نُور العُيون
في تلخيص
سيرة الأمِين الـمَأمُونِ
سَيِّدِنَا ونَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ
جَمْعُ الشَّيْخِ الإمَامِ العَالِمِ
أَبي الفَتْح محمّدِ بنِ محمّدِ ابنِ سَيِّدِ النَّاسِ اليَعْمُرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ
(671 – 734هجرية)
اعْتَنَى بِهِ تحقيقًا وتعليقًا وَراجَعَهُ عَلى أَرْبَعِ نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ
الشَّيْخُ الدّكْتُور سَليم عَلوان
أمينُ عام دار الفَتوى في أُسْتراليا
شَركَةَ دَار المشاريع
الحمد لله رب العالمين الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وأزواجه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد روى مسلم في صحيحه من طريق جابر مرفوعًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ وَخَيْرَ الهُدْى هُدَى مُحَمَّدٍ»، والهدَى – بضم الهاء وفتح الدال والقصر-: الإرشاد، ورواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفًا، بلفظ: «إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم»، والهدْي – بفتح الهاء وسكون الدال المهملة-: السمت والطريقة والسيرة من الأحوال والأفعال التي يهتدى بها ويقتدى بصاحبها.
ولِمَا للسيرة النبوية من أهمية، أحببنا أن نقدم لطلبة العلم مختصرًا عنها، فاخترنا كتاب: «نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون» لابن سيد الناس، وذلك لشهرته، وعمَدنا إلى تحقيقه ومقابلته على أربع نسخ خطية، ليكون بيد القارئ مضبوطًا ومصحوبًا ببعض التعليقات المهمة من غير إسهاب، ومن غير غوص في التخريجات، فان جلّ عملنا ضبْطَ النص، بخلاف الطبعات التي اطلعنا عليها، فإنها مليئة بالأخطاء المتنوعة.
فنسأل الله تعالى أن يتقبل عملنا هذا وأن يجعله في خدمة السُّنَّة النبوية.
المحقق
اسمه ونسبه:
هو فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد الشافعي الحافظ اليعمري الأندلسي الأشبيلي المصري، المعروف بابن سيد الناس.
ولادته:
ولد بالقاهرة في ذي القعدة، وقيل في ذي الحجة، سنة إحدى وسبعين وستمائة.
علومه وسيرته:
سمع من الجم الغفير، وتفقه على مذهب الشافعي، وأخذ علم الحديث عن والده وابن دقيق العيد ولازمه سنين كثيرة، وتخرّج عليه، وقرأ عليه أصول الفقه، وقرأ النحو على ابن النحاس. وولي دارَ الحديث الظاهرية، ودرَس الحديث بجامع الصالح، وخطب بجامع الخندق.
مصنفاته:
صنف كتبًا نفيسة منها: السيرة الكبرى سماها «عيون الأثر» في مجلدين، واختصره في كراريس وسماه «نور العيون»، وصنف في منع بيع أمهات الأولاد مجلّدًا ضخمًا. وشرح قطعة من كتاب الترمذي إلى كتاب الصلاة في مجلدين.
وفاته:
توفي في شعبان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بالقرافة عند ابن أبي جمرة، رحمهما الله تعالى.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰن الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَءَالِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الشَّيْخُ الإمَامُ العَالِمُ فَتْحُ الدِّين أَبُو الفَتْحِ مُحَمّدُ بنُ مُحمّدٍ، ابنُ سَيِّدِ النَّاسِ، اليَعْمُرِيُّ الرَّبَعيُّ([2]) عَفَا اللهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ([3]):
بَعْدَ حَمْدِ اللهِ فَاتِحِ أبْوابِ النَّدى، وَمَانِحِ أثْوَابِ([4]) الهُدَى، وَالصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي ابْتَعَثَهُ مَحَجَّةً لِمَنِ اهْتَدَى، وَحُجَّةً عَلَى مَنِ اعْتَدَى، وَءالِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ أَحْيَوْا سُنَّتَهُ عَلَى طُولِ الْمَدَى.
فَلَمَّا وَضَعْتُ كِتَابِي الْمُسَمَّى: «عَيُونَ الأَثَرِ فِي فُنُونِ الْمَغَازِي وَالشَّمَائِلِ وَالسِّيَرِ» مُمْتِعًا فِي بَابِهِ، مُغْنِيًا عَمَّا سِوَاهُ لِقاصِدي هَذَا الْعِلْمِ وَطُلَّابِهِ، رَأيْتُ أَنْ أُلَخِّصَ فِي هَذِهِ الأَوْرَاقِ مِنْهُ مَا قرُبَ مَأْخَذُهُ وَنَقْلُهُ، وَسَهُلَ تَنَاوُلُهُ وَحَمْلُهُ، مِمّا أَوْدَعْتُهُ ذَلِكَ الكِتَابَ([5])، لِيكُونَ لِلْمُبْتَدِي تَبْصِرَةً، وَلِلْمُنْتَهِي تَذْكِرَةً.
وَسَمَّيْتُهُ: «نُورَ الْعُيُونِ فِي تَلْخِيصِ سِيرَةِ([6]) الْأَمِينِ المأْمُونِ».
فَنَقُولُ وَمِنَ اللهِ نَسْتَمِدُّ تَوْفِيقَنَا، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُ أَنْ يُسَهِّلَ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ طَرِيقَنَا:
([1]) انظر: «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/363)، و«شذرات الذهب» (8/189)، و«الدّرر الكامنة» (3/169-170).
([2]) قال الزبديي في «تاج العروس من جواهر القاموس» (21/40): «والنِّسبَةُ إِلَى رَبيعَةَ رَبَعِيٌّ، مُحَرَّكَةً». اهـ.
([3]) قوله: «قال الشيخ» إلى قوله: «ورحمه» من «ج» اهـ.
([4]) كذا في «أ» و«ب» و«د»، وأما في «ج»: «أبواب»، وفي حاشية «أ»: «خ: أسباب» اهـ.