قدوتنا النبي محمد
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، من بعثه الله رحمة للعاملين هاديا ومبشرا ونذيرا ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا من أنبيائه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد فيا عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العلي العظيم، يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: ﴿ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم﴾ سورة القلم، ءاية ( 1- 5).
بدأ الله سبحانه وتعالى في هذه السورة العظيمة، ببراءة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم مما كان الكفار ينسبونه إليه من الجنون، وبتعظيم أجره صلى الله عليه وسلم على صبره على أذاهم، وبالثناء على خلقه العظيم، ﴿ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ﴾ أي وما أنت بإنعام ربك عليك بالإيمان والنبوة بمجنون، ونعم الله ظاهرة عليك من الفصاحة التامة، والعقل الكامل، والسيرة المرضية، والأخلاق الحميدة، والبراءة عن العيوب، وفي ذلك رد وتكذيب للمشركين في قولهم إنه مجنون، ﴿ وإنك ﴾ أي يا محمد ﴿ لعلى خلق عظيم ﴾ فعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: “فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرءان” أي إنك لعلى الخلق الذي أمرك الله به في القرءان.
فمن أراد أن يعرف خلق الرسول فليقرأ القرءان وليفهمه، فكل خصلة خير أمر الله في القرءان بالتخلق بها، فهي من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد كان أحد أحبار اليهود من أهل المدينة، قد اطلع في بعض الكتب القديمة أن نبي ءاخر الزمان لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فأراد هذا الحبر اليهودي بعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أن يعرف إن كان هذا الوصف ينطبق على رسول الله، فعامل الرسول بدين مؤجل لأجل معلوم، ثم قبل أن يحل الأجل بثلاثة أيام، جاء اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مطالبا بالدين، ونال من رسول الله بكلمة تهز المشاعر، فأراد سيدنا عمر أن ينتقم منه، فنهاه الرسول الحليم الصبور صاحب الخلق العظيم، فعندها علم اليهودي أن سيدنا محمدا هو رسول الله، وأنه نبي ءاخر الزمان فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه ويحسن إلى من أساء، وكان لا يزيده كثرة الأذى عليه، لا يزيده إلا صبرا وحكمة، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: “ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله في شىء فينتقم بها لله”.
كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس كفا، وأرحب الناس صدرا وأصدق الناس لهجة.
ومن أوصافه صلى الله عليه وسلم ، الشجاعة والنجدة، فقد روى البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم “.
إخوة الإيمان والإسلام ما أجمل أن نقتدي بالنبي، وأن نكون أصحاب حلم وصبر وعفو وشجاعة، نصبر على أذى الناس ونعفو عمن أساء إلينا، وأن ندافع عن دين الله بإقدام وشجاعة ولا نخاف في الله لومة لائم، وهاكم نصيحة طيبة من الشيخ العالم الطيب المطيب الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله وطيب ثراه رضي الله عنه وأرضاه، نصيحة يؤكد فيها على حسن الخلق، ويذكر فيها بحديث رسول الله: “أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا”، قال رضي الله عنه : “على حسب حسن الخلق يكون أكمل إيمانا، وحسن الخلق أن يصبر على أذى الناس، ويحسن إليهم، ويكف أذاه عن غيره، هذا درجته عند الله كالذي يصوم الدهر، ويقوم الليالي يصلي والناس نائمون” .
إخوة الإيمان، ما أحوج الأمة في هذا الوقت العصيب، أن ترجع إلى صفات هذا النبي الحبيب، الذي مدحه الله تبارك وتعالى أحسن من مدح غيره فقال: ﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾
اللهم انفعنا ببركة هذا النبي العظيم وارزقنا حسن الاقتداء به، هذا وأستغفر الله .
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد، عباد الله ، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز :﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم، يوم ترونـها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ﴾.
واعلموا أن الله أمركم بأمر عظيم أمركم بالصلاة على نبيه الكريم فقال : ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ﴾ اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم وبارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم إنا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون. أذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجا، وأقم الصلاة.