الإثنين ديسمبر 23, 2024

الدرس الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمات للتحصين من السحر

درسٌ ألقاهُ المحدثُ الفقيهُ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ العبدري  الحبشي رحمهُ اللهُ تعالى في بيروت يوم الأحد في التاسع من شهر ربيع الثاني سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق للتاسع عشر من نيسان سنة ست وسبعين وتسعمائة وألف ر وهو في ذكر فائدة كلمات للتحصين من السحر. قال رحمه الله رحمةً واسعةً:

الحمدُ لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد وعلى ءاله الطيبين.

أما بعدُ فقد روينا في مُوطَّإ الإمام مالكٍ رحمه الله تعالى بالإسناد الصحيح عن كعب الأحبارَ رضيَ الله عنه أنه قال لولا كلماتٌ أقولُهُنَّ لجَعَلَتْني اليهودُ حمارًا فقيلَ له ما هُنَّ قال أعوذُ بوجهِ اللهِ العظيمِ الذي ليسَ شيءٌ أعظمَ منه وبكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ التي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجرٌ وبأسماءِ اللهِ الحُسنَى ما عَلِمْتُ منها وما لم أعلَمْ مِنْ شَرِّ ما خلقَ وذَرأَ وبَرَأَ([i]) اهـ يعني كعبٌ رضي الله عنه بقوله هذا أن اليهودَ من أسْحَرِ خَلْقِ الله أي من أكثرِ الناسِ استعمالًا للسحرِ وهو كانَ منهم كانَ يهوديًّا ثم أسلمَ، في أيامِ سيدنا عمرَ رضي الله عنه أسلم. هو كعبُ الأحبارِ كان من يهودِ اليمنِ لم يَكُنْ أسلمَ في زمنِ الرسول لكنه بعدما تُوفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وظهرَ الإسلامُ ظهورًا عظيمًا أسلمَ وكانَ ذلك في أيام عمرَ رضيَ الله عنه.

كان أبوهُ من عُلماء اليهود من أحبارِ اليهودِ تركَ لهُ كتبًا وخَتم كلاًّ منها إلا واحدًا تركهُ مفتوحًا وأخذَ عليه الميثاقَ والعَهْدَ أن لا يفتَحَ هذه التي ختمها، بعدما ماتَ أبوه فتح هذه الكتب فوجد فيها نَعْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نعتَ محمدٍ أي صفتهُ واطَّلعَ على تبشير الأنبياء به فآمنَ وأظهرَ إسلامه كان عنده اطّلاعٌ على أحوال اليهود وأنهم يُكثِرونَ من السحرِ فكانَ يتحصَّنُ من سِحرِهِم بهذه الكلمات بأن يقولها كلَّ يومٍ أو كُلَّما خافَ أن يُصابَ بسحرٍ كان يقولها فعَصَمَهُ الله تعالى بهذه الكلمات.

فينبغي حِفظُها وتعليمُها للأهلِ وغيرِهم لا سيما في هذا الزمن الذي كَثُرَ فيه السحرُ لكثرة فساد القلوب. يُحسَدُ في هذه الأيام الإنسانُ لمالهِ ولصحتِهِ ونشاطه ويحاول الأشرارُ تغييرَ حالِ هذا الإنسانِ الـمُـنعَمِ عليه بسحرٍ.

ثم هذه الكلماتُ معانيها حسنةٌ وألفاظُها طيّبةٌ ليسَ فيها شيء مما يخالف الشريعةَ ليسَ فيها استِنجادٌ بمُلوكِ الشياطين ولا بالكواكب.

ثم كعبُ الأحبارِ رضي الله عنه بريءٌ مما يتَّهِمُهُ بهِ بعضُ الناس الذين لا يُوثَقُ بهم يتَّهِمونَهُ بأنه تظاهرَ بالإسلامِ ولم يكن مُعتقدًا للإسلام في قلبهِ وذلك افتراءٌ بل مَدَحَهُ بعضُ الصحابةِ، سيدنا عمر رضي الله عنه كان يرى له منزلةً، كان يعتبرُهُ من أهل العلم الثقاتِ الـمُـعتَمدينَ الـمُعتَبَرينَ. وقال فيه أبو الدرداء رضي الله عنه صاحبُ رسول الله إنَّ عند ابنِ الحِمْيَرِيَّةِ لَعِلمًا كثيرًا([ii]) اهـ لأنه من حِمْيَرَ وحِميَر هم أهل اليمن الأصليونَ فشهادةُ أبي الدرداء رضي الله عنه تدحض وتحطّم كلَّ هذه الاتهامات.

محمّد عليّ الزُّعبي هذا يطعنُ فيه ويطعنُ في غيرهِ حتى في نبيّ الله سليمانَ يطعن، يقول هذا أي كعب الأحبار زعيم شِرذمةٍ يهُوديةٍ اهـ بعد أن زكَّاهُ القرءانُ الكريمُ وذكرَهُ الرسول صلى الله عليه وسلم بالثناءِ والتَّنويهِ يطعن فيه أمثالُ محمّد عليّ الزُّعبي وهو ليس بشيء أخذ الدكتوراه من اليَسوعية من أولياء النصارى، أخذ من التاريخ الـمُزيَّف من مؤلفات التاريخ للنصارى وما أشبهَ ذلك. هو الكافر ليسَ كعبَ الأحبار، يطعن في كعب الأحبار وفي نبيّ الله سليمان ولم يَدْرِ أنَّ مَن طعنَ في نبيّ من أنبياء الله فقد كفر.

هذه الكلماتُ ذكرٌ فيها تمجيدٌ لله تعالى فيها مَنفعةٌ وفيها ثواب عظيم مَنْفَعَتُهُ التحصينُ من السحر.

قال الشيخ رحمه الله احْفَظْنَهُ وقُلنَهُ كلَّ يومٍ. وإذا قيل صباحًا ومساءً أحسن.

انتهى والله تعالى أعلم.

[i])) رواه مالك في الموطإ في باب ما يؤمر به من التعوذ.

[ii])) رواه مالك في الموطإ في باب كعب بن ماتع الحميري.