مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (50)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على سيّدِنا محمدٍ رسولِ الله وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه ومَنْ والاه
(صحيفة 184)
يقول الشيخ جميل حليم الحسيني حفظه اللهُ تعالى
وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: إخواني اغتنِموا الخير بدعوةِ الناس وتنشيطِهم لحضورِ مجالس العلمِ والذكر يكُنْ لكمْ أجورُكُم وأجورُ مَنْ تجُرّونَهُ إلى هذا الخير وفي ذلك مكافحةُ الكفرِ والضلال لأنّ كثيرًا منَ الناسِ اليوم لا يعرفونَ خالقَهم إنما يقولونَ بألسِنتِهم لا إله إلا الله، ظهرَ منَ الناس مَنْ يقول إنَّ اللهَ ذَكرٌ والمطرُ بولُهُ، ظهرَ هذا في سوريا ولبنان وهم يظنّونَ بأنفسِهم أنهم مسلمين.
لا يكفي أنْ يكونَ الشخصُ وُلِدَ منْ أبوَيْنِ مسلمَيْن وأنتم تعلمونَ أنهم لا يتَلَقَّوْنَ في مدارسِهم العقيدة تفهُّمًا ولا آباؤُهم يُعلِّمونَهم أي الأغلب لا يُعلِّمونَ أبناءهم العقيدة.
بذلُ الجُهدِ في جرِّ الناسِ إلى تعلُّمِ هذه العقيدة منْ أفرضِ الفروض والواجبات والقُرُبات إلى الله.
(عندَ قولِهِ رحمه اللهُ تعالى “لا يعرفونَ خالقَهم” قد الواحد يسأل ويتعجب ويستغرب كيف يُقال عن هؤلاء الناس لا يعرفونَ خالقَهم؟
فالكلام عمّنْ لا يعرفونَ العقيدةَ الإسلامية ولا يميِّزونَ الخالق منَ المخلوق. كالذي يقول والعياذُ باللهِ زوجةَ ربِّك، يكون بينَهُ وبينَ آخَر مثلًا اقتتال أو هذا يسبُّ هذا وهذا يشتمُ هذا يصلُ الأمر ببعضِهم يقول كذا وكذا بزوجةِ ربِّك، هذا لا يعرفُ الله لا يعرفُ خالقَهُ، وإن ادّعى الإسلام ليس منَ المسلمين، بل لو قال بلسانِهِ كلّ يوم ألف لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله هو من الكافرين، لأنه نسبَ للهِ الزوجة، هذا ما عرفَ الله، جعلَ اللهَ مثلَنا مُشابِهًا لخلقِهِ، فعنْ هؤلاءِ يقول الشيخ ما عرفوا خالقَهم.
فهذا الذي يقول كذا وكذا بزوجةِ ربِّك أو التي تقول لابنتِها اسكتي يا ابنةَ الله أو يقول لابنِهِ يا ابنَ الله، هؤلاء نعم ما عرَفوا خالِقَهم ما عرَفوا التوحيد ما عرَفوا الإيمان ما عرَفوا الإسلام.
فلو تشهّدوا بألسِنتِهم ولو قرأوا القرآن وحفظوهُ عنْ ظهرِ قلب ما عرفوا خالقَهم، لو قرأوا القرآنَ كلّ يومٍ ختمة ما عرَفوا الله بل كما قال سيّدُنا أنس رضي الله عنه وأرضاه “رُبَّ تالٍ للقرآن والقرآنُ يلْعَنهُ” وهؤلاء منهم مَنْ يقرأ القرآن ثم يقول يا ابنَ الله يا ابنةَ الله زوجةَ ربِّكَ، هؤلاء كفار لو قرأوا القرءان وحفظوا القرءان ولو تشهّدوا جعلوا اللهَ مخلوقًا شبّهوهُ بالأزواج، فهؤلاءِ كفروا بربِّهم بخالقِهم.
كذلك الذي يقول للآخر ربُّكَ لا يقدِر عليّ أو الذي يقول والعياذُ بالله تعالى اللهُ ضوء أو الله يسكن السماء أو الله يجلس على العرش، نعم هؤلاء ما عرَفوا اللهَ ما عرَفوا خالقَهم.
هذا الذي يعتقدُ أنّ اللهَ هو الغيم أو أنّ اللهَ هواء انتشرَ في الفضاء أو أنَّ اللهَ تعالى هو هذه السماء الزرقاء أو أنّ اللهَ قاعدٌ جالسٌ في الجنة أو أنَّ اللهَ حلَّ في قلوبِ الأولياء والأنبياء أو أنَّ اللهَ يسكنُ في الكعبة أو أنّ الله يتنقل في المساجد أو على سطحِ الكعبة، كلّ هؤلاء ما عرَفوا الله، الذي يقول والعياذُ بالله عنْ ربِّ العالمين قاعد جالس جسم جسد شكل صورة هيئة له إحساس له شعور يتلذذ يتألم أب ابن له زوجة كلّ هؤلاء ما عَرفوا اللهَ ولا عبرةَ بهم ولا بمَنْ نفَى عنهم الكفر لأنهم في الواقع والحقيقة كذّبوا قولَ اللهِ {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤]
كذّبوا قولَ اللهِ {ليس كمثلِهِ شىء}[الشورى/١١] كذّبوا قولَ اللهِ {هل تعلمُ له سميًّا}[مريم/٦٥] كذّبوا قولَ اللهِ في القرآنِ الكريم {فلا تضربوا لله الأمثال}[النحل/٧٤] كمْ وكمْ منَ الناسِ اليوم ينسبونَ لله الجهل والعجز والمكان والقعود هؤلاء ما عرَفوا الله ولو ادّعَوا الإسلام ولو تسَمَّوا بأسماءِ المسلمين ولو جاءوا بصورة الصيام والصلاة والزكاةِ والحج.
يُروى في بعضِ الأخبار والروايات أنه قيل يا رسولَ الله أيُّ الأعمالِ أفضل؟ قال: العلمُ بالله، قيلَ له أيُّ العلم تريد؟ قال: العلمُ باللهِ سبحانه، فقيلَ يا رسولَ الله نسأل عن العمل فتُجيب عن العلم؟ قال: وإنَّ قليلًا منَ العملِ مع العلمِ باللهِ ينفع وإنَّ كثيرًا منَ العمل مع الجهلِ باللهِ لا ينفع.
أليس هو صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما روى عنه السيوطي والحافظ عبد الرؤوف المُناوي
[أبَى اللهُ – وفي لفظِ لا يقبل – عملَ ذي بدعةٍ حتى يدَعَ بدعَتَه] فالذي عندَهُ عقائد كفرية أقوال كفرية أعمال كفرية هذا لو انتسبَ للإسلام ما عرَف الله ولا تصحّ منه العبادات ولا الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا الطاعات ولا الحسنات.
هذا في التعليق على قولِهِ “ما عرَفوا خالقَهم” وأما في قولِه رحمه الله هذا حصلَ في سوريا حصل في لبنان هذا معناه حصل منْ بعضِ الأفراد، فهنا لا يتكلم عنْ كلِّ أهلِ لبنان على الإطلاق ولا يتكلم عن كلّ أهلِ سوريا على الإطلاق لا، فكما أنّ في سوريا أولياء وعلماء وصُلَحاء فيها أيضًا غير ذلك، وبعض الأفراد ظهرَتْ منهم هذه العبارات، وهكذا في لبنان يوجَد علماء يوجَد أتقياء يوجَد صلَحاء وفيهم غير ذلك، وبعضُ الناس ظهرَ منهم إنه ذكر وأنّ هذا على زعمهم والعياذُ بالله عن المطر هو بولُهُ وهذا منْ أصرحِ الصريحِ في الكفر، هذا حصل في عدةِ قرى في عدة محافظاتِ حصل إنْ كان في لبنان أو خارج لبنان.
فهؤلاء ماذا يعرفونَ عنْ ربّهم ماذا يعرفونَ عنْ خالقِهم ماذا يعرفونَ عن الإسلام ماذا يعرفونَ عن القرآن ماذا يعرفونَ عن التوحيد؟ ماذا يعرفونَ عن الإسلام؟ ماذا يعرفونَ عن عقيدةِ الأنبياء؟ ما الفرق بينَهم وبينَ عبّادِ الصنم؟ وما الفرق بينهم وبين عُبادِ الأشخاص؟ ما الفرقُ بينهم وبينَ عبّادِ المخلوقين؟
إذًا الذي يقول عن الله أنه رجل ذكر هذا ما عرفَ اللهَ عزّ وجلّ.
واحدة أخبرَتْنا وأخوها أيضًا أخبرَنا عن قريبةٍ لهم كانت بزعمِها تتهجّد وتختم القرآن، عندما اعتُرِضَ عليها وقيل لها يا عمتي لا تقولي هذه الكلمة هذا كفرٌ صريح كيف تنسبونَ للهِ تعالى العضو؟ قالت هو ما لهُ هذا الشىء؟
انظروا هذه بزعمِها تتهجد في الليل، لها أقرباء هنا في بيروت في الطريق الجديدة ولها أقرباء في الزبداني وفي بلودان.
هذه ماذا ينفعُها انتسابُها للإسلام؟ تقوم بالليل بزعمِها تتهجد وتختم القرآن، القرآنُ يلعنُها، هذه لو ادّعَت الإسلام.
عرَفتُم عمَّنْ يقول “ما عرَفوا خالقَهم”؟ عن هؤلاء وعن أشباهِهم مَنْ حصلَ منهم الكفر ليس عن المسلمين المؤمنين، وعندما قال حصلَ في لبنان حصل في سوريا معناه من بعضِ الأفراد ليس منْ كلِّ أهلِ لبنان وليس منْ كلِّ أهلِ سوريا.
أليس في لبنان مَنْ يسبُّ اللهَ في الشارع؟ هل كلّ أهلِ لبنان يسبّونَ الله؟ لا، أليس في سوريا في الشارع مَنْ يسبُّ الله؟ هل كلّ أهلِ سوريا يسبونَ الله؟ حاشى، هذا الخبيث هو سبَّ اللهَ البقية ليس لهم دخلٌ فيه ولا علاقةَ لهم بل هم براءٌ منه ومِنْ هذا الذي هنا.
إذًا هذا ليس منَ المسلمين ولو ادّعى الإسلام ولو انتسبَ للإسلام.
الإنسان كيف يكونُ قريبًا منَ الله القرب المعنوي؟ بالإسلام بالإيمان بالطاعات بالعبادات، أما مَنْ كانَ على الكفر لا يكونُ قريبًا منَ الله ولا تُقبَل منه الطاعات ولا العبادات ولا الحسنات.
هذا معنى ما قالَهُ “والقرباتِ إلى الله” القرُبات معناه الأشياء التي تقرِّب إلى الله يعني الطاعات العبادات الحسنات، “والقُرب” يعني القرب المعنوي، أما القرب الحسيّ القرب المسافي القرب المكاني هذا مستحيلٌ على الله، هذا لا يجوزُ على الله، هذا منْ صفةِ الأجسام من صفة المخلوقين. يعني أنا مثلًا الآن قريبٌ منْ هذا الكتاب جدًّا حتى إنّ يدي عليه فهذه مسافةٌ بيني وبينَهُ قريبة، أما هذه الآلة التي تنقل الدرس الآن وتصوِّرُهُ هي أبعد عني منَ الكتاب، هذه أيضًا بالمسافة.
فالقرب بالمسافة والبعد بالمسافة هي صفة الأجسام أما الله ليس جسمًا ليس حجمًا ليس جسدًا ليس كميةً فلا يوصَف بالقرب المسافي ولا بالبعد المسافي، لا يوصَف بالقرب المكاني ولا بالبعدِ المكاني وإلا لصارَ كالأجسام لو كان يتصف بالقرب والبعد بالمسافة والمكان والحسّ لصارَ مثلَنا يعني لكانَ مخلوقًا وهذا كلُّهُ مستحيل على الله.
فربُّنا سبحانه لا يُشبهُ شيئًا منْ كلِّ خلقِه لا الأشياء الكثيفة ولا الأشياء اللطيفة.
الأشياء الكثيفة هي ما يُضبَطُ باليد، الأشياء الأحجام الأجسام الكثيفة ما يُضبَطُ باليد، كهذا مثلًا أنا جسم كثيف أُضبَطُ باليد، هذا الثوب جسمٌ كثيف يُضبَطُ باليد، هذه النظارات هذا الكرسي هذه الطاولة هذه المكتبة هذا البساط هذا يُقال له جسمٌ كثيف، كذلك الأرض الجبل الشجر الحجر يقال له جسمٌ كثيف، حتى الشمس جسمٌ كثيف لكنْ ضوؤُها جسمٌ لطيف، حتى القمر هو جسمٌ كثيف لكنْ ضوؤهُ جسمٌ لطيف، كيف؟
قد يستغرب البعض كيف تقول الشمس جسمٌ كثيف أو القمر جسمٌ كثيف؟
مثلًا هذه اللمبة هذا الحجم الذي هو الزجاج وما معها منْ أدوات مثل الحديد والشرائط التي تُمَدَّد وتتصل بها هذه كلّها يقال لها جسمٌ كثيف ينضبط باليد، الزجاج مثلًا الذي في اللمبة جسم كثيف الشريط جسم كثيف التنك والحديد جسم كثيف، لكنْ الضوء الذي ينبعث من اللمبة جسمٌ لطيف لا يُضبَطُ باليد.
هكذا الشمس والقمر والنجوم هي أجسامٌ كثيفة لكنْ ضوؤُها جسمٌ لطيف لا ينضبط باليد.
لهذا قلنا الشمس والنجوم والقمر أجسام كثيفة والأجسام اللطيفة ما لا ينضبط باليد،
النفَس حجم لطيف، الظل الخَيال حجمٌ لطيف لا ينضبطُ باليد، الروح جسمٌ لطيف، الملائكة في أصلِ خِلقتِهم، الجنّ عندَما صار متشَكِّلًا هذا الجسد المتشكّل أمامَنا هذا اسمُهُ جسمٌ كثيف.
أليس في بعضِ الأحاديث أنّ صحابيًّا إنْ كان عنْ أبي هريرة أو عن غيرِهِ أمسكَهُ أو حبسَهُ أو جاءَ به، لأنّه جاءَ متشكِّلًا، هذا الجسم اسمُهُ جسم لطيف أما هم في أصلِ خِلقتِهم خُلِقوا منْ نار.
أما النار عند علماءِ التوحيد عند علماء العقيدة يقال لها جسمٌ كثيف لأنها تُحاذُ باليد وإنْ كان بعدَ ذلك تتلاشى، كالماء. الماء أيضًا عند علماء العقيدة انتبهوا نُقيِّد، يقولون جسم كثيف لأنه يؤخَذُ باليد وإنْ كان بعدَ ذلك يَنساب بين الأصابع ويذهب.
فالحاصل الأحجام الكثيفة والأحجام اللطيفة كلُّها خَلقٌ لله والدليل النقلي السمعي على ذلك هذه الآية منْ أولِ سورةِ الأنعام، قال الله عز وجل {الحمدُ لله الذي خلقَ السمواتِ والأرض وجعلَ الظلماتِ والنور}[الأنعام/١] هذه الآية الواحدة ذكرَتْ أنّ الله خلقَ الأجسامَ الكثيفة السموات والأرض والنور والظلام أجسامٌ لطيفة الله خالقُها، فخالقُ الأجسامِ اللطيفة والكثيفة لا يُشبهُها وهو الله عز وجل.
الله لا يشبه شيئًا منْ كلّ خلقِهِ بالمرة ولا بصفةٍ واحدة ولا بأيّ وجهٍ منَ الوجوه. كم وكم منَ الناس اليوم في ما يبدو أنّهم ينتسبونَ للإسلام لكنْ يعتقدونَ عقائد تكذّب الإسلام كالذي يعتقد أنّ اللهَ ساكن أو متحرّك يتحرّك ثم يسكن، هذا ليس منَ المسلمين، لأنّ الحركة والسكون صفة الأجسام اللهُ هو خالقُ الحركات والسكنات، قال في القرآن {قل اللهُ خالقُ كلِّ شىء}[الرعد/١٦] الحركة شىءٌ أم لا؟ بلى، مَنْ خالقُها؟ الله والخالقُ لا يشبه المخلوق.
السكون شىءٌ أم لا؟ بلى، الله قال في القرآن {ولهُ ما سكن في الليلِ والنهار}[الأنعام/١٣] هناك آية ثالثة {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}[يس/٤٠] الليل والنهار والشمس والقمر هذه لها مدار ومسار ولها حركة هذه الحركة وُجِدَتْ بخلقِ الله.
إذًا لاحظوا بمجموعِ هذه الآيات الله هو خالقُ المتُحرِّكاتِ في الليل والنهار والخالقُ لا يشبهُ المخلوق.
ربُّنا منزّهٌ عن الحركة الدائمة ومنزّهٌ عن السكونِ الدائم ومنزّهٌ عن السكونِ بعدَ حركة وعن الحركة بعدَ سكون كلّ هذا لا يجوزُ على الله، لأنهُ لو اتّصفَ بواحدةٍ منْ هذه الصفات لكان كخلقِهِ ولو كان كخلقِهِ ما كان خالقًا لهم، وبما أنّ العالمَ موجود فخالقُهُ لا يُشبهُهُ يعني هو الله سبحانه الذي لا يتّصفُ بالحركة ولا بالسكون ولا بالقربِ المكاني ولا بالبعدِ المسافي ولا بالحسِّ ولا بالمسافة ولا بالمكان ولا شبيهَ له بالمرة.
وهذا العالم كلُّه في الحركة والسكون على ثلاثةِ أحوال. هذا العالم كلُّه منذُ خلقَهُ الله إلى أنْ ينتهي ويفْنى هو في الحركة والسكون على ثلاثةِ أحوال، قسمٌ منْ هذا العالم في حركةٍ دائمة وهي النجوم، هي في حركةٍ دائمة لكنْ في النهار لا تُرى ولا تُرى هذه الحركة أما في الليل وفي الظلمة تُرى النجوم وبعض النجوم تُرى حركَتُها أيضًا.
يعني مثلًا نجمة القطب الشمالي ونجمة القطب الجنوبي لو أنّ إنسانًا راقبَهما في الليل في الظلمةِ الشديدة ولا يكون يوجَد أضواء حولَهُ يرى أنّ هذه النجمة مع أنها لا تنتقل لمسافاتٍ بعيدة كبعضِ النجوم إنما هي في موْضِعِها تتحرّك ضمن مِساحة لها نزولًا وصعودًا مع عدمِ الانتقالِ إلى مسافاتٍ بعيدة، لكنْ هناك نجومٌ مثل 28 نجمة عند العشاء تُرى في المغرب عند الفجر تكون صارت في المشرق، حركتُها سريعة جدًّا.
الذي درس علمَ الفلَك وراقبَ وعاينَ النجوم ومواقع النجوم وحركة النجوم يعرف هذا.
أما الذي لا يلاحظ ولا يراقب لا ينتبه أنّ بعضَ النجومِ لها حركة، بعض النجوم لها حركة وسريعة وبعض النجوم لها حركة وبطيئة.
النجوم منذُ خلقَها الله هي في حركة لكنْ بعضُها حركتُها سريع وبعضُها حركتُهُ بطىءٌ جدًّا.
إذًا هذا قسمٌ منَ العالم حركتُهُ دائمة وقسمٌ منَ العالم في سكونٍ دائم وهو قسمٌ كبير ضخم جدًّا وهو العرش، العرش المجيد منذُ خلقَهُ الله وهو في سكونٍ دائم لا يضطرب كالأرض ولا تحصُل فيه الزلازل كالأرض لا، إنما هو ثابتٌ بقدرةِ الله، اللهُ بقدرتِهِ يحفظُهُ لا يقع لا يضطرب لا يتزلزل.
إذا شخصٌ سألَك ما معنى الحديث الصحيح [اهتزّ العرش لقدومِ روحِ سعد] هذا له تأويل عند العلماء. بعضُ العلماء قال اهتزّ العرش هذا بمعنى فرح ملائكة العرش الذين يحملونَهُ ويمسِكونَهُ بقدومِ روحِ سعد فهذا الأمر يكون فعلٌ حصلَ في الملائكة وليس في ذاتِ العرش، هذا على قول، وعلى قول بعضِ العلماء أنهُ لا يُستَبْعَد أنْ يكونَ تلكَ المرة حصلتْ في العرشِ حركة بقدرةِ الله، اللهُ قادرٌ على ذلك لا يُعجِزُه شىء، وهذا لإظهارِ عظيمِ قدرِ شرفِ سعد رضي الله عنه وأرضاه.
سعد بن مُعاذ هذا كان من الأبطال المجاهدين الشهداء الأولياء رضي الله عنه. هذا مؤوَّل وبعضُ العلماء قال يجوز أنْ يحصلَ له حركة تلك المرة وهذا بالنسبة لباقي الأوقات العرشُ يكونُ ساكنًا.
فإذًا العرشُ هو في سكونٍ دائم منذُ خلقَهُ اللهُ عزّ وجل.
القسمُ الثالث منَ العالم الإنس والجنّ الملائكة والبهائم وأوراق الشجر وقطرَات الماء وحبات الرمال كلّ هذه المخلوقات وهناك أشياء بعد تتحركُ مرةً وتسكُنُ مرةً أخرى.
لو كان اللهُ في حركةٍ دائمة لكانَ كالنجوم ولو كانَ كالنجوم لا يكونُ إلهًا ولا خالقًا ولا مُوجِدًا للعالم. إذًا هو لا يتّصف بالحركةِ الدائمة.
فإذًا لو كان في حركةٍ دائمة لكان له تلكَ الأمثال وهي النجوم وهذا لا يجوزُ على الله.
ولو كان في سكونٍ دائمٍ لكان كالعرش وهذا لا يجوزُ على الله، ولوْ كان يتحرّك مرةً ويسكنُ مرةً أو يسكن بعدَ حركة أو يتحرّك بعدَ سكون لكانَ كالإنس والجنّ والملائكة والبهائم وقطرات الماء وورقات الشجر وحبات الرمال والحصى والحجارة وهذا كلُّه لا يجوزُ على الله.
إذًا الله لا في سكونٍ دائم ولا في حركة دائمة ولا في سكونٍ بعدَ حركة ولا في حركةٍ بعدَ سكون لأنه لا شبيهَ ولا مثيلَ له {ولهُ ما سكنَ في الليل والنهار}[الأنعام/١٣] {وكلٌّ في فلكٍ يسبَحون}[يس/٤٠]
{قل اللهُ خالقُ كلِّ شىء}[الرعد/١٦] إذًا ربُّنا لا شبيهَ له هو منَزَّهٌ عن صفاتِ المخلوقين منْ حركاتٍ وسكنات واتصال وانفصال وإحساس ولذة وألم وتغيّر وتطوّر وتبدّل وجثّة وجسم وصورة وهيئة وكيفية وكمية وأينية وقعود وجلوس وغير ذلك منْ صفاتِ المخلوقين كلُّهُ لا يجوزُ على الله، قال ربُّنا في القرآن {ليس كمثلِهِ شىء}[الشورى/١١] وقال سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [لا فكرةَ في الرب]
وقال أبو منصور البغدادي رضي الله عنه وأرضاه “وأجمعوا على أنَّ خالقَ الكونِ لا حدَّ له ولا نهاية” “وأجمعوا على أنه لا يحويهِ مكان ولا يجري عليه زمان”
وقال سيّدُنا الشافعي “المُجسِّمُ كافر” وقال سيّدُنا الشافعي “مَن اعتقدَ أنّ اللهَ جالسٌ على العرشِ فهو كافر” هذا الذي عليه السلفُ والخلفُ وعلماءِ الإسلام منْ أشاعرة وماتريدية وهذا الذي عليه القرآنُ والحديثُ والإجماع.
إذًا القرب الحسي والبُعد الحسي، القرب في المكان والبُعد في المكان صفة الأجسام اللهُ ليس جسمًا فلا يتّصِف بشىءٍ منْ ذلك إنما يُقال قُربٌ معنوي بعدٌ معنوي.
تقول الأنبياء والأولياء قريبون منَ الله، القرب المعنوي، يحبُّهم راضٍ عنهم يُكرِمُهُم ينتقم لهم منْ أعدائهم.
تقول الكافر بعيدٌ منَ الله، البعد المعنوي لا يحبُّه هو عدوُّهُ ينتقم منه يُخَلِّدُهُ في النار إذا مات على الكفر، هذا معنى القرب المعنوي والبعد المعنوي.
أما القرب بالمكان والمسافة وبالحسّ هذه صفة المخلوقين صفة الأجرامِ والأجسام مَنْ وصفَ اللهَ بها أو بشىءٍ منْ صفاتِ المخلوقين فليس منَ المسلمين.
قال سيّدُنا الطحاويُّ رحمه الله ناقلًا الإجماع في ذلك “ومَنْ وصفَ اللهَ بمعنًى منْ معاني البشر فقد كفر”).
ملاحظة: هذا الحديث [أبَى اللهُ أنْ يقبَلَ عملَ ذي بدعةٍ حتى يدَعَ بدعتَهُ] رواه الحافظ السيوطي وعبد الرؤوف المُناوي ومعناه أنّ مَنْ وصلَ إلى عقيدةٍ كفرية إلى اعتقاد يكذّب الدين ويكذّب الإسلام اللهُ لا يقبلُ منهم ولا تكون أعمالُهُ مُعتبَرة ولا صحيحة ولا مقبولة.
فتحُ مجلس علمٍ ديني
قال الإمام الهرري رضي الله عنه: مَنْ فتحَ مجلسَ علمٍ دينيٍّ في بيتِه خيرٌ له منْ أنْ يأتِيَه مليون دينار ذهب وتنزِلُ على بيتِه الرحمَات والبركات بسببِ هذا المجلس.
(كم وكم منَ الناس اشتغلوا عمرًا طويلًا ليَجمعوا مليون ليرة ذهبية أو مليون دولار أو أكثر منْ ذلك، إذا كان لمجرّدِ الدنيا ماذا سيحصُل سيترُكونَها ويرحَلونَ عنها، بل ربّما بلَعَتْهم الأرض وهذه الملايين، خذوا عبرة الآن ممّا حصل في بيروت هذا الأمر المُحزن المؤسف الذي يبكي له القلب قبل العين، كمْ منْ أناسٍ اشتغلوا يمكن بعض الناس أربعون سنة خمسون سنة ستون سبعون سنة، يمكن يوجد بيوت وأبنية منْ تسعين سنة ومن مائة سنة وأكثر، أين هذه الأبنية؟ وأينَ ما جُمِعَ فيها وأينَ ما خُبِّىءَ فيها؟ وأينَ أصحابها؟ الأصحاب والكنوز والمجوهرات والذهب وهم معها تحت الأرض أو في أعماقِ البحار أو طاروا في الهواء أو بين الأشجار أو تحت الصخور الله أعلم.
إذًا انظروا إلى عاقبة ونهاية أمر الدنيا، سنترُكها ونرحل عنها كلنا سنموت. إذا واحد اشتغل عمرُه وجمعَ مليون ليرة ذهبية لكنْ لا يعمل للآخرة، وواحد فتح مجلس علم مخلِصًا لله بركات تنزل رحَمات تنزل روضة منْ رياض الجنة الخير نزلَ عليهم، استفادوا الخير والبركة والنور والعلم لآخرَتِهم.
المنظار إلى المليون ليرة ذهبية والعشرين مليون دولار مع هذا الخير الذي حصل أيُّهُما ثوابُه أعظم ونفْعُهُ وأبقى وأعظم وأدوَم في الآخرة مجلس العلم أو المائة مليون دولار؟ أو المليون ليرة ذهبية؟ مجلس العلمِ نفعُهُ أبقى وأعظم وأدوَمْ
لذلك لا ينبغي أنْ نرحل عن مجالس العلم ولا أنْ نُضيّعَ أنفاسَنا في طلبِ الدنيا على حسابِ الآخرة، تريد أنْ تجمعَ بين الدنيا والآخرة وتصير من الأغنياء اجمع لكنْ بالحلال، أدِّ حقَّ الله بهذا، لكنْ أين الضير أين الخطر؟ أين المحظور أين الفساد؟ أنْ يكونَ ذلك على حساب الآخرة يعني أنك تضيّع الآخرة تترك العمل للآخرة لا تتعلم ولا تتقي الله ولا تصلي، بل بعض الناسِ أصلًا لا يؤمنونَ والعياذُ بالله، وبعضُ الناسِ يكونونَ مؤمنين ثم يكفروا لأجلِ الدنيا، فأينَ الخطر والضرر؟ أنْ يكونَ جمع الدنيا على حساب الآخرة يعني الدنيا والآخرة كلّما اقتربْتَ منْ واحدةٍ منهما ابتعدْتَ عن الأخرى فانظر إلى أين تقترب، {والآخرةُ خيرٌ وأبْقَى}[الأعلى/١٧])
الأمانة في العلم أهمُّ منَ الأمانةِ في المال
قال الإمامُ الهرري رضي الله عنه: فإنّ الأمانةَ في العلم أهمُّ منَ الأمانةِ في المال فينبغي للإنسانِ أنْ يكونَ مُحطاطًا في كلامِهِ وينبغي أنْ يعملَ بما قال سيّدُنا عبد اللهِ بنُ عمر بن الخطاب رضي الله عنهما “العلمُ ثلاثة كتابٌ ناطق – أي القرآن – وسنةٌ ماضية – أي حديثٌ ثابت – ولا أدري.
(وهذا شرحْناه منذ مدةٍ قريبة وتوسعْنا فيه)
فعليكم بفَهمِ السؤال على وجهِهِ وعدمِ الاستعجالِ في إصدارِ الحكم (وهذا توجيهٌ للدعاة والأساتذة والمدرّسين كان منْ محاضرةٍ أعطاها الشيخ رحمه الله لطلاب الجامعة والكلية الشرعية)
كما قال الإمامُ سيّدُنا عبدُ اللهِ بنُ عباس رضي الله عنهما “أفهِموني ما تقولون وافهموا عني ما أقول”.
وعليكم بكلمةٍ مَنْ عمِلَ بها أحسنَ الإفادة ألا وهي الحِلمُ زَينُ العلم.
هذا وكثيرٌ منَ المصائب في الكلام في أمورِ الدين تأتي منْ تجاوزِ الشخصِ حدَّهُ فيُفتي بغيرِ علمٍ في مسائلَ جانبية في أثناءِ تدريسِه ليست منْ أصلِ الكتابِ الذي يُدرِّسُهُ وهذا خطرٌ كبيرٌ.
فلو سألَهُ الطالب لا يُجِب في المسائل الجانبية التي لمْ يجِدْ فيها نقلًا بل يقول لا أدري فيكونُ سلِمَ بنفسِهِ وسلِمَ الطالب، ولا يفَكّرُ المدرِّس بأنهُ إذا لمْ يُجِبْ في هذه المسائل الجانبية يسْتَضْعِفُهُ الطالبُ الذي يُدَرّسُهُ ولا ينظر إلى هذا.
ثم إنّ المهمَّ أنْ يسْتحضِرَ المدرِّس أوّلَ ما يبدأُ بالتدريس أنّ مرادَهُ إفادةُ الناس بأمرِ دينِهم لوجهِهِ تعالى لا أنْ يُقالَ عنه قويٌّ في العلم، فإذا استَحْضَرَ هذه النية أوّلَ الدرس يَهونُ عليه أنْ يقولَ لا أدري فيما ليس له فيه نقل.
ثم إنّ منَ المهمِّ التفكيرَ في حالِ الذي يدرُسُ على المدرِّس ومَنْ يحضُرُ مجلسَهُ منْ غيرِ طلبتِه هل العبارةُ التي يذكُرُها أثناءَ درسِهِ يفهَمُ الحاضرونَ معناها كما ينبغي أم لا يفهمونَ ما يفهَمُهُ ويريدُهُ هو منْ هذه العبارة.
قال الإمامُ عليٌّ رضي الله عنه “حدِّثوا الناسَ بما تفهمون أتحبّونَ أن يُكَذَّبَ اللهُ ورسولُهُ” رواه البخاري
العلمُ بالتلقي
قال الإمام الهرري رضي الله عنه: ناصحًا اثنيْنِ ممّنْ يقرأونَ في الكتب “لنْ تجدا العلمَ بين صفحاتِ الكتب”.
التعلّمُ والتعليم
قال الإمامُ الهرري رضي الله عنه: فإني أوصيكُم بالتعلمِ والتعليمِ لعلمِ الدين فإنَّ علمَ الدينِ حياةُ الإسلام وأفضلُ العلمِ علمُ العقيدة ولذلك سمّاه أبو حنيفةَ الفقهَ الأكبر فتَواصَوا بدعوةِ الناسِ إلى العلم ودُلّوا الناس إلى التعلم فإنّ مَنْ دلَّ على خير فلهُ مثلُ أجرِ فاعلِهِ. أيّدَكمُ اللهُ ونصرَكم
وقال رضي الله عنه: أوصي بالتمسكِ والعملِ بكتابِ اللهِ تعالى وسنةِ نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم والتزامِ مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعة والعملِ على نشرِهِ وتعليمِه للناس والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر.
(هذه العبارة التي سبقَتْ في قولِهِ رحمه الله ناصحًا اثنيْن ممّن يقرأونَ في الكتب “لنْ تجدا العلمَ بين صفحاتِ الكتب” هو كان يبَيّن لهما منْ بابِ التنبيه ما كان في مَعرض التوبيخِ لهما لأنهما مِنْ جماعتِهِ وهما يُحصِّلانِ العلم بالتلقي لكنْ عندهما حبّ المطالعة والقراءة، فكان منْ بابِ التنبيه أنّ هذه المطالعة والقراءة تكونُ في الكتبِ المضبوطة ومُعتمَدة عند العلماء وأنْ لا يعتمدَ الإنسان وحدَهُ على المطالعةِ في الكتب، منْ هذه الناحية. هذا تكلمْنا عنه بتوسُّع فيما مضى، أنْ لا يعتمدَ وحدَهُ على الكتب لأنّ الكتب يدخلُها التحريف والتزييف، حتى في المخطوطات اليوم سهل إدخال التحريف. فإذًا العلم يكونُ بالتلقي،عن أهل العلم أنْ يسمع ويحضر ويقرأ عليهم فيشرحوا له وأنْ يأخذَ منهم مشافهةً بحضورِ مجالس العلماء أو مَنْ أخذَ عن العلماء. والشيخ رحمه الله في قولِهِ صفحات الكتب يريد صحائف الكتب، كان أحيانًا يتكلم مع بعض الشباب الصغار باللغةِ العامية ما كانوا اعتادوا على الكلام بالفصحى، ليفهموا عليه، أما هو رحمه الله كان في كلِّ وقتِهِ في الليل والنهار ومحادثتُهُ الخاصة والعامة بالفصحى هكذا نشأ في الحبشة وهكذا كان رحمه الله.
وقال رضي الله عنه: النجاةُ بالعلمِ والتعلم فمَنْ تعلّم علمَ الدين ثم جعلَهُ أمامَهُ أي التزمَ واتّبعَه فهو من الفائزين عند الله. وأما الذي يتعلم علمَ الدين ثم يجعلْهُ خلفَ ظهرِه أي لم يتّبِعْهُ فصارَ يأكلُ المالَ الحرام ويظلمُ الناسَ ونحوَهُ فهذا له الويلُ يومَ القيامة.
وقال رضي الله عنه: أوصيكم منَ الازديادِ منَ الحرصِ على نشرِ علمِ أهلِ السنةِ في هذا الزمان الذي ضعُفَتْ رغَباتُ الناسِ فيه أيّدكمُ الله وأعانكمُ الله.
وقال رضي الله عنه: الإنسانُ خُلقَ ليَعبُدَ الله ما خُلِقَ للأكلِ والشرب، عبادةُ اللهِ كيف تكون بالتعلم، بتعلّمِ علمِ الدين، لا عذرَ للجاهل.
وقال رضي الله عنه: تدريسُ درسٍ في العقيدة خيرٌ منَ التصدقِ بمليارِ ليرةٍ ذهبية. (لو واحد تصدّق بمليار ليرة ذهبية على أناس فأكلوا بها وذهبوا إلى بيوتِهم وواحد نشرَ العقيدة، هذا الذي نشر العقيدة ربّما أنقذَ أناسًا من الكفر والضلال وعلّمهم الإسلام بنشرِ التوحيدِ والعقيدة. نعم التصدق فيه أجر وفيه ثواب، لكنْ هنا يتكلم عن الأفضلية، لا شك أنّ نشرَ التوحيد والعقيدة والإسلام هذا عند الله أعلى وأكبر ثوابًا).
وقال رضي الله عنه: اليوم نشرُ عقيدةِ أهلِ السنة وبيانُ الكفريات أفضل منْ بناءِ مليون مسجد (بيان الكفريات يعني التحذير منَ الكفريات، التحذير من الكفر لأنّ منَ الناس مَنْ صار اليوم وهو يلعب ويمزح والعياذ بالله يعترض على الله بعضُهم يسبّ الملائكة بعضُ الناس وصلت بهم الوقاحة إذا كانَ في فريق الكرة خسرَ يعترض على الله يسب الله، بعضُهم إذا ضُربَتْ سيارتَه يعترض على الله، بعضُهم يسبّ الإسلام والقرآن والملائكة هذا شىءٌ خطير، لأنّ الذي يموت على الكفر منَ المكلفين يخلّد في جهنم إلى أبدِ الآبدين. فإنقاذ الناس منْ هذه الويلات والبليّات إنما يكون بنشرِ العلم، بتعليم الناس التوحيد والعقيدة وتحذير الناس من الكفر وأنّ مَنْ كفرَ لاعبًا مازحًا غاضبًا لا يقولُ أستغفرُ الله ولا يُقال له قل أستغفر الله بل يقال له تشهّد، بالشهادتين يرجع للإسلام، فهذا معنى بيان الكفريات يعني بيان التحذير من الكفريات وتحذيرُ الناس منَ الكفريات وأنّ مَنْ وقعَ في الكفر لو كان غاضبًا أو لاعبًا أو مازحًا خرجَ منَ الإسلام ولا يرجع إلى الإسلام إلا بالنطقِ بالشهادتين. بعضُ الناس يقول اليوم كنتُ غاضبًا أو كنتُ ألعب كنتُ أمزح.
اسمعوا هذا الحديث الذي رواه أبو داود رحمه الله [ثلاث جِدُّهُنَّ جِدّ وهزلُهُنَّ جِدّ النكاح والطلاق والرّجعة] إذا كان في هذه الأمور الثلاثة لو كان غاضبًا وكان يتكلم بجِدٍّ يسجَّل عليه وتُكتَب عليه، أو كان مازحًا لاعبًا يضحَك ويُضحِك الناس فتكلّمَ بها سُجِّلَتْ عليه فكيف بمسبّةِ الله؟ كيف بمسبةِ الرسول والقرآن والإسلام والأنبياء والملائكة؟ اليوم بعضُ الناس صار الكفر عندهم كشربةِ الماء، إذا قيل له لماذا تكفر؟ يقول كنتُ ألعب، يعترض عليك لأنك تعترضُ عليه على الكفر. إذًا كأنها صارت والعياذُ باللهِ عندَهم مزِيّة لإضحاكِ الناس. والرسول عليه الصلاة والسلام يقول [إنّ الذي يُحدِّث الناس فيَكذِب ليُضحِكَهم ويلٌ له ثم ويلٌ له] فكيفَ بالذي يكفر؟ لذلك انتبهوا هؤلاء الذين يعتبرونَ أنّ الكفرَ اليوم صارَ كشربِ الماء أمر هيّن سهل هؤلاء لا عبرةَ بهم إنما يُحذَّر منَ الكفر ويُعلَّم هذا للناس ليعرفوا كيف يرجعوا للإسلام بالشهادتين.
وقال رضي الله عنه: اليوم نشرُ عقيدةِ أهلِ السنةِ وبيانِ الكفريات أفضلُ منْ بناءِ مليون مسجد، أي إنْ لمْ تدعُ الضرورة لبنائها، الاشتغالُ بالتعليمِ هو الأهم.
وقال رضي الله عنه: علمُ الدين هو العلمُ النافعُ في الدنيا والآخرة فعليكم بالاستمرارِ في التعلمِ والتعليم لأهاليكم وأصدقائكم لأنّ كثيرًا منَ الناسِ اليوم يشِبّونَ ويَشيبونَ وهم جاهلونَ بالعقيدةِ يقولونَ أنّ اللهَ جسمٌ قاعدٌ على العرش وهذا كفر. اليومَ أكثرُ الناسِ يعيشونَ منْ دونِ أنْ يتعلموا علمَ التوحيد اللهُ لا يقبلُ صلاتًا ولا صيامًا ولا حجًّا ولا قراءة إلا ممّنْ عرَفَ الله.
والحمدُ لله رب العالمين