قولهم في الأنبياء والرسل:
وأجمعوا على أن الله أرسل أنبياء ورسلاً أولهم آدم عليه السلام ابو البشر وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم من لا نبي بعده، دينهم واحد هو الإسلام { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ } وشرائعهم مختلفة، جملهم الله بأحسن الصفات ومن تلك الصفات:
الصدق فلا يكذبون وأما الحديث الذين فيه “كذب إبراهيم ثلاث كذبات” فقالوا فيه إن إبراهيم عليه السلام قال ما صورته صورة الكذب لكنه صدق من حيث الحقيقة فقوله { إِنِّي سَقِيمٌ } ليس فيه كذب بل معناه إني سقيم من عبادتكم لما لا يستحق العبادة، وقوله عن زوجته سارة “إنها أختي” ليخلصها من كيد الملك الظالم الجبار صدق في الحقيقة { إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }، وأسند فعل تكسير الأصنام الصغار إلى الصنم الكبير لأنه السبب الكبير في كفرهم وطغيانهم فقال { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوَهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ }.
والأمانة فلا يخونون، فما ينسب إلى سيدنا داوود عليه السلام في بعض الروايات المكذوبة من أنه عشق امرأة قائد جيشه فأرسله إلى معركة خاسرة ليموت هناك ويأخذ امرأته فهذا لا يقبله أي مسلم.
والفطانة أي شدة الذكاء فليس فيهم غبي بليد الذهن.
والشجاعة فليس فيهم جبان فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يهاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة هربا من المشركين بل تنفيذاً لأمر الله تعالى وتأسيساً لدولة الإسلام، وموسى عليه السلام لم يهرب من فرعون.
وعصمهم من الكفر أي هم محفوظون من الكفر قبل أن يوحى إليهم بالنبوة وبعد ذلك أيضاً، وأما قول إبراهيم عليه السلام عن الكوكب حين رآه { هَذَا رَبِّي } فهو على تقدير الاستفهام الإنكاري فكأنه قال: أهذا ربي كما تزعمون، ثم لما غاب { قَالَ لاَ أُحِبُّ الآفِلِينَ } أي لا يصلح أن يكون هذا رباً فكيف تعتقدون ذلك، وكذلك فعل حين رأى القمر والشمس، وليس كما قال بعض أدعياء العلم في كتاب له (إن إبراهيم كان تائهاً لا يعرف رباً له) سبحاناك اللهم هذا بهتان عظيم.
والكبائر فيوسف عليه السلام لم يهم بالزنا من امرأة العزيز، حاشاه أن يفعل ذلك، وإنما معنى {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } أن امرأة العزيز همت بالفاحشة { وَهَمَّ بِهَا } أن يوسف عليه اللاسم هم بضربها وبدفعها.
وصغائر الخسة أي أن الله عصمهم من التلبس بالذنوب الصغيرة التي فيها خسة ودناءة كسرقة حبة عنب فإن هذه صغيرة لكنها تدل على دناءة نفس.
ولا يجوز في حقهم الأمراض التي تنفر الناس منهم فيجب الحذر من القصة المكذوبة التي فيها أن سيدنا أيوب عليه السلام صار يخرج منه الدود ويقع على الأرض فيرده إلى جسده ويقول (كلي من رزقك يا مخلوقة الله).
ولا سبق اللسان في الشرعيات والعاديات أي أن يقولوا كلاماً لم يقصدوا قوله لأنه لو حصل منهم ذلك لارتفعت الثقة في صحة ما يقولونه.