مجلس سمعتُ الشيخ يقول (41)
ص(168)
الوصية بعلم الدين
قال مولانا الإمام الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله
الجهلُ سببُ انتشارِ أهلِ الضلال
فإني أوصيكمْ بالتّعلُّمِ والتعليمِ لعِلمِ الدينِ فإنَّ علمَ الدينِ حياةُ الإسلامِ ولوْلا الجهلُ الذي في هذا العصر بعلمِ الدينِ غلبَ واسْتَولى عليهم ما كانَ هؤلاءِ المُنحرِفونَ الوهابيةُ وحزبُ الإخوانِ جماعة سيّد قطب تبِعَهُم الناس، لكنْ بسببِ الجهلِ جرّوا الناسَ إلى كفرِهِم.
وأفضلُ العلمِ علمُ العقيدة ولذلك سمّاهُ أبو حنيفةَ الفقهَ الأكبر فتواصَوا بدعوةِ الناسِ إلى العلمِ ودُلُّوا الناسَ للتعلّمِ فإنَّ مَنْ دلَّ على خيرٍ فلهُ مثلُ أجرِ فاعِلهِ.
أيَّدَكُم الله ونصرَكمْ ونفعَ بكم ءامين.
يقول الشيخ جميل حفظه الله:
هنا قال رحمهُ الله ” فإني أوصيكم بالتّعلمِ والتعليمِ لعلمِ الدين” هذه الوصية ينبغي أنْ لا تضيع، ينبغي أنْ لا تُنسى.
لاحظوا لوْ قال لأتْباعِهِ أو للمسلمين أو للناسِ أوصيكم أنْ تجمَعوا الدنيا، أوصيكمْ أنْ تجمعوا الذهب أوصيكم أنْ تجمعوا الدولارات، أن تشتغلوا في الليلِ والنهارِ لشراءِ البيوتِ والقصور والأبنية وما شابهَ، بعد ذلك ماذا يكون؟
أمّا الوصية بعلمِ الدين فهي النجاحُ والفلاحُ في الدنيا والآخرة.
لذلك هذه الوصية لا ينبغي أنْ تضيع لا بينَنا ولا بينَ الأبناءِ والأولاد ولا بين الأحفاد ولا بينَ عامّةِ المسلمين.
ينبغي أنْ يكونَ عندَ عمومِ المسلمين التواصي فيما بينَهم بالتعلُّمِ والتعليم، وهذا منْ جملةِ تقوى الله، وتقوى اللهِ هي الوصية العظمى، هي أعظمُ ما تَواصَى بهِ العبادُ فيما بينَهم.
تقوى اللهِ هي وصيةُ اللهِ لعبادِه وهي وصيةُ الأنبياءِ لأقوامِهمْ، وهي وصيةُ الأولياءِ لأتباعِهم، وهي وصيةُ الأئمة والعلماء لتلامذتِهم، وهي النجاحُ والفلاحُ والسعادة لِمَنْ عملَ بها.
والتّعلّمُ والتعليمُ منْ جُملةِ تقوى الله لأنكَ لا تبلغُ التقوى ولا تصل إلى التقوى ما لمْ تتعلم وتعمَل. لذلك قال سيِّدُنا وإمامُنا ومفْزَعُنا وغوْثُنا ومَلْجَؤنا الرفاعيُّ الكبيرُ رضيَ اللهُ عنه وأرضاهُ وأمدّنا اللهُ بمددِهِ ونفعَنا ببركتِهِ وعلومِهِ وأسرارِه، قال رضيَ اللهُ عنه ” طريقُنا علمٌ وعملٌ “.
إذًا التواصي فيما بينَنا بالعلمِ، قال أوصيكمْ، هذه وصية أغلى منْ كنوزِ الأرض. الإنسانُ قدْ يُوصي إخوانَهُ اجمعوا المال، لكنْ بعدَ ذلك ماذا يكون؟ اجمعوا الدنيا اجمعوا القصور، بعدَ ذلك ماذا يصير؟
انظروا هذه الوصية قال أوصيكمْ بالتعلُّمِ والتعليمِ لعلمِ الدينِ لأنهُ هو طريقُ النجاةِ لمَنْ عمِلَ به.
فكنوزُ الأرضِ وقصورُ الدنيا كلا شىءٍ بالنسبةِ لمجلسِ علمٍ دينيٍّ واحد، فهذه الوصية، شدّوا عليها واعمَلوا بها وتَواصَوا فيما بينَكمْ بها ونشِّئوا أحفادَكمْ وأبناءكم عليها. التواصي فيما بينَكم بعلمِ الدين.
ثم ماذا قال رحمه الله؟ فإنَّ علمَ الدينِ حياةُ الإسلامِ يعني بهذا العلمِ يقوَى الإسلام، حياةُ الإسلامِ يعني قوةُ الإسلامِ. قوةُ الإسلام بالعلمِ، الإسلامُ قويٌّ وعظيمٌ ومباركٌ ومُقَدَّسٌ وجليلٌ ولكنْ كيفَ يكونُ المسلمُ قويًّا؟
بأنْ يعملَ بدينِهِ. المسلمُ يقوَى بأنْ يلتزِمَ بالدين بتعاليمِ الدينِ، المسلمُ يقوى بأنْ يتعلّمَ ويعملَ بأحكامِ الدينِ.
الإسلامُ كدينٍ كعقيدةٍ كأحكامٍ كشريعةٍ ليس ضعيفًا حاشى. بل هو الدينُ الذي رضِيَهُ اللهُ لعبادِه وأمرَهمْ باتِّباعِهِ، وكلُّ الأنبياءِ كانوا على الإسلامِ مِنْ آدمَ إلى محمدٍ عليهم الصلاة والسلام، لا يوجَد نبيّ إلا وجاءَ بالإسلام.
إذًأ ما معنى علمُ الدينِ حياةُ الإسلام؟ قوةُ الإسلامِ، والإسلامُ قوي.
فالقرآنُ العظيمُ المَجيدُ جَمَعَ عِلمَ الأوَّلينَ والآخِرينَ. فيه الأحكام فيه العقائد الوصايا السِّيَر التواريخ فيه أخبارُ الأممِ الماضية، فيه قَصص الأنبياء، فيه العجائبُ والغرائبُ.
فوائدُ القرآنِ وعجائبُ القرآنِ وأسرارُ القرآنِ وعلومُ القرآن وبركاتِ القرآنِ نموتُ نحنُ وننتهي وهي كالبحرِ الفيّاض، بل وأكثر من البحرِ الفيّاض.
هذا القرآن العظيم أكبر معجزاتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم. فإذًا أنتَ بالإسلامِ بالقرآنِ تجمَعُ وتُحصّلُ كلُّ هذا الخير.
فإذًا تعلّموا تقَوَّوا علمُ الدينِ حياةُ الإسلامِ ولوْلا أنَّ الجهلَ بعلمِ الدين انتشرَ وعمَّ وطمَّ وصارَ في الدنيا والبقاعِ والأصقاع وانتشرَ في الأرجاءِ كيفَ قوِيَ أهلَ الضلال والفتنة؟ أهلُ التكفيرِ والتنفيرِ والتحريف؟؟
الذين يكَفِّرونَ المسلمينَ المتوسِّلينَ والمُستَغيثينَ والمُتَبَرِّكين والذين يُؤوٍّلونَ الآياتِ المُتشابهات على قانونِ علمِ أهلِ السنّةِ والجماعة. يُكفِّرونَ الزائرينَ لقبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والأنبياء للتبرُّكِ، يكفِّرونَ كلّ مسلمٍ يسْتَغيث ويتوسَّل بالأنبياءِ والأولياءِ والصالحين.
فعندَهمْ إذا قال القائل يا سيّدي يا وليَّ الله أيها البازُ الأشهب يا شيخ عبد القادر أمِدَّني بإذنِ الله، عندَهم صارَ مشرِكًا والعياذُ بالله، يعتبرونَهُ صارَ عابدًا للشيخ عبد القادر وكذَبوا.
المسلمُ لا يعبُدُ النبيّ ولا الرفاعي ولا الجيلاني، المسلمُ يعبدُ اللهَ، لكنْ الاستغاثة بالأنبياءِ والأولياءِ والصالحين جائزة. القرآنُ على جوازِها والأحاديثُ على جوازِها ونُقولُ علماءِ المذاهبِ الأربعة على جوازِها، والإجماعُ على جوازِها.
أمّا هؤلاءِ المشبِّهة المجسِّمة لا عرَفوا العقيدةَ ولا عرَفوا التوحيد ولا عرَفوا اللغة فحرَّفوا لغةَ العرب وظنّوا أنَّ الاستغاثةَ والتوسل هي العبادة الخاصة بالله على زعمِهم، لذلك حكموا بتَكفيرِ كلِّ الأمةِ الإسلاميةِ كلّ الأمةِ المحمديةِ.
هؤلاء كيفَ انتشروا؟ إنْ كان جماع ابن تيمية محمد بن عبد الوهاب الوهابية الذين ملأوا الدنيا فسادًا وخرابًا كفّروا الكبار والصغار والرجال والنساء، ملأوا الدنيا بالظلمِ والظلماتِ والتكفير والتنفير والتحريف والتخريف، وكذلك أتْباعُ سيّد قطب الذي في كتابِه المسمّى الظلال يقول إنَّ المجتمعات اليوم مجتمعات جاهلية مشركة ولا يوجَد مجتمعات إسلامية، ويقول وقد ارْتدَّت البشرية بجُمْلتِها في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها حتى المؤذِّنين.
انظروا هذا في كتابِه، مَنْ يُرَوّج لهذا الكتاب ولأفكارِه؟ أتْباعُهُ الذين والعياذُ باللهِ خرّبوا البلاد وقتّلوا العباد، الذين اسْتحلّوا دماءَ مَنْ ليس معهم، انطلقوا منْ قضيةٍ خطيرة وهي تكفيرُ مَنْ ليسَ معهم لِيَهونَ عليهم بعدَ ذلك القتل والتخريب والتفجير وهتكِ الأعراض وما شابه.
إذًا الجهلُ سببُ انتشار هذه الدعَوات الزائغة وهذه الفِتَن وهذه العقائد الكاسدة الفاسدة المُخالفة لعقيدةِ أهلِ السنةِ والمُخالفة للإجماع وللقرآن.
واحفظوا هذه القاعدة التي ذكرَها عددٌ كبيرٌ منَ العلماءِ منهم الحافظ ابن دقيق العيد رضيَ اللهُ عنه وهو منَ الأولياء العلماءِ الحُفّاظِ الأجِلّاءِ، ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني – شارح البخاري – ومنهم أيضًا الحافظ النووي، ومنهم الفقيهُ الحنفي مُلّا علي القاري، ومنهم كذلك ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي، هؤلاءِ قالوا قاعدة وهي مُتّفقٌ عليها عندَ المذاهبِ الأربعة، ما هي؟
” مَنْ قالَ قوْلًا يتوصَّلُ به إلى تضللِ أمةِ محمدٍ فهو مقطوعٌ بكفرِهِ”
هؤلاء قالوا وصرَّحوا بتكفيرِ الأمة، بل قال إمامُهُمْ وشيخُهم قبل هذا العصر يعني قبل ستمائة سنة منْ زمانِه، قال كلّ مَنْ تحتَ السبعِ الطباقِ كافرٌ مُشرِكٌ على الإطلاق، كما نقلَ عنهُ ذلك مفتي مكة السيّد أحمد ابن زيني دحلان رحمه الله، كانَ في زمانِهم وعاصرَ فِتْنَتَهم وألّفَ في الردِّ عليهم كُتبًا ليس كتابًا واحدًا، ” الدُّررُ السّنية في الردِّ على الوهابية ” ارجِعوا إليه هذا ليس منْ تأليفي أنا، هذا منْ تأليفِ مفتي مكة.
وكذلك ألّفَ كتابًا أوسع وأكبر وأضخمُ وهو ” أمراءُ البلدِ الحرام ” ارجعوا إليه وانظروا ماذا يقول عنْ جرائمِهم كيفَ أفسدوا وهتكوا الأعراض وداسوا المصاحف واقتسموا أموالَ المسلمين كما تقسَم غنائم الكفار، هذا في كتاب مفتي مكة ليس في كتابي أنا وهو مطبوعٌ وموجودٌ في الأسواق، الشركة المتحدة هي التي طبعته والنسخةُ عندي.
إذًا هذا الذي نشروه منْ فسادٍ في الدنيا كيفَ تلَقَّفَهُ الناس وأخذَهُ الشباب؟ بسببِ الجهلِ
أمّا الذي عندَه ذرةٌ منْ علم منْ فَهم لا يَقبلُ هذا الكلام، كيف يحكمُ على كلِّ الأمةِ بالكفر؟ واللهُ يقول {كنتمْ خيرَ أمّةٍ أُخرِجَتْ للناسِ تأمرونَ بالمعروفِ وتَنْهَوْنَ عنِ المُنكَر وتؤمنونَ بالله}]آل عمران/١١٠]
والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول [لا تزالُ طائفةٌ منْ أمّتي ظاهرينَ على الحقِّ لا يَضُرُّهم مَنْ خالَفَهُمْ حتى يأتيَ أمرُ الله]
فإذًا كيفَ لهؤلاءِ أنْ يعتبروا كلّ مَنْ ليسَ معهم كافر حلال الدم؟ رأيتُم؟ هذه البلية وهذا الفساد وهذا الاعتقاد الكاسد انتشرَ بسببِ الجهل، لمْ يتلقَّف هذه العقيدة العلماء بل الجُهَلاء، لمْ يتلقَّفْ هذه العقيدة العقَلاء بل تلقّفها السُّفَهاء لأنهمْ يَحكُمونَ على أمةِ محمدٍ بالكفرِ، هذا بالإضافةِ إلى التشبيه والتجسيمِ والقول بحُلولِ الحوادثِ في ذاتِ الله والتغيّر والقعود والجلوس والجسمية والحجمية والكيفية والأينية، كلّ هذا مُعارضٌ للقرآن.
عقيدةُ الإسلامِ اللهُ ليس كمثلِهِ شىء. فالذي يَنسُبُ للهِ تعالى الكيف والشكل والحجم والقعود والجلوس والتحيُّز والمكان والانتقال وحلول الحوادث في ذاتِ اللهِ هذا ما عرَفَ الله ولا عرَفَ الإسلام ولا عرَفَ القرآن، هذا لمْ يؤمنْ باللهِ عزّ وجل، هذا كما قال سيّدُنا عليّ بن أبي طالب رضي اللهُ عنه وأرضاهُ فيما رواه عنه ابنُ المعلمِ القُرشي في كتابه نجم المُهتدي ورجم المُعتَدي، روى عنه رضي الله عنه قال:” سيرجِعُ قومٌ منْ هذه الأمةِ عندَ اقترابِ الساعةِ كفّارًا قال رجلٌ يا أميرَ المؤمنين كفرُهم بماذا أبالإنكارِ أم بالإحداث؟ قال بل بالإنكارِ يُنكِرونَ خالقَهمْ فيَصِفونَهُ بالجسمِ والأعضاء “. هذا قول باب مدينةِ العلمِ علي رضي اللهُ عنه وبعدَه سيّدُنا وإمامُنا الشافعي رضي اللهُ عنهُ وأرضاهُ ماذا قال فيما روى عنه ابنُ الرِّفعة محمد بن أحمد أبو العباس نجمُ الدينِ ابن الرِّفعة الشافعي في كتابِهِ ” كفاية النّبيه شرحُ التنبيه ” في المجلد الرابع في كتاب الصلاة في باب صفةِ الأئمةِ عن القاضي حسين عن نصّ الشافعي وفي النسخة الأولى المطبوعة وهي كبيرة جدًّا صحيفة 24 أنهُ قال ” من اعتقدَ أنَّ اللهَ جالسٌ على العرشِ فهو كافر ” وسيّدُنا وإمامُنا الشافعي منْ أئمةِ السلف منْ رءوسِ السلف في العقيدة والأحكام في العلم رضي الله عنه وأرضاه.
إذًا هذا الذي يشبِّهُ اللهَ بخلقِهِ ولوْ بصفةٍ واحدةٍ ما عرَفَ الله. والعجيب الغريب منْ بعضِ مَنْ يدّعونَ أنهمْ من أهلِ السنّة وأنهم أشاعرة والأشعري والأشاعرة منهم براء يقولونَ بعدَمِ تكفير مَنْ قال بقيامِ الحوادثِ في ذاتِ الله والتغيّر والتجَزُّء والتركيب، ومع ذلك يقولون نحنُ أشاعرة ولا نُكَفِّرُ مَنْ يقول هذا في حقِّ الله، ويأتي إنسانٌ والعياذ باللهِ وكأنهُ يريدُ أنْ يهدِمَ الدين ويقول هذه عقيدة الأشاعرة، كيف تكونُ عقيدة الأشاعرة مَنْ يقولُ عنِ اللهِ مخلوق وحادث ومترَكّب متَجَمِّع منْ أجزاء وهو تحدُثُ فيه إرادات ويتغيّر ويتطوّر وتحدُثُ فيه الحوادث ثم يقول لا نُكفّرُه ونحنُ أشاعرة؟ لا القائل الأول مسلم ولا مَنْ لمْ يُكفِّرْهُ وقد علِمَ بما قال أيضًا هذا الثاني لا مسلم ولا أشعري. كيف يكذّب الله ويقول اللهُ مخلوق وعاجز ومتغيِّر وضعيف ويفنى وتحلُّ فيه الحوادث يعني يقول اللهُ عاجزٌ ضعيفٌ مخلوقٌ لخالق. ثم يأتي واحد يدّعي أنّهُ أشعري ويقول لا نُكفّره؟
واللهِ وأقسمُ باللهِ وبذاتِ الله وأسماءِ اللهِ وصفاتِ الله أنَّ هذا القائل كاذبٌ مفترٍ على الأشعري وعلى الأشاعرة بل مفترٍ على اللهِ وعلى القرآنِ لأنهُ قال بعدمِ تكفير مَنْ قال في اللهِ إنهُ مخلوق مُتَركِّب مُتَقَطِّعٌ مُتَجَزِّءٌ مُتغيّر، كيف لا يكونُ كافرًا مَنْ يقولُ بهذا يقول لا أُكفّرُهُ وتقول عن نفسِكَ أشعري؟ كيف هذا الكلام.
انتبهوا عقيدة أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتريدية وما عليه الإجماع تنزيهُ اللهِ عنْ كلِّ صفاتِ المخلوقين منَ التغيّر والتطوّرِ كالحركة والسكون واللذة والألم والإحساس والشعور منَ القعودِ والجلوس منَ الاتصال والانفصالِ منْ كلِّ ما كان مِنْ صفاتِ المُحدَثين منْ كلِّ ما كان منْ صفاتِ المخلوقين، تنزيهُ الله عنْ كلِّ ذلك هذه عقيدةُ الإسلام، هذه العقيدة الأشعرية الماتريدية ومَنْ كذّبَ ذلك وخالفَ فيه فليس أشعريًّا لو طلعَ الشعر في عينيه وفي لسانِهِ على زعمِهِ، الأشعري منه برىء والأشاعرة منهم براء.
هؤلاء أعداءُ الإسلامِ وأعداءُ الأشعري والأشاعرة. أليس أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه وأرضاه هذا الإمام الجليل العظيم علي بن إسماعيل في كتابه ” النوادر ” يقول المجسمُ كافر، ويقول المجسمُ غيرُ عارفٍ بربِّهِ وإنهُ كافرٌ به ” هذا نقلهُ عن الأشعري قاضي الجيش العثماني الفقيه الحنفي البياضي في كتابه ” إشارات المرام من عباراتِ الإمام “.
إذًا مَنْ شبّهَ اللهَ بخلقِهِ ولوْ بصفةٍ واحدة ما عرفَ اللهَ ولو ادّعى الإسلام، ومَنْ عرفَ حقيقةَ مقالتِهِ وحقيقةَ عقيدتِهِ ولمْ يُكفِّرْهُ فهو أخوهُ في الكفر كائنًا مَنْ كان وأيًّا كان اسمُهُ ومِنْ أيِّ بلدٍ كان، كلّ هذا كلا شىء.
واللهِ لو ادّعَيْتُم أنّكم أشاعرة منَ الآن إلى أنْ تقومَ الساعة ما صدَّقَكُمْ عاقل وأنتم تقولونَ بإيمانِ وإسلامِ مَنْ يقولُ في اللهِ مخلوق متغيّر متطوِّر مُتركِّب منْ أجزاءٍ مجتمعة، أيُّ شىءٍ لكمْ في الإسلام؟ ثم بعد ذلك في الأشعرية والأشعري؟ أبو الحسن الأشعري منكم براء، نحنُ مع القرآنِ ليس كمثله شىء تكفينا، منْ جاءَ وكذّبَ هذه الآية مِنْ أينَ يكون منَ المسلمين؟
أسألُكم هذا السؤال، اللهُ يقول {ليس كمثله شىء}[الشورى/١١] فمَنْ جاءَ وقال اللهُ متغيّر متطوّر متركّب متجزِّء تحلُّ فيه الحوادث قاعد جالس له إحساس وشعور ولذة وألم ومتغيّر ومخلوق هذا كذّب الآية ليس كمثله شىء أم لم يكذِّب؟
كذبَ، ومَنْ كذّبَ اللهَ والقرآن هل يُختلَفُ في كفرِه؟ هل يُتوقَّفُ في كفرِه؟
بعد ذلك لو وجدْتُمْ في ألف كتاب لبعضِ المتَهوِّرينَ من أهلِ هذا العصر الذين يقولون مَنْ قال بالتركُّبِ في ذاتِ اللهِ والقعود والجلوس والتغير وحلول الحوادث لا يُكفَّر اعرِفوا أنهُ زنديقٌ كافر لو ادّعى الأشعرية والأشعريةُ والأشعري منهُ براء.
ثم بعدَ ذلك لو تكلّموا إلى أنْ تنقطعَ أصواتُهم لا عبرةَ بهم بعدَ أنْ جعلَ اللهَ متركبًا منْ أجزاء وقاعد وجالس ومُتغيّر وتحُلُّ فيه الحوادث، ويقول لا يُكفّر ويقول أنا أشعري، أيُّ تناقضٍ هذا؟ أنتَ وعابد الصنم وعابد الوثن سواء بسواء تكذب الله وهو أشركَ بالله، أيُّ شىءٍ لكم في الإسلام.
يا أهلَ الفهمِ يا أهلَ المروءة يا أهلَ النخوة يا أهلَ الشهامة إياكمْ أنْ تصدِّقوا مَنْ يقول بقيام الحوادثِ في ذاتِ الله وبحلول الحوادثِ في ذاتِ الله وبأنّ اللهَ مجتمِعٌ منْ أجزاءٍ متُفرّقة اجتمعتْ فيه أو أنهُ قاعدٌ أو جالس، إياكم أنْ تصدِّقوا مَنْ يقول هذا وإياكمْ أنْ تصدّقوا مَنْ يقول بعدمِ تكفيرِه، هو أخوه في الكفرِ والضلال لو ملأ صيتُهُ الدنيا فإبليس صيتُهُ أوسع واليهود صيتُهم أوسع وهم واليهود إخوة تجمعُهم عقيدة واحدة، هذا في المشبهة المجسمة وفيمَنْ وقف على عقائدِهم ويقول بعدمِ تكفيرِهم، كلّ هؤلاء جماعة واحدة احذروهم فهم دعاةٌ لهدمِ الإسلام، دعاةٌ لمُحاربةِ الإسلامِ منَ الداخل. أيُّ شىءٍ يكونُ له في الإسلامِ إذا كانَ عندَهُ مَنْ يقول اللهُ مخلوق حادث متطوّر مُتبَدّل قاعد جالس مجتمِع منْ أجزاء متفرقة وتحلُّ فيه الحوادث ويقول لا يُكفَّر، أي شىء له في الإسلام؟
يمكن لو لبسَ سبعمائة عِمامة على رأسِهِ وجاءَ وتكلّمَ بهذا بين الناس الطفل الصغير يعرف أنه كافر وكذاب، هذا كالحاخامات سواء بسواء.
إذًا حافظوا على دينِكم احرصوا على دينِ نبيِّكم. بعضُ الناسِ وبعضُ الشعوب يموتونَ دفاعًا عنْ أرضِهِمْ عن عرضِهمْ عن البضاعة عن الثياب عن المال عن الطعام عن الشراب، نحنُ الأوْلى بنا أنْ نحافظَ على دينِنا وأنْ نبقى على ذلك إلى أنْ نموت.
قال صلى الله عليه وسلم [مَنْ قُتِلَ دونَ دينِهِ فهو شهيد].