قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ.
الشَّرْحُ أَىْ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلِاتِّصَافِ بِمَعْنَى الْخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَاءِ الْخَلْقِ وَالْمُرَادُ بِالإِنْشَاءِ هُنَا أَثَرُهُ لِأَنَّ الإِنْشَاءَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ صِفَةُ اللَّهِ فَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الأَزَلِيَّةِ.
وَأَزَلِيَّةُ خَالِقِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ يَسْتَلْزِمُ بِأَنْ لا يَحْدُثَ لَهُ بِإِنْشَاءِ الْخَلْقِ صِفَةٌ حَادِثَةٌ وَهُوَ بِصِفَتِهِ الأَزَلِيَّةِ أَنْشَأَ مَا أَنْشَأَ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ فَثُبُوتُ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ يُفْهَمُ مِنْهُ حُدُوثُ مُنْشَآتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ وَأَزَلِيَّةُ إِحْيَائِهِ وَإِمَاتَتِهِ لِمَا أَحْيَاهُ وَأَمَاتَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، هَذَا الْحُكْمُ يَنْطَبِقُ عَلَى الإِجْمَالِ وَعَلَى التَّفْصِيلِ فَإِذَا قُلْنَا أَنْشَأَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحْدَثَاتِ الَّتِى شَاءَ لَهَا الْحَيَاةَ بِإِحْدَاثِهِ الأَزَلِىِّ وَإِحْيَائِهِ الأَزَلِىِّ فَهُوَ كَقَوْلِنَا عِنْدَ التَّفْصِيلِ أَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى فُلانًا بِصِفَةِ الإِحْيَاءِ الَّتِى هِىَ ثَابِتَةٌ لَهُ فِى الأَزَلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ الَّذِى قَرَّرْنَا وَالَّذِى هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ أَنْسَبُ وَأَقْوَى لإِبْطَالِ الْقَوْلِ بِحَوَادِثَ لا أَوَّلَ لَهَا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِلْحَوَادِثِ أَزَلِىٌّ فَلا يَحْتَاجُ إِلَى فِعْلٍ ءَاخَرَ.