الخميس مارس 28, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (23)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا محمدٍ طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه الطيبين الطاهرين

(صحيفة 139)

                                الخطباء تركوا أصلَ وظيفتِهم

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الخطباء هذه الأيام تركوا أصلَ وظيفةِ الخطيب، أصلُ وظيفةِ الخطيب أنْ يُحذّرَ الناسَ من الكفر والمعاصي وأنْ يُبيِّنَ الواجبات.

-(هنا في قولِه الخطباء يريد به أكثر الخُطباء يعني الذين تركوا هذا العمل تركوا هذه الوظيفة ولا يريد كلّ خطباء الأرض على الإطلاق، لأنه لا يخلوا أنْ يكونَ خطباء قوّالون بالحقّ يجهرونَ بالصواب يُواجهونَ أهلَ الضلال ينشرونَ التوحيد والإيمان يعلِّمونَ العقائد الصحيحة ويُبيِّنونَ الأحكام، لا تخلو الأرض، الأرض لا تخلو من أناسٍ يقومونَ ببيانِ الحق.

روي عن أميرِ المؤمنين سيِّدنا علي رضي الله عنه أنه قال “لن تخلوَ الأرض منْ قائمٍ لله بحُجَجِه”

الحمد له هؤلاء لا تخلو منهم الأرض لكنْ مع مرور الزمان وشدة الفساد وكثرة البلايا والمصائب والجهل وأهل الضلال يقلُّ عدد خطباء الحق، الخطباء الذين يُعلنونَ بالحق عددُهم أقل، أما هنا مرادُه أكثر الخطباء هذا حالُهم.

كان مفتي دكتور عالم قاضي شيخ طيب في لبنان يجهر بالحق اسمُه الشيخ أحمد اللدن يتكلم بالحقّ في الفضائيات في الخطب في المقابلات، وله مقاطع فيديو في بعض المقابلات في التلفزيون يقول إنّ عقيدةَ المسلمين الله موجود بلا مكان الله لا يحتاج للمكان الله كان قبل المكان وقبل الزمان ولا يزال بلا مكان بعد أنْ خلق المكان، هذا كان ممّن يقولون الحق، توفيَ رحمه الله. هذا المفتي القاضي الشيخ الدكتور أحمد اللدن كان يقول الحق ويتكلم به، إذًا الأرض لا تخلو ممّن يتكلم بالحق، لا سيّما في عدد من البلاد  في أندونسيا موجود في ماليزيا في اليمن في كلّ بقاع الأرض وإن كان عددُهم أقل وأهلُ الجهلِ أكثر لكنْ هذا حالُ الزمان وحالُ بعض البلاد هذه الأيام)

 

*وقال رضي الله عنه: في هذا العصر مِنْ أفضل الأعمال إنقاذ الناسِ من الكفر. بعضُ الناسِ منْ جهلِهم يظنونَ أنهم مسلمون وهم كفار، العنايةُ بالتوحيدِ في هذا الزمن منْ أفضلِ الأعمال، الاشتغالُ بتعليمِ علمِ التوحيد وتعلُّمِه من أفضلِ الأعمال.

(هذا له أمثلة كثيرة، مرةً كنا عند الشيخ رحمه الله رحمة واسعة في المجلس العام جاء رجل له لحية بيضاء والقلنسوة والقميص الطويل، ويلبس فوقَه الجاكيت ويحمل سبحة، الشيخ أكرمه ووضع له الكرسي وقدّم له الضيافة قال: أنا أصوم الدهر، ما شربَ، يعني يصوم كل السنة إلا الأيام الخمسة التي يحرُم صومُها ولا يصح وهي: يوم عيد الأضحى ويوم عيد الفطر وأيام التشريق الثلاثة، وقال أنا أقوم في الليل وأُطيلُ في السجود وأنا إذا حصلت مشاكل الناس يقصِدونَني للإصلاح بين الناس وأُصالح العائلات وبدأ يتكلم عن نشاطِه وأحوالِه، الشيخ كان فرِحًا به يُحسِّن به الظن –الذي يراه بحسب الظاهر يظن فيه الصلاح والتقوى- فانزلَق إلى مسئلةٍ كفرية عجيبة هو اعترف بها على نفسِه قال: وأنا في السجود أُطيل وأقول سبحان الجالس –عن رب العالمين- ونسبة الجلوس إلى الله كفرٌ صريح، قال سيدُنا الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه وهو إمامٌ من أئمةِ السلف وكان إمامًا مجتهدًا علمُهُ ملأَ الدنيا، وفيه فُسِّرَ حديث [لا تسُبّوا قريشًا فإنّ عالمَها يملأُ طباقَ الأرضِ علمًا] كما عند الترمذي، وفي رواية لهذا الحديث [علمًا ونورًا] بعضُ العلماء نظروا في المجتهدين الذين من قريش مَنْ مِنْ قريش علمُهُ ملأَ الأرض وله مئات الملايين من الأتباع انتفعوا بعلمِه، لم يجدوا هذه الصفة تنطبق إلا على الإمام الشافعي رضي الله عنه، بعضُ العلماء فسّروا هذا الحديث بالشافعي، هذا سيّدُنا وإمامُنا وقدوتُنا الشافعي الذي كان صدّيقًا في الولاية وكان بحرًا في العلم وكان مجتهدًا مئات الملايين من المسلمين انتفعوا بعلومِه من زمانِه إلى اليوم، يقول هذا الإمام فيما رواه عنه ابنُ الرفعة في كتابِه كفاية النبيه شرح التنبيه في المجلد الرابع في كتاب الصلاة في باب صفة الأئمة في النسخة المطبوعة صحيفة 24 من المجلد الرابع والمخطوط عندنا أيضًا، أبو العباس نجم الدين أحمد بن محمد بن الرفعة الفقيه الشافعي، قال ابن الرفعة عن القاضي حسين عن نص الشافعي رضي الله عنه قال “مَن اعتقدَ أنّ اللهَ جالسٌ على العرش فهو كافر”

هذا كان يقول وهو في السجود عن الله سبحان الجالس، فقال له الشيخ هذا تشبيهٌ لله بخلقِه الله ليس كمثلِه شىء، كلّمَه الحمد لله قبِلَ وتشهّدَ لأنّ نسبةَ الجلوسِ إلى الله تكذيبٌ لله وتشبيهٌ له بخلقِه.

انظروا هذا الرجل كان يظن في نفسِه الإسلام، نحن نؤكد هذه العبارة “يظنون في أنفسِهم الإسلام” هذا سببُه الجهل لم يتعلموا ويعيشونَ على الكفر يظنون في أنفسِهم الإسلام، الحمد لله أنه قبِلَ وتشهّدَ مع أنه رجلٌ كبر في السن ولحيتُه بيضاء ولعله كان يظن في نفسِه الولاية على زعمِه، اللهُ أرادَ به خيرًا كثيرًا لأنه سمعَ التوحيد والعقيدة والتنزيه فتشهّد، وعندنا حوادث وأمثلة كثيرة.

كم من الناس اليوم يعيشون على الكفر يسبّونَ اللهَ عند الغضب يسبون الرسول الأنبياء الملائكة الصيام الصلاة الزكاة الحج الكعبة ثم يقولون نحن لا ينقصُنا شىء، يظنون بأنفسِهم التقوى والصلاح وهم عند الله منَ الكافرين والعياذ بالله.

فلا بدّ من العلم ومعرفة التوحيد والتنزيه ومعرفة الكفريات لتجَنُّبِها، معرفة التوحيد والإسلام والعقيدة للثباتِ على ذلك إلى الممات).

 

*وقال رضي الله عنه: وظيفةُ الخطباءِ أنْ يُرشدوا الخُطباء إلى ما فيه مصلحةُ دينِهم ويُنَبِّهونَهم إلى الأمورِ التي يقَصِّرونَ بها ليست وظيفة الخطباء أنْ يتكلموا بالتاريخ فقط.

*وقال رضي الله عنه: إنكارُ المنكراتِ مُهمَلٌ في هذا الزمن.

*وقال رضي الله عنه: هذا لا يخفى على المشايخ لكنْ يسكتونَ له، هذا منْ موتِ القلوب، قلوبُهم ماتت ولو كانت قلوبُهم حيّة لاجتمعوا وسَعَوا في إزالةِ هذا المنكر.

– (هذه العبارات كان الشيخُ رحمه الله أحيانًا أمام المشايخ يرَدّدُها وأمام القضاة والمفاتي من الوافدين والزائرين. مرةً حكى لنا عن أبي اليُسر عابدين رحمه الله، هذا كان طبيبًا ومفتيًّا في دمشق وكان من الفقهاء المشهورين قال لشيخِنا “يا أستاذ هؤلاء مشايخ البلد لا يُعاونونني في الردّ على الوهابية في إنكار المنكرات، هؤلاء المشايخ أنا لي موقفٌ يومَ القيامةِ عند الله”، المفتي أبو اليسر عابدين هو يشكو لشيخِنا والشيخُ حكى لنا ذلك.

والشيخُ رحمه الله كان يُعجبُه من المشايخ أنْ يكونوا جُرءاء في قول الحقّ، وقّافين عند الحق قوّالين بالحق جُرءاء لا يُداهنونَ على حساب الدين لأجلِ الراتب ولأجل الوظيفة ولأجلِ خواطر الناس.

مرةً قال لنا عن أحدِ فقهاء دمشق وهذا مشهور هناك هو الشيخ سهيل الزبيبي أبو سليمان رحمه الله مات منذ مدة قريبة، هذا كان من أصدقاءِ شيخِنا لما كان الشيخُ في دمشق في جامع فتحي في القَطاط في القَيْمَرية، منذ زمن بعيد، هذا الشيخ أبو سليمان الزبيبي كان من الجُرَءاء كان يقول الحق لا يخشى بعض الناس لأجل الوظيفة ولأجل الراتب ولأنّ هذا الشيخ أعلى منه في الإدارة ما كان يُبالي فكان يقول ويتكلم الحق ويُجابه، فقال الشيخ لنا عنه: هذا الشيخ سهيل قلبُه حيّ، انظروا إلى هذا المدح يعني عنده جرأة وإقدام ويقول الحق ولا يبالي ولا يداهن على حساب الدين.

ومرةً قال عنه وهو فارس، يعني الشيخ سهيل كان فارسًا كان يلعب بالسيف وكان يركب الخيل وكان شيخًا وقويًّا في اللغة  في النحو وكان فقيهًا حنفيًّا، فالشيخ مدحَه بالجرأة قلبُه ليس ميتًا ليس جبانًا ليس رِعديدًا، الشيخ يمدح غيرَه من المشايخ لأنهم يقولون الحق.

الشيخ كان إذا رأى شيخًا صادقًا طيبًا صالحًا فقيهًا كان يفرح به يحبُّه يدلُّنا عليه يُرسلُنا إليه يمدحُهُ يُثني عليه.

وكان شيخ في حلب ثم في المدة الأخيرة كان يتردد بين حلب ودمشق يقال له الشيخ محمود المَعاني هذا كان من الصالحين بل الظنّ فيه الولاية، وفي شبابِه يعني قبل خمسين سنة كان يقرأ على شيخِنا في التوحيد في العقيدة وكان يساعد الشيخ في أمورِ الدعوة في سوريا وكان أخذ الإجازةَ منْ شيخِنا مدحَه الشيخ قال عنه “هذا الشيخ محمود المعاني كان نِعمَ العَوْن لي في أمورِ الدعوة” وكان أحيانًا يرافق شيخَنا يذهب معه إلى هذا الشيخ إلى هذا الدرس أو هذا المجلس لنصيحةِ هذا الشيخ الذي أخطأ، كان يذهب مع شيخِنا إليهم، وكان يُعاون الشيخ ويقول الحق ويدور بين المشايخ ليُبيِّن الحق، ثم في آخرِ عمرِه رحمه الله صار مُلازِمًا للختمة كلّ يوم له ختمة ووجهُهُ كأنه البدر، كنا كلما دخلنا إليه في حلب في سيف الدولة المنطقة التي كان يسكنُها، وفي دمشق في نهر عائشة، كلما نذهب إليه نراهُ في ختمة، إذا حان وقتُ الصلاةِ ونحنُ عندَه يتوقّف يقوم إلى الصلاة يصلي جماعة نصلي معه ثم يعود إلى الختمة.

كان الشيخ يؤَيّد المشايخ الذين يقولون الحق، كم عرّفَنا على مشايخ في الهند في المغرب في اليمن في تركيا في سوريا في الجزيرة في مصر في بلاد الدنيا، هو يُرسلُنا إليهم ويدلُّنا عليهم.

الشيخ كان محبًّا للعلماء للصادقين للمخلصين، وكان في بعض المرات فيما مضى إذا جاءه مَنْ يريدُ الطريقةَ النقشبندية يقول له اذهب إلى الشيخ عز الدين الخزنوي إلى تل معروف إلى نواحي القامشلي، من بيروت إلى هناك يمكن قريب الألف كيلو، يرسل مَن يريد الطريقةَ النقشبندية وهو مُجاز بإعطائِها، وكان يرسِل أحيانًا من بيروت إلى إيران إلى العراق إلى الشيخ عثمان سراج الدين يقول اذهب إليه خذ منه الطريقة النقشبندية، والشيخ عثمان  رحمه الله كان يقول لطلابهِ وجماعتِه الذين يذهبونَ منْ لبنان “قبل أنْ تأتوا لأخذ الطريقة اذهبوا إلى الشيخ عبد الله الهرري واقرأوا عليه متن الصراط في العقيدة ثم تعالَوا أعطيكم الطريقة”

والشيخ عز الدين الخزنوي في القامشلي وتل معروف يقول لهم “مَنْ كان منكم بحاجة إلى مسئلة أو فتوى دينية لا يأتي إلينا عنده في بيروت العالِم الفقيه المحدّث الشيخ عبد الله الهرري”

هذا حال المشايخ الذين يحبون الخير، فإذًا الشيخ الذي يقول الحق ويصدُقُ به ويجرُءُ في قول الحق هذا أهلُ العدلِ والإنصاف يحبونَه يُثنونَ عليه.

لذلك كثير من مشايخ اليوم قلوبُهم ماتت، منْ قلبُه حيّ هؤلاء اليوم قلةٌ قليلة أقل مما مضى).

 

                     أصلُ الدينِ أوْلى أنْ يتكلموا به على المنابر

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: المشايخُ بدلَ أنْ يتكلموا بأصلِ الدين على المنابر أغلبُهم ساكتون هذا أوْلى أنْ يتكلموا به على المنابر، يذكرونَ التواريخ عمرُ بن الخطابِ فعل كذا خالدُ بنُ الوليدِ فعلَ كذا كأنّ هذا أصل الدين، يتركونَ أصلَ الدين ويتكلمونَ بهذا.

– (بسببِ جهلِ هؤلاء الناس الذين أقبلوا على السيَر والتواريخ والطريقة منْ غيرِ علم واحد منهم مرةً حصلَ معه حادث في السيارة فتأذَّوا حصل فيهم جراحات، ثم جاء يزورُ الشيخ رحمةُ الله عليه قال لشيخِنا: أنا مضى لي وقتٌ كنتُ تركتُ وردَ الطريقةِ لا أقرأُه فحصلَ معنا هذا الحادث، قال هذا بسبب ترك الورد.

وردُ الطريقةِ ليس واجبًا، مستحب، اسمعوا وانظروا إلى العلم وإلى ذكاء الشيخ رحمه الله قال له يا حاج فلان، قال نعم، قال: أنت قبلَ هذا الحادث ما سبقَ لك أنْ تركتَ صلاةً واجبةً؟ سكتَ، قال: بلى صلوات.

صلوات مفروضة تركها ما أثّرت في قلبِه الورد الذي هو ليس واجبًا ليس فرضًا، مستحب، كان يظن أنّ تركَ الورد هو سبب حادث السير.

الشيخ قال له لا ليس الورد، إنما قد يكون بسبب تركِك للصلاة المفروضة، انظروا مقياس العلم أين ومقياس الجهل أين وماذا يفعل الجهلُ بأهلِه، لا بدّ من العلم يا إخواني لأننا بالعلم نعرف الأولويات).

                                             أنت كالغازي

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه لِمَنْ يدرِّسُ في مجالس العزاء ويلقَى فيها ما يلقى من أهلِ الضلالِ وغيرِهم بعدَ أنْ قدِمَ إليه “أنتَ كالغازي الذي رجَع من الغزو، أنت مثل الذي يأتي من الغزوِ من الجهاد”.

(هذه المسئلة مهمة جدا، مسئلة التدريس في التعازي والخروج إلى العزاء ومخالطة الناس في الأحزان.

أولًا تذهب بنيةٍ حسنة للتعزية ماذا تحصّل؟ [مَنْ عزّى أخاهُ المسلم بمصيبةٍ كساهُ اللهُ حلّةً منْ حُلَلِ الكرامةِ يومَ القيامة] ثواب وأجر ونور وخير وبركة، هذه واحدة

الثانية: تخفيفُكَ عن هذا المسلم عند مصيبتِه وتسليَتِه بتخفيف الغم والهم والأحزان عن قلبِه، ثم جلوسُكَ للدرس لتعليم الناس لبيانِ الحق، وهذه فائدة عظيمة لأنّ الناسَ في الأحزان قلوبُهم مستعدة للاستماع، الناس في التعازي قلوبُهم مُنكسِرة يستمعون، أما لو دخلتَ عليهم في أعمالِهم أو في أفراحِهم لا يلتفتونَ إليك وربما لا يستقبلونَك، أما عندما يموتُ  لهم مَنْ يحبون قلوبُهم تنكسر فتضعُف هذه النفوس فيصير عندَهم استعداد للاستماع فتتكلم فيستمعون، قلوبُهم ترِقّ فتسمع فتنتفع يقومون يتوضّأونَ يصلّون، أما لو كانوا  في الأفراح في الأعراس في وظيفتِه في عملِه في مالِه ربما لم يستمعْ لكلمةٍ منك، أليس بعضُهم عندما يكونون في الأفراح وفي الأموال والتجارة والإدارة يتركون الصلوات المفروضة يقول ما عندنا وقت مشغولين، لأيِ شىء تترك الصلاة وتصير عند اللهِ ملعونًا، أنتَ سفَّهتَ نفسَك بتركِكَ للصلاة نزلت عليك لعائنُ الله حلَّ عليك غضبُ الله سخط الله صرتَ ملعونًا فاجرًا ظالمًا مجرِمًا قريبًا من الكفر بتركِكَ للصلوات المفروضة، للدنيا يركض ويجمع أما للصلوات والعياذ بالله يضيِّع يُهمل.

هذا الذي في العزاء عند انكسارِ قلبِه وقوّتِه يسمع فدخول دعاة أهلِ الحق إلى التعازي في هذه الأوقات مهم جدا ليُقبِلوا بالناسِ إلى مجالس العلم، لينصحوا الناس.

كم وكم من الناس استفادوا في التعازي، كانت المصيبة التي نزلت عليهم سببًا لاستفادتِهم سببًا لتعلُّمِهم سببًا لتوبتِهم سببًا ليَبدأوا بالصلاة، سببًا ليتَردّدوا إلى مجالس العلم، سببًا ليَفتحوا مجالس العلم في بيوتِهم، بسبب موت الأب أو الأم أو الزوج أو الزوجة أو الأخ أو الأخت أو الابن.

إذًا هذه التعازي  لها فوائد لكنْ للأسف أكثرَ الناسِ اليوم صاروا يذهبون للتعازي كما يقول بعض الناس بالعامية رفع عتيبة، ضرب مواعيد وتخليص معاملات، أهكذا تكونُ التعازي؟ لا.

مجلسُ العزاء ينبغي أنْ يكونَ فائدة للأحياء والأموات. للأحياء كما ذكرنا من علم وتذكير وتوبة ونصيحة ووو… أما للأموات بالدعاء لهم، هذا الميت المسلم يُدعى له يُتَرَحَّم عليه يُستغفَر له يُتصَدَّق عن روحِه يُقرَأ له القرآن الفاتحة قل هو الله أحد، كل هذا ينفع الأموات المسلمين.

 ولا تلتفتوا لهؤلاء المشبهة المجسمة الذين يحرّمونَ قراءة القرءان على الأموات المسلمين.

يكفي في الرد عليهم الإجماع الذي نقلَه الحافظ السيوطي، على استحبابِ قراءةِ القرآنِ على الأموات المسلمين، هذا من عهدِ الصحابة إلى اليوم لا يُنكرُه إلا هؤلاء الجهال.

الصحابة ولا سيّما الأنصار أهل المدينة المنورة كانوا إذا مات لهم إنسان يجتمعونَ عند قبرِه فيَختمونَ له سورة البقرة، ليس الفاتحة ليس يس أو تبارك.

 بل يقولُ الحافظ النووي “ولو ختموا القرآنَ كان أحسن” ليس سورة البقرة فقط لأنه أنفع للميت.

الرسول عليه الصلاة والسلام وضع العرق الأخضر على القبر لأنه يذكرُ الله فيستأنس هذا الميت، إذا كان العرق الأخضر ينفع الميت المسلم بشهادةِ وفعلِ الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا في البخاري، فكيف بالقرآن؟ ماذا يكون العرق الأخضر أمام القرآن؟

والإجماع الذي نقله الحافظ السيوطي، كذلك ممن ذكروا استحبابَ هذا وأثنَوا عليه وذكروا له الأدلة القرطبي وكثير من العلماء كعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أوصى أنْ يُقرأ له عند قبرِه فاتحة البقرة وخاتمتها وإحدى عشرة مرة قل هو الله أحد.

سيدُنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال “مَنْ دخلَ المقابر فقرأَ فاتحةَ الكتابِ وأهداها لهم كان له ثوابٌ بعددِ الأموات”

هذا شىءٌ عظيم، فأنت بوجودِكَ بدعائكَ بترحُّمِكَ باستغفارِكَ لهذا الميت المسلم ينتفع.

ثم ليَتذكر أهل الميت أنّ هذه الضيافة التي يقدّمونَها في العزاء كالحلويات والبن والماء للمعزّين، كل هذا إنْ نوى به صاحب هذا المال لله تعالى ليس رياءً أْنْ يتصدقَ بهذا على الناس ليكونَ ثوابُه للميت يصل ثواب هذه الصدقات للميت، أحيانًا يأتون بصواني التمر يضيّفونَها للناس، كل حبة تمر لوحدِها كم فيها من الذرات؟ كم فيها من الأجر؟ [اتقوا النارَ ولو بشقّ تمرة]

فعندما يُضيَّف هذا للمعزّين ينوي مالك هذا الطعام والشراب لله تعالى وابتغاءَ مرضاةِ الله عن روحِ هذا الميت المسلم ينتفغ بذلك يصلهُ.

هكذا ينبغي أنْ تكونَ التعازي عندنا بين جماعتِنا بين أحبابِنا بين المسلمين، منافع للأحياء والأموات.

 أما هؤلاء الذين قست قلوبُهم وهم يمشون في الجنازة يحملون النعش يغتابون الميت وهو على أكتافِهم، نعوذ بالله هذا من قسوة القلب وسوادِه، لا يتّعظون يتكلّمونَ فيه ويطعنون، وبعضُهم يأتي إلى مجلس العزاء يتكلم مع هذا يشوّش على قارىء القرآن، ويتكلم مع هذا يشوّش على الدرس، قلبُه قاسٍ أسود مُغلَق لا يريدُ أنْ يسمع القرآن.

قال سيّدُنا عمر رضي الله عنه وأرضاه “مَن يفتحُ القلبَ إلا الذي أغلقَه”

اللهُ يقول في القرآن {أم على قلوبٍ أقفالُها}[محمد/٢٤] فلا أحدَ يفتحُ القلب إلا الله بقدرتِه يفتح قلبَ مَن شاء من عبادِه.

هذا الإنسان ينبغي أنْ يتّعظ ففي مجالس العزاء غنيمة كبيرة لكل مدرّس ومدرّسة من أهل الحق لكلّ مَنْ يقدر على التعليم من أهلِ الحق، اغتنموا التعازي.

حكى لنا الشيخ رحمة الله عليه عندما كانت إيطاليا تحتلُّ الحبشة جاء وقت من الأوقات العلماء والمشايخ والدعاة مُنِعوا من الخَطابة والتدريس والاجتماع في المساجد، فاسمعوا ماذا فعل العلماء الأذكياء، دائمًا علماء أهل السنة أذكياء، قالوا للناس عندما يحصلُ عندنا وفاة تكاثروا في التعازي في الجنائز عند القبر نتكلم في العلم، فصار إذا مات مسلم يجتمع كل أهلِ البلد، يقومُ العالِم بحجةِ هذا الميت يدرّس يعِظ يبيّن الأحكام، كل هذا الوقت الطليان يسكتون يقولون عندهم ميت، في المساجد منعوهم في البيوت منعوهم، انظروا إلى فائدة التدريس في التعازي

العلماء اغتنموا فرصة حصول الجنائز والتعازي لتعليم الناس الدين ونحن نعرف آلاف الناس سمعوا الدروس في التعازي، كم إخواننا يدخلون إلى التعازي في لبنان وخارج لبنان؟ يمكن أحيانًا في أسبوعٍ واحد يصل عدد الذين يدرّسونَهم إخواننا في المحافظات في التعازي قد يصل إلى نحو خمسمائة درس في الأسبوع الواحد، أحيانًا الواحد منا قد يلحقُهُ سبع تعازي في اليومِ الواحد، هذا المدرّس الواحد، أحيانًا توجد تعازي لا يلحق أنْ يذهبَ إليها في هذا اليوم يؤخِّرُها إلى اليوم الثاني.

إلى دعاةِ أهلِ الحق إلى مدرِّسي أهلِ السنة لا تتركوا عزاءً إلا وتحضُروا فيه إلا وتحضروا فيه، للرجال يذهب الرجال وللنساء تذهب المدرّسات، في التعازي القلوبُ منكسرة مُقبلة مُصغية تستمع يستمعون ينتفعون، عرفتم لماذا قال الشيخ لهذا المدرّس “أنت كالغازي” يعني كالذي يعود من الغزو، كان في الغزو يغزو الكفار ورجَع من الغزو لأنه كان في الدرس ذهب ودرّسَ في العزاء ورجَع، قال له أنت كالغازي يعني كالمجاهد الذي يعود من الحرب من المعركة من أرض القتال، انظروا إلى أهمية التدريس في التعازي أنت كالغازي).

 

*وقال رضي الله عنه: العزاءُ مصيدةٌ للناس، الناسُ في العزاء قلوبُهم أقربُ إلى الآخرة فإذا سمعوا ما ينفعُهم في الآخرة يقبَلون.

 

                                       الواجبُ على الداعية

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الواجبُ على الداعيةِ حفظُ عقيدةِ أهلِ السنة ثم بيانُ الكفرياتِ وإثباتُ حكمِها حتى تُحذَر.

ملّا عليٍّ القاري يقول في شرحِه على الفقهِ الأكبرَ لأبي حنيفةَ رضي الله عنه “يجبُ معرفةُ الكفريات”

(لأجلِ أنْ تُتَجنّب، الأعمى الذي يمشي في الطريق وأمامَه حفرة لا هو يراها ولا نبَّهَه أحد عادةً ينزلُ فيها، الذي قلبُه أعمى بالجهل والفساد في عمى الضلالة هذا يقع في الكفريات أحيانًا ولا يعرف أنه وقع في الكفر، بعض الناس أحيانًا يقعون في الكفر ولا يعرفونَ أنهم كفروا لأنهم جهّال لا هم تعلّموا ولا وجدوا مَنْ يُعلِّمُهم والمشايخ بعضُهم قصّرَ، ليس كل المشايخ قاموا بوظيفتِهم، بعضُهم صارت عندَهم المشيخة وظيفة مثل موظف البلدية بتكس أركيلة ومكيّف جبل وبحر ونهر. في الاجتياح تركوا المساجد وهربوا إلى الجبال وراحوا إلى قبرص واليونان، نحن استلمنا المساجد تحت الصواريخ في ال82 بالاجتياح صرنا نرسل إخوانَنا الصغار الذين لم تنبُت لهم اللحى للخطابة في الملاجىء ونحن نذهب إلى المساجد، أنا خطبتُ في جامع البسطة التحتا، وتعرفون ما يعني جامع البسطة التحتا، خطبتُ في جامع الجامعة العربية جامع الحوري، الشيخ نزار رحمه الله خطب في جامع عبد الناصر في كورنيش المزرعة، إخواننا توزّعوا في مساجد بيروت، مسجد الإمام علي 52 يوم وأنا أدرّس فيه بالتتابع كبار السن وجيران المسجد يحضُرون، بعض الناس لم يسمعوا دروسًا في حياتِهم كلِّها ما سمعوه في تلك المدة، كل يوم درس وبعض الدروس مسجلة إلى الآن الذي يستمع إليها يسمع صوت الصواريخ والقذائف التي تنزل حول المسجد وفي الشارع ونحن في الدرس، أين المشايخ؟؟؟

آثَروا الدنيا والمصايف على الملاجىء وعلى البقاء في بيروت مع بيروت وأهلِها في الاجتياح في المجاعة في النيران  في القصف، نحن بقينا، بين النيران كنا نمشي، شيخُنا يتنقل بين الطريق الجديدة والزيدانية وعائشة بكار والظريف وبرج أبي حيدر والنيران في الأبنية والصواريخ تنزل، كنا نقرأ عليه والصواريخ تنزل يقول لا أسمع ارفع صوتَك، كنتُ أنا أقرأ عليه في التفسير، من قوة أصوات الصواريخ لا يسمع صوتي في القراءة يقول ارفع صوتَك لا أسمع، فاقتربتُ من أذنِه ورفعُتُ صوتي وصرتُ أقرأ ليكونَ بالتلقي وأُحرّر عليه العلم، هذا كان حالُ إخوانِ وطلاب الشيخ في الاجتياح وفي الحروب ما تركوا بيروت ولا المساجد، حتى الملاجىء كنا نرسل الخطباء إلى ملاجىء الأبنية يخطبون في الناس ونحن نستلم المساجد وندور على المساجد لخُطب الجمعة، هذا حالُ إخوانِنا طلابِ شيخِنا رحمةُ اللهِ عليه هو الذي علّم الناسَ قولَ الحق وجرَّأهم على قولِه وصرَفَهم لخدمة الدين والدعوة، علّمَهم أنْ يبذُلوا لخدمةِ الدين لا أنْ يركَنوا إلى الدنيا، هو علّمهم هذه الهمة العظيمة في خدمة الدين والدعوة.

إذًا علينا أنْ ننتبه، بعضُ الناس أهملوا وضيّعوا هذه الأمور العظيمة ولم يتعلموا يعيشون على الكفر وهم لا يعرفون.

إذًا لماذا قال ملا علي القاري الفقيه الحنفي يجبُ معرفة الكفريات؟ ليَتَجنّبَها الإنسان، ليبتعدَ عنها لأنّ الذي لا يعرف الشر قد يقع فيه، هذا الأعمى قد يقع في الحفرة وهذا الذي لا يعرف الكفريات قد يقع فيها فإذا عرَفَها تجنَّبَها، فإنْ عرفَ أنها كفر إنْ حصل ووقعَ في بعضِها يعرف أنه يلزَمُهُ التشهد فيتشهد ليرجع للإسلام.

أما بعضُ الناس اليوم يكفرون ويقولون أستغفر الله، أستغفرُ الله لا تُرجعُه للإسلام لا تنفعُه وهو على الكفر، أستغفرُ الله تنفع المسلم.

اللهُ قال في القرآن {فاعلمْ أنه لآ إله إلا الله واستغفرْ}[محمد/١٩] قدّمَ الأصل على الفرع الشهادة أصل، أستغفر الله فرع، الأصل قبل الفرع.

ثم هذا الكافر إذا كان كافرًا أصليًّا أو مرتدًّا لا ينفعُه أنْ يقول أستغفر الله فلا يقال له قل أستغفر الله يقال له اترك الكفر اعتقد الإسلام وتشهّد، الذي يقول له قل أستغفرُ الله كفر معه، وهنا مَن قال أستغفر الله ازدادَ كفرًا لأنه إنْ قال أستغفر الله وهو على الكفر كأنه يقول يا ربّ كذّبْ نفسَك أنت قلتَ أنك لا تغفر للكافر إلا بالإسلام وأنا لا أريد أنْ أتشهّد، كذّب نفسَك واغفرْ لي بغيرِ الإسلام غيِّرْ مشيئَتَك واغفرْ لي وأنا على غيرِ الإسلام، وهذا كلُّه كفرٌ على كفر على كفر.

يقال له تشهّد بدليل هذه الآية {فاعلم أنه لآ إله إلا اله واستغفرْ}[محمد/١٩]

وبدليل الحديث المتواتر [أُمِرتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حتى يشهدوا أنْ لآ إله إلا الله وأني رسولُ الله] وفي لفظٍ [وأنَّ محمدًا رسولُ الله] صلى الله عليه وسلم

إذًا القرآن والإجماع  والحديث المتواتر. الإجماع نقلَه الحافظ أبو بكر ابن المنذر في كتابيْه الإشراف الإجماع أنّ توبةَ الكافر الأصلي أو المرتد تكون بالشهادتين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

فإذًا مَنْ وقعَ في الكفر لا ينفعُه قول أستغفر الله وأنتم لا تقولوا لمَنْ كفر قل أستغفرُ الله، قولوا له تشهّد، إنْ تشهّدَ بسببِكم تعرفون ما لكم من البشرى؟

روى الحاكم في المستدرك أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال [مَنْ أسلَمَ على يديه رجلٌ دخلَ الجنة] بشرى كبيرة عظيمة لكم إنْ كنتم سببًا في إدخالِ الكافر في الإسلام بالشهادتين.

لذلك يجب معرفة الكفريات ليتجنَّبَه الإنسان ليبتعدَ عنها ليَثبت على الإسلام، فهذا الذي تعلّم يعرف أنها كفريات فلا يقع فيها، فإنْ حصل ووقع والعياذ بالله يعرف أنه يلزمه أنْ يتشهد ليرجع للإسلام وليس بقول أستغفرُ الله.

والحمد لله رب العالمين