الأحد ديسمبر 22, 2024

لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي

حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: »إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله« ليس فيه دليل على منع التوسل بالأنبياء والأولياء لأن الحديث معناه أن الأولى بأن يسألَ ويُستعانَ به الله تعالى، وليس معناه لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله. نظير ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم: »لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي« (رواه الترمذي في السنن)، فكما لا يفهم من هذا الحديث عدم جواز صحبة غير المؤمن وإطعام غير التقي، وإنما يفهم منه أن الأولى في الصحبة المؤمن وأن الأولى بالإطعام هو التقي، كذلك حديث ابن عباس لا يفهم منه إلا الأولوية ولا يفهم منه التحريم. المتوسل القائل اللهم إني أسألك بنبيك أو بأبي بكر وعمر أو نحوِ ذلك، سأل الله لم يسأل غيره ، ثم إن الحديث ليس فيه أداة نهي لم يقل الرسول لابن عباس لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، ثم حتى ولو ورد بلفظ النهي فليس كلُ أداة نهي للتحريم كحديث الترمذي وابن حبان: »لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي«، فهذا الحديث مع وجود أداة النهي فيه، ليس دليلا على تحريم أن يُطعِم الرجلُ غيرَ تقي، وإنما المعنى أن الأولى أن تطعم طعامك التقي. فكيف تجرأت الوهابية على الاستدلال بهذا الحديث لمنع التوسل بالأنبياء والأولياء، ما أجرأهم على التحريم والتكفير بغير سبب، ومن عرف حقيقتهم لا يجعل لكلامهم وزنا، كيف يجعل لهذه الفرقة وزن وهم يكفرون المؤمن الذي يأتي ليسلم على الرسول فيسلم عليه ثم يدعو الله متوجها إلى القبر الشريف، فإنهم يرون هذا شركا ولا سيما إذا وضع يده على الشبيكة يجعلون هذا الشرك الأكبر الذي يستوجب فاعله الخلود في النار كما هو معروف من تصرفهم مع الزائرين.

   وهذه الفرقة الذين معتقدهم هذا ماذا يقولون فيما ثبت عن أبي أيوب الأنصاري أنه جاء إلى قبر الرسول فوضع وجهه عليه للتبرك وهذا لا شك عندهم من أكبر الكفر والشرك، وحاشا لله أن يكون أبو أيوب أشرك بالله لذلك، ولا يخطر هذا ببال مسلم، فلم ينكر عليه أحد من الصحابة ولا أحد من أهل العلم من السلف بل ولا من الخلف، فإذا كان وضع الوجه على قبر الرسول للتبرك لا يعد شركا فكيف وضع الكف على الشبيكة التي هي بين القبر وبين الزائر، فإنا لله وإنا إليه راجعون. أجارنا الله من فتنة الوهابية وأراح الله منهم العباد والبلاد.