الأحد ديسمبر 22, 2024
  • لماذا الجرأة في الدفاع عن أهل الحق وبيان مَن هم ؟

     

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند ولا هيئة ولا جثة ولا شكل ولا صورة ولا أعضاء ولا مكان له . وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.

    أما بعد عباد الله ، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه: { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ءال عمران/104 .

    إخوة الإيمان ، إن الله تبارك وتعالى منّ على هذه البلاد بنخبة من الرجال الصادقين المخلصين ، فمحمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتهم ، ودرب العلماء العاملين دربهم ، ومجالس الخير والنور والبركات مجالسهم ، وعلم الدين الصافي زينتهم ، والاعتدال شعارهم ، اعتقدوا بالله ما يليق بالله واعتقدوا بالأنبياء ما يليق بالأنبياء ، هم ورود ورياحين فاحت روائحهم الزكية الطيبة العطرة خيرات وبركات في هذا الزمن بالرغم من الروائح السامة القاتلة ، فاحت رائحة مسكهم ، رائحة عنبرهم فطيبت الكثير الكثير ، وأنارت درب الكثير الكثير ، وأروت ظمأ الكثير الكثير الذين تعطشوا لعلم الدين ، فمنذ عشرات السنين صارت الناس تسمع في هذا البلد “إياك ومسبة الله” ، “إياك والاعتراض على الله” ، “إياك والعقيدة الفاسدة كعقيدة أن الله جسم أو أنه يشبه الجسم” ، بل عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم وعقيدة الأنبياء وكل المسلمين : كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان ، فهو تبارك وتعالى موجود بلا مكان .

    ومن رواد الجمعة من صار ينتظر أي عبارة سيحذر الخطيب منها اليوم أو عن أي عبارة سينبهنا اليوم ، وأهل الصدق هؤلاء لا يطلبون محمدة الناس لأنهم تعلموا حديث أفضل الناس: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى …” الحديث .

    تعلموا ما معنى الإخلاص لله تعالى ، ويبدأون مجالسهم بقول الله تعالى : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } المائدة/2

    ولا أريد اليوم من هذه الخطبة تعداد مناقب هؤلاء الرجال أهل الصدق والحق والإخلاص والاعتدال إنما أردت الإشارة إليهم لأجل تعريفهم لأذكّر نفسي وإياكم بعد ذلك أي بعد ما تقدم بقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا *  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} الأحزاب/ 70و71  .

    فلقد أمر الله عز وجل بالقول السديد وهو عبارة عن القول الذي حسّنه الشرع ، “فما حسّنه الشرع هو الحسن وما قبّحه الشرع هو القبيح” .

    فأهل الحق يقفون عند هذه القاعدة الشرعية ولا يخشون في الله لومة لائم ولا باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل ، فأين اليوم من يقف مع أهل الحق ؟ أين اليوم من يدافع عن أهل الحق ؟ ولِمَ لا تتحرك كثير من الألْسن بالخير مع أهل الخير تثبيتًا لنشر الخير في هذا البلد ؟ فهذه الألْسن حري بها في هذا الوقت أن تنطلق بالخير بدل السكوت عن الحق ، حري بها أن تنطلق بالدفاع عن أهل الصدق والحق والإخلاص والاعتدال بدل السكوت عن الافتراءات التي طاولت مَن ؟ طاولت أهاليهم ، طاولت أولادهم ، طاولت أرحامهم ، أقرباءهم .

    إخوة الإيمان ، إننا ندعو اليوم كل مؤمن مخلص في هذا البلد أن يساهم بإطفاء نار الفتنة وذلك بدفاعه المستمر من غير ملل ولا كلل عن أهل الحق ، أهل الصدق والإخلاص والاعتدال ، وتذكّروا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا } الأحزاب/70  .

    أخي المسلم ، إن الذي ينبغي للمؤمن أن يعين المظلوم وأن يمنع الظالم ولو كان قريبه أو صديقه بأن يقول له : اتق الله ، أي واجب عليه أن ينهاه عن الظلم ، ولو عمل الناس بهذا الحكم الشرعي لارتحنا من التفكّك الناتج عن العصبية البغيضة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أعان إنسانًا في خصومه بباطل لم يزل في سخط الله حتى يرجع” رواه أبو داود ,

    أي أن الإنسان الذي يعين غيره على الظلم والباطل لأجل القرابة أو المال مثلاً فإنه لا يزال في سخط الله حتى يترك هذا الأمر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

    فعلى رغم ما يتعرض له أهل الحق يبقون على التمسك بقول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } الآية . ءال عمران/134 .

    وبقول ربنا تبارك وتعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } الأعراف/199 .

    اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغنا حبك ، اللهم اجعل حبك أحب إلينا من أنفسنا وأهلنا ومن الماء البارد .

    هذا وأستغفر الله لي ولكم .

     

    الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

    إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.

    وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.