الجمعة أكتوبر 18, 2024
  • كيف يطلب المرء ما يريد من الناس؟

     

    مخاطبة الناس من خلال دوافع الخير والفضيلة في الناس:

    إن ذكر الدوافع النبيلة والخيرة في الناس، ومخاطبة الناس من خلالها، قاعدة لا يستهان بها في جذبهم والتأثير فيهم وتغيير طباعهم.

    وحينما تطلب من إنسان القيام بعمل وتبدأ طلبك بأن تقول له: إنني أتوسم فيك الخير، وإني لواثق من أنك لن ترد لي طلبي إن شاء الله، فإنه سيقوم بالعمل لك، ولن يردك خائباً على الأرجح.

    والسبب لأنك رسمت له صورة جميلة في ذهنك وقلبك، وذكرت دوافع الخير والنبل في أعماقه.

    على سبيل المثال: إن موظفاً لا مانع لديه أن يلبي الطلبات والأوامر إذا كان قد تلقاها من مديره أو من غيره في صورة التماس أو رجاء، بل إنه بهذا الأسلوب ينطلق في تأديتها يندفع، ولكنه قد لا يكون مستعداً لتنفيذ الأوامر مباشرة. ومن هنا فإن مراعاة الجانب النفسي للشخص الآخر من أهم الأمور والمسلكيات في التعامل بين الناس ومنه الطلب منهم في أي موقع من المواقع وفي أي مؤسسة من المؤسسات.

    وهناك الكثير من التعبيرات الحسنة في هذا المجال قد تجعل الطرف الآخر يقوم بالأعمال المرجوة منه من تلقاء نفسه. ومثال تلك التعابير التمس منك أن تقوم بكذا وكذا.. ألتمس منك أن تساعدني في كيت وكيت.. أرجو أن تقوم بكذا وكذا.. أقترح أن تفعل كذا وكذا.. أتمنى أن تفعل كذا وكذا .. آمل أن تقم بكذا وكذا.. من المفضل أن تفعل كذا وكذا.. ما رأيك أن تقم بكذا وكذا.. هل لك أن تصنع كذا وكذا.. أتوسم فيك أن تقوم لي بكذا وكذا…

    ولو أن المرء استخدم ذوقه الكلامي لتوصل إلى كثير من العبارات اللطيفة التي تعطي مفهوم الطلب والأمر للآخرين من أجل أن يقوموا بالأعمال المرادة منهم ولكن بصورة لطيفة غير مباشرة. ولا غرابة إذا وجد كثيرين من الناس يندفعون للقيام بالأعمال بإشارات أو رموز كلامية فنية تقدر شخصياتهم وتراعي مشاعرهم.

    أسلوب الالتماسات والاقتراحات والتمنيات والآمال يسهل على الطرف الآخر أن يصلح خطأه فيما إذا كان مخطئاً ويدفعه إلى التعاون والموافقة بدل أن يحفزه إلى المشاكسة والعناد ويمكن للمرء أن يجرب بنفسه هذا الأسلوب كأنه يقول لشخص يعرفه: أتمنى أن تساعدني في عملي هذا أو بأسلوب يشابه هذا الأسلوب فإنه سيهب لمساعدته راغباً. أما لو طلب منه ذلك في صورة أمر مباشر فقد لا يستجيب له وربما يرد عليه بقوله: ومن أنت حتى تصدر أوامرك إلي؟

    وفضلا عن أن كثيراً من الناس لا يفضلون استقبال الأوامر المباشرة فإن قسماً منهم لا يستسيغ استقبالها أمام جمع من الناس. على أنه وإن لم يكن الطلب بصورة الإلتماس إلا أنه ينبغي للمؤمن أن يتطاوع مع أخيه المؤمن فيما هو خير ويترك الاستبداد، والاستبداد يضر صاحبه ويضر غيره ومعناه أن لا يرضى الشخص اتباع رأي غيره ولو كان موافقاً للحق ويريد أن يتبعه الناس ولو كان على غير الصواب.

    قال سيدنا عمر رضي الله عنه: “ما ترك الحق صاحباً لعمر” معناه أنا الحق صديقي، أينما كان الحق أنا أتبعه، أحق الناس أن يتبع من علم الحق وعمل به، العالم العامل والمتعلم العامل. خالد بن الوليد كان قائداً، سلمه عمر القيادة ثم بعد أن قطع وقتاً قائداً عمر ولى أبا عبيدة قائداً، خالد ما صار في نفسه شيء من الترفع والاستبداد، صار مطيعا لأبي عبيدة كواحد من الجند، ما نقص من عمله الذي كان يعمله شيء لأنه لله يعمل ليس لوجه عمر.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن استنيخ على صخرة استناخ.