الأحد ديسمبر 22, 2024

قال الله تعالى: {…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} [سورة المائدة]

اتفق علماء السلف والخلف الصحابة ومن بعدهم من أهل الحق المعتبرين على أن هذه الآيات الثلاث {…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} والآية التي فيها (الظالمون) والآية التي فيها (الفاسقون)، نزلت في ذم اليهود الذين حرَّفوا التوراة الأصلية كما سيأتي مفصلا، وكذلك اتفقوا على كفر من يُفضِّل القانون الوضعي على القرءان أو يجعله مساويًا له، واتفقوا على أن المسلم لا يُكَفَّر لمجرَّد أن حكم بالقانون الوضعي مع اعتقاده أن القرءان أفضل، فلا التفات بعد ذلك إلى ما ابتدعه رؤساء التكفيريين البدعيين المستبيحين لدماء الأمة بغير حق ولا سبب شرعي، كأبي الأعلى المودودي وسيد قطب ووافقهما على ذلك الوهابية كما سنثبت لك ذلك في آخر هذا المقال والجماعات الإرهابية التكفيرية التخريبية التي تكفّر العباد وتدمّر البلاد، محتجين لزعمهم الفاسد الكاسد بهذه الآيات التي ليس فيها ما ادعوه من تكفيرهم للأمة.

يقرر سيد قطب في كتابه المسمى «في ظلال القرءان» أنه لا وجود للمسلمين على الأرض طالما هم يخضعون لحكم الحكام بغير الشرع ولو في مسائل صغيرة، يذكر ذلك فيقول[(147)]: «فليس هناك دين للناس إذا لم يتلقوا في شؤون حياتهم كلّها من الله وحده، وليس هناك إسلام إذا هم تلقوا في أي أمر من هذه الأمور جلّ أو حَقُرَ من مصدر ءاخر، إنما يكون الشرك أو الكفر وتكون الجاهلية التي جاء الإسلام ليقتلع جذورها من حياة الناس».اهـ

وقال سيد قطب في تفسير قوله تعالى: {…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} [(148)] [سورة المائدة] : «بهذا الحسم الصارم الجازم، وبهذا التصميم الذي تحمله «من» الشرطية وجملة الجواب بحيث يخرج من حدود الملابسة والزمان والمكان وينطلق حكما عامّا على كل من لم يحكم بما أنزل الله في أي جيل ومن أي قبيل،… والتأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه» اهـ، جاهلا أو مكابرًا أن السّلف ومن بعدهم أوّلوا هذه الآية، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرءان، والبراء بن عازب رضي الله عنه، ذكر القرطبي في كتابه «الجامع لأحكام القرءان» في تفسير هذه الآية ما نصه[(149)]: «نزلت كلّها في الكفار، ثبت في صحيح مسلم من حديث البراء، وعلى هذا المعظم، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة، وقيل فيه إضمار أي: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردّا للقرءان وجاحدا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد فالآية عامة على هذا.

قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود الكفار أي معتقدا ذلك ومستحلا له – أي أن المسلم إذا اعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله أفضل من القرءان أو ساوى به كفر -، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكب محرّما فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، إلا أن الشعبي قال: هي في اليهود خاصة، واختاره النحاس قال: ويدل على ذلك ثلاثة أشياء: «منها أن اليهود قد ذُكروا قبل هذا في قوله: {…الَّذِينَ هَادُوا… *} [سورة المائدة] فعاد الضمير عليهم.

ومنها أن سياق الكلام يدل على ذلك، ألا ترى أن ما بعده: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ… *} [سورة المائدة] ، فهذا الضمير لليهود بإجماع، ومعلوم أن اليهود هم الذين أنكروا الرجم والقصاص. فإن قال قائل: (من) إذا كانت للمجازاة فهي عامة إلا أن يقع دليل على تخصيصها، قيل له: (من) هنا بمعنى الذي مع ما ذكرناه من الأدلة، والتقدير: واليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، فهذا من أحسن ما قيل في هذا.

ويروى أن حذيفة سئل عن هذه الآيات، أهي في بني إسرائيل، قال: نعم، هي فيهم». ثم قال: «وقال طاوس وغيره: ليس بكفر ينقل عن الملة ولكنه كفر دون كفر. وهذا يختلف إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين، قال القشيري: ومذهب الخوارج أن من ارتشى وحكم بغير حكم الله فهو كافر» اهـ. وذكر نحوه الخازن في تفسيره وزاد عليه[(150)]: «وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: من ترك الحكم بما أنزل الله رادّا لكتاب الله فهو كافر ظالم فاسق، وقال عكرمة ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق وهذا قول ابن عباس أيضا، وقال طاوس: قلت لابن عباس: أكافر من لم يحكم بما أنزل الله؟ فقال: به كفر وليس بكفر ينقل عن الملة كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ونحو هذا روي عن عطاء قال: هو كفر دون كفر».اهـ

وقد حسم حبر الأمة عبد الله بن عباس الموضوع بتفسير موجز مفيد، فقد أخرج الحاكم في المستدرك[(151)] وصححه ووافقه الذهبي، وأخرج البيهقي في سننه وغيرهما عنه في الآيات الثلاث المذكورات أنه قال: «إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة {…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} [سورة المائدة] كفر دون كفر».اهـ. ومعنى «كفر دون كفر» أي ذنب كبير يشبه الكفر في الفظاعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» رواه الإمام أحمد، وقد وقع القتال بين المؤمنين منذ أيام علي رضي الله عنه ولا يزال يحدث إلى الآن، والله يقول: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا… *} [سورة الحجرات] .

ثم إن كلام سيد قطب هو عين مذهب الخوارج القائلين إن الظلم والفسق هما كفر يخلد في النار، ثم إن إطلاق قوله بتكفير من حكم بغير الشرع من غير تفصيل فيه تكفير لكثير من الحكام الذين توالوا على الخلافة الإسلامية سواء كانوا من بني أمية أو بني العباس أو بني عثمان، فإنهم حكموا بأن جعلوا الخلافة ملكا يتوارثونه، وهذا يبطل دعوى سيد قطب في كتابه المسمى «في ظلال القرءان» فهو أوّلا يرد التأويل في هذه الآية وكأنه بلغ ما قد بلغه ترجمان القرءان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وغيره من الصحابة والتابعين، فهو لا يتردد في كتابه هذا عن إطلاق النكير على العلماء من السلف والخلف فهو يقول فيه ما نصه[(152)]: «والتأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن موضعه».اهـ، فقد أداه جهله إلى هذا الاتهام الباطل لعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وسعيد بن جبير والحسن البصري وغيرهم من السلف والخلف إلى أن جعلهم محرفين لكتاب الله كما فعلت علماء اليهود.

والعجب أن هذا الكتاب يروج ويباع في البلاد الإسلامية وهو لم يدع فردا من البشرية إلا وقد رماه بالردة حتى المؤذنين في المشارق والمغارب لأنهم لم يثوروا على رؤسائهم الذين يحكمون بغير الشرع فيقول ما نصه[(153)]: «فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إلـه إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إلـه إلا الله دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعي هذا المدلول وهو يرددها ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم»، ثم يقول ما نصه[(154)]: «إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إلـه إلا الله فأعطت لهؤلاء العباد خصوص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء»، ثم يتابع فيقول: «ارتدت البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إلـه إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد» اهـ. ثم يذكر[(155)] أن من حكم ولو في مسألة جزئية بغير الشرع فهو خارج عن الدين، وبعدها[(156)] يذكر أن الذين يقولون إنهم مسلمون ولا يقيمون ما أنزل إليهم من ربهم هم كأهل الكتاب هؤلاء ليسوا على شىء كذلك، ثم يكفّر من يحكم بغير الشرع إطلاقا ولو في قضية واحدة فيقول[(157)]: «والإسلام منهج للحياة كلها من تبعه كله فهو مؤمن وفي دين الله ومن اتبع غيره ولو في حكم واحد فقد رفض الإيمان واعتدى على ألوهية الله وخرج عن دين الله مهما أعلن أنه يحترم العقيدة وأنه مسلم» ويذكر[(158)] نحو ذلك وزاد في الجرأة والوقاحة إلى أن ذكر[(159)] أن من أطاع بشرًا في قانون ولو في جزئية صغيرة فهو مشرك مرتد عن الإسلام مهما شهد أن لا إلـه إلا الله، ثم يطلق القول[(160)] بعد ذلك بأن الإسلام اليوم متوقف عن الوجود مجرد الوجود، وإننا في مجتمع جاهلي مشرك، ويقرر[(161)] على زعمه أن البشرية اليوم بجملتها مرتدة إلى جاهلية شاملة فيقول: «إن رؤية واقع البشرية على هذا النحو الواضح تؤكد لنا أن البشرية اليوم بجملتها قد ارتدت إلى جاهلية شاملة» اهـ.

ويقرر[(162)] سيد قطب أنّ على المسمّين بالجماعة الإسلامية أو حزب الإخوان انتزاع زمام الحكم من الحكام والقضاء على نظمهم والثورة وإحداث الانقلابات في الدول.

ويذكر[(163)] سيد قطب في كتابه المسمى «معالم في الطريق» أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ قرون كثيرة يقول في الكتاب المذكور[(164)]: إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية، ومنه يقول[(165)]: «نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم».اهـ

والعجب من أتباعه والمنادين برأيه المكفرين لمن حكم بالقانون ولو في جزئية صغيرة، قسم منهم يشتغلون بالمحاماة وقسم ءاخر يتعاملون بالقانون كمعاملات الباسبور والفيزا ونقل الكفالة وحجر مؤلفاتهم أو مطبوعاتهم على غيرهم أن يطبعوها إلا بإذنهم، ويعتقدون أن من فعل ذلك يحاكم قانونا، وكفاهم هذا خزيا وتفاهة ومناقضة لأنفسهم فإنه على مؤدى كلام زعيمهم أنهم كفروا وهم لا يشعرون، بل هم على موجب نصه هذا قسم منهم عباد للحكومة السعودية وقسم منهم عباد لسائر الدول التي يعيشون فيها، فمن حقق في أمر هذا الرجل عرف أنه ليس له سلف إلا طائفة من الخوارج يقال لهم البيهسية منفردين عن سائر فرق الخوارج بقولهم: إن الملك إذا حكم بغير الشرع صار كافرا ورعاياه كفار من تبعه ومن لم يتابعه، وسيد قطب كأنه أعاد دعوة عقيدة تلك الفرقة الخارجية التي هي من أشدهم في تكفير المسلمين، وكفاه ذلك خزيا وضلالة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج: «يخرج قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرؤون القرءان لا يجاوز حناجرهم يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم» ثم قال عليه الصلاة والسلام: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» رواه البخاري، وقال: «يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية».

وقد قالت إحدى أتباعه المسماة صافي ناز كاظم، في موقع الأخبار المسمى «الدستور»، رئيس التحرير: إبراهيم عيسى، في خانة: رأي ورؤى- تحت عنوان: صافي ناز كاظم تكتب: سيد قطب وحبل المشنقة! يوم الخميس 29 – 7 – 2010 وهي تمدح سيد قطب: «عمله الموسوعي الجليل في تفسير القرآن الكريم «في ظلال القرآن»، الذي مكنه الله سبحانه وتعالى بما يشبه المعجزة، من تنقيحه ومراجعته وزيادته، قبل استشهاده»، ثم قالت: «وأذكر حينما انتهيت من إتمام قراءة «في ظلال القرآن»، الذي أعود إليه كثيرًا، أنني كنت متعجبة من البشاشة والهدوء وأجواء السلام، التي تنبعث من سطور تلك المجلدات». انتهى كلامها.

ومما يؤكد لك أن الوهابية تُكفِّر من يحكم بالقوانين الوضعية موافقين في ذلك أبا الأعلى المودودي في كتابه المسمى «شهادة الحق» بقوله[(166)]: «هذه الطرق والمناهج هي سبل الكفر المعوجة التي يتتبع معالمها زعماؤكم والذين أخذوا زمام أمركم» وبقوله[(167)]: «لكن الأمة بأسرها ترجع إلى أئمة الكفر والضلال وتستهديهم» وبقوله «بل الحقيقة أنكم لو خلعتم عن أبدانكم لباس الإسلام الذي لا تلبسونه إلا زورًا وتلفيقًا» وموافقو لسيد قطب والحركات التكفيرية، ما جاء في كتاب الوهابية المسمى «التوحيد» المرحلة الثانوية، الصف الأول تأليف صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، والذي قرَّرَت تدريسَه في مدارس السعودية وزارة التربية والتعليم، بتوقيع وزير التربية محمد بن أحمد الرشيد، والمطبوع في مركز التطوير التربوي 1425هـ يقول الفوزان[(168)]: «{…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} وتحكيم النظم والقوانين البشرية كفر وشرك» ثم قال «قال الله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)» اهـ. وبهذا تكون الوهابية كفَّرت ملوك وأمراء وشيوخ ووزراء المملكة العربية السعودية، لأنهم يحكمون بعشرات القضايا بالقوانين الوضعية لا بالشريعة الإسلامية.

فنرجو الله تعالى أن يُلهِم المسؤولين في المملكة العربية السعودية أن يوقفوا الوهابية عند حدهم ويمنعوهم من تكفيرهم للأمة.

ومما يؤكد لك أن الوهابية تُكَفِّر الملوك والرؤساء لمجرد أن حكموا بالقانون، ما جاء في حاشية كتابهم المسمى «فتح المجيد» يقولون[(169)]: «أن الطاغوت كل ما صرف العبدَ وصدَّه عن عبادة الله وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله، سواء في ذلك الشيطان من الجن والشيطان من الأنس والأشجار والأحجار وغيرها، ويدخل في ذلك بلا شك الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه» اهـ.

لاحظوا هنا كيف جعلوا مجرد الحكم بالقوانين البشرية عبادة لغير الله كما يُعبَد الطاغوت والعياذ بالله، وقد دافع عن تكفير سيد قطب لكل البشرية وعن تحريفه لمعنى الآيات، الوهابي سعد بن علي الشهراني في كتابه المسمى «فرقة الأحباش»[(170)]، فيتبيَّن لك اتفاق الوهابية مع سيد قطب في تكفير كل البشرية. نسأل الله السلامة وأن يحفظ المسلمين من الأفكار الخطيرة الهدامة.

ومن الدليل على أن مجرد المشاركة في الحكم ليس كفرًا قوله تعالى إخبارا عن نبيه يوسف عليه السلام: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ *} [سورة يوسف] ، قال شهاب الدين الألوسي البغدادي في تفسيره روح المعاني: «وفيه دليل على جواز مدح الإنسان نفسه بالحق إذا جهل أمره، وجواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل وإجراء أحكام الشريعة وإن كان من يد الجائر أو الكافر، وربما يجب عليه الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلا وكان متعينا لذلك».

والملك الذي طلب منه يوسف الولاية كان من الكافرين بدليل قوله تعالى إخبارا عن يوسف: {…إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *} [سورة يوسف] ، وبدليل قوله تعالى إخبارا عن يوسف قال: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ *مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ *} »، فهذه الآيات تدل على أن الملك ورعيته كانوا كافرين ومع ذلك طلب يوسف عليه السلام تحمل المسؤولية.

وقال الإمام أبو الحسن البغدادي الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية والولايات الدينية: «وقد رغب نبي الله يوسف عليه السلام إلى فرعون في الولاية والخلافة فقال: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ *} [سورة يوسف] . ومن عجائب حزب الإخوان في هذا العصر أنهم صاروا اليوم حكامًا في مصر وتونس ويقولون عن الدولة التي يريدونها دولة مدنية لا دينية بل صرحوا غير مرة بأنهم ضد الدولة الدينية والآن ليس أمامهم إلا الحكم بالقانون تحت مسمى الديمقراطية، حتى إن الغنوشي الذي كان لطالما ينادي بحجاب المرأة … الآن يقول: أنا ما عنديش مشكلة بالبكيني (الميوه) الذي تلبسه المرأة في المسابح، وهو الذي صار ينادي اليوم بحرية العقيدة وأباح الكفر لمن أراد البقاء عليه. والآن أليس الذي كانوا يسمونه الشهيد سيد قطب والمفكر… أليس صار عندهم كافرًا لأنه ضد الدولة المدنية ولو في جزئية من القانون؟؟!! كيف سيواجه حزب الإخوان هذا الكم الهائل من التراث المليء بالتكفير والتفجير، وقد قالت العرب: طابخ السم ءاكله.

ـ[147]       في ظلال القرءان (مجلد 2 ص590).

ـ[148]       (مجلد 2 ص898).

ـ[149]       الجامع لأحكام القرءان (المجلد السادس ص190 – 191).

ـ[150]       (المجلد الأول ص467 – 368).

ـ[151]       (المجلد الثاني ص313).

ـ[152]       في ظلال القرءان (مجلد 2 الجزء السادس ص898).

ـ[153]       في ظلال القرءان (مجلد 2 ص1057).

ـ[154]       في ظلال القرءان (مجلد 2 ص1077).

ـ[155]       في (المجلد الثانية ص841).

ـ[156]       في صحيفة (940).

ـ[157]       في (المجلد الثاني ص972).

ـ[158]       في (المجلد الثاني ص1018).

ـ[159]       في (المجلد الثالث ص1198).

ـ[160]       في (المجلد الثالث ص1257).

ـ[161]       في (المجلد الرابع ص1945).

ـ[162]       في (المجلد الثالث ص1449 وما بعدها).

ـ[163]       معالم في الطريق (ص/5 – 6).

ـ[164]       معالم في الطريق (ص/8).

ـ[165]       معالم في الطريق (ص/17 – 18).

ـ[166]       شهادة الحق (طبع مؤسسة الرسالة 1402هـ ص30).

ـ[167]       شهادة الحق (ص/33).

ـ[168]       التوحيد (ص/55).

ـ[169]       فتح المجيد (تأليف عبد الرحمـن بن حسن آل الشيخ وتعليق ابن باز، طبع مؤسسة الريان 1428هـ ص243).

ـ[170]       فرقة الأحباش (المجلد الثاني الدار المسمى عالم الفوائد ص698 وما بعدها).