الأربعاء ديسمبر 11, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (8)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيّدِنا أبي القاسم طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِهِ الطيبين الطاهرين

يقول جامعُ هذا الكتاب رئيس جمعية المشايخ الصوفية في لبنان الشيخ جميل حليم الحسيني رحمه الله ورحمَ  أحبابَه صحيفة (117)

 

اللهُ خلقَ العرشَ إظهارًا لقدرتِهِ

(الله هذا اللفظ المقَدَّس المبارك، لفظُ الجلالةِ الله هو علمٌ على الذاتِ المقدَّس يعني هذه الحروف الألف واللام واللام والهاء هذا اللفظ ليس هو عيْن ذاتِ اللهِ المقدّس الذي نعبُدُه لا، إنما هذا اللفظ يدلُّ على الذاتِ المقدَّس الأزلي الأبدي الذي ليس جسمًا وليس شكلًا ولا يشبهُ أحدًا منْ خلقِهِ وليس حالًّا بهذه الحروف.

عندما تكتب أنت على الجدار “الله” فيُقال لك ماذا تقول الله، يعني هذا اللفظ الله يدلُّ على الذاتِ المقدَّس المعبود وليس معنى قولِكَ الله أنَّ اللهَ حلَّ في الألف واللام واللام والهاء ليس هذا معناه حاشى.

لفظُ الجلالةِ الله هذه أجمل كلمة عربية وهذا الاسم المبارك هو أفضلُ أسماءِ اللهِ الحسنى وهو علمٌ يدلُّ على الذاتِ المقدَّس ثم لفظُ الجلالةِ الله لا يصحّ ولا يجوز أنْ يُطلَقَ إلا على الله عزّ وجلّ، ومَنْ أطلَقَهُ على غيرِ الله يكونُ قدْ أشركَ بالله، يعني الذي يقول عن الهواء أو عن النار أو عن الشمس أو عن القمرهذا الله يكونُ كفرَ بربِّه، أشرَكَ بربِّه.

 

ثم إنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى ذاتُهُ واحدٌ فإذا قلنا هذا الاسم أفضل الأسماءِ الحسنى هذا لا يَرجِع للذاتِ وأنَّ في الذاتِ فاضلٌ ومفضول لا، ذاتُ اللهِ أزليّ، إنما هذا بالنسبةِ للألفاظ.

ثم إنّ هذا اللفظ لفظُ الجلالةِ الله إذا قالَهُ الكافر للدخول في الإسلام فقال لا ربَّ إلا الله أو لا خالقَ إلا الله أو لا إله إلا الله محمدٌ نبيُّ الله صار مسلمًا إنْ قال ذلك عن اعتقاد، يعني تخلّى عن الكفر واعتقدَ الإسلام، ثم لا يُشترَطُ أنْ يقول أشهد إنما لو قال لا إله إلا الله يصِحّ، لكنْ لو جاءَ بلفظِ أشهد يكون أقوى أحسن لكنْ لو قال لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله أو لا ربَّ إلا الله أو لا خالقَ إلا الله محمدٌ نبيُّ الله أو أحمد رسولُ الله أو أبو القاسم رسولُ الله ففي هذا يصحّ الدخول في الإسلام.

الحاصل أنَّ لفظَ الجلالة الله هذا اللفظ المبارك هو اسمُ اللهِ الأعظم بالأسماءِ المُفرَدة يعني إذا قلتَ الرحمن الرحيم الملِك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبّر الخالقُ البارىءُ المُصوِّر، هذا في الأسماءِ المُفرَدة اسمُ اللهِ الأعظم هو لفظُ الجلالةِ الله.

ثم هناك مع الإضافةِ كما في الحديثِ الذي فيه [اللهم إنّي أشهدُ أنْ لا إله إلا أنتَ الأحدُ الصمد الذي لمْ يلدْ ولمْ يولَدْ ولمْ يكُنْ له كُفُوًا أحد] هذا أيضًا وردَ في الحديث أنه اسمُ اللهِ الأعظم، هنا لاحظوا مع الإضافة يعني يوجَدَ كلمات ليس فقط لفظ الجلالة، أما بالأسماءِ المُفرَدة الله لفظُ الجلالة هو اسمُ اللهِ الأعظم الذي إذا دعا به مسلم مع الشروط وبالمفتاح يُستَجاب له لأنّ الإنسانَ لو بدأَ بلفظِ  الجلالةِ الله هكذا أو يا الله هذا جيد، لكنْ لأجلِ الدعاء لأجلِ أنْ يدعو باسمِ اللهِ الأعظم هناك شروط وهناك مفتاح ليَتَحقَّق وليَحْصُل السر بإذنِ اللهِ تعالى.

 

مثلًا لو أرادَ الإنسان أنْ يدعو فالأفضل والأحسن أنْ يكونَ على وضوء، يعني الإنسان لو كانَ في بيتِهِ ولمْ يكنْ مُتوضِّئًا فذكرَ اللهَ ودعا هذا لا بأس لا مانع في ذلك، حتى لو قرأَ القرآنَ بلسانِه ما يحفظ وهو على غيرِ وضوء يجوز ليس حرامًا لأنهُ هنا لا مسَّ المصحف ولا حملَهُ ما أمسَكَهُ إنما عنْ ظهرِ قلب يقرأ بلسانِهِ وهو غير متوضِّىء يجوز ولهُ ثواب فكيفَ بمجرَّدِ الدعاء أو إذا قرأ الأسماءَ الحسنى كلُّه جائز وفيه ثواب.

لكنْ نحنُ نقول هنا الأحسن يعني هناكَ آداب للدعاء. فمِنْ هذه الآداب يعني يعني منَ الأكمل من الأحسن أنْ يكونَ على وضوء.

وأنا قلت إنْ كان في بيتِهِ وهذا ليس شرطًا تعرفونَ أنتم إنما مِنْ بابِ المِثال يعني لو كان في السيارة أو في المسجد أو في الوظيفة في مكانِ العمل فدعا ولوْ لمْ يكنْ على وضوء يجوز وله ثواب، لكنْ الأحسن والأفضل أنْ يكونَ على وضوء. والوضوء نفسُهُ فيه أسرار عظيمة، بلْ رُويَ “الوضوء سلاحُ المؤمن”.

 

وأيضًا منْ آدابِ الدعاء ومنَ الأحسنِ في الدعاء أنْ يستقبِلَ القِبلة، أما لو كان مُستَدْبِرًا القِبلة يجوز ليس حرامًا لو كان مُستلقِيًا على الأرضِ على ظهرِهِ فدعا يجوزُ ليس ممنوعًا ليس حرامًا لكنْ الأحسن الأفضل منْ آدابِ الدعاءِ أنْ يكونَ مُستقبِلًا القِبلة وأنْ يرفَعَ يديْهِ في الدعاء.

عندما يرفعُ المسلم يديه في الدعاء هذا معناه اسْتِنْزالًا للرحَمات لأنَّ السماءَ هي قِبلةُ الدعاء ليست مسْكَنًا لله كما يعتقد الكفار حاشى.

بعضُ الكفارِ منْ سخافتِهِم يعتقدونَ أنّ اللهَ يسكنُ السماء، يقالُ لهم يومَ القيامةِ السماء تفنى تزول فعلى زعمِكم ماذا يصير؟ هل على زعمِكُمْ اللهُ يلْحَقُهُ الزوالُ والفناء؟

تنزّه الله وتقدَّس وحاشى لله. أليس الله يقول في القرآن {يومَ نطوي السمآءَ كطيِّ السجِلِّ للكتب}[الأنبياء/١٠٤] إذًا السماء تُطوى يومَ القيامة وتُلَفّ وتَفنى فلو كان الله فيها على زعمِ المجسمة المشبهة فماذا يصير عندَما تفنى السماء؟

إذًا اللهُ لا يسكنُ السماء والسماء ليست مسْكَنًا لله حاشى، اللهُ موجودٌ قبلَ السماء وباقٍ بعدَ السماء لأنَّ السماء لها بداية ولها نهاية واللهُ موجودٌ بلا بداية وباقٍ بلا نهاية كما قال في سورة الحديد {هو الأول والآخِر}[الحديد/٣]

إنما السماء قِبلةُ الدعاء، نحنُ نرفعُ اليدين إلى السماء لأنَّ السماءَ مهبِطُ الرحمَات والبركات والخيرات والأسرار والأنوار لأنَّ السماء قبلة الدعاء لا لأنَّ اللهَ تحيَّزَ فيها حاشى.

وهنا ردّوا عليهم بهذا الدليل الذي يعرفُهُ كلّ مسلم وهو نحنُ عندما نصلي نتّجه إلى القبلة ليس لأنّ اللهَ فيها اللهُ لا يسكنُ في الكعبة ليس حالًّا في الكعبة، بل لأنَّ الكعبةَ قِبلةُ الصلاة.

فكما أنّ اللهَ لا يسكنُ في الكعبةِ ونحنُ نتوجّهُ إليها في صلاتِنا عبادةً لله، مَنِ الذي أمرَنا أنْ نستقبلَ الكعبةَ في الصلاة؟ الله، فنحنُ نُطيعُهُ بذلك، نحنُ نعملُ بأمرِ اللهِ هو فرضَ علينا وجعلَ منْ شروطِ صحةِ الصلاةِ استقبال القبلة فعندَما نستقبل القبلة تنفيذًا لأمرِ الله لا لأنَّ اللهَ يسكنُ السماء.

كما أننا نستقبلُ الكعبةَ في الصلاة واللهُ ليس فيها نرفعُ الأيدي في الدعاءِ إلى السماء واللهُ ليس فيها بل السماء قبلة الدعاء، لأنّ اللهَ هو الذي رغّبَ عبادَه بالتذلّل والتضرُّعِ.

وقدْ ذكرَ العلماء ومنهم سيفُ الدينِ الآمدي ومنهم الغزالي أنّ رفعَ اليدين في الدعاءِ إلى السماء لأنّ السماءَ قبلة الدعاء. وهذا ذكرَهُ عددٌ كبيرٌ منَ العلماء ليس الآمِدي وحدَهُ ولا الغزالي وحدَهُ بل عشراتُ العلماء قالوا السماء قبلة الدعاء لذلك نرفعُ الأيدي في الدعاء إلى السماء لا لأنّ يسكنُها تنزّه اللهُ عنْ ذلك، بل السماء مسكن الملائكة، السماء هي حيِّز للملائكة الذين فيها وعيسى عليه الصلاة والسلام هذا النبي الرسول العظيم حبيبُ الله أيضًا هو الآن في السماء، فالسماء مسكَنٌ لهؤلاء، أما الله لا يسكنُ السماء لو كان فيها لكان مُخالطًا لهم محتاجًا إليهم لجازَ عليه أنْ يُلَفَّ فيها يومَ القيامة ويموت ويزول وهذا مستحيل لأنّ اللهَ قال {يومَ نطوي السمآءَ كطَيِّ السجِلِّ  للكتب}[الأنبياء/١٠٤] وقال في القرآن {وانشقَّتِ السمآءُ فهيَ يومَئِذٍ واهية}[الحاقة/١٦]

 

السماءُ في يومِ القيامة تتشقق مع أنَّ السماءَ أجسامٌ قوية أصلب وأمتن وأقوى منَ الأرض. تخيّلوا جبال الأرض كمْ هي ضخمة وقوية لكنْ يحصُلُ فيها انهيارات أحيانًا تصدُّعات في الزلازل هذه الجبال تضطرب، السماء ليس فيها تشقق ولا فيها مُنحَدَر كما في الأرض ولا فيها انهيار ولا فيها أماكن رِخوة كما في الأرض.

لذلك قال ربُّنا في القرآن {وبَنَيْنا فوقَكم سبْعًا شِدادًا}[النبأ/١٢] السماء أمتن وأقوى وأصلب منَ الأرض ليستْ دخانًا يتلاشى كما يقول أصحاب نظريات العصر الذين يُخَرِّفونَ ويُحرِّفون، أعوذُ باللهِ هذا خلاف هذه الآية الكريمة {سبْعًا شديدًا}[النبأ/١٢] والسماوات لها أبواب، الله يقول عنْ أرواح الكفار {لا تُفَتَّحُ لهم أبوابُ السمآء}[الأعراف/٤٠].

 

  يوم القيامة السماوات تتشقّق ويحصلُ فيها هذا التغيّر العظيم تفنى وتزول، اللهُ يُفنيها {وانشَقّت السمآءُ فهيَ يومَئِذٍ واهِية}[الحاقة/١٦]

اللهُ لا يسكنُ السماء إنما نحنُ نرفع الأيدي في الدعاء إلى السماء لأنّ السماءَ قبلة الدعاء كما أننا نستقبل الكعبةَ في الصلاة واللهُ لا يسكنُ الكعبة ولا السماء، كما أننا نضعُ جِباهَنا على الأرضِ في السجودِ والله تعالى ليس في الأرض إنما هذه عبادة للهِ عزّ وجل.

فما معنى رفع اليدين في الدعاء إلى السماء؟ اسْتِنْزال للرحَمات، وعندما يمسحُ الواحد على جسدِهِ على وجهِهِ كأنه يرجو أنْ تَعُمَّهُ البركة، هذا معناه.

أنتَ عندما تطلب شيئًا منْ إنسان تَمُدُّ يدَك، هذا فيما بينَ البشر، اللهُ لا يسكنُ السماء لكنْ يُنزِل البركَة منَ السماء بقدرتِهِ فأنتَ تسْتَنزِل البركة يعني كأنك تقول اللهم أنزِلْ علينا البركة اللهم أعطِنا منَ البركة اللهم أنزِلْ علينا البركة، هذا معناه ليس معناه أنّ اللهَ يسكنُ السماء حاشى للهِ تعالى. فاللهُ أزليٌّ أبديّ والسماءُ مخلوقةٌ لها بداية ولها نهاية، فكيف يكونُ الأزليُّ الأبدي الذي ليس له بداية باقٍ بلا نهاية في السماء المخلوقة التي لها بداية ولها نهاية؟ هذا لا يجوز على الله.

إذًا منْ آدابِ الدعاء أنْ تستقبلَ القِبلة، منْ آدابِ الدعاءِ أنْ تكونَ على وضوء، منْ آدابِ الدعاءِ يعني الأحسن أنْ ترفعَ يديْكَ في الدعاءِ إلى السماء وأنْ تنظرَ ببصرِكَ إلى السماءِ منْ بابِ التذلُّلِ كأنّكَ تقول أنا العبدُ الفقيرُ أنا العبدُ الكسير المذنبُ المُخْطىء المقصّر، كأنّك ترجو اللهَ تعالى أنْ يرحمَكَ أنْ يغفرَ لك أنْ يُنزِّلَ عليك ولكَ البركة والرحمة فترفع يديكَ ونظرَكَ إلى السماء لأنها قِبلةُ الدعاء.

 

وأيضًا يبدأ بالحمْدَلة بالصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم، نتكلّم الآن عن الأحسن في الدعاء، الحمدُ للهِ رب العالمين والصلاة والسلام على رسولِ الله محمد، ثم يبدأ بالدعاء.

وقبلَ أنْ يبدأَ بذكرِ  لفظِ الجلالةِ يقول يا الله وفّقنا يا الله ارحمْنا يا الله اغفرْ لنا، قال بعضُ العلماء يُستحبُّ أنْ يبدأ بلفظِ الجلالةِ ذِكرًا لو إلى مائتيْ مرة أو ثلاثمائة مرة.

فبالتضرع والانكسار يقول يا الله يا الله يا الله يا الله، يشتغل هكذا لو إلى مائتي مرة مثلًا ثم بعدَ ذلك يبدأ بما يريدُ منَ الدعاء ويسأل ما يريد منَ الخير ولا يدعو بمحرّم ولا يدعو ظلمًا على مسلم ولا يدعو بكفر، ما يكذّب القرآن أو الإسلام، هذا والعياذُ باللهِ يعودُ وبالُهُ على هذا الشخص، إنما يدعو بما يجوز بما فيه ثواب خير، ثم إذا أرادَ أنْ يُنهي وختمَ الدعاء يُستحبُّ له أنْ يختِم بالحمدَلة والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم كما بدأ.

 

ثم مِنْ أسبابِ استجابةِ الدعاء أنْ يكونَ ملْبوسُهُ حلالًا ومَطعَمُه حلالًا ومَسكنُهُ حلالًا وأنْ لا يكون بدنُهُ غُذِيَ منْ حرام، هذه مِنْ أسبابِ استجابةِ الدعاء والقوة في الدعاء.

أما إذا كان غُذِيَ بالحرام وكان طعامُهُ وشرابهُ منْ حرام وبدنُهُ تغَذّى بالحرام ثم يقعد يدعو يا رب يا رب يا رب فأنّى يُستجابُ لذلك؟

إذًا هناك أسباب لاستجابةِ الدعاء. ثم إنْ تصدَّقَ على فقير محتاج ولو بشىءٍ قليل منْ حلال، عندما نقول يتصدق لا يُشترَطُ أنْ يكونَ مائة دولار لا، ولا يُشترَط أنْ يكونَ مائة ألف ليرة لبنانية لا، لو تصدَّق بخمسة آلاف ليرة لبنانية. اليوم الخمسة آلاف ليرة لبنانية كلا شىء لكنْ أنا أعطي مثالًا عن القليل إذا كان منْ حلال وكان مع الإخلاص وأعطاهُ لمُحتاج فهذا في الميزان كثير، في الأسرار في البركات شىءٌ عظيم قد تصير هذه الخمسة آلاف في ميزان الحسنات كأمثالِ الجبال. أليس الله يقول {واللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يشآء}[البقرة/٢٦١]

الإنسانُ الذي يريدُ أنْ يدعو يدعو ثم إذا جاء بلفظِ الجلالةِ الله يكون دعا باسمِ اللهِ الأعظم وهذا في الأسماءِ المُفرَدة أما مع الإضافة فهناك عدّة روايات، الحنّان المنّان بديعُ السمواتِ والأرض يا ذا الجلالِ والإكرام، بعضُ العلماءِ قال اسمُ اللهِ الأعظم في آيةِ الكرسيّ، بعضُهم يقول في أولِ سورةِ آلِ عمران،  بعضُهم يقول في ألم، وبعضهُم يقول في أواخر سورة الحشر.

أقوال كثيرة وعديدة لكنْ هذا مع الإضافة أما في الأسماءِ المُفردة فهو في لفظِ الجلالةِ الله. حتى إنّ منَ العلماءِ مَنْ نقلَ الإجماعَ على أنّ اسمَ اللهِ الأعظمِ في الأسماء المُفرَدة هو لفظُ الجلالةِ الله.

 

فإذًا الإنسان إذا دعا اللهَ تعالى مُخلِصًا هو المستفيد وهو الرابح.

عندما تدعون ليس معنى ذلك أنّ اللهَ يُغيِّر مشيئتَهُ فيُعطيكُمْ ما دعوْتُمْ به، لا، نحنُ  لمْ نطَّلِعْ على الغيب فلم نعرِف أنَّ هذا الشىء الذي نطلبُهُ لنْ يتحقَّقْ لنا في الدنيا لكنْ نحنُ عندمَا نطلبُ نطلبُ منَ الله نتذلّل لله نرجو اللهَ نسأل الله، هذا معناه.

فعندَما أقول اللهم اشفِني اللهم عافِني إنْ كان لمْ يُقَدَّرْ  لي أنْ أُشْفَى لكنْ بهذا الدعاء لي ثواب وأجر وخير وبركة لأنكَ تدعو الله، فإنْ دعوْتَ وشُفِيتَ تكون حصلْتَ على المطلوب الذي هو الشفاء وأخذْتَ الثواب والأجر الذي هو الأهم.

أحيانًا قدْ لا تحصِّلْ ما تدعو به لكنْ يُدَّخَر لك ثوابًا للآخرة وهذا أنتَ أحوَج له يومَ القيامة. بهذا الثواب قدْ تَثْقُل كفّةَ الحسنات فتَنْجو منَ العذاب، تنجو منْ جهنم، منَ الهلاك.

 

ثم منْ بركةِ هذا الدعاء يُدفَع عنك أخطار وأمراض وبلايا ومصائب في الدنيا لا تخطر لك على بال، تُدفَع عنك ببركةِ الدعاء والتذلّل لله تعالى. فإما أنْ تأخذَ ما طلبْتَ مع الثوابِ والأجر أو أنْ لا تأخذَ ما به لكنْ تأخذ الثواب والأجر ويُدَّخَر لك ليومِ القيامةِ ويُدفَع عنك ببركةِ الدعاء في الدنيا مصائب لا تخطر لك على بال، أو تتحقّق لك فوائد هي أعظم بكثير مما طلبْتَ ودعوْتَ به.

إذًا أنتَ الرابح والدعاء له شأنٌ في الإسلام. لذلك قال عليه الصلاة والسلام [الدعاءُ مخُّ العبادة]

الرسول عليه الصلاة  والسلام في أكثرِ أوقاتِهِ كان يدعو الله. لوْ رجَعْتُمْ إلى تصنيفاتِ وكتب العلماء هناك كتبٌ مُفرَدة للأوراد والأذكار في الليل في النهار للطعام للشراب للباس للغُسل للوضوء للجهاد للسفر للصلاة للصيام للحجّ للزكاة عندَ التصدّق في عيدِ الأضحى في عيدِ الفِطر، كتب ومجلّدات أفرِدَتْ لذلك هذا يدلُّ على أهميةِ مرتبةِ الدعاءِ في الإسلام، هذا يدلُّ على الأوقاتِ الكثيرة التي أُخذَتْ هذه الأدعية عن الرسول يعني كان في أكثرِ أوقاتِه وأحيانِه في الحضَر والسفر في كلّ المواطن والمواضع كان يدعو ويذكر.

 

ثم لا تنسَوا أنّ هذا الدعاء والذكر تضرّع لله وعبادة لله وأجر وثواب وخير وحسنات وذُخر للقيامة، ادّخِرْ لقبرِك وللآخرة.

فإذًا أنت الرابح إنْ دعوْتَ فأكثرتَ منَ الدعاء وأنت المستفيد لا تقلْ سأبقى في أكثرِ أوقاتي أدعو؟ هذا إنْ حصلَ فاشكرْ ربَّكَ عليه لأنها نعمة لا يُحصِّلُها كلُّ أحد.

انظروا بعض الناس يقعد على الكرسي ثلاث ساعات لا يتحرّك لسانُهُ بذكرِ اللهِ مرةً واحدة، ينظر في التلفزيون يقلّب منْ قناة إلى قناة ومنْ محطة إلى محطة ولا يذكرُ الله مرةً واحدة، ثلاث أربع ساعات هكذا، لا يقول ربّ لأمي وأبي لا يقول رب ارحمْني رب تبْ عليّ لا يقول ربّ اهدِني، أيُّ خسارةٍ هذه؟ يا خسارةَ مَنْ كان هذا حالُهُ يُضَيِّع هذا العمُر وهذه الأوقات والساعات تذهبُ عليه هباءً ثم تكونُ عليه حسْرةً  لأنه ما اشتغلَ بها في طاعةِ اللهِ سبحانَهُ وتعالى.

لذلك أنتم أكثِروا منَ الدعاء، هذا أنتم تقَدِّمونَهُ للقبر، الدعاء له أسرار. بعضُ العلماء يقول كم منْ إنسانٍ صارَ منَ الأغنياء ودُفِعَ عنه البلاء بدعوة دعاها في ليلٍ أو نهار أو دُعِيَتْ له.

كمْ مِنْ أناسٍ نجحوا وشُفوا وصاروا منَ الأثرياء في الدنيا بسببِ دعوة منْ أمهاتِهِم أو دعوة منْ آبائهم، لا تسْتَقِلّوا أمرَ الدعاء، أمرُ الدعاء ليس شيئًا هيِّنًا بل هو شىءٌ عظيم، الدعاءُ مخُّ العبادة، لا تنظروا للدعاء على أنه أمرٌ هيِّن، لا، بل يُنظَر إليه على أنه شىءٌ عظيم ومبارك.

لذلك أكثروا منَ الدعاء واشتغلوا به فهذا فيه أجرٌ وفيه خير وبركة وفيه قدْ يُغفَرلك وفيه قدْ تُعتَق منَ النار.

إذًا لفظُ الجلالةِ الله هو أفضلُ الأسماء.

إنك إنْ دعوْتَ ليس معنى هذا أنّ اللهَ يُغيّر مشيئتَهُ لأجلِك، لا، لأنّ اللهَ تعالى ذاتُهُ أزليٌّ أبدي وصفاتُهُ أزليةٌ أبدية، فمشيئةُ اللهِ لا تتغير لا بدعائكَ أنت ولا بدعائي أنا، لا في رمضان ولا في النصف منْ شعبان، لا لنبيٍّ ولا لمَلك، لا لوليٍّ ولا ليَتيم، لا لأرملة ولا لفقير، لأنّ الذي تتغيّر مشيئتُهُ يحتاج لمَنْ يُغيِّرُهُ والاحتياجية تُنافي الألوهية. الذي تتغير صفاتُهُ ذاتُه مخلوق لا يكونُ إلًهًا.

إذًا اللهُ مشيئتُه أزلية أبدية لا تتغير. لذلك ينبغي الحذر مّما يعتقدُهُ الناس في النصفِ منْ شعبان على زعمِهم يعتقدون أنّ الدعاءَ يغيّر المشيئة وحاشى لله،  لأنّ اللهَ يقول {ما يُبَدَّلُ القولُ لديّ}[ق/٢٩]

واللهُ تعالى قال لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم ((يا محمد إني إذا قضيْتُ قضاء فإنه لا يُرَدُّ))

الرسولُ دعا بشىء اللهُ ما استجابَ له قال [وسألتُهُ أنْ لا يجعلَ بأسَهمْ فيما بينَهمْ – يعني أنْ لا يجعلَ بأسَ الأمة المحمدية بينَها – فمَنَعَنِيها وقال لي يا محمد إني إذا قضيْتُ قضآء فإنه لا يُرَدّ]

رواه المفسر ابن أبي حاتم في تفسيرِهِ المشهور.

فإذًا الرسول عليه السلام قال [فمَنَعَنِيها] فمَنْ أنتَ ومَنْ أنا ومَنْ هي ومَنْ هم لِتَتغيّرَ مشيئة اللهِ الأزلية منْ أجلِهم ؟ حاشى، مشيئة الله لا تتغير حتى للأنبياء لأنّ الذي تتغيّر مشيئتُهُ مخلوق واللهُ ليس مخلوقًا، اللهُ قال {أفَمَنْ يخلق كمَن لا يخلُق}[النحل/١٧] الخالقُ عزّ وجلَّ أزليٌّ أبديٌّ لا يشبهُ شيئًا منْ كلِّ مخلوقاتِهِ.

ليس معنى أنك تدعو يعني حتْمًا  تحصُلُ على ما تطلُبُهُ في الدنيا أو أنّ مشيئةَ اللهِ تتغير، لا.

قلنا فوائد الدعاء وماذا قدْ يُدَّخَر لك وماذا قدْ تحصِّل ويتحقق لك وماذا قدْ يُدفَع عنك واحتمال أنْ تحصُل على ما تريد، فإنْ لمْ تحصُل فمِنَ الجهاتِ الباقية كلِّها أنت الرابح وأنتَ المستفيد.

لذلك ليس معنى الدعاء أنَّ اللهَ يغيّرُ مشيئتَهُ للعباد حاشى، لأنّ اللهَ تعالى أزليٌّ أبديّ.

اللهُ سبحانه وتعالى يحبُّ منْ عبادِهِ أنْ يُكثِروا منَ الدعاء وأنْ يُكثِروا منَ التضرُّعِ. إذا كان هذا حال الأنبياء يُكثِرونَ من الدعاء والتضرّع فمَنْ نحنُ العوامّ؟

نحنُ بحاجةٍ إلى الله اللهُ ليس بحاجةٍ لنا، فإنْ دَعَوْنا ليس معناه أنَّ اللهَ ينتفع بنا لا، لو كلّ الإنس والجنّ والملائكة دَعَوا في الليل والنهار إلى قيامِ الساعة اللهُ لا ينتفعُ بهم، لا تلْحَقُهُ منفعةٌ منْ أحدٍ منهم ولا مِنْ أحدٍ منَ الخلقِ أبدًا لأنّ اللهَ قال {وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليه سبيلًا ومَنْ كفرَ فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنِ العالمين}[آل عمران/٩٧] وفي آيةٍ أخرى قال {يآ أيها الناس أنتمُ الفقرآءُ إلى الله واللهُ هو الغنيُّ الحميد}[فاطر/١٥]

نحنُ ندعو ونتضرّع إلى الله لكنْ هذا  ليس معناه أنّ اللهَ تعالى ينتفع بدعائنا حاشى لله، بل مَنِ اعتقدَ أنَّ اللهَ ينتفعُ بشىءٍ منْ مخلوقاتِهِ أو بأحدٍ منْ مخلوقاتِهِ فقدْ جعلَ اللهَ مخلوقًا لأنَّ الذي ينتفع هو المخلوق والذي يلْحَقُهُ ضرر هو المخلوق، أما اللهُ أزلي أبديّ وكمالُهُ أزلي أبدي، فاللهُ تعالى لا يزدادُ كمالًا لا، لو كلُّ العبادِ آمنوا واتّقَوا وصاروا كمحمد عليه الصلاة والسلام وكجبريل وإبراهيم اللهُ لا ينتفِعُ بهم، إنما العبدُ الذي يؤمن ويتقي هو ينفعُ نفسَهُ.

اللهُ لا يحَقِّقُ لنفسِهِ نفعًا منْ أحدٍ منْ خلقِهِ فليس الأمرُ كما قال بعضُ الكفار اللهُ خلقَ الملائكة لِيَدْفَعُ بهم عنْ ذاتِهِ الضرّ، حاشى. مَنْ خلقَ الملائكة؟ الله، يعني كان موجودًا قبلهم هو ربُّهم كيف ينتفعُ بهم هو أوجَدَهُم، كيف ينتفع بهم؟ حاشى.

أما ما وردَ في القرآن في أمرِ الملائكة قال اللهُ تعالى {وما يعلمُ جنودَ ربِّكَ إلا هو}[المدثر/٣١] جنودُ ربِّك ليس معناه كما قال بعضُ المشبهة المجسمة الحرّاني في كتابِهِ مجموع الفتاوى في المجلّد الخامس صحيفة 507 قال: كذلك يفعل بأعوانِهِ من الملائكة.

لا يُقال عن الملائكة أعوانُ الله، اللهُ ليس له مُعين ولا مُشير ولا وزير، اللهُ تعالى ذاتُهُ أزليٌّ أبدي وكمالُهُ أزليٌّ أبدي فلا يحتاج لمُشير ولا مُعين ولا وزير.

لذلك ينبغي أنْ يُفهَمَ ما معنى جنودُ الله، الآية قالت جنود ما قالت أعوان.

قال العلماء جنودَ ربِّكَ عبادُهُ الطائعون له العاملونَ بأمرِهِ المُنَفِّذونَ لِما يأمرُهم به، هذا معناه.

الله عز وجل قال في القرآنِ الكريم {فالمُدَبِّراتِ أمرًا}[النازعات/٥] معناه الملائكة لهم تدبيرٌ جزئي ليس تدبيرًا كليًّا في الكون لا، لهم تدبيرٌ جزئيٌّ في بعضِ الأعمال والوظائف والمهامّ.

منْ خلقَهم؟ الله، مَنْ أمرَهمْ بتنفيذِ هذه الأعمال؟ الله، هذا معناه.

ثم الملائكة  عليهم السلام لا يعلمُ عددَهم إلا الله سبحانه وتعالى حتى جبريل الذي هو رئيس الملائكة لا يعرف كم هو عددُهم {وما يعلمُ جنودَ ربِّكَ إلا هو}[المدثر/٣١] يعني الله وحدَهُ هو العالِمُ بالملائكة وبأعدادِهِم أما الإنس الجنّ والملائكة هم أنفسُهم لا يعرفونَ عددَ الملاكة، حولَ العرشِ فقط منَ الملائكة ما لا يعرفُ عددَهم جبريل وهو رئيسُهم. اللهُ تعالى قال عنْ جبريل {مُطاعٍ ثمَّ أمين}[التكوير/٢١] بين الملائكة يعني له رئاسة عليهم مع ذلك لا يعرف عددَ الملائكة حول العرش، والملائكة الذين هم حول العرش لا يعرفونَ عددَ بعضِهم منذُ خلَقَهم الله وهم يطوفونَ حولَ العرش ويصلّونَ الخمس لكنْ لا يعرفونَ عددَ بعضِهم، لا يعلمُ عددَ الملائكةِ إلا الله عز وجل، هذا يعني {ولا يعلمُ جنودَ ربِّكَ إلا هو}[المدثر/٣١]

فالذي يقول اللهُ له مُعين له مُشير له وزير له مكان قاعد جالس ينتفِع يزدادُ كمالًا يتغيّر هذا ما عرَفَ الله ما آمَنَ بالله ما وحّدَ اللهَ ما نزَّهَ الله ما صدّقَ الله، بل كذّبَ قولَ اللهِ تعالى {يآ أيها الناسُ أنتم الفقرآءُ إلى الله واللهُ هو الغنيُّ الحميد}[فاطر/١٥].

ثم إنّ هذا اللفظ المُقَدَّس العظيم المُبارك لفظُ الجلالةِ الله بعضُ الناسِ منْ جهلِهم لا يُحسِنونَ التلفُّظَ به فيقولون اللا واللا وعبد اللا وحياة اللا، هؤلاء جهال يُحَرِّفونَ وهذا ليس ذكرًا، هذا تحريف.

ممّنْ ذكروا ما يتعلّق بهذه القضية أحد العلماء الكبار المشاهير في الدنيا في علمِ القوافي والنحو والعَروض الخليل بنُ أحمد الفراهيدي في كتابِهِ العين منْ أربع مجلّدات. في هذا الكتاب يقول لا يجوز حذف المدّ التي في لفظِ الجلالةِ قبلَ الهاء.

بعض الناس يقولون اللا وبعضُهم يحذف المد، الأولى بدونِ هاء الثانية مع الهاء، لكنْ الأولى فيها حذفٌ للهاء وحذفٌ لهذا المد، تحريف على تحريف، الثانية جاءوا بالهاء لكنْ حذفوا هذه ألف المدّ، ففي هذه الحال تحريف معصية حرام إثم لا يجوز ولا يكون هناك ثوابٌ في هذا، ليس ذكرًا بل هذا تحريف.

بعضُ الناس يقولون اللا اللا اللا …. يريد أنْ يعملَ سبق مع رفيقِهِ يقول أنا عملتُ عشرة آلاف، تكون عملتَ عشَرة آلاف محرّفة، وهو إذا عمِلَ مرةً واحدةً “الله” بصدقٍ وإخلاص،  ثواب وأجر انشراحٌ للصدر خيرٌ وبركة ونور.

لاحظوا الفرق بين اللفظَيْن. ثم لو قلتَ له اكتبْ على الورقة لفظ الجلالة كيف يكتبُها بالهاء أم لا؟ بلى، لماذا عند التلفظ تقول اللا واللا عبد اللا وحياة اللا.

ثم إذا أردْتَ أنْ تكبِّرَ تقول اللا أكبر؟ تقول باسم اللا الرحمن الرحيم؟ أم تقول الله أكبر؟ بسم الله الرحمن الرحيم.

انظروا ما أجملَ القراءة الصحيحةَ الموافقة للدين. اللهُ يقول {يَتْلونَهُ حقَّ تلاوتِهِ}[البقرة/١٢١]

السيدة نفيسة رضي الله عنها  بعض مَنْ ألّفَ في سيرتِها وترجَمها يقول عندما استقرّتْ في القاهرة في مصر كانت حفَرَتْ قبرَها في بيتِها بنفسِها، هي عندَها خدّام وأرِقّاء وعبيد وزوجها كانَ تاجرًا كبيرًا منَ الأغنياء وهي شريفة وجيهة وعالمة ولية صالحة ودعاؤها كان مُستجابًا، الإمام الشافعي والإمام مالك كانا يسمعان منها وتسمع منهما، هذه السيدة نفيسة حفَرَتْ قبرَها بيدِها وكانت تنزل تقعُدُ فيه فتخْتِمُ القرآن، بعضُ العلماء يقول عندما ماتت كانت عمِلَتْ ستة آلاف ختمة، لكنْ تعرفون ما معنى ختمة هنا؟ يعني جاءت بكلِّ حرفٍ بما له منْ حقوق وأحكام قراءة صحيحة.

بعضُ الناس ينتقدونَنا يقولون لماذا تُشَدِّدونَ في القراءة؟ لماذا تشدّدون في الصاد والسين؟ نقول لهم لا منْ غيرِ مبالَغة ومنْ غيرِ تكلّف.

شيخُنا كان يقرأ بدونِ تكلّف كنا نصلي خلفَهُ الصلاة السرية الظهر مثلًا – يعني من دونِ جهر – لا نسمعُهم ماذا يقرأ، يقرأ بدونِ تكلّف بقراءة سلسة سهلة.

الأصلُ هو القراءة الصحيحة، ارجعوا إلى كتبِ العلماء الذين ألّفوا في التجويد انظروا في حرفِ السين والصاد والزاي، هذا الشىء ليس شيئًا جديدًا لسنا نحنُ مَنِ ابتَكَر هذا الأمر، هذا من أيام الصحابةِ إلى اليوم وإلا فما معنى {يتلونَهُ حقَّ تلاوتِه}[البقرة/١٢١]؟ أجيبونا عن هذه الآية وحدَها، يعني بدون تحريف ولا تبديل، قراءة صحيحة كما أنزلَها الله تعالى.

عندما تتكلم عن لفظ الجلالة عن اسمٍ منْ أسماءِ الله يجبُ عليك أنْ تحترِمَهُ وأنْ تُعَظِّمَهُ وأنْ تُقَدِّسَهُ وأنْ تتجنّبَ فيه التحريف والتزوير، لو كنتَ تتكلم مع ملِك مع رئيس تتجرأ أنْ تحرِّفَ له اسمَهُ؟ مع ضابط بنجمة واحد أنت عندَه في المخفر مثلًا هل تتجرأ تحريفَ اسمِه؟ وهذا بينَكَ وبينَ مخلوق ربّما لو صفَعْتَهُ لجاءَ في الأرض، لكنْ لماذا تخاف منه وتأتي باسمِهِ مؤَنَّقًا مع الاحترام والآداب والمُقدِّمات تتأنّق بالتلفظِ باسمِهِ لماذا لأيِّ شىءٍ؟ هو مخلوق وأنت مخلوق هو ضعيف وأنت ضعيف أيها الضعيف، أما مع اسمِ الله تحرِّفون تغيّرون؟ على اللهِ تتجرّءون؟ ما هذا الجهل؟ يعترضونَ علينا إذا قلنا لهم قولوا الله ماذا فعلنا؟ ننصحُكم، قل بسم الله كيف تقول بسم اللا؟ لا يصح.

فإذًا انظروا كتبَ العلماء وماذا قالوا هذا الخليل بن أحمد الفراهيدي وشيخ الأزهر من مائة سنة الشيخ محمد سليم البشري رحمةُ اللهِ عليه شيخ الجامع الأزهر في مجلة الأزهر يقول”لا يجوز حضور حلَقات الذكر التي يُحَرَّف فيها الذكر فيُقال اللا اللا اللا اللا ” هذا تحريف.

وهذا الشيخ ظافر المدني الذي كان منْ مشايخ المدينةِ المنورة له رسالة يقول إن هؤلاء الذين حرّفوا في الذكر وصاروا يقولون اه اه اه على أنه منْ أسماء اللهِ على أنه ذكرٌ لله هؤلاء حرّفوا.

ثم انظروا في كتبِ العلماء حتى الذين يقولون لماذا تميِّزونَ بين الصادِ والسين لا فرقَ بينهما اذكروا لهم هذه الحكاية التي أوردَها العلماء:

واحد ممّن كان يقولُ لا فرقَ بينَ الصاد والسين على زعمِهِ مرةً جاء إلى أميرٍ هو منْ أصدقائه قال له يا أمير لي حاجة عندَك، هذا الأمير أخذ ورقةً وكتب من فلان إلى فلان إذا جاءكَ فلان فإنه منْ أخسِّ أصحابي، قال الله الله في أمري أنا منْ أخسِّ الناسِ في أصحابِك؟ قال أنت لا ترى فرقًا بينَ الصادِ والسين، قال رجَعْتُ، فمَحى “منْ أخسّ” وكتب “منْ أخص” انظروا كيف تغيّر المعنى هنا، تراجعَ لأنّ الأمرَ صارَ متعلِّقًا به.

فكيف في القرآنِ تريد أنْ تحَرِّف؟ كيف في التكبير في القراءة في القرآن تريد أنْ تحرِّفَ وأنْ تبدِّل وأنْ تغيّر؟

يعني مثلًا في القرآن يوجد سورة يُقال لها سورة الرحمن، هل يصحّ أنْ يقال صورة الرحمن؟ أعوذُ بالله يتغير المعنى ويتحرّف فإذا قلتَ صورة والعياذُ بالله جعلتَ لله صورةً واللهُ يقول {الخالقُ البارىءُ المصوِّرُ}[الحشر/٢٤] وليس المصوَّر. فاللهُ منزّهٌ عن الصورة وعن الشكل وعن الحجم وعن الكمية.

فيا إخوان مَنْ أرادَ أنْ يدعو لا يقول اللا اللا اللا هذا تحريف، في كلّ واحدة عليك معصية، لو قلتَ الله الله الله الله عشر مرات خيرٌ منْ ألفِ مرة محرَّفة، هذه العشرة لك فيها أجر وتلكَ فيها وزر.

 

لذلك اعرفوا كيف تكونُ العبادة حتى الدعاء يحتاج للعلم حتى الذكر يحتاج للعلم حتى الوضوء يحتاج للعلم ليست القضايا فوضى إنما العلم بالتعلم.

الرسول عليه الصلاة والسلام يقول [طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلّ مسلم] فهؤلاء الذي يظنونَ في أنفسِهم أنهم يذكرونَ اللهَ كثيرًا يطلعونَ يحَرِّفونَ كثيرًا.

 بعضُ العلماء كان يؤدِّب مَنْ يُسىءُ الأدبَ معَ اسمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فكيف بإساءةِ الأدبِ مع أسماءِ اللهِ عزّ وجل؟

فمَنْ أرادَ أنْ يذكر فلْيَذكرْ بالألفاظ الصحيحة ومَنْ أرادَ أنْ يدعوَ فلْيَدعُ بالدعاء الصحيح.

والله أعلم وأحكم