الإثنين ديسمبر 8, 2025

قراءة رسول الله للقرءان

 

يقول الصحابي الجليل البراء بن عازب سمعت رسول الله ﷺ يقرأ: {والتين والزيتون} فما سمعت أحدا أحلى صوتا منه، ويقول صحابي جليل آخر جبير بن مطعم في قصة إسلامه مررت برسول الله ﷺ وهو يقرأ في المغرب {والطور وكتاب مسطور} قال فكاد قلبي أن يطير، وتلك اللحظة كانت لحظة إسلامه فوقر الإسلام في قلبه واستقر كيف كانت قراءة رسول الله ﷺ للقرآن كانت قراءة تخشع وتدبر واستحضار وتذكر، وقد سئل أنس بن مالك عن قراءة رسول الله ﷺ فقال: كان عليه الصلاة والسلام يمد القراءة مدا” يعني يمد الحروف التي من حقها المد فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد لفظ الجلالة الله ويمد الرحمن، ويمد الرحيم، وهذا يعينه على التدبر والتفكر والتذكر وعلى تذكير من يتذكر، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحب الوقوف على رأس الآيات فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فيقف، الحمد لله رب العالمين فيقف، الرحمن الرحيم فيقف مالك يوم الدين فيقف، إلى آخر ذلك، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها هل كان يسر رسول الله ﷺ في قراءته أم كان يجهر، فقالت: كل ذلك كان يفعل، وكذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يحب سماع القرآن من غيره، فهذا عبد الله بن مسعود قال له النبي عليه الصلاة والسلام مرة “اقرأ علي القرآن فقال يا رسول الله أقرأه عليك وعليك أنزل، فقال أحب سماعه من غيري” فقرأ سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى، فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فقال: حسبك قال فرأيت عيني رسول الله تذرفان بالدمع، كما جاء النبي ﷺ عند أبي بن كعب وهو أقرأ صحابة رسول الله ﷺ للقرآن، فقال: أي قال النبي لأبي بن كعب “إن الله يأمرني أن أقرأ عليك {لم يكن الذين كفروا} في سورة البينة إن الله يأمرني أن أقرأ عليك، قال أبي بن كعب: ” يا رسول الله وسماني؟ أي أمرك أن تقرأ علي بخصوصي؟ أم أن تقرأ على مؤمن من المؤمنين فوجدتني أمامك قال: ” وسماك، فصار أبي بن كعب يبكي وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ القرآن قراءة مترسلة يخرج الخروف من مخارجها ويأتي بأحكام التجويد على وجهها بل ومنه أخذت وتعلمت الأحكام، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في كل أحواله قائما وقاعدا وكان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورسول الله ﷺ أنزل عليه القرآن نجوما أي على دفعات فلم يكن نزول القرآن دفعة واحدة إنما كان نزول القرآن دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الأولى إلى بيت يقال له بيت العزة نزل القرآن أي أنزله جبريل من اللوح المحفوظ إلى السماء الأولى في ليلة القدر وكانت آنذاك ليلة الرابع والعشرين من رمضان هذا معنى قوله تعالى{ إنا أنزلناه في ليلة القدر} وبعد ذلك صار جبريل ينزل على رسول الله ﷺ بالقرآن دفعات نجوما، والرسول عليه الصلاة والسلام يتعلم القرآن من جبريل علمه شديد القوى وقال الله تعالى {إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين} {إنه لقول رسول كريم} أي إنه لمقروء رسول كريم وهو جبريل عليه السلام فجبريل لم يؤلف القرآن ولا محمد ألف القرآن ولذلك نقول هو كلام الله تعالى فالقرآن ليس من تأليف ملك وليس من تأليف بشر إنما وجده جبريل مكتوبا في اللوح المحفوظ فنزل به على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يأتيه الوحي بطرق متعددة منها ما كان يحصل من النبي عليه الصلاة والسلام عندما يؤخذ، كان النبي عليه الصلاة والسلام يغفو إغفاءة الوحي وهذا ليس نوما فالقرآن نزل يقظة، كان الرسول عليه الصلاة والسلام يؤخذ فكان تقع يده على الأرض ويتصبب عرقا في اليوم الشديد البرد، فأنس بن مالك يقول كان بيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أغفى إغفاءة الوحي يعني أخذ وإلا فإن القرآن نزل يقظة كما قدمنا أغفى رسول الله ﷺ إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما يضحكك يا نبي الله؟ فقال: أنزلت علي آنفا سورة بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر} إلى آخر السورة، فرسول الله ﷺ علم أمته القرآن علمهم تلاوة القرآن وعلمهم كيف يقرأ القرآن، فكانت الأمة تعلمت من النبي عليه الصلاة والسلام فعلم الصحابة من بعدهم ومن بعدهم علم من بعدهم إلى أن وصل إلى يومنا هذا قراءة رسول الله ﷺ للقرآن، والقرآن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعجزة العظمى أكبر معجزات النبي عليه الصلاة والسلام، فهي المعجزة المستمرة إلى يومنا هذا أعجزت الفصحاء والبلغاء أعجزت العرب العرباء أعجزت الإنس والجن، والله تعالى يقول في القرآن الكريم { قل لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} فالنبي عليه الصلاة والسلام تحدى البشرية جمعاء أن تأتي بمثل هذا القرآن ولم ولن يأتوا بمثله، فلذلك كان معجزة مستمرة مع أنه رجل أمي لا يقرأ المكتوب ولا يخط بيده والنبي عليه الصلاة والسلام يقول “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن كالتمر طعمه طيب ولا ريح له” فينبغي علينا في شهر القرآن أن نكثر من تلاوة القرآن وأن نقرأه كثيرا إن لم نكن تعلمنا فينبغي أن نتعلم ومن كان تعلم فينبغي أن يعمل ومن كان يحسن قراءة شيء من القرآن فليكرره فهذه سورة الإخلاص يقول فيها رسول الله ﷺ “إنها تعدل ثلث القرآن” فلماذا لا تكرر لمذا لا نكرر سورة الإخلاص مرارا وتكرارا في يومنا فهذه تلاوة للقرآن والنبي عليه الصلاة والسلام يخبرنا أن بكل حرف من القرآن عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء، ويقول عليه الصلاة والسلام: ” لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف” ومعنى قوله إن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن أن معاني القرآن تشتمل على ثلاثة توحيد وعقيدة فقه وأحكام وقصص ومواعظ، واشتملت سورة الإخلاص من أولها إلى آخرها على التنزيه والتوحيد ولذلك كانت ثلث القرآن فثوابها عظيم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من التالين لكتابه من القارئين الخاشعين المتدبرين إنه على ما نسأله قدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.