الخميس مارس 13, 2025

مجلس تلقي سمعت الشيخ يقول رقم ((46

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيّدِنا أبي القاسم طه الأمين وعلى آلِ بيتِهِ وصحابتِهِ ومَنْ تبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

صحيفة (179)

 

يقول الشيخ جميل حليم الحسيني حفظه الله تعالى

العلمُ صيدٌ والكتابةُ قيدُهُ

قالل الإمام الهرري رضي الله عنه: وردَ أثرٌ “قيِّدوا العلمَ بالكتاب” اي اكتبوا

عبدُ اللهِ بنُ المبارك قال

“أيها الطالبُ علمًا       إيتِ حمّادَ بنَ زيدِ        

فاطْلُبَنَّ العلمَ منهُ         ثم   قيِّدْهُ    بقَيْدٍ

لا كَجَهمٍ لا كثوْرٍ        لا كعمرِ بنِ عُبيدِ”

حمّادُ بنُ زيدٍ منَ الأئمةِ الكبار منْ أئمةِ أهلِ السنة اذهبْ إليه إنْ أردتَ العلمَ خذْ منه ثمَّ قيِّدْهُ بقيْدٍ، الكتابةُ جعلَها كالحبلِ، الحبلُ يَحْبِسُ الدابةَ عن الانْفِلات، الكتابةُ أيضًا تحبِسُ العلمَ عن الانفِلات.

ثم حذَّرهُ منْ ثلاثةٍ منَ المُبتدِعة منَ الذين تركوا مذهبَ أهلِ السنة أحدُهم جهم والآخرُ ثورُ بنُ يزيد كان قاضيًا لكنْ عقيدتُهُ مخالفةٌ لأهلِ السنة، وعمرو بنُ عُبيد أيضًا منْ هؤلاء الضالّينَ منْ رؤوسِهم، لا تذهب إلى هؤلاء الثلاثة اذهبْ إلى حمّادِ بنِ زيد ومَنْ مِثلُهُ منْ أهلِ السنة.

 

 

 

نصبُ الأدلةِ في الردِّ على أهلِ الضلال

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: يجبُ الاعتناءُ  بإعدادِ الجوابِ على دُعاةِ الفتنةِ الوهابية وحزب التحرير وحزب سيد قطب، كلّ هذه الفرق الثلاث مَنْ أجابَهم إلى دعوتِهم خرجَ منَ الدينِ وهو  لا يشعر.

عقيدةُ أهلِ الحقِّ مع الدليل إذا تعلّمَها المسلم يكونُ معه سلاحٌ ضدَّ هؤلاء، أمّا إذا لمْ يتعلّم مع الدليل قدْ يَفْتِنونَهُ قد يؤثِّرونَ عليه.

)ومعنى ما قالَه الشيخ رحمه الله مَنْ أجابَهم إلى دعوتِهم يخرجُ منَ الدين هذا معناه مَن اعتقدَ عقائد هذه الفرق المُخرجة منَ الدين، مَن اعتقدَ ما يُكذِّب الإسلام، مَن اعتقدَ ما هو منَ التشبيه أو التجسيم أو صدَّقَ به أو قال به، مَن اعتقدَ تكفير كلّ الأمة الإسلامية، مَنْ قال بما يؤدي إلى تكذيبِ عقيدةِ أهلِ الإسلام، هذا الذي يخرجُ منَ الدينِ والإسلامِ لأنهُ قال أجابَهم إلى دعوِتِهم يعني إلى عقيدتِهم.

أما مَن انتسبَ إليهم مُجرّد الانتساب لكنّهُ لا اعتقدَ بما يقولونَهُ منَ الكفرِ ولا قالَهُ ولا صدَّقَه ولا دعا إليه فبِمُجَرَّد الانتساب إليهم معَ براءتِهِ منْ هذه العقائد، أي أنه لا يعتقد لا يصَدّق لا يُقِرّ لا يدعو إلى ما يعتقدونَهُ  منَ الكفريات فهذا بمجرد الانتساب إليهم لا يُكفَّر لكنْ عليه ذنبٌ منَ الكبائر، كما أنَّ بعضَ الذين انتسبوا إلى المعتزلة لا يعتقدونَ عقائد المعتزلة الكفرية فهؤلاء الذين انتسبوا إليهم منْ غيرِ اعتقاد منْ غيرِ القولِ بأقوالِهم الكفرية هذا أيضًا لا يُكَفَّر لكنْ عليه ذنب عليه معصية وهذا الثاني عليه معصية، لأنه بانتسابِهِ لهؤلاء المعتزلة أو لهؤلاء المشبهة الوهابية أو لجماعةِ سيّد قطب التكفيرية أو لجماعةِ حزبِ التحرير جماعة تقي الدين النبهاني الذين وافقوا المعتزلة في مسئلةِ المشيئة فقالوا إنّ العبدَ ما يفعلُهُ منَ الأفعال والأعمالِ الاختيارية لا دخلَ للقضاءِ والقدر فيها، هؤلاء مَن انتسبَ إليهم واعتقدَ عقائدَهم الكفرية فهو كافر، لكنْ نحنُ الآنَ نتكلم عمَّنْ انتسبَ إليهم مُجردَ الانتساب ولا اعتقد ولا قال ولا وافق على تلك العقائد الكفرية مع ذلك عليه ذنبٌ منَ الكبائر لأنه بانتسابِهِ إليهم يُقَوِّيهم، يقوّي أهلَ الضلالةِ والفساد ويُكثِّر سوادَ أهلِ الضلالة، يُكثِّرُ عددَهم، كأنه بانتسابِهِ إليهم يقول للناس تعالوا انتسبوا لهذه الجماعات ادخلوا فيهم كونوا معهم وهذا حرام منَ الكبائر لا يجوز.

أما من اعتقدَ عقائدَهم الكفرية أو اسْتَحْسَنَها أو رضيَ بها أو قالها أو دعا إليها فعندَ ذلك يكونُ خارجًا منَ الدينِ والإسلام، هذا معنى ما قاله الشيخ رحمه الله “يكون خرجَ منَ الدين” هذا معناه بهذا القيد(

وقال رضي الله عنه: إعدادُ السلاحِ منَ الأدلةِ العقلية والقرآنية والحديثية أمرٌ عظيم لأنّنا كإنسانٍ بين أعداء يريدونَ أنْ يُهْلِكوه وهذا الإنسان إذا ما كان عندَهُ ما يدفعُ به هذا العدو العدو يضُرُّه.

)وهنا انتبهوا أيضًا إعدادُ السلاح هذا سلاحُ العلم، السلاح المعنوي، الإعداد هنا بمعنى العلم التقوي التمكن في معرفةِ الأدلةِ السمعية، يعني النقلية، الحديثية القرآنية هذا يقال له الأدلة السمعية والأدلة النقلية.

فإذًا إعدادُ السلاحِ منَ الأدلةِ العقليةِ التي يُحْتَجُّ بها مِنْ طريقِ العقلِ لإحقاقِ مذهبِ أهلِ الحقِّ ولِإبطالِ مذهبِ أهلِ الضلالةِ والمذاهبِ الرّديةِ والفاسدة.

وقدْ تكلّمنا قبل الآن عن مدحِ الأدلةِ العقلية التي يستعملُها الأنبياءُ والأولياءُ وعلماءُ أهلِ السنةِ لنُصرةِ الدينِ والحقِّ ودَحضِ الضلالاتِ  والكفريات، وكنا استشْهدْنا بقولِ اللهِ تعالى بما جاء في قصةِ إبراهيم مع النمرود واللهُ تعالى مدحَ إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومدحَ الحُجج العقلية التي استعملَها إبراهيم على قومِهِ قال تعالى {وتلكَ حُجّتُنا آتَيْناها إبراهيمَ على قومِهِ}[الأنعام/٨٣] مدَحَهُ ومدحَ حُجَجَهُ العقلية، يعني ما تَلا عليهم ما نزلَ منَ الصحف أو منَ الوحي، بل حاجَّهمْ بالأدلةِ العقلية فأقامَ عليه الحجة وبكَسرِهِ للنمرودِ كسرَ أتْباعَهُ وهذا نصرٌ للدينِ والإسلام.

إذًا هذا دليلٌ منَ القرآن على مدحِ الأدلةِ العقليةِ التي يستعملُها الأنبياء وعلماء مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعة

المراد هنا بالسلاح العلم الآيات والأحاديث والأدلة العقلية لإحقاقِ الحقِّ وإبطالِ الباطل وهذا سلاحٌ معنوي وأنتم تعرفون الآن الجهاد الموجود القائم الآن هو جهادُ البيانِ يعني بيان الحق ونَصبِ الأدلةِ على ذلك. فهذا الجهاد ماضٍ لمْ يقِفْ وأما جهادُ السلاح فاليوم في مُعظمِ الدنيا قدْ توقّفَ والعياذُ باللهِ تعالى. أما سلاحُ العلم فهذا مستمر وجهادُ البيان مستمر، لذلك ينبغي أنْ تتَقَوَّوْا بمعرفةِ وحفظِ وإعدادِ هذا السلاح، سلاح العلم، بسلاحِ العلم قبلَ القنابل، سلاحُ العلمِ هو الأصل هو الأساس. لأنّ جهادَ البيان موجودٌ وقائمٌ ومستمر(

قال الإمام الهرري: كذلك الذي لمْ يتعلمْ علمَ العقيدةِ وأدلَّتَها إذا اجتمعَ بالوهابية وغيرِهم كحزبِ التحرير يؤثرونَ به إلى ما هم عليه فيَكفُر، يُقَلِّبونَهُ منْ غيرِ أنْ يشعر(يردّونَه عن الحق إلى الباطل)، أمّا الذي أعدّ هذه الأدلة يُدافعُ عنْ نفسِهِ هو يكسِرُ بالحجة بدلَ أنْ يأخذوهُ إليهم.

ولكن كونوا ربّانيّين

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: في صحيحِ البخاري تفسيرُ قولِه تعالى {ولكنْ كونوا ربّانيّين} [آل عمران/٧٩]

الربانيّون الذين يُرَبُّونَ الناسَ بصِغارِ العلمِ قبلَ كبارِهِ، العلمُ يُحصَّلُ بالتدريج ليس كلُّ العلمِ دُفعةً واحدةً يُحَصَّل يُبْدَأُ بالمُختصَرات ثم بعدَ المُختَصَرات يتَرَقّى إلى المَبسوطات ثم إلى المُطَوَّلات، كتبُ العلمِ ثلاثُ مراتب مختصَرات ثم المرتبةُ الوسطى ثم مُطَوَّلاتٌ ومبسوطات، هكذا كتبُ العلمِ والفقه وهكذا كتبُ النحوِ وهكذا كتبُ الحديث.

فلا ينبغي للواحدِ قبلَ أنْ يُتْقِنَ المختصَرات أنْ يشتغلَ بالمُطوَّلات لأنّ الذي لا يفهمُ مقاصدَ العلماء والفقهاء والمحدِّثين يقيسُ ما يراهُ في هذه الكتب المُطوَّلة على نحوِ ما فهِمَهُ قبلَ ذلك ولا يدري أنّ بين المختصَرات والمُطَوَّلات فرقًا في العبارات يكونُ فهمُهُ هذا غيرَ مُوافقٍ لِما يُذكَرُ في المُطوَّلات.

)وهذا الأمر الذي ضيَّعَهُ بعض أدعياء العلم والمشيخة وبعض أدعياء البحوث والعلوم والدكترة وما شابه قاسوا على فهمِهم الضعيف وحكموا على ظنونِهم واعتبروا أنّ الدينَ هو ما يفهمونَهُ هم فضَلّوا وأضلّوا، اقتصَروا على مطالعةِ الكتبِ وحدَهُم ولمْ يتيَسَّرْ لهم أنْ يتَرَبَّوا عند عالِمٍ محَقِّق لم يتيسَّرْ لهم أنْ يأخذوا عنْ عالمٍ تقيٍّ صالحٍ يفهمُ عبارات العلماء ويضع الأمور في مواضِعِها ويزين الأمور والمسائل بميزانِها ومقاييسِها، فاعتمدوا على آرائِهم الفاسدة وعلى عقولِهم الكاسدة وعلى قلوبِهم المعكوسة فوصلوا إلى الضلالةِ وإلى نشرِ الكفر وتقريرِ الكفر ودعوةِ الناس إلى الكفرِ والضلال وظنَّ بعضُهم أنه المحقق أنه الباحث أنه المُرَجِّح أنه الذي يُعلِّق على العلماء الكبار وأنه ينتقد العلماء الذين يُضرَبُ بهم المثَل في التقوى والصلاح والاجتهاد والعلم والحديث والحفظ والفقهِ والحديث ومعرفةِ أمورِ الدينِ على المراتبِ الحقيقية، هذا سببُهُ ما وصلَ إليه بعضُ الناس قديمًا وحديثًا فضلّوا وأضلّوا لأنهم ضيّعوا مراتب تحصيلِ العلم المختصَرات والمتوسّطات والمُطَوَّلات المبسوطات، اعتمدوا على آرائهم الفاسدة فهلكوا وضاعوا وضلّوا وفسَدو وأفسدوا فدخلوا تحتَ حديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم [دُعاةٌ على أبوابِ جهنم مَن استجابَ لهم قذَفوهُ فيها[

ولذلك قال الإمام الحافظ الفقيه أبو بكرٍ الخطيبُ البغدادي “إنما يُؤخذُ العلم منْ أفواهِ العلماء”، ولذلك قال شيخُنا رحمه الله” مَن اعتمدَ وحدَهُ على مطالعةِ الكتب يطلُع ضالًّا مُضِلًّا”

انظروا كيف بزغَتْ وظهرَت هذه الفرق المُعادية والمحاربة للإسلام والداعية للكفر باسمِ الدين والإسلام لأنّ زعماءَ هذه الفرق والأحزاب والمذاهب الكاسدة الفاسدة منْ هنا انطلقوا لأنهم حكّموا آراءهم على الدين حكّموا آراءهم على القرآن والعياذُ بالله، فكفروا وضلّوا وأضلّوا وهلَكوا وأهلكوا.

وقدْ قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري وفيما  رواه مالك رضي الله عنهما بألفاظٍ مُتقاربة [إنَّ اللهَ لا يقبِضُ العلمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ منَ العلماء وإنما يَقْبِضُ العلمَ بِقَبضِ العلماء حتى إذا لمْ يُبْقِ عالمًا اتّخَذَ الناسُ رؤساء – وفي لفظ رؤوسًا – جهّالًا فاسْتُفْتُوا فأفْتَوا بغيرِ علمٍ  فضَلّوا وأضلّوا] يعني هم ومَنْ تَبِعَهم.

فلا تقلْ أنا لا علاقةَ لي في ذمّتِهِ، أنا برىءٌ والوزرُ عليه، أنتَ وهو إنْ تَبِعْتَه على الضلالة، أنت وهو إنْ تبِعْتَهُ على الفساد.

كم منْ أناسٍ كانوا يأتونَ إلى شيخِنا يقبِّلون يديه وركبَتيْهِ وكنا نراهم ويسألونَهُ ويسْتَفْتونَهُ ويمْدَحونَهُ ويتواضَعونَ له، ثم بعدَ أن ماتَ انقلَبوا عليه فحاربوه وكذّبوهُ وكذّبوا دعوَتَهُ المُؤيَّدة بالآيات بالأحاديث بالإجماع بنُقولِ العلماء، والآن بأصواتِهم الضفدعية بدأوا يلْعِقون من هنا وهناك يريدونَ أنْ يَرَوا أنفُسَهم على نقولِ العلماء التي ذكرَها لهم الشيخ وكانوا في حياتِه يُوافقونَه وبعدَ مماتِه أعرضوا عن ما قالَ لهم منَ الأدلة وأظهروا ما في قلوبِهم منَ النفاق، وبعضهم كنا نراهُ عندما كان يتعطّف الشيخ عليه وعلى أولادِه يعطيهم المساعدات، يقولونَ له هذا الشيخ في بلد كذا في قرية كذا في لبنان أو خارج لبنان، كان الشيخ يُرسل يقول قولوا له اصرِفْ هذا على أبنائك أنت فقير أولادُكَ صغار، كان يأخذ ويقبّل اليد.

أما الآن أظهروا النفاق الذي كان في قلوبِهم. فإذًا احذروا هؤلاء الخفافيش الذين يريدونَ أنْ يُظهِروا أنفسَهم على كبار العلماء، اسمعوا هذا الحديث [فضلُّوا وأضلُّوا] بآرائهم بعقولِهم بأفكارهم بظنونِهم المُنحرِفة الفاسدة.

بعضُهم والعياذُ باللهِ وصلَتْ به الحماقة الضلالة إلى أنْ قال في قتلِ عمار بن ياسر رضي اللهُ عنه وعن أبويْه قال قتلُهُ لا كبيرة ولا صغيرة، الدجاجة لو أنكَ دهَسْتَها بسيارتِكَ عمْدًا هذه كبيرة أم ليست كبيرة؟ فكيف بقتلِ عمار بن ياسر أيها المنافق؟ لا كبيرة ولا صغيرة قتل عمار بن ياسر بزعمِه؟ عمار بن ياسر أحد السبعة الأوائل الذين أسلموا، عمار بن ياسر الذي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم [الجنةُ تشتاقُ لعمار] عمار بن ياسر الذي قال فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم [مُلِىءَ إيمانًا منْ قرْنِهِ إلى مُشاشِه] يعني منْ رأسِهِ إلى رؤوسِ عظامِهِ مُلِىءَ إيمانًا، عمار بن ياسر الذي قال فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم [عمار يدعوهمْ إلى الله] وفي روايةٍ [يدعوهم إلى الجنة ويدعونَهُ إلى النار]

هذا عمار بن ياسر، عمار بن ياسر ذاك الشهيد الطيب المبارك الصحابي الجليل الولي العظيم ذاك الرجل الذي نصرَ الإسلام نصرَ الدين الذي خدمَ الرسول يُقال في قتلِهِ لا كبيرة ولا صغيرة؟

قتلُ الصوص الذي يخرجُ منْ بيضةِ الدجاجة عمدًا هذا ماذا تقولونَ فيه لا صغيرة ولا كبيرة؟ أم تقولونَ حرام؟ قتلُ الدجاجةِ عمدًا أنْ تُداسَ بالسيارة لا تقولون كبيرة؟ إذًا في هذا تُحرِّمون قتل الصوص والدجاجة فكيف بقتلِ عمار بن ياسر الذي هو أعظمُ حرمةً عندَ اللهِ منَ الكعبة؟

عمار بن ياسر الذي كان مَنْ قتلَهُ في حجةِ الوداع مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أبو الغادية، وسمِعَ منَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم [لا تَرجِعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكمْ رقابَ بعضٍ] سمِعَ هذا الحديث من رسولِ اللهِ ثم ذهبَ إلى عمار في معركةِ صفين لأنه كان في جيش عليّ رضي الله عنه، عمار كان مع علي وكانت يدُهُ ترتجف في المعركة ويحمل الراية وثبتَ مع الحقِّ وأهلِهِ إلى أنْ قُتِل، هذا عمار بن ياسر الذي هو أعظم حرمةً عندَ اللهِ منَ العرش ومنَ الكعبة تقولونَ في قتلِهِ  لا كبيرة ولا صغيرة؟ يا ويلكُمْ منَ اللهِ إنْ مِتُّم على هذه العقيدة الكاسدة الفاسدة الضلالة.

عمار بن ياسر ذهب إليه هذا الرجل فقتلَهُ، أليس قال علي رضي الله عنه “بشِّرْ قاتِل ابن سمية بالنار”؟ وأنتم تقولون لا كبيرة ولا صغيرة؟ هذا كيف يتجرأ ينتسب للإسلام ويدّعي المشيخة ويقول مثل هذا الكلام في عمار بن ياسر؟

يا ويلكم منَ اللهِ إنْ مِتُّمْ على هذا، أما إنْ رجَعْتُمْ إلى الحق فقدْ قال صلى الله عليه وسلم [التائبُ منَ الذنبِ كمَن لا ذنبَ له]

إذًا احذروا لا تقولوا لا علاقةَ لي في ذمّتِهِ هو أفْتاني هو الشيخ هو قال، الرسولُ قال [فضلُّوا وأضلُّوا] هم ومَنْ تبِعَهم وهذا الحديث صحيح رواه البخاري ورواه مالك.

والحديث الذي سبق [دُعاةٌ على أبوابِ جهنم مَن استجابَ لهم قذَفوهُ فيها] وأحاديث كثيرة.

انتبهوا علمُ الدين لا يؤخَذ كيفَما كان ولا كيفَما اتفق، علمُ الدينِ لا يؤخذ بالرأي والتخمين يُؤخذ منَ العلماء الأجِلّاء الثّقات الذين يؤَتَمَنونَ على الدين عُرِفوا بالثقة والأمانة وأخذوا بالتلقي، هكذا قال الحافظُ النوويُّ رحمه الله “لا يُسْتَفْتَى غير الثقةِ العارف”

من هنا يا إخواني مَنْ ضيَّع هذه القواعد التي أسّسها العلماء واعتمدَ على رأيهِ الكاسد وعلى قلبِهِ الفاسد وعلى رأيِهِ المعكوس المَنْكوس هذا حالُهُ وهذه نتيجتُهُ في الغالب إلا مَنْ سلَّمَهُ الله، إلا مَنْ حفظَهُ الله.

احذروا أنْ تكونوا كهؤلاء الشياطين الذين ادّعى بعضُهم أنه قرأ في الكتبِ وحدَه وقرأ في بعضِ الأحاديثِ التي بعضُها في سندِهِ كلام وبعضُها له معنى غير الظاهر، قال هذا الملعون الرسول همّ بالانتحار، يعني بزعمِكَ الرسول فاسق فاجر يريد أنْ يقتلَ نفسَهُ، وقتلُ النفس التي حرّم الله إلا بالحق أكبرُ الجرائم وأعظمُ العظائم بعدَ الكفرِ والعياذُ بالله.

كيف ينسبُ هذا للرسولِ مَنْ يدّعي الإسلام؟ يعني على زعمِه الرسول لا يُؤتَمَن على الدين، وهذا يدّعي الإسلام والأستاذية والعالِمية والمشيَخة.

إذًا احذروا هؤلاء الشياطين الذين يُحَكِّمونَ رأيَهم على الدين، الذين يريدونَ أنْ يحكموا بآرائهم على القرآن والحديث والإجماع والشريعة.

لا ليس هكذا يؤخَذ العلم، إنما يؤخَذُ العلم تدريجيًّا أولًا المختصَرات المتوسطات المبسوطات المُطَوَّلات وعلى العلماء ليس على النت ليس على الفيس بوك والواتساب، ليس منَ الأفلام والمسلسلات والتمثيليات، إنما عن أهلِ العلمِ الثقات لا بمجرد الاعتمادِ على الرأي ولا بمجردِ القراءةِ بالكتبِ وحدَكَ مع قصورِكَ منْ حيثُ القرآن والحديث واللغة والإجماع والنحو وغير ذلك، تعرف منْ نفسِكَ لستَ في هذه المرتبة لِتَفهَم فتحكم على الدينِ برأيك.

من هنا قال الشيخ رحمه الله “الذي يعتمدُ وحدَهُ على مطالعةِ الكتبِ يطلُعُ ضالًّا مُضِلًّا.

 

والحمدُ لله ربّ العالمين