قول الحافظ صلاح الدين العلائي رحمه الله (ت 761هـ)
يدعي بعض المفترين المدافعين عن ابن تيمية المجسم أن الحافظ العلائي أثنى على ابن تيمية خيرا شأنه في ذلك شأن أبي حيان الأندلسي وابن حجر العسقلاني. وليس ذلك بصحيح فهاكم ما ذكره الحافظ أبو سعيد العلائي فيه، فقد نقل الحافظ المؤرخ شمس الدين بن طولون([1]) عن الحافظ العلائي شيخ الحافظ العراقي([2]) أنه قال([3]): «وأما مقالاته ـ أي ابن تيمية ـ في أصول الدين فمنها قوله: إن الله سبحانه محل الحوادث، تعالى الله عما يقول علوا كبيرا، وإنه مركب مفتقر إلى ذاته افتقار الكل إلى الجزء، وإن القرآن محدث في ذاته تعالى، وإن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوقا دائما، فجعله موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار. ومنها قوله بالجسمية والجهة والانتقال وهو مردود. وصرح في بعض تصانيفه، بأن الله تعالى بقدر العرش لا أكبر منه ولا أصغر – يعنى ابن تيمية – تعالى الله عن ذلك، وصنف جزءا في أن علم الله لا يتعلق بما لا يتناهى كنعيم أهل الجنة، وأنه لا يحيط بالمتناهي، وهي التي زلق فيها بعضهم، ومنها أن الأنبياء غير معصومين، وأن نبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام ليس له جاه ولا يتوسل به أحد إلا ويكون مخطئا، وصنف في ذلك عدة أوراق، وأن إنشاء السفر لزيارة نبينا معصية لا يقصر فيها الصلاة، وبالغ في ذلك ولم يقل بها أحد من المسلمين قبله، وأن عذاب أهل النار ينقطع ولا يتأبد، حكاه بعض الفقهاء عن تصانيفه» اهـ.
فهل يظن بعد هذا السياق من تعداد جملة كثيرة من المسائل المنكرة المستبشعة أن يمدحه الحافظ العلائي، فلا شك أن العلائي كان يقول بالتنزيه وينكر القول بالتجسيم بدليل إنكاره على ابن تيمية.
[1] ) محمد بن علي بن أحمد بن علي بن خمارويه بن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي شمس الدين، ت 953هـ، مؤرخ عالم بالتراجم والفقه، من أهل الصالحية بدمشق، ونسبته إليها. من كتبه: «الفرق العلية في تراجم متأخري الحنفية»، و«ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر». الأعلام، الزركلي، 6/291.
[2] ) عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، ت 806هـ، أبو الفضل، زين الدين، المعروف بالحافظ العراقي، من كبار حفاظ الحديث. أصله من الكرد، ومولده في رازنان من أعمال إربل، توفي في القاهرة. من كتبه: «نكت منهاج البيضاوي» في الأصول، و«ذيل على الميزان» و«الألفية في مصطلح الحديث»، وشرحها «فتح المغيث» و«التحرير في أصول الفقه». الأعلام، الزركلي، 3/344، 345.
[3] ) ذخائر القصر، ابن طولون، ص69.