قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: لا نَدْخُلُ فِى ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ بِآرَائِنَا وَلا مُتَوَهِّمِينَ بِأَهْوَائِنَا.
الشَّرْحُ يَعْنِى أَنَّهُ لا يَدْخُلُ فِى ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا بِرَأْيِهِ تَأَوُّلًا بِلا دَلِيلٍ عَقْلِىٍّ قَطْعِىٍّ وَلا دَلِيلٍ سَمْعِىٍّ ثَابِتٍ كَتَأْوِيلِ الْمُعْتَزِلَةِ لِلآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ لا يَدْخُلُ فِى ذَلِكَ مُتَصَوِّرًا بِوَهْمِهِ يَعْنِى لا كَمَا ذَهَبَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِى نَفْيِهِمْ لِلرُّؤْيَةِ وَتَحْرِيفِهِمْ لِلآيَةِ وَلا كَمَا ذَهَبَتِ الْمُشَبِّهَةُ فِى جَعْلِهِمُ الرُّؤْيَةَ بِكَيْفِيَّةٍ حَيْثُ أَثْبَتُوا لِلَّهِ تَعَالَى الْجِهَةَ فَهُمْ حَيْثُ أَثْبَتُوا لِلذَّاتِ الْمُقَدَّسِ الْجِهَةَ فَلا بُدَّ أَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الرُّؤْيَةَ فِى جِهَةٍ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَبَعِيدُونَ مِنْ ذَلِكَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ يُرَى بِلا مُقَابَلَةٍ وَلا مُدَابَرَةٍ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ الرَّائِى فِى جِهَةٍ مِنَ اللَّهِ لا يَمْنَةً وَلا يَسْرَةً وَلا فَوْقَ وَلا أَسْفَلَ وَلا قُدَّامَ وَلا خَلْفَ.
وَلا يَعْنِى كَلامُ الطَّحَاوِىِّ رَدَّ تَأْوِيلِ أَهْلِ السُّنَّةِ الإِجْمَالِىِّ وَالتَّفْصِيلِىِّ لِآيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا الْمُتَشَابِهَةِ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ فَإِنَّ تَرْكَ التَّأْوِيلَيْنِ عَيْنُ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ الْمَنْفِيَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى/11].