قول الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني([1]) (ت 1367هـ)
قال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني([2]): «ثم إن هؤلاء المتحمسين في السلف متناقضون لأنهم يُثبتون تلك المتشابهات على حقائقها، ولا ريب أن حقائقها تستلزم الحدوث وأعراض الحدوث كالجسمية والتجزؤ والحركة والانتقال، لكنهم بعد أن يثبتوا تلك المتشابهات على حقائقها ينفون هذه اللوازم، مع أنَّ القول بثبوت الملزومات ونفي لوازمها تناقض لا يرضاه لنفسه عاقل فضلًا عن طالب أو عالم.
فقولهم ـ أي المشبهة ـ في مسألة الاستواء الآنفة: إن الاستواء باق على حقيقته، يفيد أنه الجلوس المعروف المستلزم للجسمية والتحيز، وقولهم بعد ذلك: ليس هذا الاستواء على ما نعرف، يفيد أنه ليس الجلوس المعروف المستلزم للجسمية والتحيز، فكأنهم يقولون: إنه مستو غير مستو، ومستقر فوق العرش غير مستقر، أو متحيز غير متحيز، وجسم غير جسم، أو إن الاستواء على العرش ليس هو الاستواء على العرش، والاستقرار فوقه ليس هو الاستقرار فوقه، إلى غير ذلك من الإسفاف والتهافت» اهـ.
ثم قال: «والاستواء في اللغة العربية يدلُّ على ما هو مستحيل على الله في ظاهره، فلا بدَّ إذًا من صرفه عن هذا الظاهر، واللفظ إذا صرف عما وضع له واستعمل في غير ما وضع له خرج عن الحقيقة إلى المجاز لا محالة، ما دامت هناك قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصليّ.
ثم إن كلامهم بهذه الصورة فيه تلبيس على العامة وفتنة لهم، فكيف يواجهونهم به ويحملونهم عليه، وفي ذلك ما فيه من الإضلال وتمزيق وحدة الأمة» اهـ.
[1] ) محمد عبد العظيم الزرقاني، ت1367هـ، من علماء الأزهر بمصر، تخرَّج من كلية أصول الدين، وعمل بها مدرسًا لعلوم القرآن والحديث، وتوفي بالقاهرة. من كتبه: «مناهل العرفان في علوم القرآن». الأعلام، الزركلي، 6/210.
[2] ) مناهل العرفان في علوم القرآن، الزرقاني، 2/210.