معنى هذه العبارة أن الله لا يجرى عليه زمان أى لا بداية لوجوده لأن الزمان حادث و(الله تعالى كان قبل الزمان وقبل المكان وقبل الظلمات وقبل النور فهو تعالى ليس من قبيل العالم الكثيف كالأرض والحجر والكواكب والنبات والإنسان وليس من قبيل العالم اللطيف كالنور والروح والهواء والجن والملائكة لمخالفته للحوادث أى لمخالفته جميع المخلوقات. فإن قيل أليس من أسمائه اللطيف فالجواب أن معنى اللطيف الذى هو اسم لله الرحيم بعباده أو الذى احتجب عن الأوهام فلا تدركه) فالله تعالى لا تبلغه الأوهام أى لا تبلغه تصورات العباد لأن الإنسان وهمه يدور حول ما ألفه من الشىء المحسوس الذى له حد وشكل وهيأة والله ليس كذلك لذلك نهينا عن التفكر فى ذات الله وأمرنا بالتفكر فى مخلوقاته لأن التفكر فى مخلوقاته يقوي اليقين (فلا نظير له تعالى أى لا مثيل له ولا شبيه فى ذاته) فذاته لا يشبه ذوات المخلوقين وذات الله معناه حقيقة الله الذى لا يشبه الحقائق (ولا فى صفاته) أى صفاته لا تشبه صفات المخلوقين لأن صفات الله أزلية وصفات المخلوقين حادثة يجوز عليها التطور والتغير (ولا فى فعله) أى فعل الله لا يشبه فعل المخلوقين والله تعالى يفعل بمعنى الإخراج من العدم إلى الوجود ولا فاعل على هذا الوجه إلا الله فالله تعالى يفعل فعلا بقدرته الأزلية وبتكوينه الأزلى بلا مباشرة ولا مماسة لشىء وعلى هذا البخارى حيث قال فى كتاب التوحيد »والفعل صفته فى الأزل والمفعول مكون محدث« اهـ وهو موافق لما عليه الماتريدية وبعض قدماء الأشاعرة من أزلية صفات الفعل كصفات الذات ورجحه الحافظ ابن حجر. والله تعالى لا مثيل له فى مخلوقاته (لأنه لو كان مماثلا لمخلوقاته بوجه من الوجوه كالحجم والحركة والسكون ونحو ذلك لم يكن خالقا لها. فالله تعالى منزه عن الاتصاف بالحوادث، وكذلك صفات الله تعالى) القائمة بذاته (هى قديمة أى أزلية. ولأهمية هذا البحث قال الإمام أبو حنيفة »من قال بحدوث صفات الله أو شك أو توقف فهو كافر« ذكره فى كتاب الفقه الأكبر) فالذى يقول عن صفات الله لعلها أزلية ولعلها ليست كذلك أو يقول لا أقول إنها أزلية ولا أقول إنها غير أزلية فهو كافر (وقال الطحاوى »ومن وصف الله بمعنى من معانى البشر فقد كفر« اهـ) فالذى يصف الله بصفة من صفات البشر فهو كافر وأول صفات البشر هى الحدوث أى الوجود بعد عدم وصفات البشر كثيرة منها الجلوس والاتصال والانفصال والحركة والسكون والانفعال والتنقل من علو إلى سفل والتحيز فى المكان والجهة وغير ذلك. وليس من وصف الله بمعانى البشر أن يقال إن الله متكلم بكلام أزلى ليس حرفا ولا صوتا وإنه يرى برؤية أزلية بغير حدقة وإنه يسمع بسمع أزلى ليس بأذن وءالة لأن هذا ليس إلا توافقا فى اللفظ.