُها بعد ذلك وضعوا عليه القطن وبنَوا فوقَه، أنا ذهبتُ إلى القبر كانوا قد بنَوا عليه ما أدركتُه ما رأيتُه لكنْ هذا الرجل كان من الصادقين وأنا أعرفُه وخبرتُه كان معمِّرًا وصادقًا طيبًا من أهلِ الطريقة النقشبندية الصادقين هو قال لي أنا رأيتُ بعيني، ذهبتُ بناء على كلامِه كانوا قد سدّوا هذا المكان وبنَوا عليه خافوا من فتنة الناس والازدحام وما شابه.

ثم أعجب من ذلك هذا الإمام الولي الصالح الحافظ المحدّث شيخ الحفاظ وإمامُهم ابن الصلاح أبو عمر الكردي هذا كان في دمشق بعد موتِه ودفنِه بثمانمائة سنة وأكثر أرادت البلدية أنْ تعمل طرقات في المحلة فقالت للناس مَن كان له هنا جثة فليَحضُر نريد أن نزيل هذه المقبرة ونحوّل الطريق إلى هذه المنطقة، فحضر الناس صاروا ينقلونَ موتاهم وهذا ينقل الرفاة وهذا ينقل ما بقي فلمّا وصلوا إلى قبر هذا العالم الولي الصالح شيخ الحفاظ، لو راقبتم ونظرتم من عصرِه إلى اليوم معظم الذين ألّفوا في علوم الحديث وفي المصطلح يرجِعون إليه وينقلون عنه ويستفيدون منه ومن علومِه كان بحرًا في علوم المصطلح، أصل عائلتِه من الأكراد، ثم وصلوا إلى قبرِه جرفوا القبر فلما وصلوا إلى تحت رأوا جسدَه كما هو ثم انتشر الخبر وحضر الناس فحضر العلماء والمشايخ وأنزلوا في القبر بعض المشايخ غطّوا عليه بكفن جديد ثم عملوا له جنازة كأنه مات اليوم، هذا في دمشق وبعض الذين حضروا ما زالوا على قيد الحياة إلى الآن في دمشق.

وحدثتي أحد أحفاد القطب سعد الدين الجباوي الذي هو من آلِ البيت من ذرية السادة الرفاعية وهو الشيخ عبد المالك أبو هيثم السعدي وما زال على قيد الحياة إلى الآن في دمشق، ومنطقتُهم مشهورة وزاويتُهم مشهورة وهو معروفٌ في البلد رجل وجيه والناس يحضُرون عليه في المناسبات ومحلّتُهم قريبة جدًّا من القيمريّة (الزاوية السعدية) ما زالوا إلى الآن والرجل من المُعَمَّرين وهو على قيد الحياة إلى الآن الله يحفظُه ويبارك في عمرِه، أخبرني هو نفسُه سَلوه ما زال حيًّا قال في مسجد النقشبندينة وهذا أيضًا في دمشق مشهور ومعروف قريب من قبر الحافظ ابن عساكر من جهة وقريب من جهة ثانية من مدخل المَيدان القديمة، هناك قبرُ أحد أجدادِهم وهو الشيخ حسن سعد الدين الجباوي، أرادوا فتحَ الطريق وقالوا لنا تعالَوا انقلوا هذا القبر فذهبوا، وقال نزلتُ في القبر فإذا بالكفن ما زال كما هو بعد خمسمائة سنة من دفنِه، هذا الشيخ حسن سعد الدين الجباوي هو من ذرية الرسول وجدُّه القطب سعد الدين الجباوي المدفون في جِبا، أنا زرتُه هناك، قال بعد خمسمائة سنة من دفنِه نزلتُ في قبرِه فإذا بالكفن ما زال كما هو ثم صرتُ أُمِرُّ بيدِي على جسدِه ما زال الجسد موجودًا فتحتُ الكفن فإذا بعَضل اليد ما زال موجودًا، قال فأخرجناه من القبر وأراني الصور كيف أخرجوه  مغطًّى وكيف نقلوه وصوَر الجنازة  إلى أنْ نقلوه إلى المكان الذي هو عند جامع النقشبندية الآن في دمشق قريب من قبر الشيخ الحافظ ابن عساكر.

ثم هذه الحوادث كثيرة جدا جدا جدا إنْ كان في بيروت أو في دمشق أو في العراق العجائب تُرى في مقامات وقبور الأولياء لكنْ مَن لا يصدِّق بهذا هو أعمى يُكذّب الواقع فلْيُعالِجْ نفسَه(

 

*وقال رضي الله عنه: أهلُ القبورِ أحوالُهم مختلفة بعضُ أهلِها قبرُهم منوَّر وتأتيه رائحةُ الجنة التي هي ألذُّ من كلِّ لذّاتِ الدنيا ويُفسَحُ له في قبرِه يُوسَّع وبعضُ الناسِ يُسَلَّطُ عليهم الثعبان إما لفسادِ عقيدتِه أو لبعض الذنوب الكبائر.

حكى لي الحاج عبدُ الرحمن كعكي وهو من أهل المدينة قال مات شخصٌ في أرضِ ينبع وهي بين مكةَ والمدينة

)هذا الرجل أنا أدركتُه وأعرفُه واجتمعتُ به عدةَ مرات في المدينة وكنا نراه في الليل عند الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الفجر وكنا نراه أحيانًا في زيارة سيّد الشهداء حمزة رضي الله عنه، هذا الرجل من عائلة مشهورة في المدينة وأبناؤُه إلى الآن هو تُوُفّيَ رحمه الله لكنْ أبناؤه وذريّتُه وعائلتُه موجودة إلى الآن في المدينة المنوّرة وعائلة مشهورة ومعروفة والآن لهم عمل واهتمام بالآثار القديمة في المدينة ومعالم المدينة المنورة وفيما بلغني ورأيتُ أنّ بعضَ أبنائِه عملَ متحفًا للمعالم والآثار القديمة في المدينة المنورة(

 

*فحُفرَ له القبر فلمّا تمّ الحفر وجدوا ثعبانًا ليس من خارجَ… إنما وجدوه في الحفرة، قال تركنا هذا وحفَرنا قبرًا ثانيًا فوجدوا هذا الثعبان ثم تركنا هذا وحفرْنا قبرًا ثالثًا فوجدوا الثعبان فحطّوه فيه وطَمّوا عليه التراب لأنهم قالوا لو حفرْنا مائة قبر يتْبَعُه هذا الثعبان.

)هنا قد واحد يقول هذه الفائدة وهذه المسئلة مرّت قبل أسطر قليلة وأُعيدَت لفائدة وهي أنّ الشيخ ذكر هنا الإسناد، في الأولى ذكرَها كفائدة أما هنا في الثانية ذكر مَن حدّثه بذلك فهنا فائدة زائدة عما تقدّم عن الحاج عبد الرحمن الكعكي المدني(

 

*وقال رضي الله عنه: الدنيا مهما طالَ الإنسانُ عمرُه فيها ومهما تقلّبَ في النعيم فإنّ نهايتَه التراب ذاك البيتُ الضيّق بيتُ الوحشة بيتُ الظلمة  بيتُ الدود بعد بضعةِ أيام يصيرُ جسمُه يتناثرُ منه الدود ورائحتُه تكونُ أنتنُ من رائحةِ الجيفة

)رجل كان من أجمل الناس ويُضرَب به المثل في شدةِ جمالِه إن كان وجهُه إن كانت عيونُه إنْ كان شعرُه الطويل المسدول الجميل جدا رأتْهُ امرأةٌ صارت تتغزّل به عشقَتْه وهو يمتنع هي تريد العمل الخبيث وهو يمتنع، صارت تقول له ما أجملَ هذا الوجه ما أجملَ هذا الشعر ما أجملَ هذه العيون هو يقول لها تعالَي وانظري إليّ بعد دفني بثلاثة أيام كيف أنّ هذه الخدود تمزّقت وهذه العيون سالت وهذا الشعر تناثر صار هو يعظُها وهي تبكي وهو كان من أجمل الناس(

 

*هكذا الإنسانُ إلا الأتقياء وبعضُ الشهداء، شهداءُ المعركة لا تنتُن رائحتُهم

)هنا قولُه بعضُ الشهداء ليس مرادُه أنّ شهداء المعركة بعضُهم ينتنون لا، إنما مرادُه بعض الشهداء من الشهداء لأنّ الشهداء كثُر، فالذين لا يُنتِنونَ بالمرة هم كلّ شهداء المعركة مَن ثبتَت له الشهادة حقًّا ولا ينتفخ ولا يُجَيِّف ولا يُدَوِّد ولا يتعفَّن ولا تخرج منه الرائحة الكريهة ولا يبلى جسدُه، أما الشهداء بأنواع أخرى كالذي يموتُ غرَقًا حرقًا بالتردي بالهدم هؤلاء  ليس لهم هذه المزيّة، هذا معنى بعض الشهداء يعني كل أنواع الشهداء أما شهداء المعركة كلُّهم لا يُنتِنون(

 

*شهداءُ المعركة لا تنتُن رائحتُهم لو جُرِحَ بحديدة يطلُع دمُ شهداء المعركة لو بعدَ ألفٍ أو ألفين أو عشرةَ  آلافِ سنة إذا جُرِحَ بحديدةٍ يطلُع دم

)يعني مرادُ الشيخ هنا أنّ شهيد المعركة لو دُفِنَ وبعد دفنِه بمائة سنة أو أكثر جُرِحَ بعد قتلِه وبعد موتِه شهيدًا يخرجُ الدم من جسدِه كما حصلَ لبعض شهداءِ أحد(

*أما الشهيد قتيلُ الظلم المسلم الذي يُقتَلُ بالسمِّ أو بالرصاصِ هذا شهيدٌ ليس عليه في قبرِه شىء نكد ولا في الآخرة لكن الترابُ يأكلُه لأجلِ هذا الجسم لأجل المال لأجل التوسّعِ بالمعيشة يدرسونَ علوم الدنيا ولا يلتفتونَ لعلمِ الدين فتسوءُ آخرتُهم تسوءُ عاقبتُهم بعضُ الناسِ يكفرونَ لأجلِ المال.

)نسألُ اللهَ السلامة ونسألُه حسنَ الحال وحسنَ الختام ونسألُه سبحانه الولاية والسعادة والشهادة(

                                              والحمد لله رب العالمين