السبت سبتمبر 7, 2024

ويجب الحذر مما في كتاب «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان»[(381)]، ما هو مُفتَرَى على الحافظ ابن حبان وما هو بريء منه، حيث يقولون فيه والعياذ بالله تعالى: « أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكان أحب الشاة إليه فنهس نهسة فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم نهس أخرى فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم نهس أخرى فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة.

فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال: ألا تقولون: كيف؟ قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: يقوم الناس لرب العالمين فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنوا الشمس من رؤوسهم فيشتد عليهم حرها ويشق عليهم دنوها منهم فينطلقون من الجزع والضجر مما هم فيه فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه من الشر؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه كان أمرني بأمر فعصيته فأخاف أن يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري نفسي نفسي فينطلقون إلى نوح فيقولون: يا نوح أنت نبي الله وأول من أرسل فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه من الشر فيقول نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي فأهلكوا وإني أخاف أن يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري نفسي نفسي فينطلقون إلى إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت خليل الله قد سمع بخلتكما أهل السماوات والأرض فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه من الشر؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وذكر قوله في الكواكب: {هَذَا رَبِّي} وقوله لآلهتهم: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وقوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وإني أخاف أن يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري نفسي نفسي فينطلقون إلى موسى فيقولون: يا موسى أنت نبي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليمًا فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه من الشر؟ فيقول موسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسًا ولم أومر بها فأخاف أن يطرحني في النار انطلقوا غلى غيري نفسي نفسي فينطلقون إلى عيسى فيقولون: يا عيسى أنت نبي الله وكلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم وروح منه اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه من الشر فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وأخاف أن يطرحني في النار انطلقوا غلى غيري نفسي نفسي.

قال عمارة: ولا أعلمه ذكر ذنبًا

فيأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم فيقولون: أنت رسول الله وخاتم النبيين غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك..» اهـ. والعياذ بالله.

وهذا لا يليق بأنبياء الله عليهم السلام، فقد قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ *لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ *لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *} ، وقال تعالى {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *} ، فإذا كان الأولياء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فكيف بالأنبياء الذين قال الله فيهم {…وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ *} ؟! فالأنبياء عليهم السلام يستحيل عليهم أن يصيبهم الخوف والفزع في مواقف يوم القيامة.

(ومما يدل على الكذب الموجود في هذا الحديث على الأنبياء هو أن نوحا بزعمهم اعتبر دعاءه عليهم حراما وأنه يخاف أن يطرحه الله في النار بزعمهم فكيف استجاب الله لنبيه وأهلك الكفار وفيه من الكذب أن عيسى على زعمهم يخاف أن يطرحه الله في النار ولم يذكر ذنبا إلا يكفي هذا لبيان كذب هذا الحديث بهذه الألفاظ).

ـ[381]   الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1407هـ، ترتيب علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (739هـ)، المجلد الثالث ص/129 – 130 – 131).