تفسير قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [سورة المائدة/٨٢].
قال الخازن: قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} اللام في قوله لتجدن لام القسم، وتقديره والله يا محمد إنك لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا بك وصدقوك اليهود والذين أشركوا، وصف الله شدة عداوة اليهود وصعوبة إجابتهم إلى الحق وجعلهم قرناء المشركين عبدة الأصنام في العداوة للمؤمنين، وذلك حسدًا منهم للمؤمنين: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} قيل: نزلت في أناس من أهل الكتاب ءامنوا بالرسول فأثنى عليهم قيل هو النجاشي وأصحابه، تلا عليهم جعفر بن ابي طالب حين هاجر إلى الحبشة سورة مريم، فآمنوا وفاضت أعينهم من الدمع، وقيل: هم وفد النجاشي مع جعفر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا سبعين بعثهم إلى الرسول عليهم ثياب الصوف اثنان وستون من الحبشة وثمانية من الشام وهم بحيرا الراهب وإدريس وأشرف وثمامة وقثم ودريد وأيمن، فقرأ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم: {يس}[سورة يس/١] فبكوا وءامنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فأنزل الله هذه الآية، وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ} يعني من النصارى: {قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} ولم يرد كل النصارى بل الآية نزلت فيمن ءامن من النصارى كالنجاشي وأصحابه. والقس والقسيس اسم رئيس النصارى والجمع قسيسون، وأما الرهبان فهو جمع راهب وقيل الرهبان واحد وجمعه رهابين وهم سكان الصوامع.