السبت ديسمبر 21, 2024

كلام لخالد الجندي في نسبة الحلول لله تعالى

قال خالد الجندي في نفس الشريط «الرزق وإنفاقه»: «هو ما فيش حاجة في حياتك إلا وربنا فيها لأنه قال وهو معكم أينما كنتم». ثم قال: «كل واحد فينا في كل لحظة من حياته الله في داخله في قلبه».

الرَّدُّ: اعلم وفقك الله أنّ قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [سورة الحديد: 4]، يعني: معية العلم معكم بعلمه، أي: أحاط بكم علمًا لا يخفى عليه شيء، وهذا بالإجماع. فالله علم كل شيء قبل حصوله علم في الأزل نوايانا وخواطرنا وقصودنا وغير ذلك. فهذه العبارة التي ذكر خالد «إلا وربنا فيها» قبيحة تفيد الحلول حسب ظاهرها فلو تعلَّمَ العقيدة والتوحيد ما تلفظ بها لأنها تفيد الظرفية.

ثم قوله أي خالد: «كل لحظة من حياته الله في داخله في قلبه». أقول: نعوذ بالله تعالى من هذا الكفر فقد جعل الله تعالى يحل في القلوب، جعل الله جسمًا حادثًا وكذّب قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [سورة الإخلاص: 3]. هذه الآية نفي للمادية والانحلال. وقد وقع خالد الجندي في كفر أهل الاتحاد والحلول وهو أشد أنواع الكفر وكذب قول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى: 11] وكذب قول ذي النون المصري: «مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك». ما عرف الله من اعتقد أنّ الله يحل في الأشياء في القلوب أو الهواء أو الإنسان أو الشجر. ورحم الله سيدنا محيي الدين بن عربي الذي قال: «من قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد». فتأمل في هذا الكلام وانتبه يا خالد كيف تتكلم وتطلق العبارات لأنك ستحاسب يوم القيامة قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق: 18] {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ} [سورة الصافات:24-25]. وقد قال سيدنا أحمد الرفاعي : «لفظتان ثُلمتان في الدين القول بالوحدة والشطح المجاوز حدّ التحدث بالنعمة».

وقال خالد الجندي أيضًا في شريط مسمّى شرح الحديث القدسي عبدي أنفِق أُنفق عليك وهو معكم أينما كنتم الآية، والآية ونحن أقرب إليه من حبل الوريد فقال: «كل واحد فينا في كل لحظة من حياته الله في داخله في قلبه، أقرب إليك من حبل الوريد».

الرَّدُّ: أوَّلًا هذه الآية معناها الإحاطة بالعلم، أي: محيط بكم علمًا لا يخفى عليه شيء أينما كنتم، وهذه المعية تشمل جميع الخلق المؤمن والكافر، لأنّ الله عالم بأحوال الجميع بأحوال المؤمنين وبأحوال الكافرين لا يخفى عليه شيء، أما معية النُّصرة والكلاءة فهي خاصة بالمؤمنين الأتقياء.

ومعنى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق: 16]، أي: أنّ الله تعالى أعلم بالعبد من نفسه، هو أعلم بنا من أنفسنا، الله تعظيمًا لنفسه يقول: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ}، أي: إلى العبد {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} والوريد: عرقان في الإنسان من جانبي الرقبة ينزلان من الرأس ويتصلان بعرق القلب. وقد قال النازلي صاحب التفسير المعروف: «لا يجوز أن نقول إنه تعالى بكل مكان، وهذا قول جهلة المتصوفة»، وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني : «قال عليّ الخواص ـ شيخه في التصوف ـ: لا يجوز أن يقال: إنه تعالى بكل مكان، وأول من قال بهذا القول جهم بن صفوان». فقول خالد الجندي الله في داخله في قلبه يفيد الحلول، ومن قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد كما قال الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه الله.

ثم أما قرأ خالد نقل جلال الدين السيوطي الإجماع في كتابه «الحاوي للفتاوي» على تكفير من قال بالحلول أو الاتحاد. وهذا تجرؤ على الله بهذه الكلمات كأنه لم يقرأ كلام أبي جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته الشهيرة: «ومن وصفَ الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر»، وكأنه ما قرأ قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى: 11].

وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [سورة الإخلاص: 4]، وقوله تعالى: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ} [سورة النحل: 74]، أي: لا تشبهوا الله بخلقه، وقوله تعالى: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} [سورة النحل: 60]، أي: لله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره.