قول عضد الدين الإيجي([1]) رحمه الله (ت 756هـ)
قال الإيجي([2]): «المقصد الثاني: في أنه تعالى ليس بجسم، وذهب بعض الجهال إلى أنه جسم، فالكرامية قالوا: هو جسم أي موجود ـ، ولا يصح إطلاق الجسم على الله تعالى لأنه ليس معنى الجسم الموجود كما بينا ـ، وقوم قالوا: هو جسم أي قائم بنفسه ـ، كذلك هنا لا يصح إطلاق الجسم على الله تعالى ولو أرادوا القائم بذاته ـ، فلا نزاع معهم إلا في التسمية، ومأخذها التوقيف ولا توقيف ـ أي لا نص ـ، والمجسمة قالوا: هو جسم حقيقة! فقيل: من لحم ودم! كمقاتل بن سليمان([3])، وقيل: نور يتلألأ كالسبيكة([4]) البيضاء، وطوله سبعة أشبار من شبر نفسه! ومنهم من يقول: إنه على صورة إنسان! فقيل: شاب أمرد جعد قطط([5])! وقيل: شيخ أشمط الرأس واللحية([6])! تعالى الله عن قول المبطلين. والمعتمد في بطلانه أنه لو كان جسما لكان متحيزا، واللازم قد أبطلناه وأيضا يلزم تركبه وحدوثه، وأيضا فإن كان جسما لاتصف بصفات الأجسام، إما كلها فيجتمع الضدان، أو بعضها فيلزم الترجيح بلا مرجح أو الاحتياج، وأيضا يكون متناهيا فيتخصص بمقدار وشكل، واختصاصه بهما دون سائر الأجسام يكون لمخصص، ويلزم الحاجة» اهـ.
[1] ) عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو الفضل، عضد الدين الإيجي، ت 756هـ، عالم بالأصول والمعاني والعربية. من أهل إيج بفارس ولي القضاء، وله تلاميذ عظام. من تصانيفه: «المواقف» في علم الكلام، و«العقائد العضدية»، و«الرسالة العضدية»، و«جواهر الكلام مختصر المواقف»، و«شرح مختصر ابن الحاجب» في أصول الفقه، و«الفوائد الغياثية في المعاني والبيان». الأعلام، الزركلي، 3/295.
[2] ) المواقف مع شرح الجرجاني، الإيجي، 3/38.
[3] ) مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء، البلخي، من رؤوس المشبهة، كان متروك الحديث. الأعلام، الزركلي، 7/281.
[4] ) «السبيكة كسفينة: القطعة المذوبة من الذهب والفضة إذا استطالت» اهـ. تاج العروس، الزبيدي، مادة س ب ك، 27/192.
[5] ) «القط: القصير الجعد من الشعر، كالقطط محركة، يقال: شعر قط وقطط»اهـ. تاج العروس، الزبيدي، مادة ق ط ط، 20/35.
[6] ) «الشمط، محركة: بياض شعر الرأس يخالط سواده، كذا في الصحاح، وفي المحكم: الشمط في الشعر: اختلافه بلونين من سواد وبياض» اهـ. تاج العروس، الزبيدي، مادة ش م ط، 19/421.