الأحد ديسمبر 22, 2024

(كِتَابُ الْمُعَامَلاتِ)

   بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلامَ عَلَى كِتَابِ الْحَجِّ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى الْمُعَامَلاتِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ أَهَمِيَّةِ مُرَاعَاةِ الْحَلالِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ وَمَعْرِفَةِ بَعْضِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُعَامَلاتِ.

   لِيُعْلَمْ أَنَّهُ (يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) أَىْ بَالِغٍ عَاقِلٍ (أَنْ لا يَدْخُلَ فِى شَىْءٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى (تَعَبَّدَنَا أَىْ كَلَّفَنَا) وَأَمَرَنَا (بِأَشْيَاءَ) وَنَهَانَا عَنْ أَشْيَاءَ (فَلا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا تَعَبَّدَنَا) اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِتَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ الضَّرُورِىِّ وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ كُلِّهَا، (وَقَدْ أَحَلَّ) اللَّهُ (الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فَوَجَبَ عَلَيْنَا مُرَاعَاةُ ذَلِكَ (وَقَدْ قَيَّدَ الشَّرْعُ هَذَا الْبَيْعَ) الَّذِى وَصَفَهُ بِالْحِلِّ (بِآلَةِ التَّعْرِيفِ) أَىْ أَلْ الَّتِى يُرَادُ مِنْهَا الْعَهْدُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ هُوَ الْبَيْعُ الْمَعْهُودُ فِى الشَّرْعِ حِلُّهُ كَمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ وَ(لِأَنَّهُ لا يَحِلُّ كُلُّ بَيْعٍ إِلَّا مَا) أَىْ بَيْعًا (اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ وَالأَرْكَانَ فَلا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا) حَتَّى لا يَقَعَ الشَّخْصُ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ (فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ) وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْمُعَامَلاتِ (أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ) أَىْ أَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ (وَإِلَّا أَكَلَ الرِّبَا) أَىْ وَقَعَ فِيهِ (شَاءَ أَمْ أَبَى) قَصَدَ الْوُقُوعَ فِيهِ أَمْ لَمْ يَقْصِدْ (وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّاجِرُ الصَّدُوقُ) وَهُوَ الَّذِي يُرَاعِى حُكْمَ اللَّهِ فِى تِجَارَتِهِ فَيَتَجَنَّبُ الْخِيَانَةَ وَالْغِشَّ وَالتَّدْلِيسَ وَغَيْرَها مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ (يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) اهـ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ [فِى سُنَنِهِ] (وَمَا ذَاكَ) الْفَضْلُ الَّذِى ذَكَرَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّاجِرِ الصَّدُوقِ (إِلَّا لِأَجْلِ مَا يَلْقَاهُ مِنْ مُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ وَقَهْرِهَا) أَىِ النَّفْسِ (عَلَى إِجْرَاءِ الْعُقُودِ عَلَى الطَّرِيقِ الشَّرْعِىِّ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ (فَلا يَخْفَى مَا تَوَعَّدَ اللَّهُ مَنْ تَعَدَّى) أَىْ جَاوَزَ (الْحُدُودَ) مِنَ الْعَذَابِ الأَلِيمِ. (ثُمَّ إِنَّ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ مِنَ الإِجَارَةِ) وَهِىَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ بِعِوَضٍ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ (وَالْقِرَاضِ) وَهُوَ تَفْوِيضُ الشَّخْصِ وَإِذْنُهُ لِشَخْصٍ أَنْ يَعْمَلَ فِى مَالِهِ فِى نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مِنَ التِّجَارَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا (وَالرَّهْنِ) وَهُوَ جَعْلُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا الدَّيْنُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَفَاءِ (وَالْوَكَالَةِ) وَهِىَ تَفْوِيضُ شَخْصٍ إِلَى غَيْرِهِ تَصَرُّفًا عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ لِيَفْعَلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ (وَالْوَدِيعَةِ) وَهِىَ مَا يُوضَعُ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكِهِ لِحِفْظِهِ (وَالْعَارِيَّةِ) وَهِىَ إِبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِشَىْءٍ مَجَّانًا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ (وَالشَّرِكَةِ) وَهِىَ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ الْحَقِّ فِى شَىْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ (وَالْمُسَاقَاةِ) وَهِىَ مُعَامَلَةُ شَخْصٍ عَلَى شَجَرٍ لِيَتَعَهَّدَهُ بِنَحْوِ سَقْىٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُعَامَلاتِ (كَذَلِكَ لا بُدَّ مِنْ) تَعَلُّمِ أَحْكَامِهَا عَلَى مَنْ أَرَادَ تَعَاطِيَهَا وَمِنْ (مُرَاعَاةِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا) الَّتِى بَيَّنَهَا الْفُقَهَاءُ جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا فِى كُتُبِهِمْ.

   (وَعَقْدُ النِّكَاحِ يَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَتَثَبُّتٍ) لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلنِّكَاحِ زِيَادَةً عَمَّا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ (حَذَرًا مِمَّا يَتَرَتَّبُ) وَيَتَفَرَّعُ (عَلَى فَقْدِ ذَلِكَ) مِنْ فَسَادِ الْعَقْدِ الْمُؤَدِّى إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَفَاسِدِ الَّتِى لا تَخْفَى.

   (وَقَدْ أَشَارَ الْقُرْءَانُ الْكَرِيمُ إِلَى ذَلِكَ) كُلِّهِ (بِقَوْلِهِ تَعَالَى) فِى سُورَةِ التَّحْرِيمِ (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) الآيَةَ قَالَ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ كَرَمَّ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلِّمُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمُ الْخَيْرَ اهـ [رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ] وَذَلِكَ يَكُونُ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ عِلْمَ الدِّينِ. وَ(قَالَ) التَّابِعِىُّ الْجَلِيلُ (عَطَاءُ) بنُ أَبِى رَبَاحٍ (رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ) فِى بَيَانِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ الْمَمْدُوحَةِ فِى بَعْضِ الأَحَادِيثِ هِىَ مَجَالِسُ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ اهـ وَفِى رِوَايَةٍ زِيَادَةُ (أَنْ تَتَعَلَّمَ كَيْفَ تُصَلِّى وَكَيْفَ تَصُومُ وَكَيْفَ تَبِيعُ وَ)كَيْفَ (تَشْتَرِى وَكَيْفَ تَنْكِحُ وَكَيْفَ تُطَلِّقُ) [أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِى الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ].

    (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ أَحْكَامِ الرِّبَا.

   (يَحْرُمُ الرِّبَا فِعْلُهُ) أَىْ عَقْدُهُ (وَأَكْلُهُ) أَىِ الِانْتِفَاعُ بِهِ (وَأَخْذُهُ وَكِتَابَتُهُ) أَىْ كِتَابَةُ وَثِيقَةِ الرِّبَا (وَشَهَادَتُهُ) أَىِ الشَّهَادَةُ عَلَى عَقْدِهِ (وَهُوَ) أَنْوَاعٌ مِنْهَا رِبَا الْقَرْضِ وَمِنْهَا (بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ) الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (بِالآخَرِ نَسِيئَةً) أَىْ لِأَجَلٍ وَإِنْ قَصُرَ وَهُوَ رِبَا النَّسَاءِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الدِّينَارَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ أُسَلِّمَكَ إِيَّاهُ بَعْدَ سَاعَةٍ (أَوْ) بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآخَرِ (بِغَيْرِ تَقَابُضٍ) أَىْ أَنْ يَحْصُلَ الْعَقْدُ ثُمَّ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ رِبَا الْيَدِ.

   وَكَمَا يَحْصُلُ الرِّبَا فِى مُخْتَلِفَىِ الْجِنْسِ مِنَ النَّقْدِ يَحْصُلُ فِى مُتَّحِدَىِ الْجِنْسِ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِجِنْسِهِ) أَىْ أَوْ بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ كَذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ (كَذَلِكَ أَىْ نَسِيئَةً) أَىْ لِأَجَلٍ (أَوِ افْتِرَاقًا بِغَيْرِ تَقَابُضٍ) كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مُتَفَاضِلًا) أَىْ وَيَحْصُلُ الرِّبَا فِى مُتَّحِدَىِ الْجِنْسِ مِنَ النَّقْدِ مَعَ التَّفَاضُلِ (أَىْ مَعَ زِيَادَةٍ فِى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) الرِّبَوِيَّيْنِ (عَلَى الآخَرِ بِالْوَزْنِ) كَبَيْعِ دِينَارِ ذَهَبٍ بِدِينَارَيْنِ أَوْ دِرْهَمِ فِضَّةٍ بِدِرْهَمَيْنِ.

   (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ (الْمَطْعُومَاتِ) وَهِىَ مَا يُقْصَدُ غَالِبًا مِنَ الْبَشَرِ لِلأَكْلِ (بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَذَلِكَ أَىْ) مَعَ التَّأْجِيلِ أَوِ الِافْتِرَاقِ بِغَيْرِ تَقَابُضٍ سَوَاءٌ كَانَا مُخْتَلِفَىِ الْجِنْسِ أَمْ مُتَّحِدَيْهِ أَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ إِذَا كَانَا مُتَّحِدَىِ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ (لا يَحِلُّ بَيْعُهَا) أَىِ الْمَطْعُومَاتِ (مَعَ اخْتِلافِ الْجِنْسِ كَالْقَمْحِ مَعَ الشَّعِيرِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ) وَهُمَا (انْتِفَاءُ الأَجَلِ وَانْتِفَاءُ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، وَمَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ) كَالْقَمْحِ بِالْقَمْحِ (يُشْتَرَطُ هَذَانِ الشَّرْطَانِ مَعَ) شَرْطٍ ثَالِثٍ وَهُوَ (التَّمَاثُلُ) أَىْ عَدَمُ التَّفَاضُلِ.

   (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ بَعْضِ الْبُيُوعِ الْمُحَرَّمةِ (وَيَحْرُمُ بَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ) أَىْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِى فَلَوِ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو صَاعَ قَمْحٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ. وَيَخْتَلِفُ الْقَبْضُ بِاخْتِلافِ الْمَبِيعِ فَيَحْصُلُ فِى غَيْرِ الْمَنْقُولِ بِالتَّخْلِيَةِ وَتَفْرِيغِ الْمَبِيعِ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِى، وَفِى الْمَنْقُولِ بِتَنَاوُلِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُتَنَاوَلُ وَإِلَّا فَبِنَقْلِهِ إِلَى مَكَانٍ لا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ.

   (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ (اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) مَأْكُولًا كَانَ الْحَيَوَانُ أَمْ غَيْرَهُ (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ )الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ( كَأَنْ يُسْلِمَ إِلَى رَجُلٍ دِينَارًا فِى صَاعِ قَمْحٍ مُؤَجَّلٍ إِلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَبِيعَ ذَلِكَ الْقَمْحَ مِنْ شَخْصٍ ءَاخَرَ بِدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ.

   (وَ)يَحْرُمُ )بَيْعُ الْفُضُولِىِّ أَىْ بَيْعُ) الشَّخْصِ (مَا) أَىْ شَيْئًا (لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَلا وِلايَةٌ) بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ الشَرْعِيَّةِ كَأَنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ وَكَلَّهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ فَمَنْ بَاعَ مَا لَيْسَ مِلْكًا لَهُ وَلا لَهُ عَلَيْهِ وِلايَةٌ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ، (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ )مَا لَمْ يَرَهُ( الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، )وَيَجُوزُ( بَيْعُهُ )عَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِىِّ) رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (مَعَ الْوَصْفِ( الَّذِي يُخْرِجُ الْمَبِيعَ عَنِ الْجَهَالَةِ الْمُطْلَقَةِ.

   (وَلا يَصِحُّ بَيْعُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَعَلَيْهِ) أَىْ وَشِرَاؤُهُ (أَىْ لا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِىِّ) وَشِرَاؤُهُ لِأَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَىْ مَجْنُونًا أَوْ دُونَ الْبُلُوغِ  فِى مَذْهَبِ إِمَامِنَا الشَّافِعِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (وَ)إِنْ كَانَ (يَجُوزُ بَيْعُ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ) بِإِذْنِ وَلِيِّهِ )فِى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ) بنِ حَنْبَلٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (أَوْ( بَيْعُ مَا )لا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ( فَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا كَبَيْعِ الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ، (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ )مَا لا مَنْفَعَةَ فِيهِ( كَالْخُبْزِ الْمُحْتَرِقِ وَالْحَشَرَاتِ الَّتِى لا مَنْفَعَةَ فِيهَا كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَبِ.

   )وَلا يَصِحُّ( الْبَيْعُ )عِنْدَ بَعْضِ( الشَّافِعِيَّةِ (بِلا صِيغَةٍ(كَبِعْتُكَ وَاشْتَرَيْتُ بِشُرُوطِهَا )وَيَكْفِى التَّرَاضِى عِنْدَ ءَاخَرِينَ( مِنْهُمْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِى الثَّمَنَ وَيُعْطِيَهُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِلا لَفْظٍ فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ وَيُسَمَّى الْبَيْعَ بِالْمُعَاطَاةِ.

   (وَ)يَحْرُمُ )بَيْعُ مَا لا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِلْكِ كَالْحُرِّ وَالأَرْضِ الْمَوَاتِ( وَهِىَ الأَرْضُ الَّتِى لَمْ تُعْمَرْ وَلا مَالِكَ لَهَا )وَ)يَحْرُمُ أَيْضًا )بَيْعُ الْمَجْهُولِ(كَأَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلا يَصِحُّ، (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ )النَّجِسِ كَالدَّمِ وَكُلِّ( شَرَابٍ (مُسْكِرٍ(كَالْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ الْمُسْكِرِ وَمِنْ ذَلِكَ الإِسْبِيرْتُو فَإِنَّهُ نَجِسٌ لا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلا شِرَاؤُهُ، (وَ)يَحْرُمُ بَيْعُ كُلِّ )مُحَرَّمٍ كَالطُّنْبُورِ وَهُوَ ءَالَةُ لَهْوٍ تُشْبِهُ الْعُودَ( وَكَالْمِزْمَارِ وَالْكُوبَةِ، )وَيَحْرُمُ بَيْعُ الشَّىْءِ الْحَلالِ الطَّاهِرِ عَلَى مَنْ تَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَعْصِىَ بِهِ( لِمَا فِيهِ مِنَ الإِعَانَةِ عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَذَلِكَ )كَالْعِنَبِ) أَىْ بَيْعُهُ (لِمَنْ( عَلِمْتَ أَنَّهُ (يُرِيدُهُ لِلْخَمْرِ وَ)بَيْعُ )السِّلاحِ لِمَنْ( عَلِمْتَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ (يَعْتَدِىَ بِهِ عَلَى النَّاسِ) فَلا يَجُوزُ. (وَ)يَحْرُمُ )بَيْعُ الأَشْيَاءِ الْمُسْكِرَةِ( وَلَوْ جَامِدَةً )وَ)يَحْرُمُ )بَيْعُ الْمَعِيبِ بِلا إِظْهَارٍ لِعَيْبِهِ( أَىْ مَعَ تَرْكِ بَيَانِهِ وَلِلْمُشْتَرِى خِيَارُ الرَّدِّ فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ.

   ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَائِدَةً( فِى بَيَانِ مَا يُفْعَلُ بِالتَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ (لا تَصِحُّ قِسْمَةُ تَرِكَةِ مَيِّتٍ( عَلَى الْوَارِثِينَ (وَلا بَيْعُ شَىْءٍ مِنْهَا مَا لَمْ تُوَفَّ) أَىْ مَا لَمْ تُقْضَ (دُيُونُهُ) إِنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَيَدْخُلُ فِى ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَمْ يُؤَدِّهَا )وَ)مَا لَمْ تُنَفَّذْ (وَصَايَاهُ) الَّتِى أَوْصَى بِصَرْفِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (وَ)مَا لَمْ (تُخْرَجْ أُجْرَةُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ إِنْ كَانَا) وَاجِبَيْنِ (عَلَيْهِ) بِأَنِ اسْتَقَرَّا فِى ذِمَّتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّهِمَا حَتَّى مَاتَ وَتُسَلَّمْ إِلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ (إِلَّا أَنْ يُبَاعَ شَىْءٌ) مِنَ التَّرِكَةِ (لِقَضَاءِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ (فَالتَّرِكَةُ كَمَرْهُونٍ بِذَلِكَ) فَكَمَا أَنَّ الْمَرْهُونَ لا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَالتَّرِكَةُ كَذَلِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثَالًا ءَاخَرَ لِمَا لا يَصِحُّ بَيْعُهُ حَتَّى تُؤَدَّى الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ لِزِيَادَةِ تَقْرِيبِ الْمَسْئَلَةِ لِفَهْمِ الطَّالِبِ فَقَالَ (كَرَقِيقٍ جَنَى) فَأَتْلَفَ مَالَ شَخْصٍ (وَلَوْ) كَانَتْ جِنَايَتُهُ (بِأَخْذِ دَانَقٍ) وَهُوَ سُدُسُ دِرْهَمٍ فَأَتْلَفَهُ (لا يَصِحُّ بَيْعُهُ حَتَّى يُؤَدِّىَ) مَالِكُهُ (مَا بِرَقَبَتِهِ أَوْ يَأْذَنَ الْغَرِيمُ فِى بَيْعِهِ) فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ وَالْغَرِيمُ هُوَ صَاحِبُ الْمَالِ الَّذِى أَتْلَفَهُ الرَّقِيقُ.

   (وَيَحْرُمُ أَنْ يُفَتِّرَ) شَخْصٌ (رَغْبَةَ الْمُشْتَرِى) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَنَا أَبِيعُكَ خَيْرًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ نَفْسِهِ أَوْ أَبِيعُكَ مِثْلَهُ بِثَمَنٍ أَقَلَّ (أَوْ) أَنْ يُفَتِّرَ رَغْبَةَ (الْبَائِعِ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ لا تَبِعْهُ لِفُلانٍ أَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِأَكْثَرَ إِذَا كَانَ التَّفْتِيرُ (بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) أَىْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِى قَدْ صَرَّحَ بِالرِّضَا بِهِ وَإِلَّا فَلا يَحْرُمُ كَمَا لَوْ طَافَ بِهِ الْبَائِعُ لِيَرَى مَنْ يَزِيدُ فِى الثَّمَنِ لِيَبِيعَهُ فَلا يَحْرُمُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُفَتِّرُ لا يُرِيدُ شِرَاءَ السِّلْعَةِ مِنَ الْبَائِعِ وَلا بَيْعَهَا لِلْمُشْتَرِى أَىْ فَلا يَحْرُمُ عِنْدَئِذٍ وَقَوْلُهُ (لِيَبِيعَ) الْمُفَتِّرُ (عَلَيْهِ) أَىْ عَلَى الْمُشْتَرِى هُوَ فِى الصُّورَةِ الأُولَى (أَوْ لِيَشْتَرِيَهُ) الْمُفَتِّرُ (مِنْهُ) أَىْ مِنَ الْبَائِعِ فِى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (وَ)التَّفْتِيرُ بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُفَتِّرُ الْمُشْتَرِىَ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ حَتَّى يَبِيعَهُ هُوَ أَوِ الْبَائِعَ حَتَّى يَشْتَرِيَهُ هُوَ (بَعْدَ) حُصُولِ (الْعَقْدِ) وَقَبْلَ لُزُومِهِ أَىْ (فِى مُدَّةِ الْخِيَارِ أَشَدُّ) حُرْمَةً سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَمْ شَرْطٍ.

   (وَ)يَحْرُمُ (أَنْ يَشْتَرِىَ) شَخْصٌ (الطَّعَامَ) كَالْخُبْزِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَقْوَاتِ (وَقْتَ الْغَلاءِ وَالْحَاجَةِ) إِلَيْهِ (لِيَحْبِسَهُ) عِنْدَهُ عَنِ الْبَيْعِ (وَيَبِيعَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِأَغْلَى. وَ)يَحْرُمُ (أَنْ يَزِيدَ) شَخْصٌ (فِى ثَمَنِ سِلْعَةٍ) أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ قَصْدُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ (لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) أَىْ حَتَّى يُوهِمَهُ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ قِيمَتُهَا عَالِيَةٌ فَيَغْتَرَّ بِذَلِكَ فَيَشْتَرِيَهَا.

   (وَ)يَحْرُمُ (أَنْ يُفَرِّقَ) شَخْصٌ (بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا) بِالْبَيْعِ (قَبْلَ التَّمْيِيزِ) وَلَوْ رَضِيَتْ بِالتَّفْرِيقِ. (وَ)يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ (أَنْ يَغُشَّ) بِإِخْفِاءِ الْعَيْبِ (أَوْ يَخُونَ فِى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ وَالْعَدِّ أَوْ) أَنْ (يَكْذِبَ) كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ إِنَّ هَذَا الْمَبِيعَ يُبَاعُ فِى السُّوقِ بِكَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَقَلَّ. (وَ)يَحْرُمُ (أَنْ يَبِيعَ) شَخْصٌ (الْقُطْنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْبَضَائِعِ) لِشَخْصٍ لا يَمْلِكُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مَثَلًا (وَيُقْرِضَ) الْبَائِعُ (الْمُشْتَرِىَ فَوْقَهُ دَرَاهِمَ) مَثَلًا (وَيَزِيدَ فِى ثَمَنِ تِلْكَ الْبِضَاعَةِ لِأَجْلِ) ذَلِكَ (الْقَرْضِ) بِحَيْثُ يَجْعَلُ ذَلِكَ شَرْطًا فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ رِبَا الْقَرْضِ (وَ)مِنْهُ (أَنْ يُقْرِضَ) شَخْصٌ (الْحَائِكَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الأُجَرَاءِ) جَمْعُ أَجِيرٍ (وَيَسْتَخْدِمَهُ) بِالْعَمَلِ لَهُ (بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْقَرْضِ أَىْ) أَنَّهُ (إِنْ شَرَطَ ذَلِكَ) فَقَدْ دَخَلَ فِى رِبَا الْقَرْضِ أَيْضًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ (وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الرَّبْطَةَ، أَوْ يُقْرِضَ) شَخْصٌ (الْحَرَّاثِينَ) مَالًا (إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَشْتَرِطَ) عَلَيْهِمْ (أَنْ يَبِيعُوا عَلَيْهِ) أَىْ يَبِيعُوهُ (طَعَامَهَمْ بِأَوْضَعَ) أَىْ بِأَنْقَصَ (مِنَ السِّعْرِ قَلِيلًا وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الْمَقْضِىَّ) فَهُوَ أَيْضًا دَاخِلٌ فِى رِبَا الْقَرْضِ. (وَكَذَا جُمْلَةٌ مِنْ مُعَامَلاتِ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ) الَّذِي كَثُرَ فِيهِ الْجَهْلُ وَقَلَّتْ فِيهِ التَّقْوَى (وَأَكْثَرُهَا) أَىِ الْمُعَامَلاتِ مُحَرَّمَةٌ لِأَنَّهَا (خَارِجَةٌ عَنْ قَانُونِ الشَّرْعِ فَعَلَى مُرِيدِ رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى (وَسَلامَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ) مِنَ الْحَرَامِ (أَنْ يَتَعَلَّمَ) مِنْ عُلُومِ الدِّينِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَ (مَا يَحِلُّ) لَهُ (وَمَا يَحْرُمُ) عَلَيْهِ مِنَ الْمُعَامَلاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا تَلَقِّيًا (مِنْ عَالِمٍ وَرِعٍ) يَخَافُ اللَّهَ (نَاصِحٍ شَفِيقٍ عَلَى دِينِهِ) أَىِ الطَّالِبِ (فَإِنَّ طَلَبَ الْحَلالِ) أَىْ تَرْكَ تَنَاوُلِ أَسْبَابِ الْمَعِيشَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحَرَامِ (فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ).

   (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ أَحْكَامِ النَّفَقَةِ (يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ) أَىِ الإِنْفَاقُ عَلَى (أُصُولِهِ الْمُعْسِرِينَ أَىِ الآبَاءِ) وَإِنْ عَلَوْا (وَالأُمَّهَاتِ) وَإِنْ عَلَوْنَ (الْفُقَرَاءِ وَإِنْ قَدَرُوا) أَىِ الأُصُولُ (عَلَى الْكَسْبِ)، (وَ)يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا (نَفَقَةُ) أَىِ الإِنْفَاقُ عَلَى (فُرُوعِهِ أَىْ أَوْلادِهِ وَأَوْلادِ أَوْلادِهِ) مِنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ (إِذَا أَعْسَرُوا) عَمَّا يَكْفِيهِمْ (وَعَجَزُوا عَنِ الْكَسْبِ لِصِغَرٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَىْ مَرَضٍ مَانِعٍ مِنَ الْكَسْبِ) فَإِنْ قَدَرَ الْفَرْعُ عَلَى الْكَسْبِ جَازَ لِلْوَلِىِّ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَيْهِ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ.

   (وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ) الْمُمَكِّنَةِ مِنْ نَفْسِهَا لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى مَا فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْكَلامَ عَلَيْهِ. (وَ)يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا لِزَوْجَتِهِ (مَهْرُهَا وَ)يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَىِ الزَّوْجِ (لَهَا) أَىْ لِزَوْجَتِهِ (مُتْعَةٌ) وَهُوَ مِقْدَارٌ مِنَ الْمَالِ يَدْفَعُهُ لَهَا (إِنْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْهَا) كَأَنْ طَلَّقَهَا لِسُوءِ خُلُقِهَا وَأَمَّا السَّبَبُ مِنْهَا فَكَأَنِ ارْتَدَّتْ وَبَقِيَتْ عَلَى الرِّدَّةِ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

   (وَ)يَجِبُ (عَلَى مَالِكِ الْعَبِيدِ) وَالإِمَاءِ (وَالْبَهَائِمِ نَفَقَتُهُمْ) مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَأَنْ لا يُكَلِّفَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا لا يُطِيقُونَهُ وَ)أَنْ (لا يَضْرِبَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ).

   (وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ طَاعَتُهُ) أَىْ طَاعَةُ زَوْجِهَا (فِى نَفْسِهَا) مِنَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ حَتَّى لَوْ طَلَبَ مِنْهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ (إِلَّا فِى مَا لا يَحِلُّ) فَلا تُطِيعُهُ كَالْوَطْءِ فِى حَالِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (وَ)يَجِبُ عَلَيْهَا (أَنْ لا تَصُومَ النَّفْلَ) وَهُوَ حَاضِرٌ أَىْ فِى الْبَلَدِ إِلَّا بِإِذْنِهِ (وَ)يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ (لا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (إِلَّا بِإِذْنِهِ).