ما الدليل على أن الكافر لا ينتفع فى الآخرة بما عمله من الحسنات فى الدنيا
اعلم أن الكافر لا ينتفع فى الآخرة بما عمله من الحسنات فى الدنيا لقوله تعالى ﴿مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف﴾. فالله تعالى شبه أعمال الكفار بالرماد الذى إذا جاءته ريح عاصفة لا يبقى منه شىء كذلك الكفار أعمالهم لا ينتفعون بها لأن الإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة. الكافر إذا تصدق على الفقراء والمحتاجين أو ساعد اليتامى والأرامل لا يثيبه الله على ذلك فى الآخرة لكن يجازيه فى هذه الدنيا بالرزق وصحة الجسم ونحو ذلك لقوله ﷺ وأما الكافر فيطعم بحسناته فى الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له منها نصيب رواه مسلم. ونقل ابن حجر العسقلانى فى فتح البارى عن القاضى عياض الإجماع على أن الكافر لا ينتفع فى الآخرة بما عمله من الأعمال الحسنة لا بتخفيف عذاب ولا بنعيم. ولا ينتفع الكافر بشىء من أعمال المؤمنين الصالحة بل يكون فى الآخرة فى القعر الأسفل من النار قال تعالى ﴿إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار﴾. فيفهم من ذلك أنه لا يجوز الدعاء للكافر بعد موته أن يدخله الله الجنة ولا يجوز الترحم عليه لقوله تعالى ﴿إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار﴾ وقوله تعالى ﴿إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة﴾ وقوله تعالى ﴿ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون﴾ أى أخصها فى الآخرة للذين يجتنبون الشرك وسائر أنواع الكفر. أما قول جزاك الله خيرا للكافر فلا يجوز لأن معنى جزاك الله خيرا الله يكتب لك ثوابا فإن قال له جزاك الله خيرا بقصد الدعاء له أن يجزيه الله فى الآخرة كما يجزى المؤمنين كفر أما إن قصد فى الدنيا فلا يكفر لأن الله يجزى الكفار فى الدنيا.
