الأربعاء ديسمبر 4, 2024

قول الإمام أبي جعفر الطحاويّ أحمد بن سلامة
رضي الله عنه (ت 321هـ)

قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في أول عقيدته المشهورة المعروفة بالعقيدة الطحاوية: «هذا ذكر بيان عقيدة أهل السّنة والجماعة» يريد الطحاوي أنه قد قد ضمَّن كتابه العقيدة التي أجمع عليها السلف من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين في تنـزيه الله عن مشابهة المخلوقات، وفي إثبات الصفات على ما يليق به سبحانه، ونحو ذلك مما يندرج تحت معنى الشهادتين، ويُعَدُّ كلام الطحاويّ في غاية الأهمية فهو من علـماء الحديث ومن كبار الفقهاء، ومن أقواله في ذلك: «ومن لم يتوقَّ النفي والتشبيه زلَّ ولم يصب التنـزيه، فإن ربّنا جلَّ وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية ليس في معناه أحد من البرية، تعالى عن الحدود([1]) والغايات([2]) والأركان([3]) والأعضاء([4])والأدوات([5]) لا تحويه الجهات الستّ كسائر المبتدعات([6])» اهـ.

[1] ) الحدّ معناه نهاية الشىء، والحجم والجرم لهما حدّ، فالعرش والكرسيّ والجنة والنار والسموات والأرضون، كل ذلك له مساحة، لكن نحن البشر لا نعلم مساحة العرش كم هي ولا الكرسيّ ولا السموات السبع ولا الجنة ولا جهنم، وليس معنى نفي الحدّ عن الله أنه ممتدّ إلى غير نهاية، فليحذر هذا التوهم لأنه كفر وضلال.

 

[2] ) الغايات جمع غاية، والغاية ما ينتهي إليه الشىء.

 

[3] ) الأركان معناه الجوانب، فالله تعالى منزه أن يكون له جوانب، لأن الشىء الذي يكون له أركان يكون محدودًا لا محالة.

 

[4] ) الأعضاء هي الجوارح الكبيرة كاليد والرّجل والرأس والبطن ونحوه، ومعنى كلام الطحاويّ أنَّ الله منزه أن يكون له أعضاء كما أن للإنسان وغيره من ذوي الأرواح أعضاء.

 

[5] ) الأدوات جمع أداة، والأدوات هي الأجزاء الصغيرة كاللسان والأضراس، وفسَّر بعضهم الأدوات بالآلات التي يستعين بها الإنسان في تحقيق أفعاله كآلات البناء، فالله منـزّه عن ذلك لما عُلِمَ من كلام أهل الحق أن الله فاعل بلا علاج – أي من غير مباشرة -، لا يحتاج إلى مزاولة بالحركات والسكنات والآلات، بل يخلق ما يشاء بدون ذلك، فما أراد الله في الأزل أن يدخل في الوجود يُوجِدُه ويكوّنه بقدرته الأزلية.

 

[6] ) لا تحوي اللهَ تعالى الجهاتُ الستُّ كما تحوي جميع المخلوقات، وذلك لأنّ المخلوقات لا تخلو عن التحيز في إحدى الجهات الست لأن الحادث لا بد أن يكون في مكان، أما الله فليس بحادث فهو موجود بلا مكان.