الجمعة نوفمبر 22, 2024

قِدَمُ اللَّهِ لَيْسَ زَمَانِيًّا

 

 اللَّهُ تَعَالَى كَانَ قَبْلَ الزَّمَانِ وَقَبْلَ الْمَكَانِ، وَقَبْلَ الظُّلُمَاتِ وَقَبْلَ النُّورِ، فَهُوَ تَعَالَى لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْعَالَمِ الْكَثِيفِ كَالأَرْضِ، وَالْحَجَرِ، وَالْكَوَاكِبِ، وَالنَّبَاتِ وَالإِنْسَانِ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْعَالَمِ اللَّطِيفِ كَالنُّورِ، وَالرُّوحِ، وَالْهَوَاءِ، وَالْجِنِّ، وَالْمَلائِكَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْحَوَادِثِ، أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ.

 فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ اللَّطِيفُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَعْنَى اللَّطِيفِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِلَّهِ: الرَّحِيمُ بِعِبَادِهِ أَوِ الَّذِي احْتَجَبَ عَنِ الأَوْهَامِ فَلا تُدْرِكُهُ.

فَلا نَظِيرَ لَهُ تَعَالَى أَيْ لا مَثِيلَ لَهُ وَلا شَبِيهَ فِي ذَاتِهِ وَلا فِي صِفَاتِهِ وَلا فِي فِعْلِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُمَاثِلًا لِمَخْلُوقَاتِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَالْحَجْمِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ خَالِقًا لَهَا.

فَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الِاتِّصَافِ بِالْحَوَادِثِ، وَكَذَلِكَ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ قَديِمَةٌ أَيْ أَزَلِيَّةٌ.

وَلِأَهَمِّيَّةِ هَذَا الْبَحْثِ قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ [فِي إِحْدَى رَسَائِلِهِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ ثَابِتَةٌ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ اللُّغَوِيُّ مُرْتَضَى الزَّبِيدِيُّ]: »مَنْ قَالَ بِحُدُوثِ صِفَاتِ اللَّهِ، أَوْ شَكَّ، أَوْ تَوَقَّفَ، فَهُوَ كَافِرٌ«، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ.