الجمعة ديسمبر 12, 2025

قصة المولد

   الحمد لله ذى الصفات العلية، مستدرا فيض البركات على ما أناله من الخير وأولاه.

الله عظم قدر جاه محمد    وأناله فضلا لديه عظيما

فى محكم التنزيل قال لخلقه         صلوا عليه وسلموا تسليما

وأصلى وأسلم على نبى الهدى الموصوف بالأفضلية، سيدنا محمد ومن اتبعه بإحسان، واقتدى بشريعته ووالاه، وأستجديه هداية لسلوك السبل الواضحة الجلية، وحفظا من الغواية فى خطط الخطإ وخطاه، وهاكم من قصة المولد النبوى برودا حسانا عبقرية، ناظما من الوصف الشريف عقدا تتحلى المسامع بحلاه، وأستعين بحول الله تعالى وقوته فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله.

فأقول هو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، واسمه شيبة الحمد حمدت خصاله السنية، ابن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف، واسمه المغيرة ابن قصى، واسمه زيد بن كلاب، ابن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر، وإليه تنسب البطون القرشية، ومن فوقه كنانى كما جنح إليه الكثير وارتضاه، ابن مالك بن النضر، ابن كنانة بن خزيمة، ابن مدركة بن إلياس وهو أول من أهدى البدن إلى الرحاب الحرمية، ابن مضر بن نزار، ابن معد بن عدنان، وهذا سلك نظمت فرائده بنان السنة السنية، ورفعه إلى الخليل إبراهيم عليه السلام، ورفعه إلى الخليل إبراهيم عليه السلام أمسك عنه الشارع وأباه، وعدنان بلا ريب عند ذوى العلوم النسبية، إلى الذبيح إسماعيل نسبته ومنتماه. فأعظم به من عقد تالقت كواكبه الدرية، وكيف لا وكيف لا والسيد الأكرم صلى الله عليه وسلم واسطته المنتقاة.

نسب تحسب العلا بحلاه           قلدتها نجومها الجوزاء

حبذا عقد سؤدد وفخار           أنت فيه اليتيمة العصماء

حفظ الإله كرامة لمحمد             ءاباءه الأمجاد صونا لاسمه

تركوا السفاح فلم يصبهم عاره            من ءادم وإلى أبيه وأمه

عطر اللهم قبره الكريم                     بعرف شذى من صلاة وتسليم

ولما ءان بروز حقيقته المحمدية، وإظهاره جسما وروحا بصورته ومعناه، نقله إلى مقره من صدفة ءامنة الزهرية، وخصها القريب المجيب بأن تكون أما لمصطفاه، ونودى فى أقطار السموات والأرض بحملها لأنواره الذاتية، وصبا كل صب لهبوب صباه، وكسيت الأرض بعد طول جدبها من النبات حللا سندسية، وأينعت الثمار وأعطى الشجر للجانى جناه، واحتست العوالم من السرور كأس حمياه، وبشرت هواتف الجن بإظلال زمنه، وانتهكت الكهانة ورهبت الرهبانية، ولهج بخبره كل حبر خبير، وفى حلا حسنه تاه، وأتيت أمه فى المنام فقيل لها إنك قد حملت بسيد العالمين وخير البرية، فسميه إذا وضعتيه محمدا، فسميه إذا وضعتيه محمدا فإنه ستحمد عقباه.

 

 

قال بعض من ألف فى المولد النبوى الشريف

حملت ءامنة بنت وهب برسول الله صلى الله عليه وسلم عشية الجمعة أول ليلة من رجب، وإن ءامنة لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ترى الطيور عاكفة عليها إجلالا للذى فى بطنها، وكانت إذا جاءت تستقى من بئر يصعد الماء إليها إلى رأس البئر إجلالا وإعظاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرت بذلك زوجها عبد الله فقال هذه كرامة للمولود الذى فى بطنك، قالت وكنت أسمع تسبيح الملائكة حولى، وسمعت قائلا يقول هذا نور السيد الرسول، ثم رأيت فى المنام شجرة، وعليها نجوم زاهرة، بينهن نجمة فاخرة أضاء نورها على الكل، فبينما أنا ناظرة إلى نورها واشتعالها إذ سقطت فى حجرى، وسمعت هاتفا يقول هذا النبى السيد الرسول، ثم أتانى ملك ومعه ورقة خضراء فقال إنك قد حملت بسيد المرسلين ونبى المؤمنين، قالت فانتبهت من نومى مرعوبة وحدثت بذلك زوجى فقال، قومى إلى خليفة بن عتاب يفسر لك هذا المنام، قالت فأتيت إليه وقصصت عليه هذا المنام فقال، الشجرة إبراهيم الخليل والنجوم الزاهرة هم الأنبياء من أولاده، والنجمة الفاخرة التى علا ضوؤها على الكل فهو نبى يظهر فى هذا الزمان يكسر الأوثان ويعبد الرحمٰن، وأما سقوطها فى حجرك فسوف تلدينه وسيعلو مكانه وينتشر فى المشرق والمغرب برهانه، فرجعت إلى منزلى فرحة مسرورة.

ومرض أبوه عبد الله ومات بالمدينة ولآمنة ستة أشهر وهى حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما مات أبوه عبد الله ضجت الملائكة إلى باريها، ضجت الملائكة إلى بارئها وقالت سؤالا لا اعتراضا، إلهنا يبقى نبيك وحبيبك يتيما، قال الله تعالى يا ملائكتى أنا أولى بحفظه من أمه وأبيه، وأنا خالقه ورازقه ومربيه، ومظفره على أعاديه، ولى تدبير ذلك وأنا على كل شىء قدير. ولما حملت ءامنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ظهر صفاء يقينها، وانطوت الأحشاء على جنبيها، وسطع نور محمد صلى الله عليه وسلم على جبينها، قالت ءامنة بنت وهب لما كان أول شهر من شهورى شهر الله رجب، فبينما أنا ذات ليلة، إذ دخل على رجل حسن الوجه طيب الرائحة، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، مرحبا مرحبا بك يا محمد، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا ءادم، فقلت ما تريد يا أبا البشر، قال أبشرى يا ءامنة بسيد البشر، وفخر ربيعة ومضر، ومن ينشق له القمر، ويكلمه الحجر، ويسعى إلى خدمته الشجر.

فلما كان فى الشهر الثانى دخل على رجل جليل القدر، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خليل الله، السلام عليك يا صفوة الله، قلت له سيدى من أنت، قال أنا شيث، قلت وما تريد يا شيث، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى الكريم، والسيد العظيم، الضب له يكلم، والحجر له يسلم، ثم انصرف.

فلما كان فى الشهر الثالث دخل على رجل له سكينة ووقار، وعليه ضياء وأنوار، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا مزمل، السلام عليك يا مدثر، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا النبى إدريس، قلت وما تريد يا إدريس، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى الرئيس والجوهر النفيس، صاحب التسبيح والتقديس، ثم انصرف.

فلما كان فى الشهر الرابع دخل على رجل أسمر، مليح المنظر، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا صادق، السلام عليك يا صفوة الكريم الخالق، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا نوح، قلت وما تريد يا نوح، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى الممنوح، صاحب النصر والفتوح، الذى ذكاؤه فى الآفاق يفوح، ثم انصرف.

فلما كان فى الشهر الخامس دخل على رجل حسنه مكمل، ووجهه مجمل، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا زين المرسلين، السلام عليك يا إمام المتقين، قلت له سيدى من أنت، قال أنا نبى الله هود، قلت وما تريد يا هود، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى المسعود، والرسول المحمود، صاحب الكرم والجود واللواء المعقود، ثم انصرف.

فلما كان فى الشهر السادس دخل على رجل جليل المقدار، كثير الأنوار، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا حبيب المحبوب، السلام عليك يا بغية المطلوب، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا إبراهيم الخليل، قلت وما تريد يا إبراهيم، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى الجليل، والرسول الفضيل، ثم انصرف.

فلما كان فى الشهر السابع دخل على رجل أملح، ووجهه من البدر أصبح، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا صفوة الإله، السلام عليك يا عظيم الجاه، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا أبوه إسماعيل الذبيح، فقلت له سيدى وما تريد، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى المليح، صاحب النسب الصحيح واللسان الفصيح، ثم انصرف.

فلما كان فى الشهر الثامن دخل على رجل طويل القامة، مليح الهامة، وهو يشير بيده إلى فؤادى ويقول، السلام عليك يا إمام الأبرار، السلام عليك يا حبيب الملك الجبار، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا موسى بن عمران، فقلت وما تريد يا موسى، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بمن ينزل عليه القرءان، ويكلمه الرحمٰن، ويزين به الثقلان، ثم انصرف. فلما كان فى الشهر التاسع دخل على رجل لابس الصوف، وهو بالعبادة موصوف، فأشار بيده إلى فؤادى وهو يقول، السلام عليك يا زين الخلائق، السلام عليك يا مظهر الحقائق، فقلت له سيدى من أنت، قال أنا عيسى ابن مريم، فقلت وما تريد يا عيسى، قال أبشرى يا ءامنة فقد حملت بالنبى الأكرم، والعطوف الأرحم، وفى هذا الشهر تضعين محمدا، وفى هذا الشهر تضعين محمدا صلى الله عليه وسلم.

فلما دخل شهر ربيع الأول، فى اثنتى عشرة ليلة خلت منه وهى ليلة الاثنين من الليالى البيض، اللاتى ليس فيهن ظلام، وكان عبد المطلب قد خرج يطوف بالبيت هو وأولاده، ولم يبق عند ءامنة ذكر ولا أنثى، وقد أغلق عليها عبد المطلب الباب خوفا عليها من طارق يطرقها، قالت ءامنة وبقيت فى المنزل وحيدة إذ سمعت حركة بين السماء والأرض، ورأيت ملكا عظيما، بيده ثلاثة أعلام، فنشر الأول على مشرق الأرض، والثانى على مغربها، والثالث على البيت الحرام، قالت ءامنة لما كانت الليلة الثانية عشرة من شهر ربيع الأول، أحسست بالذى فى بطنى يريد النزول، فلحقنى البكاء لوحدتى فى المنزل وليس عندى أحد، فنظرت إلى ركن المنزل وقد ظهر منه أربع نساء طوال، كأنهن الأقمار، متزرات بأزر بيض، يفوح الطيب من أعطافهن، فقلت لهن من أنتن اللاتى من الله على بكن فى وحدتى، وفرج بكن كربتى، قالت الأولى أنا مريم بنت عمران والتى على يسارك سارة زوجة إبراهيم والتى تناديك من خلفك هاجر أم إسماعيل الذبيح والتى أمامك ءاسية بنت مزاحم امرأة فرعون فاستبشرت بهن وفرحت فرحا عظيما. فتقدمت الأولى وقالت أبشرى يا ءامنة من مثلك وقد حملت بسيد أهل الأرض والسماء، ومصباح الدنيا وخاتم الأنبياء، والحبيب المصطفى ثم جلست عن يمينى. ثم تقدمت الثانية وقالت، من مثلك يا ءامنة فقد حملت بالحبيب الأعلى، والمشفع فى الخلق غدا، أفضل من وطئ الثرى والحصى. ثم تقدمت الثالثة وقالت، يا ءامنة نهنئك بسيد البشر، وفخر ربيعة ومضر، ومن ينشق له القمر، ويكلمه الحجر والشجر، ثم تقدمت الرابعة وهى أكبرهن هيبة، وأكثرهن بهجة، ونادت يا ءامنة من مثلك وقد خصصت بالمبعوث بالفضائل والمفاخر، صاحب المعجزات والمآثر، ثم جلست بين يدى، وقالت ألقى بنفسك على، وميلى بكليتك إلى، قالت ءامنة فجعلت أنظر إلى أشباح يدخلون على أفواجا، يهنئوننى وأنا حيرانة، وهم يخاطبوننى بخطاب لم أسمع قط أحلى منه، لم أسمع قط أحلى منه ولا أرق. وأنشد لسان الحال

يا ربنا منشئ الأشياء من عدم             صل وسلم على من عشقه يجب

راق الزمان فزال الهم والنصب            واختفى الشرك والعصيان والريب

وأصبح الكون فى يسر وفى فرج           يقول قد جاء من بالفخر ينتسب

جمعت فى الحسن أوصافا كما جمعت      لك الملاحة يا من عشقه يجب

أنت المراد وأنت القصد أجمعه            يا من له كرم يا من له رتب

صلى عليك إله العرش ما طلعت         شمس النهار ومال الظل يغترب

قالت ءامنة وفى تلك الساعة رأيت الشهب تتطاير يمينا وشمالا، ورأيت المنزل قد اعتكر على بأصوات مشتبهات ولغات مختلفات، فأوحى الله تعالى إلى رضوان، يا رضوان زين الجنان، وصف على غرفها الحور والولدان، فتبادرت بزينتها الحور الحسان، وأشرفت من غرف الجنان، وأزهرت الأوراق والأشجار والأغصان، وقطرت قطرات الرحمة على أوراق الأفنان، واهتز العرش طربا، ومال الكرسى عجبا، وخرت الملائكة سجدا وماج الثقلان، وأظهر سره الملك الديان، المنزه عن السكون والحركة والانتقال والمكان، تعالى ربنا ذو الجلال.

ثم إن الله تعالى أوحى إلى جبريل أن صف أقداح راح الشراب، للكواعب الأتراب، وانشر نوافح المسك الذكية، وعطر الكون بالروائح الطيبة الزكية، وافرش سجادة القرب والوصال للمصطفى المصلى فى محراب الكمال، وقيل يا مالك أغلق أبواب النيران وصفد الشياطين لهبوط الملائكة المقربين، ونودى فى أقطار السموات فهبط جبريل الأمين إلى الأرض بالملائكة المقربين، وقد حجبتهم سحابة من الكافور الأبيض، فرجعت برياح الرحمة من مجارى سحب الكرامة تربض، ورفرفت الأطيار، وجاءت الوحوش من القفار، وكل ذلك بأمر الملك الجبار.

قالت ءامنة ولم يأخذنى ما يأخذ النساء من الطلق إلا أنى أعرق، إلا أنى أعرق عرقا شديدا كالمسك الأذفر، لم أعهده قبل ذلك من نفسى فشكوت العطش، فإذا بملك ناولنى شربة من الفضة البيضاء، فيها شراب أحلى من العسل وأبرد من الثلج وأذكى رائحة من المسك الأذفر، فتناولتها فشربتها فأضاء على منها نور عظيم فحرت لذلك وجعلت أنظر يمينا وشمالا، وقد اشتد بى الطلق، فبينما أنا كذلك فإذا أنا بطائر عظيم أبيض قد دخل على وأمر بجانبة جناحيه على بطنى وقال إنزل يا رسول الله، وقال إنزل يا نبى الله، وقال إنزل يا حبيب الله صلى الله عليه وسلم، فأعاننى عالم الغيب والشهادة على تسهيل الولادة فوضعت الحبيب محمدا، فوضعت الحبيب محمدا فانجلى حندس الظلم فانجلى حندس الظلم وأنشد لسان الحال

المصطفى خير العوالم أحمد          يا سادتى صلوا عليه لتسعدوا

صلى عليك الله يا علم الهدى          يا من له اسمه أحمد ومحمد

ولد الحبيب وخده متورد               والنور من وجناته يتوقد

جبريل نادى فى منصة حسنه                هذا مليح الوجه هذا الأوحد

هذا جميل النعت هذا المرتضى               هذا جليل الوصف هذا أحمد

هذا الوفى بعهده هذا الذى             من قده يا صاح غصن أملد

هذا الذى خلعت عليه ملابس                 ونفائس فنظيره لا يوجد

قالت ملائكة السماء بأسرهم         ولد الحبيب ومثله لا يولد

ولد الذى لولاه ما ذكرت قبا           أبدا ولا كان المحصب يقصد

يا عاشقين تولهوا فى حسنه          فبحبه من نار مالك تنقذ

يا مولد المختار كم لك من ثنا                 ومدائح تعلو وذكر موجد

قالت ءامنة لقد علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته، فلما خرج منى خرج معه نور، خرج معه نور أضاء له المشرق والمغرب. وولد صلى الله عليه وسلم مكحولا مدهونا، مسرورا مختونا، وحين ولد سارعت إلى طلعته المباركة ثلاثة من الملائكة، مع أحدهم طست من الذهب ومع الثانى إبريق من الذهب ومع الثالث منديل من السندس الأخضر وغسلوه بماء الرحيق وأنشد لسان الحال

يا ربنا يا إلهى خالق البشر            صل وسلم على المختار من مضر

يا ليلة المولد الزهراء كم شرفا              حويت بالمصطفى المختار من مضر

يا ليلة ما تجارى فى فضائلها                لأنها فى الليالى غرة القمر

يا ليلة ما لها فى الدهر ثانية          لأن جوهرها فرد لذى النظر

يا ليلة من سناها قد حوت شرفا             بالمصطفى سيد الأملاك والبشر

إن كان موسى سقى الأسباط من حجر     فإن فى الكف معنى ليس فى الحجر

إن كان عيسى برا الأعمى بدعوته          فكم بتفلته قد رد من بصر

صلى عليك إله العرش ما صدحت           ورق الحمام وهبت نسمة السحر

قالت ءامنة بنت وهب فلما وضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته رافعا رأسه إلى السماء مشيرا بإصبعه، فاحتمله جبريل وطارت به الملائكة ولفه ميكائيل فى ثوب أبيض من الجنة، وأعطاه إلى رضوان يزقه كما يزق الطير فرخه، وكنت أنظر إليه كأنه يقول زدنى، فقال له رضوان يكفيك يا حبيب الله، فما بقى لنبى علم وحلم إلا أوتيته، فاستمسك بالعروة الوثقى من قال مقالتك واتبع شريعتك ويحشر غدا فى زمرتك، وإذا مناد ينادى طوفوا به مشارق الأرض ومغاربها، واعرضوه على موالد الأنبياء، وأعطوه صفوة ءادم، ومعرفة شيث، ورقة نوح وخلة إبراهيم، ورضا إسحاق وفصاحة إسماعيل، وحكمة لقمان وصبر أيوب ونغمة داود، وقوة موسى وزهد عيسى وفهم سليمان، وفهم سليمان وطب دانيال ووقار إلياس، وعصمة يحيى وقبول زكريا، واغمسوه فى أخلاق النبيين وأخفوه عن أعين العالمين، فهو حبيب رب العالمين، فطوبى لحجر ضمه، وطوبى لثدي أرضعه، وطوبى لبيوت سكنها، فقالت الطير نحن نكفله وقالت الملائكة نحن أحق به وقالت الوحوش نحن نرضعه. قال الله تعالى أنا أولى بحبيبى ونبيى محمد فقد كتبت أن لا ترضعه إلا أمتى حليمة.

عطر اللهم قبره الكريم                     بعرف شذى من صلاة وتسليم

الصلاة والسلام عليك يا سيدى يا رسول الله، الصلاة والسلام عليك يا سيدى يا حبيب الله ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا أدركنا يا رسول الله أدركنا يا حبيب الله.