مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (61)
يقول فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني حفظه الله تعالى
قال رحمه الله رحمة واسعة: في الحديث الصحيح مَنْ يسأل اللهَ الشهادةَ صادقًا منْ قلبِهِ بلّغَه اللهُ منازلَ الشهداءِ وإنْ ماتَ على فراشِه. علّقوا قلوبَكم على طلب الشهادة.
)هنا نصيحةٌ مهمة أمرٌ عظيم يدلُّنا عليه الرسولُ صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم خلقِ الله لدينِ الله، وهو صلى الله عليه وسلم أرحم عبادِ اللهِ بخلقِ الله وهو يدلُّنا على النافع وعلى المفيد ويدُلُّنا على ما ينفعُنا في الدنيا والآخرة.
الآن في هذا الحديث الذي أوردَه الشيخ رحمه الله فيه فضيلةٌ عظيمة وللأسف الكثير من الناس اليوم من الرجال والنساء حتى ربّما من الدعاة نسُوا هذه الفضيلة أو غابَ عنْ ذهنِهم أنْ يَنْوُوا وأنْ يجزِموا وأنْ يعزِموا وأنْ يصمّموا في قلوبِهم صادقينَ مع اللهِ في طلبِ الشهادةِ من الله، لأنهم إنْ فعلوا ذلك وسألوا اللهَ الشهادةَ صادقينَ بلّغَهم منازلَ الشهداء وإنْ ماتوا على فُرشِهم.
فإذًا انظروا إلى هذه الفضيلة هل فيها جهد وتعب ودفع مال وصرف وقت وما شابه من المتاعب؟ لا، إنما الأمر يتعلق على نيتِك، يتعلق على أنْ تنويَ وأنْ تصمِّمَ وأنْ تكونَ صادقًا في ذلك وأنْ تسألَ اللهَ الشهادة، وأنك إنْ تمكنتَ تكون مدافعًا عنْ دينِ الله مجاهدًا في سبيلِ الله بجسدِك بمالكَ بلسانِك بعلمِكَ بجُهدِك بطاقتِك بما عندَك منْ قدرات وأنْ تصمِّمَ في قلبكَ على ذلك وأنّك تسألَ اللهَ أنْ يرزُقَكَ الشهادة، فإنْ لم تُقتَلْ في أرضِ المعركة ومِتَّ في البيت على الفراش اللهُ مِنْ عظيمِ فضلِهِ وكرمِه وجودِه وإحسانِه يُبلِّغُكَ منازلَ الشهداء.
ما معنى يبلّغكَ منازلَ الشهداء؟ يعني بصدقِ نيّتِكَ مع الله بطلبِك من الله وبتذلُّلِكَ إلى الله تطلب منه أنْ يرزقَكَ الشهادة يُعطيكَ منْ عظيمِ فضلِهِ ومنْ واسعِ خزائنِهِ ما يُشبه تلك المنزلة العالية العظيمة العالية جدًّا وهي مراتب الشهداء.
وقد تكلّمنا في دروسٍ سبقَتْ عن عظيمِ أجرِ الشهيد وما له في الجنة، وتكلّمْنا في درسٍ بتوَسُّعٍ عنْ أنواعِ الشهادات وتكلّمْنا بإسهاب وبتفصيل، لكن الآن الذي ينبغي التنبُّه له هو أنْ تطلبَ منَ الله أنْ تسألَ الله فلا تُغفِل هذه الفضيلة، ألسْنا ندعو اللهَ ونتذلّلُ إليه أنْ يغفرَ لنا؟ ألسنا نسألُ اللهَ وندعو اللهَ ونطلب من الله أنْ يرزقَنا الصحة العافية المال الأولاد خدمة الدين؟ ونسألهُ أيضًا أنْ يرزقَنا الشهادةَ في سبيلِه.
وكان منْ دعاءِ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، وعمر هو مَنْ تعرفون هذا الرجل العظيم الذي هو أحد العشَرة المبشرينَ في الجنة وقدْ وردَ في فضلِهِ الكثير، وعمر هو الذي بشّره الرسول صلى الله عليه وسلم ببشائرَ كثيرة مع ذلك من جملةِ ما كان يدعو ويسأل في دعائِه ويطلب من دعائه كان يقول “اللهم ارزقني شهادةً في سبيلِك في بلدِ نبيِّكَ”
هذا كان من دعاء عمر رضي الله عنه وأرضاه لِمَنْ يعرف كم في الشهادةِ من المنازلِ العالية ومنَ المراتب الكريمة ومن الدرجات الحسنَة السنّية التي مَنْ نالَها كان في خيرٍ ونِعمة وفي فضلٍ ورحمة وفي سَعةٍ من النعيم.
عمر هو أفضل البشر بعد الأنبياء وبعد أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما، انظروا إلى رتبتِه العظيمة العالية، هو مِنْ ساداتِ أولياء الله مُبشّرٌ بالجنة، خليفة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والملَك يتكلم على لسانِه وفيه البشائر والفضائل وكان يدعو بنيلِ الشهادة “اللهم بلّغْني شهادةً في سبيلِك في بلدِ نبيِّك” صلى الله عليه وسلم.
وعمر رضي الله عنه قُتلَ شهيدًا في بلدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
فالحاصل أنّ الإنسانَ المسلم إذا سألَ اللهَ الشهادة وطلبَ من الله الشهادة وكان صادقًا في ذلك فإنّ اللهَ يُبلِّغُه منازلَ الشهداء وإنْ مات في بيتِه على فراشِهِ وإنْ لم يُقتَل في أرض المعركة(
قال رحمه الله: ففي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم [مَن يسأل اللهَ الشهادةَ صادقًا منْ قلبِهِ بلّغَهُ اللهُ منازلَ الشهداءِ وإنْ ماتَ على فراشِه]
علِّقوا قلوبَكم على طلبِ الشهادة ( يعني واظبوا على ذلك وكونوا مُتشوِّقين على ذلك وكونوا ناوينَ دائمًا في قلوبِكم وسائلينَ اللهَ ذلك فإنكم وإنْ متّم في البيت ولم تُقتَلوا في أرضِ المعركة اللهُ منْ عظيمِ فضلِه وجودِه وإحسانِه يُبلّغُكم ما يُشبه مراتب الشهداء فلا تتركوا هذا الخير دائمًا كونوا جازمين عازمين ناوينَ صادقين في نيّاتِكم وفي طلبِكم وفي دعائِكم.
قال رحمه الله رحمة واسعة: كلُّ واحدٍ (الآن يُوَجِّه ينصح لأنّ هذا منْ جملةِ الخير، وأنت جالس في بيتِك في سيارتِك في المسجد في المصلى في زيارة أهلِك وأنتَ في مكانِ عملِك، في المدرسة أو في الجامعة تنوي هذه النية وهذا من جملةِ الخير وتبقى نيّتُك عامرةٌ بالخير وقلبُكَ ناويًا الخير عامرًا بالخير وعاقدًا النية في الخير)
قال: كلُّ واحدٍ لِيَنوي أنه يُقاتل في سبيلِ الله ليَموتَ شهيدًا لِيَستشْهِدَ في سبيلِ الله، كلُّ واحدٍ ينوي ذلك.
)يجزِم يعزِم يؤكّد يصمّم بلا توانٍ ولا تخاذل وليكنْ صادقًا مع الله في نيّتِه وفي طلبِه وفي سؤالِه(
وقال: ثم مَنْ كتبَ اللهُ له أنْ يموتَ شهيدًا منكم ماتَ شهيدًا.
)الغيبُ غيبٌ عنا نحنُ لا نعرفُ مَنْ يُقتَل شهيدًا في أرضِ المعركة ومَنْ يموتُ في بيتِه هذا غيبٌ عنا لكنْ الدعاء عبادة والدعاء خير وبركة وأجر، فهذا منْ جملةِ الدعاء الذي ينبغي على المؤمن أنْ يواظبَ عليه إنْ كان في الصلاة أو خارج الصلاة وهذا منْ تعليمِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم لأمتِه(
وقال رحمه الله: ثم مَنْ كتبَ اللهُ له أنْ يموتَ شهيدًا منكم ماتَ شهيدًا.
)يعني مَنْ كان سبَقَ في علمِ الله وفي تقديرِ اللهِ الأزلي له – أي لهذا الإنسان – أن يكونَ شهيدًا، يعني الله في الأزلِ قدَّرَ لفلان أنْ يكونَ شهيدًا فسيُقتَلُ شهيدًا ولنْ يتخلّفَ ذلك لأنّ تقديرَ اللهِ أزليٌّ أبدي لا يتغيّر، وعلمُ الله لا يتغيّر، علمٌ واحد شاملٌ لكلِّ الأشياء واللهُ علمُهُ لا يزيد ولا ينقُص ولا يتغير ولا يتطوّر ولا يتبدّل، وعلمُه شاملٌ لكلّ الأشياء جملةً وتفصيلًا واللهُ يعلم الأشياءَ قبلَ حصولِها ولا يتجدد له علم لأنّ الذي يتجدّد له علم مخلوق، ولأنّ الذي يتجدّد له علم قبلَ تجدّدِ هذا العلم له يكون جاهلًا بما سيحصل والجاهلُ لا يكونُ إلهًا، الجاهلُ ضعيف عاجز ناقص وهذه الصفة لا تجوز على الإله، إذًا علمُ اللهِ لا يتجدّد ولا يحدثُ شيئًا بعدَ شىءٍ بل هو علمٌ واحد، وعلمُهُ شامل لكلِّ المعلومات بلا استثناء فيعلم الواجب واجبًا ويعلم الممكن ممكنًا ويعلم المستحيل مستحيلًا.
وعلمُ اللهِ تعالى ليس كعلمِ المخلوقين، علمُ المخلوقِ مخلوق وعلمُ المخلوق يُحتاجُ فيه إلى قلب ودماغ وذاكرة ثم تحصيل علم ثم الإنسان قد ينسى قد يتذكر قد يزداد علمًا واللهُ قال في القرآن {واللهُ أخرَجَكمْ منْ بطونِ أمّهاتِكم لا تعلمونَ شيئا}[النحل/٧٨] هكذا المخلوق، أما الله عزّ وجلّ الخالق علمُه ليس كذلك قال في القرآن {وهو بكلِّ شىءٍ عليم}[البقرة/٢٩]
وعلمُ اللهِ شاملٌ للجزئيات، للأشياء الجزئية، والأشياء التفصيلية وللجملةِ والتفصيل. يعني هو عالمٌ بالأشياء جملةً وتفصيلًا فلا تخفى عليه خافية.
فمَنْ سبقَ في علمِ اللهِ أنه يكون شهيدًا فيكونُ شهيدًا، ولكنْ نحنُ لمْ نعلم الغيب ولم تطّلِع على الغيب فنرجو اللهَ وندعو الله ونسأل الله ونطلب من الله ونتذلّل لله إنْ كان في السجود في الصلاة خارجَ الصلاة ندعو دائمًا ونطلب من الله واللهُ يحبُّ منْ عبدِه أنْ يُكثِرَ من الطلبِ والدعاء لأنّ العبدَ إذا طلبَ منَ الله تذلّلَ له، وتذلّل المؤمن لربِّه عبادةٌ منَ المؤمن لربِّه، يعني فيها خير وأجر وثواب وبركة(
ثم قال رحمه الله: ثم مَنْ كتبَ اللهُ له أنْ يموتَ شهيدًا منكم مات شهيدًأ وقُتلَ شهيدًا ومَنْ لمْ يشأ (أي الله، يعني مَنْ لم يقدِّر الله له أنْ يكونَ شهيدًا فلا يكونُ شهيدًا. فلو لمْ يُقتَل شهيدًا في أرضِ المعركة يطلب ويدعو ويسأل وهو صادقٌ كما شرحْنا وبيّنا في المقدمة اللهُ يبلِّغُهُ منزلة قريبة منْ منازل الشهداء)
وقال: ومَنْ لم يشأ مَنْ لم يكتب اللهُ له أنْ يكونَ شهيدًا هذا لا يكونُ شهيدًا.
)الإنسانُ الذي ما قدّرَ اللهُ له أنْ يكونَ شهيدًا، الإنسانُ الذي ما كتبَ اللهُ له أنْ يكونَ شهيدًا فلا يكونُ شهيدًا يعني فلا يُقتلُ في أرضِ المعركة(
قال رحمه الله: منْ لم يكتب اللهُ له أنْ يموتَ شهيدًا هذا كتبَ اللهُ له أجر الشهيد.
)بدعائِه بسؤالِه بتذلّلِهِ وبطلبِهِ من الله مع الصدق كما بيّنا وشرحنا. يعني هو اللهُ ما كتبَ له أنْ يكونَ شهيدًا لكنْ ماذا كان يفعل هذا المسلم؟ يدعو يطلب يسأل وكان صادقًا وكان ناويًا جازمًا وعازِمًا مصمّمًا على طلبِ الشهادة ويدعو ويكرر هذا له أجر وثواب وخير، هذا ما كتب اللهُ له أنْ يكونَ شهيدًا لكنْ كتبَ اللهُ له أجرَ شهيد، يعني أجر يشبه أجر الشهيد(
وقال رحمه الله: المتمسك فيه – يعني في هذا الزمن الذي نحن فيه – بالدين كقابضٍ على جمر.
قال الإمام الهرري رضي الله عنه: هذا الزمانُ الذي أخبرَ الرسول بأنّ المتمسكَ فيه بالدين كقابضٍ على جمرٍ.
)لأنك بتمَسُّكِكَ وبالتزامِك بالدين سيَكثُر أعداؤُكَ وسيَكثُر مَنْ يُبغِضُكَ ومَنْ يُحاربُك ومَنْ يفتري عليك ومَنْ يكذب عليك ومَن يشوِّش عليك ومَنْ يُطلق الإشاعات والأكاذيب والأباطيل والأراجيف إما لأنك رأيتَه على باطل فنصَحْتَهُ فلم يقبَل فاتّخَذَكَ عدوًّا، رأيتَ منه الفساد نصَحْتَهُ فعاداكَ وأبغضَك، رأيتَ منه الظلم رأيتَ منه الفساد والكذب والخيانة والكفر نصحته لا يُعجبُه لأنه يريدُ منك أنْ تكونَ مُداهنًا له على فسادِه وعلى باطلِه ولمّا لمْ تكنْ مُداهنًا ولا معينًا له على الفساد ولا مُزَيِّنًا له للباطل ولم تُهيّئْ له أسبابَ الزنا وشرب الخمر والظلم والسرقة وأكل أموال الناس بالباطل بل منعتَهُ وتصَدّيْتَ له وجابَهْتَهُ ولو كان قريبًا لك، والعياذُ بالله يُعاديك ويحاربُك وربّما قتلكَ.
لذلك المُتمسّك بهذا الزمن الذي نحنُ فيه بالدين بالإسلام بالقرآنِ بالشريعة بالأحكام الإسلامية الشرعية هذا يصير كقابضٍ على جمرٍ منْ شدةِ ما يلْقَى من الناس من المحاربةِ والكيدِ والعياذُ بالله(.
قال رحمه الله: المتمسكُ فيه بالدين كقابضٍ على جمرٍ.
)الإنسانُ مهما كان قويَّ البُنية ومهما كان شديدَ الجسد ومهما كان مفتول العضلات فهل يستطيع بالعادة أنْ يُمسِكَ الجمرَ ويَبقى مُمسِكًا له مع الصعوبة والاحتراق والألم والأذى الذي يُصيبُه؟
انظروا إلى هذه الصعوبة، في شدةِ الصعوبة وفي شدة الأذى وفي شدةِ البلاء الذي يُصيبُكَ منْ أعدائِكَ لتَمَسُّكِكَ بالدين.
فالرسولُ صلى الله عليه وسلم يُشبِّه المتمسك بالدين لكثرةِ أعدائِهِ ومَنْ يُحاربُه ولكثرةِ مَنْ يُؤذيه بالإنسان القابض على جمرٍ كم يكون في هذا الأمر منْ شدةِ ألم ومن محاربةِ ومجاهدةِ النفس وكم يكون في ذلك منْ قوةِ الصبر والتحمّل.
فهذا درسٌ لنا وتوجيهٌ منْ سيّدِ العالمين صلى الله عليه وسلم للثباتِ على الحقّ المبين وإنْ عظُمَت التضحيات، درسٌ لنا وتوجيهٌ وتعليم وأمرٌ منْ سيّدِ الخلقِ محمد صلى الله عليه وسلم للثبات والبقاء والاستمرار على الحق مع كثرةِ الأعداء والألم والأذى والافتراء كالإنسانِ الذي يقبض على الجمر.
الرسولُ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُنا أنّ هذا الزمن لشدةِ الفسادِ الذي فيه يصير حال المسلم المؤمن المتُمسك بالدين كحالِ الإنسان القابض على جمر.
قال: يُعارضُكَ قريبُك، يمكن إذا رأيتَ منْ أخٍ لك من خال من عم من جَد من ابنٍ لك ما هو فسقٌ وفجور فنَهَيتَه عن ذلك، ربّما والعياذ بالله قام لإيذائِكَ ومحاربتِك.
فمثلًا قد يكون الأخ الأصغر متمسّكًا بالدين أكثر من الأخ الأكبر وهذا الأخ الأكبر كان تاركًا للصلاة كان شاربًا للخمر كان آكلًا للربا كان زانيًا، وهذا الأخ الأصغر يخافُ على أخيه جاء إليه نصحَه يا أخي أنا أحبك أخاف عليك هذه كبائر هذا فسق هذا فجور وأنت ضعيف لا طاقة لك بالنار لا طاقة لك على عذاب النار اتّقِ اللهِ وتبْ إلى الله، بعض الإخوة الكبار إذا رأوْا منْ إخوتِهم الذين هم أصغر منهم سنًّا هذه النصيحة وهذه المواجهة يصير يظلمُهُ ربّما ضربَهُ ربّما طردَه من البيت، وربما قلّبَ عليه الناس وربما حرّضَ عليه العائلة وربما كان سببًا في طردِه من العمل وربما منعه منْ إرثِ أبيه لأنّ الترِكة في يدِ الكبير، كلّ هذا سببُه أنّ الأصغرَ نصحَ الأكبر، حسبُنا الله ونعمَ الوكيل.
وكان يحصل منْ بعضِ الناس أنْ يقعوا في الكفر فيأتي أبناؤهم يقول يا أبي يا أمي أو يقول يا أخي يا عمي يا خالتي يا جدي يا جدتي هذه مسبة اللهِ كفر مسبة الرسول كفر مسبة الصلاة كفر كيف تجرُؤونَ على مسبةِ الله؟ تشهدوا، من شدةِ فسقِهم وفجورِهم وظلمِهم ينقِمونَ عليه ويقولون أنت تُكَفِّرُنا وهم سبّوا الله، لا يُرضيهم أنْ نصحَهم لا يُرضيهم أنه يخاف عليهم من النار ويريد لهم أنْ يرجِعوا إلى الإسلام بالشهادتين ليدخلوا الجنة.
يقول له يا أبي أنتَ شتَمْتَ الله أنا أخاف عليك من النار ارجعِ إلى الإسلامِ بالشهادتين قبل أنْ تموت لأنك إذا متَّ على الكفرِ دخلْتَ النار وإذا رجَعْتَ للإسلام وتشهدْتَ ومتَّ على الإسلام دخلتَ الجنة، ماذا يفعل هذا الأب الملعون الشيطان؟ يدور في الناس وفي المقاهي ويدور في الشوارع والدكاكين ويقول ابني يُكفِّرُني ولدي يُكفِّرُني، يقول له أنت خرجتَ مني وتُكفِّرُني؟
يا ملعون أنت شتمْتَ الله لو كنتَ أبوه لا يحقّ لك أنْ تسبَّ اللهَ يا شيطان تشتم الخالق تشتم الله الذي أوجدَك وأبدَعك وخلقَك؟ كنتَ معدومًا فأوْجَدَك تسبُّه تشتُمه؟ وهو الذي لو شاء لمسَخَك إلى قرد، وهو الذي لو شاء لمسخَكَ إلى حجر، وهو الذي لو شاء لمسخَكَ إلى خنزير.
هو الذي رزقك وأعطاكَ من النِّعم التي لا تعَدّ ولا تُحصى وأنتَ تسبّهُ وأنتَ تشتُمه؟ أليس قال سبحانه وتعالى {ولقد علمْتُم الذين اعْتَدَوا منكم في السبتِ فقلنا لهم كونوا قِرَدةً خآسئين}[البقرة/٦٥]
أليس في القرآن أنّ أناسًا منْ بني إسرائيل مُسِخوا إلى قردة وخنازير؟ أليس قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [يكونُ في أمتي خَسفٌ ومسخٌ وقذفٌ]؟
هو الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن لنا أنه يكون في أمتِه يعني ليس في الأمم السابقة فقط ليس في بني إسرائيل فقط، وقولُه حق وصدق.
ما هو المَسخ؟ أنْ تتحوّلَ صورة الأنسان من الصورة البشرية إلى صورة وهيئةِ قردٍ أو خنزير أو كلب أو حمار أو حجر أو ما شابه، نسألُ اللهَ السلامة نسأل الله النجاة والأمنَ والأمان.
فماذا يقول هذا الأب الشيطان الملعون الدجال؟ يقول ابني يكفّرُني.
أنت شتمْتَ الله، ابنُك ما قال لك سبّ الله قال لا تسبّ الله تشهّد ارجعْ للإسلام، خائفٌ عليك ينصحُك لماذا تزوّر وتحرّف وتبدّل وتفتري على ابنِك لماذا تظلمُهُ وتحرّض عليه العائلة والناس والجيران؟ وتقول لهم ابني يكفّرُني، أنت الكافر الملعون سببْتَ الله شتمتَ الله.
الله قال في القرآن {ولئِنْ سئلتَهم ليَقولُنَّ إنما كنا نخوضُ ونلعب قلْ أباللهِ وآياتِه ورسولِه كنتم تسنهزئون* لا تعتذروا قدْ كفرتم بعدَ إيمانِكم}[التوبة/٦٥-٦٦]
وقال تعالى {يحلفونَ بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمةَ الكفرِ وكفروا بعدَ إسلامِهم}[التوبة/٧٤]
وقال تعالى – والخطابُ للمسلمين – {ومَنْ يرْتَدِد منكم عنْ دينِهِ فيمُتْ وهو كافرٌ فأولئكَ حبِطَتْ أعمالُهم في الدنيا والآخرة}[البقرة/٢١٧]
وقال تعالى {إنَّ الذين آمنوا ثمّ كفروا}[النساء/١٣٧] يعني هناك من الناس مَن يكفر بعد الإيمان، والآيات كثيرة.
اللهُ يقول {ما يلفظُ منْ قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ}[ق/١٨]
فليسمع الأب الذي سبّ وشتم الله وجاء ولده لينصحه وهو خائف عليه بأدب ولطف، مع ذلك هذا الأب مِنْ تكبُّرِهِ وتعجرُفِهِ وانتفاخِه وفسقِهِ وفجورِه وظلمِه لا يقبَل، يصير يعتبر ابنه عدوَّه يحرّض عليه أهله وأعمامه وجيرانه وكأنّ هذا الولد الناصح المُشفق على أبيه يصير عدوّه اللدود، رأيتم كيف المتمسك بالدين يكثُر أعداؤُه؟
يرى مثلًا جيرانه لا يصلون التاجر يغش أو يحتال ينصحهم يصيرون يعادونَه ويحاربونَه ويظلمونه ويفترونَ عليه لأنه ينصحُهم.
طالب في الجامعة في قاعة المحاضرات قام الدكتور الملحد أنكرَ وجودَ الله قام هذا الطالب المسلم الطيب وقفَ في المحاضرة ودافعَ عنْ دينِ الله، مَنْ يعتبره عدوًّا لهم؟ الخبثاء والكافرون والفاسقون والجاهلون المحتالون الدجالون، يعتبرونَه عدوَّهم لأنه ردّ على الدكتور الملحد الذي أنكرَ وجودَ الله، أما لو بقي وصفّقَ للدكتور على الإلحاد كانوا أحبّوه ومدحوه ولكان صار صديقهم.
نحن بحاجة لشباب ولشابات في القاعات والمؤتمرات والمحاضرات في المدارس والثانويات والمعاهد والجامعات ليقفوا في المحاضرات ويدافعوا عن الإسلام، عن المسلمين ويدافعوا عن الدين لأنّ الفسادَ عمّ والكفرَ طمّ ولأنّ الجهلَ انتشر.
وقد ورد في الحديث الذي رواه السخاوي في أشراط الساعة الصغرى أنّ منْ علامات الساعة الصغرى أنْ يُرفَعَ العلم وأنْ يُوضَعَ الجهل.
ويا سعدَنا ويا عزّنا ويا شرَفَنا بالإسلام وبالقرآن وبدينِنا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم.
كم هو عظيمٌ أنْ يقومَ شابّ أو شابة في قاعةِ المحاضراتِ والمؤتمرات وأنْ يُدافعا عن دينِ اللهِ تعالى وأنْ يدافعا عن القرآنِ والإسلام، كهذا الطالب السوداني رحمه الله وغفر له قام في محاضرةٍ في الجامعة، دكتور خبيث ملحد زنديق لا يُساوي بصلة ولا قشرتها يطعن في الإسلام قال الخبيث النجس في المحاضرة: المسلمون في الماضي ما كان عندَهم حنفيات وماء وكانوا وسخين لهذا الأمر كانوا يتوضؤون خمس مرات لينزعوا الوسخ عن أبدانِهم، هذا الدكتور المحاضر الملحد.
طالب سوداني في المحاضرة صادق مع الله مخلص لله الإيمان في قلبِه حرّكَه ليقف ويدافع عن الإسلام، ما فكّر بالدكتور المحاضر وأنه سيضع له صفرًا ويطردُه من المحاضرة ولا بالجامعة ولا بالإدارة، كل هذا ما أثّرَ في الطالب رفع يدَه قال له دكتور كم مرة تغسل وجهَك في اليوم؟ قال له مرة واحدة لما أستيقظ، قال له نحن المسلمون نغسل رجلينا للوضوء خمس مرات في اليوم فرجلين المسلمين أنظف منْ وجهِك يا دكتور.
هذا الطالب بكّتَ هذا الدكتور الملحد الزنديق الذي يعتبر الإسلام وسخ والوضوء خمس مرات لينزع المسلمين الوسخ عنْ أبدانِهم.
وهكذا لما اليوم نرى طالبًا في الجامعة شاب صغير أنا أعرفُه امرأة دكتورة في المحاضرة قالت للطلاب ما في إله هذا العالم هكذا وأنت تنوي بقلبِك الشىء الذي تريده تحصل عليه، ماذا قال لها هذا الطالب الصغير في السن لكنْ كبير في القدْر والعلم؟
قال لها يا دكتورة أنتِ تقولين الإنسان ينوي بقلبِه الشىء الذي يريده يحصل عليه ولا ربّ ولا خالق لهذا الكون بزعمِك، إذا كان هكذا لماذا أنتِ تتعبينَ وتأتينَ إلى الجامعة وتعملين المحاضرات وتلتزمين بالأوقات وتقعدين في الطريق وبالزحمة لماذا لا تبقين في بيتِك ويأتيكِ المعاش كل آخر شهر؟ ولنرى المعاش إنْ أتى لعندِك.
ما هذه الدجالة؟ ما هذه الملحدة؟ ما هذه الزنديقة؟ تريد أنْ تعلّم الطلاب أْن لا ربّ ولا إله ولا خالقَ للكون، لعنة اللهِ عليها.
صار بعض الدكاترة في الجامعات يعلمون الإلحاد والزندقة والكفر والتعطيل ويعلمون الرذيلة والفساد.
قالت لهم الدكتورة الإنسان حر يعمل ما يريد ليس هناك شىء اسمه حلال ولا حرام.
طالب ردّ عليها قال لها: يعني إذا جاءت ابنتُكِ لعندِك وقالت لك أنا أريدُ أنْ أنامَ معك هل يمشي الحال؟ قالت له ييي عليك.
هؤلاء بهائم باسم دكتور أو باسمِ دكتورة، هؤلاء بهائم بثياب البشر يعلّمون الإلحاد والزندقة والكفر والضلال ثم يقولون حكى عليّ وقال لي أنت كافر، أنت سببْت رب العالمين وابنك أتى لنصحِك وما قبلتَ منه فاعتبرته عدوّك وحاربته وكذبت عليه وافتريتَ عليه وطردته من بيتك، لأجلِ هذا صار المتمسكُ بالدين الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أعداؤُه كثُر.
أين يذهب الواحد أين يمشي مع مَنْ يعمل مع مَنْ يقعد؟ لِيَتّقِ الله أينما كان وحيثُ كان ولا يَعبَأ بهؤلاء البهائم الذين ينشرون الإلحاد والرذيلة والكفر والجهل ويريدونَها والعياذ بالله عيشةً بهائمية، كهذه الخسيسة الوضيعة التي طلعَتْ في بعض المواقع وكأنها ضبعة أو كأنها ثعلبٌ تتكلم بتوحّش وتقول نحن لو فتَحْنا البارات والكارخاتات في مكةَ والمدينة أنتم لا علاقةَ لكم بنا.
هذه ما تستحي؟ بأيّ وقاحة بأيّ وجهٍ تتكلم؟ انظروا إلى الزمن الذي وصلْنا إليه، صارت الوقحة المُتَبَجِّحة تريد أنْ تحاربَ أصحابَ الأدب والأخلاق منْ أهلِ الحجاز منْ أهلِ مكة والمدينة ومن المسلمين في مكة والمدينة وتقول لو فتحنْا البارات والكارخانات ليس لكم علاقة فينا ولا دخلَ لكم فينا.
منْ قال لكِ أنّ مكة والمدينة ملككِ وملك أبيك يا خبيثة يا جاهلة؟
إذا كنتِ تريدينَ أنْ تعملي بارًا وكارخانة وفسادًا ودعارة وقذارة وحقارة كل مسلم له أنْ يعترض لو ليس منْ أهلِ الحجاز، كل مسلم له أنْ يُنكِرَ عليك يا قذرة يا صغيرة يا حقيرة لأنّ اللهَ قال {تأمرونَ بالمعروف وتنْهَوْنَ عن المنكر}[آل عمران/١١٠]
المسئلة ليست مسئلة جنسية أو مكة والمدينة والسعودية ولبنان فرنسا وأمريكا والسودان وباكستان والهند وبنغلادش، ليست أستراليا وسويسرا، المسئلة مسئلة مسلم ودين وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، اللهُ ما قال في القرآن الكريم كل أهل ناحية وبلد لهم أنْ يفعلوا ما يشاءونَ من المنكرات والقبائح والرذالات لا، بل قال {كنتم خيرَ أمةٍ أُخرِجَتْ للناس تأمرونَ بالمعروفِ وتنهَوْنَ عن المنكر وتؤمنونَ بالله}[آل عمران/١١٠]
إذًا نحن نتكلم عن ناحيةٍ معيّنة وهي مسئلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة وبالموعظةِ الحسنة وبدونِ فساد ولا إفساد وبدونِ تخريبٍ ولا دمار، لأنّ الذي يُخرّب ويدمّر ويُفسِد باسمِ النصيحة هذا أيضًا غيرُ مقبول وغيرُ مسموحٍ به، بل كما أمرَ القرآن بالحكمة بالموعظة الحسنة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم [إنّ اللهَ يُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العنف] وقال [ما كانَ الحِلمُ في شىءٍ إلا زانَهُ وما كان العنفُ في شىءٍ إلا شانَه]
وكلامي عنْ مسئلة إنكارِ المُنكَرات منْ كفرٍ وإلحادٍ وتعطيل من إباحةِ الزنا والفساد والرذيلة وأنّنا إذا نصَحْنا وبيّنا بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة بالدليل والعلم كثُرَ الأعداء وتكالبوا وحاربوا الناصحَ لهم المُشفقَ عليهم مِنْ هنا قال صلى الله عليه وسلم [المتمسِّكُ فيه بالدينِ كقابضٍ على جمرٍ]
يعني هذا زمان يأتي على الناس القابض فيه على الدين كقابضٍ على جمر لأنّه بتمسُّكِهِ بالدين وبدعوتِهِ إلى الدين وبدعوتِه إلى التمسك بالشريعة يكثُر أعداؤُه ويتكالبونَ عليه ويحاربونَه.
إخواني وأخواتي، تمسّكوا بالدين واعتزّوا بذلك لوْ كثُرَ الأعداء ولوْ تكالبَ المُتكالِبون، نحنُ قومٌ أعزّنا اللهُ بالإسلام وإن ابْتَغَيْنا العزّةَ بغيرِه أذَلَّنا الله.