الخميس ديسمبر 12, 2024

قول المازريّ المالكيّ شارح مسلم ([1])(ت 536هـ)

قال المازريّ رحمه الله([2]): «وقد غلط ابن قتيبة في هذا الحديث: «إذا قاتَلَ أحدُكُمْ أخاهُ فَلْيجتنبِ الوجهَ فإنَّ الله خلَقَ آدمَ على صورتِهِ»، فأجراه على ظاهره، وقال: «لله تعالى صورة لا كالصُّوَر!»، وهذا الذي قاله ظاهر الفساد لأن الصورة تفيد التركيب، وكل مركّب محدَث، والله تعالى ليس بمحدَث، فليس هو مركَّبًا وليس مصوَّرًا، قال وهذا كقول المجسمة: جسم لا كالأجسام! لمّا رأوا أهل السُّنَّة يقولون: البارئ سبحانه وتعالى شىء لا كالأشياء، طردوا الاستعمال، فقالوا: جسم لا كالأجسام، والفرق أن لفظ شىء لا يفيد الحدوث، ولا يتضمّن ما يقتضيه، وأما الجسم والصورة فيتضمّنان التأليف والتركيب، وذلك دليل الحدوث» اهـ.

فقول المجسمة عن الله جسم لا كالأجسام لا يخلّصُهم من الكفر، كأنهم قالوا هو مخلوق لا كالمخلوقين عاجز لا كالعاجزين والعياذ بالله تعالى.

وقال أيضًا عند تفسيره لحديث([3]): «حِجابُهُ النُّورُ لوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَ سُبُحاتُ وَجْهِهِ ما انتهى إليه بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» ما نصّه([4]): «الضمير الذي في «وجهه» يعود على المخلوق لا على الخالق، إذ الحجاب بمعنى الستر إنما يكون على الأجسام المحدودة، والبارئ جلّت قدرته ليس بجسم ولا محدود» اهـ.

[1] ) محمد بن عليّ بن عمر التميميّ المازريّ، أبو عبد الله ت 536هـ، محدّث، من فقهاء المالكية، من كتبه: «التلقين في الفروع»، و«إيضاح المحصول في الأصول»، و«المعلم بفوائد مسلم». الأعلام، الزركلي، 6/277.

 

[2] ) المعلم بفوائد مسلم، المازريّ، 16/166.

 

[3] ) صحيح مسلم، مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: «إنَّ الله لا ينامُ» وفي قوله: «حجابه النور »، 1/111.

 

[4] ) المعلم بفوائد مسلم، المازريّ، 16/224.