(كِتَابُ الْحَجِّ)
بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكَلامَ عَلَى الصِّيَامِ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ قَصْدُ الْكَعْبَةِ بِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ وَعَلَى الْعُمْرَةِ وَهِىَ زِيَارَةُ الْكَعْبَةِ بِأَفْعَالٍ مَعْلُومَةٍ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
(يَجِبُ الْحَجُّ) وَهُوَ قَصْدُ الْكَعْبَةِ بِالأَفْعَالِ الْمَعْلُومَةِ (وَالْعُمْرَةُ) وَهِىَ زِيَارَةُ الْكَعْبَةِ لِلأَفْعَالِ الْمَعْهُودَةِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى الْمَوْتِ (فِى الْعُمُرِ مَرَّةً) وَاحِدَةً (عَلَى الْمُسْلِمِ) فَلا يَجِبَانِ عَلَى الْكَافِرِ الأَصْلِىِّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ فِى الدُّنْيَا (الْحُرِّ) فَلا يَجِبَانِ عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ (الْمُكَلَّفِ) أَىِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَلا يَجِبَانِ عَلَى الصَّبِىِّ وَالْمَجْنُونِ (الْمُسْتَطِيعِ بِمَا يُوصِلُهُ) إِلَى مَكَّةَ (وَيَرُدُّهُ إِلَى وَطَنِهِ) مِنْ زَادٍ وَمَا يَتْبَعُهُ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا (وَمَسْكَنِهِ) وَلَوْ كَانَ بِالأُجْرَةِ (وَكِسْوَتِهِ اللَّائِقَيْنِ بِهِ وَ)أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ (مُؤْنَةِ مَنْ) تَجِبُ (عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ فَقِيرَيْنِ وَنَحْوِهِمْ (مُدَّةَ ذَهَابِهِ) لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (وَإِيَّابِهِ) وَإِقَامَتِهِ هُنَاكَ.
(وَأَرْكَانُ الْحَجِّ سِتَّةٌ) وَنَعْنِى بِالرُّكْنِ فِى بَابِ الْحَجِّ الأَعْمَالَ الَّتِى لا يَصِحُّ الْحَجُّ بِدُونِهَا وَلا تُجْبَرُ بِالدَّمِ فَالرُّكْنُ (الأَوَّلُ الإِحْرَامُ وَهُوَ) نِيَّةُ الدُّخُولِ فِى النُّسُكِ وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ (أَنْ يَقُولَ بِقَلْبِهِ دَخَلْتُ فِى عَمَلِ الْحَجِّ) مَثَلًا إِنْ أَرَادَ الْحَجَّ (أَوْ) فِى عَمَلِ (الْعُمْرَةِ) إِنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ وَلَهُ أَنْ يَقْرِنَ فِى النِّيَّةِ بَيْنَهُمَا. (وَ)الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ هُوَ (الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) أَىْ أَنْ يَكُونَ بِأَىِ جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَةَ فِيمَا (بَيْنَ زَوَالِ شَمْسِ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَهُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (إِلَى فَجْرِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَىْ إِلَى فَجْرِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَالرُّكْنُ (الثَّالِثُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ) سَبْعًا وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَالرُّكْنُ (الرَّابِعُ السَّعْىُ بَيْنَ) جَبَلِ (الصَّفَا وَ)جَبَلِ (الْمَرْوَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ) يَبْتَدِئُ بِالصَّفَا وَيَنْتَهِى بِالْمَرْوَةِ وَيَكُونُ السَّعْىُ بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ (مِنَ الْعَقْدِ إِلَى الْعَقْدِ) وَهُوَ الْعَلامَةُ الَّتِى كَانَتْ جُعِلَتْ فِى كُلٍّ مِنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلدِّلالَةِ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لا بُدَّ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ لِيَصِحَّ السَّعْىُ وَقَدْ هُدِمَتْ فِى أَيَّامِنَا وَجُعِلَ بَدَلَهَا عَلامَةٌ أُخْرَى. وَالرُّكْنُ (الْخَامِسُ الْحَلْقُ) وَهُوَ اسْتِئْصَالُ الشَّعَرِ بِالْمُوسَى (أَوِ التَّقْصِيرُ) وَهُوَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَلاثُ شَعَرَاتٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْصَالٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الْعِيدِ. وَالرُّكْنُ (السَّادِسُ التَّرْتِيبُ فِى مُعْظَمِ الأَرْكَانِ) فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الإِحْرَامِ عَلَى الْكُلِّ وَتَأْخِيرُ الطَّوَافِ وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ عَنِ الْوُقُوفِ (وَهِىَ) أَىِ الأَرْكَانُ الْمَذْكُورَةُ (إِلَّا الْوُقُوفَ) بِعَرَفَةَ (أَرْكَانٌ لِلْعُمْرَةِ) فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَرْكَانَ الْعُمْرَةِ خَمْسَةٌ وَهِىَ الإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْىُ وَالْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ وَالتَّرْتِيبُ. (وَلِهَذِهِ الأَرْكَانِ فُرُوضٌ وَشُرُوطٌ لا بُدَّ) لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ (مِنْ مُرَاعَاتِهَا) حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهُ صَحِيحًا (وَ)مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ (يُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ قَطْعُ مَسَافَةٍ) حَدَّدَهَا الشَّرْعُ (وَهِىَ) أَنْ يَطُوفَ (مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَمِنْ شُرُوطِهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالطَّهَارَةُ) عَنِ الْحَدَثَيْنِ كَمَا فِى الصَّلاةِ (وَأَنْ يَجْعَلَ الْكَعْبَةَ عَنْ يَسَارِهِ) عِنْدَ طَوَافِهِ (لا يَسْتَقْبِلُهَا وَلا يَسْتَدْبِرُهَا) بَلْ يَمْشِى إِلَى الأَمَامِ.
تَنْبِيهٌ. لا يَصِحُّ السَّعْىُ فِى الْمَسْعَى الْجَدِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَنِ الْحُدُودِ الَّتِي حَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّعْىِ قَالَ النَّوَوِىُّ فِى بَابِ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ مِنَ الْمَجْمُوعِ فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِىُّ وَالأَصْحَابُ لا يَجُوزُ السَّعْىُ فِى غَيْرِ مَوْضِعِ السَّعْىِ فَلَوْ مَرَّ وَرَاءَ مَوْضِعِ السَّعْىِ فِى زُقَاقِ الْعَطَّارِينَ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ سَعْيُهُ لِأَنَّ السَّعْىَ مُخْتَصٌّ بِمَكَانٍ فَلا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِى غَيْرِهِ كَالطَّوَافِ اهـ.
ثُمَّ بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْكَلامَ عَلَى أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى مُحَرَّمَاتِ الإِحْرَامِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ (وَحَرُمَ عَلى مَنْ أَحْرَمَ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ثَمَانِيَةُ أَشْيَاءَ الأَوَّلُ (طِيبٌ) أَىِ اسْتِعْمَالُ مَا تُقْصَدُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ غَالِبًا كَالْمِسْكِ فِى مَلْبُوسٍ أَوْ بَدَنٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى وَفِيهِ فِدْيَةٌ، (وَ)الثَّانِى (دَهْنُ رَأْسٍ وَلِحْيَةٍ) لِلْمُحْرِمِ (بِزَيْتٍ) أَوْ دُهْنٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ زُبْدٍ (أَوْ شَحْمٍ أَوْ شَمْعِ عَسَلٍ ذَائِبَيْنِ) وَأَمَّا اسْتِخْدَامُهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ كَالأَكْلِ فَلا يَحْرُمُ مَا لَمْ يَكُنْ مُطَيَّبًا، (وَ)الثَّالِثُ (إِزَالَةُ ظُفْرٍ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (وَ)إِزَالَةُ (شَعَرٍ) مِنْ رَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، (وَ)الرَّابِعُ (جِمَاعٌ) فِى قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (وَمُقَدِّمَاتُهُ) أَىْ وَمُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ مِنْ تَقْبِيلٍ بِشَهْوَةٍ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ وَلَمْسٍ بِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ، (وَ)الْخَامِسُ (عَقْدُ النِّكَاحِ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَبِنْتِةِ وَلا يَصِحُّ، (وَ)السَّادِسُ (صَيْدُ مَأْكُولٍ بَرِّىٍّ وَحْشِىٍّ) أَىِ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَوْ بِشِرَاءٍ بِخِلافِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْبَحْرِىِّ وَالْمُسْتَأْنَسِ، (وَ)السَّابِعُ يَحْرُمُ (عَلَى الرَّجُلِ) الْمُحْرِمِ (سَتْرُ رَأْسِهِ) بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا كَقَلَنْسُوَةٍ (وَ)يَحْرُمُ عَلَيْهِ (لُبْسُ مُحِيطٍ) للبَدَنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (بِخِيَاطَةٍ) أَىْ مَا تَحْصُلُ بِهِ الإِحَاطَةُ بِسَبَبِ خِيَاطَةٍ كَقَمِيصٍ (أَوْ لِبْدٍ [وَهُوَ مَا يَتَلَبَّدُ مِنْ شَعَرٍ أَوْ صُوفٍ] أَوْ نَحْوِهِ)، (وَ)الثَّامِنُ يَحْرُمُ (عَلَى) الْمَرْأَةِ (الْمُحْرِمَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا) بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا (وَقُفَّازٌ) أَىْ لُبْسُهُ وَهُوَ شَىْءٌ يُعْمَلُ لِلْكَفِّ وَالأَصَابِعِ لِيَقِيَهَا مِنَ الْبَرْد (فَمَنْ) كَانَ مُحْرِمًا ثُمَّ (فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ فَعَلَيْهِ الإِثْمُ وَالْفِدْيَةُ) إِنْ كَانَ قَاصِدًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (وَيَزِيدُ الْجِمَاعُ) عَلَى مَا ذُكِرَ إِنْ كَانَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ [التَّحَلُّلُ الأَوَّلُ يَكُونُ بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ طَوَافِ الْفَرْضِ وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ وَرَمْىِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ] (بِالإِفْسَادِ) لِلنُّسُكِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ) أَىْ إِعَادَةِ مَا أَفْسَدَهُ (فَوْرًا وَإِتْمَامِ) النُّسُكِ (الْفَاسِدِ فَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ) مَثَلًا (بِالْجِمَاعِ يَمْضِى فِيهِ وَلا يَقْطَعُهُ ثُمَّ يَقْضِى فِى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ) وَأَمَّا مُفْسِدُ الْعُمْرَةِ فَيَمْضِى فِيهَا حَتَّى إِذَا أَتَمَّ أَفْعَالَهَا شَرَعَ فِى الْقَضَاءِ بِلا تَأْخِيرٍ.
وَبَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ رَحْمَةً وَاسِعَةً الْكَلامَ عَلَى مُحَرَّمَاتِ الإِحْرَامِ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَنَعْنِي بِالْوَاجِبِ فِى بَابِ الْحَجِّ مَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَلا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِتَرْكِهِ فَقَالَ (وَيَجِبُ) فِى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَالْمِيقَاتُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي عَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحْرِمَ) مُرِيدُ النُّسُكِ (مِنْهُ) وَهُوَ لِغَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ خَمْسَةُ أَمَاكِنَ وَذَلِكَ (كَالأَرْضِ الَّتِى تُسَمَّى ذَا الْحُلَيْفَةِ) وَهِىَ الْمَعْرُوفَةُ الْيَوْمَ بِآبَارِ عَلِىٍّ فَهِىَ الْمِيقَاتُ (لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ (وَمَنْ يَمُرُّ بِطَرِيقِهِمْ) مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا. (وَ)يَجِبُ (فِى الْحَجِّ) دُونَ الْعُمْرَةِ (مَبِيتُ) الْحَاجِّ فِى أَرْضِ (مُزْدَلِفَةَ) وَنَعْنِي بِالْمَبِيتِ هُنَا مُرُورَهُ فِى شَىْءٍ مِنْ أَرْضِهَا بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَوْ لَحْظَةً، هَذَا (عَلَى قَوْلٍ) عِنْدَ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ وَعَلَى قَوْلٍ هُوَ سُنَّةٌ لا إِثْمَ بِتَرْكِهِ وَلا دَمَ. (وَ)يَجِبُ مَبِيتُهُ أَىْ أَنْ يَحْضُرَ أَرْضَ (مِنًى) مُعْظَمَ ليْلِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلاثِ إِنْ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ مِنًى قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّانِى مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ مَبِيتُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، هَذَا (عَلَى قَوْلٍ) عِنْدَ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (وَلا يَجِبَانِ) أَىِ الْمَبِيتُ فِى مُزْدَلِفَةَ وَفِى مِنًى (عَلَى قَوْلٍ) فَهُمَا عَلَيْهِ سُنَّةٌ فَلا إِثْمَ بِتَرْكِهِمَا وَلا دَمَ. (وَ)يَجِبُ (رَمْىُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ) بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَيَمْتَدُّ إِلَى ءَاخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. (وَ)يَجِبُ (رَمْىُ الْجَمَرَاتِ الثَّلاثِ) كُلَّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ مِنْ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) بَعْدَ الزَّوَالِ مُرَتَّبًا فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الَّتِى تَلِى مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الَّتِى تَلِيهَا ثُمَّ الَّتِى تَلِيهَا وَلَهُ تَأْخِيرُ رَمْىِ الْيَوْمِ الأَوَّلِ وَالثَّانِى إِلَى الثَّالِثِ. (وَ)يَجِبُ (طَوَافُ الْوَدَاعِ عَلَى قَوْلٍ فِى الْمَذْهَبِ) وَيُسَنُّ عَلَى قَوْلٍ.
(وَهَذِهِ الأُمُورُ السِّتَّةُ) هِىَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ لا مِنَ الأَرْكَانِ وَلِذَا (مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا لا يَفْسُدُ حَجُّهُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ إِثْمٌ وَفِدْيَةٌ بِخِلافِ) مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ (الأَرْكَانِ الَّتِى مَرَّ ذِكْرُهَا فَإِنَّ الْحَجَّ لا يَحْصُلُ بِدُونِهَا وَمَنْ تَرَكَهَا) أَىِ الأَرْكَانَ (لا يَجْبُرُهُ دَمٌ أَىْ ذَبْحُ شَاةٍ).
(وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْحَرَمَيْنِ) حَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (وَنَبَاتُهُمَا) فَلا يَجُوزُ قَطْعُ شَجَرِهِمَا أَوْ قَلْعُهُ وَحُرْمَةُ ذَلِكَ (عَلَى مُحْرِمٍ وَحَلالٍ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْرِمِ (وَتَزِيدُ مَكَّةُ) عَلَى الْمَدِينَةِ (بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ) فِى الصَّيْدِ وَالنَّبَاتِ (فَلا فِدْيَةَ فِى صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَقَطْعِ نَبَاتِهَا وَ)حَدُّ (حَرَمِ الْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ جَبَلِ عَيْرٍ وَجَبَلِ ثَوْرٍ).
تَنْبِيهٌ. زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْنُونَةٌ بِالإِجْمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِرُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَمْ لا وَسَوَاءٌ كَانَ حَاجًّا أَمْ لا، وَقَدْ دَرَجَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ سَلَفًا وَخَلَفًا وَقَامَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الأَمْرِ وَرُوِىَ فِى ذَلِكَ أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِىِّ مَنْ زَارَ قَبْرِى وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِى اهـ حَسَّنَهُ الْحَافِظُ السُّبْكِىُّ وَالْحَافِظُ الْعَلائِىُّ وَغَيْرُهُمَا.